الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف - ج ١

الشيخ جعفر السبحاني

الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف - ج ١

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-047-9
الصفحات: ٥٨٤

٤

المتعة في السنّة النبوية

قد تعرفت على دلالة الذكر الحكيم على حلّية المتعة واستمرارها إلى يومنا هذا فحان البحث عن السنّة النبوية وقد مضى شطر منها حول تفسير الآية من الصحابة والتابعين (١) ، ولنذكر من الروايات ما يدلّ على حلية المتعة واستمرارها من الصحاح والمسانيد :

١. أخرج الحفاظ عن عبد الله بن مسعود انّه قال : كنّا نغزو مع رسول الله وليس لنا نساء فقلنا : يا رسول الله ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك ثمّ رخص لنا أن ننكح بالثوب إلى أجل ثمّ قرأ علينا ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ ). (٢)

وغرضه من تلاوة الآية هو الإطاحة بقول من حرّمها من غير دليل ، فنكاح المتعة عند ابن مسعود من الطيبات التي أحلّها الله سبحانه ، وليس لأحد تحريم الطيبات.

٢. أخرج مسلم عن جابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع ، قال : خرج علينا

__________________

١. لاحظ صفحة ٤٩٥ ـ ٤٩٦ من هذا الكتاب.

٢. صحيح البخاري : ٧ / ٤ ، باب ما يكره من التبتل والخصاء من كتاب النكاح ، صحيح مسلم : ٤ / ١٣٠ ، باب نكاح المتعة من كتاب النكاح.

٥٠١

منادي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أذن لكم أن تستمتعوا ( يعني : متعة النساء ). وفي لفظ : إنّ رسول الله أتانا فأذن لنا في المتعة. (١)

٣. أخرج مسلم عن ابن جريج ، قال : أخبرني أبو الزبير قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي بكر حتّى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث. (٢)

٤. أخرج مسلم في صحيحه عن أبي نضرة قال : كنت عند جابر بن عبد الله ، فأتاه آت فقال ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين ، فقال جابر : فعلناهما مع رسول الله ثمّ نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما. (٣)

٥. أخرج الترمذي انّ رجلا من أهل الشام سأل ابن عمر عن المتعة ، فقال : هي حلال ، فقال الشامي : إنّ أباك قد نهى عنها؟ فقال ابن عمر : أرأيت إن كان أبي قد نهى عنها وقد صنعها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر أبي نتّبع أم أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. (٤)

٦. أخرج مسلم في صحيحه عن عروة بن الزبير انّ عبد الله بن الزبير قام بمكة فقال : إنّ ناسا أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة يعرّض برجل ( ابن عباس ) فناداه فقال : إنّك لجلف جاف ، فلعمري لقد كانت المتعة تفعل على عهد إمام المتقين ( يريد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) فقال له ابن الزبير : فجرّب بنفسك ، فو الله لئن فعلتها لأرجمنّك بأحجارك. (٥)

__________________

١. المصدر السابق ، وانظر صحيح البخاري : ٧ / ١٣ ، باب نهي الرسول عن نكاح المتعة من كتاب النكاح.

٢. صحيح مسلم : ٤ / ١٣١ ، باب نكاح المتعة من كتاب النكاح.

٣. صحيح مسلم : ٤ / ١٣١ ، باب نكاح المتعة من كتاب النكاح.

٤. سنن الترمذي : ٣ / ١٨٦ برقم ٨٢٤.

٥. صحيح مسلم : ٤ / ١٣٣ ، باب نكاح المتعة من كتاب النكاح.

٥٠٢

والعجب من ابن الزبير حيث يرجم من ينكح نكاح المتعة ـ تبعا لسلفه ـ مع أنّ الحدود تدرأ بالشبهات ، فالفاعل يعتقد بكونه نكاحا حلالا لا سفاحا ، وله من الكتاب والسنّة دليل ومع هذه الشبهة كيف يرجم إلاّ أن يكون غرضه التهديد والتخويف.

