الدرّ النظيم في مناقب الأئمّة اللهاميم

الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي

الدرّ النظيم في مناقب الأئمّة اللهاميم

المؤلف:

الشيخ جمال الدين يوسف بن حاتم الشامي


المحقق: مؤسّسة النشر الإسلامي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-064-3
الصفحات: ٨٣٢

حدّث أحمد بن محمّد بن عثمان الواسطي ، قال : حدّثنا الحسين بن منصور سجادة ، قال : حدّثنا سهل بن منصور ، قال : سمعت أبا معمّر يقول :

سمعت أنس بن مالك يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : صلّت الملائكة عليّ وعلى عليّ سبع سنين ، وذلك أنّه لم يرفع الى السماء شهادة أن لا إله إلاّ الله إلاّ منّي ومنه (١).

وحدّث علي بن المبارك الربعي ، قال : حدّثنا إبراهيم بن سعيد ، قال : حدّثنا المأمون ، قال : حدّثنا أبي الرشيد ، عن أبيه المهدي ، عن أبيه المنصور ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عبد الله بن عبّاس أنّه قال : سمعت عمر بن الخطّاب يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ : يا عليّ أنت أول المسلمين إسلاما وأوّل المؤمنين إيمانا (٢).

وحدّث اسماعيل السدّي ، قال : حدّثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدّثنا فضيل بن مرزوق ، عن أبي سخيلة ، عن أبي ذر وسلمان رضي الله عنهما أنّهما قالا : أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد علي عليه‌السلام وقال : إنّ هذا أوّل من آمن بي ، وهذا فاروق لهذه الامّة ، وهذا يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظالمين ، هذا أوّل من يصافحني يوم القيامة ، وهذا الصدّيق الأكبر (٣).

وحدّث عن الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن حبّة العرني ، عن عليم الكندي أنّه قال : سمعت أبا عبد الله سلمان رضي‌الله‌عنه يقول : أوّل هذه الامّة ورودا على نبيّها صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أوّلها إسلاما عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام (٤).

وحدّث عن عبد الله بن مسعود رضي‌الله‌عنه أنّه قال : أوّل شيء علمته من أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن قدمت مع عمومة لي الى مكّة فأرشدونا على العبّاس بن عبد المطّلب رضي‌الله‌عنه ، فانتهينا إليه وهو جالس في زمزم ، فجلسنا إليه ، فبينما نحن

__________________

(١) مناقب الخوارزمي : ص ٥٤ ح ١٨ ، ومناقب ابن المغازلي : ص ١٤ ح ١٩ كلاهما بسند آخر.

(٢) مناقب الخوارزمي : ص ٥٤ ح ١٩ مع اختلاف في صدر السند.

(٣) بحار الأنوار : ج ٣٨ ص ٢١٠ باب ٦٥ ح ١٠ بسند آخر.

(٤) مناقب الخوارزمي : ص ٥٢ ح ١٥ ، بحار الأنوار : ج ٣٨ ص ٢١١ باب ٦٥ ح ١١ مع اختلاف في السند.

٢٨١

عنده إذ أقبل رجل من باب الصفا أبيض اللون ، يعلوه حمرة ، له وفرة جعدة الى أنصاف اذنيه ، أقنى ، أدلف ، برّاق الثنايا ، أدعج العينين ، كثّ اللحية ، دقيق المشربة ، شثن الكفّين والقدمين ، عليه ثوبان أبيضان ، كأنّه القمر ليلة البدر ، يمشي على يمينه غلام أمرد الوجه مراهق أو محتلم ، يقفوهما امرأة قد سترت محاسنها ، حتى قصد نحو الحجر فاستلمه ثمّ استلم الغلام ثمّ استلمت المرأة ، ثمّ طاف بالبيت سبعا والمرأة والغلام يطوفان معه ، ثمّ استقبل الركن ورفع يديه وكبّر وقام الغلام ورفع يديه وكبّر وقامت المرأة خلفهما فرفعت يديها وكبّرت ، وأطال القنوت ، ثمّ ركع فأطال الركوع ، ثمّ رفع رأسه من الركوع فقنت قنوتا ثم سجد ، والغلام والمرأة يصنعان مثل ما يصنع.

قال : فرأينا شيئا لم نكن نعرفه بمكّة فأقبلنا على العبّاس فقلنا له : يا أبا الفضل إنّ هذا الدين لم نكن نعرفه فيكم أو شيء قد حدث؟ قال : أجل هذا ابن أخي محمّد بن عبد الله ، والغلام علي بن أبي طالب ، والمرأة امرأته خديجة بنت خويلد ، أما والله ما على وجه الأرض أحد يعبد الله بهذا الدين إلاّ هؤلاء الثلاثة (١).

حدّث عن الأعمش ، عن عباية ، عن ربعي بن ربعي ، عن أبي أيّوب : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرض مرضا فأتته فاطمة عليها‌السلام تعوده ، فلمّا رأت ما به من الجهد والضعف استعبرت فبكت حتى سالت الدموع على خدّيها ، فقال لها : يا فاطمة إنّ لكرامة الله تعالى إيّاك أن زوّجتك من أقدمهم سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما ، إنّ الله تعالى أطلع الى أهل الأرض اطلاعة فاختارني منهم فبعثني نبيّا مرسلا ، ثمّ اطلع اطلاعة فاختار منهم بعلك ، فأوحى إليّ أن ازوّجك إيّاه واتّخذه وصيّا (٢).

معارف القتيبي وفضائل السمعاني ومعرفة النسائي : قالت جنادة العدوية : سمعت عليّا عليه‌السلام يقول على منبر البصرة : أنا الصدّيق الأكبر ، آمنت قبل أبي بكر ، وأسلمت قبل أن أسلم (٣).

__________________

(١) كشف الغمّة : ج ١ ص ٨٣.

(٢) بحار الأنوار : ج ٢٨ ص ٥٢ باب ٢ ح ٢١.

(٣) المناقب لابن شهرآشوب : ج ٢ ص ٤.

