إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام

الشيخ محمد بن طاهر السماوي

إبصار العين في أنصار الحسين عليه السلام

المؤلف:

الشيخ محمد بن طاهر السماوي


المحقق: الشيخ محمّد جعفر الطبسي
الموضوع : التراجم
الناشر: مركز الدراسات الإسلامية لحرس الثورة
المطبعة: حرس الثورة الإسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٠٢

المقصد السادس

في البجليين والخثعميين

من أنصار الحسين عليه‌السلام

زهير بن القين بن قيس الأنماري البجلي (١)

كان زهير رجلا شريفا في قومه ، نازلا فيهم بالكوفة ، شجاعا ، له في المغازي مواقف مشهورة ومواطن مشهودة. وكان أولا عثمانيّا ، فحجّ سنة ستين في أهله. ثمّ عاد فوافق الحسين عليه‌السلام في الطريق ، فهداه الله ، وانتقل علويّا.

روى أبو مخنف عن بعض الفزاريين قال : كنّا مع زهير بن القين حين أقبلنا من مكّة نساير الحسين عليه‌السلام فلم يكن شيء أبغض إلينا من أن نسايره في منزل ، فإذا سار الحسين عليه‌السلام تخلّف زهير ، وإذا نزل الحسين تقدّم زهير ، حتّى نزلنا يوما في منزل لم نجد بدّا من أن ننازله فيه ، فنزل الحسين في جانب ، ونزلنا في جانب ، فبينا نحن نتغذّى من طعام لنا ، إذ أقبل رسول الحسين فسلّم ودخل ، فقال : يا زهير بن القين إنّ أبا عبد الله الحسين بن علي بعثني إليك لتأتيه ، فطرح كلّ إنسان منّا ما في يده حتّى

__________________

(١) عدّه الشيخ الطوسي في أصحاب الحسين عليه‌السلام. راجع رجال الشيخ : ١٠١ ، الرقم ٩٨٣.

١٦١

كأنّ على رءوسنا الطير (١).

قال أبو مخنف : فحدّثتني دلهم بنت عمرو ، امرأة زهير قالت : فقلت له : أيبعث إليك ابن رسول الله ثمّ لا تأتيه! سبحان الله لو أتيته فسمعت من كلامه ثمّ انصرفت ، قالت : فأتاه زهير بن القين ، فما لبث أن جاء مستبشرا قد أسفر وجهه ؛ فأمر بفسطاطه وثقله ومتاعه ، فقوّض وحمل إلى الحسين عليه‌السلام ، ثمّ قال لي : أنت طالق ، الحقي بأهلك ، فإنّي لا أحبّ أن يصيبك بسببي إلاّ خير ، ثمّ قال لأصحابه : من أحبّ منكم أن يتبعني وإلاّ فإنّه آخر العهد ، إنّي سأحدّثكم حديثا ، غزونا بلنجر ؛ ففتح الله علينا وأصبنا غنائم ، فقال لنا سلمان : أفرحتم بما فتح الله عليكم ، وأصبتم من المغانم؟ فقلنا : نعم. فقال لنا : إذا أدركتم شباب آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكونوا أشدّ فرحا بقتالكم معه بما أصبتم من المغانم ، فأمّا أنا فإنّي أستودعكم الله ، قال : ثمّ والله ما زال أوّل القوم حتّى قتل معه (٢).

وقال أبو مخنف : لمّا عارض الحر بن يزيد الحسين عليه‌السلام في الطريق وأراد أن ينزله حيث يريد فأبى الحسين عليه ، ثمّ إنّه سايره ، فلمّا بلغ ذا حسم خطب أصحابه خطبته التي يقول فيها : « أمّا بعد ، فإنّه نزل بنا من الأمر ما قد ترون » إلخ ، فقام زهير وقال لأصحابه : أتتكلّمون أم أتكلّم؟ قالوا : بل تكلّم ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : قد سمعنا هداك الله يا ابن رسول الله مقالتك ، والله لو كانت الدنيا لنا باقية ، وكنّا فيها مخلّدين ، إلاّ أنّ فراقها في نصرك ومواساتك ، لآثرنا النهوض معك على الإقامة فيها. فدعا له الحسين وقال له خيرا (٣).

__________________

(١) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٠٢.

(٢) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٠٢.

(٣) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٠٧.