٧. أخرج مسلم عن ابن شهاب انّه قال : فأخبرني خالد بن المهاجر بن سيف الله انّه بينا هو جالس عند رجل جاءه رجل فاستفتاه في المتعة فأمره بها ، فقال له ابن أبي عمرة الأنصاري : مهلا ما هي والله لقد فعلت في عهد إمام المتقين. (١)

٨. أخرج أحمد في مسنده عن عبد الرحمن بن نعيم الأعرجي قال : سأل رجل ابن عمر في المتعة ـ وأنا عنده ـ متعة النساء ، فقال : والله ما كنّا على عهد رسول الله زانين ولا مسافحين. (٢)

٩. أخرج أحمد في مسنده عن ابن الحصين انّه قال : نزلت آية المتعة في كتاب الله تبارك وتعالى وعملنا بها مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم تنزل آية تنسخها ولم ينه عنها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى مات. (٣)

١٠. روى ابن حجر عن سمير ( لعلّه سمرة بن جندب ) قال : كنّا نتمتع على عهد رسول الله. (٤)

ولنقتصر على هذا المقدار وقد تعرفت على أسماء المحلّلين للمتعة من الصحابة والتابعين في كلام ابن حزم في « المحلّى ». (٥)

__________________

١. صحيح مسلم : ٤ / ١٣٣ ـ ١٣٤ ، باب نكاح المتعة من كتاب النكاح.

٢. مسند أحمد : ٢ / ٩٥.

٣. مسند أحمد : ٤ / ٤٣٦.

٤. الإصابة : ٢ / ١٨١.

٥. لاحظ ص ٤٩٨ من هذا الكتاب.

٥٠٣

قال أبو عمر ( صاحب الاستيعاب ) : أصحاب ابن عباس من أهل مكة واليمن كلّهم يرون المتعة حلالا على مذهب ابن عباس وحرمها سائر الناس. (١)

وقال القرطبي في تفسيره : أهل مكة كانوا يستعملونها كثيرا. (٢)

وقال الرازي في تفسيره : ذهب السواد الأعظم من الأمّة إلى أنّها صارت منسوخة ، وقال السواد منهم إنّها بقيت كما كانت. (٣)

وهذه الكلمات المنثورة في الكتب والتي تجد لها نظائر كثيرة تثبت انّ المتعة كانت أمرا حلالا في عهد رسول الله ودامت إلى شطر من خلافة عمر ، فمن حاول إثبات النسخ فعليه أن يأتي بدليل قاطع يصلح لنسخ القرآن الكريم ، فان خبر الواحد لا ينسخ به القرآن ، والقرآن دليل قطعي لا ينسخ إلاّ بدليل قطعي.

والذي يعرب عن عدم وجود الناسخ هو انّ التحريم يسند إلى عمر وانّه هو المحرم كما سيوافيك لفظه ، فلو كان هناك تحريم من رسول الله لما أسند عمر التحريم إلى نفسه!!

قال الرازي : إنّ الأمّة مجمعة على أنّ نكاح المتعة كان جائزا في الإسلام ولا خلاف بين أحد من الأمّة فيه إنّما الخلاف في طريان الناسخ ، فنقول : لو كان الناسخ موجودا ، لكان ذلك الناسخ إمّا أن يكون معلوما بالتواتر أو بالآحاد ، فإن كان معلوما بالتواتر ، كان علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وعمران بن الحصين منكرين لما عرف ثبوته بالتواتر من دين محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذلك يوجب تكفيرهم ، وهو باطل قطعا ، وإن كان ثابتا بالآحاد فهذا أيضا باطل ، لأنّه لما كان ثبوت

__________________

١. تفسير القرطبي : ٥ / ١٣٣.

٢. تفسير القرطبي : ٥ / ١٣٢ ؛ فتح الباري : ٩ / ١٤٢.

٣. تفسير الرازي : ١٠ / ٥٣.

٥٠٤

إباحة المتعة معلوما بالإجماع والتواتر ، كان ثبوته معلوما قطعا ، فلو نسخناه بخبر الواحد لزم جعل المظنون رافعا للمقطوع وانّه باطل.

