الدرّ النظيم في مناقب الأئمّة اللهاميم

الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي

الدرّ النظيم في مناقب الأئمّة اللهاميم

المؤلف:

الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي


المحقق: مؤسّسة النشر الإسلامي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-064-3
الصفحات: ٨٣٢

نادرة الفلك وكان (١) أهل زمانه في بعض فضائله في كتابه الذي سمّاه بالخصائص : أخبرنا أبو الفتح إسماعيل بن الفضل المقري ، قال : أخبرنا أبو طاهر الكاتب ، قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا عبد الله بن محمّد بن زكريا ، حدّثنا إسحاق بن الفيض ، قال : حدّثنا سلمة بن حفص ، قال : حدّثنا عبد الله بن محمّد بن زكريا ، حدّثنا إسحاق بن الفيض ، قال : حدّثنا سلمة بن حفص ، قال : حدّثنا عبد الله بن حكيم بن جبير ، عن أبيه ، عن أبي الطفيل ، عن زيد بن أرقم ، قال : نزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الجمعة غدير خمّ فأمر بدوم وهو شجر عظام ، فنظّف ما تحتهنّ ثمّ جلس تحتهنّ ، فأقبل على الناس بوجهه فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : إنّي لا أجد لنبيّ إلاّ نصف عمر الذي كان قبله ، وإنّي اوشك أن ادعى فاجيب ، فما ذا أنتم قائلون؟ قالوا : بلّغت ونصحت.

فقال : أليس تشهدون أن لا إله إلاّ الله وأنّي عبد الله ورسوله وأنّ الجنّة حقّ وأنّ النار حقّ وأنّ البعث حقّ؟ قالوا : نشهد. قال : فرفع يده فوضعها على صدره ثمّ قال : وأنا أشهد معكم. ثمّ قال : ألا تسمعون؟ قالوا : نعم. قال : فإنّي فرطكم وأنتم واردون عليّ الحوض ، وانّ عرضه أبعد ما بين صنعاء وبصرى ، فيه أقداح عدد الكواكب ، فانظروا كيف تخلّفوني في الثقلين. فنادى مناد وما الثقلان يا رسول الله؟ قال : كتاب الله وهو الثقل الأكبر طرف بيد الله وطرف بأيديكم لا تزلّوا ولا تضلّوا ، والأصغر عترتي. فإنّ اللطيف الخبير أنبأني أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، وسألت ذلك لهما ربّي عزّ وجلّ ، فلا تتقدّموهما فتهلكوا ، ولا تقصّروا عنهما فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فانّهم أعلم منكم ثمّ قال : ألا هل تسمعون؟ قالوا : نعم. قال : تشهدون أنّي أولى بالناس من أنفسهم؟ قالوا : نعم. قال : فأخذ بيد عليّ عليه‌السلام ثمّ رفع يده ثمّ قال : من كنت أولى به من نفسه فعليّ وليّه ، ثمّ أرسل يد عليّ وقال : اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه. قال زيد بن أرقم : والله ما بقي تحت الدوح يومئذ من أحد يسمع ويبصر إلاّ سمع ذلك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ورآه بعينه (٢).

__________________

(١) كذا في الأصل.

(٢) راجع كتاب الغدير للعلامة الأميني ج ١ ص ١٤ ـ ١٥١ فقد ذكر « ٣٦٠ » راويا من رواة هذا الحديث.

٧٨١

قد روى الحافظ أحمد بن مردويه في تفسير آية الطهارة أنّ العترة عليّ وفاطمة والحسن والحسين من مائة وثلاثين طريقا بأسانيدها في كتاب المناقب الذي له. وما أظنّ أنّ في الفرق الأربع من تمسّك بالعترة يوما واحدا ، ولا أخذوا عنهم خبرا واحدا ، ولا أظنّ أنّهم يعرفون أسماءهم ولا مساكنهم.

وفي الخبر دلالة أنّه ما يخلو زمان إلاّ وفيه أحد من العترة ، لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرنهم بالكتاب ، فمهما الكتاب موجود هم موجودون ، فما عذر من تخلّف عن العترة والتمسّك بهم مع كتاب الله عزّ وجلّ غدا في الموقف إذا سئل كيف تلزّمك بالعترة الذين اوصيت بالتلزّم بهم؟ وأيّ شيء أخذت عنهم؟ ولم تركتهم وعدلت عنهم إلى غيرهم ممّن لم توص باتّباعه والتمسّك به؟

ولا ريب أنّهم يردون يوم القيامة كما ذكر عبّاد بن يعقوب المذكور أنّه من رجال المذاهب الأربعة في كتاب المعرفة ، قال ما هذا لفظه : حدّثنا أبو عبد الرحمن المسعودي ، قال : حدّثنا الحارث بن حصيرة ، عن صخر بن الحكم القزواني ، عن حنّان بن الحارث الأزدي ، عن الربيع بن جميل الضبّي ، عن مالك بن ضمرة الرواسي ، عن أبي ذرّ رضي‌الله‌عنه ، قال : لمّا أن سيّر أبو ذر رضي‌الله‌عنه اجتمع هو وعليّ عليه‌السلام والمقداد بن الأسود ، قال : ألستم تشهدون أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال « أمّتي ترد عليّ الحوض على خمس رايات : أوّلها راية العجل ، فأقوم فآخذ بيده ، فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه وجفّت قدماه وخفقت أحشاؤه وفعل ذلك تبعه ، فأقول لهم : ما ذا خلّفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون : كذّبنا الأكبر ومزّقناه واضطهدنا الأصغر وابتززناه حقّه ، فأقول : اسلكوا ذات الشمال ، فينصرفون ظماء مظمئين مسودّة وجوههم لا يطعمون منه قطرة. ثمّ ترد عليّ راية فرعون أمّتي وهم المبهرجون. قلت : يا رسول الله وما المبهرجون؟ بهرجوا الطريق؟ قال : لا ، ولكنهم بهرجوا دينهم ، وهم الذين يغضبون للدنيا ، ولها يرضون ، ولها يسخطون ، ولها ينصبون ، فآخذ بيد صاحبهم ، فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه وفعل ذلك تبعه ، فأقول لهم : ما ذا خلّفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون كذّبنا الأكبر