١٦٢

وروى أبو مخنف : أنّ الحرّ لمّا ضايق الحسين عليه‌السلام بالنزول وأتاه أمر ابن زياد أن ينزل الحسين على غير ماء ولا كلأ ولا في قرية ، قال له الحسين : « دعنا ننزل في هذه القرية » ، يعني نينوى ، أو هذه يعني الغاضريّة ، أو هذه يعني شفيّة. فقال الحر : لا والله لا أستطيع ذلك ، هذا رجل قد بعث عليّ عينا ، فقال زهير للحسين : يا بن رسول الله إنّ قتال هؤلاء أهون علينا من قتال من بعدهم ، فلعمري ليأتينا من بعدهم ما لا قبل لنا به ، فقال له الحسين عليه‌السلام : « ما كنت لأبدأهم بقتال » ، فقال له زهير : فسر بنا إلى هذه القرية فإنّها حصينة ، وهي على شاطئ الفرات ، فإن منعونا قاتلناهم ، فقتالهم أهون من قتال من يجيء من بعدهم ، فقال الحسين عليه‌السلام : « وأيّة قرية هي »؟ قال : هي العقر ، فقال الحسين عليه‌السلام : « اللهمّ إنّي أعوذ بك من العقر » فنزل بمكانه وهو كربلا (١).

وقال أبو مخنف : لمّا أجمع عمر بن سعد على القتال نادى شمر بن ذي الجوشن : يا خيل الله اركبي وأبشري بالجنّة ، والحسين عليه‌السلام جالس أمام بيته محتبيا بسيفه ، وقد وضع رأسه على ركبته من نعاس ، فدنت أخته زينب منه وقالت : يا أخي قد اقترب العدو ، وذلك يوم الخميس التاسع من المحرّم بعد العصر ، وجاءه العبّاس فقال : يا أخي أتاك القوم ، فنهض ثمّ قال : « يا عبّاس اركب إليهم حتّى تسألهم عمّا جاء بهم » فركب العبّاس في عشرين فارسا منهم حبيب بن مظهّر وزهير بن القين فسألهم العبّاس ، فقالوا جاء أمر الأمير بالنزول على حكمه أو المنازلة ، فقال لهم العبّاس : لا تعجلوا حتّى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرض عليه ما ذكرتم ، فوقفوا وقالوا له : ألقه فأعلمه ، ثمّ القنا بما يقول ، فذهب العبّاس راجعا ، ووقف أصحابه. فقال حبيب لزهير : كلّم القوم إن شئت وإن شئت كلّمتهم أنا ، فقال زهير أنت بدأت فكلّمهم ، فكلّمهم بما تقدّم في ترجمته ، فردّ عليه عزرة بن قيس بقوله : إنّه لتزكي نفسك ما

__________________

(١) تاريخ الطبري : ٣ / ٣١٠.

١٦٣

استطعت ، فقال له زهير : إنّ الله قد زكّاها وهداها فاتّق الله يا عزرة ، فإنّي لك من الناصحين ، أنشدك الله يا عزرة أن تكون ممّن يعين الضّلال على قتل النفوس الزكيّة. فقال عزرة : يا زهير ما كنت عندنا من شيعة هذا البيت إنّما كنت عثمانيّا. قال : أفلا تستدل بموقفي هذا على أنّي منهم! أما والله ما كتبت إليه كتابا قطّ ، ولا أرسلت إليه رسولا قطّ ، ولا وعدته نصرتي قط ، ولكن الطريق جمع بيني وبينه ، فلمّا رأيته ذكرت به رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومكانه منه ، وعرفت ما يقدم عليه من عدوّه وحزبكم ؛ فرأيت أن أنصره ، وأن أكون في حزبه ، وأن أجعل نفسي دون نفسه ، حفظا لما ضيّعتم من حقّ الله وحقّ رسوله. قال : وأقبل العبّاس فسألهم إمهال العشيّة ، فتوامروا ثمّ رضوا فرجعوا (١).

وروى أبو مخنف عن الضحّاك بن عبد الله المشرقي قال : لمّا كانت الليلة العاشرة خطب الحسين أصحابه وأهل بيته فقال في كلامه : « هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا ، وليأخذ كلّ رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي ، فإنّ القوم إنّما يطلبوني ». فأجابه العبّاس وبقيّة أهله بما تقدّم في تراجمهم. ثمّ أجابه مسلم بن عوسجة بما ذكر وأجابه سعيد بما يذكر. ثمّ قام زهير فقال : والله لوددت أنّي قتلت ثمّ نشرت ثمّ قتلت حتّى أقتل كذا ألف قتلة ، وأنّ الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتية من أهل بيتك (٢).

وقال أهل السير : لمّا صفّ الحسين عليه‌السلام أصحابه للقتال وإنّما هم زهاء السبعين جعل زهير على الميمنة ، وحبيبا على الميسرة ، ووقف في القلب ، وأعطى الراية

__________________

(١) تاريخ الطبري : ٣ / ٣١٤.

(٢) تاريخ الطبري : ٣ / ٣١٦ ، راجع الإرشاد : ٢ / ٩٢.

