الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف - ج ١

الشيخ جعفر السبحاني

الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف - ج ١

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-047-9
الصفحات: ٥٨٤

وقال الشيخ الطوسي : بسم الله الرّحمن الرّحيم آية من كلّ سورة من جميع القرآن ، وهي آية من أوّل سورة الحمد.

وقال الشافعي : إنّها آية من أوّل الحمد بلا خلاف بينهم ، وفي كونها آية من كلّ سورة قولان :

أحدهما : انّها آية من أوّل كلّ سورة ، والآخر : انّها بعض آية من كلّ سورة وإنّما تتمّ مع ما بعدها فتصير آية.

وقال أحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيدة وعطاء والزهري وعبد الله بن المبارك : إنّها آية من أوّل كلّ سورة حتّى أنّه قال : من ترك بسم الله الرّحمن الرّحيم ترك مائة وثلاث عشرة آية.

وقال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي وداود : ليست آية من فاتحة الكتاب ولا من سائر السور.

وقال مالك والأوزاعي وداود : يكره أن يقرأها في الصلاة بل يكبّر ، ويبتدي بالحمد إلاّ في شهر رمضان ، والمستحب أن يأتي بها بين كلّ سورتين تبركا للفصل ، ولا يأتي بها في أوّل الفاتحة. (١)

وحاصل الأقوال : إنّ مالكا لا يرى البسملة جزءا من السور مطلقا ، وأمّا الحنفية والحنابلة فيرونها جزءا من فاتحة الكتاب لكن يقرءونها سرا.

وأمّا الشافعية فيرونها جزءا من فاتحة الكتاب ، ويقرءونها في الجهر جهرا وفي السرّ سرّا ، وأمّا كونها جزءا من سائر السور ففيه عن الشافعي قولان.

وأمّا الشيعة الإمامية فليس عندهم إلاّ قول واحد ، وهو انّ البسملة جزء من

__________________

١. الخلاف : ١ / ٣٢٨ ، المسألة ٨٢ من كتاب الصلاة.

٢٠١

كلّ سورة ، ويجهر بها في الصلوات الجهرية وجوبا وفي الصلوات السرية استحبابا.

وأبعد الأقوال بالنسبة إليهم قول مالك حيث إنّ البسملة عنده ليست آية من القرآن إلاّ في سورة النمل فإنّها جزء من آية ويكره قراءتها بصلاة فرض للإمام وغيره قبل الفاتحة أو سورة بعدها.

وأين هذا القول من كلام الإمام الصادق عليه‌السلام حيث قال مندّدا لمن يترك البسملة في الصلاة ويرى الجهر بها بدعة ، فقال :

« ما لهم عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله عزّ وجلّ فزعموا أنّها بدعة إذا أظهروها ، وهي بسم الله الرّحمن الرّحيم ». (١)

وتحقيق المقام يقتضي البحث في الأمور التالية :

الأوّل : هل البسملة جزء من الفاتحة أم لا؟

الثانية : لو افترضنا انّها جزء فهل يجهر بها في الصلوات الجهرية؟

الثالثة : هل البسملة جزء من سائر السور أم لا؟

ونستعرض في كلّ مورد أدلّة الأقوال مع القضاء الحاسم بإذن الله سبحانه.

__________________

١. تفسير العياشي : ١ / ٢١ ، الحديث ١٦.

٢٠٢

٣

البسملة جزء من الفاتحة

أنّ البسملة جزء من الفاتحة ، ويدلّ عليه أمور نذكرها تباعا :

الأوّل : ما رواه الشافعي بإسناده انّ معاوية قدم المدينة فصلّى بها ، ولم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، ولم يكبّر عند الخفض إلى الركوع والسجود ، فلما سلّم ناداه المهاجرون والأنصار : يا معاوية ، سرقت من الصلاة ، أين بسم الله الرحمن الرحيم؟! وأين التكبير عند الركوع والسجود؟! ثمّ إنّه أعاد الصلاة مع التسمية والتكبير.

