الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف - ج ١

الشيخ جعفر السبحاني

الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف - ج ١

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-047-9
الصفحات: ٥٨٤

٧. المرجع هو السنّة بعد تعارض القراءتين

ذهب الآلوسي إلى أنّ القراءتين المتواترتين المتعارضتين كأنّهما آيتان متعارضتان ، والأصل في مثله هو السقوط والرجوع إلى السنّة؟

قال : إنّ القراءتين متواترتان بإجماع الفريقين ، بل بإطباق أهل الإسلام كلّهم ، ومن القواعد الأصولية عند الطائفتين انّ القراءتين المتواترتين إذا تعارضتا في آية واحدة فلهما حكم آيتين ، فلا بدّ لنا أن نسعى ونجتهد في تطبيقهما أوّلا ، مهما أمكن ، لأنّ الأصل في الدلائل الأعمال دون الإهمال كما تقرر عند أهل الأصول ، ثمّ نطلب بعد ذلك الترجيح بينهما ، ثمّ إذا لم يتيسر لنا الترجيح فنتركهما ونتوجّه إلى الدلائل الأخر من السنّة. (١)

يلاحظ عليه : أنّ من الغرائب أن نجعل القراءتين متعارضتين ثمّ نسعى في رفع التعارض بالوجوه التي ذكرها القائل ، فإنّ فرض التعارض بين القراءتين رهن فرض المذهب على القرآن وتطبيقه عليه وإلاّ فالقراءتان ليس فيهما أي تعارض وتهافت وكلتاهما تهدفان إلى أمر واحد وهو مسح الرجلين ، لأنّ قوله ( وَأَرْجُلَكُمْ ) على كلتا القراءتين معطوف على لفظ واحد وهو قوله ( بِرُؤُسِكُمْ ) ، لكن إمّا عطفا على المحل فتنصب أو عطفا على الظاهر فتجر.

٨. الغسل إضافة من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

ذهب جمال الدين القاسمي إلى أنّ الآية صريحة في أنّ الفريضة هي المسح كما قاله ابن عباس وغيره ، ولكن إيثار غسلهما في المأثور عنه إنّما هو للتزيّد في الفرض والتوسّع فيه حسب عادته ، فإنّه سنّ في كلّ فرض سننا تدعمه وتقوّيه في

__________________

١. روح المعاني : ٦ / ٧٤.

٤١

الصلاة والزكاة والصوم والحجّ.

وممّا يدلّ على أنّ واجبهما المسح تشريع المسح على الخفّين والجوربين ولا سند له إلاّ هذه الآية ، فإنّ كلّ سنّة أصلها في كتاب الله منطوقا أو مفهوما ، فاعرف ذلك واحتفظ به والله الهادي. (١)

يلاحظ عليه : حاشا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يزيد أو ينقص في الفرائض ، بل هو يتّبع الوحي ، وكان شعاره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي ) (٢) وقوله ( قُلْ ما يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ ما يُوحى إِلَيَ ) (٣) ولو زاد في الصلوات فإنّما بأمر من الله سبحانه.

ثمّ لو زاد ما زاد فإنّما يزيد فيما ثبت أصله بالسنّة ، لا بالكتاب العزيز كإضافة ركعتين في الرباعية وركعة في الثلاثيّة.

أخرج مسلم عن ابن عباس قال : فرض الله الصلاة على لسان نبيّكم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين. (٤)

فلو افترضنا أنّ الفريضة كانت هي المسح دون الغسل وانّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم زاد في الفرض بحكم الروايات الآمرة بالغسل ، لكن ما ذا نفعل عندئذ بالروايات الآمرة بالمسح ، وهي روايات صحاح هائلة كما سيوافيك ، فهل هنا ملجأ بعد التعارض إلاّ الذكر الحكيم؟!

وكلّ هذه الكلمات تعرب عن أنّ أصحابها اتّخذوا موقفا مسبقا حيال الآية

__________________

١. التأويل : ٦ / ١١٢.

٢. الأعراف : ٢٠٣.

٣. يونس : ١٥.

٤. صحيح مسلم : ٢ / ١٤٣ ، باب صلاة المسافرين.

٤٢

الصريحة الواضحة الدلالة ، وفرضوا مذهبهم عليها ، الأمر الذي أوقعهم في حيص بيص ومأزق ، وطرقوا كافة الأبواب للخروج منه وتشبّثوا بوجوه استحسانية لا تغني عن الحقّ شيئا.

