تقريب المعارف

أبي الصّلاح تقيّ بن نجم الحلبي

تقريب المعارف

المؤلف:

أبي الصّلاح تقيّ بن نجم الحلبي


المحقق: الشيخ فارس تبريزيان « الحسّون »
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المحقّق
المطبعة: مؤسسة الهادي
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٢٠

فالعبارة ما السعر؟

وهو تقدير البدل فيما يباع به الأشياء بدليل صحة هذه العبارة على تقدير البدل دون البدل والمبدل منه لأن قولنا الحنطة قفيزان بدرهم لا يكون القفيزان ولا الدرهم سعرا على حال.

وينقسم العبارة إلى رخص وغلاء.

فالرخص هو انحطاط السعر عما جرت العادة به في وقت ومكان مخصوصين بدليل صحة إطلاق الرخص مع تكامل هذه الأوصاف.

واعتبرنا الوقت والمكان لأن اختلاف المكان أو الوقت يمنع من إطلاق الرخص ولذلك لا يوصف الثلج وقت سقوطه من السماء بالرخص ولا في محله وإنما يوصف بذلك فيما نأى عن محله من الجبال في زمان الحر إذا زاد على المعهود.

والغلاء هو زيادة السعر على ما جرت به العادة في وقت ومكان مخصوصين بدليل ما قدمناه.

والمعنى إلى من يضاف الرخص والغلاء؟

وذلك مختص بما فعل سببهما؟

فإن كان الرخص لتكثير أجناس المبيعات أو إماتة الخلق أو تقليل شهواتهم للشيء الرخيص فهو مضاف إليه سبحانه لوقوف ذلك على فعله.

وإن كان الرخص مسببا عن العباد يجبر الناس على بيع الأمتعة أو يدل بما يملكونه من كثيرها بالثمن اليسير فالرخص مضاف إليهم لوقوعه عند أفعالهم.

والغلاء إن كان حادثا للجدب والقحط أو تكثير الخلق أو تقوية شهواتهم فمضاف إليه سبحانه.

وإن كان لاحتكار الظلمة أو إخافة السبل ومنع المسافرة فمضاف إلى من فعل ذلك دونه تعالى.

١٤١

ولذلك يجب شكره سبحانه على الوجهين الأولين ويذم أو يمدح من سبب الغلاء أو الرخص من العباد.

١٤٢

[ مسائل النبوة ]

١٤٣

مسألة : [ في كون الرئاسة واجبة في حكمته تعالى ]

الرئاسة واجبة في حكمته تعالى على كل مكلف يجوز منه إيثار القبيح لكونها لطفا في فعل الواجب والتقريب إليه وترك القبيح أو التبعيد منه بدليل عموم العلم للعقلاء بكون من هذه حاله عند وجود الرئيس المبسوط اليد الشديد التدبير القوي الرهبة إلى الصلاح أقرب ومن الفساد أبعد وكونهم عند فقده أو ضعفه بخلاف ذلك.

وقد ثبت وجوب ما له هذه الصفة من الألطاف في حكمته تعالى فوجب لذلك نصب الرؤساء في كل زمان اشتمل على مكلفين غير معصومين.

والمخالف لنا في هذه لا يعدو خلافه أن يكون في الفرق بين وجود الرؤساء وعدمهم في باب الصلاح أو في صلاح الخلق برئيس أو في وقوع القبح (١) عند وجودهم كفقدهم.

فإن خالف في الأول فيجب مناظرته لظهور هينه للعقلاء وعلمهم بكذبه على نفسه فيما يعلم ضرورة خلافه.

وإن خالف في الثاني لم يضر لأنا لم نقل إن صلاح الخلق نفع كل رئيس وإنما دللنا على كون الرئاسة لطفا في الجملة فصلاح العقلاء على رئيس دون رئيس لا يقدح على أنا سنبين أن الرئاسة المطلوب بها لا فساد فيها لعصمة من ثبتت له وتوفيقه.

وإن خالف على الوجه الثالث لم يقدح أيضا لأن الرئاسة لطف وليست ملجئة فلا يخرجها عن ذلك وقوع القبيح عندها كسائر الألطاف ولأن الواقع

__________________

(١) في النسخة : « أو في وقوع أن يكون في الفرق بين وجود الرؤساء وعدمهم في باب الصلاح القبيح

١٤٤

من القبيح عندها يسير من كثير ولولاها لوقع أضعافه بقضية العادة.

ولا فرق في وجوب الاستصلاح بما يرفع القبح جملة أو بعضه أو يبعد منه أو يؤثر وقوع كل واجب واحد أو يقرب إليه.