٢٨٢

روى السدّي عن أبي مالك ، عن ابن عبّاس في قوله : ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (١) قال : سابق هذه الامّة عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام (٢).

مالك وأنس ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس : أنّها نزلت في أمير المؤمنين ، سبق ـ والله ـ كلّ أهل الإيمان الى الإيمان. ثمّ قال : والسابقون كذلك يسبق العباد يوم القيامة الى الجنّة (٣).

مالك بن أنس ، عن سمي ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس ، أنّه قال ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ ) نزلت في عليّ عليه‌السلام ، لأنّه سبق الناس كلّهم بالإيمان (٤).

وقد ذكر في أكثر التفاسير أنّه ما أنزل الله تعالى في القرآن ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) إلاّ وعليّ أميرها ، لأنّه أوّل الناس إسلاما (٥).

وقيل : إنّه ما نزل في القرآن ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ) إلاّ في عليّ خاصّة (٦).

أبو نعيم في حلية الأولياء والنطنزي في الخصائص بالإسناد عن الخدري : انّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعليّ عليه‌السلام وضرب بيده بين كتفيه : يا عليّ لك سبع خصال لا يحاجّك فيهنّ أحد يوم القيامة : أنت أوّل المؤمنين بالله إيمانا ، وأوفاهم بعهد الله ، وأقومهم بأمر الله ، وأرأفهم بالرعيّة ، وأقسمهم بالسوية ، وأعلمهم بالقضية ، وأعظمهم يوم القيامة مزية (٧).

أربعين الخطيب بإسناده عن مجاهد ، عن ابن عبّاس ، وفضائل أحمد وكشف الثعلبي بإسنادهم الى عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن أبيه ، قالا : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سبّاق الامم يوم القيامة ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين : عليّ بن أبي طالب ، وصاحب ياسين ، ومؤمن آل فرعون ، فهم الصدّيقون ، وعليّ أفضلهم (٨).

__________________

(١) الواقعة : ١٠ ـ ١١.

(٢) المناقب لابن شهرآشوب : ج ٢ ص ٥.

(٣) المناقب لابن شهرآشوب : ج ٢ ص ٥.

(٤) المناقب لابن شهرآشوب : ج ٢ ص ٥.

(٥) المناقب لابن شهرآشوب : ج ٢ ص ٦.

(٦) المناقب لابن شهرآشوب : ج ٢ ص ٩.

(٧) حلية الأولياء : ج ١ ص ٦٦ ، المناقب لابن شهرآشوب : ج ٢ ص ٦.

(٨) المناقب لابن شهرآشوب : ج ٢ ص ٦ نقلا عن أربعين الخطيب وفضائل أحمد وكشف الثعلبي.

٢٨٣

حدّث النيشابوري بحذف الإسناد ، قال حدّثنا عبد الرزاق بن معمر ، عن الزهري ، عن عبد الله بن عبّاس ، قال : كان حسّان بن ثابت واقفا بمنى والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه مجتمعون ، فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : معاشر المسلمين هذا عليّ سيّد العرب والوصيّ الأكبر ، منزلته منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ، لا تقبل توبة من تائب إلاّ بحبّه ، يا حسّان قل فيه شيئا. فأنشأ يقول :

لا تقبل التوبة من تائب

إلاّ بحبّ ابن أبي طالب

أخا رسول الله ، بل صهره

والصهر لا يعدل بالصاحب

وقال الله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) (١) فأتبع الله تعالى فرض طاعة اولي الأمر فرض طاعة الرسول ، كما أتبع فرض طاعة الرسول فرض طاعة نفسه ، ثمّ لم يفسخ ذلك ولم يرخّص في تركه ، فهو واجب أبدا لاولي الأمر ، ولا بدّ إذا أوجب الله تعالى هذا لهم من إبانتهم وتمييزهم من سائر المؤمنين الذين وجبت عليهم طاعة الرسول وطاعة اولي الأمر ليعلم المؤمنون بطاعة من امروا ومن هؤلاء الذين رفع الله اقتدارهم وأوجب على الخلق طاعتهم وأضافها الى طاعته وطاعة رسوله ، ولأن لا يسوغ لغيرهم أن ينازعهم ذلك أو يدّعيه معهم ، ولأنّ الله تعالى لا يعمّي الفروض ولا يبهمها ولا يلبّس على خلقه أمر دينهم ، وإبانتهم وتميّزهم من سائر المؤمنين لا يعلم إلاّ بالرسول في زمانه ، ثمّ من أقامه الرسول مقامه من بعده.

وإذا كان تميّزهم وإبانتهم من الناس لا بدّ للامّة منه فقد علمنا أنّ الرسول قد فعل ذلك ، وقد كشفه وبيّنه لانّه عليه‌السلام لا يترك المأمورين به إلاّ مع تبيينه وكشفه ، وتبيين الرسول ذلك مغن للامّة عن أن يختاروا لأنفسهم أو يبايع غير من أقامه ، وكذلك القائم به بعد الرسول بيّن من ذلك ما التبس على رعيّته إذا احتاجوا الى ذلك منه والتمسوا علمه من عنده ، وكلّ ما لم يكن منه بدّ فالله تعالى غير تاركه ولا رسوله ولا أولياء الأمر بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

__________________

(١) النساء : ٥٩.

٢٨٤

قيل : اجتمع هشام بن الحكم وحفص بن سالم في مجلس ، فقال هشام لحفص : أخبرني هل يجوز أن يخرج الحقّ من الامّة حتى يكون الحقّ موجودا في غير الامّة؟

قال حفص : لا يجوز ذلك.

فقال هشام : أو ليس إنما اختلفت الامّة في عليّ وأبي بكر والخلافة كانت لأحدهما ـ لا محالة ـ بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟

قال حفص : بلى.

قال هشام : أفليس قد سقط العبّاس بقرابته ومعاذ بن جبل بعلمه؟

قال حفص : بلى.

قال هشام : وقد سقط الناس كلّهم بعد هذين؟

قال : نعم.

قال : فلا يحتاج إذن الى النظر في أمرهم وإنمّا النظر في أبي بكر وعليّ أيّهما يستحقّ الخلافة ممّن لا يستحقّها إذا كان الأمر بالاختيار على ما زعمتم؟

قال : نعم.