قالوا : وممّا يدلّ أيضا على بطلان القول بهذا النسخ ، إنّ أكثر الروايات انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر ، وأكثر الروايات انّه عليه الصلاة والسّلام أباح المتعة في حجّة الوداع وفي يوم الفتح ، وهذان اليومان متأخران عن يوم خيبر ، وذلك يدلّ على فساد ما روي انّه عليه‌السلام نسخ المتعة يوم خيبر ، لأنّ الناسخ يمتنع تقدّمه على المنسوخ ، وقول من يقول : إنّه حصل التحليل مرارا والنسخ مرارا ضعيف ، لم يقل به أحد من المعتبرين ، إلاّ الذين أرادوا إزالة التناقض عن هذه الروايات. (١)

وسيوافيك اضطراب أقوال المحرّمين ـ ربّما ناهزت الستة ـ في عدد التحليل والتحريم ومكانهما ، وهذا النوع من الاضطراب ، يورث الشكّ في أصل التحريم ، فانتظر.

__________________

١. تفسير الرازي : ١٠ / ٥٢.

٥٠٥

٥

المتعة في التفاسير غير الروائية

لقد تعرفت على موقف التفاسير الروائية من تفسير الآية بالنكاح المؤقت ، حيث نقل الطبري والسيوطي والثعلبي نزول الآية في المتعة ، هلمّ معي ندرس ما ذكره الآخرون من المفسرين فإنّهم بين من فسروا الآية بنكاح المتعة بقول واحد أو جعلوا نزولها في نكاح المتعة أحد القولين ، وها نحن ننقل في المقام شيئا موجزا.

١. يقول الزمخشري : قيل نزلت في المتعة التي كانت ثلاثة أيام حين فتح الله مكة على رسوله. (١)

٢. قال القرطبي : قال الجمهور : إنّها نزلت في نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام. (٢)

٣. وقال البيضاوي : نزلت الآية في المتعة التي كانت ثلاثة أيام حين فتحت مكة. (٣)

٤. وقال ابن كثير : وقد استدلّ بعموم الآية على نكاح المتعة ، ولا شكّ انّه

__________________

١. الكشاف : ١ / ٥١٩.

٢. الجامع لأحكام القرآن : ٥ / ١٣٠.

٣. أنوار التنزيل : ١ / ٣٧٥.

٥٠٦

كان مشروعا في ابتداء الإسلام ثمّ نسخ ، وقد قيل بإباحتها للضرورة وهي رواية واحدة عن الإمام أحمد. (١)

٥. وقال أبو السعود : نزلت في المتعة التي هي النكاح إلى وقت معلوم (٢) وقد تعرفت على كلام الرازي تفصيلا.

٦. وقال الشوكاني : قال الجمهور : إنّ المراد بالآية نكاح المتعة الذي كان في صدر الإسلام ويؤيد ذلك قراءة أبيّ بن كعب وابن عباس وسعيد بن جبير « فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن ». (٣)

٧. وقال علاء الدين البغدادي في تفسيره المعروف بتفسير « الخازن » : المراد من حكم الآية هو نكاح المتعة ، وهو أن ينكح امرأة إلى مدة معلومة بشيء معلوم ، فإذا انقضت المدة بانت منه بغير طلاق ، وكان هذا في ابتداء الإسلام. (٤)

٨. وقال الآلوسي : قراءة ابن عباس وعبد الله بن مسعود ، الآية : « فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى » ثمّ قال : ولا نزاع عندنا في أنّها قد حلّت ثمّ حرمت. (٥)

وفيما ذكرنا غنى وكفاية غير انّ هؤلاء الأعاظم ـ عفا الله عنّا وعنهم ـ بين من نسب الحلية إلى صدر الإسلام كالقرطبي وابن كثير والخازن ومن نسبها إلى عام الفتح كالزمخشري والبيضاوي ، وقد عرفت أنّ نكاح المتعة كان أمرا رائجا حين بزوغ شمس الإسلام وانّ التشريع الإسلامي ، أنفذها وحدّد لها حدودا وأكملها حتى عادت نكاحا صحيحا ، تحل مشاكل الأمة في أوقات حرجة.

__________________

١. تفسير ابن كثير : ١ / ٤٧٤.

٢. هامش تفسير الرازي : ٢ / ٢٥١.

٣. تفسير الشوكاني : ١ / ٤١٤ كما في الغدير : ٦ / ٢٣٥.

٤. تفسير الخازن : ١ / ٣٥٧.

٥. روح المعاني : ٥ / ٥.