٧٨٢

ومزّقناه وقاتلنا الأصغر وقتلناه. فأقول : اسلكوا طريق أصحابكم ، فينصرفون ظماء مظمئين مسودّة وجوههم لا يطعمون منه قطرة. ثمّ يرد عليّ راية فلان وهو إمام خمسين ألفا من أمّتي فأقوم فآخذ بيده ، فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه وفعل ذلك تبعه ، فأقول لهم : ما ذا خلّفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون : كذّبنا الأكبر وعصيناه وخذلنا الأصغر وخذلنا عنه. فأقول : اسلكوا سبيل أصحابكم ، فينصرفون ظماء مظمئين مسودّة وجوههم لا يطعمون منه قطرة. ثمّ يرد عليّ المخدج برايته وهو إمام سبعين ألفا من أمّتي ، فإذا أخذت بيده اسودّ وجهه ورجفت قدماه وخفقت أحشاؤه وفعل ذلك تبعه ، فأقول : ما ذا خلّفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون : كذّبنا الأكبر وعصيناه وقاتلنا الأصغر وقتلناه فأقول : اسلكوا سبيل أصحابكم ، فينصرفون ظماء مظمئين مسودّة وجوههم لا يطعمون منه قطرة ثمّ يرد عليّ أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين فأقوم فآخذ بيده ، فيبيضّ وجهه ووجوه أصحابه ، فأقول : ما ذا خلّفتموني في الثقلين بعدي؟ فيقولون : تبعنا الأكبر وصدّقناه ووازرنا الأصغر ونصرناه وقتلنا معه. فأقول لهم : روّوا (١) ، فيشربون شربة لا يظمئون بعدها أبدا وينصرفون رواء مرويين ، وجه إمامهم كالشمس الطالعة ووجوههم كالقمر ليلة البدر وكأضواء نجم في السماء. قال : ألستم تشهدون على ذلك؟ قالوا : بلى. قال : وانا على ذلكم من الشاهدين (٢).

قال الحارث : اشهدوا عليّ عند الله أنّ صخر بن الحكم حدّثني به ، وقال صخر : اشهدوا عليّ بهذا عند الله أنّ حيّان بن الحارث حدّثني به ، وقال حيّان : اشهدوا عليّ بهذا عند الله أنّ الربيع بن جميل حدّثني به ، وقال الربيع : اشهدوا عليّ بهذا عند الله أنّ مالك بن ضمرة حدّثني به ، وقال مالك : اشهدوا عليّ بهذا عند الله أنّ أبا ذر حدّثني به ، وقال أبو ذر رضي‌الله‌عنه : اشهدوا عليّ عند الله أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حدّثني به ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأبي ذر : اشهد أنّ جبرئيل عليه‌السلام حدّثني به عن الله تعالى.

__________________

(١) في الأصل اردوا.

(٢) بحار الأنوار : ج ٨ ص ١٤ ـ ١٥ ب ١٩ ح ١٩ نقلا عن كتاب « كشف اليقين ».

٧٨٣

وفي مسند ابن حنبل : قال الأوزاعي ، عن شدّاد بن عمارة ، قال : دخلت على الأسقع وعنده قوم فذكروا عليّا عليه‌السلام فشتموه ، فشتمته معهم ، فقال : ألا اخبرك بما رأيت من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قلت : بلى. قال : أتيت فاطمة عليها‌السلام أسألها عن عليّ عليه‌السلام فقالت : قد توجّه إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. فجلست أنتظره ، إذ جاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجلس ومعه عليّ والحسن والحسين ، فأخذ كلّ واحد منهما بيده حتى دخل ، فأدنى عليّا وفاطمة فأجلسهما بين يديه ، وأجلس حسنا وحسينا كلّ واحد منهما على فخذيه ثمّ لفّ عليهم ثوبه أو قال : كساء ، ثمّ تلا هذه الآية : ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) ثمّ قال : هؤلاء أهل بيتي ، وأهل بيتي أحقّ (١).

وقال واثلة وقد رأى رجلا من الشام قد أظهر سرورا لمّا جيء برأس الحسين عليه‌السلام : لو رأيتني ذات يوم وقد جئت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو في منزل أمّ سلمة ـ رضي الله عنها ـ إذ جاء الحسن فأجلسه على فخذه اليمنى وقبّله ، وجاء الحسين فأجلسه على فخذه اليسرى وقبّله ، ثمّ جاءت فاطمة فأجلسها بين يديه ، ثمّ دعا بعليّ فجاء ، ثمّ أردف عليهم كساء خيبريّا كأنّي أنظر إليه ثمّ قال : ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) فقيل لواثلة : ما الرجس؟ قال : الشكّ في الله (٢).

فصل

في ذكر الأئمة الاثني عشر وما جاء في ذلك عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

نبدأ في شرح المعاني التي ذكر اختصاصهم بها ، وهي الإمامة الثابتة لكلّ واحد منهم ، وكون عددهم منحصرا في اثنا عشر إماما.

فأمّا ثبوت الإمامة لكلّ واحد منهم فإنّه حصل ذلك لكلّ واحد من الذي قبله ،

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل : ج ٤ ص ١٠٧.

(٢) مسند أحمد بن حنبل : ج ٤ ص ١٠٧.

٧٨٤

فحصلت للحسن التقي من أبيه عليّ بن أبي طالب عليهما‌السلام ، وحصلت بعده لأخيه الحسين الزكي منه ، وحصلت بعد الحسين لابنه عليّ زين العابدين منه ، وحصلت بعد زين العابدين لولده محمّد الباقر منه ، وحصلت بعد الباقر لولده جعفر الصادق منه ، وحصلت بعد الصادق لولده موسى الكاظم منه ، وحصلت بعد الكاظم لولده عليّ الرضا منه ، وحصلت بعد الرضا لولده محمّد القانع منه ، وحصلت بعد القانع لولده عليّ المتوكّل منه ، وحصلت بعد المتوكّل لولده الحسن الخالص منه ، وحصلت بعد الخالص لولده الحجّة المهدي منه.

وأمّا ثبوتها لأمير المؤمنين عليه‌السلام فمستقصى في كتب الأصول على أكمل الوجوه ، وقد ذكرنا طرفا من ذلك في الجزء الأول من هذا الكتاب ، فلا حاجة إلى بسط القول فيه في هذا الباب.

وأمّا كون عدد الأئمة اثنا عشر فقد قال العلماء فيهم ، فمنهم من طوّل فأفرط إفراط المليم ، ومنهم من قلّل فقصّر ففرّط فزلّ عن السنن القويم ، وقد ذكر بعضهم في ذلك طريقة متوسّطة نحن ذاكرون بعضها ونذكر بعد ذلك ما ورد من الأخبار والأحاديث في هذا الباب ، فقال : إنّ الإيمان والإسلام مبني على أصلين : أحدهما : لا إله إلاّ الله ، والثاني : محمّد رسول الله ، وكلّ واحد من هذين الأصلين مركّب من اثني عشر حرفا ، والإمامة فرع الإيمان المتأصّل والإسلام المقرّر ، فيكون عدّة القائمين بها اثنا عشر كعدد كلّ واحد من الأصلين المذكورين.

