أجوبة المسائل المهنائية

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

أجوبة المسائل المهنائية

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


الموضوع : الفقه
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٨٨

عليه وآله يقبلك لما قبلتك. فقال له شخص من ورائه : إنه يضر وينفع. فالتفت فاذا علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، فقال له : كيف يضر وينفع يا أبا الحسن؟ فقال عليه‌السلام : ان الله تعالى لما استخرج ذرية آدم من صلبه وأخذ الميثاق عليهم كتبه في رق وألقمه هذا الحجر ، فاذا كان يوم القيامة جاء وله لسان يشهد لمن وافاه. أو معنى ذلك.

وجاء من طرق أهل البيت عليهم‌السلام ما يؤيد ذلك ، ولا جرم ان الحاج يقول عند استلام الحجر « اللهم ايمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك » ، فهل هذه الآية الكريمة عند أصحابنا على هذه الأوجه وعلى هذا التفسير فيتطرق قول التناسخية ، فان من أفعال الحج في الرد عليهم هو أن الإنسان لو كان في جسم غير هذا الجسم ليذكر ما طرأ له ومن عليه في ذلك الجسم ، ولا واقعة أعظم من هذه المذكورة ولا عبدا أجمع من هذا المحض الذي جمع فيه الخلائق بأسرها ، ولا يجد الإنسان من نفسه تذكر شيء من هذه الواقعة أصلا ، بل ينكر ذلك غاية الإنكار لو ذكر له ، أم ذكر أصحابنا رضي الله عنهم عن سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عنه عن هذه الآية الكريمة وجها وتأويلا غير ما ذكره غيرهم ، أم هي جارية عندهم على ما ذكره المفسرون ويجيبون عن عدم التذكر وعن شبهة التناسخية بجواب. بين لنا ذلك جميعه وأفدنا أفادك الله فائدة يؤمن معها الخسارة وجعلك الله من الذين لا تشغلهم عن ذكر الله سبحانه بيع ولا تجارة.

الجواب ما ذكر المولى السيد في تأويل أخذ الذرية من صلب آدم عليه‌السلام في غاية الاستبعاد ، لان جميع بني آدم لم يؤخذوا من ظهر آدم.

وأيضا فإن كان كالذر كيف يكلف أو يخاطب ويتوجه اليه طلب الشهادة منه ، مع أن الله تعالى حكى أنه أخذ من ظهور بني آدم لا من ظهر آدم عليه‌السلام.

١٤١

والوجه في ذلك توجه الخطاب الى العقلاء البالغين الذين عرفوا الله تعالى بما شاهدوه من آثار الصانع في أنفسهم وفي باقي الموجودات.

وكلام الصوفية في هذا الباب هذيان. ولا استبعاد في إنطاق الحجر يوم القيامة ، فإن المسلمين أجمعوا على إنطاق الجوارح يوم القيامة وشهد به القرآن العزيز حيث قال ( يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ ) (١).

مسألة (٣)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في الإنسان إذا لمس إنسانا ميتا ثم لمس برجله شيئا رطبا هل ينجس ما لمسه برجله أم لا ينجس الا ما يلمسه بالعضو الذي لمس به الميت ، وهل تكون نجاسة اللامس لميت الآدميين عينية أم حكمية ، أم تكون نجاسة العضو الذي لمس به الميت عينية ونجاسة باقي جسده حكمية ، وهل يكون عرقه نجسا أم طاهرا. بين لنا ذلك جميعا.

الجواب لا ينجس ما مسه برجله ، وأما العضو الذي لمس به الميت فان مس به شيئا رطبا تعدت النجاسة اليه والا فلا ، ونجاسة اللامس قد اختلف فيها ، وعرقه طاهر لا عرق العضو اللامس.

مسألة (٤)

ما يقول سيدنا في المبارأة ، فإن لها الرجوع فيما بذلته في العدة وللزوج الرجوع برجوعها ، فلو رجعت في العدة فيما بذلته ولم يعلم الزوج برجوعها الا بعد خروج العدة هل يصح رجوعها والحالة هذه ولها مطالبة الزوج بما كانت بذلته أم ليس لها ذلك.

__________________

(١) سورة النور : ٢٤.

١٤٢

الجواب نعم يصح رجوعها ولا رجوع له بعد العدة.