قال هشام : أفليس قد رويتم أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « عليّ أقضاكم » ورويتم أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجّهه الى اليمن قاضيا قال : يا رسول الله تبعثني ولا بصر لي بالقضاء ، فضرب بيده على صدره ثمّ قال : « اللهمّ اهد قلبه واشرح صدره » فقال علي عليه‌السلام : فما شككت في قضاء بعدها. ورويتم أنّه قال : كنت إذا سألت اعطيت ، وإذا سكتّ ابتدأت ، وبين الجوانح علم جمّ ، وعلّمني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ألف باب من العلم كلّ باب يفتح ألف باب ، ولقد علّمت المنايا والبلايا وفصل الخطاب ، وقال النبي عليه‌السلام : « أنا مدينة العلم وعليّ بابها » مع اتّفاق المختلفين أنّه كان أعلم أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى صار المأخوذ قوله في عامّة أحكامهم؟

قال حفص : بلى ، ولا ننكر فضل عليّ وبصره بالقضاء وبما حكى عن نفسه من العلم وما ظهر منه ، وأنّهم كلّهم قد سألوه واحتاجوا إليه ، ولم يسأل هو أحدا منهم ولا احتاج إليه.

٢٨٥

قال هشام : فإذا أقررت بذلك فهل تعلمون أنّ الله تعالى قال في كتابه ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) وقال ( يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ ) وقال ( إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ )؟

قال حفص : كذلك قال الله.

قال هشام : ( أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) فإذا أخبر الله أنّه قد رفع عليّا على أبي بكر درجات فلم صار أبو بكر أولى بها منه؟ ولم قدّمتم أبا بكر عليه بعد ما قد بيّن الله في كتابه ما بيّن؟

قال حفص : لأنّ أهل الفضل والعلم قدّموه.

فقال هشام : فقد نفى الله عنهم ما أثبتّه أنت لهم! قال حفص : من أين قلت؟

قال : ذلك لقول الله عزّ وجلّ : ( إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) واولو الألباب أهل العقل والفضل ، فلو كانوا كذلك لتفكّروا وقدّموا عليّا عليه‌السلام. فسكت حفص.

* * *

فصل

في ذكر تسميته صلّى الله عليه بإمرة المؤمنين على عهد

رسول الله من طريق العامّة

من ذلك : ما أورده الحافظ بن احمد بن موسى بن مردويه في كتاب المناقب الذي صنّفه ، وهو : حدّثني عبد الله بن محمّد بن زيد ، قال : حدّثنا محمّد بن أبي يعلى ، قال : حدّثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : حدّثنا زكريا بن يحيى أبو علي الخزاز ، قال : حدّثنا مندل بن علي ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صحن الدار وإذا رأسه في حجر دحية بن

٢٨٦

خليفة الكلبي ، فدخل عليّ عليه‌السلام فقال : السلام عليك ، كيف أصبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟

فقال : بخير.

فقال له دحية : إنّي لاحبّك وأنّ لك مدحة أزفّها إليك ، أنت أمير المؤمنين ، وقائد الغرّ المحجّلين ، أنت سيّد ولد آدم ما خلا النبيين والمرسلين ، لواء الحمد بيدك يوم القيامة تزفّ به ، أنت وشيعتك مع محمّد وحزبه الى الجنان زفّا زفّا ، قد أفلح من تولاّك وخسر من تخلاّك ، محبّو محمّد محبّوك ، ومبغضو محمّد مبغضوك لن تنالهم شفاعة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ ادن منّي [ يا ] صفوة الله ، فأخذ رأس النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوضعه في حجره ، فقال (١) : ما هذه الهمهمة؟ فأخبره الحديث.

قال (٢) : لم يكن دحية الكلبي ، بل كان جبرائيل عليه‌السلام ، سمّاك باسم سمّاك الله به ، وهو الذي ألقى محبّتك في صدور المؤمنين ورهبتك في صدور الكافرين (٣).

ومن الكتاب المذكور : حدّثنا محمّد بن علي بن دحيم ، قال : حدّثنا الحسن بن الحكم الحبري ، قال : حدّثنا اسماعيل بن أبان ، قال : حدّثنا صباح بن يحيى المزني ، عن الحارث بن حصيرة ، عن القاسم بن جندب ، عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أنس اسكب لي وضوء أو ماء ، فتوضّأ وصلّى ثمّ انصرف. فقال : يا أنس أوّل من يدخل عليّ اليوم أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وخاتم الوصيّين وإمام الغرّ المحجّلين. فجاء عليّ حتى ضرب الباب ، فقال : من هذا يا أنس؟ قلت :

هذا عليّ. قال : افتح له ، فدخل (٤).

ومن الكتاب المذكور : حدّثنا أحمد بن محمّد بن دارم ، قال : حدّثنا المنذر بن محمّد ، قال : حدّثني أبي ، قال : حدّثني عمّي ، قال : حدّثني أبي ، عن أبان بن تغلب ، عن أبي غيلان ، قال : حدّثني أبو سعيد وهو رجل ممّن شهد صفّين : قال : حدّثني سالم المنتوف مولى عليّ ، قال : كنت مع عليّ في أرض له وهو يحرثها حتى جاء

__________________

(١ ـ ٢) أي : فقال رسول الله.

(٣) بحار الأنوار : ج ٣٧ ص ٢٩٥ باب ٥٤ ح ١٢.

(٤) بحار الأنوار : ج ٣٧ ص ٢٩٦ باب ٥٤ ح ١٣.

٢٨٧

أبو بكر وعمر ، فقالا : ننشدك الله سلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فقيل لهم : تقولون في حياة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم! فقال عمر : هو أمرنا بذلك (١).

ومن الكتاب المذكور : حدّثنا أحمد بن محمّد بن السريّ ، قال : حدّثنا المنذر بن محمّد ، قال : حدّثني أبي ، قال : حدّثني عمّي ، قال : حدّثني أبي ، عن أبان بن تغلب ، عن جابر ، عن إبراهيم ، عن إسحاق ، عن عبد الله ، قال : دخل عليّ على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعنده عائشة ، فجلس بين عائشة وبين رسول الله. فقالت عائشة : ما كان لك مجلس غير فخذي.

