أجوبة المسائل المهنائية

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

أجوبة المسائل المهنائية

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


الموضوع : الفقه
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٨٨

الجواب لا تبطل الصلاة لشيء من ذلك ولا يخرج به من الصلاة ، وانما يخرج به من الصلاة عند القائلين بوجوب التسليم بإحدى العبارتين ، وهما « السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين » أو « السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ».

مسألة (٧٩)

ما يقول سيدنا في التسليم عقيب التشهد ، هل هو واجب أم لا ، وان كان واجبا هل يتعين بأحد اللفظين وهو « السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين » أو « السلام عليكم ورحمة الله وبركاته » هل يجوز أم لا ، فهل يجوز الاقتصار على قول « السلام عليكم » أو يجب قول « ورحمة الله وبركاته » ، أوضح لنا ذلك نجاك الله من المهالك.

الجواب اختلف علماؤنا في وجوب التسليم واستحبابه ، والأقوى عندي الثاني : أما أولا فللأصل ، وأما ثانيا فللنقل ، فإنه قد روي « أن الحدث ان وقع قبل الصلاة على النبي وآله عليهم‌السلام أبطل الصلاة والا فلا ». وأما تعين اللفظ فالعبارتان هما المشهورتان فيه.

مسألة (٨٠)

ما يقول سيدنا في المسافر الذي يجب عليه القصر هل يجوز له صوم الكفارات وقضاء شهر رمضان ، وخاصة إذا خيف أن يدركه رمضان آخر وهو مسافر ، وهل يصح الصوم المندوب في السفر أم لا.

الجواب أما الصوم الواجب فلا يصح في السفر على ما نص الأصحاب عليه

٦١

الا ما يستثنوه ، ولا فرق بين أن يدركه رمضان آخر أم لا. وأما صوم الندب ففيه خلاف ، والأقوى فيه الكراهة.

مسألة (٨١)

ما يقول سيدنا في الماء المضاف إذا غسل به الثوب النجس أو البدن ، هل يطهر كما يقوله السيد المرتضى رضي‌الله‌عنه أم لا يطهر بذلك.

الجواب لا يطهر الثوب والبدن بذلك ، لأنه لا يدفع النجاسة عن نفسه فكيف يدفعها عن غيره (١) ، ولأنه تعالى امتن بخلق الماء مطهرا ، فلو شاركه المضاف لم يكن للتخصيص معنى (٢) ، والماء المطلق يحمل على الحقيقة.

مسألة (٨٢)

ما يقول سيدنا في الماء الذي يغسل به النجاسة وينفصل غير متغير ، هل هو طاهر أم لا ، وهل يجب عصر الثوب بعد غسله أم لا ، وهل يعصره مرة أو مرتين ، وهل يكون الماء الذي يخرج منه وخاصة بالعصر طاهرا أم لا نجسا ، وان كان يتخلف في الثوب منه كثيرا ، أو لا يقدر الإنسان على إخراجه. فبين لنا الحكم في ذلك مفصلا.

الجواب الماء الذي يغسل به النجاسة عندي انه نجس ، سواء كان من الغسلة الأولى أو الثانية ، لأنه ماء قليل لاقى نجاسة فانفعل بها كغيره.

__________________

(١) في هذا الاستدلال نظر ، لجريانه في التطهير بالماء القليل ، فان فرق بين ورود الماء على النجاسة وورود النجاسة على الماء ، قلنا فكذا هنا.

(٢) لعل وجه التخصيص زيادة الامتنان ، فان الماء المطلق أغلب وجودا من المضاف وأسهل حصولا في غالب الأوقات ، فالامتنان بكونه مطهرا أظهر. فتأمل.

٦٢

وأما عصر الثوب فقد روي وجوبه إلا في بول الصبي. وأما الخارج بالعصر فنجس ، ويكفي المرة فيه. ولا فرق في النجاسة بين الخارج بالعصرة الأولى أو في الثانية.

وأما المتخلف في الثوب فإنه معفو عنه ، فان خرج بالعصر كان نجسا.

مسألة (٨٣)

ما يقول سيدنا في الإنسان إذا توضأ وهو قائم في الماء فاذا كمل وضوؤه أخرج رجليه وهي تقطر بالماء فمسح عليهما نداوة الوضوء التي في يده ، ثم أعادها إلى الماء هل يصح وضوؤه أم لا.

الجواب كان والدي رحمه‌الله يفتي بالمنع من ذلك. وهو جيد ، لأنه يكتسب في المسح ماء جديدا ، وهو ممنوع منه.