ولا يقدح في ذلك إيثار بعض العقلاء لرئيس دون رئيس واعتقاد الصلاح لفقد الرؤساء.

لأنا لم نستدل بفعلهم وإنما استدللنا بقضية العادة الجارية بعموم الصلاح بالرؤساء والفساد بفقدهم فحكمنا بوجوب ما له هذه الصفة في حكمته سبحانه وقبح الإخلال به مع ثبوت التكليف وليس في الدنيا عاقل عرف العادات ينازع فيما قضينا به من الفرق بين وجود الرؤساء المهيبين وعدمهم بل حال ضعفهم.

وفعل العقلاء أو بعضهم بخلاف ما يعلمونه لا يقدح في علمهم كما لا يقدح إيثارهم للقبائح وإخلالهم بالواجبات الضرورية في وجوب هذه وقبح تلك.

على أن دعواهم اعتقاد بعض العقلاء حصول الصلاح للخلق بعدم الرؤساء كاعتقاد بعضهم عدم (١) الصلاح بوجودهم.

كذب على أنفسهم يشهد الوجود به لعلمنا بأنه ليس في الدنيا عاقل سليم الرأي من الهوى يؤثر عدم الرؤساء جملة ويعتقد عموم الصلاح به والفساد بوجودهم فالمعلوم من ذلك هو اعتقاد بعض العقلاء حصول الفساد برئاسة ما يختصه ضررها بحسد أو طمع أو خوف ضرر إلى غير ذلك دون نفي الرئاسة جملة. كأهل الذعارة والمفسدين في الأرض الذين لا يتم لهم بلوغ ما يؤثرونه من أخذ الأموال والفساد في الأرض إلا بفقد الرؤساء المرهوبين فلذلك آثروا فقدهم واعتقدوا حصول الصلاح لهم بعدمهم ولا شبهة في قبح هذا الاعتقاد

__________________

(١) في النسخة : « عموم ».

١٤٥

والإيثار.

وهم مع ذلك غير منكرين لحصول الصلاح بجنس الرئاسة ولهذا لا توجد فرقة منهم بغير رئيس مقدم يرجعون إلى سياسته كالخوارج وغيرهم من فرق الضلال الذاهبين إلى قبح كل رئاسة يخالف ما هم عليه من النحلة كاعتقاد الكفار والمنافقين ذلك في رئاسة الأنبياء والأئمة عليهم السلام.

وإنما كرهوا رئاستهم واعتقدوا حصول الفساد بها والصلاح بعدمها لاعتقادهم حصول المفسدة (١) بها لكونها قبيحة ولم ينكر أحد منهم وجوب الرئاسة جملة ولهذا لم نر فرقة منهم إلا ولها رئيس مطاع.

وكمعتقدي حصول صلاحهم برئاسة ما وعدمه بوجود أخرى فهم يكرهون هذه ويؤثرون تلك كراهية (٢) قريش ومن وافقها في الرأي رئاسة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لاعتقادهم فوت الأماني بنبوتها (٣) ، وإيثارهم رئاسة غيره لظنهم بلوغ الأغراض الدنيوية بها فهؤلاء أيضا لم ينكروا عموم الصلاح بالرئاسة في الجملة وإنما كرهوا رئاسته لصارف عنها وآثروا أخرى لداع إليها.

وكمن حسد بعض الرؤساء وشنأه من العقلاء إنما يكره رئاسته حسدا وبغضا ولا يكره رئاسة من لا شنآن بينه وبينه كقريش ومن وافقها على حسد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وبغضه في الفضل على جميعهم وتقدمه في الإسلام على سائرهم وعظيم نكايته فيهم إنما كرهوا رئاسته لذلك ولم يكرهوا رئاسة من لا داعي لهم إلى حسده وعداوته.

وكمن يرى الرئاسة لأنفسهم ويرشحهم لها إنما يكرهون كل رئاسة

__________________

(١) في النسخة : « المسدة ».

(٢) في النسخة : « الاكراهية ».

(٣) في النسخة : « بنبوتها ».

١٤٦

مناكسة لهم ويعتقدون حصول الفساد بها فيما يخصهم لأن مقصودهم لا يتم إلا بذلك ككراهة المستخلفين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن تبعهم من خلفاء بني أمية وبني العباس رئاسة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وذريته عليهم السلام لاعتقادهم حصول الفساد بها فيما يخصهم لأن مقصودهم من رئاسة الأنام لا يتم إلا بذلك.