فضرب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ظهرها فقال : مه لا تؤذيني في أخي فإنّه أمير المؤمنين وسيّد المسلمين وقائد الغرّ المحجّلين يوم القيامة ، يقعد على الصراط ، يدخل الله أولياءه الجنّة ، ويدخل أعداءه النار (٢).

ومن الكتاب المذكور : حدّثنا أحمد بن محمّد بن السري ، قال : حدّثنا المنذر بن محمّد بن المنذر ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا عمّي الحسين بن سعيد بن أبي الجهم ، قال : حدّثني أبان بن تغلب ، عن نفيع بن الحارث ، عن أنس ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيت أم حبيبة بنت أبي سفيان ، فقال : يا أم حبيبة اعتزلينا فإنّا على حاجة ، ثمّ دعا بوضوء فأحسن الوضوء ، ثمّ قال : إنّ أوّل من يدخل من هذا الباب أمير المؤمنين وسيّد العرب وخير الوصيّين وأولى الناس بالناس.

قال انس : فجعلت أقول : اللهمّ اجعله رجلا من الأنصار.

قال : فدخل عليّ فجاء يمشي حتى جلس الى جنب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فجعل رسول الله يمسح وجهه بيده ثم يمسح بها وجه عليّ بن أبي طالب.

فقال عليّ : وما ذاك يا رسول الله؟

قال : إنّك تبلّغ رسالتي من بعدي ، وتؤدّي عنّي ، وتسمع الناس صوتي ، وتعلّم الناس من كتاب الله ما لا يعلمون (٣).

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٣٧ ص ٢٩٧ باب ٥٤ ح ١٤.

(٢) بحار الأنوار : ج ٣٧ ص ٢٩٧ باب ٥٤ ح ١٥.

(٣) بحار الأنوار : ج ٣٧ ص ٢٩٧ باب ٥٤ ح ١٦.

٢٨٨

ومن الكتاب المذكور : قال : حدّثنا المنذر بن محمّد بن المنذر ، قال : حدّثنا أحمد بن موسى الخزّاز ، قال : حدّثنا تلميذ بن سليمان أبو إدريس ، عن جابر ، عن محمّد بن علي ، عن أنس بن مالك ، قال : بينا أنا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ قال : الآن يدخل سيّد المسلمين وأمير المؤمنين وخير الوصيّين وأولى الناس بالنبيّين. إذ طلع عليّ بن أبي طالب. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهم وإليّ وإليّ.

قال : فجلس بين يدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمسح العرق من جبهته ووجهه ويمسح به وجه عليّ بن أبي طالب ، ويمسح العرق من وجه عليّ ويمسح به وجهه.

فقال له عليّ : يا رسول الله نزل فيّ شيء؟

قال : أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ، أنت أخي ، ووزيري ، وخير من اخلّف بعدي ، تقضي ديني ، وتنجز موعدتي ، وتبيّن لهم ما اختلفوا فيه من بعدي ، وتعلّمهم من تأويل القرآن ما لم يعلموا ، وتجاهدهم على التأويل كما جاهدتهم على التنزيل. (١)

ومن الكتاب المذكور : حدّثنا أحمد بن محمّد الخيّاط المقرئ الكوفي ، قال : حدّثنا الخضر بن أبان الهاشمي ، قال : حدّثنا أبو هديّة إبراهيم ، قال : حدّثني أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « الجنّة مشتاقة الى أربعة من أمّتي » فهبت أن أسأله من هم.

فأتيت أبا بكر فقلت له : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « إنّ الجنّة تشتاق الى أربعة من أمّتي » فسله من هم؟

فقال : أخاف ألاّ أكون منهم فيعيّرني به بنو تيم.

فأتيت عمر فقلت له مثل ذلك. فقال : أخاف ألاّ أكون منهم فيعيّرني به بنو عدي.

فأتيت عثمان فقلت له مثل ذلك. فقال : أخاف ألاّ أكون منهم فيعيّرني به بنو اميّة.

__________________

(١) اليقين : ص ١٣ الباب الثامن ، بحار الأنوار : ج ٣٧ ص ٢٩٧ باب ٥٤ ح ١٦.

٢٨٩

فأتيت عليّا عليه‌السلام وهو في ناضح له فقلت له : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال « إنّ الجنّة مشتاقة الى أربعة من أمّتي » فسله من هم؟

فقال : والله لأسألنّه فإن كنت منهم فلا حمد إلاّ لله عزّ وجلّ ، وإن لم أكن منهم لأسألنّ الله أن يجعلني منهم وأودّهم.

فجاء وجئت معه الى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدخل عليه ورأسه في حجر دحية الكلبي ، فلمّا رآه دحية قام إليه وسلّم وقال : خذ برأس ابن عمّك يا أمير المؤمنين ، فأنت أحقّ به.

فاستيقظ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورأسه في حجر عليّ ، فقال : يا أبا الحسن ما جئتنا إلاّ في حاجة؟

قال : بأبي وأمّي يا رسول الله دخلت ورأيتك في حجر دحية الكلبي فقام إليّ وسلّم عليّ وقال : خذ برأس ابن عمّك إليك فأنت أحقّ به منّي يا أمير المؤمنين.

فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فهل عرفته؟

فقال : هو دحية الكلبي.

فقال له : ذاك جبرائيل.

فقال : بأبي وامّي يا رسول الله أعلمني أنس أنّك قلت « إنّ الجنّة مشتاقة الى أربعة من أمّتي » فمن هم؟

فأومأ إليه بيده فقال : أنت والله أوّلهم ، أنت والله أوّلهم ثلاثا.

فقال له : بأبي وامّي فمن الثلاثة؟

فقال : المقداد وسلمان وأبو ذر (١).

