أجوبة المسائل المهنائية

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

أجوبة المسائل المهنائية

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


الموضوع : الفقه
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٨٨

هذا الحد دفع المضار وتكفير السيئات أم لا ، فإن الذي ورد في الأحاديث هو دفع المضار وتكفير السيئات ، كقوله عليه‌السلام « حمى يوم كفارة سنة » وقوله عليه‌السلام « الحمى حظ المؤمن من النار » وأمثال ذلك كثير ، فأوضح لنا ذلك كفاك الله نوائب الدهور.

الجواب الوجه في حسن الالام اما جلب النفع وهو العوض أو دفع الضرر وهو المسمى بتكفير السيئات.

مسألة (١٣)

ما يقول سيدنا في الكتاب العزيز ، هل يصح عند أصحابنا أنه نقص منه شيء أو زيد فيه أو غيّر ترتيبه أم لم يصح عندهم شيء من ذلك. أفدنا أفادك الله من فضله وعاملك بما هو من أهله.

الجواب الحق أنّه لا تبديل ولا تأخير ولا تقديم فيه وانه لم يزد ولم ينقص.

ومن نعوذ بالله تعالى من أن يعتقد مثل ذلك وأمثال ذلك ، فإنه يوجب التطرق الى معجزة الرسول عليه‌السلام المنقولة بالتواتر.

مسألة (١٤)

ما يقول سيدنا في قصة الافك والآيات التي نزلت ببراءة المقذوفة ، هل ذلك عند أصحابنا كان في عائشة أم نقلوا ان ذلك كان في غيرها من زوجات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله .

الجواب ما عرفت لأحد من العلماء خلافا في أن المراد بها عائشة.

مسألة (١٥)

ما يقول سيدنا في عصمة نساء الأنبياء عليهم‌السلام ، هل هي واجبة في حقهن

١٢١

فلا يجوز ذلك عليهن أم يجوز ذلك ولم يقع منهن ، إذ لو كان لا يجوز عليهن لكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله لما قذفت زوجته أخبر بأن ذلك لا يجوز عليها ، ولكنه عليه‌السلام بقي أياما والناس يخوضون في ذلك حتى نزل الوحي ببراءتها.

الجواب لم يشترط أحد من العلماء عصمة النساء اللواتي للأنبياء عليهم‌السلام عن الزنا ، لكن اللائق بعصمة النبوة نزاهتهن عن ذلك وسلامتهن منه ، ولم يقع من واحدة منهن ذلك.

مسألة (١٦)

ما يقول الإمام العلامة في قرية معينة وعليها وكيل من جهة الناظر الشرعي وفيها فلاحون وجرت عادتهم ان كل فلاح غرس شجرا أو زرعا فإنه يكون بينه وبين أرباب الوقف نصفين ، فغرس بعض الفلاحين في تلك القرية شجرا أو أعنابا بغير اذن خاص من الوكيل وعلم الوكيل بذلك فلم يمنع عما غرسه الفلاح فقاسمه الوكيل الثمرة واستمر على ذلك ، ثم عزل الوكيل وجاء وكيل غيره فمنع الفلاح الغارس من سقي غرسه المذكور من نهر القرية التي جرت عادة أهل القرية بالسقي منه ، فهل له ذلك. أفتنا مأجورا.

الجواب نعم له ذلك ، ولا يستحق الغارس أيضا الغرس في الأرض الموقوفة.

مسألة (١٧)

ما يقول سيدنا في يوم عرفة إذا وافق الجمعة ما سبب اجتهاد الناس عليه وحرصهم فيه ومحبتهم له ، هل ورد في ذلك فضيلة خاصة أم ليس ذلك الا لفضل

١٢٢

يوم الجمعة على سائر الأيام ولكون حجة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وافق فيها يوم عرفة يوم الجمعة.

الجواب السبب في حرص الناس على ذلك اجتماع شرف الجمعة وشرف عرفة في يوم واحد.

مسألة (١٨)

في المصلي إذا كان عليه ثوب نجس ولم يتمكن من تطهيره ولا إلقائه وصلى فيه هل يذهب مولانا الى وجوب الإعادة عليه أم لا ، وهل يكون كذلك إذا كانت النجاسة على بدنه ولم يتمكن من إزالتها إذ لا يمكن إلقاؤها كالثوب أم بينهما فرق.