٩. التمسّك بالمصالح

لما استشعر صاحب المنار ، بأنّ الآية ظاهرة في مسح الرجلين باليد المبلّلة بالماء حاول صرف الآية عن ظاهرها بالتمسّك بالمصالح ، وقال :

لا يعقل لإيجاب مسح ظاهر القدم باليد المبلّلة بالماء حكمة ، بل هو خلاف حكمة الوضوء ، لأنّ طروء الرطوبة القليلة على العضو الذي عليه غبار أو وسخ يزيده وساخة ، وينال اليد الماسحة حظ من هذه الوساخة. (١)

يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره استحسان لا يعرّج عليه مع وجود النص ، فلا شك أنّ الأحكام الشرعية تابعة للمصالح الواقعية ولا يجب علينا أن نقف عليها ، فأي مصلحة في المسح على الرأس ولو بمقدار إصبع أو إصبعين حتى قال الشافعي : إذا مسح الرأس بإصبع واحدة أو بعض إصبع أو باطن كفه ، أو أمر من يمسح له أجزأه ذلك؟!

وهناك كلمة قيّمة للإمام شرف الدين الموسوي نأتي بنصها ، قال ـ رحمه‌الله ـ : نحن نؤمن بأنّ الشارع المقدّس لاحظ عباده في كل ما كلّفهم به من أحكامه الشرعية ، فلم يأمرهم إلاّ بما فيه مصلحتهم ، ولم ينههم إلاّ عمّا فيه مفسدة لهم ، لكنّه مع ذلك لم يجعل شيئا من مدارك تلك الأحكام منوطا من حيث المصالح والمفاسد بآراء العباد ، بل تعبّدهم بأدلّة قويّة عيّنها لهم ، فلم يجعل لهم مندوحة

__________________

١. تفسير المنار : ٦ / ٢٣٤.

٤٣

عنها إلى ما سواها. وأوّل تلك الأدلّة الحكيمة كتاب الله عزّ وجلّ ، وقد حكم بمسح الرءوس والأرجل في الوضوء ، فلا مندوحة عن البخوع لحكمه ، أمّا نقاء الأرجل من الدنس فلا بدّ من إحرازه قبل المسح عليها عملا بأدلّة خاصّة دلّت على اشتراط الطهارة في أعضاء الوضوء قبل الشروع فيه (١). (٢)

١٠. اعتراض جملة ( وَامْسَحُوا. ) لبيان الترتب

إنّ الفصل بين المتعاطفات بقول ( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ ) لبيان تقدّم المسح على غسل الأرجل. (٣)

يلاحظ عليه : بأنّ في وسع المتكلم أن يجمع بين ذكر الترتيب ووضوح البيان بتكرار الفعل بأن يقول : « فامسحوا برءوسكم واغسلوا أرجلكم » فيكون كلامه مبيّنا لمقصده وفي الوقت نفسه نزيها عن اللّبس.

__________________

١. ولذا ترى حفاة الشيعة والعمال منهم ـ كأهل الحرث وأمثالهم وسائر من لا يبالون بطهارة أرجلهم في غير أوقات العبادة المشروطة بالطهارة ـ إذا أرادوا الوضوء غسلوا أرجلهم ثمّ توضّئوا فمسحوا عليها نقيّة جافّة.

٢. مسائل فقهية : ٨٢.

٣. مجلة الفيصل العدد ٢٣٥ صفحة ٤٨ ، مقالة أبي عبد الرحمن الظاهري.

٤٤

١١

المسح على الأرجل

في الأحاديث الصحيحة

قد تعرّفت ـ من دلالة الآية ـ على أنّ الفرض في مورد الأرجل هو المسح ، وبما انّ الآية نزلت في أخريات حياة النبي ولم تنسخ بعد فهي بنفسها كافية في الدلالة على المقصود.

غير إنّنا تعزيزا للمطلب نذكر ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه من لزوم المسح على الأرجل ، ونقتصر في ذلك بالمتون مع تجريد الأسانيد ، لأنّ الكتاب لا يسع لذكرها.

ما روي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حول مسح الأرجل

١. عن بسر بن سعيد قال : أتى عثمان المقاعد فدعا بوضوء فتمضمض واستنشق ثمّ غسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ثلاثا ومسح برأسه ورجليه ثلاثا ثلاثا ، ثمّ قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هكذا توضّأ ، يا هؤلاء أكذلك؟ قالوا : نعم ، لنفر من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عنده. (١)

__________________

١. مسند أحمد : ١ / ١٠٩ ، الحديث ٤٨٩.