ومن روايات عثمان بن أحمد بن السمّاك : حدّثنا الحسين ، قال : حدّثني أحمد بن الحسن ، قال : حدّثني محمّد بن علي الكوفي ، قال : حدّثني عبيد بن يحيى الثوري ، عن محمّد بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ،

__________________

(١) اليقين : ص ١٧ الباب الخامس عشر.

٢٩٠

عن جدّه ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : في اللوح المحفوظ تحت العرش. عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين (١).

ومن رواياته : حدّثنا الحسين ، قال : حدّثني أحمد بن الحسن ، قال : وحدّثني محمّد بن علي ، قال : وحدّثنا عبيد بن يحيى ، عن محمّد بن الحسن ، عن أبيه ، عن جدّه قال : قال عمر بن الخطاب ذات يوم لعليّ : أنت والله أمير المؤمنين حقّا.

قلت : عندك أو عند الله؟

قال : عندي وعند الله تبارك وتعالى (٢).

ومن روايات أبي بكر الخوارزمي قال : ذكر الإمام محمّد بن أحمد بن شاذان هذا.

حدّثنا طلحة بن أحمد بن محمّد أبو زكريا النيشابوري ، عن سابور بن عبد الرحمن ، عن عليّ بن عبد الله بن عبد الحميد ، عن هيثم بن بشير ، عن شعبة ، عن الحجّاج ، عن عدي بن ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ليلة اسري بي الى السماء دخلت الجنّة فرأيت نورا ضرب به وجهي ، فقلت لجبرائيل : ما هذا النور الذي رأيته؟ قال : يا محمّد ليس هذا نور الشمس ولا نور القمر ولكن جارية من جواري عليّ بن أبي طالب أطلعت من قصورها فنظرت إليك وضحكت ، فهذا النور خرج من فيها ، وهي تدور في الجنّة الى أن يدخلها أمير المؤمنين (٣).

ومن روايات موفّق بن أحمد المكّي الخوارزمي أخطب خطباء خوارزم ، قال : ذكر محمّد بن أحمد بن شاذان هذا : حدّثني أبو عبد الله أحمد بن محمّد بن أيّوب ، عن عليّ بن محمّد بن عنبسة بن رويدة ، عن بكر بن أحمد : وحدّثنا أحمد بن محمّد الجرّاح ، قال : حدّثنا أحمد بن الفضل الأهوازي ، حدّثنا بكر بن

__________________

(١) اليقين : ص ٢٠ الباب السابع عشر ، بحار الأنوار : ج ٣٧ ص ٢٩٩ باب ٥٤ ح ١٧.

(٢) اليقين : ص ٢٠ الباب السابع عشر ، بحار الأنوار : ج ٣٧ ص ٢٩٩ باب ٥٤ ح ١٧.

(٣) اليقين : ص ١٦٤ الباب السادس والستون بعد المائة.

٢٩١

أحمد ، عن محمّد بن علي عن فاطمة بنت الحسين ، عن أبيها وعمّها الحسن بن علي عليهما‌السلام ، قال (١) : أخبرنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لمّا دخلت الجنّة رأيت فيها شجرة تحمل الحلي والحلل أسفلها خيل بلق وأوسطها حور العين وفي أعلاها الرضوان ، قلت : يا جبرائيل لمن هذه الشجرة؟ قال : هذه لابن عمّك أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، إذا أمر الله الخليقة بالدخول الى الجنّة يؤتى بشيعة عليّ حتى ينتهي بهم إلى هذه الشجرة فيلبسون الحلي والحلل ويركبون الخيل البلق ، وينادي مناد : هؤلاء شيعة عليّ صبروا في الدنيا على الأذى فحبوا (٢) هذا اليوم (٣).

ومن روايات الخوارزمي أيضا : أنبأني مهذّب الأئمّة أبو المظفّر عبد الملك بن علي بن محمّد الهمداني نزيل بغداد ، أخبرنا أبو القاسم بن أحمد بن عمر المقرئ ، أخبرنا عاصم بن الحسين بن محمّد ، أخبرنا عبد الواحد بن محمّد بن عبد الله ، أخبرنا أحمد بن سعيد ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن الحسين ، حدّثنا خزيمة بن ماهان المروزي ، حدّثنا عيسى بن يونس ، عن الأعمش عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يأتي على الناس يوم القيامة وقت ما فيه راكب إلاّ نحن أربعة.

فقال العبّاس بن عبد المطّلب : فداك أبي وامّي ومن هؤلاء الأربعة؟

قال : أنا على البراق ، وأخي صالح على ناقة الله التي عقرها قومه ، وعمّي حمزة أسد الله على ناقتي العضباء ، وأخي عليّ بن أبي طالب على ناقة من نوق الجنّة مدبّجة (٤) الجنبين ، عليه حلّتان خضراوتان من كسوة الرحمن ، على رأسه تاج من نور ، لذلك التاج سبعون ألف ركن ، على كلّ ركن ياقوتة حمراء تضيء للراكب مسير ثلاثة أيّام ، وبيده لواء الحمد ينادي : لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله ،

__________________

(١) كذا في الأصل ، والظاهر : قالا.

(٢) يقال : حباه كذا وكذا : إذا أعطاه ، والحباء ، العطية.

(٣) مناقب الخوارزمي : ص ٧٣ ح ٥٢.

(٤) المدبّج : ما زيّن أطرافه بالديباج.

٢٩٢

فيقول الخلائق : من هذا ملك مقرّب ، نبي مرسل ، حامل عرش؟ فينادي مناد من بطنان العرش : ليس ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ولا حامل عرش ، هذا عليّ بن أبي طالب وصيّ رسول ربّ العالمين وأمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجّلين في جنّة النعيم (١).

ومن روايات موفّق بن أحمد المكّي الخوارزمي من كتاب المناقب ما هذا لفظه : وأنبأني مهذّب الأئمّة هذا ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن الحسين بن علي أخو محمّد بن محمّد بن عبد العزيز أبو منصور العدل ، أخبرنا هلال بن محمّد بن جعفر الحفّار ، حدّثنا محمّد بن عمر ، حدّثنا أبو إسحاق محمّد بن هارون الهاشمي ، حدّثنا محمّد بن زياد النخعي ، حدّثنا محمّد بن فضيل بن غزوان ، حدّثنا غالب الجهني ، عن أبي جعفر محمّد بن علي ، عن أبيه ، عن جدّه قال : قال عليّ عليه‌السلام : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لمّا اسري بي إلى السماء ، ثمّ من السماء الى سدرة المنتهى ، وقفت بين يدي ربّي عزّ وجلّ فقال لي : يا محمّد.