الثاني : أنّ الله تعالى أنزل في كتابه العزيز ( وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً ) (١) فجعل عدّة القائمين بهذه الفضيلة والتقدمة والنقبيّة التي هي النقابة مجتمعة بهذا العدد ، فيكون عدّة القائمين بفضيلة الإمامة والتقدمة بها مختصّة به ، ولهذا لمّا بايع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأنصار ليلة العقبة قال لهم : اخرجوا لي منكم اثنا عشر نقيبا كنقباء بني إسرائيل ، ففعلوا فصار ذلك طريقا متّبعا وعددا مطلوبا.

__________________

(١) المائدة : ١٢.

٧٨٥

الثالث : قال الله تعالى ( وَمِنْ قَوْمِ مُوسى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ * وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً ) (١) فجعل الأسباط الهداة الى الحقّ في بني إسرائيل اثنا عشر ، فيكون الأئمّة الهداة في الإسلام اثنا عشر.

الرابع : أنّ مصالح العالم في تصرّفاتهم لمّا كانت في حصولها مفتقرة الى الزمان لاستحالة انتظام مصالح الأعمال وإدخالها في الوجود الدنياوي بغير الزمان ، وكان الزمان عبارة عن الليل والنهار ، وكلّ واحد منهما حال الاعتدال مركّب من اثنى عشر جزء تسمّى ساعات ، فكانت مصالح العالم مفتقرة على ما هو بهذا العدد ، وكانت مصالح الأنام مفتقرة الى الأئمّة وإرشادها ، فجعل عددهم كعدد أجزاء كلّ واحد من جزء الزمان للافتقار إليه كما تقدّم.

الخامس : أنّ نور الإمامة يهدي القلوب والعقول الى سلوك طريق الحقّ ويوضّح لها المقاصد في سلوك سبيل النجاة كما تهدي نور الشمس والقمر أبصار الخلائق الى السلوك الطرق ويوضّح لهم المنائح السهلة ليسلكوها والمسالك الوعرة ليتركوها ، فهما نوران هاديان أحدهما يهدي البصائر وهو نور الإمامة ، والآخر يهدي الأبصار وهو نور الشمس والقمر ، ولكلّ واحد من هذين النورين محالّ تتناقلها ، فمحلّ ذلك النور الهادي الأبصار البروج الاثنا عشر التي أوّلها الحمل وآخرها المنتهى إليه الحوت ، فينتقل من واحد الى آخر ، فيكون محالّ النور الثاني الهادي للبصائر وهو نور الإمامة منحصرا في اثني عشر أيضا.

تنبيه : قد ورد في الحديث النبوي « إنّ الأرض بما عليها محمولة على الحوت » وفي هذا إشارة لطيفة وحكمة شريفة وهو أنّ محالّ ذلك النور لمّا كان آخرها الحوت ، والحوت حامل لأثقال هذا الوجود ومقرّ العالم في الدنيا ، فآخر محال هذا النور وهو نور الإمامة أيضا حامل أثقال مصالح أديانهم وهو المهدي عليه‌السلام.

السادس : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « الأئمّة من قريش » (٢) فلا يجوز أن تكون

__________________

(١) الأعراف : ١٥٩ و ١٦٠.

(٢) مسند أحمد بن حنبل : ج ٤ ص ٤٢١ ، ج ٣ ص ١٢٩ ، ج ٣ ص ١٨٣.

٧٨٦

الإمامة في غير قريش وإن كان عربيّا. والذي عليه محقّقو علماء النسب أنّ كلّ من ولده النضر بن كنانة فهو قرشي ، فمردّ كلّ قرشي الى النضر بن كنانة ، والنضر هو دوحة يتفرّع صفة الشرف عليها وتنبعث منها وترجع إليها ، وهذه القبيلة الشريفة كمل شرفها وعظم قدرها واشتهر ذكرها واستحقّت التقدّم على بقيّة القبائل وسائر البطون من العرب وغيرها برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فنسب قريش انحدر من النضر بن كنانة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فرسول الله في الشرف بمنزلة مركز الدائرة بالنسبة الى محيطها ، فمنه يرقى الشرف ، فإذا فرضت الشرف خطّا متصاعدا متراقيا متّصلا الى المحيط مركّبا من نقط هي آباؤه أبا فأبا وجدته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محمّد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر ، فالمركز الذي انبعث منه الشرف متصاعدا هو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ووجدت المحيط الذي ينتهي الصفة الشريفة القرشيّة إليه هو النضر بن كنانة ، فالخطّ المتصاعد الذي بين المركز وبين المنتهى المحيط أجزاؤه اثنا عشر جزء ، فإذا كانت درجات الشرف المعدودة متصاعدا اثنا عشر لاستحالة أن يكون الخطّان الخارجان من المركز الى المحيط متفاوتين ، في النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) منبع الشرف الذي الإمامة منه بنفسه متصاعدا وهو منبع الشرف الذي هو محلّ الإمامة متنازلا فيلزم أن يكون الأئمّة اثنا عشر ، وكما أنّ الخطّ المتصاعد اثنا عشر فالخطّ المتنازل اثنا عشر ، وهم : عليّ ، الحسن ، الحسين ، عليّ ، محمّد ، جعفر ، موسى ، عليّ ، محمّد ، عليّ ، الحسن ، محمّد ، فأوّل من ثبت له الصفة بأنّه قرشي مالك بن النضر ولا يتعدّاه صاعدا وهو الثاني عشر ، فكذلك منتهى من ثبتت له الإمامة ولا يتعدّاه نازلا واستقرّت فيه محمّد بن الحسن المهدي وهو الثاني عشر صلّى الله عليهم أجمعين.

ونذكر ما جاء في ذلك من الأخبار والأحاديث إن شاء الله تعالى ، للشيعة في ذلك طريقان معروفان : أحدهما من رواية العامّة ، والاخرى من رواية الخاصّة.

__________________

(١) كذا ، والظاهر : فالنبيّ.

٧٨٧

فأمّا طريق العامّة فمن ذلك ما رووه عن مسروق أنّه قال : كنّا عند ابن مسعود في المسجد بين المغرب والعشاء الآخرة فقرأنا القرآن وقلنا له : يا با عبد الرحمن هل سألتم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كم الخلفاء بعده؟ فقال : بلى قد سألناه فقال : إنّهم اثنا عشر عدد نقباء بني إسرائيل (١).