١٦٤

لأخيه العبّاس (١).

وروى أبو مخنف عن علي بن حنظلة بن أسعد الشبامي (٢) عن كثير بن عبد الله الشعبي البجلي (٣) ، قال : لمّا زحفنا قبل الحسين عليه‌السلام خرج إلينا زهير بن القين على فرس له ذنوب ، وهو شاك في السلاح ، فقال : يا أهل الكوفة ، نذار لكم من عذاب الله نذار! إنّ حقّا على المسلم نصيحة أخيه المسلم ، ونحن حتّى الآن إخوة وعلى دين واحد وملّة واحدة ما لم يقع بيننا وبينكم السيف ، فإذا وقع السيف انقطعت العصمة ، وكنّا أمّة وكنتم أمّة ، إنّ الله قد ابتلانا وإيّاكم بذريّة نبيّه محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لينظر ما نحن وأنتم عاملون ، إنّا ندعوكم إلى نصرهم وخذلان الطاغية عبيد الله بن زياد ، فإنّكم لا تدركون منهما إلاّ السوء عمر سلطانهما كلّه ، إنّهما يسمّلان أعينكم ، ويقطّعان أيديكم وأرجلكم ، ويمثّلان بكم ، ويرفعانكم على جذوع النخل ، ويقتّلان أماثلكم وقرّاءكم ، أمثال حجر بن عدي وأصحابه ، وهاني بن عروة وأشباهه. قال : فسبّوه وأثنوا على عبيد الله وأبيه ، وقالوا : والله لا نبرح حتّى نقتل صاحبك ومن معه ، أو نبعث به وبأصحابه إلى الأمير ، فقال لهم زهير : عباد الله إنّ ولد فاطمة عليها‌السلام أحقّ بالودّ والنصر من ابن سميّة ، فإن لم تنصروهم فأعيذكم بالله أن تقتلوهم ، فخلّوا بين هذا الرجل وبين يزيد ، فلعمري إنّه ليرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين عليه‌السلام ، قال : فرماه شمر بسهم وقال له : اسكت أسكت الله نامتك ، فقد أبرمتنا بكثرة كلامك! فقال زهير : يا ابن البوّال على عقبيه ، ما إيّاك أخاطب ، إنّما أنت بهيمة ، والله ما أظنّك تحكم من كتاب الله آيتين ، فأبشر بالخزي يوم القيامة والعذاب الأليم. فقال له شمر : إنّ الله قاتلك

__________________

(١) الإرشاد : ٢ / ٩٥.

(٢) في المصدر : الشامي.

(٣) ليس في المصدر : البجلي.

١٦٥

وصاحبك عن ساعة ، قال زهير : أفبالموت تخوّفني!؟ والله للموت معه أحبّ إليّ من الخلد معكم ، قال : ثمّ أقبل على الناس رافعا صوته ، وصاح بهم : عباد الله لا يغرّنكم عن دينكم هذا الجلف الجافي وأشباهه ، فو الله لا تنال شفاعة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوما هرقوا دماء ذريّته وأهل بيته ، وقتلوا من نصرهم وذبّ عن حريمهم. قال : فناداه رجل من خلفه : يا زهير إنّ أبا عبد الله يقول لك : أقبل ، فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء ، لقد نصحت لهؤلاء وأبلغت لو نفع النصح والإبلاغ ، فذهب إليهم (١).

وروى أبو مخنف عن حميد بن مسلم قال : حمل شمر حتّى طعن فسطاط الحسين عليه‌السلام برمحه ، وقال : عليّ بالنار حتّى أحرق هذا البيت على أهله ، فصاحت النساء وخرجن من الفسطاط ، فصاح الحسين : يا بن ذي الجوشن ، أنت تدعو بالنار لتحرق بيتي على أهلي ، حرقك الله بالنار.

وحمل زهير بن القين في عشرة من أصحابه فشدّ على شمر وأصحابه ، فكشفهم عن البيوت حتّى ارتفعوا عنها ، وقتل زهير أبا عزّة الضبابي من أصحاب الشمر وذوي قرباه ، وتبع أصحابه الباقين فتعطف الناس عليهم ، فكثروهم وقتلوا أكثرهم وسلم زهير (٢).

قال أبو مخنف : واستحرّ القتال بعد قتل حبيب ، فقاتل زهير والحرّ قتالا شديدا فكان إذا شدّ أحدهما واستلحم شدّ الآخر فخلّصه ، فقتل الحرّ ثمّ صلّى الحسين عليه‌السلام صلاة الخوف ، ولمّا فرغ منها تقدّم زهير فجعل يقاتل قتالا لم ير مثله ولم يسمع بشبهه وأخذ يحمل على القوم فيقول :

__________________

(١) تاريخ الطبري : ٣ / ٣١٩ ـ ٣٢٠.

