الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف - ج ١

الشيخ جعفر السبحاني

الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف - ج ١

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: الإعتماد
الطبعة: ١
ISBN: 964-357-047-9
الصفحات: ٥٨٤

القدم منه مشقوقا غير مانع عن مسح البشرة ، فمسح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على رجليه وعليه خفّاه ، فقال الناس : إنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسح على خفّيه ، من دون التفات إلى أنّه لم يمسح على نفس الخفّ بل على الرجلين تحت الخفّ. (١)

وبما ذكرنا من الوجهين يمكن الجمع بين ما نقل من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أنّه مسح على الخفّين وما يستفاد من الكتاب من لزوم مباشرة الرجلين وما عليه أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ولفيف من الصحابة وعلى رأسهم الإمام علي بن أبي طالب عليه‌السلام الذي عرفه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله : « عليّ مع الحقّ والحقّ مع علي لا يفترقان حتّى يردا عليّ الحوض ». (٢)

والذي قال الإمام الرازي في حقّه في مسألة الجهر بالبسملة ـ حيث كان علي عليه‌السلام يرى لزوم الجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية ـ : ومن اتّخذ عليّا إماما لدينه فقد استمسك بالعروة الوثقى في دينه ونفسه. (٣)

إلى هنا تمت دراسة أدلّة القائلين بالمنع ، فهلمّ معي ندرس أدلّة القائلين بالجواز.

أدلّة القائلين بجواز المسح

قد تعرفت على أدلّة القائلين بالمنع ، فهلمّ معي ندرس أدلّة القائلين بالجواز ، وهي عبارة عن عدّة روايات :

الأوّل : رواية جرير بن عبد الله البجلي

احتجّ القائلون بالجواز بما رواه مسلم في صحيحه عن جرير ( بن عبد الله

__________________

١. لاحظ ص ٩٨ ، رقم ٤.

٢. تاريخ بغداد : ١٤ / ٣٢١ ؛ ومجمع الزوائد : ٧ / ٢٣٢.

٣. التفسير الكبير : ١ / ٢٠٧.

١٠١

البجلي ) وروي عن إبراهيم الأدهم أنّه قال : ما سمعت في المسح على الخفّين أحسن من حديث جرير. (١)

فأخرج مسلم عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن همام قال : بال جرير ثمّ توضّأ ومسح على خفّيه ، فقيل : تفعل هذا قال : نعم ، رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بال ثمّ توضأ ومسح على خفّيه.

قال الأعمش ، قال إبراهيم : كان يعجبهم هذا الحديث ، لأنّ إسلام جرير كان بعد نزول المائدة.

وقد فسر النووي وجه إعجابهم بقوله : إنّ الله تعالى قال في سورة المائدة : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ ) فلو كان إسلام جرير متقدّما على نزول المائدة ، لاحتمل كون حديثه في مسح الخف منسوخا بآية المائدة ، فلمّا كان إسلامه متأخّرا علمنا أنّ حديثه يعمل به ، وهو مبين انّ المراد بآية المائدة غير صاحب الخف ، والسنّة مخصّصة للآية ، والله أعلم. (٢)

يلاحظ عليه : أوّلا : بأنّه خبر واحد لا ينسخ الكتاب به ، فان للكتاب العزيز مكانة عظيمة لا يجاريه شيء سوى السنة المتواترة أو الخبر المحفوف بالقرائن المفيدة للعلم لا الخبر الواحد فضلا عن حديث يتعجّب راويه عن عمل جرير ، فلو كان شيئا شائعا بين المسلمين لما تعجّب منه.

وثانيا : أنّ الاحتجاج به فرع أن يكون إسلام جرير بعد نزول المائدة وهو غير ثابت ، بل الثابت خلافه حيث أسلم قبله.

__________________

١. شرح صحيح مسلم للنووي : ٣ / ١٦٤ ـ ١٦٥ ، الحديث ٧٢.

٢. المصدر السابق : ٣ / ١٦٨.