قلت : لبّيك وسعديك.

قال : قد بلوت خلقي فأيّهم رأيت أطوع لك؟

قال : قلت : ربّي عليّا.

قال : صدقت يا محمّد ، فهل اتّخذت لنفسك خليفة يؤدّي عنك ويعلّم عبادي من كتابي ما لا يعلمون؟

قال : قلت : اختر لي ، فإن جبريل خيّرني.

قال : قد اخترت لك عليّا فاتّخذه لنفسك خليفة ووصيّا ، ونحلته علمي وحلمي ، وهو أمير المؤمنين حقّا ، لم ينلها أحد قبله ، وليست لأحد بعده. يا محمّد عليّ راية الهدى ، وإمام من أطاعني ، ونور أوليائي ، وهو الكلمة التي ألزمتها المتّقين ، من أحبّه فقد أحبّني ومن أبغضه فقد أبغضني ، فبشّره بذلك يا محمّد.

__________________

(١) مناقب الخوارزمي : ص ٣٥٩ ح ٣٧٢.

٢٩٣

فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قلت : ربّي فقد بشّرته.

فقال عليّ : أنا عبد الله وفي قبضته ، إن يعاقبني فبذنوبي ، لم يظلمني شيئا ، وإن تمّم لي وعدي فالله مولاي.

قال : أجل.

[ قال : قلت ] (١) : واجعل ربيعة الإيمان بك.

قال : قد فعلت ذلك به يا محمّد ، غير أنّي محضته بشيء من البلاء لم أحضّ (٢) به أحدا من أوليائي.

قال : قلت : ربّي أخي وصاحبي.

قال : قد سبق في علمي أنّه مبتلى ، لو لا عليّ لم يعرف حزبي ولا أوليائي ولا أولياء رسلي (٣).

ومن روايات الحافظ موفّق بن أحمد المكّي أخطب خطباء خوارزم ، فقال : أخبرنا شهرداز هذا إجازة ، أخبرنا عبدوس هذا كتابة ، حدّثنا الشيخ أبو الفرج حمد بن سهل ، حدّثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن بركان ، حدّثنا زكريا الغلابي ، حدّثنا إسحاق بن موسى بن محمّد بن عبّاد الحراز ، حدّثنا عبد الرحمن بن القاسم الهمداني ، حدّثنا أبو حازم محمّد بن محمّد الطالقاني أبو مسلم ، عن الخالص الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، عن المصطفى الأمين سيّد الأوّلين والآخرين صلّى الله عليهم أجمعين أنّه قال لعليّ بن أبي طالب : يا أبا الحسن كلّم الشمس فإنّها تكلّمك.

فقال عليّ عليه‌السلام : السلام عليك أيّها العبد المطيع لله.

فقالت الشمس : وعليك السلام يا أمير المؤمنين وإمام المتّقين وقائد الغرّ

__________________

(١) ما بين المعقوفتين سقط في نسخة الأصل.

(٢) كذا في الأصل ، والظاهر : محّصته بشيء من البلاء لم أمحّص.

(٣) مناقب الخوارزمي : ص ٣٠٣ ح ٢٩٩.

٢٩٤

المحجّلين ، يا عليّ أنت وشيعتك في الجنّة ، يا عليّ أوّل من ينشقّ عنه الأرض محمّد ثمّ أنت ، وأوّل من يحيى محمّد ثمّ أنت ، وأوّل من يكسى محمّد ثمّ أنت.

ثمّ انكبّ ساجدا وعيناه تذرفان بالدموع. فانكبّ عليه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا أخي وحبيبي ارفع رأسك فقد باهى الله بك أهل سبع سماوات.

وهذا الحديث في الكتاب الذي صنّفه موفّق بن أحمد المكّي أخطب خطباء خوارزم في فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام (١).

ومن روايات الشيخ العالم أبي سعيد مسعود بن الناصر بن أبي زيد الحافظ السجستاني في كتاب الولاية عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمّد بن أحمد البزّاز فيما جرى عليه من أصله ببغداد ، قال : حدّثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن هارون بن محمّد الضبي إملاء في سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة ، قال : حدّثنا أبو العبّاس أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي الحافظ سنة ثلاثين وثلاثمائة ، وأخبرنا أبو الحسين محمّد بن محمّد بن علي الشروطي ، قال : أخبرنا أبو الحسن محمّد بن عمر بن بهتة وأبو عبد الله الحسين بن هارون بن محمّد القاضي الضبّي وأبو محمّد عبد الله بن محمّد بن الأكفاني القاضي ، قالوا : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد ، قال : حدّثنا محمّد بن الفضل بن إبراهيم الأشعري ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا المثنّى بن القاسم الحضرمي ، عن هلال بن أبي أيّوب الصيرفي ، عن أبي كبير الأنصاري ، عن عبد الله أبي أسعد بن زرارة ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » هذا آخر حديث البزّاز (٢).

وزاد الشروطي في رواياته : وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اوحي إليّ في عليّ ثلاث : أنّه أمير المؤمنين ، وسيّد المسلمين ، وقائد الغرّ المحجّلين (٣).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما عرف الله غير أنا وعليّ ، ولا عرفني غير الله وعليّ ، ولا عرف عليّا غير الله وأنا. صدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤).

__________________

(١) مناقب الخوارزمي : ص ١١٣ ح ١٢٣.

(٢) اليقين : ص ٢٨ الباب السابع والعشرون.

(٣) اليقين : ص ٢٨ الباب السابع والعشرون.

(٤) روي صدر الحديث في بحار الأنوار : ج ٤٠ ص ٩٦ باب ٩١ قطعة من ح ١١٦.