(٢) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٢٦.

١٦٦

أنا زهير وأنا بن القين

أذودكم بالسيف عن حسين

ثمّ رجع فوقف أمام الحسين وقال له :

فدتك نفسي هاديا مهديا

اليوم ألقى جدّك النبيّا

وحسنا والمرتضى عليّا

وذا الجناحين الشهيد الحيّا

فكأنّه ودّعه ، وعاد يقاتل فشدّ عليه كثير بن عبد الله الشعبي ومهاجر بن أوس التميمي فقتلاه (١).

وقال السروي في المناقب : لمّا صرع وقف عليه الحسين عليه‌السلام فقال : « لا يبعدنّك الله يا زهير ، ولعن الله قاتليك ، لعن الذين مسخوا قردة وخنازير » (٢).

وفيه أقول :

لا يبعدنّك الله من رجل

وعظ العدى بالواحد الأحد

ثمّ انثنى نحو الخميس فما

أبقى لدفع الضيم من أحد

( ضبط الغريب )

ممّا وقع في هذه الترجمة :

( كأنّ على رءوسنا الطير ) : هذا مثل يضرب في السكون من التحيّر فإنّ الطير لا يقع إلاّ على ساكن.

( بلنجر ) : بالباء الموحدة واللام المفتوحتين والنون الساكنة والجيم المفتوحة والراء المهملة آخر الحروف وهي مدينة في الخزر عند باب الأبواب (٣) ، فتحت في

__________________

(١) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٢٨ بتفاوت.

(٢) المناقب : ٤ / ١٠٣.

(٣) راجع معجم البلدان : ١ / ٤٨٩.

١٦٧

زمان عثمان على يد سلمان بن ربيعة الباهلي أو سلمان الفارسي كما ذكره ابن الأثير (١). وقتل سلمان بن ربيعة بعد فتحها ، فقال فيه عبد الرحمن الباهلي :

وإنّ لنا قبرين قبر بلنجر

وقبرا بأرض الصين يا لك من قبر

يعني بالأوّل قبر سلمان الباهلي وبالثاني قبر قتيبة بن مسلم الباهلي.

( فقوله ) : فقال لنا سلمان يحتمل الباهلي لأنّه رئيس الجيش ، ويحتمل الفارسي لأنّه في الجيش على ما ذكره ابن الأثير في الكامل.

( نينوى ) : قرية عند كربلا. ( الغاضريّة ) : قرية عند كربلا أيضا تنسب لبني غاضرة من أسد.

( شفية ) : قرية عند كربلا أيضا ، وتضبط بضم الشين المعجمة والفاء المفتوحة والياء المثنّاة تحت المشدّدة والتاء آخر الكلمة ، ولم أر من ذكرها في المعاجم.

( نذار ) : بفتح النون وكسر الراء أي : خافوا وهو اسم فعل من الإنذار ، وهو الإبلاغ مع التخويف وبناؤه على الكسر.

( العصمة ) : أي المنعة بالإسلام يقال من شهد الشهادتين فقد عصم نفسه أي منعها.

( يسمّلان ) : يقال : سمل عينه أي فقأها بميل محميّ.

( أسكت الله نامتك ) : النأمة بالهمزة والنامة بالتشديد الصوت ، يقال ذلك كناية عن الموت وهو دعاء عند العرب مشهور.

( أبرمتنا ) : أي أضجرتنا. ( استحرّ ) : أي اشتدّ ، قال ابن الزبعرى :

حين حكت بقباء بركها

واستحر القتل في عبد الأشل

( استلحم ) : الرجل إذا احتوشه العدو في القتال.

__________________

(١) الكامل : ٢ / ٤٨٣.

١٦٨

سلمان بن مضارب بن قيس الأنماري البجلي

كان سلمان ابن عمّ زهير لحا فإنّ القين أخو مضارب وأبوهما قيس. وكان سلمان حجّ مع ابن عمّه سنة ستين ، ولمّا مال في الطريق مع الحسين عليه‌السلام ، وحمل ثقله إليه مال معه في مضربه.

قال صاحب الحدائق : إنّ سلمان قتل فيمن قتل بعد صلاة الظهر ، فكأنّه قتل قبل زهير (١).

سويد بن عمرو بن أبي المطاع الأنماري الخثعمي (٢)

كان سويد شيخا شريفا عابدا كثيرا الصلاة ، وكان شجاعا مجرّبا في الحروب. كما ذكره الطبري والداودي.