مسألة (٥)

ما يقول سيدنا في نية التيمم هل يكون محلها عند ضرب الأرض باليد أم عند مسح الوجه ، وهل يجب نزع الحائل كالخاتم عند التيمم أم لا.

الجواب نعم يجوز تقديمها عند الضرب ، ويجب نزع الخاتم عنه بحيث يستوعب الكف بالمسح.

مسألة (٦)

ما يقول سيدنا في من استرسل من الشعر هل يجب غسله في غسل الجنابة أم لا يجب الا غسل أصول الشعر ، بحيث أن المغتسل لو كان له شعر طويل فأمر شخصا بمسكه ورفعه ثم اغتسل وشعره مرفوعا لم يصل الماء الا الى أصوله هل يصح غسله أم لا يصح ذلك ويجب إيصال الماء الى ما استرسل. أفتنا في ذلك. وكذلك المرأة إذا وجب عليها غسل جنابة أو حيض هل يجب عليها إيصال الماء الى جميع اجزاء الشعر أم يكفي وصول الماء إلى أصوله خاصة ، وكذلك الشعر الذي يكون على الجسد كاللحية وأشباهها هل يكون حكمه هذا الحكم أم لا. بين لنا ذلك جميعه مفصلا أثابك الله.

الجواب لا يجب غسل المسترسل من الشعر بل الواجب غسل أصوله ، وكذلك المرأة لا يجب عليها غسل المسترسل بل غسل أصول الشعر. ولا فرق بين شعر الرأس واللحية وغيرهما.

مسألة (٧)

ما يقول سيدنا في المتمتع إذا خرج من مكة ومضى عليه شهر فإنه يحرم

١٤٣

بعمرة مستأنفة ويتمتع بها دون الاولى ، فهل يجب عليه ان يطوف طواف النساء الأولى أم لا يجب ذلك.

الجواب لا يجب ذلك عليه ، لأنه قد رفضها بإعادتها ثانيا ، وطواف النساء في حج الثانية كاف عن ذلك.

مسألة (٨)

ما يقول سيدنا في قدر فيها ماء نجس وهو يغلي على النار فوضعنا على رأس القدر غطاء طاهرا والماء النجس لا يصلها ولا يقارنها ، ثم رفعنا ذلك الغطاء وهو يقطر بالماء من هبال الماء ونجاره من غير أن يصل إليه شيء من الماء ، فهل يكون ذلك الذي يقطر من الغطاء طاهر أم نجس.

الجواب ان غلب على الظن تصاعد الاجزاء من الماء النجس بواسطة تقاطره بالحرارة الموجبة للتصعد كان نجسا.

مسألة (٩)

ما يقول سيدنا فيما يقال ان كسوف الشمس بسبب حيلولة جرم القمر بينه وبين الشمس لان القمر في سماء الدنيا ، وان سبب خسوف القمر حيلولة الأرض بينه وبين الشمس لان نوره مستفاد منها ، ويدل على ذلك ما يجربه أهل التقويم فيطابق أخبارهم ، فاذا كان الأمر على هذه الصورة لم أمرنا بالخوف عند ذلك والفزع الى الدعاء والصلاة في المساجد ، مع أنه يجوز أن يكون الله سبحانه جعل حصول هذا الأمر سببا لوجوب صلاة مخصوصة ، لكن ما وجه الخوف من ذلك والفزع منه. بين لنا ذلك أدام الله سعدك وأعلى مجدك.

الجواب استناد الكسوف والخسوف الى ما ذكره أدام الله أيامه مستند الى

١٤٤

الرصد ، وهو أمر ظني غير يقيني. ولو سلم لم يضر في التكليف بالصلاة وسؤال الله تعالى رد النور ، فإن أمثال هذه الأفعال مستندة الى الله تعالى بالاختيار فحسن الدعاء والصلاة في طلب رد النور.

ويجوز أن يكون هذا الحادث سببا لتجدد حادث أرضي من خير أو شر ، فجاز أن تكون العبادة رافعة لما أنيط بذلك الحادث من الشر ، والخوف بسبب ذلك.