١٠٢

قال ابن حجر العسقلاني : جزم ابن عبد البر « انّ جريرا أسلم قبل وفاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأربعين يوما » ، وهو غلط ، ففي الصحيحين عنه انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له : استنصت الناس في حجة الوداع ، وجزم الواقدي بأنّه وفد على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في شهر رمضان سنة عشر وانّ بعثه إلى ذي الخلصة كان بعد ذلك وانّه وافى مع النبي حجّة الوداع من عامه ـ إلى أن قال : ـ إنّ الشعبي حدّث عن جرير انّه قال لنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ أخاكم النجاشي قد مات ، أخرجه الطبراني فهذا يدلّ على أنّ إسلام جرير كان قبل سنة عشر ، لأنّ النجاشي مات قبل ذلك. (١)

أقول : إنّ النجاشي قد توفي في حياة النبي في شهر رجب سنة تسع من الهجرة.

قال الذهبي : قال النبي للناس : أنّ أخا لكم قد مات بأرض الحبشة ، فخرج بهم إلى الصحراء وصفّهم صفوفا ، ثمّ صلّى عليه ، فنقل بعض العلماء انّ ذلك كان في شهر رجب سنة تسع من الهجرة. (٢)

ونقل في الموسوعة العربية العالمية أنّه توفّى في عام تسع من الهجرة يعادل ٦٣٠ ميلادية. (٣)

وعلى ضوء هذا فلا يصحّ الاحتجاج بخبر جرير ، لأنّه من المحتمل جدّا أن يكون عمل النبي قبل نزول المائدة بكثير ، فنسخته سورة المائدة كما قال علي عليه‌السلام : « سبق الكتاب الخفّين ».

ولو احتملنا أنّ إسلامه كان بعد سورة المائدة ، فهو خبر واحد لا ينسخ به

__________________

١. الإصابة : ١ / ٢٣٤ ، ترجمة جرير ، برقم ١١٣٦.

٢. سير أعلام النبلاء : ١ / ٤٤٣ برقم ٨٦.

٣. الموسوعة العربية العالمية : ٢٥ / ٢٢٠.

١٠٣

الكتاب فان للكتاب ، منزلة عظيمة لا يعادلها شيء.

الثاني : رواية المغيرة بن شعبة

أخرج مسلم بسنده عن الأسود بن هلال ، عن المغيرة بن شعبة قال : بينا أنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات ليلة إذ نزل فقضى حاجته ، ثمّ جاء فصببت عليه من إداوَة كان معي ، فتوضّأ ومسح على خفّيه.

وقد أخرجه بطرق أخرى كلّها تنتهي إلى المغيرة بن شعبة. (١)

يلاحظ على الرواية : أوّلا : أنّ المغيرة بن شعبة لا يحتج بحديثه لسوابقه النكراء قبل إسلامه وبعده على الرغم من أنّ له في الصحيحين اثني عشر حديثا ، ويكفي في ذلك ما نتلوه عليك من جريمته المروّعة على قومه.

١. روى المؤرّخون : وَفَد المغيرة مع نفر من بني مالك على المقوقس فأهدى لهم ما أهدى ، فلمّا خرجوا من عنده أقبلت بنو مالك يشترون هدايا لأهلهم فخرجوا وحملوا معهم الخمر.

يقول المغيرة : كنّا نشرب الخمر فأجمعت على قتلهم فتمارضت ، وعصبت رأسي ، فوضعوا شرابهم ، فقلت : رأسي يُصدَّع ولكنّي أُسقيكم فلم ينكروا ، فجعلت أسرف لهم ، وأترع لهم جميعا الكأس ، فيشربون ولا يدرون حتى ناموا سكرا ، فوثبت وقتلتهم جميعا وأخذت ما معهم ، فقدمت على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوجدته جالسا في المسجد مع أصحابه وعليّ ثياب سفر ، فسلّمت ، قال أبو بكر : أمن مصر أقبلتم؟ قلت : نعم ، قال : ما فعل المالكيون؟ قلت : قتلتهم ، وأخذت أسلابهم ، وجئت بها إلى رسول الله ليخمسها ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أمّا إسلامك فنقبله ولا آخذ من أموالهم

__________________

١. شرح صحيح مسلم للنووي : ٣ / ١٧١ ، برقم ٧٦ ولاحظ رقم ٧٥ و ٧٧ و ٧٨ و ٨٠.

١٠٤

شيئا ، لأنّ هذا غدر ولا خير في الغدر » فأخذني ما قرب وما بعد.