الجواب لا يجب عليه الإعادة والحال هذه ، ولا فرق بين أن تكون النجاسة على الثوب أو البدن.

مسألة (١٩)

ما يقول سيدنا في مستطيع الحج هل يجب عليه الحج على الفور أم على التراخي ، فإن الحج فرض في سنة ثمان ولم يحج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله إلا في سنة عشر ، والظاهر من الأصحاب أنه على الفور.

الجواب لا خلاف بين علمائنا في أن الحج واجب على الفور بشرط حصول الاستطاعة ، وما نقل عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فالسبب فيه عدم الاستطاعة.

مسألة (٢٠)

ما يقول سيدنا في سليم بن قيس ، هل كان من أصحابنا أو تابعا من أصحاب

١٢٣

مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وهل هو من المعتمد على نقلهم أم لا ، وهل الكتاب المنسوب اليه صحيح يعتمد عليه أم لا.

الجواب ذكر ابن الغضائري رحمه‌الله أن سليم بن قيس الهلالي روى عن عبد الله سلمان الفارسي رضي‌الله‌عنه عن الحسن والحسين عليهما‌السلام ، وذكر طعنا في كتابه وان الإسناد إليه مختلف ، وقال النجاشي انه يكنى أبا صادق وله كتاب وذكر إسناده اليه ، وروى الكشي أحاديث تشهد بشكره وصحة كتابه.

وقال على بن أحمد العقيقي العلوي : كان سليم بن قيس من أصحاب أمير المؤمنين عليه‌السلام طلبه الحجاج ليقتله فهرب وآوى الى أبان بن أبي عياش ، فلما حضرته الوفاة قال لأبان : ان لك علي حقا وقد حضرني الموت يا ابن أخي ، انه كان من الأمر بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كيت وكيت وأعطاه كتابا. فلم يرو عن سليم بن قيس أحد من الناس سوى أبان ، وذكر أبان في حديثه قال : كان شيخا متعبدا له نور يعلوه.

مسألة (٢١)

ما يقول سيدنا في من لم يدرك عرفات إلا في الليل ولم يدرك المشعر الا بعد طلوع الشمس ، هل يصح حجه أم لا.

الجواب الأقوى في ذلك ادراك الحج.

مسألة (٢٢)

في المكلف هل يجب أن يعرف جميع الأئمة عليهم‌السلام بأسمائهم وترتيبهم في الإمامة واحدا بعد واحد أم يكفيه معرفة أن له اثني عشر اماما وان

١٢٤

امام زمانه هو صاحب الزمان عليه‌السلام المنتظر وان لم يعرف أسماءهم ولا ترتيبهم في الإمامة.

الجواب يشترط معرفتهم بأسمائهم وترتيبهم في الإمامة واحدا بعد واحد ، لأن الايمان لا يتم الا به ، إذ الإمامة ركن من الأركان الأربعة.

مسألة (٢٣)

ما يقول سيدنا في المختصر الذي صنفه مولانا وسماه « واجب الاعتقاد على جميع العباد » إذا حفظ المكلف وعرف معانيه هل يكون بذلك عارفا لما يجب عليه معرفته ناجيا بذلك في دنياه وآخرته ، وكذلك « تلقين أولاد المؤمنين » للشيخ الكراجكي هل يكون كذلك ، وأي المختصر أنفع لأولادنا ونسائنا. أفدنا أفادك الله من فوائده.

الجواب نعم يكفي في القيام بالتكليف المطلوب شرعا معرفة واجب الاعتقاد واعتقاده ، وأما مختصر شيخنا الكراجكي المسمى بتلقين أولاد المؤمنين فلم يتفق لي الوقوف عليه.

مسألة (٢٤)

ما يقول سيدنا في قول الأصحاب انه يحل مما كان طاهرا في حياته بعد موته عشرة أشياء ، ومن جملتها العظم ، فهل يحل المخ الذي في جوف العظم كما يحل المخ الذي في جوف البيضة أم لا. ولو كان أصحابنا يقولون بالقياس لكان الجلد أيضا يحل استعماله ، فإنه غير مخالط لجسم الحيوان الحساس وتنسلخ منه من غير قطع عرق ولا لحم ولا عصب ، بل كما ينزع الإنسان ثوبه. والعظم أكثر توغلا ودخولا في جسم الحيوان منه.