ولم ينكر أحد منهم الرئاسة وكيف ينكرونها مع حصول العلم بمثابرتهم عليها ومنافستهم فيها واستحلالهم بعد استقرارها لهم ذم القادح فيها ومظاهرتهم بأن نظام الخلق وصلاح أمرهم لا يتم إلا بطاعتهم والانقياد لهم واستصلاحهم رعاياهم بالرؤساء واجتهادهم في تخير ذوي البصائر لسياسة البلاد ومن فيها بالتأمير على أهلها وكراهية رعية الظلمة من الرؤساء المسرفين في الفساد لرئاستهم لما فيها من الضرر دينا ودنيا واعتقادهم الصلاح بفقدها لذلك.

ولا يكره أحد من هؤلاء رئاسة ذوي العقل والإنصاف ولا يعتقد حصول الفساد بها بل يتمناها لعلمه بما فيها من الصلاح.

وعلى هذا يجري القول في كل طائفة من العقلاء كرهوا رئاسة رئيس إنما يكرهونها لأمر يخصهم نفعه وضرره فليتأمل يوجد ظاهرا وشبهة الخصم به مضمحلة ومن المقصود في إيجاب الرئاسة العامة أجنبية والمنة لله.

ولا يقدح في الاستصلاح بالرئيس ووجوب وجوده لذلك عقلا قولنا إن العقاب لا يستحقه بعضنا على بعض.

لأن المقصود يصح من دون ذلك من حيث كان علم المكلف أو ظنه بأنه متى رام القبيح منعه منه الرئيس بالقهر صارفا له عنه بل ملجئا في كثير من المواضع ولأن العقاب وإن لم يستحقه بعضنا على بعض فالمدافعة حسنة بكل ما يغلب في الظن ارتفاع القبح به وإن تلفت معه نفس الدافع.

١٤٧

فإذا كان هذا ثابتا عقلا وعلم المكلف بكون الرئيس القوي منصوبا لمدافعة مريدي الظلم عن المظلوم صرفه ذلك عن إيثاره.

على أنا وإن منعنا من كون العقاب مستحقا بعضنا (١) ونفينا استحقاق القديم له قطعا فإنا نجيز استحقاقه منه سبحانه على القبح عقلا ويقطع به حسا (٢) ، وتجويز المكلف كون الرئيس الملطوف له به منصوصا له عقاب العاصي كاف في الزجر.

ولا يقدح فيما ذكرناه القول بأن الصلاح الحاصل بالرؤساء دنيوي فلا يجب له نصبهم.

لأنا قد بينا تخصصه بالدين وإن اقترن به الدنيوي على أن وجودهم إذا أثر صلاح الدنيا كالأمن فيها والتصرف في ضروب المعايش بمنع الرؤساء المفسدين وصرف من يتوهم منه الفساد عنه بالرهبة وارتفاع هذا الصلاح الدنيوي بعدمهم يقهر الظالمين وأخافهم ذوي السلامة عاد الأمر إلى الصلاح الديني (٣) بوجودهم المؤثر لوقوع الحسن وارتفاع القبح وفساد الدين بعدمهم ولم ينفصل من الصلاح الدنيوي بغير إشكال.

ولا يقدح في ذلك دعوى الإلجاء لخوف الرئيس إلى فعل الواجب وترك القبح على ما اعتمده المتأخرون من مخالفينا لأن ذلك يسقط ما لا يزالون يمنعون منه من تأثير الرئاسة في وقوع الواجب وارتفاع القبح من حيث كان الشيء لا يكون ملجئا إلا بعد كونه غاية في التأثير فكيف يجتمع القول بذلك مع نفي التأثير جملة لذي عقل سليم.

وبعد فالملجئ إلى الفعل والترك هو ما لا يبقى معه صارف عن الفعل ولا

__________________

(١) كذا في النسخة.

(٢) في النسخة : « سحا ».

(٣) في النسخة : « الدين ».

١٤٨

داع إلى الترك فتجب إذ ذاك وقوع هذا وارتفاع ذاك والرئاسة بخلاف ذلك لعلمنا ضرورة بتردد الدواعي إلى الواجب والقبيح والصوارف عنهما ووقوع كثير من القبيح وارتفاع كثير من الواجب عند وجود الرؤساء المهيبين واستحقاق فاعل القبح والمخل بالواجب الذم والاستخفاف واستحقاق مجتنب هذا وفاعل ذلك المدح وكل هذا ينافي الإلجاء بغير شبهة.

ولا يمنع من عموم اللطف بالرئاسة تقدير وجود واحد منفرد لا يتقدر منه ظلم أحد لأن من هذه صفته إذا كان الظلم مأمونا (١) منه صح منه العزم على فعله متى تمكن منه لأن العزم على القبح لا يفتقر إلى التمكن منه في الحال لصحة عزم كل من جاز منه القبح على ما يقع بعد أحوال متراخية على العزم.