قلت : إنّما قتلتهم وأنا على دين قومي ، ثمّ أسلمت الساعة.

قال : « فإنّ الإسلام يجبّ ما كان قبله ».

وكان قتل منهم ثلاثة عشر. (١)

هذه جريمته النكراء في عهد الجاهلية وتكشف عن خبث باطنه وطينته حيث قتل ثلاثة عشر شخصا من أرحامه طمعا في أموالهم ، والإسلام وإن كان يجبّ ما قبله من حيث الحكم التكليفي ، إلاّ أنّه لا يغيّر خبث سريرة الإنسان الذي شبّ عليه إلاّ بالعكوف على باب التوبة والانقطاع إلى الأعمال الحسنة والتداوم عليها والتي تنمّ عن تبدّل حاله وإيقاظ ضميره.

هذه صحيفة حياته السوداء قبل الإسلام ، وأمّا بعده فلم تختلف كثيرا ، ويشهد على ذلك الأمور التالية :

٢. أخرج الذهبي عن عبد الله بن ظالم قال : كان المغيرة ينال في خطبته من علي ، وأقام خطباء ينالون منه ، وذكر الحديث في العشرة المشهود لهم بالجنة لسعيد بن زيد. (٢)

٣. انّ معاوية وضع قوما من الصحابة وقوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي عليه‌السلام تقتضي الطعن فيه والبراءة منه ، وجعل على ذلك جعلا يرغب في مثله ، فاختلقوا ما أرضوه ، منهم المغيرة بن شعبة. (٣)

٤. أخرج أحمد في مسنده عن قطبة بن مالك قال : نال المغيرة بن شعبة من

__________________

١. سير أعلام النبلاء : ٣ / ٢٥ ، رقم الترجمة ٧.

٢. سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣١ ، رقم الترجمة ٧.

٣. شرح نهج البلاغة : ١ / ٣٥٨.

١٠٥

علي ، فقال زيد بن أرقم : قد علمت أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان ينهى عن سبّ الموتى فلم تسبّ عليّا وقد مات. (١)

٥. وقد أخرج أيضا في مسنده أحاديث نيله من أمير المؤمنين عليه‌السلام في خطبته واعتراض سعيد بن زيد عليه. (٢)

٦. قال ابن الجوزي في كتاب « الأذكياء » : قال : قدمت الخطباء إلى المغيرة بن شعبة بالكوفة ، فقام صعصعة بن صوحان فتكلّم ، فقال المغيرة : أرجوه فأقيموه على المصطبة فليلعن عليا ، فقال : لعن الله من لعن الله ولعن علي بن أبي طالب ، فأخبره بذلك ، فقال : أقسم بالله لتقيّدنه ، فخرج ، فقال : انّ هذا يأبى إلاّ علي بن أبي طالب فالعنوه لعنه الله ، فقال المغيرة : أخرجوه أخرج الله نفسه. (٣)

إنّ سوابقه تحكي على أنّه كان داهية يستغل دهاءه لنيل مآربه بأي قيمة كانت وإن انتهت على حساب الإسلام.

٧. روى الذهبي أنّ معاوية دعا عمرو بن العاص بالكوفة ، فقال : أعنّي على الكوفة ، قال : كيف بمصر؟ قال : استعمل عليها ابنك عبد الله بن عمرو ، قال : فنعم ، فبينا هم على ذلك جاء المغيرة بن شعبة ـ وكان معتزلا بالطائف ـ فناجاه معاوية ، فقال المغيرة : تؤمّر عمرا على الكوفة ، وابنه على مصر وتكون كالقاعد بين لحيي الأسد ، قال : ما ترى؟ قال : أنا أكفيك الكوفة ، قال : فافعل. فقال معاوية لعمرو حين أصبح : إنّي قد رأيت كذا ، ففهم عمرو ، فقال : ألا أدلّك على أمير الكوفة؟ قال : بلى ، قال : المغيرة ، واستغن برأيه وقوته عن المكيدة ، واعزله عن

__________________

١. مسند أحمد : ٤ / ٣٦٩.

٢. المسند : ١ / ١٨٨.

٣. كتاب الأذكياء : ١٤٢ ، طبع دار الفكر.