٥٠٧

٦

شبهات وحلول

قد تعرفت على دلالة الذكر الحكيم والسنّة النبوية على حلّية المتعة واستمرارها بعد رحيله فلا منتدح للمسلم عن القول بجوازه فمن حرّمها فقد حرّم ما أحل الله.

ثمّ إنّ جمعا ممّن لم يقف على حدود المتعة ولا على حقيقتها راموا ينحتون شبهات واهية حول تحليل المتعة ، ونحن نذكر تلكم الشبهات واحدة تلو الأخرى حتّى يتّضح انّ التشريع الإلهي من أحكم التشريعات وأنصعها فلا يزول بهذه الشبهات التي هي أوهن من بيت العنكبوت.

الشبهة الأولى : المتعة وتكوين الأسرة

الهدف من تشريع النكاح هو تكوين الأسرة وإيجاد النسل وهو يختص بالنكاح الدائم دون المنقطع الذي لا يترتب عليه سوى استجابة للقوة الشهوية وصب الماء والسفح.

قال الدكتور الدريني : شرع النكاح في الإسلام لمقاصد أساسية قد نصّ عليها القرآن الكريم صراحة ترجع كلّها إلى تكوين الأسرة الفاضلة التي تشكّل النواة الأولى للمجتمع الإسلامي بخصائصه الذاتية من العفّة والطهر والولاية

٥٠٨

والنصرة والتكافل الاجتماعي ، ثمّ يقول : إنّ الله إذ يربط الزواج بغريزة الجنس لم يكن ليقصد مجرد قضاء الشهوة ، بل قصد أن يكون على النحو الذي يحقّق ذلك المقصد بخصائصه من تكوين الأسرة التي شرع أحكامها التفصيلية في القرآن الكريم.

وعلى هذا فان الاستمتاع مجردا عن الأنجاب وبناء الأسرة ، يحبط مقصد الشارع من كلّ أصل تشريع النكاح. (١)

يلاحظ عليه بوجوه :

الأوّل : أنّ الأستاذ خلط علّة التشريع ومناطه ، بحكمته ، فإنّ العلّة عبارة عمّا يدور الحكم مدارها ، يحدث الحكم بوجودها ويرتفع بارتفاعها ، وهذا بخلاف الحكمة ، فربّما يكون الحكم أوسع منها ، وإليك توضيح الأمرين :

إذا قال الشارع اجتنب المسكر ، فالسكر علّة وجوب الاجتناب بحجّة تعليق الحكم على ذلك العنوان ، فما دام المائع مسكرا ، له حكمه ، فإذا انقلب إلى الخلّ يرتفع.

وأمّا إذا قال ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. ). (٢)

فالتربّص ـ لأجل تبيّن وضع الرحم ، وإنّها هل تحمل ولدا أو لا؟ ـ حكمة الحكم ، لا علّته ، ولأجل ذلك نرى أنّ الحكم أوسع منها بشهادة أنّه يجب التربّص

__________________

١. الدكتور الدريني في تقديمه لكتاب « الأصل في الأشياء الحلية. ولكن المتعة حرام » وكلّما ننقله منه فهو من تقديمه لهذا الكتاب ولاحظ أيضا : المنار : ٥ / ٨ فإنّ عامة اعتراضاته مأخوذة من هذا الكتاب. كما أنّ المنار ، في طرح الشبهات عيال على غيره حيّا الله الأمانة.

٢. البقرة : ٢٢٨.

٥٠٩

على من نعلم بعدم وجود حمل في رحمها.

١. كما إذا كانت عقيما لا تلد أبدا.

٢. إذا كان الرجل عقيما.

٣. إذا غاب عنها الزوج مدة طويلة كستة أشهر فما فوق ، ونعلم بعدم وجود حمل في رحمها.

٤. إذا تبيّن عن طريق إجراء التجارب الطبّية ، خلو رحمها عنه.

ومع العلم بعدم وجود الحكمة في هذه الموارد فحكم الآية محكمة وإن لم تكن حكمة الحكم موجودة ، وهذا لا ينافي ما توافقنا عليه من تبعية الأحكام للمصالح ، فان المقصود منه هو وجود الملاكات في أغلب الموارد لا في جميعها.

إذا عرفت الفرق بين الحكمة والعلّة تقف على أنّ الأستاذ خلط بين العلة والحكمة ، فتكوين الأسرة والأنجاب والتكافل الاجتماعي كلّها من قبيل الحكم بشهادة أنّ الشارع حكم بصحّة الزواج في موارد فاقدة لهذه الغاية.