قال الشافعي : إنّ معاوية كان سلطانا عظيم القوة ، شديد الشوكة ، فلو لا انّ الجهر بالتسمية كان كالأمر المتقرر عند كلّ الصحابة من المهاجرين والأنصار ، وإلاّ لما قد روا على إظهار الإنكار عليه بسبب ترك التسمية. (١)

ونحن نقول : ولو لا أنّ التسمية جزء من الفاتحة لما اعترض المهاجرون والأنصار على تركها مضافا إلى ترك الجهر بها. وهذا الأثر كما يدلّ على جزئيّة التسمية ، يدلّ على لزوم الجهر بها ، فيستدلّ به في كلا الموردين.

الثاني : روى الشافعي عن مسلم ، عن ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ، عن أمّ سلمة انّها قالت : قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاتحة الكتاب فعدّ بسم الله الرحمن الرحيم

__________________

١. مسند الشافعي : ١٣ ، ونقله الرازي بتمامه في تفسيره الكبير : ١ / ٢٠٤ والمستدرك : ١ / ٢٣٣.

٢٠٣

آية ، الحمد لله ربّ العالمين آية ، الرحمن الرحيم آية ، مالك يوم الدين آية ، إياك نعبد وإياك نستعين آية ، اهدنا الصراط المستقيم آية ، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين آية. (١) وهذا نص صريح على الجزئيّة.

الثالث : أخرج الحاكم عن أمّ سلمة انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرّحيم فعدها آية ، الحمد لله ربّ العالمين آيتين ، الرّحمن الرّحيم ثلاث آيات ، مالك يوم الدين أربع آيات ، وقال : هكذا إيّاك نعبد وإيّاك نستعين ، وجمع خمس أصابعه. (٢)

الرابع : أخرج الحاكم عن أمّ سلمة ، قالت : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرأ بسم الله الرّحمن الرّحيم ، الحمد لله ربّ العالمين يقطعها حرفا حرفا.

قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وأقرّه على صحّته الذهبي في تلخيصه. (٣)

الخامس : أخرج الحاكم عن نعيم المجمر ، قال : كنت وراء أبي هريرة ، فقرأ بسم الله الرّحمن الرّحيم قرأ بأمّ القرآن حتّى بلغ ولا الضّالين ، قال : آمين. وقال الناس : آمين ، ويقول كلّما سجد : الله أكبر ، ويقول إذا سلّم : والذي نفسي بيده انّي لأشبهكم صلاة برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقرره الذهبي في تلخيصه. (٤)

السادس : أخرج الحاكم عن قتادة قال : سئل أنس بن مالك كيف كان

__________________

١. المستدرك : ١ / ٢٣٢.

٢ و ٣. المستدرك : ١ / ٢٣٢.

٤. المستدرك : ١ / ٢٣٢.

٢٠٤

قراءة رسول الله؟ قال : كانت مدّا ، ثمّ قرأ : بسم الله الرّحمن الرّحيم ويمد الرحيم. (١)

وقرره على ذلك الذهبي في تلخيصه.

السابع : أخرج الحاكم عن ابن جريج ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله تعالى ( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ) قال : فاتحة الكتاب ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) ، وقرأ السورة. وقال ابن جريج : فقلت لأبي لقد أخبرك سعيد عن ابن عباس انّه قال : بسم الله الرحمن الرحيم ، آية ، قال : نعم.

قال الحاكم : هذا حديث صحيح ولم يخرجاه وتمام هذا الباب في كتاب الصلاة. (٢)

الثامن : أخرج الثعلبي بإسناده إلى أبي هريرة قال : كنت مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المسجد إذ دخل رجل يصلّي ، فافتتح الصلاة ، وتعوّذ ثمّ قال ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) فسمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : « يا رجل قطعت على نفسك الصلاة ، أما علمت أنّ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) من الحمد؟ فمن تركها فقد ترك آية ، ومن ترك آية فقد أفسد عليه صلاته. (٣)

التاسع : أخرج الثعلبي عن علي انّه كان إذا افتتح السورة في الصلاة يقرأ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) وكان يقول : من ترك قراءتها فقد نقص ، وكان يقول : هي تمام السبع المثاني. (٤)

__________________

١. المستدرك : ٢ / ٢٣٣.

٢. المستدرك : ١ / ٥٥١ ، تفسير سورة الفاتحة.

٣. الدر المنثور : ١ / ٢١.

٤. كنز العمال : ٢ / ٢٩٧ رقم ٤٠٤٩.