قال أبو مخنف : إنّ الضحّاك بن عبد الله المشرقي جاء إلى الحسين عليه‌السلام فسلّم عليه فدعاه إلى نصرته فقال له : أنا أنصرك ما بقيت لك أنصار ، فرضي منه بذلك حتّى إذا أمر ابن سعد بالرماة فرموا أصحاب الحسين عليه‌السلام وعقروا خيولهم أخفى فرسه في فسطاط ، ثمّ نظر فإذا لم يبق مع الحسين عليه‌السلام إلاّ سويد هذا وبشر بن عمرو الحضرمي ؛ فاستأذن الحسين ، فقال له : « كيف لك بالنجاء »؟ قال : إنّ فرسي قد أخفيته فلم يصب فأركبه وأنجو ، فقال له : شأنك ، فركب ونجا بعد لأي كما ذكره في حديثه (٣).

وقال أهل السير : إنّ بشرا الحضرمي قتل ، فتقدّم سويد وقاتل حتّى أثخن

__________________

(١) الحدائق الورديّة : ١٢٢.

(٢) عدّه الشيخ في أصحاب الحسين عليه‌السلام. راجع رجال الشيخ : ١٠١ ، الرقم ٩٨٧.

(٣) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٣٠.

١٦٩

بالجراح وسقط على وجهه فظنّ بأنّه قتل ، فلمّا قتل الحسين عليه‌السلام وسمعهم يقولون : قتل الحسين. وجد به إفاقة ، وكانت معه سكّين خبّأها ، وكان قد أخذ سيفه منه ، فقاتلهم بسكّينه ساعة ، ثمّ إنّهم عطفوا عليه فقتله عروة بن بكار التغلبي ، وزيد بن ورقاء الجهني (١).

عبد الله بن بشر الخثعمي

هو عبد الله بن بشر بن ربيعة بن عمرو بن منارة بن قمير بن عامر بن رائسة بن مالك بن واهب بن جليحة بن كلب بن ربيعة بن عفرس بن خلف بن أقبل بن أنمار ، الأنماري الخثعمي ؛ كان عبد الله بن بشر الخثعمي من مشاهير الكماة الحماة للحقائق وله ولأبيه ذكر في المغازي والحروب.

قال ابن الكلبي : بشر بن ربيعة الخثعمي هو صاحب الخطّة بالكوفة التي يقال لها جبانة بشر (٢).

وهو القائل يوم القادسيّة :

أنخت بباب القادسيّة ناقتي

وسعد بن وقّاص عليّ أمير

وكان ولده عبد الله ممّن خرج مع عسكر ابن سعد ، ثمّ صار إلى الحسين عليه‌السلام فيمن صار إليه أيّام المهادنة.

قال صاحب الحدائق وغيره : إنّ عبد الله بن بشر قتل في الحملة الأولى قبل الظهر (٣).

__________________

(١) راجع اللهوف : ١٦٥ ، والمناقب : ٤ / ١٠٢.

(٢) لم أعثر عليه في مضانّه.

(٣) الحدائق الورديّة : ١٢٢.

١٧٠

المقصد السابع

في الكنديين

من أنصار الحسين عليه‌السلام

يزيد بن زياد بن مهاصر أبو الشعثاء الكندي البهدلي

كان يزيد رجلا شريفا شجاعا فاتكا فخرج إلى الحسين عليه‌السلام من الكوفة من قبل أن يتصل به الحر.

قال أبو مخنف : لمّا كاتب الحر ابن زياد في أمر الحسين وجعل يسايره ، جاء إلى الحرّ رسول ابن زياد مالك بن النسر البدي ثمّ الكندي ، فجاء به الحرّ وبكتابه إلى الحسين كما يذكر في ترجمة الحرّ وكما قصصناه. فعنّ مالك ليزيد هذا ، فقال يزيد : أمالك بن النسر أنت؟ قال : نعم. فقال له : ثكلتك أمّك ، ما ذا جئت به؟ قال : وما جئت به؟ أطعت إمامي ، ووفيت ببيعتي! فقال له أبو الشعثاء : عصيت ربّك وأطعت إمامك في هلاك نفسك ، كسبت العار والنار ، ألم تسمع قول الله تعالى : ( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ ) (١) فهرأ مالك (٢).

__________________

(١) سورة القصص : ٤١.

(٢) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٠٩ بتفاوت في النقل.

١٧١

وروى أبو مخنف : أنّ أبا الشعثاء قاتل فارسا فلمّا عقرت فرسه ؛ جثا على ركبتيه بين يدي الحسين فرمى بمائة سهم ما سقط منها إلاّ خمسة أسهم ، وكان راميا وكان كلّما رمى قال :

أنا ابن بهدله

فرسان العرجلة

فيقول الحسين عليه‌السلام : « اللهمّ سدّد رميته ، واجعل ثوابه الجنّة » ، فلمّا نفدت سهامه قام فقال : ما سقط منها إلاّ خمسة أسهم ، ثمّ حمل على القوم بسيفه وقال :

أنا يزيد وأبي مهاصر

كأنني ليث بغيل خادر

يا رب إنّي للحسين ناصر

ولابن سعد تارك وهاجر (١)

فلم يزل يقاتل حتّى قتل رضوان الله عليه.