١. يجوز زواج العقيم بالمرأة الولود.

٢. يجوز زواج المرأة العقيم بالرجل المنجب.

٣. يجوز نكاح اليائسة.

٤. يجوز نكاح الصغيرة.

٥. يجوز نكاح الشاب من الشابة مع العزم على عدم الأنجاب إلى آخر العمر.

أفيصح للأستاذ أن يشطب على هذه الأنكحة بقلم عريض بحجّة افتقادها لتكوين الأسرة؟!

٥١٠

على أنّ من الأمور الواضحة هو أنّ أغلب المتزوّجين في سنّ الشباب بالزواج الدائم لا يقصدون إلاّ قضاء الوطر ، واستيفاء اللذة من طريقها المشروع ، ولا يخطر ببالهم طلب النسل ، وإن كان يحصل لهم قهرا.

الثاني : يجب على الأستاذ التفصيل بين من يتزوّج متعة لغاية الأنجاب وتشكيل الأسرة بخصائصها الذاتية من العفّة ، والطهر ، والولاية ، والنصرة ، والتكافل الاجتماعي ، وبين من يتزوّج لقضاء الوطر ، ودفع الشهوة بهذا الطريق ، فيحرّم الثانية دون الأولى ، وأمّا إنّه لما ذا يتزوّج زواجا مؤقتا للإنجاب وتشكيل الأسرة؟ فلأجل وجود بعض التسهيلات في المؤقت دون الدائم.

إنّ الأستاذ كأكثر من كتب عن المتعة من أهل السنّة ، يتعامل مع المتمتع بها معاملة الغانيات المفتوحة أبوابهنّ ، يدخل عليهنّ في كل يوم رجل ويجتمع معهنّ ذلك اليوم ثم يفارق ويأتي رجل آخر بهذه الخصوصية. فلو كان هذا معنى التمتّع بالمرأة والزواج المؤقت ، فالشيعة الإمامية بريئون من هذا التشريع الذي يرادف الزنا إلاّ في التسمية. ولكن المتعة تفارق ذلك مائة بالمائة ، فربّما يكون هناك نساء توفّى عنهنّ أزواجهنّ ولهنّ جمالهنّ وكمالهنّ ، وربّما لا يتمكّن الرجل من الزواج الدائم لمشاكل اجتماعية ، ومع ذلك يرغب إلى هذه الطبقة من النساء فيتزوّجها طالبا بها رفع العنت أوّلا وتشكيل الأسرة بما لها من الخصوصيات ثانيا.

والحق أنّ ما اختمر في ذهن الكاتب وغيره من المتعة أشبه بالنساء المبذولات في بيوت خاصة ، ومحلاّت معيّنة فمثل ذلك لا يمكن أن تضفى عليه المشروعية ، غير أنّ المتعة الشرعية غير ذلك ، وربّما يتوقّف التزوّج بهنّ على طي عقبات ، فيشترط فيها ما يشترط في الدائم ، ويفارق الدائم بأمور أوضحها : الطلاق والنفقة.

٥١١

وأمّا التوارث فيتوارثان بالاشتراط على الأقوى ، ومثل ذلك يلازم الغايات المطلوبة للنكاح غالبا.

والحق أنّ الغاية القصوى في كل مورد رخّص فيه الشارع العلاقة الجنسية بعامّة أقسامها حتى ملك اليمين وتحليل الإماء في بعض المذاهب الفقهيّة هو صيانة النفس عن الوقوع في الزنا والسفاح. وأمّا سائر الغايات من تشكيل الأسرة ، والتكافل الاجتماعي ، فإنّما هي غايات ثانوية تحصل بالنتيجة سواء توخّاها الزوجان أم لا.