ويظهر للمملوك أيضا أن الجلد لا تحله الحياة ، فكان ينبغي وان لم نقل

١٢٥

بالقياس ان يكون الجلد طاهرا بطريق الاولى ، فسيدي حرسه الله تعالى يوضح لعبده هذه السؤالات لا زال سيدي موضحا للمشكلات.

الجواب الضابط فيما يحل من الميت أن لا تحله الحياة كالشعر والظفر والعظم وأشباهها وكل ما تحله الحياة فإنه يكون نجسا ، ومخ العظم الظاهر بنجاسته لما فيه من قوة الحيوان بخلاف مخ البيضة إذا اكتست الجلد الفوقاني ، وجلد الحيوان مما تحله الحياة ، ولهذا يتألم الإنسان بألمه ويدرك به الأشياء المختلفة من الحرارة والبرودة وغيرهما.

مسألة (٢٥)

ما يقول سيدنا في ما يذهب إلى أصحابنا وجماعة من غيرهم انه لا ينتقل شيء من ملك شخص الى ملك آخر الا بعقد صحيح في جليل الأشياء وحقيرها ، وكثير من الناس يتعاطون بغير عقد خاصة في يسير الأشياء ، فإذا تصرف الإنسان فيما يأخذه برضى صاحبه بالمعاطاة من غير عقد هل يكون تصرفه صحيحا ويحل له الانتفاع بما أخذه على الوجه أم لا يحل له كرطل لحم أو باقية بقل أو ما كان أكثر من ذلك الا بعقد صحيح ، فيكون أكثر الناس يأكلون حراما. فأوضح لنا هذه المسألة إيضاحا جيدا ، فإن الإنسان يبعث خادمه فيأخذ له ما شاء من يسير الأشياء وأجلها ، وربما يفعل الإنسان هذا بنفسه ويقول للتاجر بكم هذا الثوب فيقول التاجر بكذا فيزن له الثمن ويأخذ الثوب بغير عقد وخاصة في المأكولات وما أشبهها.

وما قولك لو رجع أحد المتعاطيين أو كلاهما في ما أعطاه للآخر على هذه الصفة ، أيصح له ذلك ، فلو كان تصرف أحدهما أو تصرفا جميعا وتلف

١٢٦

ما يكون الحكم في ذلك ، فمولانا أسعده الله يوضح لنا هذه المسألة فانا محتاجون إليها ، وهي من المسائل التي تعم بها البلوى.

الجواب الأقوى في ذلك أن انتقال الأعيان موقوف على العقد ، وأما المعاطاة فلا يفيد الانتقال لكن يصح لكل واحد من المتعاطيين الانتفاع بما وصل اليه لتضمن ذلك الاذن في التصرف ، ولا يكون المنتفع مستعملا للحرام ، ولكل الرجوع في سلعته مع بقائها ، لأصالة بقائها على ملك مالكها.

مسألة (٢٦)

ما يقول سيدنا في المكلف إذا لم يعتقد إسلام آباء سيدنا محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يعتقد إسلام أبي طالب رضي‌الله‌عنه ، هل يكون أخل بواجب مسؤول عنه يعاقب عليه أم لا ، وهل يجب على المكلف اعتقاد إسلام آباء سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وإسلام أبي طالب رضي‌الله‌عنه أم لا.

الجواب لا شك في خطأ من لم يعتقد إسلام آباء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لقوله « نقلنا من الأصلاب الطاهرة » ، وكذا الكلام في إسلام أبي طالب رضي‌الله‌عنه.

مسألة (٢٧)

ما يقول سيدنا في المزارع هل يجوز له أن يزارع غيره ، وكذلك المساقي هل يجوز له أن يساقي غيره أم لا يصح ذلك الا من المالك أو من مستأجرها ومن مالك الأصول الثابتة ، فقد حصل في هذا الكلام من بعض أصحابنا المعاصرين.

١٢٧

الجواب فرق علماؤنا بين المزارعة والمساقاة ، فجوزوا للمزارع أن يزارع غيره إذا لم يخصصها المالك لأنها بالإجارة أشبه ، ومنعوا من أن يساقي العامل غيره لان الثمرة تتبع الأصل وهو مملوك للمالك ، وكذا الثمرة فلا تنتقل الى غير من شرط له.