وإذا صح هذا فعلم هذا المفرد أن من ورائه رئيس متى رام الظلم منعه منه بالقهر أو أنزل به ضررا مستحقا أو مدافعا به صرفه ذلك عن العزم عليه كما يصرف ظن كل عاقل عن العزم على قتل السلطان أنه متى رام ذلك منع منه ولا فرق والحال هذه بين كون الرئاسة لطفا في أفعال القلوب أو الجوارح.

وهذا التحرير يقتضي كون الرئاسة لطفا في الجميع لأن الصارف عن أفعال الجوارح صارف عن العزم عليها كما أن الداعي إليها داع إلى العزم والعزم على الشيء جزء منه أو كالجزء في الحسن والقبح.

ولا قدح بعموم المعرفة للأزمان والتكاليف والمكلفين في اللطف وخصوص الغنى والفقر في تميز الرئاسة منهما فيما له كانت لطفا لأن قياس الألطاف بعضها على بعض لا يجوز لوقوف كونها ألطافا على ما يعلمه سبحانه وإثبات أعيانها وأحكامها بالأدلة.

فعموم المعرفة لعموم مقتضيها وأحكامها بالأدلة وخصوص الغنى والفقر

__________________

(١) في النسخة : « موهوما ».

١٤٩

لاختصاص موجبهما لا لكونهما لطفا في الجملة واختصاص الرئاسة بمن يجوز منه فعل القبيح في أفعال الجوارح وما يتعلق بها من أفعال القلوب وبكل زمان وجد فيه مكلفون بهذه الصفة بحسب ما اقتضته الأدلة فيها ولا يخرجها ذلك عن كونها لطفا لمخالفتها باقي الألطاف كما لم يخرج كل لطف خالف لطفا سواه في مقتضاه عن كونه كذلك.

[ اشتراط العصمة في الرئيس ]

وهذا اللطف لا يتم إلا بوجود رئيس أو رؤساء لا يد على أيديهم يرجع إليه أو إليهم الرئاسات ولا يكون كذلك إلا بكونه معصوما لأنا قد بينا وجوب استصلاح كل مكلف غير معصوم بالرئاسة فاقتضى ذلك وجوب رجوع الرئاسات إلى رئيس معصوم وإلا اقتضى وجود ما لا يتناهى من الرؤساء أو الإخلال بالواجب في عدله تعالى وكلاهما فاسد.

ولنا تحرير الدلالة على وجه آخر فنقول العلم بوجوب الحاجة إلى رئيس لا ينفصل من العلم بوجه الحاجة لأنا إنما علمنا حاجة المكلفين إلى رئيس من حيث وجدناه لطفا في فعل الواجب واجتناب القبيح وهذا لا يتقدر إلا في من ليس بمعصوم فصار العلم بالوجوب لا ينفصل من العلم بوجهه.

وترتيب الأول أولى لبعده من الشبهة وإسقاطه الاعتراض بعصمة كل رئيس وافتقار هذا إلى استئناف كلام لإسقاط ذلك.

[ ما يتعلّق بالرئيس ]

ولا بد من كون الرئيس أعلم الرعية بالسياسة لكونه رئيسا فيها وقبح تقديم المفضول على الفاضل فيما هو أفضل منه فيه.

ولا بد من كونه أفضلهم ظاهرا لهذا الوجه بعينه.

١٥٠

وأكثرهم ثوابا لوجوب تعظيمه عليهم وخضوعهم له والتعظيم قسط من الثواب واستحقاق ذمته منه ما لا يساويه فيه أحد من الرعية يقتضي كونه من أفضلهم بكثرة الثواب.

ولا سبيل إلى تميزه إلا بمعجز يظهر عليه أو نص يستند إلى معجز لما قدمناه من وجوب صفاته لتعذر علمها على غير القديم تعالى.

ولا اعتراض بما لا يزالون يهذون به من كون الاختيار طريقا إذا علم سبحانه اتفاق اختيار المعصوم.

لأن هذا أولا لا يتقدر من دون نص على اختيار الرئيس ونحن في أحكام عقلية قبل السمع وبعد فما له قبح تكليف اختيار الأنبياء عليهم السلام والشرائع وإن علم اتفاق إصابة المختارين للمصلحة يقتضي قبح تكليف اختيار الرئيس.

وأيضا فتكليف ما لا دليل عليه ولا أمارة تميزه بصفته قبل وقوعه قبيح وإذا فقد المكلف الأدلة والأمارات المميزة لذي الصفة المطلوبة بالاختيار قبح تكليفه ولم ينفعه علمه بعد وقوع الاختيار بصفة المختار.