وفيه يقول الكميت الأسدي :

ومال أبو الشعثاء أشعث داميا

وأنّ أبا حجل قتيل مجحل

( ضبط الغريب )

ممّا وقع في هذه الترجمة :

( هرأ ) : الرجل بكلامه أكثر الخنا والخطأ به ، فمعنى العبارة : أجابه مالك بجواب غير لائق لخطائه وخناه. وربما صحفت الكلمة بهزا ، فمعناها : أجابه مالك بكلام فيه سخرية.

( بهدلة ) : حي من كندة منهم يزيد هذا. ( العرجلة ) : القطعة من الخيل وجماعة المشاة. ( مهاصر ) : جدّه وهو بالصاد المهملة ، ويمضى في بعض الكتب بالجيم وهو غلط من النسّاخ.

__________________

(١) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٣٠ بتفاوت في النقل.

١٧٢

الحارث بن امرئ القيس الكندي

كان الحارث من الشجعان العبّاد. وله ذكر في المغازي. وكان خرج في عسكر ابن سعد ، فلمّا ردوا على الحسين عليه‌السلام كلامه ، مال معه وقاتل وقتل.

قال صاحب الحدائق : إنّه قتل في الحملة الأولى (١).

زاهر بن عمرو الكندي

كان زاهر بطلا مجرّبا وشجاعا مشهورا ومحبّا لأهل البيت معروفا. قال أهل السير : إنّ عمرو بن الحمق لمّا قام على زياد قام زاهر معه ، وكان صاحبه في القول والفعل ، ولمّا طلب معاوية عمروا طلب معه زاهرا فقتل عمروا وأفلت زاهر ، فحجّ سنة ستّين ، فالتقى مع الحسين عليه‌السلام فصحبه وحضر معه كربلا.

وقال السروي : قتل في الحملة الأولى (٢).

وقال الشيخ الطوسي وغيره : إنّ من أحفاده محمّد بن سنان الزاهري صاحب الرواية عن الرضا والجواد عليهما‌السلام المتوفى سنة مائتين وعشرين (٣).

بشر بن عمرو بن الأحدوث الحضرمي الكندي

كان بشر من حضر موت وعداده في كندة. وكان تابعيّا وله أولاد معروفون بالمغازي. وكان بشر ممّن جاء إلى الحسين عليه‌السلام أيّام المهادنة.

وقال السيّد الداودي : لمّا كان اليوم العاشر من المحرّم ووقع القتال ، قيل لبشر

__________________

(١) الحدائق الورديّة : ١٢٢.

(٢) المناقب : ٤ / ١١٣ ، وراجع البحار : ٤٥ / ٧٢ ، ومستدركات علم رجال الحديث : ٣ / ٤١٦.

(٣) راجع رجال النجاشي : ٣٢٨ ، الرقم ٨٨٨ ، ورجال الشيخ : ١٠١ ، معجم رجال الحديث : ١٦ / ١٥١.

١٧٣

وهو في تلك الحال : إنّ ابنك عمرا قد أسر في ثغرى الري. فقال : عند الله أحتسبه ونفسي ما كنت أحبّ أن يؤسر وأن أبقى بعده. فسمع الحسين عليه‌السلام مقالته ، فقال له : « رحمك الله أنت في حلّ من بيعتي ، فاذهب واعمل في فكاك ابنك ». فقال له : أكلتني السباع حيّا إن أنا فارقتك يا أبا عبد الله ، فقال له : « فأعط ابنك محمّدا ـ وكان معه ـ هذه الأثواب البرود يستعين بها في فكاك أخيه » ، وأعطاه خمسة أثواب قيمتها ألف دينار (١).

وقال السروي : إنّه قتل في الحملة الأولى (٢).

جندب بن حجير الكندي الخولاني (٣)

كان جندب من وجوه الشيعة ، وكان من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام ، خرج إلى الحسين عليه‌السلام فوافقه في الطريق قبل اتّصال الحرّ به ، فجاء معه إلى كربلا.

قال أهل السير : إنّه قاتل فقتل في أوّل القتال.

وقال صاحب الحدائق : إنّه قتل هو وولده حجير بن جندب في أوّل القتال (٤).

ولم يصحّ لي أنّ ولده قتل معه. كما أنّه ليس في القائميّات ذكر لولده ، فلهذا لم أترجمه معه.

__________________

(١) راجع تنقيح المقال : ١ / ١٧٣.