مسألة (٢٨)

قال سيدنا الإمام في الأمة إذا اشتراها الإنسان فإنه يحرم وطيها حتى استبرأها فإذا أعتقها جاز له العقد عليها ووطؤها من غير استبراء ، والأمر الذي شرع الاستبراء من أجله باق على حاله ، فما وجه ذلك وهو لا يأمن أن تكون حاملا من غيره. وكذلك أيضا المرأة إذا طلقها زوجها ثم راجعها وطلقها قبل المسيس ، فإنها تحل للأزواج من غير عدة والاشكال موجود فيها أيضا ، فهل ثم أمر يزيل هذا الإشكال أم لا ، وهل ما يذهب اليه الجمهور هو موافق لمذهب أصحابنا في هذا أم لا. أفدنا أفادك الله من فوائده الغزيرة وغفر لك ولنا كل كبيرة وصغيرة.

الجواب الضابط في اباحة الوطي عدم اجتماع المائين ، فلو وطئت الأمة وطئا له حرمة لم يجز لغيره الوطي بتاتا الا بعد عدة واستبراء لئلا يختلط الأنساب.

مسألة (٢٩)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في المتمتع بها إذا عقد الإنسان عليها ساعة محصورة معينة فوطئها ثم انقضت تلك الساعة أو لم تنقض بل وهبها باقي المدة ثم عقد عليها عقدا في الحال ووهبها المدة قبل الدخول بها فإنه لا يجب عليها عدة ويلزم من هذا ان يأتي إنسان آخر فيعقد عليها في الحال عقد متعة فيرد الإشكال

١٢٨

الواردة في زواج الوارد وهو اجتماع المائين في رحم واحد وساعة واحدة ، فهل يصح هذا الحال أم لا. أفتنا.

الجواب قد بينا في المسألة السابقة أنه لا يجوز اجتماع المائين في رحم واحد إذا كان لهما حرمة ولا بد مع الوطئ من عدة واستبراء.

مسألة (٣٠)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في قول الأصحاب ان الطلاق مثلا لا يصح معلقا على شرط ولا صفة ، فهل الصفة غير الشرط أم لا.

الجواب سموا المعلق على الزمان بلفظه « إن » وصفا والمعلق على ما يمكن وجوده وعدمه بالشرط ، ولا مشاحة في وضع الألفاظ والاصطلاح عليها.

مسألة (٣١)

ما يقول سيدنا في دليل الوحدانية الذي يسمونه دليل التمانع ، فإنه ما برح يخطر للمملوك على ما يذكرونه اعتراض ، وهو أنا إذا فرضنا وجود الهين ونعوذ بالله من ذلك وان كان كل واحد منهما عالم لذاته قادر لذاته ولا يمكن أن يحصل بينهما خلاف وخاصة على قول من يقول ان الباري جلت عظمته لا يفعل إلا الأصلح للعبد في دينه ودنياه ، فمهما كان الأصلح لا يمكن أن يريد أحدهما خلافه.

ولم يظفر المملوك عن هذا الاعتراض بجواب ، غير أن المملوك وقف على بعض كتب فخر الدين الرازي وكان فيه ذكر هذا الاعتراض وأجاب عنه بجواب لم يتضح للمملوك. والمسؤول من صدقات سيدي إيضاح الجواب عن هذا الاعتراض كفى الله سيدي من الاعراض والأمراض.

الجواب هذا الاعتراض الذي خطر للمولى السيد نجم الدين أدام الله

١٢٩

أيامه يندفع بأن نفرض ضدين اشتمل كل منهما على وجه مصلحة ، ويمكن أن يريد الالهين أحد الضدين ويريد الآخر الضد الآخر ، وحينئذ نسوق الدليل الى آخره ويظهر امتناعه ويثبت امتناع التكثر في الالهة.

مسألة (٣٢)

ما يقول سيدنا في القراءة خلف الامام ، هل هي حرام عند سيدنا أو مكروهة.

الجواب ورد عن مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : من قرأ خلف إمام يرتضي به مات على غير الفطرة. والأقوى تركه القراءة مع السماع.