على أن هذا المعلوم لا يخلو أن يختصه تعالى دونهم أو ينص لهم على أن اختيارهم يوافق المعصوم والأول لا يؤثر شيئا فيما (١) قصدوه والثاني نص على عين المعصوم لأنه لا فرق بين أن ينص سبحانه على عينه أو على تميزه بفعل غيره.

ويصح هذا اللطف برئيس واحد في الزمان بهذه الصفة ويستصلح أهل الأصقاع بأمرائه الملطوف لهم ويجوز كونه بوجود عدة رؤساء بالصفات التي بيناها في وقت واحد.

ويجب ذلك في كل صقع في ابتداء الرئاسة وفي كل حال تعذر العلم بوجود

__________________

(١) في النسخة : « فما ».

١٥١

الرئيس المخصوص فيها ومن قبله من الأمراء لأن تعذر العلم في ابتداء الرئاسة لطف فيه.

وإن كنا قد أمنا هذه التجويز والقطع في شريعتنا لحصول العلم بأن الرئيس واحد وأنه لا مكلف تكليفا عقليا ولا سمعيا خارج عن تكليف نبوة نبينا وإمامة الأئمة عليهم السلام وما جاء به من الشرعيات وإن التكليف من دون العلم أو إمكانه قبيح فاقتضى ذلك رفع الجائز العقلي وما ابتنى عليه من الوجوب.

[ تقسيم الرئاسة إلى نبوة وإمامة ]

وهذه الرئاسة قد تكون نبوة وكل نبي رسول وإمام إذا كان رئيسا وقد تكون إمامة ليست بنبوة.

ومعنى قولنا نبي يفيد الإخبار من أنبأ ينبئ ونبأ بالتشديد من التعظيم مأخوذ من النبوة وهو الموضع المرتفع.

وفي عرف الشرائع المؤدي عن الله بغير واسطة من البشر وهذه الحقيقة الشرعية تتناول المعنيين المذكورين لأن المؤدي عن الله تعالى مخبر ومستحق في حال أدائه التعظيم والإجلال.

وأما رسول فمقتض لمرسل وقبول منه للإرسال كوكيل ووصي.

وهو في عرف الشرائع مختص بمن أرسله الله تعالى مبينا لمصالح من أرسل إليه من مفاسده.

وفي عرف شريعتنا مختص بمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلوات الله عليه وآله لأنه لا يفهم من قول القائل قال رسول الله صلى الله عليه وآله وروى عن الرسول غيره.

والإمام هو المتقدم على رعيته المتبع فيما قال وفعل.

١٥٢

[ والغرض في بعثة النبي ]

والغرض في بعثة النبي ـ زائدا على الاستصلاح برئاسته إن كان رئيسا عقليا من الوجه الذي ذكرناه بيان مصالح المرسل إليهم من مفاسدهم التي لا يعلمها غير مكلفهم سبحانه وهو الوجه في حسن البعثة لكون اللطف غير مختص بجنس من جنس ولا بوجه من وجه ولا وقت من وقت وإنما يعلم ذلك عالم المصالح.

وقد بينا وجوب فعل ما يعلمه لطفا من فعله سبحانه وبيان ما يعلمه كذلك من أفعال المكلف فيجب متى (١) علم أن من جنس أفعاله ما يدعوه إلى الواجب ويصرفه عن القبيح أو يجتمع له الوصفان أو يكون مقربا أو مبعدا أن يبين ذلك للملطوف له بالإيحاء إلى من يعلم من حاله تحمله بأعباء البلاغ وكونه بصفة من تسكن الأنفس إليه وإقامة البرهان على صدقه متى علم تخصص المصلحة ببيانه عليه السلام دون فعله تعالى العلم بذلك في قلبه أو خطابه على وجه لا ريب فيه أو ببعض ملائكته أو كونه نائبا في بيان المصلحة مناب ما تصح النيابة فيه.

[ صفات الرسول ]

والصفات التي يجب كون الرسول عليه السلام عليها هي أن يكون معصوما فيما يؤدي لأن تجويز الخطأ عليه في الأداء يمنع من الثقة به ويسقط فرض اتباعه وذلك ينقض جملة الغرض بإرساله وأن يكون معصوما من القبائح لكونه رئيسا وملطوفا برئاسته لغيره حسب ما دللنا عليه ولأن تجويز القبيح عليه

__________________

(١) في النسخة : « فمتى يجب ».