٢٠٥

العاشر : أخرج الثعلبي عن طلحة بن عبيد الله قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من ترك ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) فقد ترك آية من كتاب الله ، وقد نزل عليّ فيما عدّ من أمّ الكتاب ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ). (١)

الحادي عشر : أخرج الدارقطني ـ وصحّحه ـ والبيهقي في السنن عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا قرأتم « الحمد » فاقرءوا ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) أنّها أمّ القرآن ، وأمّ الكتاب ، والسبع المثاني ، و ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) إحدى آياتها. (٢)

الثاني عشر : أخرج الطبراني في الأوسط والدارقطني والبيهقي عن نافع ، انّ ابن عمر كان إذا افتتح الصلاة يقرأ بـ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) في أمّ القرآن وفي السورة التي تليها ، ويذكر أنّه سمع ذلك من رسول الله. (٣)

الثالث عشر : أخرج أبو داود والترمذي والدارقطني والبيهقي عن ابن عباس قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يفتتح صلاته بـ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ). (٤)

الرابع عشر : أخرج الدارقطني والبيهقي عن أبي هريرة « انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا قرأ ـ وهو يؤم الناس ـ افتتح بـ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) قال أبو هريرة : هي آية من كتاب الله ، اقرءوا إن شئتم فاتحة القرآن ، فإنّها الآية السابعة. (٥)

الخامس عشر : أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر انّه كان يقرأ في

__________________

١. كنز العمال : ١ / ٥٥٦ برقم ٢٤٩٤.

٢. الدر المنثور : ١ / ١١ ، السنن الكبرى : ٢ / ٤٥.

٣. المعجم الأوسط : ١ / ٢٥٧ ، السنن الكبرى : ٢ / ٤٨ ، مجمع الزوائد : ٢ / ١٠٩.

٤. سنن الترمذي : ١ / ١٥٥ ، ح ٢٤٥ ، سنن الدارقطني : ١ / ٣٠٣ ، السنن الكبرى : ٢ / ٤٧.

٥. السنن الكبرى : ٢ / ٤٧ ، سنن الدارقطني : ١ / ٣٠٥.

٢٠٦

الصلاة ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) فإذا ختم السورة قرأها يقول : ما كتبت في المصحف إلاّ لتقرأ. (١)

السبع المثاني هي فاتحة الكتاب

قد تضافرت الآثار عن علي وابن مسعود وغيرهما من الصحابة وكثير من التابعين على أنّ المراد من السبع المثاني في قوله سبحانه ( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) (٢) هذا من جانب ، ومن جانب آخر ، انّ آياتها لا تبلغ سبعا إلاّ إذا عُدّ البسملة آية منها ، فإليك الكلام في المقامين.

أمّا ما دلّ على المراد من السبع المثاني هو سورة الفاتحة ، فهو على قسمين :

ما يفسر السبع المثاني بفاتحة الكتاب من دون تصريح بأنّ البسملة جزء من فاتحة الكتاب.

ما يفسر السبع المثاني بفاتحة الكتاب مع التصريح بأنّ البسملة من آياتها.

أمّا القسم الأوّل فإليك بعض ما وقفنا عليه لا كلّه ، لأنّه يوجب الإطناب في الكلام.

١. أخرج الطبري عن عبد خير ، عن علي عليه‌السلام قال : « السبع المثاني فاتحة الكتاب ». (٣)

٢. أخرج الطبري عن ابن سيرين قال : سئل ابن مسعود عن سبع من المثاني ، قال : فاتحة الكتاب. (٤)

٣. أخرج الطبري عن الحسن في قوله ( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي )

__________________

١. شعب الإيمان : ٢ / ٤٣٩ ـ ٤٤٠ ، ح ٢٣٣٦.

٢. الحجر : ٨٧.

٣. تفسير الطبري : ١٤ / ٣٧.

٤. تفسير الطبري : ١٤ / ٣٧.

٢٠٧

قال : هي فاتحة الكتاب.

وأخرج أيضا عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : فاتحة الكتاب.

٤. أخرج الطبري عن أبي فاختة في هذه الآية ( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) قال : هي أمّ الكتاب. (١)

٥. أخرج الطبري عن أبي العالية في قول الله ( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ) قال : فاتحة الكتاب سبع آيات ، قلت لربيع : إنّهم يقولون السبع الطول فقال : لقد أنزلت هذه وما أنزل من الطول شيء.