٤٥

٢. عن حمران قال : دعا عثمان بماء فتوضّأ ثمّ ضحك ، ثمّ قال : ألا تسألوني ممّ أضحك؟ قالوا : يا أمير المؤمنين ما أضحكك؟ قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توضّأ كما توضّأت ، فتمضمض واستنشق وغسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ومسح برأسه وظهر قدميه. (١)

٣. وفي مسند عبد الله بن زيد المازني انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توضّأ فغسل وجهه ثلاثا ويديه مرتين ومسح رأسه ورجليه مرتين. (٢)

٤. عن أبي مطر قال : بينما نحن جلوس مع علي في المسجد ، جاء رجل إلى علي وقال : أرني وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدعا قنبر ، فقال : ائتني بكوز من ماء فغسل يديه ووجهه ثلاثا ، فأدخل بعض أصابعه في فيه واستنشق ثلاثا ، وغسل ذراعيه ثلاثا ومسح رأسه واحدة ورجليه إلى الكعبين ولحيته تهطل على صدره ثمّ حسا حسوة بعد الوضوء ثمّ قال : أين السائل عن وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كذا كان وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. (٣)

٥. عن عباد بن تميم ، عن أبيه ، قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توضّأ ومسح بالماء على لحيته ورجليه. (٤)

٦. عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام ؛ قال : كنت أرى أنّ باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما حتى رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمسح ظاهرهما. (٥)

__________________

١. كنز العمال : ٩ / ٤٣٦ ، الحديث ٢٦٨٦٣.

٢. كنز العمال : ٩ / ٤٥١ ، الحديث ٢٦٩٢٢.

٣. كنز العمال : ٩ / ٤٤٨ برقم ٢٦٩٠٨.

٤. كنز العمال : ٩ / ٤٢٩ برقم ٢٦٨٢٢.

٥. مسند أحمد : ١ / ١٥٣ برقم ٧٣٩ وص ١٨٣ برقم ٩١.

٤٦

٧. عن رفاعة بن رافع انّه سمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « إنّه لا يجوز صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عزّ وجلّ ، ثمّ يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ، ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين ». (١)

٨. ما روي عن عبد الله بن عمرو ، قال : تخلّف عنّا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفرة سافرناها ، فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة ونحن نتوضّأ فجعلنا نمسح على أرجلنا ، فنادى بأعلى صوته : « ويل للأعقاب من النار » مرتين أو ثلاثا. (٢)

٩. عن أبي مالك الأشعري انّه قال لقومه : اجتمعوا أصلّي بكم صلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلمّا اجتمعوا قال : هل فيكم أحد غيركم؟ قالوا : لا ، إلاّ ابن أخت لنا ، قال : ابن أخت القوم منهم ، فدعا بجفنة فيها ماء ، فتوضّأ ومضمض واستنشق ، وغسل وجهه ثلاثا وذراعيه ثلاثا ، ومسح برأسه وظهر قدميه ، ثمّ صلّى بهم فكبر بهم اثنتين وعشرين تكبيرة. (٣)

١٠. عن عباد بن تميم المازني ، عن أبيه انّه قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتوضّأ ويمسح الماء على رجليه. (٤)

١١. عن أوس بن أبي أوس الثقفي أنّه رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتى كظامة قوم بالطائف ، فتوضّأ ومسح على قدميه. (٥)

١٢. عن رفاعة بن رافع قال : كنت جالسا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ جاءه رجل فدخل المسجد ، فصلّى فلمّا قضى الصلاة جاء فسلم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى

__________________

١. سنن ابن ماجة : ١ / ١٥٦ ، حديث ٤٦٠ ؛ سنن النسائي : ٢ / ٢٢٦.

٢. صحيح البخاري : ١ / ٢٣ ، باب من رفع صوته بالعلم من كتاب العلم ، الحديث ١.

٣. مسند أحمد : ٥ / ٣٤٢.

٤. سنن ابن ماجة : ١ ، الحديث ٤٦٠.

٥. تفسير الطبري : ٦ / ٨٦ ؛ المعجم الكبير : ١ / ٢٢١ برقم ٦٠٣.

٤٧

القوم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ارجع فصلّ فإنّك لم تصل » وجعل الرجل يصلّي ، وجعلنا نرمق صلاته لا ندري ما يعيب منها ، فلمّا جاء فسلم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى القوم قال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « وعليك ارجع فصلّ فإنّك لم تصل ».