١٥٣

ينفر عن النظر في معجزه ولأنه قدوة فيما قال وفعل وتجويز القبيح عليه يقتضي إيجاب القبيح ولأن تعظيمه واجب على الإطلاق والاستخفاف به فسق على مذاهب من خالفنا وكفر عندنا ووقوع القبيح منه يوجب الاستخفاف فيقتضي ذلك وجوب البراءة منه مع وجوب الموالاة له.

[ المعجز وشرطه ]

والطريق إلى تميزه المعجز أو النص المستند إليه لاختصاصه من الصفات بما لا يعلمه إلا مرسله تعالى.

ويفتقر المعجز إلى شروط ثلاثة :

منها أن يكون خارقا للعادة من فعله تعالى مطابقا لدعواه.

واعتبرنا فيه خرق العادة لأن دعوى التصديق بالمعتاد لا يقف على مدع من مدع ولا يميز صادقا من كاذب وإن كان من فعله تعالى كطلوع الشمس من المشرق ومجيء المطر في الشتاء والحر في الصيف وطريق العلم بذلك اعتبار العادات وما يحدث فيها وخروج الفعل الظاهر على يد المدعي عن ذلك.

واعتبرنا كونه من فعله تعالى لجواز القبيح على كل محدث وجوازه يمنع من القطع على صدق المدعي وكون ما أتى به مصلحة وطريق العلم بذلك أن يختص خرق العادة بمقدوراته تعالى كإيجاد الجواهر وفعل الحياة أو يقع الجنس من مقدورات العباد على وجه لا تمكن إضافته إلى غيره كرجوع الشمس وانشقاق القمر وأمثال ذلك.

واعتبرنا كونه مطابقا للدعوى لأنه متى لم يكن خرق العادة متعلقا بدعوى مخصوصة لم يكن أحد أولى به من أحد.

فإذا تكاملت هذه الشروط فلا بد من كونه دلالة على صدق المدعي لكون هذا التصديق نائبا مناب لو قال تعالى صدق هذا فيما يؤديه عني كما لا

١٥٤

فرق في كون الملك الحكيم مصدقا لمدعي إرساله له بين أن يقول صدق علي أو يفعل ما ادعى كونه مصدقا له به مما لم تجر عادة الملك بفعله.

فإن كان ما ذكرناه مشاهدا ففرض المشاهد له النظر فيه لكونه خائفا من فوت مصالح وتعلق مفاسد وإن كان نائيا عن حدوث المعجز أو موجودا بعد تقضيه (١) ـ فلا بد مع تكليف ما أتى به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من نصب دلالة على صدقه وصحة ما أتى به لقبح التكليف من دونهما.

وذلك يكون بأحد شيئين إما قول من يعلم صدقه وإن كان واحدا أو تواتر نقل لا يتقدر في ناقليه الكذب بتواطؤ وافتعال أو اتفاق لبلوغهم حدا في الكثرة وتنائي الديار والأغراض أو وقوع نقلهم على صفة يعلم الناظر فيها تعذر الكذب في مخبرهم من أحد الوجوه بقضية العادة وإن قلوا وإن كانت هذه الطبقة تنقل عن غيرها وجب ثبوت هذه الصفات في من ينقل عنه ثم كذا حتى يتصل النقل بجماعة شاهدت المعجز لا يجوز على مثلها الكذب.

وذلك لا يتم إلا بتعين الأزمنة للناظر في النقل وتميز الناقلين ذوي الصفة المخصوصة في كل زمان لأن الجهل بأعيان الأزمنة يقتضي الجهل بأهلها وتعين الأزمنة مع الجهل بأعيان الناقلين الموصوفين يقتضي تجويز انقطاع النقل وتجويز افتعاله واستناده إلى معتقدين دون الناقلين فمتى اختل شرط مما ذكرناه ارتفع الأمان من كذب الخبر المنقول ومتى تكاملت الشروط حصلت الثقة بالمنقول.

وهذه الصفات متكاملة في نبينا صلوات الله عليه ومن عداه من الأنبياء عليهم السلام فطريق العلم بنبوتهم إخباره عليه السلام لكونهم غير مشاهدين ولا تواتر بمعجز أحد منهم لافتقار التواتر إلى الشروط المعلوم ضرورة تعذرها

__________________

(١) في النسخة : « ان يقضيه ».

١٥٥

في نقل من عدا المسلمين.

وإذا وجب ذلك اقتضى القطع على نبوة من أخبر بنبوته من آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء على التفصيل والجملة وكونهم بالصفات التي دللنا على كون النبي عليها وتأول كل ظاهر سمعي خالفها بقريب أو بعيد لوقوف صحته على أحكام العقول وفساد تضمنه ما يناقضها إذ كان تجويز انتقاضها به يخرجها من كونها دلالة على فساد سمع أو غيره وهذا ظاهر الفساد.