ومثله ما رووه عن جابر بن سمرة أنّه قال : كنت مع والدي عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يملك هذا الأمر بعدي اثنا عشر كلّ منهم هاد مهدي (٢).

وقال أبو الحسن عليّ بن إبراهيم بن حمّاد الأزدي ، قال : حدّثني أبي ، حدّثني محمّد بن مروان ، حدّثني عبد الله بن أبي اميّة مولى بن مجاشع ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لن يزال الدين إلى اثني عشر رجلا من قريش ، فإذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها (٣).

وقال أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني ، قال : حدّثنا عبد الله بن أحمد بن مسترد ، حدّثنا محول ، قال : أخبرنا محمّد بن بكر ، عن زياد بن المنذر ، قال : حدّثنا عبد العزيز بن حصين ، قال : سمعت عبد الله بن أبي أوفى يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يكون بعدي اثنا عشر خليفة من قريش ثمّ تكون فتنة دوّارة. قال : قلت : أنت سمعته من رسول الله؟ قال : وإنّ على عبد الله بن أبي أوفى يومئذ برنس خزّ (٤).

وقال أبو المفضّل محمّد بن عبد الله بن المطّلب الشيباني ، حدّثنا أحمد بن مطرف بن سواد أبو الحسين القاضي البستي بمكّة ، قال : أخبرني أبو حاتم المهلبي المغيرة بن محمّد بن مهلب ، حدّثنا عبد الغفار بن كثير الكوفي ، عن هيثم بن حميد ، عن أبي هاشم ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس ، قال : قدم يهودي على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل : ج ١ ص ٣٩٨.

(٢) مسند أحمد بن حنبل : ج ٥ ص ٩٣.

(٣) كنز العمال : ج ١٢ ص ٣٤ ح ٣٣٨٦١.

(٤) لم نعثر عليه بلفظه. والأحاديث بهذا المعنى كثيرة راجع بحار الأنوار : ج ٣٦ ص ٢٢٦ ـ ٣٧٣ باب ٤١ من تاريخ أمير المؤمنين عليه‌السلام.

٧٨٨

يقال له نعثل فقال : يا محمّد إنّي سائلك عن أشياء تلجلج في صدري منذ حين فإن أنت أجبتني عنها أسلمت على يديك. قال : سل يا أبا عمارة. قال : يا محمّد صف لي ربّك؟ فقال عليه‌السلام : إنّ الخالق لا يوصف إلاّ بما وصف به نفسه ، وكيف يوصف الخالق الذي تعجز الحواس أن تدركه ، والأوهام أن تناله ، والخطرات أن تحدّه ، والأبصار أن تحيط به ، جلّ عمّا يصفه الواصفون ، ناء في قربه ، وقرب في نائه ، كيّف الكيف فلا يقال كيف ، وأيّن الأين فلا يقال أين ، هو منقطع الكيفيّة فيه ، والأينونيّة ، فهو الأحمد الصمد كما وصف نفسه ، والواصفون لا يبلغون نعته ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. قال : صدقت يا محمّد ، فأخبرني عن قولك أنّه واحد لا شبيه له ، أليس الله واحدا والإنسان واحدا ، ووحدانيته قد استوت ووحدانية الإنسان؟ فقال عليه‌السلام : الله واحد واحدي المعنى والإنسان واحد ثنوي المعنى ، جسم وعرض وبدن وروح ، وإنّما التشبيه في المعاني لا غير. قال : صدقت يا محمّد ، فأخبرني عن وصيّك من هو ، فما من نبيّ إلاّ وله وصيّ ، وأنّ نبيّنا موسى بن عمران عليه‌السلام أوصى إلى يوشع بن نون؟ فقال : نعم إنّ وصيّي والخليفة بعدي عليّ بن أبي طالب ، وبعده سبطاي الحسن والحسين ، يتلوه تسعة من صلب الحسين ، أئمّة أبرار. فقال : يا محمّد فسمّهم لي؟ قال : نعم ، إذا مضى الحسين فابنه عليّ ، فإذا مضى عليّ فابنه محمّد ، فإذا مضى محمّد فابنه جعفر ، فإذا مضى جعفر فابنه موسى ، وبعد موسى عليّ ابنه ، وبعد عليّ محمّد ابنه ، وبعد محمّد عليّ ابنه ، وبعد عليّ الحسن ابنه ، وبعد الحسن الحجّة بن الحسن بن عليّ ، فهؤلاء اثنا عشر أئمّة عدد نقباء بني إسرائيل. قال : فأين مكانهم في الجنّة؟ قال : معي في درجتي. قال : أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّك رسول الله ، وأشهد أنّهم الأوصياء بعدك ، ولقد وجدت هذا في الكتب المتقدّمة ، وفيما عهد إلينا موسى بن عمران عليه‌السلام أنّه إذا كان آخر الزمان يخرج نبيّ يقال له أحمد ، خاتم الأنبياء ، لا نبيّ بعده ، يخرج من صلبه أئمّة أبرار عدد الأسباط. قال : فقال النبيّ عليه‌السلام : يا أبا عمارة أتعرف الأسباط؟ قال : نعم يا رسول الله ، إنّهم كانوا اثنا عشر قال : فمنهم لاي بن أرحبا قال : أعرفه يا رسول الله ،

٧٨٩

وهو الذي غاب عن بني إسرائيل سنين ثمّ عاد فأظهر شريعة بعد دراستها ، وقاتل مع قرسطيا الملك حتى قتله. فقال عليه‌السلام : كائن في أمّتي ما كان في بني إسرائيل حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة ، فإنّ الثاني عشر من ولدي يغيب حتى لا يرى ويأتي على أمّتي زمن لا يبقى من الإسلام إلاّ رسمه ومن القرآن إلاّ وسمه ، فحينئذ يأذن الله له بالخروج فيظهر الإسلام ويجدّد الدين. ثمّ قال عليه‌السلام : طوبى لمن أحبّهم ، وطوبى لمن تمسّك بهم ، والويل لمبغضيهم. فانتفض نعثل وقام بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنشأ يقول :

صلّى العليّ ذو العلا

عليك يا خير البشر

أنت النبيّ المصطفى

والهاشميّ المفتخر

بك قد هدانا ربّنا

وفيك نرجو ما أمر

ومعشر سمّيتهم

أئمّة اثنا عشر

حباهم ربّ العلى

ثمّ صفّاهم من كدر

قد فاز من والاهم

وخاب من عادى الزمر

آخرهم يشفي الظمأ

وهو الإمام المنتظر

عترتك الأخيار لي

والتابعون ما أمر

من كان عنهم معرضا

فسوف يصلاه سقر (١)

وقال أبو عليّ الحسن بن أحمد بن سعيد المالكي الحزني ، قال : حدّثنا أحمد بن عبد الجبّار الصوفي ، قال : حدّثنا يحيى بن معين ، حدّثنا عبد الله بن صالح ، حدّثنا ليث بن سعيد ، عن خالد بن يزيد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن ربيعة ابن سيف ، قال : كنّا عند سيف الأشقى ، قال سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي يقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : يكون خلفي اثنا عشر خليفة (٢).