١٠٦

المال ، قد كان قبلك عمر وعثمان فعلا ذلك ، قال : نِعْمَ ما رأيت ، فدخل عليه المغيرة ، فقال : إنّي كنت أمّرتك على الجند والأرض ، ثمّ ذكرت سنّة عمر وعثمان قبلي ، قال : قد قبلت. (١)

وكفت سنّة عمر وعثمان في حقّه في الدلالة على مدى ما كان يتمتّع به الرجل من الأمانة والورع في حقوق المسلمين وأموالهم!!

٨. والذي يشهد على موبقات الرجل وانّه لم يتغير عمّا كان عليه في عصر الجاهلية انّه اتّهم بالزنا وهو أمير الكوفة في عصر الخليفة عمر بن الخطاب وشهد عليه شهود أربعة ، منهم : أبو بكرة ونافع وشبل فشهدوا على أنّهم رأوه يولجه ويخرجه ويلج ولوج المِرْوَد في المكحلة فلمّا حاول رابع الشهود وهو زياد بن أبيه حاول الخليفة أن يدرأ عنه الحد للشبهة فخاطبه بقوله : إنّي لأرى رجلا لم يخز الله على لسانه رجلا من المهاجرين ، فقال له الخليفة : أرأيته يدخله كالميل في المكحلة؟ فقال : لا ، ولكنّي رأيت مجلسا قبيحا وسمعت نَفَسا عاليا ورأيته متبطّنها (٢). وبذلك درأ عنه الحدّ بالشبهة.

فهذه مكانة الرجل بين المسلمين ، أفيمكن أن يقبل حديث ذلك الرجل في أمر عبادي يمارسه المسلمون في نهارهم وليلهم؟!

وثانيا : نفترض انّه رجل يحتج بحديثه وانّ الإسلام جبّ ما قبله ، ولكنّه من أين ثبت انّ فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان بعد نزول المائدة؟ إذ من المحتمل أن يكون قبله بكثير ، وقد أسلم الرجل قبل صلح الحديبية الذي كان في العام السادس ، ويؤيد

__________________

١. سير أعلام النبلاء : ٣ / ٣٠ ، رقم الترجمة ٧.

٢. سير أعلام النبلاء : ٣ / ٢٨ ، رقم الترجمة ٧ ؛ الأغاني : ١٤ / ١٤٦ ؛ تاريخ الطبري : ٤ / ٢٠٧ ؛ الكامل : ٢ / ٢٢٨ ، إلى غير ذلك من المصادر المتوفرة.

١٠٧

ذلك ما رواه الذهبي عن أبي إدريس قال : قدم المغيرة بن شعبة دمشق فسألته ، قال : وضّأت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في غزوة تبوك فمسح على خفّيه. (١)

الثالث : دراسة سائر الروايات

قد روى غير واحد من المحدّثين فعل النبي في السفر أو في السفر والحضر وأنّه مسح على الخفّين ، والغالب عليها هو نقل فعل النبي من دون أن يذكر فيها لفظه وأنّه أمر لفظا بالمسح على الخفّين ، وعلى فرض أنّه أمر بالمسح على الخفين لم تُعيّن ظروف العمل ، وقد جمع أبو بكر البيهقي عامّة الروايات في السنن ، فنذكر قسما كبيرا ممّا رواه :

١. عن سعد بن أبي وقّاص أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسح على الخفّين.

٢. عن حذيفة قال : مشى رسول الله إلى سباطة قوم فبال قائماً ، ثمّ دعا بماء فجئته بماء فتوضّأ ومسح على خفّيه. وقال : رواه البخاري في الصحيح عن آدم بن أبي إياس ، ورواه مسلم من وجه آخر عن الأعمش.

وكفى في ضعف الرواية الثانية أنّه نسب إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما لا يليق بمنزلته ومكانته ولا يرتكبه إلاّ الأراذل من الناس.

كيف يمكن أن ينسب إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه بال قائماً مع أنّ المروي عن ابن مسعود انّه قال : من الجفاء أن تبول وأنت قائم ، وكان سعد بن إبراهيم لا يجيز شهادة من بال قائماً.

قالت عائشة : من حدّثكم انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يبول قائماً فلا تصدّقوه ، ما كان يبول إلاّ قاعدا.

__________________

١. سير أعلام النبلاء : ٣ / ٢٢.