مسألة (٨٤)

ما يقول سيدنا في الذي يعمل مثلا خاتما عند مشرك وهو كلما أخرجه من النار يغمسه في ماء نجس عنده ليطفىء حرارته ، فهل ينجس الخاتم بذلك أم ليس فيه قابلية التشريب بالماء ويطهر بغسل ظاهره ، وكذلك الحديد فإنهم يسقونه بالماء ويسموه الحديد المسقى ، فهل ينجس السيف والسكين إذا سقيا بماء نجس كما ذكر في الخاتم أم لا ينجس شيء من هذه المعادن المنطبعة ولو ألقي في الماء النجس بعد النار مائة مرة ويطهر بغسل ظاهره ، فان كان ينجس كيف السبيل الى التطهير.

الجواب الضابط في ذلك نجاسة كلما لاقى الماء النجس الا أن تحيل النار الماء ورطوبته أما بدون ذلك فلا. ولو فرض أن الماء النجس لا يدخل الاجزاء

٦٣

السيالة كانت طاهرة ، ولو نجست وغطاها غيرها من الاجزاء بقيت على نجاستها وغسل الظاهر من الخاتم ، فيكون ذلك خاصة طاهرا دون باطنه الملاقي للنجاسة.

مسألة (٨٥)

ما يقول سيدنا في زوجة الإنسان إذا أصرت على الزنا واطلع على ذلك هل يجب عليه فراقها أم يجوز له مسكها والحال هذه ، وهل الحديث الذي يروى عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله انه جاءه شخص فقال : يا رسول الله ان زوجتي لا ترد يد لامس. فقال له صلى‌الله‌عليه‌وآله : طلقها. فقال : يا رسول الله اني أحبها. فقال : أمسكها. صحيح أم لا ، وما وجه ذلك ان كان صحيحا. بين لنا ذلك.

الجواب لا تحرم من أصرت على الزنا ، لأصالة الإباحة ، ولما روي من أنه لا يحرم الحرام الحلال. والرواية المذكورة رواها العامة ورواها الشيخ رحمه‌الله وهي مطابقة للأصل. والوجه في ذلك أن الزاني لا يلحقه هذا النسب لقوله عليه‌السلام « الولد للفراش وللعاهر الحجر » ، وانما يلحق الولد بالزوج.

مسألة (٨٦)

ما يقول سيدنا فيما يلزمنا به من ينكر تقبيح العقل وتحسينه بقولهم إذا اختفى نبي أو رجل صالح عند شخص خوفا من ظالم يريد قتله فيسأل الظالم الشخص الذي قد اختفى عنده النبي أو الرجل الصالح وهو رجل ساذج لا يعرف التورية ولا يحسن المعاريض ولا يعرف الا الصدق والكذب ، فكيف يصنع ، وهذا إلزام قوي.

والمسؤل من صدقات سيدي الجواب عنه بما يثبت به الحجة وتستبين به المحجة.

٦٤

الجواب عن هذه يتوقف على تحقيق مقدمة ، وهي أن الأحكام المتضادة قد تجتمع في فعل واحد باعتبارين متغايرين ، ولا يكون في ذلك محال لاختلاف الاعتبار ، فان تناول الميتة حرام وقد يصير واجبا عند المخصمة ، وكما في إنقاذ الغرقى إذا اشتمل على الإفطار ، وهو كثير النظائر ، وأقواها مناسبة لما نحن فيه وجوب الخروج على من توسط أرضا مغصوبة.

فاذا تمهدت هذه المقدمة فنقول : تخليص النبي عليه‌السلام أو الرجل الصالح واجب والكذب قبيح ، فاذا اجتمعا وجب سلوك الاولى من الفعلين ، ولا يؤثر ذلك في تحسين الآخر وتقبيحه. والأصل فيه أن الفعل إذا اشتمل على وجه مصلحة ووجه مفسدة ، فلو كان وجه المصلحة أقوى وجب فعله لقضاء العقل بأن ترك الخير الكثير لأجل شر قليل شر كثير وفعله خير كثير ، فتعين فعله (١).

مسألة (٨٧)

ما يقول سيدنا في قوله تعالى ( فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ. خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ. وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ) (٢) ما وجه هذا الاستثناء ، وأي شيء نقل عن الأئمة عليهم‌السلام فيه ، وأي شيء قاله المفسرون من أصحابنا وغيرهم. بين لنا ذلك بيانا شافيا لا زال عيشك صافيا وستر الله عليك كافيا.