مسألة (١٠)

ما يقول سيدنا في أخبار المنجمين وأصحاب الرمل بالأشياء المغيبة وتكون مطابقة لأخبارهم ، هل ذكر لهذا وجه ينفي الشبهة الداخلة على ضعف الناس بذلك أم كان هذا الرمل علما ومعجزة لنبي من الأنبياء صلوات الله عليهم فاتخذتها الناس عنه. بين لنا ذلك.

الجواب هذا كله تخمين لا حقيقة له ، وما يوافق قولهم من الحوادث فإنه يقع على سبيل الاتفاق ، وعلم الرمل ينسب إلى إدريس عليه‌السلام (١). وليس بمحقق ، ولكنه جرى لنا وقائع غريبة عجيبة وامتحانات طابقت حكمته ، لكن لا يثمر ذلك علما محققا.

مسألة (١١)

ما يقول سيدنا في المصلي إذا عقد نية الصلاة بقوله « أصلي الظهر مثلا أداء لوجوبه قربة الى الله سبحانه وطاعة اليه » ، وهل يكون قوله « سبحانه وطاعة اليه » مبطلا لنيته وصلاته لأنه يجب أن يلي أول جزء من التكبير آخر جزء من النية بلا فصل ،

__________________

(١) أقول : المشهور نسبته الى دانيال النبي عليه‌السلام. فتأمل.

١٤٥

فإذا قال « قربة الى الله » تمت النية ، فإذا قال « سبحانه وطاعة اليه » وكبر عقيب ذلك هل يكون قد فصل بين النية وتكبيرة الإحرام أم لا يكون قول ذلك باللسان أو بالقلب مبطلا لنيته ولا لصلاته.

الجواب الاولى ترك ذلك ، ولا استبعاد في صحة الصلاة معه ، لان أجزاء النية حينئذ يكون قوله « طاعة لله » ، لأنه معنى القربة ، فكأنه قد أكد النية وكرر جزءا منها.

مسألة (١٢)

ما يقول سيدنا في الماء الكثير الراكد إذا تغير لونه وطعمه ورائحته بطول المكث أو بالشمس أو بأجسام طاهرة وقعت فيه ، هل يخرجه ذلك عن كونه طاهرا مطهرا أم لا.

الجواب إذا لم يسلبه التغيير إطلاق اسم الماء لا يخرج بذلك عن كونه طاهرا مطهرا لبقاء اسم المطلق عليه.

مسألة (١٣)

ما يقول سيدنا في الورد فإنهم يجمعونه في بلاد الشام بجماعة فيهم اليهودي والنصراني وغيرهم ، ولهذا لا يخلو من رطوبة كالطلل الذي يقع على الأشجار وشبهه ، ثم يملون به الزجاج الذي هو مركب على النار فينزل منه ما ينزل من الماء ، فهل يكون الذي نزل منه نجسا باعتبار نجاسته خاصة أم لا يكون نجسا لان الرطوبات التي تكون عليه أو لا قد تذهب أو لا بحرارة النار. أفتنا مأجورا.

الجواب إذا لاقاه الكافر برطوبة نجس ، فكان الخارج منه من الماء نجسا

١٤٦

أيضا لعدم العلم بذهاب الرطوبة النجسة ، ولو ذهبت لم يزل حكم النجاسة عن جرم الورد ولا عن الماء النازل بالتقاطر المجاور له.

مسألة (١٤)

ما يقول سيدنا في حجة الشافعي في تحليل الشبابة ، وهو ما رواه عبد الله بن عمر عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه مر على راع وهو يزمر بمزمار معه ، فسد النبي أذنيه بإصبعه ولا برح يسأل ابن عمر عن صوتها هل انقطع أم لا ، فلما أخبره بانقطاعه أرسل بدنه. ووجد الحجة في ذلك ان سماع الشبابة لو كان حراما لكان سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر ابن عمر على ذلك ولم يأمره بسد أذنيه لأنه لا يقر أحدا على فعل حرام أو سماع حرام بحضرته ، فلما أقر ابن عمر على ذلك ولم يأمره بسد أذنيه دل على أن سماعة مكروه لا حرام ، وسيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كان ينزه عن الأشياء المكروهة كما ينزه عن الأشياء المحرمة فإذا سلمنا هذه الرواية تسليم جدل هل يكون لأصحابنا جواب عن هذه الحجة التي وجهها الشافعي ، فإنها قوية. أفدنا أفادك الله من فضله وعاملك بما هو من أهله.