والغاية القصوى موجودة في الزواج المؤقت ، وأنّ الهدف من تشريعه هو صيانة النفس عن الحرام لمن لا يتمكّن من الزواج الدائم ، ولأجل ذلك استفاض عن ابن عباس قوله : « يرحم الله عمر ما كانت المتعة إلاّ رحمة من الله رحم بها أمّة محمد ولو لا نهيه عنها ما احتاج إلى الزنا إلاّ شقيّ ». (١) وروي النص باختلاف طفيف عن عليّ عليه‌السلام أيضا. (٢)

إنّ قوله سبحانه ( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ. ) (٣) دليل على أنّ الغاية من تجويز النكاح ، والنهي عن الرهبانية هو صيانة النفس عن الفحشاء ودفعها إلى التعفّف ، وهذه الغاية كما عرفت موجودة في جميع الأنكحة والعلاقات الجنسية من الزواج الدائم إلى الزواج المؤقّت إلى ملك اليمين إلى تحليل الإماء بشروطها المقرّرة في الفقه.

__________________

١. الدر المنثور : ٢ / ١٤١.

٢. لاحظ تفسير الرازي : ٣ / ٢٠٠ المسألة الثالثة في بيان نكاح المتعة.

٣. النور : ٣٣. وقوله ( وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها ) ( الروم : ٢ ).

٥١٢

الشبهة الثانية

المتعة خارجة عن الحصر المحلل

انّه سبحانه أمر بحفظ الفروج إلاّ في موردين وقال ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ. إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ. فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ ) (١) والمراد من قوله فمن ابتغى هم المتجاوزون عمّا أحله الله لهم إلى ما حرمه عليهم ، والمرأة المتمتع بها ليست زوجة ليكون لها على الرجل مثل الذي له عليها بالمعروف. (٢)

يلاحظ عليه : أنّ المستشكل لم يدرس حقيقة المتعة إلاّ بما دارت على الألسن من تشبيه المتعة بالنساء المبتذلات في بيوت خاصة ومحلات معينة ، ومن المعلوم انّ مثل هذه المرأة غير داخلة في قوله ( إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ ).

وأمّا المتمتع بها فهي زوجة حقيقة لا تحل بلا عقد ولا تحرم إلاّ بانقضاء الأجل ويجب عليها الاعتداد بعد الفراق ، كما تقدّم عند شرح نبذ من أحكامها إلى غير ذلك من الأحكام المذكورة فمثل ذلك داخل في قوله ( إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ ).

نسأل القائل إذا صحّ ما يقوله من أنّها ليست زوجة فكيف أحلّها الذكر

__________________

١. المؤمنون : ٥ ـ ٧.

٢. الدكتور الدريني في تقديمه ، ص ٢٦.

٥١٣

الحكيم والرسول الكريم في غير موقف من المواقف؟ فهل يتوهم انّه سبحانه أحلّ الفحشاء أو انّ نبيه دعا أصحابه إليها ، وهو القائل سبحانه ( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) (١) كلّ ذلك يبعث الباحث إلى القول بأنّ المتمتع بها زوجة بلا شك.

نحن نسأل القائل عن الزوجين اللّذين يتزوجان نكاح دوام ولكن ينويان الفراق بالطلاق بعد سنة. فهل هذا نكاح صحيح أو لا؟ لا أظن أنّ فقيها من فقهاء الإسلام يمنع ذلك إلاّ إذا أفتى بغير دليل ولا برهان ، فأي فرق يكون حينئذ بين المتعة وهذا النكاح الدائم سوى أنّ المدّة مذكورة في الأوّل دون الثاني؟

يقول صاحب المنار : إنّ تشديد علماء السلف والخلف في منع المتعة يقتضي منع النكاح بنيّة الطلاق ، وإن كان الفقهاء يقولون إنّ عقد النكاح يكون صحيحا إذا نوى الزوج التوقيت ولم يشترطه في صيغة العقد ، ولكن كتمانه إيّاه يعدّ خداعا وغشّا وهو أجدر بالبطلان من العقد الذي يشترط فيه التوقيت. (٢)

أقول : نحن نفترض أنّ الزوجين رضيا بالتوقيت لبّا ، حتى لا يكون هناك خداع وغشّ ، فهو صحيح بلا إشكال.

__________________

١. النور : ٣٣.

٢. تفسير المنار : ٥ / ١٧.