وقال بعض الرواة : هم مسمّون كتبنا عن أسمائهم. وهذه العدّة لم توجد في

__________________

(١) كفاية الأثر : ص ١١ ـ ١٦.

(٢) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٢٨٩ ـ ٢٩٣ بأسانيد اخرى.

٧٩٠

الذين كانوا بعد النبيّ عليه‌السلام ، ولا في بني اميّة ، ولا في بني العبّاس ، ولم تدع فرقة من فرق المسلمين هذه العدّة في أئمّتها غير الإمامية ، فدلّ ذلك على أنّ أئمتهم هم المعنون في هذه الأحاديث.

وأمّا روايات الخاصّة وهم الإماميّة فالمجمع عليه خبر اللوح ، وهو ما روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي‌الله‌عنه مع عليّ بن الحسين عليهما‌السلام أنّه رأى في يد فاطمة الزهراء عليها‌السلام لوحا أخضر من زمردة خضراء فيه كتابة بيضاء ، فقال جابر :

قلت لها عليها‌السلام : ما هذا اللوح يا بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟

قالت : لوح أهداه الله عزّ وجلّ الى أبي ، وأهداه أبي إليّ ، فيه اسم أبي واسم بعلي والأئمّة من ولدي.

قال جابر : فنظرت في اللوح فرأيت فيهم ثلاثة عشر اسما كان فيه محمّد في أربعة مواضع (١).

ومثله خبر سلمان رضي‌الله‌عنه ، قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والحسين بن عليّ عليهما‌السلام على فخذه فقال لي : يا سلمان إنّ ابني هذا سيّد ابن سيّد أبو سادة ، حجّة ابن حجّة أبو حجج ، إمام وابن إمام أبو أئمّة تسعة من ولده ، تاسعهم قائمهم (٢).

وقال يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك ، قال : صلّى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الفجر ، فلمّا انفتل من الصلاة أقبل علينا بوجهه الكريم فقال : معاشر الناس من افتقد الشمس فليتمسّك بالقمر ، ومن افتقد القمر فليتمسّك بالزهرة ، ومن افتقد الزهرة فليتمسّك بالفرقدين. فسئل عن ذلك فقال : أنا الشمس ، وعليّ القمر ، وفاطمة الزهرة ، والحسن والحسين الفرقدان. ذكره النطنزي في الخصائص (٣).

وفي روايتنا : روى القاسم عن سلمان رضي‌الله‌عنه : فإذا افتقدتم الفرقدين فتمسّكوا بالنجوم الزاهرة. ثمّ قال : وأمّا النجوم الزاهرة فهم الأئمّة التسعة من صلب

__________________

(١) كمال الدين : ج ١ ص ٢٦٩ ب ٢٤ ح ١٣.

(٢) الاختصاص : ص ٢٠٧ ـ ٢٠٨.

(٣) معاني الأخبار : ص ١١٤ ح ١ ، المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٢٨١.

٧٩١

الحسين ، والتاسع مهديّهم (١).

وقال جابر الجعفي في تفسيره ، عن جابر الأنصاري : سألت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن قوله : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ... الآية ) (٢) قد عرفنا الله ورسوله فمن اولو الأمر؟

قال : هم خلفائي يا جابر ، وأئمّة المسلمين بعدي ، أوّلهم عليّ بن أبي طالب ، ثمّ الحسن ، ثمّ الحسين ، ثمّ عليّ بن الحسين ، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر ، وستدركه يا جابر ، فإذا لقيته فاقرأه عنّي السلام ، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد ، ثم موسى بن جعفر ، ثمّ عليّ بن موسى ، ثمّ محمّد بن عليّ ، ثمّ عليّ بن محمّد ، ثمّ الحسن بن عليّ ، ثمّ سميّي وكنيّي ، حجّة الله في أرضه وبقيّته في عباده ابن الحسن ابن عليّ الذي يفتح الله على يده مشارق الأرض ومغاربها ، ذلك الذي يغيب عن شيعته غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان (٣).

كتاب كشف الخيرة (٤) : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : انشدكم الله أتعلمون أنّ الله تعالى أنزل في سورة الحجّ : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ ... ) السورة (٥) فقام سلمان فقال : يا رسول الله من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد وهم الشهداء على الناس ، الذين احتباهم الله ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملّة أبيهم إبراهيم؟ قال : عنى بذلك ثلاثة عشر رجلا خاصّة دون هذه الامّة. قال سلمان : بيّنهم لنا يا رسول الله. فقال : أنا وأخي عليّ وأحد عشر من ولده قالوا : اللهمّ نعم (٦).

وروى الشيخ المفيد رضي‌الله‌عنه حديث الخضر عليه‌السلام ومجيئه الى أمير المؤمنين عليه‌السلام وسؤاله عن مسائل وأمره لولده الحسن عليه‌السلام بالإجابة عنها ، فلمّا أجاب أعلن

__________________

(١) كفاية الأثر : ص ١٩ ، المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٢٨١.

(٢) النساء : ٥٩.

(٣) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٢٨٢.

(٤) كذا : والظاهر : الحيرة.

(٥) الحج : ٧٧.

(٦) ليس لدينا هذا الكتاب ، ولم يذكره صاحب الذريعة.