الجواب ليس مطلق الصوت الصادر عن هذه الآلات محرما ، بل المشتمل على الطرب الموجب للذة الإنسان ولهوه عملا بالدوران ، فجاز أن يعلم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من ابن عمر عدم لذة ما سمعه من ذلك الصوت ، فلا يكون فرقا بينه وبين نعيق الغراب وشبهه من الأصوات التي لا توجب لذة ولا لهوا.

وأيضا جاز أن يكون ابن عمر يعرف سكوت الصوت بغير سماع ، فسأله النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله هل ينقطع صوته بوضع الشبابة عن فيه أو بغير ذلك من الدلائل (١).

__________________

(١) في الجوابين نظر ظاهر وتكلف كما لا يخفى.

١٤٧

هذا على تقدير صحة الرواية ، فإن علماءنا نزهوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن ذلك وأمثاله من المحرمات والمكروهات.

مسألة (١٥)

ما يقول سيدنا فيما نقل أن مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام كان يعرف الليلة التي يقتل فيها ويخبر بها ، فكيف خرج عليه‌السلام في تلك الليلة ملقيا بيده الى التهلكة ، وان فعله عليه‌السلام هو الحجة لكن يطلب وجها نجيب عن الشبهة ، فقد سأل المملوك عنها شخص بدمشق ، فأوضح لنا ذلك أحسن الله إليك.

الجواب يحتمل أن يكون عليه‌السلام أخبر بوقوع القتل في تلك ولم يعلم انه في أي وقت من تلك الليلة ، أو انه لم يعلم في أي مكان يقتل ، أو ان تكليفه عليه‌السلام مغاير لتكليفنا فجاز أن يكلف ببذل مهجته الشريفة صلوات الله عليه في ذات الله تعالى كما يجب على المجاهد الثبات وان أدى ثباته الى القتل فلا يعذر في ذلك.

مسألة (١٦)

ما يقول سيدنا في جميع التكاليف العقلية السمعية فإنه ليس شيئا منها واجب لنفسه غير معلل بغيره الا شكر المنعم ، لأنا نختار نقول التكليف وجب لكونه كيفية في شكر المنعم والمعرفة وجب لان شكر المنعم واجب ولا تصح بدون المعرفة ، فتعين ان شكر المنعم واجب غير معلل بشيء وغيره واجب لأجله ، فهل هذا صحيح أم لا. أفدنا أفادك الله من فضله.

الجواب أما التكاليف الشرعية والسمعية فإنها وجبت اما لكونها شكرا للنعمة أو لكونها إلطافا في التكاليف العقلية ، كما قال الله تعالى ( إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ

١٤٨

وَالْمُنْكَرِ ) (١) وأما التكاليف العقلية فإنما وجبت لذاتها أو لصفات الأفعال الواقعة عليها على اختلاف الجماعة في ذلك.

مسألة (١٧)

ما يقول سيدنا في حجة أصحابنا في عدم وقوع الطلاق الثلاث دفعة واحدة ، أوضح لنا ذلك أيدك الله بحوله وأفاض عليك من طوله.

الجواب إجماع أصحابنا المستند الى قوله عليه‌السلام « إياكم والمطلقات ثلاثا فإنهن ذوات أزواج » وغيره من الأحاديث دليل على هذا الحكم.

مسألة (١٨)

ما يقول سيدنا في أم الولد هل يجوز لسيدها أن يحلل وطؤها لغيره ما دام ولدها حيا ، فان هذا فيه اشكال ، وخاصة على قول من يلحق ذلك بملك اليمين.

الجواب نعم يجوز له إباحة وطئها لغيره مع وجود ولدها ، اقتصارا في المنع المتعلق لها على مورده وهو البيع وشبهه من العقود الناقلة للعين للغير.

مسألة (١٩)

ما يقول سيدنا في من وطئ زوجته قبل أحد الموقفين إذا تكرر منه الوطي هل يتكرر عليه وجوب الحج عن كل مرة أم لا يتكرر عليه الا البدنة وتكفيه الحج من قابل مرة واحدة.