قال همام : فلا ندري أمره بذلك مرتين أو ثلاثا ، فقال له الرجل : ما أدري ما عبت من صلاتي؟

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّه لا تتم صلاة أحدكم حتّى يسبغ الوضوء كما أمره الله ، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ، ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين ، ثمّ يكبر الله تعالى ويثني عليه ، ثمّ يقرأ أمّ القرآن وما أذن له فيه ويسر ، ثمّ يكبر فيركع فيضع كفيه على ركبتيه حتّى تطمئن مفاصله ، ويسترخي ثمّ يقول :

سمع الله لمن حمده ، ويستوي قائماً حتّى يقيم صلبه ويأخذ كلّ عظم مأخذه ، ثمّ يكبر فيسجد فيمكن وجهه. قال همام : وربما قال جبهته من الأرض حتّى تطمئن مفاصله ويسترخي ، ثمّ يكبر فيستوي قاعدا على مقعده ويقيم صلبه ، فوصف الصلاة هكذا أربع ركعات حتّى فرغ ، ثمّ قال : لا يتم صلاة أحدكم حتّى يفعل ذلك. (١)

١٣. عن ابن عباس انّه قال : ذكر المسح على القدمين عند عمر وسعد وعبد الله بن عمر فقال عمر بن الخطاب : سعد أفقه منك ، فقال عمر : يا سعد انّا لا ننكر انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسح ـ أي على القدمين ـ ولكن هل مسح منذ أنزلت سورة المائدة فإنّها أحكمت كل شيء وكانت آخر سورة من القرآن إلا براءة. (٢)

__________________

١. المستدرك للحاكم : ١ / ٢٤١.

٢. الدر المنثور : ٣ / ٢٩.

٤٨

١٤. عن عروة بن الزبير انّ جبرئيل عليه‌السلام لمّا نزل على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أوّل البعثة فتح بالإعجاز عينا من ماء فتوضأ ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينظر إليه فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ومسح برأسه ورجليه إلى الكعبين ، ففعل النبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما رأى جبرئيل يفعل. (١)

١٥. روى عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، عن أبيه انّ أبا جبير قدم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع ابنته التي تزوجها رسول الله ، فدعا رسول الله بوضوء فغسل يديه فأنقاهما ، ثمّ مضمض فاه واستنشق بماء ، ثمّ غسل وجهه ويديه إلى المرفقين ثلاثا ، ثمّ مسح رأسه ورجليه. (٢)

إلى هنا تمّ ما عثرنا عليه من الروايات عن النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على وجه عابر ، وهي تدلّ على أنّ قول النبي وفعله كان على المسح لا الغسل.

ما حكي عن الصحابة والتابعين حول مسح الأرجل

١٦. حدث سفيان قال : رأيت عليا عليه‌السلام توضّأ فمسح ظهورهما. (٣)

١٧. عن حمران انّه قال : رأيت عثمان دعا بماء غسل ، فغسل كفيه ثلاثا ومضمض واستنشق وغسل وجهه ثلاثا وذراعيه ثلاثا ومسح برأسه وظهر قدميه. (٤)

١٨. عن عاصم الأحول ، عن أنس قال : نزل القرآن بالمسح والسنّة بالغسل. وهذا اسناد صحيح. (٥)

__________________

١. الخصائص الكبرى : ١ / ٩٤.

٢. أسد الغابة : ٥ / ١٥٦.

٣. مسند أحمد : ١ / ٢٠٠ ، الحديث ١٠١٨.

٤. كنز العمال : ٥ / ١٠٦.

٥. الأحاديث ١٨ ـ ٢٦ ، كلّها منقولة من تفسير الطبري : ٦ / ٨٢.

٤٩

١٩. عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : الوضوء غسلتان ومسحتان.

٢٠. عن عبد الله العتكي ، عن عكرمة قال : ليس على الرجلين غسل انّما نزل فيهما المسح.

٢١. عن جابر ، عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام قال : امسح على رأسك وقدميك.

٢٢. عن ابن علية بن داود ، عن عامر الشعبي انّه قال : إنّما هو المسح على الرجلين ألا ترى أنّ ما كان عليه الغسل جعل عليه المسح وما كان عليه المسح أهمل ( في التيمّم ).

٢٣. عن عامر الشعبي ، قال : أمر أن يمسح في التيمّم ما أمر أن يغسل في الوضوء ، وأبطل ما أمر أن يمسح في الوضوء : الرأس والرجلان.

٢٤. عن عامر الشعبي قال : أمر أن يمسح بالصعيد في التيمّم ، ما أمر أن يغسل بالماء ، وأهمل ما أمر أن يمسح بالماء.

٢٥. عن يونس قال : حدثني من صحب عكرمة إلى واسط قال : فما رأيته غسل رجليه ، إنّما يمسح عليهما حتّى خرج منها.

٢٦. عن قتادة في تفسير قوله سبحانه ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) افترض الله غسلتين ومسحتين.