__________________

(١) هذا لا يستقيم على مذهب من يجعل حسن الأشياء وقبحها لذواتها ، والاشكال انما هو على هذا المذهب.

(٢) سورة هود : ١٠٦ ـ ١٠٨.

٦٥

الجواب قد قيل في هذا الاستثناء عدة وجوه من التأويل ، أقربها إلى المذهب استثناء أهل الكبائر من المؤمنين المستحقين للثواب الدائم بإيمانهم والعقاب المنقطع بمعاصيهم ، وحينئذ يحتمل الاستثناء من الخلود ، وذلك يكون بعد دخولهم الى النار ، ومن الدخول الى النار إذا أراد الله تعالى التفضل عليهم بإسقاط العقاب أو بشفاعة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقيل المراد خالدين فيها ما دامت السموات والأرض أرضا إلا ما شاء ربك من الزيادة والمضاعفة. وقيل الا بمعنى الواو. وقيل الا بمعنى سوى فلا يكون استثناء ، كما تقول « لك عندي مال إلا الألف التي عندي » أي سوى الالف.

مسألة (٨٨)

ما يقول سيدنا في المتمتع بها إذا توفي عنها من تمتع بها ، هل يذهب مولانا إلى أنها تعتد كالحرة أو كالأمة ، وهل يجب عليها العدة بالوفاة سواء دخل بها أو لم يدخل كالزوج الدائم أم يشترط في وجوب العدة المتمتع بها الدخول.

الجواب الأقوى عندي أنها تعتد بأربعة أشهر وعشرة أيام سواء دخل بها أو لا ، خلافا لجماعة من علمائنا ، لعموم الآية في قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ ) (١) وللرواية الصحيحة عن الصادق عليه‌السلام الدالتين على الاعتداد بأربعة أشهر وعشرة أيام.

مسألة (٨٩)

ما يقول سيدنا في من وضع جبهته على ما لا يصح السجود عليه لظلمة الموضع الذي يصلي فيه والمسجد قريبة من جبهته ، فهل يجوز له أن يدخل السجدة بين

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٣٤.

٦٦

جبهته وبين ما لا يصح السجود عليه من غير رفع رأسه أم تبطل صلاته بوضع جبهته على ما لا يصح السجود عليه ولا يجوز له أن يدخل شيئا تحت جبهته في تلك الحال ، وهل يفرق في ذلك بين القطن والكتان وغيرهما أم لا.

الجواب بل يدخل ما يصح السجود عليه بين جبهته وبين ما لا يصح السجود عليه ، ولا تبطل صلاته إذا فعل ذلك. ولا فرق بين القطن والكتان وغيرهما.

مسألة (٩٠)

ما يقول سيدنا في الإنسان إذا أكل أو شرب ماء وهو صائم ندبا أو واجبا غير معين ، هل يصح الصوم أو يفطر ويصوم غير ذلك اليوم ، ويكون قاضي رمضان بعد الزوال حكمه هذا الحكم أم لا.

الجواب لا يصح صيام ذلك اليوم ندبا ولا واجبا غير معين ، للرواية عن الصادق عليه‌السلام ، وكذا في القضاء بعد الزوال. وعندي فيه اشكال ، والأقرب المنع أيضا ، لأنه عبارة عن الإمساك ولم يتحقق مع السهو.

مسألة (٩١)

ما يقول سيدنا في المصلي هل يجوز له أن يعقد نية الصوم بقلبه في حال كونه مشتغلا بالصلاة أم لا يجوز ذلك ، وهل تبطل الصلاة بذلك أم لا.

الجواب نعم يجوز ذلك ، والأصل فيه عدم التضاد بين أفعال القلوب وأفعال الجوارح. ولو منعنا من ذلك لتعذر إيقاع الصلاة على وجه الاجزاء ، لأنه قل أن يتخلص الإنسان حالة الصلاة بقلبه في أفعالها خاصة دون أن يخطر بباله أشياء أخرى.