الجواب الحج لا يجب بتكراره بالأصالة ، فإذا قد وجب عليه قضاه دفعة واحدة ، ولا يتكرر بتكرار الوطي بل يكفيه الحج مرة واحدة.

__________________

(١) سورة العنكبوت : ٤٥.

١٤٩

مسألة (٢٠)

ما يقول سيدنا في من نسي الجهر فخافت أو الإخفات فأجهر ثم ذكر ذلك قبل الركوع ، هل يجب عليه إعادة القراءة على الوجه الذي ينبغي أم لا يجب عليه إعادة القراءة.

الجواب لا يجب إعادة القراءة لأصالة براءة الذمة وان تركها عمدا مع الجهل بوجوبها لا يوجب الإعادة ، فهنا أولى.

مسألة (٢١)

ما يقول سيدنا في النية التي ينويها مولانا في الصلاة فإنه يطول فيها ويعدد فيها ، فالمسئول من إحسانه أن يذكر للمملوك صفة نيته في الصلاة على التمام والوجه في ذلك على الصورة المنقولة ، فإن المملوك يأخذ عن مولانا بالقبول والاتباع.

الجواب يقول في الظهر مثلا حالة قصده أصلي فرض الظهر بأن أوجد النية وتكبيرة الإحرام وقراءة الحمد وسورة بعدها والركوع والذكر فيها مطمئنا والرفع منه مطمئنا والسجود على سبعة أعضاء والذكر فيه مطمئنا ورفع الرأس منه والجلوس مطمئنا والسجود الثاني والذكر فيه مطمئنا والرفع منه وهكذا باقي الركعات ، الا أني أسقط النية وتكبيرة الإحرام وما زاد على الحمد في الأخيرتين وأزيد التشهدين بعد الثانية والرابعة وأخافت في كل هذه الواجب وافعل المندوب لندبه ، أصلي فرض الظهر مثلا أداء لوجوبه قربة الى الله ، الله أكبر.

مسألة (٢٢)

ما يقول سيدنا في الدليل الذي ذكره دامت نعمته في عدم الطلاق المعلق

١٥٠

على الشرط ، فان من جملته انه قال أدام الله تعالى سعادته اما ان يقع باللفظ أو بالشرط أو بالمجموع وإبطال الجميع بوجه صحيح ، فاذا اعترض معترض وقال :

فيلزم على هذا أن لا يصح شيء معلق على شرط عندكم وقد أجزتم ذلك في بعض المسائل وأجمعتم على صحة النذر وهو معلق على شرط ، فيرد عليكم ما أوردتموه علينا ، فما يكون جوابنا. أوضح لنا ذلك متعنا الله بطول عمرك.

الجواب الفرق بين الطلاق المشروط والنذر المشروط ظاهر ، فان الطلاق المشروط لو أثر في البينونة عند إيقاعه لزم خرق الإجماع ، أما عندنا فظاهر لبطلانه وأما عند الخصم فلانة لا يحكم بوقوعه وقت الإيقاع بل عند حصول الشرط ، فيكفي أن يكون مؤثرا فيه عند وقوع الشرط ، فيكون النكاح بعد الإيقاع ثابتا إلى غاية هي وقوع الشرط ، وذلك يخرجه عن كونه دائما ، وليس متعة وهو وجود قسم ثالث للنكاح في الحرائر.

بخلاف النذر ، فان الشارع عهد منه الإيجاب في وقت دون آخر ، والخطاب بالإيجاب قبل حضور وقت الوجوب ، ويوقف الوجوب على شرط وغاية وعدمه كذلك بخلاف النكاح.

وأيضا فإن النذر يوجب على المكلف حال وقوع الفعل عند وقوع الشرط ، كما يقول في الواجب الموسع ، بخلاف الطلاق فان التحريم لم يقع في الحال.

مسألة (٢٣)

ما يقول سيدنا في الكتاب العزيز هل يجوز بيعه وشراؤه أم ينزه عن ذلك ، فإذا أراد الإنسان بيعه أو شراءه نسب ذلك الى الجلد والورق. أفتنا مأجورا يرحمك الله.

الجواب منع أصحابنا من بيع المصحف ، بل يجوز بيع الجلد والورق ،

١٥١

للنقل عن أهل البيت عليهم‌السلام ولاشتماله على تعظيم كتاب الله العزيز واشتمال بيعه على نوع من إهانته. نعوذ بالله من ذلك.