٧٩٢

الخضر عليه‌السلام بحضرة الجماعة فقال : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، ولم أزل أشهد بها ، وحده لا شريك له ، وأشهد أنّ محمّدا رسول الله ، ولم أزل أشهد بها ، وأشهد أنّك وصيّ رسول الله والقائم بحجّته بعده ـ وأشار بيده الى أمير المؤمنين عليه‌السلام ـ ولم أزل أشهد بها ، وأشهد أنّك وصيّه والقائم بحجّته ، وأشار بيده الى الحسن عليه‌السلام ، وأشهد أنّ الحسين بن عليّ وصيّ أخيه والقائم بحجّته بعده ، وأشهد أنّ عليّ بن الحسين هو القائم بأمر الحسين ، وأشهد على محمّد بن عليّ أنّه الإمام القائم بأمر عليّ بن الحسين ، وأشهد على جعفر بن محمّد أنّه القائم بأمر محمّد بن عليّ ، وأشهد على موسى بن جعفر أنّه القائم بأمر جعفر بن محمّد ، وأشهد على عليّ ابن موسى إيه القائم بأمر موسى بن جعفر ، وأشهد على محمّد ، بن عليّ أنّه القائم بأمر عليّ بن موسى ، وأشهد على عليّ بن محمّد أنّه القائم بأمر محمّد بن عليّ ، وأشهد على الحسن بن عليّ أنّه القائم بأمر عليّ بن محمّد ، وأشهد أنّ رجلا من ولد الحسين ، لا يكنّى ولا يسمّى حتى يظهر الله أمره فيملأها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته (١).

وروى الكلبيّ ، عن الشرقيّ بن القطامي ، عن تميم بن وعلة المرّي ، عن الجارود بن المنذر العبدي وكان نصرانيّا فأسلم عام الحديبية ، وأنشد في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

أنبأنا الأوّلون باسمك فينا

وبأسماء أوصياء كرام (٢)

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أفيكم من يعرف قسّ بن ساعدة الأيادي. فقال الجارود :

كلّنا يا رسول الله نعرفه غير أنّي من بينهم عارف بخبره واقف على أثره. فقال سلمان : أخبرنا. فقال : يا رسول الله لقد شهدت قسّا وقد خرج من ناد من أندية

__________________

(١) كمال الدين : ج ١ ص ٣١٣ ب ٢٩ ح ١.

(٢) في المصدر :

أنبأ الأوّلون باسمك فينا

و بأسماء بعده تتلألأ.

٧٩٣

أياد ، إلى ضحضح (١) ذي قتاد (٢) وسمر (٣) وعناد ، وهو مشتمل ببجاد ، فوقف في أضحيان (٤) ليل كالشمس رافعا في السماء وجهه وإصبعه ، فدنوت منه فسمعته يقول :

اللهمّ ربّ السماوات الأرفعة ، والأرضين الممرعة (٥) بحقّ محمّد والثلاثة المحاميد معه ، والعليّين الأربعة ، وفاطم والحسنين الأبرعة ، وجعفر وموسى التبعة ، وسميّ الكليم الضرعة ، اولئك النقباء الشفعة ، والطريق المهيعة ، ودرسة الأناجيل ، ونفاة الأباطيل ، والصادقو القيل ، عدد النقباء من بني إسرائيل ، فهم أوّل البداية ، وعليهم تقوم الساعة وبهم تنال الشفاعة ، ولهم من الله فرض الطاعة اسقنا غيثا مغيثا. ثمّ قال : ليتني أدركهم ولو بعد لاي من عمري ومحياي. ثمّ أنشأ يقول :

أقسم قسّ قسما ليس به مكتتما

لو عاش ألفي سنة لم يلق منها سأما

حتى يلاقي أحمدا والنجباء الحكما

هم أوصياء أحمد أفضل من تحت السما

يعمى الأنام عنهم وهم ضياء للعمى

لست بناس ذكرهم حتى احلّ الرجما (٦)

قال الجارود : فقلت يا رسول الله : أنبئني أنبأك الله بخبر هذه الأسماء التي لم نشهدها وأشهدنا قسّ ذكرها. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا جارود ليلة اسري بي إلى السماء أوحى الله عزّ وجلّ إليّ أن سل من أرسلنا قبلك من رسلنا على ما بعثوا قلت : على ما بعثوا؟ قال : بعثتهم على نبوّتك وولاية عليّ بن أبي طالب والأئمّة منكما ، ثمّ عرّفني الله تعالى بهم وبأسمائهم ، ثمّ ذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للجارود

__________________

(١) في المصدر : صحصح ، وهو ما استوى من الأرض وكان أجرد. والضحضاح في الأصل : ما رقّ من الماء على وجه الأرض.

(٢) القتاد : شجرة صلب له شوك كالابر.

(٣) السمر : شجر من العضاة ، وليس في العضاة أجود خشبا منه. والعضاة : كل شجر يعظم وله شوك.

(٤) ليلة أضحيانة وأضحية : مضيئة.

(٥) أمرع المكان : أخصب.

(٦) الرجم : القبر.

٧٩٤

أسماءهم واحدا واحدا إلى المهدي عليه‌السلام. ثمّ قال : قال لي الربّ : هؤلاء أوليائي ، وهذا المنتقم من أعدائي ـ يعني المهدي ـ (١).

وقد ذكر صاحب الروضة (٢) أنّ هذا الاستسقاء كان قبل النبوّة بعشر سنين ، وشهادة سلمان بمثل ذلك مشهورة.

وقال عبد الله بن محمّد البغوي ، عن عليّ بن الجعد ، عن أحمد بن وهب بن منصور ، عن أبي قبيصة شريح بن محمّد العنبري ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، قال : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عليّ أنا نذير أمّتي ، وأنت هاديها ، والحسن قائدها ، والحسين سائقها ، وعليّ بن الحسين جامعها ، ومحمّد بن عليّ عارفها ، وجعفر بن محمّد كاتبها ، وموسى بن جعفر محصيها ، وعليّ بن موسى مضرّها ومنجيها وطارد مبغضها ومدني مؤمنها ، ومحمّد بن عليّ قائدها وساقيها ، وعليّ بن محمّد سايرها وعالمها ، والحسن بن عليّ ناديها ومعطيها ، والقائم الخلف ساقيها وناشرها وشاهدها ، إنّ في ذلك لآيات للمتوسّمين (٣).

وقد روى ذلك جماعة عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، عن النبي عليه‌السلام.

وقال الأعمش ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث وسعيد بن قيس ، كلاهما عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : أنا واردكم على الحوض ، وأنت يا عليّ الساقي ، والحسن الوالي الرائد ، والحسين الآمر ، وعليّ بن الحسين الفارط ، ومحمّد بن عليّ الناشر ، وجعفر بن محمّد السائق ، وموسى بن جعفر محصي المحبّين والمبغضين وقامع المنافقين ، وعليّ بن موسى مزيّن المؤمنين ، ومحمّد بن عليّ منزل أهل الجنّة في درجاتهم ، وعليّ بن محمّد خطيب شيعتهم ومزوّجهم الحور العين ، والحسن بن عليّ سراج أهل الجنّة ويستضيئون به ، والهادي المهدي شفيعهم يوم القيامة حيث لا يأذن الله إلاّ لمن يشاء ويرضى (٤).