٦٧

مسألة (٩٢)

ما يقول سيدنا في ما ورد في ولد الزنا من الاخبار ، كالرواية التي فيها سألته عن غسالة الحمام فقال : انه يدخل اليهودي والنصراني والناصب وولد الزنا وهو شرهم. وإجماع الطائفة على أنه لا يجوز إمامته ولا تقبل شهادته ، ومذهب السيد المرتضى رحمه‌الله ومن تبعه في ذلك معروف ، فهل تقتضي هذه الأشياء عدم ايمانه وأنه إذا علم ما يجب عليه وعمل ما يجب عمله وترك ما يجب تركه لا يكون بذلك مؤمنا ولا مقبول العمل ولا يثاب على أعماله ولا يدخل الجنة ، فلو كان الأمر كذلك فبأي وجه يحبط عمله وهو لم يكتسب سيئة في كونه ولد الزنا أم يقتضي الأشياء المذكورة عن الأئمة عليهم‌السلام وعن الطائفة انه لا يمكن أن يفعل شيئا من أفعال الخير وانه لا يفعل الا الشر نعوذ بالله من ذلك ، وان رأيناه في الظاهر يفعل أفعال الخير فهي مدخولة بما يحبطها ، أم يكون حكمه حكم سائر الناس ان خيرا فخير وان شرا فشر ، ويكون بأعماله الصالحة من أهل الايمان وممن يستحق الثواب والجنة ، فإذا كان كذلك فبأي وجه يتأول الأخبار الواردة فيه ومذهب المرتضى رحمه‌الله وإجماع الطائفة على عدم جواز إمامته وقبول شهادته ، وما ذلك الا لمعنى. بيّن لنا هذا الأمر بيانا شافيا لا زال أمرك راجحا ومتجرك رابحا.

الجواب الذي رويناه في كتاب مدارك الأحكام وذكره الشيخ رحمه‌الله رواية الوشاء عمن ذكره عن الصادق عليه‌السلام انه كره سؤر ولد الزنا واليهودي والنصراني والمشرك وكل من خالف الإسلام وان كان أشد ذلك عنده سؤر الناصب. وهذه الرواية مرسلة ، لو صحت كان الوجه من خالف الإسلام ينكر النبوة وهي لطف خاص والناصب ينكر الإمامة وهي لطف عام.

وأما ما نقله السيد في سؤاله فإن صحت روايته فلها وجه ، وهو أن شر الكافر

٦٨

مستند الى فعله وهو اعتقاده وقوله ، وأما ولد الزنا فان شره ذاتي لا يمكن تغييره ولا تبديله ، بخلاف الكافر الذي شره عرضي يمكن زواله فلا يسلبه القدرة والاختيار للايمان والا لبطل تكليفه ، ولو فرض وقوع الطاعات منه وانه عرف واعتقد ما يجب عليه كان من أهل النجاة.

لكن السيد المرتضى رحمه‌الله ادعى الإجماع على خلافه ولرواية رواها أن ولد الزنا لا ينجب وانه لا يدخل الجنة ، فإن صحت هذه الرواية فالوجه فيها انه بخبث أصله وفساد طبعه لا يقبل الألطاف الإلهية ، ولا يصح منه اعتقاد الحق لتقصيره في النظر الواجب عليه شرعا المتمكن منه عقلا. ولا عذر له ، لان الواجب على الله تعالى بعثة الرسل عليهم‌السلام وخلق القدرة والآلات والألطاف ، وقد فعلها الله تعالى له فالتقصير منه.

مسألة (٩٣)

ما يقول سيدنا في الكعبين الذي يجب المسح عليهما ، فان المعروف من مذهب الأصحاب انهما قبتا القدم عند معقد الشراك ، ويقول سيدي انهما مفصل الساق والقدم ، فما الحجة في ذلك وما حكم من اقتصر على معقد الشراك.

الجواب الدليل على ما صرنا إليه الرواية الصحيحة عن الباقر عليه‌السلام ، رواها زرارة وبكير بن أعين قلنا : أصلحك الله فأين الكعبتان؟ قال : ههنا يعني المفصل دون عظم الساق. ومن اقتصر على ما ذكره سيدنا السائل دام معظما ان كان عن اجتهاد أو تقليد مجتهد صح وضوؤه والا فلا.

مسألة (٩٤)

ما يقول سيدنا في من يرى أن الواجب في المسح الى معقد الشراك ويمسح

٦٩

الى مفصل الساق ليخرج من الخلاف ، أو يرى ان الواجب المسح ويغسل رجليه بعد مسحهما ليخرج من الخلاف ، فهل يكون وضوؤه صحيحا أم لا ، لأنه شاك في وضوئه ، أم لا يكون ذلك مؤثرا في صحة الوضوء. بين لنا ذلك.

الجواب أما الأول فلا بد وان يعتقد وجوب المسح الى المفصل ، الا أن يؤديه اجتهاده أو اجتهاد من يقلده الى معقد الشراك فلا بأس باستظهاره. وأما من يعتقد الغسل بعد المسح فان اعتقد عدم الاكتفاء بالمسح فهو مخطىء ان اعتقد وجوب الكل وان لم يعتقد فلا بأس.