٥١٤

الشبهة الثالثة

لو كانت زوجة

فلما ذا لا ينفق عليها ولا ترث؟

إنّ المرأة المتمتع بها ليست أمة كما هو واضح ولا زوجة لعدم ترتّب آثار عقد النكاح الصحيح عليها كالنفقة والإرث والطلاق وقد استدلّ به غير واحد من المانعين ونقلها الرازي في تفسيره عنهم فقال :

وهذه المرأة لا شكّ انّها ليست مملوكة ولا زوجة ، ويدلّ عليه أنّها لو كانت زوجة لحصل التوارث بينهما لقوله تعالى ( وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ ) بالاتفاق لا توارث بينهما ، وثانيا لثبت النسب لقوله عليه الصلاة والسّلام : « الولد للفراش وللعاهر الحجر » وبالاتفاق لا يثبت ، ثالثا ولوجبت العدة عليها لقوله تعالى ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ). (١)

يلاحظ عليه : بأنّ المستدلّ خلط آثار الشيء بمقوماته ، فالذي يضرّ هو فقدان المقومات لا بعض الآثار ، فان النكاح رابطة وعلقة بين الزوجين ، كما أنّ

__________________

١. البقرة : ٢٣٤.

٥١٥

البيع رابطة بين المالين ، فالذي يجب وجوده هو ما جاء في التعريف من وجود الزوجين ، أو وجود المالين ، وأمّا ما وراء ذلك فإنّما هي آثار ربّما تترتّب ، وربّما تتخلّف ، فقد ذكر من آثار النكاح : النفقة ، والإرث ، والطلاق. وزعم أنّ فقدان واحد منها يوجب فقدان حقيقة النكاح ، ولكنّ الأمر ليس كذلك ، بشهادة الموارد التالية التي تفقد الآثار ولا تفقد حقيقة النكاح :

١. الزوجة الناشزة لا تجب نفقتها مع أنّها زوجة.

٢. الزوجة الصغيرة زوجة ولا تجب نفقتها.

٣. الزوجة القاتلة لا ترث الزوج مع أنّها زوجة.

٤. الزوجة المسلمة زوجة ولا ترث زوجها الكافر عند أهل السنّة.

٥. الزوجة المجنونة وغيرها من ذوي العاهات تفارق بلا طلاق قال الخرقي في متن المغني : « وأي الزوجين وجد بصاحبه جنونا أو جذاما أو برصا أو كانت المرأة رتقاء أو قرناء أو عفلاء أو فتقاء أو الرجل مجنونا فلمن وجد ذلك منهما بصاحبه الخيار في فسخ النكاح » (١) أي تبين بلا طلاق.

إلى غير ذلك من الموارد التي يبين فيها الزوجان بلا طلاق ممّا ذكره الفقهاء في مجوّزات الفسخ.

٦. الزوجة التي بأهلها الزوج تبين بلا طلاق.

وأمّا الاعتداد فقد مرّ انّها تعتدّ بعد انقضاء الأجل وعند موت الزوج.

ولا أدري من أين يقول إنّها لا تثبت النسب ، إذ لا فرق بين النكاحين في

__________________

١. المغني : ٧ / ١٠٩ تصحيح محمد خليل ، ولاحظ الخلاف للطوسي : ٢ / ٣٩٦ فصل في العيوب المجوّزة للفسخ المسألة ١٢٤.

٥١٦

موارد ثبوت النسب.

وقال السدّي ـ أحد التابعين ـ في تعريفه نكاح المتعة : الرجل ينكح المرأة بشرط إلى أجل مسمّى ويشهد شاهدان ، وينكح بإذن وليّها ، وإذا انقضت المدّة فليس له عليها سبيل ، وهي منه بريئة وعليها أن تستبرئ ما في رحمها ، وليس بينهما ميراث. (١)

وكان على الباحث أن يدرس مقوّمات الموضوع ويميّزها عن آثارها ، وعلى ذلك فالمتمتّع بها داخلة في قوله ( إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ ) بلا إشكال. ويترتّب على عقدها آثار خاصة وإن كان يفقد بعض آثار النكاح الدائم.

__________________

١. تفسير الطبري : ٥ / ٩.