مسألة (٣٣)

ما يقول سيدنا في الجهر بالبسملة لمن قرأ الحمد في الأخيرتين أجائز أم غير جائز. وأخبر المملوك في هذه البلدة شخص بأن الشيخ محمد بن إدريس يقول : ان المصلي إذا قرأ في الركعتين الأخيرتين الحمد لا يجوز له أن يجهر بالبسملة فإن جهر بهذا فعل محرما وبطلت صلاته بذلك. فهل هذا صحيح أم لا ، وما الوجه في ذلك ان كان صحيحا. أوضح لنا ذلك أحسن الله إليك.

الجواب منع ابن إدريس من الجهر بالبسملة في الأخيرتين فليس بشيء يعتد به.

مسألة (٣٤)

ما يقول سيدنا في المسافر إذا وصل في أثناء سفره الى بلد استوطنه ستة أشهر فصاعدا ولكن لم يكن نازلا في ملك له بل عند بعض إخوانه أو في بيت بأجرة.

١٣٠

هل ينقطع سفره بذلك على هذه الصورة أم لا ينقطع سفره الا بملك قد استوطنه القدر المذكور ، فيلزم على هذا أن من قام ببغداد عشر سنين أو أكثر عند بعض أصحابه أو في بيت بالأجرة انه لا ينقطع سفره بالوصول إليها الا ان يعزم الإقامة.

وهل يشترط في استيطان ستة أشهر التوالي أم يكفي حصولها ولو متفرقة.

أوضح لنا ذلك نجاك الله من المهالك.

الجواب يشترط في البلد أن يكون له فيه ملك سواء استوطنه أو لا وسواء كان الملك بما يصلح للاستيطان أو لا ، فلو كان له فيه نخلة واستوطن ذلك البلد ستة أشهر وجب عليه التمام. ولا يشترط في الأشهر التوالي ، بل يتم وان تفرقت أيام استيطانه.

مسألة (٣٥)

ما يقول سيدنا في الإنسان إذا سجد على ما لا يجوز السجود على جهة السهو أو لظلمة الموضع ، هل يجوز له أن يرفع رأسه ثم يسجد على ما يجوز السجود عليه ولا يعد الأول سجودا فيكون قد زاد سجدة في صلاته أم كيف يصنع.

الجواب نعم يجوز رفع رأسه والسجود على ما يصح عليه ، ولا يعد الأول سجودا مشروعا.

مسألة (٣٦)

ما يقول سيدنا في من توجه إلى زيارة الامام أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام من الحلة في يوم عرفة ثم عاد إلى الحلة وهو غير مستوطن بها ولا له فيها ملك وهو عازم على التوجه الى مولانا أمير المؤمنين (ع) في ثاني عشر ذي الحجة ، هل يجب عليه القصر مدة مقامه بالحلة على هذه الصورة أم يجب عليه التمام.

أفتنا مأجورا جعلك الله ممن ينقلب إلى أهله مسرورا.

١٣١

الجواب لما جعل الشارع الإتمام على من نوى المقام في بلد الغربة عشرة أيام فقد جعل حكم ذلك البلد حكم بلده ، فالمقيم عشرة أيام في الحلة يجب عليه الإتمام ، فإذا خرج الى مشهد الحسين عليه‌السلام فقد خرج الى ما دون المسافة فلا يجوز له القصر ، فاذا نوى العود اليه كان كما لو نوى العود الى بلده من دون مسافة القصر ، فاذا عزم السفر الى مشهد أمير المؤمنين عليه‌السلام وجب عليه القصر بالشروع فيه.

مسألة (٣٧)

ما يقول سيدنا في المسافر إذا كان مستصحبا أو راكبا في سفره المباح أو الواجب دابة مغصوبة أو آلة مغصوبة هل يجب عليه الإتمام أو القصر.

الجواب يشترط الترخص في القصر ان لا يعصي بسفره ، ولا يشترط أن لا يعصي في سفره ، والمستصحب للمغصوب أو الراكب عليه سواء كان دابة أو آلة إذا تمكن من رده بنفسه أو بوكيله وشبهه ولم يرد كان عاصيا بسفره فلا يصح الترخص.

مسألة (٣٨)

في من وجب عليه الحج فحج على بعير مغصوب هل يصح حجه أم لا.

الجواب نعم يصح حجه إذا لم يتمكن من رده الا الوقوف عليه والطواف والسعي عليه عالما متعمدا.