مسألة (٩٥)

ما يقول سيدنا في البسملة إذا قرأ المصلي ولم يكن عيّن السورة ، فقد قال سيدي انه يجب عليه إعادة البسملة إذا عين السورة ، فما الحجة في ذلك والبسملة آية صالحة لكل سورة. بين لنا ذلك.

الجواب قد أفاد السيد عن نظره في سؤاله ، الجواب عنه فان صلاح البسملة لا يكون آية من كل سورة هو المقتضي لوجوب تعيينها من السورة التي يريد قراءتها ، وانما يتعين بالنية ، وبدون النية لا يحصل التعيين فلا يكون تأديا لكمال السورة.

مسألة (٩٦)

ما يقول سيدنا في نية الصلاة ، هل يجب مقارنتها لتكبيرة الحرام حتى يكون الإنسان عاقدا لها من أول الف الجلالة إلى آخر راء التكبير أم لا يجب ذلك بل الواجب مقارنة آخر جزء من النية أول جزء من التكبير. أفتنا مأجورا متعنا الله بك دهورا.

٧٠

الجواب يجب أن يكون آخر جزء من النية مقارنا لأول جزء من التكبير بحيث يتعقبه بغير فصل. ولا يشترط الأول ، لتعذره ولأنه يلزم وقوع جزء من الصلاة بغير نية ، إذ يشترط في النية ما لا يمكن مجامعته لكل جزء جزء.

مسألة (٩٧)

ما يقول سيدنا في الوطي في دبر المرأة هل هو حرام أو مكروه أم ليس بحرام ولا مكروه ، فإن للأصحاب اختلافا كثيرا.

الجواب الأقوى الكراهية لأصالة الإباحة وقوله تعالى ( فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ) (١).

مسألة (٩٨)

ما يقول عن وجه قول سيدنا في الإنسان إذا صلى في تكة نجسة أو قلنسوة كذلك في أحد المساجد بطلت صلاته ، هل الوجه فيه كونه يجب عليه إخراج النجاسة من المسجد وجوبا مضيقا أم الوجه غير ذلك.

الجواب الأصل في ذلك ما أفاده دام معظما من النهي عن إدخال النجاسة الى المسجد ووجوب إخراجها عنه على الفور.

مسألة (٩٩)

ما يقول سيدنا في طعام أهل الكتاب ، فإن الأصحاب قد حرموا مائعاتهم مع قوله تعالى ( وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ ) (٢) فان جعلوا هذا مختصا

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٢٣.

(٢) سورة المائدة : ٥.

٧١

بالأشياء اليابسة كالحبوب وما أشبهها فأي فائدة تبقى في تخصيصهم بالاية ، لان ذلك يجوز استعماله من يد الكفار الذين ليسوا بأهل الكتاب ، فمولانا أحسن الله اليه يوضح لنا ذلك.

الجواب الإجماع الثابت عند الإمامية لا ينافي الآية لتغاير المحل ، فإن الذي منعت منه الإمامية انما هو المائعات التي باشروها والذبائح التي ذبحوها ، ما دلت الآية عليه وهو الطعام الموضوع في اللغة للحبوب المخصوصة.

سلمنا أن المراد العام لكن المراد ما يملكونه من الأطعمة دون ما باشروه ، فإن الذي باشروه قد حصل فيه معنى اقتضى المنع من استعماله.

مسألة (١٠٠)

ما يقول سيدنا في الجبهة هل لها حد يجب عليه السجود أم يكفي ما قل منها وما كثر ، كمن سجد على مسواك أو قلم طولا أو عرضا. أفتنا في ذلك.

الجواب لم أقف في ذلك على نص ، لكن بعض فقهائنا حده بالدرهم. والوجه عدم اشتراط ذلك والاجتزاء بأقل ما يقع عليه باسم الجبهة.

مسألة (١٠١)

ما يقول سيدنا في الاستحالة هل يطهر المستحيل كالعذرة تصير رمادا والميتة في المملحة تصير ملحا والدهن يصير دخانا أم لا يطهر.

الجواب نعم الاستحالة تطهر ذلك على الأقوى لخروجها عن الاسم الذي علق به النجاسة.

مسألة (١٠٢)

ما يقول سيدنا في الإنسان إذا فعل طاعة ثم ندم على فعلها هل يكون محبطا

٧٢

لها أم لا وكيف ، وكذلك إذا فاتته معصية وندم على فواتها فهل يكون ذلك معصية أم لا. بين لنا ذلك متعنا الله بحياتك.