٥١٧

الشبهة الرابعة

لو كانت جائزة لما أمر بنكاح الإماء والاستعفاف

لو كان نكاح المتعة زواجا صحيحا ونكاحا مطابقا للأصول فلما ذا أمر الله تعالى بالاستعفاف ، وقال ( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) (١) لأنّ أعباء الاستمتاع وتكاليفه سهلة ميسورة فلا حاجة إذن إلى الأمر بالاستعفاف ، وهذا دليل على أنّه ليس للمسلم إلاّ طريق واحد وهو النكاح أو الاستعفاف؟

يلاحظ عليه : أنّ الكاتب خلط بين النساء المتعفّفات ، والمبتذلات في النوادي والفنادق وبيوت الدعارة ، وقد عرفت أنّ كثيرا من النساء لعلوّ طبعهنّ لا يخضعن للمتعة وإن كانت حلالا ، إذ ليس كل حلال مرغوبا عند الكل ، ولأجل ذلك تصل النوبة إلى الاستعفاف وربما لا يجد الشاب نكاحا مؤقتا ولا دائما.

* * *

لو كانت المتعة جائزة لما وصلت النوبة إلى نكاح الإماء مع أنّه سبحانه قيّد

__________________

١. النور : ٣٣.

٥١٨

نكاحهن بعدم الاستطاعة على نكاح الحرائر دائما أو منقطعا حسب الفرض وقال ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ ) (١) لأنّ في نكاح المتعة مندوحة عن ذلك كلّه ، لو كان جائزا.

يقول الأستاذ مصطفى الرافعي : فلو كانت المتعة جائزة على الإطلاق لما كانت ثمة حاجة ـ كما يقول المانعون ـ إلى نكاح الأمة. (٢)

يلاحظ عليه : أنّ هذه الشبهة نظير ما سبق من الشبهة والجواب عن الجميع واحد ، ومصدرهما الذهنيّة الخاطئة بالنسبة إلى المتعة ، وتصور انّ المرأة المتمتع بها لا تختلف عن النساء المبتذلات اللاتي يعرضن أنفسهن في النوادي والفنادق وبيوت الدعارة ، فان الالتذاذ بهن يغني عن نكاح الإماء وما أكثرها في تلك البيوت.

ولكن المتمتع بهنّ ـ يا أستاذ ـ حرائر عفاف لا صلة بينهن وبين المتواجدات في دمن الفحشاء.

إنّ إغناء نكاح المتعة عن نكاح الإماء ، رجم بالغيب ، إذ ليس بالوفرة التي يتخيّلها الكاتب حتّى يستغنى بها عن نكاح الإماء ، فإنّ كثيرا من النساء الثيّبات تأبى نفوسهنّ عن العقد المنقطع ، فضلا عن الأبكار ، فليس للشارع إلاّ فتح طريق ثالث ـ وراء النكاح الدائم والمنقطع ـ وهو نكاح الإماء عند عدم الطول وخوف العنت.

__________________

١. النساء : ٢٥.

٢. إسلامنا في التوفيق بين السنّة والشيعة : ١٥٢ ، في فصل زواج المتعة.

٥١٩

الشبهة الخامسة

اندراج المتعة ضمن السفاح

وقد بلغ تجرّء بعض الكتّاب من المعاصرين إلى حدّ ألحقه بالسفاح وقال :

ولطالما نهى القرآن عن السفاح ، وحرّمه تحريما قاطعاً ، وحاسما بالنسبة إلى الرجال والنساء على السواء ودعا إلى النكاح المشروع الدائم ورغّب فيه. (١)

يلاحظ عليه : أنّ المسلمين عامة أصفقوا على أنّ نبي الإسلام أحلّ المتعة في فترة سواء أكانت في فتح خيبر ، أم فتح مكة ، أم غيرهما ، ولو افترضنا انّ المتعة داخلة تحت السفاح ، يكون معنى ذلك انّ الشريعة الإسلامية أمرت بالزنا والسفاح ، ونزل الوحي السماوي على تشريعه ، ولا أظن مسلما على أديم الأرض يتفوّه بذلك ، فان معناه انّ الله ورسوله أمر بالفحشاء مع ( إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ ). (٢)

والمسلم المؤمن بالحسن والقبح والعارف بمقاصد الشريعة لا يخطر بباله انّه سبحانه جوّز الزنا للمسلمين في فترة من الزمن وأمر بالقبح مكان الأمر بالحسن ، كلّ ذلك يفرض علينا أن ندرس المتعة من جديد حتّى نقف على حدودها

__________________

١. الدكتور الدريني في تقديمه : ٣١.

٢. الأعراف : ٢٨.

٥٢٠