٢٩٥

وقد روي أنّه عليه‌السلام خوطب بإمرة المؤمنين على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مائة وخمسين طريقا من طرق العامّة وغيرهم ، اختصرنا منه على هذه الطرق المذكورة مخافة التطويل ، فمن أراد الوقوف على ذلك فليقف عليه في كتاب الأنوار الباهرة في انتصار العترة الطاهرة تصنيف السيّد العلاّمة ذي المناقب والمناسب نقيب نقباء الطالبين رضي الدين أبي القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمّد بن محمّد بن الطاوس العلوي الفاطمي أمتع الله المتّقين ببهائه (١).

* * *

فصل

في معجزاته عليه‌السلام

من كتاب الأربعين الذي جمعه الشيخ العالم الصالح أبو عبد الله محمّد بن مسلم بن أبي الفوارس الرازي ، وأصل هذه النسخة في الخزانة النظاميّة العتيقة ، فقال ما هذا لفظه :

الحديث الثالث والثلاثون : أحمد بن محمّد بن محمود ، قال : أخبرنا القاضي شرف الدين الحسن بن أبي بكر النيشابوري ببغداد ، قال : حدّثنا الحسن بن أبي الحسن العلوي ، قال : حدّثنا جبير بن الرجاء ، عن عبد مسهر ، عن سلمة بن الأصهب ، عن كيسان بن أبي عاصم ، عن مرّة بن سعد ، عن أبي محمّد بن جعديان ، عن القائدي أبي نصر بن منصور التستري ، عن أبي عبد الله المهاطي ، عن أبي القاسم القواس ، عن سليم النجار ، عن حامد بن سعيد ، عن خالص بن ثعلبة ، عن عبد الله بن خالد بن سعيد بن العاص ، قال : كنت مع أمير المؤمنين عليه‌السلام وقد خرج من الكوفة إذ عبر بالصعيد الذي يقال له النخلة على فرسخين من الكوفة ، فخرج منها خمسون رجلا من اليهود وقالوا : أنت علي بن أبي طالب الإمام؟

__________________

(١) الأنوار الباهرة في انتصار العترة الطاهرة ذكره في كتاب اليقين : ص ٦.

٢٩٦

فقال : أنا ذاك.

فقالوا : لنا صخرة مذكورة في كتبنا عليها اسم ستّة من الأنبياء ، وهو ذا نطلب الصخرة فلا نجدها ، فإن كنت إماما وجدنا (١) الصخرة.

فقال عليّ عليه‌السلام : اتبعوني.

قال عبد الله بن خالد : فسار القوم خلف أمير المؤمنين الى أن استبطن بهم البرّ ، وإذا بجبل من رمل عظيم ، فقال عليه‌السلام : أيتها الريح اسفي الرمل عن الصخرة بحقّ اسم الله الأعظم ، فما كان إلاّ ساعة حتى نسفت الرمل وظهرت الصخرة. فقال عليّ عليه‌السلام : فهذه صخرتكم.

فقالوا : عليها اسم ستّة من الأنبياء على ما سمعنا وقرأنا في كتبنا ، ولسنا نرى عليها الأسماء! فقال عليه‌السلام : الأسماء التي عليها هي على وجهها الذي على الأرض فاقلبوها ، فاعصوصب عليها ألف رجل حضروا في هذا المكان فما قدروا على قلبها.

فقال عليه‌السلام : تنحّوا عنها ، فمدّ يده إليها فقلبها ، فوجدوا عليها اسم ستّة أنبياء أصحاب الشرائع : آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمّد عليهم أفضل الصلاة والسلام.

فقال النفر اليهود : نشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّدا رسول الله وأنّك أمير المؤمنين وسيّد الوصيّين وحجّة الله في أرضه ، من عرفك سعد ونجا ، ومن خالفك ضلّ وغوى والى الجحيم هوى ، جلّت مناقبك عن التحديد وكثرت آثار نعتك عن التعديد (٢).

ومن الكتاب المذكور : الحديث الثامن والثلاثون : حدّثني الصدر الإمام الكبير العالم صدر الدين نظام الإسلام سلطان العلماء أبو بكر محمّد بن عبد اللطيف

__________________

(١) كذا ، والظاهر : أوجدناه.

(٢) اليقين : ص ٦٣ الباب السابع والثمانون نقلا عن كتاب الأربعين.

٢٩٧

الخجندي (١) قدّس الله روحه العزيزة بشيراز في مدرسة الخاتون الزاهدة ، قال : أخبرني الكيادار بن يوسف بن دار الديلمي في قلعة اصطخر ، قال : حدّثني الشيخ الأديب محمود بن محمّد التبريزي في تبريز ، قال : أخبرنا الشيخ المقري دانيال بن إبراهيم التبريزي ، قال : أخبرنا أبو البركات بن أحمد البزاز الغندجاني ، قال : أخبرنا أبو عبد الله السيرافي ، عن أبي عبد الله المهروقاي المؤدّب ، عن سيب بن سليمان الغنوي ، عن العاموت بن محمّد الضبّي ، عن مسلم بن أحمد بن أبي مسلم السمّان ، عن حبّة بنت زريق من بعض حشم الحنفية ، قالت : حدّثني زوجي منقذ بن الأبقع الأسدي أحد خواصّ علي عليه‌السلام ، قال : كنت مع أمير المؤمنين عليه‌السلام في النصف من شعبان وهو يريد موضع له كان يأوي فيه بالليل وأنا معه حتى أتى الموضع ، فنزل عن بغلته ، فرفعت اذنيها وجذبتني ، فحسّ بذلك أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : ما وراءك؟

فقلت : فداك أبي وامّي البغلة تنظر شيئا وقد شخصت إليه وتحمحم ولا أدري ما ذا دهاها.

فنظر أمير المؤمنين عليه‌السلام سوادا فقال : سبع وربّ الكعبة. فقام من محرابه متقلّدا سيفه فجعل يخطو نحو السبع ، ثمّ قال صائحا به : قف ، فجف السبع ووقف ، فعندها استقرّت البغلة ، فقال أمير المؤمنين : يا ليث ما علمت أنّي الليث وأنّي الضرغام والقسور والحيدر. ثمّ قال له : ما جاء بك أيّها الليث. ثمّ قال : اللهمّ انطق لسانه.