٢٧. قال موسى بن أنس لأبي حمزة : إنّ الحجاج خطبنا بالأهواز ونحن معه ، فذكر الطهور فقال : اغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برءوسكم وأرجلكم ، وأنّه ليس شيء من ابن آدم أقرب من خبثه من قدميه ، فاغسلوا بطونهما وظهورهما وعراقيبهما ، فقال أنس : صدق الله وكذب الحجاج ، قال الله تعالى :

٥٠

( وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ).

قال : وكان أنس إذا مسح قدميه بلّها.

قال ابن كثير : إسناده صحيح إليه. (١)

٢٨. عن الشعبي قال : نزل جبرئيل بالمسح ، ثمّ قال الشعبي : ألا ترى أنّ التيمم أن يمسح ما كان غسل ويلغى ما كان مسحا. (٢)

٢٩. عن إسماعيل قلت لعامر الشعبي : إنّ أناسا يقولون إنّ جبرئيل نزل بغسل الرجلين؟ فقال : نزل جبرئيل بالمسح. (٣)

٣٠. عن النزال بن سبرة انّ عليا دعا بماء فتوضأ ثمّ مسح على نعليه وقدميه ، ثمّ دخل المسجد فخلع نعليه ثمّ صلّى. (٤)

٣١. عن أبي ظبيان قال : رأيت عليا وعليه إزار أصفر وخميصة وفي يديه عنزة أتى حائط السجن ، ثم تنحى فتوضأ ومسح على نعليه وقدميه ثمّ دخل المسجد ، فخلع نعليه ثمّ صلّى. (٥)

هذا غيض من فيض ، وقليل من كثير ، فمن تفحّص المسانيد والصحاح ومجامع الآثار يقف على أكثر ممّا وقفنا عليه على وجه عابر.

( أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ ). (٦)

__________________

١. جامع البيان : ٦ / ٨٢ ؛ محاسن التأويل : ٦ / ١١١ ؛ تفسير القرآن العظيم : ٢ / ٢٧.

٢. تفسير القرآن العظيم : ٢ / ٢٧.

٣. تفسير القرآن العظيم : ٢ / ٢٥.

٤. كنز العمال : ٩ / ٤٣٥ برقم ٢٦٨٥٦.

٥. كنز العمال : ٥ / ١٢٦.

٦. الأنعام : ٩٠.

٥١

١٢

التجاهل لروايات المسح

قد تجاهل ابن كثير ومن تبعه روايات المسح وقال :

قد خالف الروافض في ذلك ( غسل الرجلين ) بلا مستند ، بل بجهل وضلالة ، فالآية الكريمة دالّة على وجوب غسل الرجلين مع ما ثبت بالتواتر من فعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على وفق ما دلّت عليه الآية الكريمة ، وهم مخالفون لذلك كلّه وليس لهم دليل صحيح في نفس الأمر. (١)

وكأنّه لم يمعن النظر في الآية الكريمة ونصوص دلالتها على لزوم المسح ، وكأنّه لم يقف على تلك الأحاديث الكثيرة حينما ادّعى التواتر على الغَسل ، أو وقف عليها ولم يتأمّل فيها.

وقد تبعه الشيخ إسماعيل البروسوي قائلاً : ذهبت الروافض إلى أنّ الواجب في الرجلين المسح ، ورووا في المسح خبرا ضعيفا شاذّا. (٢)

وكذلك ادّعى الآلوسي تشبّث الشيعة برواية واحدة حيث قال :

ولا حجّة لهم في دعوى المسح إلاّ بما روي عن علي ـ كرم الله تعالى وجهه ـ

__________________

١. تفسير القرآن العظيم : ٢ / ٥١٨.

٢. تفسير روح البيان : ٢ / ٣٥١.

٥٢

( انّه مسح (١) وجهه ويديه ، ومسح رأسه ورجليه ، وشرب فضل طهوره قائماً ). (٢)

ولو كان البروسوي والآلوسي معذورين في هذا العزو ، وأنّه ليس لوجوب المسح أيّ دليل سوى رواية شاذّة ، فليس هناك عذر لمن وقف على هذه الروايات الكثيرة التي تتجاوز الثلاثين ، فلو لم نقل بأنّ المسح نقل بالتواتر فلا بدّ أن نقول إنّه مستفيض.

أضف إلى ذلك أنّ الكتاب يدعمه ، فلا سبيل لنا إلاّ الأخذ بما يوافق الكتاب ، وتأويل المخالف أي ما دلّ على الغسل بوجه بأن يقال : كان يغسل في فترة بعد البعثة لكن نسخته الآية المباركة أو غير ذلك من المحامل.

( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ). (٣)

__________________

١. كذا في المصدر ، والصحيح : غسل.

٢. روح المعاني : ٦ / ٨٧.

٣. الإسراء : ٣٦.

٥٣

١٣

أسماء أعلام الصحابة والتابعين

القائلين بالمسح

قد تعرّفت على الروايات الدّالة على لزوم المسح في الوضوء ، وقد رواها أعلام الصحابة والتابعين ونقلها أصحاب الصحاح والمسانيد.

ولأجل إيقاف القارئ على أسمائهم وشيء من مكانتهم في النقل نذكر أسماءهم مع الإيعاز إلى ترجمتهم على وجه الإيجاز مرفقة برقم حديثهم. ليقف القارئ على أنّ القائلين به هم جبهة الصحابة والتابعين وسنام الثقات :

١. الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام وأنّه عليه‌السلام قال : لو كان الدين بالرأي لكان باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما ، لكن رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسح ظاهرهما. ( أنظر الحديث ٦ ).

٢. الإمام الباقر عليه‌السلام محمد بن علي بن الحسين الإمام الثبت الهاشمي العلوي المدني أحد الأعلام ، روى عن أبيه ، وكان سيد بني هاشم في زمانه ، اشتهر بالباقر من قولهم : بقر العلم ، يعني : شقّه ، فعلم أصله وخفيه (١) ( أنظر

__________________

١. تذكرة الحفاظ : ١ / ١٢٤ ؛ تهذيب التهذيب : ٩ / ٣٥٠ ؛ حلية الأولياء : ٣ / ١٨٠ ؛ شذرات الذهب : ١ / ١٤٩ ؛ الطبقات الكبرى : ٥ / ٣٢٤.

٥٤

الحديث ٢١ ).

٣. بسر بن سعيد ، الإمام القدوة المدني ، مولى بني الحضرمي ، حدّث عن عثمان بن عفان ، وثّقه : يحيى بن معين والنسائي ، قال : محمد بن سعد : كان من العباد المنقطعين والزهاد ، كثير الحديث. (١) ( أنظر الحديث ٢١ ).

٤. حمران بن أبان مولى عثمان بن عفان : يروي عنه ( أنظر الحديث ٢ ) وكان من أهل الوجاهة ، ذكره ابن حبان في الثقات. (٢)

٥. عثمان بن عفان ، وقد تقدم في الحديث ( ١ و ٢ ) انّه كان يتوضأ ويمسح على رجليه ويقول : هذا وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٦. أبو مطر ذكره ابن حبان في الثقات ، روى عنه الحجاج بن أرطاة. (٣) ( أنظر الحديث ٤ ).

٧. عبد الله بن زيد المازني صاحب حديث الوضوء عن فضلاء الصحابة يعرف بابن أم عمارة (٤). ذكره ابن حبان في الثقات (٥). ( أنظر الحديث ٣ ).

٨. النزال بن سبرة الهلالي الكوفي ، روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي عليه‌السلام ( أنظر الحديث ٣٠ ) وعثمان وأبي بكر وابن مسعود ، وقال العجلي : كوفي تابعي ، ثقة من كبار التابعين ، وذكره ابن حبان في الثقات. (٦)

٩. عبد خير بن يزيد ، قال العجلي : كوفي تابعي ثقة ، وذكره ابن حبان في الثقات التابعين وجزم بصحبته عبد الصمد بن سعيد الحمصي في كتاب

__________________

١. سير أعلام النبلاء : ٤ / ٥٩٤.

٢. الثقات : ٤ / ١٧٩.

٣. الثقات : ٧ / ٦٦٤.

٤. سير أعلام النبلاء : ٢ / ٣٧٧.

٥. الثقات : ٣ / ٢٢٣.

٦. تهذيب التهذيب : ١٠ / ٤٢٣ ؛ التأريخ الكبير : ٨ / ١١٧.

٥٥

الصحابة. (١) ( أنظر الحديث ٦ ).

١٠. عباد بن تميم بن غزية الأنصاري الخزرجي المازني : روى عن أبيه وعن عمه عبد الله بن زيد وعن عويمر بن سعد ، وثّقه : العجلي والنسائي وغيرهما ، وحديثه في الصحيحين ( البخاري ومسلم ) (٢) وذكره ابن حبان في الثقات (٣). ( أنظر الحديث ٥ ، ١٠ ).