٦. أخرج الطبري عن أبي العالية قال : فاتحة الكتاب ، قال : وإنّما سمّيت المثاني ، لأنّه يثنّى بها كلّما قرأ القرآن قرأها ، فقيل لأبي العالية : إنّ الضحاك بن مزاحم يقول : هي السبع الطول ، فقال : لقد نزلت هذه السورة سبعا من المثاني وما نزل شيء من الطول.

٧. أخرج الطبري عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : السبع من المثاني هي فاتحة الكتاب.

٨. أخرج الطبري عن ابن جريج عن ابن مليكة قال ( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ) قال : فاتحة الكتاب ، وذكر فاتحة الكتاب لنبيّكم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم تذكر لنبي قبله.

٩. أخرج الطبري عن أبي هريرة ، عن أبيّ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إلا أعلّمك سورة ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلها ، قلت : بلى.

قال : إنّي لأرجو أن لا تخرج من ذلك الباب حتّى تعلّمها ، فقام رسول الله

__________________

١. تفسير الطبري : ١٤ / ٣٨.

٢٠٨

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقمت معه فجعل يحدثني ويده في يدي ، فجعلت أتباطأ كراهية أن يخرج قبل أن يخبرني بها ، فلمّا قرب من الباب قلت : يا رسول الله السورة التي وعدتني ، قال : كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟ قال : فقرأ فاتحة الكتاب ، قال : هي هي ، وهي السبع المثاني التي قال الله تعالى ( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ ) الذي أعطيت. (١)

وأخرجه الحاكم في « المستدرك » وقال : هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. (٢)

١٠. أخرج الطبري عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : هي أمّ القرآن وهي فاتحة الكتاب وهي السبع المثاني. (٣)

١١. أخرج الطبري عن أبي هريرة ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في فاتحة الكتاب ، قال : هي فاتحة الكتاب وهي السبع المثاني والقرآن العظيم. (٤)

وأمّا القسم الثاني وهو ما يفسر السبع المثاني بفاتحة الكتاب ويجعل البسملة أوّل آية منها.

١٢. أخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والحاكم ـ وصحّحه ـ والبيهقي في سننه عن ابن عباس انّه سُئل عن السبع المثاني ، قال : فاتحة الكتاب استثناها الله لأمّة محمّد ، فرفعها في أمّ الكتاب ، فذخرها لهم حتى أخرجها ولم يعطها أحدا قبله ، قيل : فأين الآية السابعة؟ قال : بسم الله الرحمن الرحيم. (٥)

١٣. أخرج الطبري عن سعيد بن جبير في قوله تعالى : ( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً

__________________

١. تفسير الطبري : ١٤ / ٤٠.

٢. المستدرك : ٢ / ٢٥٨.

٣. تفسير الطبري : ١٤ / ٤١.

٤. تفسير الطبري : ١٤ / ٤١.

٥. الدر المنثور : ٥ / ٩٤.

٢٠٩

مِنَ الْمَثانِي ) قال : فاتحة الكتاب ، فقرأها على ست ، ثمّ قال : بسم الله الرحمن الرحيم ، الآية السابعة.

قال سعيد : وقرأها ابن عباس عليّ كما قرأها عليك ، ثمّ قال : الآية السابعة ، بسم الله الرحمن الرحيم. (١)

١٤. أخرج الطبري عن سعيد بن جبير ، قال : قال لي ابن عباس : فاستفتح ثمّ قرأ فاتحة الكتاب ثمّ قال : تدري ما هذا ( وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي ).

ولا شهادة في قوله : « فاستفتح ثمّ قرأ فاتحة الكتاب » على خروج البسملة من جوهرها ، وذلك لأنّ البسملة لما كانت موجودة في صدر عامة السور فأشار إلى البسملة بقوله : « فاستفتح » ثم أشار إلى سائر آياتها التي تتميز عن سائر السور بقوله : « ثمّ قرأ فاتحة الكتاب ».

وبما ذكرنا يفسر الحديث التالي :

١٥. أخرج الطبري عن أبي سعيد بن المعلى انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعاه وهو يصلّي فصلّى ثمّ أتاه فقال : ما منعك أن تجيبني ، قال : إنّي كنت أصلّي ، قال : ألم يقل الله ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ ) (٢) ، قال : ثمّ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأعلمنك أعظم سورة في القرآن ، فكأنّه بيّنها أو نسي ، فقلت : يا رسول الله الذي قلت.