(٢) المناقب : ٤ / ١١٣.

(٣) عدّه الشيخ الطوسي في أصحاب الإمام الحسين عليه‌السلام. راجع رجال الشيخ : ١٠٠ ، الرقم ٩٦٩. وفي كتاب تسمية من قتل ص ١٥٥ : بعنوان حجير بن جندب.

(٤) الحدائق الورديّة : ١٢٢.

١٧٤

المقصد الثامن

في الغفاريين

من أنصار الحسين عليه‌السلام

عبد الله بن عروة بن حرّاق الغفاري

وأخوه

عبد الرحمن بن عروة بن حراق الغفاري (١)

كان عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان من أشراف الكوفة ومن شجعانهم وذوي الموالاة منهم ، وكان جدّهما حرّاق من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام وممن حارب معه في حروبه الثلاث. وجاء عبد الله وعبد الرحمن إلى الحسين عليه‌السلام بالطف.

وقال أبو مخنف : لمّا رأى أصحاب الحسين أنّهم قد كثروا وأنّهم لا يقدرون على أن يمنعوا الحسين ولا أنفسهم ، تنافسوا في أن يقتلوا بين يديه ، فجاءه عبد الله وعبد الرحمن ابنا عروة الغفاريان ، فقالا : يا أبا عبد الله السلام عليك ، حازنا العدوّ إليك فأحببنا أن نقتل بين يديك ، نمنعك وندفع عنك ، فقال : « مرحبا بكما ، ادنوا منّي » ، فدنوا منه ، فجعلا يقاتلان قريبا منه وإنّ أحدهما ليرتجز ويتمّ له الآخر.

__________________

(١) أوردهما الشيخ في رجاله ص ١٠٣ بعنوان عبد الله وعبد الرحمن ابنا عرزة.

١٧٥

فيقولان :

قد علمت حقّا بنو غفار

وخندف بعد بني نزار

لنضربنّ معشر الفجّار

بكلّ عضب صارم بتّار

يا قوم ذودوا عن بني الأطهار (١)

بالمشرفيّ والقنا الخطّار (٢)

فلم يزالا يقاتلان حتّى قتلا.

وقال السروي : إنّ عبد الله قتل في الحملة الأولى وعبد الرحمن قتل مبارزة (٣). وقال غيره : إنّهما قتلا مبارزة ، وهو الظاهر من المراجلة.

جون بن حوي مولى أبي ذر الغفاري (٤)

كان جون منضمّا إلى أهل البيت بعد أبي ذر ، فكان مع الحسن عليه‌السلام ، ثمّ مع الحسين عليه‌السلام وصحبه في سفره من المدينة إلى مكّة ثمّ إلى العراق.

قال السيّد رضي الدين الداودي : فلمّا نشب القتال وقف أمام الحسين عليه‌السلام يستأذنه في القتال ، فقال له الحسين عليه‌السلام : « يا جون أنت في إذن منّي ، فإنّما تبعتنا طلبا للعافية فلا تبتل بطريقتنا » ، فوقع جون على قدمي أبي عبد الله يقبلهما ويقول : يا ابن رسول الله أنا في الرخاء ألحس قصاعكم وفي الشدّة أخذلكم!؟ إنّ ريحي لنتن وإنّ حسبي للئيم وإنّ لوني لأسود ، فتنفس عليّ في الجنّة ليطيب ريحي ويشرف حسبي ويبيّض لوني ، لا والله لا أفارقكم حتّى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم ،

__________________

(١) في المصدر : بني الأحرار.

(٢) تاريخ الطبري : ٣ / ٣٢٨.

(٣) المناقب : ٤ / ١١٣.

(٤) عدّه الشيخ في عداد أصحاب الحسين عليه‌السلام. راجع رجال الشيخ : ٩٩ ، الرقم ٩٦٦. وفي الإرشاد بعنوان : جوين مولى أبي ذر. راجع الإرشاد : ٢ / ٩٣.

١٧٦

فأذن له الحسين عليه‌السلام ، فبرز وهو يقول :

كيف ترى الفجّار ضرب الأسود

بالمشرفيّ والقنا المسدّد

يذبّ عن آل النبي أحمد

ثمّ قاتل حتّى قتل (١).

وقال محمّد بن أبي طالب : فوقف عليه الحسين عليه‌السلام وقال : « اللهمّ بيّض وجهه وطيّب ريحه واحشره مع الأبرار وعرّف بينه وبين محمّد وآل محمّد » (٢).

وروى علماؤنا عن الباقر عليه‌السلام عن أبيه زين العابدين عليه‌السلام أنّ بني أسد الذين حضروا المعركة ليدفنوا القتلى وجدوا جونا بعد أيّام تفوح منه رايحة المسك (٣).