مسألة (٢٤)

ما يقول سيدنا في قول الأصوليين في الباري جلت عظمته لو كان موجبا لم يكن قادرا ، وسلب القدرة في الشاهد هو العجز عن إيجاد شيء أو فعله ، فهل يكون القول بقوله سبحانه موجبا يقتضي عجزه عن إيجاد الأشياء واختراعها كما في الشاهد أم له تفسير آخر. أفدنا أفادك الله من فضله وأفادك وإيانا في الدارين بما رزق من أهله.

الجواب الموجب في عرف المتكلمين هو الذي يفعل مع وجوب أن يفعل لذاته لا بواسطة القصد والاختيار ، والقادر هو الذي يفعل بواسطة القصد والاختيار ولا يجب أن يفعل لذاته.

مسألة (٢٥)

ما يقول سيدنا في قول الأصوليين بشكر المنعم وكيفية شكر المنعم ، فهل اللفظان بمعنى واحد أو فرق بينهما.

الجواب مطلق التكليف الشرعي شكر المنعم على أحد القولين ، وتفاصيل ذلك التكليف كيفيات في شكر المنعم تارة بالصلاة وأخرى بالحج وغير ذلك من أنواع العبادات.

مسألة (٢٦)

ما يقول سيدنا في الأمة إذا كانت مشتركة بين جماعة فأحلوا وطؤها لواحد منهم هل تحل أم لا ، وان حلت له هل يحل له بأمرين ملك وتحليل أو بأمر واحد.

١٥٢

الجواب اختلف علماؤنا في حل هذه الأمة ، والأقوى إباحتها. وكنت قد رأيت والدي قدس الله روحه في النوم بعد وفاته وأنا قاعد بين يده وهو يبحث لنا على نهج ما كان في حياته ، فبحث عن هذه المسألة ونقل الخلاف وذكر أن السيد المرتضى رحمه‌الله منع من إباحتها والشيخ الطوسي رحمه‌الله أجاز وطؤها ، فقلت له : الحق قول المرتضى. فقال : لم؟ قلت : لان سبب البضع لا يتبعض ، فلا يقال زوجتك أو أبحتك بعض هذه الجارية ويكون الباقي مباحا بالملك. فقال رحمه‌الله : هذا غلط ، نحن لا نقول انه إذا ملك بعضها يحرم عليه بعضها ويحل بعضها بل لو كان فيها لغيره أقل جزء منها كانت بأسرها حراما ، فيكون التحليل مبيحا للجميع لا للبعض. هذا أو نحوه صورة المنام.

مسألة (٢٧)

ما يقول سيدنا في من شك في التشهد الأول ثم وجب عليه الاحتياط بركعتين من جلوس أو ركعة من قيام ، هل يأتي بالتشهد قبل الإتيان بالركعة لأنه المشكوك فيه أولا ومحله التقدم أم يأتي به بعد أن يأتي بركعة الاحتياط لان محل قضائه بعد تتمة الصلاة ، وهذه الركعة معرضة لأن تكون تتمة الصلاة.

الجواب الاحتياط بفعله بعد التشهد والتسليم بنية أخرى ، ويكره الإحرام مفتتحا للصلاة ، وليست الركعة تماما بالحقيقة بل قائمة مقام التمام.

مسألة (٢٨)

ما يقول سيدنا في المسائل التي لم يرد فيها نص أصحابنا ووجدنا مسائل قد ورد فيها نص وتلك المسائل غير المنصوص عليها هي أولى بذلك الحكم المنصوص عليه وأردنا تعدى الحكم من المسألة المنصوص عليها

١٥٣

إلى المسألة التي لم ينص عليها بطريق الأولوية والمشاهدة ، يقول الخصم هذا قياس وأنتم لا تقولون به ، فمولانا متعنا الله بحياته بين لنا ذلك غاية الإيضاح بذكر الأدلة وصور الأمثلة ، وليبسط في ذلك فان هذه مسألة تكثر إليها الحاجة وتعظم بيانها الفائدة لجميع هذه الطائفة. أبقاك الله للذب عنها.