١٠٨

ثمّ إنّ ابن قدامة بعد ما نقل هذا حاول أن يصحّح الحديث بقوله : ولعلّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فَعَل ذلك ( البول قائماً ) لتبيين الجواز ولم يفعله إلاّ مرة واحدة ، ويحتمل انّه في موضع لا يتمكّن من الجلوس فيه. (١)

وما ذكر من الوجه الأوّل مردود بأنّ في إمكان الرسول أن يبيّن جواز المسح على الخفين بكلامه لا بفعله الذي يعد من صفات غير المبالين بأحكام الشريعة.

قد أخرج ابن ماجة في سننه عن عمر قال : رآني رسول الله أبول قائماً ، فقال : يا عمر لا تبل قائماً. (٢)

مضافا إلى أنّ ظاهر الحديث أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يتطهّر من البول فلا بدّ من القول بالحذف والتقدير في جمل الحديث ، وعلى فرض الصحّة فهو ينقل فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من دون أن يوقّت ظروفه فلا يكون حجّة في مقابل القرآن الكريم. ولعلّه كان قبل نزول آية الوضوء. وبه تظهر حال رواية سعد بن أبي وقاص حيث لم تعيّن ظرف العمل وانّه هل كان قبل نزول المائدة أو بعدها؟

٣. عن جعفر بن أميّة بن الضمري ، عن أبيه : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسح على عمامته وخفّيه ، والكلام في هذا الحديث هو نفس الكلام في الحديثين السابقين.

٤. عن كعب بن عجرة قال : حدّثني بلال قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توضّأ ومسح على الخفّين والخمار.

٥. عن سليمان بن بريدة ، عن أبيه ، قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توضّأ مرّة مرّة ومسح على الخفّين ، وصلّى الصلوات كلّها بوضوء واحد. فقال له عمر : صنعت شيئا ما كنت تصنعه. فقال : عمدا فعلته يا عمر.

__________________

١. المغني : ١ / ١٥٦.

٢. سنن ابن ماجة : ١ / ١١٢ ، برقم ٣٠٩.

١٠٩

أقول : قد قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بفعله هذا يوم الفتح قبل نزول سورة المائدة بشهادة رواية بريدة حيث قال : صلّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الفتح خمس صلوات بوضوء واحد ومسح على خفّيه. فقال له عمر : أنّي رأيتك صنعت شيئا لم تصنعه ، قال : عمدا صنعته.

٦. روى المقدام بن شريح قال : سألت عائشة عن المسح على الخفّين؟ فقالت : ائت عليا فإنّه أعلم بذلك منّي ، فأتيت عليّا فسألته عن المسح ، فقال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يأمرنا أن يمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثا.

ولا يصحّ الاحتجاج به وبنظيره ما لم يثبت ظرف العمل وانّ فعل النبي كان بعد نزول سورة المائدة. (١)

__________________

١. لاحظ في الوقوف على هذه المأثورات : السنن الكبرى للبيهقي : ١ / ٢٧٠ ـ ٢٧٧.

١١٠

تساؤلات

حول مسألة المسح على الخفّين

ثمّ إنّ هناك تساؤلات حول هذه المسألة نطرحها على صعيد البحث والدراسة ، ولعلّ الفقيه المفتي بجواز المسح على الخفّين في عصرنا هذا يجد لها أجوبة :

١. لا شكّ أنّ الوضوء وإن كان عبادة وشرطا في صحّة الصلاة ولكنّه في الوقت نفسه تطهير للمتوضّئ يقول سبحانه في ذيل آية الوضوء ( وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ). (١)

فإذا كان الوضوء كالغسل والتيمّم سببا للتطهير فهو فرع مباشرة الرجلين لا الخفّين والنعلين ولا الجوربين ، فان المسح عليها لا يستتبع طهارة إن لم يؤثر في انفعال اليد بالأوساخ التي على الخفّين أو النعلين أو الجوربين. فتجويزه في الحضر والسفر اختيارا مؤقتا أو غير مؤقت على خلاف النظافة التي دعا إليها الإسلام في غير واحد من تعاليمه.