وفي جون أقول :

خليلي ما ذا في ثرى الطف فانظرا

أجونة طيب تبعث المسك أم جون

ومن ذا الذي يدعو الحسين لأجله

أذلك جون أم قرابته عون

لئن كان عبدا قبلها فلقد زكا

النجار وطاب الريح وازدهر اللون

__________________

(١) راجع البحار : ٤٥ / ٢٣ ، واللهوف : ١٦٣.

(٢) تسلية المجالس : ٢ / ٢٩٢ ـ ٢٩٣.

(٣) راجع البحار : ٤٥ / ٢٣ ، ونفس المهموم : ٢٦٤.

١٧٧
١٧٨

المقصد التاسع

في بني كلب

من أنصار الحسين عليه‌السلام

عبد الله بن عمير الكلبي (١)

هو عبد الله بن عمير بن عبّاس بن عبد قيس بن عليم بن جناب الكلبي العليمي ، أبو وهب ، كان عبد الله بن عمير بطلا شجاعا شريفا ، نزل الكوفة واتخذ عند بئر الجعد من همدان دارا ، فنزلها ومعه زوجته أمّ وهب بنت عبد من بني النمر بن قاسط.

قال أبو مخنف : فرأى القوم بالنّخيلة يعرضون ليسرّحوا إلى الحسين عليه‌السلام ، فسأل عنهم ، فقيل له : يسرّحون إلى الحسين بن فاطمة بنت رسول الله ، فقال : والله!! لقد كنت على جهاد أهل الشرك حريصا ، وإنّي لأرجو ألاّ يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيّهم أيسر ثوابا عند الله من ثوابه إيّاي في جهاد المشركين ، فدخل إلى امرأته فأخبرها بما سمع ، وأعلمها بما يريد ، فقالت له : أصبت أصاب الله بك أرشد أمورك ، افعل وأخرجني معك ؛ قال : فخرج بها ليلا حتّى أتى حسينا فأقام معه ،

__________________

(١) عدّه الشيخ الطوسي في أصحاب الحسين عليه‌السلام. راجع رجال الشيخ : ١٠٤ ، الرقم ١٠٢٤.

١٧٩

فلمّا دنا عمر بن سعد ورمى بسهم فارتمى الناس ، خرج يسار مولى زياد وسالم مولى عبيد الله ، فقالا : من يبارز؟ ليخرج إلينا بعضكم ، فوثب حبيب وبرير ، فقال لهما الحسين : اجلسا ، فقام عبد الله بن عمير فقال : أبا عبد الله! رحمك الله ائذن لي لأخرج إليهما ، فرأى الحسين رجلا آدم طوالا شديد الساعدين بعيد ما بين المنكبين ، فقال [ الحسين ] : « إنّي لأحسبه للأقران قتّالا » اخرج إن شئت ، فخرج إليهما ، فقالا له : من أنت؟ فانتسب لهما ، فقالا : لا نعرفك ، ليخرج إلينا زهير أو حبيب أو برير. ويسار مستنتل أمام سالم ، فقال له عبد الله : يا ابن الزانية وبك رغبة عن مبارزة أحد من الناس!؟ أو يخرج إليك أحد من الناس إلاّ وهو خير منك!؟ ثمّ شدّ عليه فضربه بسيفه حتّى برد ، فإنّه لمشتغل يضربه بسيفه إذ شدّ عليه سالم ، فصاح به أصحابه قد رهقك العبد ، فلم يأبه له حتّى غشيه فبدره بضربة فاتقاها عبد الله بيده اليسرى فأطار أصابع كفّه اليسرى ، ثمّ مال عليه فضربه حتّى قتله ، وأقبل إلى الحسين عليه‌السلام يرتجز أمامه وقد قتلهما جميعا فيقول :

إن تنكروني فأنا ابن كلب

حسبي ببيتي في عليم حسبي

إنّي امرؤ ذو مرّة وعصب

ولست بالخوّار عند النكب

إنّي زعيم لك أمّ وهب

بالطعن فيهم مقدما والضرب

قال : فأخذت أمّ وهب امرأته عمودا ، ثمّ أقبلت نحو زوجها تقول : فداك أبي وأمّي قاتل دون الطيبين ذريّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأقبل إليها يردّها نحو النساء فأخذت تجاذب ثوبه ، وتقول : [ إنّي ] لن أدعك دون أن أموت معك ، ( وإنّ يمينه سدكت على السيف ويساره مقطوعة أصابعها فلا يستطيع ردّ امرأته ) (١) فجاء إليها الحسين عليه‌السلام وقال : « جزيتم من أهل بيت خيرا ، ارجعي رحمك الله إلى النساء فاجلسي معهنّ ،

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

١٨٠