قال : الحمد لله ربّ العالمين ، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته. (٣)

__________________

١. تفسير الطبري : ١٤ / ٣٨.

٢. الأنفال : ٢٤.

٣. تفسير الطبري : ١٤ / ٤١.

٢١٠

١٦. أخرج الدارقطني والبيهقي عن أبي هريرة « انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا قرأ ـ وهو يؤم الناس ـ افتتح ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) قال أبو هريرة : آية من كتاب الله ، اقرءوا إن شئتم فاتحة الكتاب ، فإنّها الآية السابعة. (١)

١٧. أخرج الدارقطني والبيهقي في السنن بسند صحيح عن عبد خير ، قال : سئل علي رضي‌الله‌عنه عن السبع المثاني ، فقال ( الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) فقيل له : إنّما هي ست آيات! فقال ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) آية. (٢)

١٨. أخرج ابن الأنباري في المصاحف عن أمّ سلمة قالت : قرأ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ. الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ. اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ. صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) وقال : هي سبع يا أمّ سلمة. (٣)

فاتحة الكتاب سبع آيات مع البسملة

إنّ فاتحة الكتاب آيات سبع إذا قلنا بكون التسمية جزءا منها ولذلك ترى أنّ المصاحف المعروفة تعد البسملة آية من سورة الفاتحة وإن كان يترك عدّها آية من سائر السور ، وعلى ذلك يكون عدد الآيات سبعا كالشكل التالي :

( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (٢) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥) اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (٧) ).

__________________

١. السنن الكبرى : ٢ / ٤٧ ؛ سنن الدارقطني : ١ / ٣٠٥.

٢. سنن الدارقطني : ١ / ٣١١ ؛ السنن الكبرى : ٢ / ٤٥.

٣. الدر المنثور : ١ / ١٢.

٢١١

فترى أنّ كلّ آية جملة تامة ، وأمّا من لم يجعل التسمية من السبع فقد جعل ( صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) آية ، ( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) آية أخرى ، ومعنى ذلك جعل المبدل منه آية والبدل آية أخرى ، وهذا ما لا يستسيغه الذوق السليم.

كما أنّ من حاول أن يجعل ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ ) آية ، ( وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) آية أخرى فقد سلك مسلكا وعرا ، فإنّ الجملتين كسبيكة واحدة تنص على التوحيد في العبادة والاستعانة فما معنى الفصل بينهما.

هذا بعض ما وقفنا عليه من روايات أهل السنّة الدالة على أنّ البسملة جزء من الفاتحة ، ويدلّ عليه أيضا أمران آخران :

١. ما سيمرّ عليك من أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه كانوا يجهرون بالبسملة.

٢. ما يدلّ على أنّ البسملة جزء من كلّ سورة.

غير انّه رعاية لنظام البحث فصلنا ما يدلّ على الجهر بالبسملة في قراءة الفاتحة عن ذكر البسملة ، كما فصلنا ما يدلّ على أنّ البسملة جزء من كلّ سورة.

روايات أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام

أمّا ما روي عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام فحدّث عنه ولا حرج ، ولنذكر بعض ما روي عنهم عليهم‌السلام :

١. أخرج الشيخ في « التهذيب » عن محمد بن مسلم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن السبع المثاني والقرآن العظيم ، أهي الفاتحة؟ قال : « نعم » ، قلت ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) من السبع؟ قال : نعم ، هي أفضلهن. (١)

__________________

١. التهذيب : ٢ / ٢٨٩ ، برقم ١١٥٧.

٢١٢

٢. أخرج الشيخ في « التهذيب » عن عبد الله بن يحيى الكاهلي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، عن أبيه قال : « ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) أقرب إلى اسم الله الأعظم من ناظر العين إلى بياضها ». (١)

٣. أخرج الكليني عن معاوية بن عمّار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إذا قمت للصلاة أقرأ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) في فاتحة الكتاب؟ قال : « نعم ». (٢)

٤. أخرج الصدوق في « عيون الأخبار » عن الحسن بن علي العسكري عليه‌السلام ، قال : قيل لأمير المؤمنين عليه‌السلام أخبرنا عن ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ، أهي من فاتحة الكتاب؟ قال : « نعم ، كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقرأها ويعدها آية ، ويقول : فاتحة الكتاب هي السبع المثاني ». (٣)

إلى غير ذلك ممّا ورد عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام في جزئيّة البسملة من الفاتحة.