١١. عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، وكان يسمّى البحر لسعة علمه ، ويسمّى حبر الأمّة. وقال عبد الله بن عتبة : كان ابن عباس قد فاق الناس بخصال : بعلم ما سبقه ، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه ، وقال : ما رأيت أحدا كان أعلم بما سبقه من حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منه ، ولا أفقه في رأي عنه ، ولا أعلم بتفسير القرآن منه (٤). ( أنظر الحديث ١٣ ، ١٩ ).

١٢. أوس بن أبي أوس الثقفي : روى له أصحاب السنن الأربعة ، أحاديث صحيحة من رواية الشاميين عنه (٥). ( أنظر الحديث ١١ ).

١٣. الشعبي : عامر بن شراحيل بن عبد ، هو الإمام الحافظ الفقيه المتقي أستاذ أبي حنيفة وشيخه. قال أحمد بن حنبل ، والعجلي : مرسل الشعبي صحيح ، لأنّه لا يكاد يرسل إلاّ صحيحا. وقال ابن عيينة : العلماء ثلاثة : ابن عباس في زمانه ، والشعبي في زمانه ، والثوري في زمانه (٦). ( أنظر الحديث ٢٢ ، ٢٣ ، ٢٤ ، ٢٨ ).

__________________

١. تهذيب التهذيب : ٦ / ١٢٤.

٢. الإصابة : ٤ / ٢٣.

٣. الثقات : ٥ / ١٤١.

٤. أسد الغابة : ٣ / ١٩٢ ـ ١٩٥.

٥. الإصابة : ١ / ٩٢.

٦. تذكرة الحفاظ : ١ / ٧٩ ؛ تهذيب التهذيب : ٥ / ٦٥ ؛ حلية الأولياء : ٤ / ٣١٠ ؛ شذرات الذهب : ١ / ١٢٦ ؛ طبقات الحفاظ : ٤٣.

٥٦

١٤. عكرمة : أبو عبد الله المدني مولى ابن عباس ، ذكره ابن حبان في الثقات ، وقال : كان من علماء زمانه بالفقه والقرآن ، وكان جابر بن زيد يقول : عكرمة من أعلم الناس ، روى له أصحاب السنن الأربعة أحاديث صحيحة. (١) ( أنظر الحديث ٢٥ ، ٢٠ ).

١٥. رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان أبو معاذ الزرقي ، شهد بدرا. وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مات في أوّل خلافة معاوية. (٢) ذكره ابن حبان في الثقات. (٣) ( أنظر الحديث ٧ ، ١٢ ).

١٦. عروة بن الزبير بن العوام القرشي أخو عبد الله بن الزبير ، فقيه عالم ، وكان من أفاضل أهل المدينة وعلمائهم ، ذكره ابن حبان في الثقات. (٤) ( أنظر الحديث ١٤ ).

١٧. قتادة بن عزيز الحافظ العلامة أبو الخطاب السدوسي البصري الضرير الأكمه المفسر. قال أحمد بن حنبل : قتادة عالم بالتفسير وباختلاف العلماء ، ووصفه بالحفظ. وأطنب في ذكره. وكان أحفظ أهل البصرة ، مات بواسط في الطاعون سنة ١١٨ ه‍. (٥) وذكره ابن حبان في الثقات (٦). ( أنظر الحديث ٢٦ ).

١٨. أنس بن مالك بن النضر خادم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

١. تهذيب التهذيب : ٧ / ٢٩٣ ، تذكرة الحفاظ : ١ / ٩٥ ؛ تهذيب الأسماء : ١ / ٣٤٠.

٢. تهذيب التهذيب : ٣ / ٢٨١.

٣. الثقات : ٤ / ٢٤٠.

٤. الثقات : ٥ / ١٩٤ ـ ١٩٥ ؛ تذكرة الحفاظ : ١ / ٩٢ ؛ تهذيب التهذيب : ٧ / ١٨٠.

٥. تذكرة الحفاظ : ١ / ١٢٢ ـ ١٢٤.

٦. الثقات : ٥ / ٣٢١ ؛ البداية والنهاية : ٩ / ٣١٣ ؛ تهذيب الأسماء : ٢ / ٥٧ ؛ تهذيب التهذيب : ٨ / ٣٣٧.

٥٧

المدينة وهو ابن عشر سنين ، وتوفي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو ابن عشرين سنة ، انتقل إلى البصرة وتوفي بها عام ٩١ ه‍. (١) ( أنظر الحديث ١٨ ).

١٩. موسى بن أنس بن مالك قاضي البصرة ، يروي عن أبيه ، روى عنه مكحول وحميد الطويل. (٢) ( أنظر الحديث ٢٧ ).