الجواب أدلة الأحكام عندنا منحصرة في كتاب الله وسنة رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله المتواترة المنقولة عنه أو أحد الأئمة عليهم‌السلام المعصومين بالآحاد مع سلامة السند والإجماع ودليل العقل كالبراءة الأصلية والاستصحاب والاحتياط ، ولما اشترك الكتاب والسنة والخبر في كونها دالة بمنطوقها تارة وبمفهومها أخرى انقسمت الأدلة السمعية إلى هذين القسمين. والمفهوم قسمان مفهوم موافقة ومفهوم مخالفة ، وكانت هذه الأدلة كافية في استنباط الأحكام.

ودل العقل على امتناع العمل بالقياس على ما يبين في كتب الأصول ، ونعني بالقياس إثبات الحكم في هذه الصورة لأجل ثبوته في صورة أخرى ، ويعتمد أربعة أركان : الأصل وهو الذي ثبت الحكم فيه بدليل من نص أو غيره ، والفرع وهو الذي يطلب إثبات مثل ذلك الحكم فيه والحكم الذي يدعى ثبوته في الفرع بثبوته في الأصل ، والعلة وهي الجامع بين الأصل والفرع لمناسبة للحكم كما تقول « الخمر حرام فالنبيذ حرام » بالقياس عليه والجامع هو الإسكار فالخمر هو الأصل والنبيذ هو الفرع والحكم هو التحريم والجامع هو الإسكار وهو العلة المقتضية لثبوت الحكم فيهما.

إذا عرفت هذا فتقول : هذا القياس ان كان منصوص العلة وجب العمل به ، ولا يكون ذلك قياسا في الحقيقة بل إثبات الحكم في الفرع بالنص ، كما في قوله « ص » لما سئل عن بيع الرطب بالتمر : أينقص إذا جف؟ قالوا : نعم.

قال : فلا. إذا دل على أن المقتضي للمنع هو اليبوسة الموجبة للنقص ، فيعم

١٥٤

الحكم الرطب بالتمر والعنب بالزبيب والتين الرطب باليابس وغير ذلك من النظائر في الأحكام التي ليست منصوصة عندنا بخصوصه قد ثبت فيها الحكم لها بطريق مفهوم الموافقة وهو أبلغ في الدلالة بالمنطوق كما في قوله تعالى ( فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ ) (١) فإنه يدل على تحريم الضرب بطريق الاولى ومثل هذا يكون مقطوعا ، أو بطريق مفهوم المخالفة كما في قوله عليه‌السلام « في سائمة الغنم الزكاة » دل بمفهوم الخطاب على انتفاء الزكاة عن المعلوفة وفي كونها دليلا خلاف ، أو بطريق القياس المنصوص العلة كما قلنا في الرطب.

وليس شيئا من هذه الأنواع بقياس. فلا يتوهم انا نعدي الحكم من صورة إلى أخرى الأعلى أحد الأنواع ، فلا ينسب إلينا العمل بالقياس.

* * *

بسم الله الرحمن الرحيم

يقول العبد الفقير الى الله حسن بن يوسف بن المطهر الحلي :

قد أجزت للمولى السيد الكبير الحسيب النسيب المعظم المرتضى سيد الاشراف مفخر آل عبد مناف نجم الملة والدين مهنى بن سنان العلوي الحسيني أدام الله إفضاله وأعز إقباله وبلغ في الدارين آماله وختم بالصالحات أعماله ، أن يروي عني جميع ما صنفته من الكتب في العلوم العقلية والنقلية ، وجميع ما أصنفه وأمليه في مستقبل الزمان ان وفق الله تعالى.

فمن ذلك كتب الفقه والأحاديث والرجال : كتاب « قواعد الأحكام » مجلدان ، كتاب « مختلف الشيعة » سبع مجلدات ، كتاب « منتهى المطلب » خرج منه العبادات سبع مجلدات ، كتاب « تبصرة المتعلمين » مجلد ، كتاب « نهاية الأحكام » خرج منه الطهارة والصلاة مجلد ، كتاب « تسليك الأذهان » مجلد ، كتاب

__________________

(١) سورة الإسراء : ٢٣.