ويؤيّد ذلك أنّ المأثور المشهور عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله : « كلّ أمر ذي بال لا يبدأ ببسم الله أقطع ، وكلّ أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر أو أجذم ». (٤)

ومن المعلوم أنّ القرآن أفضل ما أوحاه الله تعالى إلى أنبيائه ورسله وانّ كلّ سورة منه ذات بال وعظمة تحدّى الله بها البشر فعجزوا عن أن يأتوا بمثلها ، فهل يمكن أن يكون القرآن أقطع؟ تعالى الله وتعالى فرقانه الحكيم وتعالت سوره عن ذلك علوّا كبيرا.

__________________

١. التهذيب : ٢ / ٢٨٩ ، برقم ١١٥٩.

٢. الكافي : ٣ / ٣١٢ ، الحديث ١.

٣. عيون أخبار الرضا : ٢ / ١١.

٤. التفسير الكبير : ١ / ١٩٨.

٢١٣

والصلاة هي الفلاح وهي خير العمل كما ينادى به في أعلى المنائر والمنابر ويعرفه البادي والحاضر ، لا يوازنها ولا يكايلها شيء بعد الإيمان بالله تعالى وكتبه ورسله واليوم الآخر ، فهل يجوز أن يشرعها الله تعالى بتراء جذماء؟! انّ هذا لا يجرأ على القول به برّ ولا فاجر ، لكن الأئمّة البررة مالكا والأوزاعي وأبا حنيفة رضي الله عنهم ذهلوا عن هذه اللوازم ، وكلّ مجتهد في الاستنباط من الأدلّة الشرعية معذور ومأجور إن أصاب وإن أخطأ. (١)

__________________

١. مسائل فقهية : ٢٨ ـ ٢٩.

٢١٤

٤

التسمية ولزوم الجهر بها

قد أثبت البحث السالف الذكر انّ التسمية جزء من فاتحة الكتاب ومن صميمها ، فلا تتم السورة إلاّ بقراءتها ، وأمّا الجهر بها فحكمه كحكم سائر أجزاء السورة ، فلو كانت الصلاة من الصلوات الجهرية يجب الجهر بها ما لم يدلّ دليل على جواز المخافتة ، مضافا إلى أنّه قد تضافرت الروايات على لزوم الجهر بها ، ويستفاد ذلك من الروايات التالية :

١. أخرج الحاكم عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم. (١)

٢. أخرج الحاكم عن أنس بن مالك قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جهر ببسم الله الرحمن الرحيم. وقال : رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات ، وأقرّه على ذلك الذهبي في تلخيصه. (٢)

٣. أخرج الحاكم في مستدركه عن محمد بن أبي السري العسقلاني ، قال : صليت خلف المعتمر بن سليمان ما ، لا أحصي صلاة الصبح والمغرب فكان يجهر

__________________

١. المستدرك : ١ / ٢٣٢.

٢. المستدرك : ١ / ٢٣٢.

٢١٥

ببسم الله الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وبعدها ، وسمعت المعتمر يقول : ما آلو أن اقتدي بصلاة أبي ، وقال أبي : ما آلو أن اقتدي بصلاة أنس بن مالك ، وقال أنس بن مالك : ما آلو أن اقتدي بصلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

رواة هذا الحديث عن آخرهم ثقات ، وأقرّه على ذلك الذهبي في تلخيصه. (١)

٤. أخرج الحاكم عن حميد الطويل ، عن أنس ، قال : صلّيت خلف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخلف أبي بكر وخلف عمر وخلف عثمان وخلف علي كلّهم كانوا يجهرون بقراءة ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ، ثمّ قال :

وقد بقي في الباب عن أمير المؤمنين عثمان وعلي ، وطلحة بن عبيد الله ، وجابر بن عبد الله ، وعبد الله بن عمر ، والحكم بن عمير الثمالي ، والنعمان بن بشير ، وسمرة بن جندب ، وبريدة الأسلمي ، وعائشة بنت الصديق كلّها مخرجة عندي في الباب ، تركتها إيثارا للتخفيف واختصرت منها ما يليق بهذا الباب ، وكذلك ذكرت في الباب من جهر ببسم الله الرحمن الرحيم من الصحابة والتابعين وأتباعهم. (٢)