__________________

(١) كنز الفوائد للكراجكي : ج ١ ص ١٣٨ ـ ١٣٩.

(٢) لم نتحقّق أيّ « روضة » أراد بها.

(٣) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٢٩٢.

(٤) المناقب لابن شهرآشوب : ج ص ٢٩٢.

٧٩٥

وروى محمّد بن زكريا الغلابي (١) عن سليمان بن إسحاق بن سليمان بن عليّ بن عبد الله بن عبّاس ، قال : حدّثني أبي ، قال : كنت عند الرشيد فذكر المهدي وعدله ، فقال الرشيد : إنّي أحسبكم تحسبونه أبي ، إنّ أبي المهدي حدّثني عن أبيه ، عن جدّه ، عن ابن عباس ، عن أبيه العبّاس بن عبد المطلب أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له : يا عمّ يملك من ولدي اثنا عشر خليفة ، ثمّ تكون امور كريهة وشدّة عظيمة ، ثمّ يخرج المهدي من ولدي ، يصلح الله أمره في ليلة ، فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ، ويمكث في الأرض ما شاء الله ، ثمّ يخرج الدجال (٢).

وروى محمّد بن أحمد بن عبد الله الهاشمي ، عن أبي موسى عيسى بن أحمد بن [ عيسى ، عن ] المنصور ، قال : حدّثني أبو الحسن عليّ محمّد العسكري ، عن آبائه عليهم‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سرّه أن يلقى الله عزّ وجلّ آمنا مطهّرا لا يحزنه الفزع الأكبر فليتولّك وليتولّ بنيك الحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعليّ بن موسى ومحمّد بن على وعليّ بن محمّد والحسن بن عليّ ثمّ المهدي وهو خاتمهم (٣).

وقال سعيد بن المسيّب ، عن عبد الرحمن بن سمرة ، قال : كنّا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : من فسّر القرآن برأيه فقد افترى على الله الكذب ، ومن أفتى الناس بغير علم لعنته ملائكة السماء والأرض ، وكلّ بدعة ضلالة ، وكلّ ضلالة سبيلها إلى النار. قال ابن سمرة : فقلت : يا رسول الله ارشدني إلى النجاة. قال : يا ابن سمرة إذا اختلفت الأهواء وتفرّقت الآراء فعليك بعليّ بن أبي طالب إمام أمّتي وخليفتي عليها من بعدي ، وهو الفاروق الأعظم الذي يفرّق بين الحقّ والباطل ، من سأله أجابه ، ومن استرشده أرشده ، ومن طلب الحقّ عنده وجده ، ومن التمس الهدى لديه صادقه ، ومن لجأ إليه آمنه ، ومن استمسك به نجّاه ، ومن اهتدى به هداه ، سلم

__________________

(١) في المصدر : محمّد بن زكريا العلاني.

(٢) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٢٩٢ ـ ٢٩٣.

(٣) المناقب لابن شهرآشوب : ج ١ ص ٢٩٣.

٧٩٦

من سلّم له ووالاه ، وهلك من ردّ عليه وعاداه. يا ابن سمرة إنّ عليّا منّي ، روحه من روحي ، وطينته من طينتي ، وهو أخي وأنا أخوه ، وهو زوح ابنتي فاطمة سيّدة نساء العالمين ، وانّ منه إمامي أمّتي وسيّدي شباب أهل الجنّة الحسن والحسين ، وتسعة من ولد الحسين تاسعهم قائمهم يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (١).

فصل

في ذكر بني عبد المطّلب

وقد تقدّم ذكر شيء من ذلك في المجلد الأوّل في نسب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

قال أبو سعيد الخركوشي في اللوامع وفي شرف المصطفى ، قال ابن عبّاس ، قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا بني عبد المطّلب إنّي سألت الله أن يثبّت مائلكم وأن يهدي ضالّكم وأن يعلّم جاهلكم ، وسألت الله أن يجعلكم رحماء نجداء جوداء نجباء ، فلو أنّ امرأ صفّ قدميه بين الركن والمقام فصلّى وصام ثمّ لقي الله عزّ وجلّ وهو لأهل بيت محمّد مبغض دخل النار (٢).

وفي اللوامع أيضا : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أتروني يا بني عبد المطّلب إذا أخذت حلقة باب الجنّة مؤثرا عليكم أحدا (٣)؟

وقال عليه‌السلام : من أولى رجلا من بني عبد المطّلب معروفا في الدنيا لم يقدر أن يكافئه كافأته عنه يوم القيامة (٤).

وفي كتاب مدينة العلم : قال الصادق عليه‌السلام : يحشر عبد المطّلب يوم القيامة أمّة واحدة عليه سيماء الأنبياء وهيبة الملوك (٥).

__________________

(١) الأمالي للصدوق : ص ٣١ المجلس السابع ح ٣.

(٢) الأمالي للطوسي : ج ١ ص ٢١ المجلس الأول ح ٢٦.

(٣) تفسير العياشي : ج ٢ ص ٩٣ ح ٧٥.

(٤) كنز العمال : ج ١٢ ص ٤٢ ح ٣٣٩١٣.

(٥) الكافي : ج ١ ص ٤٤٦ ـ ٤٤٧ ح ٢٢.

٧٩٧

وقال عليه‌السلام : إنّ عبد المطّلب حجّة ، وأبو طالب وصيّه.

وقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عليّ إنّ عبد المطّلب سنّ خمسا من السنن في الجاهلية أجراها الله له في الإسلام : حرّم نساء الآباء على الأبناء ، ووجد مالا ما أخرج منه الخمس فتصدّق به ، وهو أوّل من تحنّث ، والتحنّث : التألّه ، وكان يدخل فيه إذا أهلّ شهر رمضان في جبل حراء ، وجعل الدية في القتل مائة من الإبل ، ولم يكن للطواف عدد عند قريش فسنّ لهم عبد المطّلب سبعة أشواط (١).

وقال عليه‌السلام : يا عليّ إنّ عبد المطّلب كان لا يستقسم بالأزلام ، ولا يعبد الأصنام ، ولا يأكل ممّا ذبح على النصب ، وكان يقول : أنا على دين أبي إبراهيم عليه‌السلام (٢).

وقال أنس بن مالك : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نحن بنو عبد المطّلب سادة أهل الجنّة : رسول الله وحمزة سيّد الشهداء وذو الجناحين وعليّ وفاطمة والحسن والحسين والمهدي (٣).