٢. إنّ المسح على الخفّين مسألة فقهية فرعية اختلف فيها الصحابة والتابعون ، وقد اشتهر عن علي وابن عباس وعائشة وأئمة أهل البيت قاطبة وغيرهم المنع عنه ، وكان الإمام عليه‌السلام وتلميذه حبر الأمّة يستدلاّن بأنّ آية الوضوء نسخت هذا ، ومع هذا فلا يتجاوز الاختلاف فيه عن الاختلاف في الحكم

__________________

١. المائدة : ٦.

١١١

الفرعي ، وما أكثر الخلاف في الأحكام الفرعية ؛ ومع ذلك نرى أنّ شهاب الدّين أحمد بن محمد القسطلاني ينقل في شرحه على صحيح البخاري عن الكرخي أنّه قال : أخاف الكفر على من لا يرى المسح على الخفّين ، وليس [ المسح ] بمنسوخ ، لحديث مغيرة في غزوة تبوك وهي آخر غزواته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمائدة نزلت قبلها في غزوة المريسيع ، فأين النسخ للمسح. (١)

ولا يخفى ما في كلامه من الوهن.

أمّا أوّلا : فإنّ ما ذكره لا يخلو من المغالاة في القول ، إذ أي ملازمة بين عدم تجويز المسح على الخفّين والخروج عن حظيرة الإسلام ، وليس في المسألة إلاّ خبر واحد كخبر المغيرة ، غير المفيد علما ولا قطعا.

واتّهام المخالف بالكفر سيئة موبقة ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إذا كفّر الرجل أخاه فقد باء بها أحدهما ». (٢)

وثانيا : أنّ المائدة نزلت قبل رحيله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بثلاثة أشهر أو أقلّ ، وأمّا غزوة المريسيع ، فقد كانت في شهر شعبان من العام السادس من الهجرة ، وقيل قبله. (٣) نعم نزل فيها آية التيمّم وهي قوله سبحانه ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً ). (٤)

__________________

١. في المصدر مكان أين : فأمن. راجع : إرشاد الساري : ١ / ٢٧٨.

٢. صحيح مسلم : ١ / ٥٦ ، كتاب الإيمان ، باب من قال لأخيه يا كافر.

٣. السيرة النبوية : ٢ / ٢٨٩.

٤. النساء : ٤٣.

١١٢

٣. وممّا يشهد على أنّ النزاع بين الصحابة والتابعين في مسألة المسح على الخفّين كان على قدم وساق انّ بعض من يروي المسح على الخفّين عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعمل بخلافه. روى البيهقي عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سئل عن المسح على الخفّين فقال : للمسافر ثلاثة أيام ولياليهنّ وللمقيم يوم وليلة ، وكان أبي ( أبو بكرة ) ينزع خفّيه ويغسل رجليه. (١)

ولما كان ذيل الحديث يوجد وهنا فيما يرويه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث إنّ عمله كان على خلاف روايته ، حاول غير واحد من المحدّثين تصحيحه. (٢)

٤. إنّ الظاهر من غير واحد من الروايات التي نقلها البيهقي في سننه أنّه يجوز المسح على الخفّين في السفر والحضر جميعا ، وقد عقد بابا بهذا العنوان : « باب مسح النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الخفّين في السفر والحضر » ، وقد عرفت رواية حذيفة وأسامة انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسح على الخفّين وهو في المدينة ، ومعنى ذلك أنّه يجوز أن يختار المكلّف طيلة عمره المسح على الخفّين ، وأنّ غسل الرجلين مختصّ بمن لم يلبس الخفّين ، وهذا شيء لا ترتضيه روح الفقه ولا سيرة المتشرّعة ولا حكمة الوضوء.

وإن كنت في شكّ من ذلك ، فإليك فتاوى الفقهاء في هذا الصدد :

يرى جمهور الفقهاء الحنفيّة والشافعيّة والحنابلة ، توقيت مدّة المسح على الخفّين بيوم وليلة في الحضر وثلاثة أيّام للمسافر ، ولكن المالكية تجوّز المسح على الخفّين في الحضر والسفر من غير توقيت بزمان ، فلا ينزعهما إلاّ بموجب الغسل ويندب للمكلّف نزعهما في كلّ أسبوع مرّة يوم الجمعة ولو لم يرد الغسل لها ، ونزعهما

__________________

١. السنن الكبرى : ١ / ٢٧٦.