مسألة (٣٩)

ما يقول سيدنا في الغاصب إذ كان متمكنا من رد المغصوب هل يصح منه الصلاة في أول وقتها أم لا ، وهل يصح منه الأفعال المندوبة أم لا يصح منه شيء

١٣٢

من القرب الا بعد رد المغصوب. أفتنا في ذلك مفصلا مبينا. وهل يجب عليه السفر الى بلد المغصوب منه لرد المغصوب وان طال السفر وعظم المشقة أم لا.

أوضح لنا ذلك.

الجواب لا تصح الصلاة إلا بعد رد المغصوب منه ، الا أن يتضيق وقت الصلاة فيبدأ بها ، ولا يصح منه فعل شيء من المندوب ولا شيء من القرب المندوبة إلا بعد رد المغصوب الى المغصوب منه مع القدرة ، ويجب عليه رده بقدر الإمكان إما بالسفر بنفسه أو بغيره وان طال السفر وعظمت المشقة.

والله الموفق.

تم القسم الثاني من المسائل المذكورة ، والحمد لله وحده وصلى الله على نبيه.

١٣٣
١٣٤

أجوبة المسائل المهنائية

( الثالثة )

١٣٥
١٣٦

بسم الله الرحمن الرحيم

المملوك مهنى بن سنان يقبل أبواب الحضرة العالية المولوية العالمية الزاهدية الفدوية المحققية ، لا زالت محفوفة بالسعد والإقبال آمنة من حوادث الأيام والليال مقرونة بقيام الجاه ونماء المال متصلا بسعادة العقبى وحسن المآل وينهي شكوى السحاب الذي حال بيننا وبين تقبيل الأعتاب والعتب وان كان رحمته عامة فإنه قد يخص بالضرر ، فقد جاء في تفسير قول سيد البشر « اللهم انا نعوذ بك من وعثاء السفر » من جملة ذلك حصول المطر ، وكيف لا نشكره وقد فوتنا في يومنا بعد مجالسة مولانا التقاط نثر الدرر وحصول الأجر إلى وجهه الكريم بالنظر حال بيننا وبين ذلك الجناب الهامي بالفضائل الهاطل بعلوم الأواخر والأوائل ما وقع من الغيث الوابل ، بعث بخدمة تنوب عنا في ذلك المحل فان لم يصبها وإبل فطل.

وقد بعث المملوك هذه الخدمة نائبة عنه في تقبيل الأرض وقائمة مقامه في أداء ما وجب عليه من الفرض ، وان كان يجب السعي إلى مولانا تحمل المشاق

١٣٧

ويحسن القول بتكليف ما لا يطاق ، لكن المملوك ما هو بأول من أخل بواجب وترك ما عليه كضربة لازب ، وصحبة هذه الخدمة مسائل يضيفها مولانا الى تلك المسائل الاولى ويشرف الجميع بخطه لا زال موضحا لكل مشكل.

وكذلك يتصدق سيدي بفهرست مصنفاته حرس الله محله من حوادث الدهر وآفاته ، ويذكر سيدي من جملة ذلك تاريخ مولده متعنا الله بطول حياته ، وكذلك مولد ولده قرة العين الجامع لكل زين البائن لكل شين فخر الملة والحق والدين ، كمل الله ببقائه أفراح المحبين وفتت بدوام سعده أكباد الحاسدين وكان يود المملوك أن لو كان معه من سيده فخر الدين تذكرة بخطه أما مسألة أو شيء مكتوب بخطه وان قل على قدر ما يحسن في رأي مولانا ورأيه ، فو الله العظيم وحق نبيه الكريم ان المملوك لسيدي الشيخ ولولده محبة زائدة مؤكدة ظهر فيها سر قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « الأرواح جنود مجندة » خارجة عن محبة العلم ومحبة الإفادة ، بل هي من وراء ذلك كله بزيادة.