[ طريق العلم بنبوة نبينا محمد صلى الله عليه وآله ]

وطريق العلم بنبوته عليه السلام من وجهين :

أحدهما القرآن.

والثاني ما عداه من الآيات كانشقاق القمر ورجوع الشمس ونبوع الماء من بين أصابعه وإشباع الخلق الكثير باليسير من الطعام وغير ذلك.

والقرآن يدل على نبوته عليه السلام من وجوه :

أحدها : حصول العلم باختصاصه به عليه السلام وتحديه الفصحاء به وتقريعهم بالعجز عن معارضته كما يعلم ظهوره عليه السلام ودعواه النبوة وقد يضمن آيات التحدي بقوله ( فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ ) (١) ... ( فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ ) (٢) ثم قطع على مغيبهم فقال سبحانه ( قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ) (٣) ومعلوم توفر دواعيهم إلى معارضته وخلوصها من الصوارف

__________________

(١) هود ١١ : ١٣.

(٢) البقرة ٢ : ٢٣.

(٣) الاسراء ١٧ : ٨٨.

١٥٦

وارتفاعها.

فلا يخلو أن يكون جهة الإعجاز تعذر جنس الكلام أو مجرد الفصاحة والنظم أو مجموعهما (١) أو سلب العلوم التي معها يتأتى المعارضة.

والأول ظاهر الفساد لكون كل محدث سليم الآلة قادرا على جنس الكلام ومن جملته القرآن ولهذا يصح النطق بمثله من كل ناطق.

والثاني يقتضي حصول الفرق بين قصير سورة وفصيح الكلام على وجه لا لبس فيه على أحد أنس بموضع الفصاحة لكون كل سورة منه معجزا وما عداه معتادا كالفرق بين انقلاب العصا حية وتحريكها وفلق البحر والخوض فيه وظفر البحر وجدوله (٢).

وفي علمنا بخلاف ذلك وإنا على مقدار بصيرتنا بالفصاحة نفرق بين شعر النابغة وزهير وشعر المتنبئ فرقا لا لبس فيه مع كونهما معتادين ولا يحصل لنا مثل هذا بين قصير سورة وفصيح كلام العرب مع وجوب تضاعف ظهور الفرق بينهما لكون أحدهما معجزا والآخر معتادا دليل على أنه لم يخرق العادة بفصاحته ولا يجوز كون النظم معجزا لأنه لا تفاوت فيه ولهذا نجد من أنس بنظم شيء من الشعر قدر على جميع الأوزان بركيك الكلام أو جيده وإنما يقع التفاوت بالفصاحة.

ولا يجوز أن يكون الإعجاز بمجموعهما من وجهين.

أحدهما : إنا قد بينا تعلق الفصاحة والنظم بمقدور العباد منفردين وذلك يقتضي صحة الجمع بينهما لأن القادر على إيجاد الجنس على وجهين منفردين يجب أن يكون قادرا على إيجاده عليهما مجتمعين إذ كان الجمع بينهما صحيحاً ،

__________________

(١) في النسخة : « أو مجموعها ».

(٢) في النسخة : « وجدول ».

١٥٧

لو لا هذه لخرج عن كونه قادرا عليهما.

الثاني : إنه لو كان نظم الفصاحة المخصوصة يحتاج إلى علم زائد لكان علمنا بأن العرب الفصحاء قد نظموا ما قارب القرآن في الفصاحة شعرا وسجعا وخطبا دليلا واضحا على كونهم قادرين على نظم فصاحتهم في مثل أسلوب القرآن لأنا قد بينا أن القدرة على نظم واحد يقتضي القدرة على كل نظم.

وإذا بطلت سائر الوجوه ثبت أن جهة الإعجاز كونهم مصروفين وجرى ذلك مجرى من ادعى الإرسال إلى جماعة قادرين على الكلام والتصرف في الجهات وجعل الدلالة على صدقه تعذر النطق بكلام مخصوص وسلوك طريق مخصوص في أن تعذر ذين الأمرين مع كونهم قادرين عليهما قبل التحدي وبعد تقضي وقته من أوضح برهان على كونه معجزا لاختصاصه بمقدوره تعالى وتكامل الشروط فيه.

إن قيل بينوا جهة الصرف وحاله وعن أي شيء حصل.

قيل معنى الصرف هو نفي العلوم بأضدادها أو قطع إيجادها في حال تعاطي المعارضة التي لو لا انتفاؤها لصحت منهم المعارضة وهذا الضرب مختص بالفصاحة والنظم معا لأن التحدي واقع بهما وعن الجمع بينهما كان الصرف.