٢. الشرح الصغير : ١ / ١٥٢ ، ١٥٣ ، ١٥٨ ؛ جواهر الإكليل : ١ / ٢٤ ، ولاحظ الموسوعة الفقهية الكويتية ، ج ٣٧ ، مادة « مسح ».

١١٣

مرّة في كلّ أسبوع في مثل اليوم الذي لبسهما فيه ، فإذا نزعهما لسبب أو لغيره وجب غسل الرجلين.

واستدلّوا بما رواه ابن أبي عمارة ، قال : قلت : يا رسول الله : أمسح على الخفّين؟ قال : نعم ، قلت : يوما؟ قال : ويومين ، قلت : وثلاثة؟ قال : نعم وما شئت. (١)

٥. انّ الشيء الغريب حقّا هو انّ الفقهاء لم يجوّزوا المسح بماء الوضوء على الرجلين مباشرة لا في الحضر ولا في السفر ، ومع ذلك جوّزوا المسح على الخفّين على الرغم من أنّ الخفين لا صلة لها بالمتوضّي سوى انّهما وعاءان للرجْلين.

٦. ثمّ هناك من يتصوّر انّ الحكمة في جواز المسح على الخفّين ، التيسير والتخفيف عن المكلّفين الذين يشق عليهم نزع الخف وغسل الرجلين في أوقات الشتاء والبرد الشديد ، وفي السفر وما يصاحبه من الاستعجال ومواصلة السفر. (٢)

وما ذكر من الحكمة ـ لو صحت ـ يوجب اختصاص المسح على الخفّين بموارد الحرج والضرورة ، وأين هذا من الإفتاء به دون تقييد؟!

٧. وأظنّ أنّ الإصرار على بقاء حكم المسح على الخفّين كان لأجل مخالفة الإمام علي عليه‌السلام ؛ حيث كان هو وبيته الرفيع يجاهرون بالمنع من المسح على الخفّين ، وقد أعطى المجوّزون المسألة أكثر ممّا تستحقّ ، قال أبو بكر بن المنذر : روينا عن الحسن البصري ، حدثني سبعون من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يمسح على الخفّين ، قال : وروينا عن ابن المبارك قال : ليس في المسح على الخفّين اختلاف. هو جائز قال جماعات من السلف نحو هذا. (٣)

__________________

١. كتاب المجموع شرح المهذّب للنووي : ١ / ٥٠٥.

٢. الموسوعة الفقهية : ٣٧ / ٢٦٢.

٣. المجموع : ١ / ٥٠١.

١١٤

كما ذكر البيهقي أسماء حوالي عشرين صحابيا جوّزوا المسح على الخفّين منهم : عمر بن الخطاب وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وأبو أيوب الأنصاري وأبو موسى الأشعري وعمّار بن ياسر وجابر بن عبد الله وعمرو بن العاص وأنس بن مالك وسهل بن سعد وأبي مسعود الأنصاري والمغيرة بن شعبة والبراء بن عازب وأبي سعيد الخدري وجابر بن سمرة وأبو أمامة الباهلي وعبد الله بن الحارث بن جزر وأبو زيد الأنصاري. (١)

والعجب انّهم عطفوا عليّا عليه‌السلام ؛ وابن عباس على هؤلاء لمزيد كسب الثقة بالجواز.

فروع المسألة

ثمّ إنّ القائلين بجواز المسح على الخفّين اختلفوا فيما يرجع إليه من فروع اختلافا شديدا فاختلفوا في المواضع التالية :

١. تحديد المحل : فاختلفوا فيه فقال قوم : إنّ الواجب من ذلك مسح أعلى الخف وإنّ مسح الباطن ـ أعني : أسفل الخف ـ مستحب ، ومالك أحد من رأى هذا ، والشافعي ؛ ومنهم من أوجب مسح ظهورهما وبطونهما ، وهو مذهب ابن نافع من أصحاب مالك.

ومنهم من أوجب مسح الظهور فقط ولم يستحب مسح البطون ، وهو مذهب أبي حنيفة وداود وسفيان وجماعة ؛ وشذّ أشهب : فقال : إنّ الواجب مسح الباطن أو الأعلى ، أيّهما مسح ، وسبب اختلافهم تعارض الآثار الواردة في ذلك

__________________

١. سنن البيهقي : ١ / ٢٧٢.