فقال السبع : يا أمير المؤمنين ويا خير الوصيّين ويا وارث علم النبيّين ويا مفرّقا بين الحقّ والباطل ما افترست منذ سبع شيئا وقد أضرّ بي الجوع ورأيتكم من مسافة فرسخين فدنوت منكم وقلت : اذهب وانظر ما هؤلاء القوم؟ ومن هم؟ فإن كان لي بهم مقدرة يكون لي فيهم فريسة.

فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام مجيبا له : أيّها الليث أما علمت أنّي عليّ أبو الأشبال الأحد عشر براثني أمثل من مخالبك ، وإن أحببت أريتك. ثمّ امتدّ السبع بين يديه ،

__________________

(١) في المصدر : الجحدني.

٢٩٨

وجعل يمسح يده على هامته ويقول : ما جاء بك يا ليث أنت كلب الله في أرضه.

قال : يا أمير المؤمنين الجوع الجوع.

فقال : اللهمّ آته برزق بقدر محمّد وأهل بيته.

قال : فالتفت وإذا بالأسد يأكل شيئا كهيئة الجمل حتى أتى عليه. ثمّ قال : والله يا أمير المؤمنين ما نأكل نحن معاشر السباع رجلا يحبّك ويحبّ عترتك فإنّ خالي أكل فلانا ونحن أهل بيت ننتحل محبّة الهاشمي وعترته.

ثمّ قال أمير المؤمنين : أيّها السبع أين تأوي؟ وأين تكون؟

فقال : يا أمير المؤمنين انّي مسلّط على كلاب أهل الشام ، وكذلك أهل بيتي ، وهم فريستنا ، ونحن نأوي النيل.

قال : فما جاء بك الى الكوفة؟

قال : يا أمير المؤمنين أتيت الحجاز فلم اصادف شيئا ، وأنا في هذه البريّة والفيافي التي لا مأوى فيها ولا خير في موضعي هذا ، وأنّي لمنصرف من ليلتي هذه إلى رجل يقال له سنان بن وائل ممّن أفلت من حرب صفّين فنزل القادسيّة وهو رزقي في ليلتي هذه ، وأنّه من أهل الشام ، وأنا إليه متوجّه. ثمّ قام بين يدي أمير المؤمنين.

فقال لي : ممّا تعجّبت؟ أهذا أعجب أم الشمس أم العين أم الكوكب أم سائر ذلك؟ فو الذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لو أحببت أن أري الناس ممّا علّمني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الآيات والعجائب لكان يرجعون كفّارا.

ثمّ رجع أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام الى مستقرّه ووجّهني الى القادسيّة قبل أن يقيم المؤذّن الإقامة ، فسمعت الناس يقولون : افترس سنان السبع ، فأتيته فيمن أتاه ننظر إليه ، فما ترك الأسد إلاّ رأسه وبعض أعضائه مثل أطراف الأصابع ، وانّي لعلى بابه إذ حمل رأسه الى الكوفة الى أمير المؤمنين فبقي متعجّبا.

فحدّثت الناس ما كان من حديث أمير المؤمنين والسبع فجعل الناس يتبرّكون بتراب تحت قدمي أمير المؤمنين عليه‌السلام ويستشفون به. فقام عليه‌السلام خطيبا فحمد الله

٢٩٩

وأثنى عليه ثمّ قال : معاشر الناس ما أحبّنا رجل فدخل النار ، وما أبغضنا رجل فدخل الجنّة. وأنا قسيم الجنّة والنار ، هذه الى الجنّة يمينا ، وهذه الى النار شمالا ، أقول لجهنّم يوم القيامة : هذا لي وهذا لك حتى تجوز شيعتي على الصراط كالبرق الخاطف والرعد القاصف وكالطير المسرع وكالجواد السابق. فقام الناس إليه بأجمعهم عنقا واحدا وهم يقولون : الحمد لله الذي فضّلك على كثير من خلقه.

قال : ثمّ تلا أمير المؤمنين عليه‌السلام هذه الآية : ( الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ) (١).

ومن كتاب الأربعين المذكور ، وهو الحديث الرابع والثلاثون : أخبرنا الشيخ الإمام مجاهد الدين أبو الفرج علي بن أحمد البغدادي بمدينة السلام ، قال : أخبرنا القاضي ركن الدين أبو الفضل بن محمّد بن علي بدمشق ، قال : أخبرنا أبو نصر بن اسفنديار الحلبي ، قال : حدّثنا داود بن سليمان العسقلاني ، قال : حدّثنا محمّد بن الحسن الصفّار ، عن علي بن محمّد بن جمهور ، عن أبيه ، عن جعفر بن بشير ، عن أبيه ، عن موسى بن جعفر الكاظم عليه‌السلام قال : إنّ أمير المؤمنين عليّا عليه‌السلام كان يسعى على الصفا بمكّة ، فإذا هو بدرّاج يدرج على وجه الأرض ، فوقع بإزاء أمير المؤمنين ، فقال له : السلام عليك أيّها الدرّاج.

فقال الدرّاج : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أمير المؤمنين.

فقال له أمير المؤمنين : أيّها الدرّاج ما تصنع في هذا المكان؟

فقال : يا أمير المؤمنين إنّي في هذا المكان منذ كذا وكذا عام اسبّح الله تعالى واقدّسه وامجّده وأعبده حقّ عبادته (٢).

ومن كتاب الأربعين أيضا : رواية منتجب الدين محمّد بن أبي مسلم بن أبي الفوارس ، قال : حدّثني الشيخ الأجلّ الإمام العالم منتجب الدين مرشد الإسلام

__________________

(١) اليقين : ص ٦٥ الباب الثامن والثلاثون نقلا عن كتاب الأربعين. الآية ١٧٣ ـ آل عمران.

(٢) اليقين : ص ٧١ ـ ٧٢ الباب الثاني والتسعون نقلا عن كتاب الأربعين.

٣٠٠