وبما انّ الكلام الأخير الذي يدّعي إطباق الأئمة على الجهر بالتسمية في الصلوات يخالف مذهب إمام الذهبي ، فغاظ غيظه وادّعى انّ نسبة الجهر إلى هؤلاء كذب محض ، ثمّ حلف على صدق مدّعاه مع أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « البينة على المدّعي واليمين على المنكر » فمن يدّعي الكذب فعليه البيّنة لا الحلف ، وإلاّ ففي وسع كلّ من يرى الحديث مخالفا لهواه وللمذهب الذي نشأ عليه ، أن يحلف على كذبه.

__________________

١ و ٢. المستدرك : ١ / ٢٣٢.

٢١٦

٥. ما رواه الإمام الشافعي في مسنده انّ معاوية قدم المدينة فصلّى بها ولم يقرأ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ، فاعترض عليه المهاجرون والأنصار بقولهم : يا معاوية سرقت منّا الصلاة ، أين ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ )؟!

وعلّق عليه الشافعي بقوله : فلو لا أنّ الجهر بالتسمية كان كالأمر المتقرر عند كلّ الصحابة من المهاجرين والأنصار ، وإلاّ لما قدروا على إظهار الإنكار عليه بسبب ترك التسمية.

٦. وأخرجه الحاكم بنحو آخر وقال : إنّ أنس بن مالك قال : صلّى معاوية بالمدينة صلاة فجهر فيها بالقراءة فقرأ فيها ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) لأمّ القرآن ولم يقرأ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) للسورة التي بعدها حتّى قضى تلك القراءة ، فلمّا سلّم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين والأنصار من كلّ مكان : أسرقت الصلاة أم نسيت؟! فلمّا صلّى بعد ذلك قرأ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) للسورة التي بعد أمّ القرآن وكبّر حين يهوي ساجدا.

قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم فقد احتج بعبد المجيد بن عبد العزيز وسائر الرواة متفق على عدالتهم ، وأقرّه على ذلك الذهبي في تلخيصه.

٧. قال الرازي في تفسيره : أنّ البيهقي روى الجهر بـ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) في سننه عن عمر بن الخطاب وابن عباس وابن عمر وابن الزبير ، ثمّ قال الرازي ما هذا لفظه : وأمّا انّ علي بن أبي طالب كان يجهر بالتسمية فقد ثبت بالتواتر ومن اقتدى في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدى ، قال : والدليل عليه قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهم أدر الحقّ مع علي حيث دار. (١)

__________________

١. التفسير الكبير : ١ / ٢٠٤.

٢١٧

٨. أخرج البزار والدارقطني والبيهقي في « شعب الإيمان » من طريق أبي الطفيل قال سمعت علي بن أبي طالب وعمار يقولان : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يجهر في المكتوبات بـ « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » في فاتحة الكتاب. (١)

٩. أخرج الدارقطني عن عائشة انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يجهر بـ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ). (٢)

١٠. أخرج الدارقطني عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله : « أمّني جبرئيل عليه‌السلام عند الكعبة فجهر بـ « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ». (٣)

١١. أخرج الدارقطني عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجهر بـ « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » في السورتين جميعا. (٤)

١٢. أخرج الدارقطني والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجهر بـ « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » في الصلاة وزاد البيهقي : « فترك الناس ذلك ». (٥)

١٣. أخرج الدارقطني عن عبد الله بن عمر قال : « صلّيت خلف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي بكر وعمر فكانوا يجهرون بـ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ). (٦)

١٤. أخرج الثعلبي عن علي بن زيد بن جدعان انّ العبادلة كانوا

__________________

١. سنن الدارقطني : ١ / ٣٠٢ ؛ شعب الإيمان : ٢ / ٤٣٦ ؛ الحديث ٢٣٢٢ ، باب تعظيم القرآن ، الدر المنثور : ١ / ٢١ ، ٢٢.

٢. الدر المنثور : ١ / ٢٣.

٣. سنن الدارقطني : ١ / ٣٠٩ ؛ الدر المنثور : ١ / ٢٢.

٤. سنن الدارقطني : ١ / ٣٠٢ ؛ الدر المنثور : ١ / ٢٢.