١١٥

وتشبيه المسح بالغسل.

٢. نوع محل المسح فإنّ القائلين به اتّفقوا على جواز المسح على الخفّين واختلفوا في المسح على الجوربين ، فأجاز ذلك قوم ومنعه قوم ، وممّن منع ذلك : مالك والشافعي وأبو حنيفة ، وممّن أجاز ذلك : أبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة وسفيان الثوري ، وسبب اختلافهم في صحّة الآثار الواردة عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، انّه مسح على الجوربين والنعلين ، واختلافهم أيضا في هل يقاس على الخف غيره ، أم هي عبادة لا يقاس عليها ولا يتعدّى بها محلّها؟

٣. صفة الخفّ فإنّهم اتّفقوا على جواز المسح على الخفّ الصحيح واختلفوا في المخْرَق ، فقال مالك وأصحابه : يمسح عليه إذا كان الخرق يسيرا ، وحدّد أبو حنيفة بما يكره الظاهر منه أقلّ من ثلاثة أصابع ، وقال قوم بجواز المسح على الخفّ المنخرق ما دام يسمّى خفّا ، وإن تفاحش خرقه ، وممّن روي عنه ذلك الثوري ، ومنع الشافعي أن يكون في مقدّم الخف خرق يظهر منه القدم ، ولو يسيرا في أحد القولين عنه. ثمّ ذكر سبب اختلافهم.

٤. التوقيت فان الفقهاء اختلفوا فيه ، فرأى مالك انّ ذلك غير مؤقت وإنّ لا بس الخفّين يمسح عليها ما لم ينزعهما أو تصيبه جنابة ، وذهب أبو حنيفة والشافعي إلى أنّ ذلك مؤقت. والسبب في اختلافهم اختلاف الآثار في ذلك.

٥. شرط المسح على الخفين هو أن تكون الرْجلان طاهرتين بطُهر الوضوء وذلك شيء مجمع عليه إلاّ خلافا شاذا. وقد روي عن ابن القاسم عن مالك ، ذكره ابن لبابة في المنتخب ، وإنّما قال به الأكثر لثبوته في حديث المغيرة وغيره إذا أراد أن ينزع الخف عنه فقال عليه‌السلام : دعهما فإنّي أدخلتهما وهما طاهرتان ، والمخالف حمل

١١٦

هذه الطهارة على الطهارة اللغوية.

٦. الاختلاف في نواقض هذه الطهارة فإنّهم أجمعوا على أنّها نواقض الوضوء بعينها واختلفوا هل نزع الخف ناقض لهذه الطهارة أم لا؟ فقال قوم : إن نَزَعه وغسل قدميه فطهارته باقية ، وإن لم يغسلهما وصلّى أعاد الصلاة بعد غسل قدميه ، وممّن قال بذلك مالك وأصحابه والشافعي وأبو حنيفة ـ إلى أن قال ـ وقال قوم : طهارته باقية حتى يحدث حدثا ينقض الوضوء وليس عليه غسل ، وممّن قال بهذا القول داود وابن أبي ليلى وقال الحسن بن حي : إذا نزع خفّيه فقد بطلت طهارته. (١)

وهذه الاختلافات في الفروع مبنية على القول بجواز المسح على اختيار ، فإذا بطل الأصل يكون الكلام في الفروع أمرا لغوا لا طائل تحته وإن أطنب القائلون بالجواز الكلام فيها.

__________________

١. بداية المجتهد : ١ / ١٨ ـ ٢٣ بتلخيص.

١١٧
١١٨

٣

تشريع الأذان

و

التثويب في أذان الفجر

١. قيل للإمام الصادق عليه‌السلام :

يقولون إنّ رجلا من الأنصار رأى الأذان في النوم ، فأجاب عليه‌السلام :

« كذبوا فان دين الله أعزّ من أن يُرى في النوم ».

٢. قال محمد بن الحنفية :

عمدتم إلى ما هو الأصل في شرائع الإسلام ومعالم دينكم فزعمتم أنّه انّما كان من رؤيا رآها رجل من الأنصار في منامه تحتمل الصدق والكذب وقد تكون أضغاث أحلام.

١١٩
١٢٠