الجواب الندم على فعل الطاعة الواجبة حرام لكنه لا يكون محبطا ، والندم على ترك المعصية حرام أيضا ويكون معصية.

مسألة (١٠٣)

ما يقول سيدنا في شرب الماء في الزجاج ، هل ورد بذلك كراهية أم لا.

الجواب ما وقفت لذلك على كراهية والأصل الإباحة.

مسألة (١٠٤)

ما يقول سيدنا في اللبن والانفحة من الميتة ، فإن أصحابنا حكموا بطهارته مع كونه رطبا مائعا لاقى ميتة ، فما حجتهم. أفتنا بذلك.

الجواب الاعتماد في ذلك على الرواية ، والأشياء المنصوصة يجب اتباع النص فيها من غير طلب علة.

مسألة (١٠٥)

ما يقول سيدنا في المحصر الذي رجع الى أهله وجامع قبل أن يطاف طواف النساء أو يحج في القابل ، ما يجب عليه وما يكون حكمه.

الجواب يكون عليه كفارة من جامع قبل طواف النساء.

مسألة (١٠٦)

ما يقول سيدنا في عصمة الأنبياء عليهم‌السلام ، هل هي كعصمة الملائكة

٧٣

خلقوا وجبلوا عليها لا تنازعهم أنفسهم ولا تدعوهم الى شر فاذن يكون المطيع منا المجاهد لهوى نفسه أكثر ثوابا منهم ، أم عصموا بمعنى أن الله تعالى خلق فيهم قوة زائدة ولطفا عظيما يقهرون به شهوات أنفسهم ودواعيها ، فيرد الإشكال أيضا ، إذ لو رزق الله سبحانه أحدا من الألطاف ما رزقهم لساواهم في ذلك ، أم عصموا بمعنى أنه لا يجوز منهم الخطأ لما علم الله سبحانه أنهم لا يختارونه مع مجاهدتهم لهوى أنفسهم ومنازعتها لهم وجواز وقوع الخطأ منهم من حيث الإمكان. أوضح لنا هذا الأمر.

الجواب العصمة كيفية نفسانية تبعث على ملازمة التقوى والامتناع عن ارتكاب المعاصي مع قدرته على ضد ذلك وإمكان صدور خلافهما عنه ، ولا يجوز أن يكون مقهورا على فعل الطاعة أو ترك المعصية والا لانتفى استحقاق الثواب والعقاب ولزم ما قال أبقاه الله في سؤاله من كون الواحد منا أعظم ثوابا من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو باطل إجماعا.

ولا ريب في مساواة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للأمة في القدرة والمكنة ولا يمتنع أن يكون له لطف من الله تعالى زائد على الألطاف التي لغيره من المكلفين ، وذلك اللطف تفضل من الله تعالى ، وهو غير واجب على الله تعالى ولا يجب مشاركة غيره له في ذلك.

ويمكن أن يكون سبب الاختصاص بهذا اللطف علم الله تعالى لقبول المحل له دون غيره. ويجوز أن يكون من أنفسهم بحيث لا يختارون المعصية مع قدرتهم عليها وامتناع صدورها عنهم ، لوفور عقلهم وكثرة علومهم ومداومتهم على التفكر والنظر وملازمة الطاعات والمداومة عليها ، بخلاف غيرهم من البشر.

مسألة (١٠٧)

ما يقول سيدنا في اللحمة مما يؤكل لحمه يجدها الإنسان مطروحة ولا يعلم

٧٤

كونها مذكاة أم لا ، هل يحل له أكلها والحال هذه أم لا ، وكذلك الجلود يجدها الإنسان ملقاة هل يحكم بطهارتها أم لا.

الجواب لا يحكم بتذكية اللحم ولا بطهارة الجلد ، لأن الأصل عدم التذكية في ذلك كله ، فبنى الشارع الأمر فيه على الأصل ، من التحريم والنجاسة.

مسألة (١٠٨)

ما يقول سيدنا في من يغسل يده من الدهن النجس فزال العين والأثر مع بقاء لزوجة دهنية في يده ، هل تطهر يده والحال هذه أم لا.

الجواب إذا زالت العين والأثر طهر المحل ، لكن بقاء اللزوجة تدل على بقاء الأجزاء الدهنية فيها ، فان ظهر له زوال العين طهر.