٢٠. حصين بن جندب الكوفي الجنبي ( أبو ظبيان الكوفي ) يروي عن علي بن أبي طالب وسلمان ، روى عنه : إبراهيم والأعمش ، مات سنة ٥٦ ه‍ ، ذكره ابن حبان في الثقات. (٣) ( أنظر الحديث ٣١ ).

٢١. جبير بن نفير بن مالك بن عامر الحضرمي ، يروي عن : أبي ذر وأبي الدرداء ، روى عنه أهل الشام ، كنيته أبو عبد الرحمن ، مات سنة ٨٠ ه‍ بالشام ، ذكره ابن حبان في الثقات. (٤) ( أنظر الحديث ١٥ ).

٢٢. إسماعيل بن أبي خالد البجلي الأحمسي أبو عبد الله الكوفي ، قال العجلي : وكان رجلا صالحا ثقة ثبتا وكان طحانا. وقال مروان بن معاوية : كان إسماعيل يسمّى الميزان. مات سنة ١٤٦ ه‍. (٥) ( أنظر الحديث ٢٩ ).

٢٣. تميم بن زيد المازني ، أبو عباد الأنصاري من بني النجّار ، له صحبة ، وحديثه عند ولده. (٦) ( أنظر الحديث ٥ ، ١٠ ).

__________________

١. الثقات : ٢ / ٤ ، أسد الغابة : ١ / ٨٤ ، تذكرة الحفاظ : ١ / ٤٤ ، شذرات الذهب : ١ / ١٠٠.

٢. الثقات : ٥ / ٤٠١.

٣. المصدر السابق : ٤ / ١٥٦.

٤. الثقات ٤ / ١١١ ، تذكرة الحفاظ : ١ / ٥٢ ، تهذيب التهذيب : ٢ / ٦٤ ، شذرات الذهب : ١ / ٨٨.

٥. تذكرة الحفاظ : ١ / ١٥٣ ، تهذيب التهذيب : ١ / ٢٩١ ، العبر : ١ / ٢٠٣.

٦. الثقات : ٣ / ٤١.

٥٨

٢٤. عطاء القداحي ، يروي عن عبد الله بن عمر ، وروى عنه : عروة بن قيس ، والد يعلى بن عطاء ، ذكره ابن حبان في الثقات. (١) ( أنظر الحديث ١١ ).

٢٥. أبو مالك الأشعري : الحارث بن الحارث الأشعري الشامي الصحابي ، روى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعنه أبو سلام الأسود. يكنى أبا مالك ، طعن أبو مالك الأشعري وأبو عبيدة بن الجراح في يوم واحد ، وتوفي في خلافة عمر. (٢) ( أنظر الحديث ٩ ).

وإن تعجب فعجب قول الشوكاني ، حيث يقول : لم يثبت من أحد من الصحابة خلاف ذلك ( أي الغسل ) إلاّ علي وابن عباس وأنس. (٣)

غير انّ اعتقاده بالغسل عاقه عن الفحص والتتبّع في السنن والمسانيد.

__________________

١. الثقات : ٥ / ٢٠٢.

٢. تهذيب التهذيب : ٢ / ١٣٦ و ١٢ / ٢١٨.

٣. نيل الأوطار : ١ / ١٦٣.

٥٩

١٤

تأمّلات واهية في أخبار المسح

إنّ لأهل النظر والبحث من أهل السنّة القائلين بالغسل في الوضوء ـ أمام تلك الروايات المخالفة لمذهبهم ـ تأمّلات مختلفة نذكر المهمّ منها :

التأمّل الأوّل : أنّ روايات المسح ضعيفة ، ونقل عن البخاري والشافعي أنّهما ضعّفاها باعتبار أنّ مخالفها أكثر وأثبت منها (١).

يلاحظ عليه : أنّه ، كيف نضعّف تلك الروايات المستفيضة؟! وإنّما الذي يخضع للنقاش والجرح هو الخبر الواحد ، لا المستفيض ولا المتواتر.

مضافا إلى أنّ في الروايات من يرويها البخاري ، فما ظنّك برواية يرويها الإمام البخاري؟! ( لاحظ الرواية رقم ٨ ).

التأمّل الثاني : إنّ هذا كان في أوّل الإسلام ، ثم نسخ بأحاديث الغسل.

يلاحظ عليه : أنّ كثيرا من هذه الروايات رويت للاحتجاج على القائلين بالغسل ، فهل يمكن غفلة الراوي عن هذا الأمر؟! وبتعبير أوضح : أنّ الصحابة والتابعين يروونها لغاية إثبات أنّ الفريضة في

__________________

١. ابن القيم : في هامش مختصر سنن أبي داود : ١ / ٩٦.

٦٠