١٥٥

« استقصاء الاعتبار في معاني الأخبار » مجلد ، كتاب « خلاصة الأقوال في معرفة الرجال » مجلد ، كتاب « تحرير الأحكام الشرعية » أربع مجلدات ، كتاب « إرشاد الأذهان » مجلد ، كتاب « تذكرة الفقهاء » خرج منه الى النكاح اربع عشر مجلدات ، كتاب « مدارك الأحكام » خرج منه الطهارة والصلاة مجلد ، كتاب « الدر والمرجان في الأحاديث الصحاح والحسان » مجلد ، كتاب « تهذيب النفس في معرفة المذاهب الخمس » مجلد ، كتاب « تنقيح القواعد المأخوذة عن آل يس » مجلد ، كتاب « نهاية الوصول الى علم الأصول » أربع مجلدات ، كتاب « نهج الوصول الى علم الأصول » مجلد ، كتاب « منتهى الوصول إلى علمي الكلام والأصول » مجلد ، كتاب « تهذيب الوصول الى علم الأصول » مجلد صغير ، كتاب « مبادئ الوصول الى علم الأصول » مجلد صغير ، كتاب « غاية الوصول وإيضاح السبيل في مختصر منتهى السئول والأمل في علمي الأصول والجدل » وهو شرح أصول ابن حاجب مجلد ، كتاب « مناهج اليقين في أصول الدين » مجلد ، كتاب « أصول الدين » مجلد ، كتاب « معارج الفهم في شرح النظم » مجلد ، كتاب « مناهج الهداية ومعارج الدراية » مجلد ، كتاب « الأبحاث المفيدة في تحقيق العقيدة » مجلد ، كتاب « أنوار الملكوت في شرح الياقوت » مجلد ، كتاب « نهاية المرام في علم الكلام » خرج منه أربع مجلدات ، كتاب « نهج المسترشدين في أصول الدين » مجلد مختصر ، كتاب « نظم البراهين في أصول الدين » مجلد وجيز ، كتاب « كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد » مجلد ، كتاب « مقصد الواصلين في أصول الدين » مجلد ، كتاب « كشف الفوائد في شرح قواعد العقائد » مجلد ، كتاب « تسليك النفس الى حضرة القدس » مجلد ، كتاب « النحو » مجلد ، كتاب « مطالب العلية في علم العربية » مجلد ، كتاب « بسط الكافية » مجلد ، كتاب « كاشف الإستار في شرح كشف الأسرار » مجلد ،

١٥٦

كتاب « المقاصد الوافية بفوائد القانون والكافية » مجلد ، كتاب « الدر المكنون في شرح القانون » ، كتاب « الأسرار الخفية في العلوم العقلية » مجلد ، كتاب « القواعد والمقاصد » مجلد صغير ، كتاب « القواعد الجلية في شرح الرسالة الشمسية » مجلد ، كتاب « نهج العرفان في علم الميزان » مجلد ، كتاب « بسط الإشارات إلى معاني الإشارات » مجلد ، كتاب « كشف الخفاء من كتاب الشفا » خرج منه مجلدان ، كتاب « لب الحكمة » كتاب « نور المشرق في علم المنطق » مجلد ، كتاب « التعليم الثاني » عدة مجلدات خرج منها بعضها ، كتاب « إيضاح المعضلات في شرح الإشارات » مجلد ، كتاب « كشف التلبيس في بيان سير الرئيس » مجلد ، كتاب « كشف المشكلات من كتاب التلويحات ».

وأجزت أن يروي جميع ما رويته وأجيز لي روايته في جميع العلوم العقلية والنقلية ، وكذا أجزت له أن يروي عني جميع ما صنفته ورويته وأجيز لي روايته وثبت عنده روايتي له من جميع المصنفات والروايات.

وكتب العبد الفقير الى الله تعالى حسن بن يوسف بن علي بن المطهر ، أعانه الله تعالى على طاعته ووفقه للخير وملازمته ، في شهر المحرم سنة عشرين وسبعمائة بحلة.

والحمد لله وحده ، وصلى الله على سيدنا محمد وصحبه وسلم وآله الطيبين الطاهرين.

١٥٧
١٥٨

أجوبة المسائل المهنائية

الشيخ جمال الإسلام فخر الدين

محمد بن الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي

( ٦٨٢ ـ ٧٧١ )

١٥٩
١٦٠