٥. مستدرك الحاكم : ١ / ٢٠٨ ؛ السنن الكبرى : ٢ / ٤٧ ؛ سنن الدارقطني : ١ / ٣٠٦.

٦. سنن الدارقطني : ١ / ٣٠٥ ؛ الدر المنثور : ١ / ٢٢.

٢١٨

يستفتحون القراءة بـ « بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ » يجهرون بها : عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير. (١)

١٥. أخرج البيهقي عن الزهري قال : من سنّة الصلاة أن تقرأ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ، وانّ أوّل من أسرّ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) عمرو بن سعيد بن العاص بالمدينة وكان رجلا حييّا. (٢)

١٦. أخرج الدارقطني عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علّمني جبرئيل الصلاة ، فقام فكبّر لنا ثمّ قرأ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) فيما يجهر ، في كلّ ركعة. (٣)

١٧. أخرج الدارقطني عن الحكم بن عمير ـ وكان بدريا ـ قال : صلّيت خلف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجهر في الصلاة بـ « بسم الله » وصلاة الليل ، وصلاة الفجر وصلاة الجمعة. (٤)

وقد احتجّ الرازي على لزوم الجهر بالتسمية في الصلوات الجهرية بما أوعزنا إليه في صدر البحث من أنّ حكم جزء السورة كحكم كلّها ولا يصحّ التبعيض بين الكل والجزء إلاّ بدليل قاطع ، وقد ذكره الرازي باللفظ التالي :

قد دللنا على أنّ التسمية آية من الفاتحة ، وإذا ثبت هذا فنقول : الاستقراء دلّ على أنّ السورة الواحدة إمّا أن تكون بتمامها سرية أو جهرية ، فأمّا أن يكون بعضها سريا وبعضها جهريا فهذا مفقود في جميع السور ، وإذا ثبت هذا كان الجهر بالتسمية مشروعا في القراءة الجهرية. (٥)

__________________

١. الدر المنثور : ١ / ٢١.

٢. الدر المنثور : ١ / ٢١.

٣. سنن الدارقطني : ١ / ٣٠٥ ؛ الدر المنثور : ١ / ٢٠ ، ٢١.

٤. سنن الدارقطني : ١ / ٣٠٨ ؛ الدر المنثور : ١ / ٢٢ ، ٢٣.

٥. التفسير الكبير : ١ / ٢٠٤.

٢١٩

أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام والجهر بالبسملة

تضافرت الروايات عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام على الجهر بالبسملة ، وكانت سيرة الإمام علي عليه‌السلام والأئمّة عليهم‌السلام بعده على الجهر بها ، نقتطف شيئا ممّا أثر عنهم :

١٨. أخرج الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره بإسناده إلى الرضا ، عن أبيه ، عن الصادق عليه‌السلام قال : « اجتمع آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الجهر بـ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ». (١)

١٩. أخرج علي بن إبراهيم في تفسيره بإسناده عن ابن أذينة قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) أحقّ ما جهر به وهي الآية التي قال الله عزّ وجلّ ( وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً ) (٢). (٣)

٢٠. أخرج الصدوق بإسناده عن الأعمش عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام انّه قال : « والإجهار بـ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) في الصلاة واجب ». (٤)

٢١. أخرج الصدوق بإسناده عن الفضل بن شاذان فيما كتبه الرضا للمأمون في بيان محض الإسلام جاء فيه : « والإجهار بـ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) في جميع الصلوات سنّة ». (٥)

٢٢. وعن الرضا عليه‌السلام انّه كان يجهر ببسم الله الرّحمن الرحيم في جميع صلواته بالليل والنهار. (٦)

__________________

١. روض الجنان : ١ / ٥٠ ؛ مستدرك الوسائل : ٤ / ١٨٩ رقم ٤٤٥٦.

٢. الإسراء : ٤٦.

٣. تفسير القمّي : ١ / ٢٨.

٤. الخصال : ٢ / ٦٠٤ ، أبواب المائة فما فوقه ، رقم ٩.

٥. عيون أخبار الرضا : ٢ / ١٢٢ ، الباب ٣٥.

٦. عيون أخبار الرضا : ٢ / ١٨١ ، الباب ٤٤ رقم ٥.

٢٢٠