مسألة (١٠٩)

ما يقول سيدنا في المسك هل ورد فيه شيء أو اختلاف في طهارته ، وكذلك الجلدة التي تحويه هل هي طاهرة تبعا أم نجسة فيلزم نجاسة لامسها وهي أبينت من حيوان حي ، أم يكون المسك وجلده خرج من هذه القاعدة بدليل ، وهل تكون الاستحالة مطهرة للشيء النجس أم لا. أفتنا بذلك جميعه بينا.

الجواب الأصل في كل شيء الطهارة ، وانما حكم الشارع بنجاسة بعض الأعيان لذاتها وبعضها نجس بالتبعية ، والمسك وجلده طاهران بناءا على ذلك الأصل مع ورود النص من الأصحاب على ذلك. ولا استبعاد في استثناء بعض الأشياء عن حكم يندرج فيه غيره ، والاستحالة قد بينا أنها مطهرة كرماد الأعيان النجسة.

٧٥

مسألة (١١٠)

ما يقول سيدنا في من يتمتع بالعمرة إلى الحج ندبا هل يجب عليه الإتيان بالحج ندبا أم له ترك ذلك ، وما قولكم في من يحرم بالعمرة إلى الحج على جهة الندب هل يجب عليه المضي فيه حتى يقوم مما أحرم به أم لا يجب عليه وله أن يرجع من أثناء الطريق ، فان كان يجب عليه فهل يصير أفعال الحج الذي أحرم به مندوبا واجبا وينوي في طوافه وسعيه وجميع أفعاله الوجوب أم ينوي الندب مع كونه يجب عليه الإتيان به. بين لنا ذلك فقد وقع من بعض الناس كلام في هذا.

الجواب لا يجوز لمن تمتع بالعمرة ترك الحج ، لأنه عليه‌السلام شبك بين أصابعه وقال : أدخلت العمرة في الحج كهاتين. وقد نص سبحانه في كتابه العزيز ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) (١) فلا يجوز له ترك الحج بعد العمرة المتمتع بها ، فإذا أحرم الإنسان بأحد النسكين ندبا وجب عليه إكماله لقوله تعالى ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) (٢) ».

ثم النية في كل فعل يفعله بعد عقد الإحرام ينوي فيها الوجوب ، لأنه بالتلبس بهما وجب عليه إكمالهما. والنية المعتبرة إنما هي انما يطابق فيه الشيء نفسه ، فاذا كان الإتمام واجبا وجب أن يتعرض في النية الوجوب.

مسألة (١١١)

ما يقول سيدنا في من يشرب الماء متشبها بشرب الخمر وينكح زوجته متشبها

__________________

(١) سورة البقرة : ١٩٦.

(٢) في الاستدلال على هذا المطلب بهذه الآية نظر لا يخفى على المتأمل.

٧٦

بالحرام ، هل يكون ذلك محرما أو محرما لما هو حلال من حيث تشبهه بذلك وتلبسه ، أم يكون مكروها غير حرام لما هو حلال ، فقد وقف المملوك على شيء من هذا في بعض الكتب ونسي المملوك في أي كتاب وكيف قال. بين لنا ذلك.

الجواب لم أقف في ذلك على شيء ، لكن العقل يقتضي كراهية التشبه بالمحرمات.

مسألة (١١٢)

في صلاة النافلة إذا شرع الإنسان فيها هل يجوز له قطعها لغير ضرورة كما يكون في صوم المندوب أم ليس له ذلك ، فما الفرق حينئذ بين الصلاة والصوم. أوضح لنا ذلك.

الجواب مقتضى الآية الوجوب ، فان قوله تعالى ( وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ ) (١) يقتضي النهي عن بطلان العمل ، والصلاة المندوبة عمل ، فيندرج تحت النهي الدال بظاهرة على التحريم ، بخلاف الصوم فإنه يجوز له حينئذ الإفطار في قضاء رمضان إجماعا مع انه واجب ، ففي النفل أولى.

مسألة (١١٣)

ما يقول سيدنا في تكبير الركوع والسجود والرفع منه ، هل هو واجب عند مولانا أم لا.

الجواب اختلف علماؤنا في ذلك ، والأصح عندي الندب ، وقد ذكرت البحث في ذلك في كتاب مختلف الشيعة فليطلب من هناك.

__________________

(١) سورة محمد : ٣٣.

٧٧

مسألة (١١٤)

ما يقول سيدنا في التكبير للقيام عقيب التشهد الاولى ، هل هو واجب أم لا.