وأيضا فلو لا ذلك لكان القرآن معارضا لأنا قد بينا عدم الفرق المقتضي للإعجاز بينه وبين فصيح كلامهم وكون النظم والفصاحة والجمع بينهما مقدورا ولأنه عليه السلام جرى في التحدي على عادتهم ومعلوم أن معارض المتحدي بالوزن المخصوص لا يكون معارضا حتى تماثل في الفصاحة والوزن والقافية وإنما وجب هذا لتعلق التحدي بالرتبة في الفصاحة والطريقة في النظم.

ولا يمكن أحدا (١) كذا دعوى معارضة للقرآن.

__________________

(١) كذا.

١٥٨

لأنه عليه السلام لو عورض مع ظهور كلمة المعارض وضعفه عليه السلام لكانت المعارضة أظهر من القرآن وما وجب كونه كذلك لا يجوز إستاره فيما بعد على مجرى العادات.

ولأنه لو عورض لكانت المعارضة هي الحجة والقرآن هو الشبهة وذلك يقتضي ظهورها لتكون للمكلف طريق إلى النظر يفرق ما بين الحق والباطل.

وليس لأحد أن يقول إنما لم يعارضوا لأنهم ظنوا أن الحرب أحسم.

لأن الحرب لم تكن إلا بعد مضي الزمان الطويل الذي تصح في بعضه المعارضة لا (١) مشقة ولا خطر وفيها الحجة والحرب خطر بالأنفس والأموال ولا حجة فيها والعاقل لا يعدل عن الحجة مع سهولتها إلى ما لا حجة فيه مع كونه خطرا إلا للعجز عن الحجة ولهذا لو رأينا متحديا ذوي صناعة بشيء منها ومفاخرا لهم به ومدعيا التقدم عليه فيها ثم تحداهم به فعدلوا عن معارضته إلى شتمه وضربه لم تدخل علينا شبهة في عجزهم عما تحداهم ولا ريب في عنادهم وهذه حال القوم المتحدين بالقرآن بلا قبح.

وببعض هذا يسقط شبهة من يقول إنه عليه السلام شغلهم بالحرب عن معارضته لأن الحرب لم تكن إلا بعد مضي أزمنة يصح في بعضها وقوع المقدور الذي صارف عنه مع خلوص الدواعي إليه ولأن الحرب لا تمنع من الكلام ولهذا اقتربت (٢) كذا بالنظم والنثر ولم ينقص رتبة ما قالوه من ذلك في زمنها في الفصاحة عما قالوه في غيرها على أن الحرب لم تستمر وإنما كانت أحيانا نادرة في مدة البعثة ومختصة في حالها بقوم من الفصحاء دون آخرين.

ومن وجوه إعجاز القرآن قوله تعالى ( فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ

__________________

(١) في النسخة : « لا ».

(٢) أي : الحرب ، وفي النسخة : « اقتربت ».

١٥٩

وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً ) (١) فقطع على عدم له فكان كما أخبر وهذا يقتضي اختصاص هذا الإخبار بالقديم تعالى المختص بعلم الكائنات القادر على منعهم من التمني بالقول ويجري ذلك مجرى لو قال لهم الدلالة على صدقي أنه لا يستطيع أحد منكم أن ينطق بكذا مع كونهم قادرين على الكلام في ارتفاع اللبس أن تعذره يقتضي كون ذلك معجزا.

ومنها : ما تضمنه من أخبار الأمم السالفة وقصص الرسل مع حصول نشوئه عليه السلام بعيدا عن مخالطة أهل الكتب والكتابة أميا فيها نائيا عن سماع أخبار الأنبياء.

ومنها : ما تضمنه من الأخبار عن بواطن أهل النفاق وإظهارهم خلاف ما يبطنون والعلم (٢) بما في النفوس موقوف عليه تعالى فيجب كونه دلالة على نبوته.

ومنها : ما تضمنه من الإخبار عن الكائنات ومطابقة الخبر المخبر في قوله تعالى ( سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ) (٣) و ( لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ ) (٤) ( الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ) (٥) وقوله تعالى ( لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ) (٦) وقوله ( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ

__________________

(١) البقرة ٢ : ٩٤ ـ ٩٥.

(٢) في النسخة : « في العلم ».

(٣) القمر ٥٤ : ٤٥.

(٤) الفتح ٤٨ : ٢٧.

(٥) الروم ٣٠ : ١ ـ ٣٠.

(٦) الحشر ٥٩ : ١٢.

١٦٠