وقال قتادة ، عن أنس بن مالك ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نحن بنو عبد المطّلب سادات أهل الجنّة (٤).

وفي رواية : نحن ولد عبد المطّلب سادة أهل الجنّة ، أنا وأخي عليّ وعمّي حمزة وجعفر والحسن والحسين والمهدي (٥).

فصل

في ذكر بني هاشم

قال عليّ بن الحسين بن محمّد الكاتب : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مروان ، قال : حدّثنا أبي ، حدّثنا إبراهيم بن هراسة ، عن حمزة ، عن الجزري ، عن زيد

__________________

(١) الخصال : ص ٣١٢ باب الخمسة ح ٩٠.

(٢) مكارم الأخلاق : ص ٤٤٠.

(٣) بحار الأنوار : ج ٥١ ص ٦٥ ب ١ ح ١ نقلا عن غيبة النعماني ولا يوجد في النسخة المطبوعة.

(٤ ـ ٥) كشف الغمة : ج ٢ ص ٤٣٨.

٧٩٨

ابن رفيع ، عن أبي عبيدة ، عن عبد الله بن عبّاس ، قال : بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس إذ مرّ فتية من بني هاشم كأنّ وجوههم المصابيح فبكى ، فقلنا : يا رسول الله ما يبكيك؟ قال : إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ، وأنّ أهل بيتي سيلقون من بعدي قتلا وتطريدا وتشريدا في البلاد ، حتّى يفتح الله لهم راية تخرج من قبل المشرق ، فيها رجل منّي ، اسمه كاسمي ، وخلقه كخلقي ، يؤوب الناس إليه كما تؤوب الطير الى أوكارها وكما تؤوب النحل الى يعسوبها ، يملأها عدلا كما ملئت جورا.

وقال أبو أحمد محمّد بن أحمد بن إبراهيم ، قال : حدّثنا علي بن أحمد بن الحسين العجلي ، حدّثنا عبّاد بن يعقوب ، قال : حدّثنا حنان بن سدير ، قال : كنت أختلف الى عمرو بن قيس أتعلّم منه القرآن وكان الناس يجيئونه ويسألونه عن هذا الحديث حتى حفظته ، قال : فحدّثني عمرو بن قيس الملاتي ، عن الحكم بن عيينة ، عن عبيدة السلماني ، عن عبد الله بن مسعود رضي‌الله‌عنه (١) ، قال : أتينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فخرج إلينا مستبشرا نعرف السرور في وجهه ، فما سألناه عن شيء إلاّ أخبرنا به ، ولا سكتنا إلاّ ابتدأنا حتّى مرّ به فتية من بني هاشم فيهم حسن وحسين. قال : فلمّا رآهم خثر لممرّهم وانهملت عيناه. فقلنا : يا رسول الله خرجت إلينا مستبشرا نعرف السرور في وجهك فما سألناك عن شيء إلاّ أخبرتنا به ولا سكتنا إلاّ ابتدأتنا حتى مرّت بك الفتية فخثرت لممرّهم وانهملت عيناك. فقال : إنّا أهل بيت اختار لنا الله الآخرة على الدنيا ، وأنّه سيلقى أهل بيتي من بعدي قتلا وتطريدا وتشريدا في البلاد حتى ترفع رايات سود من المشرق فيسألون الحقّ فلا يعطونه ، ثمّ يسألون فلا يعطونه ، فيقاتلون فينصرون فيعطون الذي سألوا فلا يقبلونه ، فمن أدركهم منكم أو من أبنائكم أو من أبناء أبنائكم أو من أبناء أبناء ابنائكم أو من أبناء أبناء أبناء أبنائكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج ، وأنّها رايات هدى يدفعونها إلى رجل من أهل بيتي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما (٢).

__________________

(١) في هامش النسخة : عبد الله بن عبّاس.

(٢) قريب منه ما في كشف الغمة : ج ٢ ص ٤٧٢.

٧٩٩

وقال أحمد بن محمّد السري ، قال : حدّثنا يحيى بن إسماعيل الحريري ، قال : حدّثنا جعفر بن عليّ الحريري ، قال : حدّثنا يحيى بن يعلى الأسلمي ، قال : حدّثنا شريك ، عن جابر ، عن تميم بن حذلم ، وعن عبد الواحد ذكره عن ابن عبّاس ، وذكره جابر ، عن زيد بن حسن بنو محمّد بن عبد المطّلب ، وكلّهم ذكر أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بينما هو جالس إذ مرّ به فتية من بني هاشم فتغير لونه واغرورقت عيناه بالدموع ، فقال له بعض أصحابه : يا رسول الله ما تراك نرى في وجهك تغيّرا يسوؤنا؟ فقال : إنّا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا ، وأنّ أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء شديدا وتشريدا ، ثمّ يبعث الله قوما في آخر الزمان من أطراف الأرض يجتمعون كما يجتمع قزع السحاب خريفا ، فيبايعون رجلا منّي ، فيملأ الله به الأرض عدلا كما ملئت جورا (١).

وكان هاشم يفتي على دين المسيح عليه‌السلام ، وكانوا يدعونه حواري الهادي ، وجسر الصارم ، ولذلك قيل بنو [ ... ] (٢) واصطفي من قريش هاشما. وقال : [ ... ] (٣).

عائشة قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قال جبرئيل عليه‌السلام : [ لم أجد ] (٤) أفضل من محمّد ، وقلبت الارض مشارقها ومغاربها فلم أجد بني أب أفضل من بني [ هاشم ] (٥).

عمر بن الخطاب يقول : إنّ لله عزّ وجلّ بساطا من درّ لا يقعد عليه يوم القيامة إلاّ هاشميّ.

وقال أنس بن [ مالك ] : (٦) قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كلوا الطعام مع بني هاشم فإنّ موائدهم تحضرها الملائكة.

قال أبو امامة : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يقوم الرجل من مجلسه إلاّ لبني هاشم (٧).

وقال الصادق عليه‌السلام في قوله [ تعالى ] : ( مِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ ) (٨) المراد

__________________

(١) كشف الغمة : ج ٢ ص ٤٧٨.

(٢) بياض بمقدار ثلاث أسطر.

(٣ ـ ٤ ـ ٥) بياض بمقدار نصف سطر.

(٦) بياض فى الأصل.

(٧) كنز العمال : ج ١٢ ص ٤٣ ح ٣٣٩١٤.

(٨) البقرة : ١٢٨.

٨٠٠