وفي الفرق بين القراءة ودعاء القنوت بالتكبير ، هل هو كذلك أم لا ، وهل يجمع المصلي بين تكبيرة الفصل بين القراءة وبين القنوت وبين تكبيرة القيام عقيب التشهد أم إذا أتى بالتكبيرة للقنوت قام عقيب التشهد من غير تكبير قائلاً « بحول الله وقوته أقوم وأقعد ». بين لنا ذلك مفصلا.

الجواب لا شيء من تكبيرات الصلاة بواجب سوى تكبيرة الإحرام ، وأصحابنا اختلفوا فبعضهم يكبر للقنوت ويقوم إلى الثالثة ويقول « بحول الله وقوته » وهو مذهب الشيخ ، والمفيد يقول بالضد ، ولم أعرف قائلاً يقول بالجمع بينهما.

مسألة (١١٥)

ما يقول سيدنا في التمتع بالنساء بمكة عقيب الإحلال من الحج ، هل ورد فيه استحباب ليحصل الإنسان الجمع بين المتعتين أم ليس في ذلك استحباب على الخصوص.

الجواب كنا نسمع مذاكرة من أقوال العلماء ، ولا تحضرني الان رواية في ذلك مسندة الى امام ، فان وردت رواية فهي مناسبة للمعقول من الإتيان بالمستحب.

مسألة (١١٦)

ما يقول سيدنا في من يجامع مرارا ثم يريد الغسل ، هل يجب عليه استحضار

٧٨

عدد المجامعة عند نية الغسل أم لا يجب عليه ويكفيه الغسل وان كان غافلا عن بعض العدد أو ناسيا.

الجواب لا يجب عليه استحضار العدد ويكفيه الغسل مع الغفلة عن بعض العدد أو نسيانه أو ذكره.

مسألة (١١٧)

ما يقول سيدنا في شخص وكل شخصا آخر وكالة غير مشروطة في طلاق زوجته إن أبرأته من صداقها وأبرأته المرأة ، كيف يكون اللفظ الذي يقوله الوكيل في هذه الصورة. بين لنا ذلك.

الجواب يقول الوكيل « فلانة طالق » أو « هذه طالق » ويشير إليها ، أو يقول « زوجة فلان طالق » إذا كانت واحدة.

مسألة (١١٨)

ما يقول سيدنا في قول المصلي في دعاء القنوت في الفرض « وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين » فقد ذكره المشايخ في كتبهم في دعاء القنوت ، وقد وصل الى مدينة سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ناس زعموا أن ذلك تبطل الصلاة. فأفتنا في ذلك مأجورا.

الجواب لا أعرف وجه البطلان في ذلك ، والحق صحة الصلاة معه ، بل يستحب أيضا (١).

مسألة (١١٩)

ما يقول سيدنا في من حج على طريق المدينة النبوية صلوات الله على مشرفها

__________________

(١) نعم ورد النهى عن ذلك في خصوص قنوت يوم الجمعة.

٧٩

هل يجب عليه الإحرام من نفس مسجد الشجرة أم يجوز الإحرام مما حول المسجد ومن الوادي جميعه. أفتنا في ذلك لا زلت في دهور مسرورا.

الجواب بعض الروايات ميقات المدينة ذو الحليفة ، وفي بعضها مسجد الشجرة ، فالأحوط المسجد حينئذ.

مسألة (١٢٠)

ما يقول سيدنا في المحتلم لم كره المجامعة قبل الغسل ولم يكره ذلك للمجامع عقيب المجامعة من غير غسل بينهما.

الجواب قد روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : يكره للرجل أن يغشى المرأة وقد احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي رأى ، فان فعل فخرج الولد مجنونا فلا يلومن الا نفسه.

وربما كانت الحكمة فيه أن الاحتلام من وسوسة الشيطان ، فكره الجماع عقيبه. ولم يكن عقيب الجماع ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يطوف على نسائه ويغتسل أخيرا.

مسألة (١٢١)

ما يقول مولانا في الفقاع الذي حرمه الأصحاب ما هو وما حده ، فان في بلاد الشام يعملونه من الشعير ومن الزبيب ومن الرمان ومن السكر ومن الدبس ويسمون الجميع فقاعا ، فهل يحرم الجميع أم الذي يعمل من الشعير خاصة بين لنا ذلك. وما الحجة في تحريمه ، فإن الذي ذكره السيد المرتضى رحمه‌الله في الانتصار فيه تعسف.

وهل يحرم ذلك بعينه أم لكونه مسكرا ، فقد رأينا جماعة يحصل بقولهم

٨٠