فسيدي حرسه الله تعالى بعينه التي لا تنام يشرف مملوكه بجميع ما طلبه من إحسانه على جهة الانعام وتقدم ذلك على الخاص والعام ، فان المملوك قد أشرف سفره في هذه الأيام مع أنه يود لو ساعدته الأقدار بطول المقام في حضرة سيدي الشيخ الامام ، لكن نرجو من فضله تعالى أن يكون ذلك في عام غير هذا العام. والسلام والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

* * *

لله الحمد. لما كان امتثال أمر من يجب طاعته وتحرم مخالفته من الأمور الواجبة والتكاليف اللازمة ، سارع العبد الضعيف حسن بن يوسف بن المطهر اجابة التماس مولانا السيد الكبير الحسيب النسيب المرتضى الأعظم الكامل المعظم فخر العترة العلوية سيد الأسرة الهاشمية أوحد الدهر وأفضل العصر

١٣٨

الجامع لكمالات النفس والمؤيد بنظره الثاقب الى حضرة القدس نجم الملة والحق والدين ، أعانه الله على المستعدين بركة أنفاسه الشريفة ، وأدام عليهم نتائج مباحثه الدقيقة اللطيفة ، وما تلطف به من الاعتذار فهو من جملة تطولاته وإحسانه وتكرماته وامتنانه ، فان الواجب على من يعتقد بقلبه الايمان السعي إلى بين يديه وتقبيل قدميه ، لكن لم يزل السيد يسبل الإحسان الى العبد كما يفعل الله الواحد الفرد ، ولم يزل العبد مقصرا في حق مولاه كما يفعل الإنسان مع الله الذي خلقه فسوّاه ، فمولانا أحق بقبول الاعتذار مع اقتداره وأولى من ستر عيوب عبده وعواره.

وأما مولد العبد فالذي وجدته بخط والدي قدس الله روحه ما صورته : ولد المولود المبارك أبو منصور الحسن بن يوسف بن المطهر ليلة الجمعة في الثلث الأخير من الليل سابع عشرين (١) رمضان سنة ثمان وأربعون وستمائة.

وأما مولد عبده محمد فكان قريب من نصف الليل ليلة العشرين من جمادى الأولى سنة اثنتين وثمانين وستمائة ، أطال الله عمره ورزقه الله تعالى العيش الرغيد والعمر المزيد المديد بمحمد وآله أجمعين ، وفقه الله تعالى وإيانا للقيام بما يجب عليه وعلينا من نشر صالح الدعاء انه قريب مجيب.

مسألة (١)

ما يقول سيدنا في قول أصحابنا ان التكليف لا يكون على جهة الإلجاء ، وقد نطق الكتاب العزيز بخلاف ذلك ، وهو قوله تعالى ( وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ ) (٢) ذكر المفسرون في

__________________

(١) تاسع عشرين ـ كذا في الخلاصة.

(٢) سورة الأعراف : ١٧١.

١٣٩

هذه الآية الكريمة أن الله سبحانه أمر جبرئيل أن يقطع قطعة من الجبل على قدر معسكرهم ورفعها فوق رءوسهم ، وقيل لهم ان لم تفعلوا ما أمرتكم والا أطبقت عليكم ، حتى أنهم كانوا إذا سجدوا سجدوا على أحد الجانبين لاحظوا الجبل بالعين الأخرى خوفا من وقوعه عليهم ، ومن ثم استمرت اليهود في سجودها على هذه الصفة ، ولا شيء أبلغ من هذا الإلجاء ، فبأي شيء يجيب أصحابنا عن هذه الآية ويتأولونها به.

الجواب لا منافاة بين الآية وبين قول المعتزلة ، لان المعتزلة يوجبون التكليف والإحسان ، وتظليل الجبل عليهم لم يكن وقت التكليف بل بعده وامتناعهم عن فعل ما يكلفونه وقصدوا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالأذى والمحاربة له ولأصحابه ، ولم يكن ذلك التكليف إلجاء ولا كرها.

مسألة (٢)

ما يقول سيدنا في قوله تعالى ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ. أَوْ تَقُولُوا إِنَّما أَشْرَكَ آباؤُنا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ) (١) فقد جاء في التفسير أن الله سبحانه أخرج ذرية آدم من صلبه كالذر وأخذ عليهم العهد والميثاق بما يجب عليهم من المعارف ثم أعادهم الى صلبه عليه‌السلام ، حتى قال بعض المتصوفة أن لذة ذلك الخطاب في أذني الان.

وروى العامة أن عمر بن الخطاب حج في خلافته واستلم الحجر ثم قال : اني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولو لا أني رأيت رسول الله صلى الله

__________________

(١) سورة الأعراف : ١٧٢ ـ ١٧٣.

١٤٠