أجوبة المسائل المهنائية

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

أجوبة المسائل المهنائية

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


الموضوع : الفقه
المطبعة: مطبعة الخيام
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٨٨

اليقين أو غلبة الظن يذكرون أن الإنسان لو شرب من أي أنواع الفقاع ما عساه أن يشرب ولو تروى من ذلك وأكثر فإنه لا يحصل له بذلك سكر ولا تغير مزاج ولا فرق بينه وبين من ارتوى من ماء ليمون وسكرا أو من مرقة لحم أو غير ذلك من المحلات.

وأكثر المحرمات المأكولة والمشروبة حرام أما لكونه مسكرا أو لكونه مضرا بالبدن أو لكونه مستقذرا ، والفقاع ليست فيه واحدة من هذه الصفات الثلاث. فبين لنا هذا الحكم وهذا السؤال على وجه التفصيل لا الإجمال.

لا زلت في أمن من حوادث الأيام والليال.

الجواب لا خلاف بين الإمامية في تحريم الفقاع ، والأصل فيه ما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه نهى عن تناول الغبيراء ، وهي الشراب المعمول من الشعير ، حتى أن العامة رووا عنه عليه‌السلام الأمر بضرب عنق من دوام عليها ولم يترك شربها بعد نهيه « ص ».

ولا يلزم أن تكون العلة في تحريم الفقاع هي السكر ، فقد حرم أشياء غير مسكرة كالدم وغيره. ويحتمل أن يكون السبب في ذلك اشتمال شربه على الموت فجأة أو غير ذلك من المصالح الخفية عندنا المعلومة عند الله.

مسألة (١٢٢)

ما يقول سيدنا في عصير العنب ، هل يجوز أكله والطبخ به قبل غليانه أم لا ، وما قولكم إذا غلا مع اللحم هل يشترط فيه ذهاب الثلثين أم لا ، وهل يحرم إذا غلا من نفسه أو بالنار ، وهل يشترط ذهاب الثلثين بالغليان بالنار أو المقصود أن يذهب الثلثان ولو بتجفيف الشمس أو طول المكث. وما قولكم لو ألقي فيه دقيق أو غيره بعد غليانه قبل ذهاب ثلثيه هل يكون حلالا ويجوز

٨١

استعماله أم لا بد من ذهاب الثلثين مع ما ألقي فيه. أوضح لنا ذلك جميعه ، فان هذا أمر يحتاج اليه وفي بلاد الشام يستعملون الدبس المستخرج من العنب كثيرا. فأوضح لنا هذه المسائل. وما قولكم لو ألقي فيه دقيق أو غيره قبل غليانه ثم غلا بعد ذلك ما يكون حكمه.

الجواب أما أكل العصير قبل غليانه فلا بأس به ، للأصل. أما الطبخ به فلا يحل أكله حتى يذهب ثلثاه.

ولا فرق بين أن يكون الغليان من نفسه أو بالنار ، فالمقصود ذهاب الثلثين سواء استند في ذلك الى النار أو الى غيرها ، فاذا غلا ولم يذهب ثلثاه ثم ألقي فيه شيء لم يجز أكله إلا بعد ذهاب الثلثين ، وإذا ألقي في العصير دقيق أو غيره قبل غليانه ثم غلا كان حكمه حكم ما لو غلا منفردا يعتبر فيه الثلثان.

مسألة (١٢٣)

ما يقول سيدنا في الملبن هل يحل أكله أو لا.

الجواب يحل أكله إذا ذهب ثلثا عصيره.

مسألة (١٢٤)

ما يقول سيدنا في الطلاق المعلق على الشرط ، ما حجة أصحابنا في عدم وقوعه. أوضح لنا ذلك.

الجواب لا شك في أن عصمة النكاح مستفادة من الشرع فلا يمكن زوالها بغير وجه شرعي ، ولم يثبت في الطلاق المعلق صلاحية لإزالة تلك العصمة ولدلالة الاستصحاب عليه ، ولأن المؤثر في البينونة : أما اللفظ وهو باطل والا انتفت فائدة

٨٢

الشرط أو وقوع المشروط وهو باطل بالإجماع والمجموع وهو باطل لعدم تحققه وثبوته ، فيكون المعدوم مؤثرا في الموجود وهو محال.

ولان وقوع الطلاق المشروط يستلزم مخالفة الإجماع أو تعدد العلة التامة أو الترجيح من غير مرجح.

بيان الشرطية أن يقال : جعل الطلاق الموجب للبينونة هو الثلاث في قوله تعالى « الطلاق مرتان » الى آخره (١) ، فنقول لو علق الطلاق بشروط متعددة كل شرط لطلقة أو ثلاث حتى زادت على الثلاث ثم فرض وقوع الشروط دفعة :

فاما أن لا يقع شيء من الطلاق وهو المطلوب ، أو يقع الجميع وهذا خلاف الإجماع ، أو يقع البعض فاما أن يكون لكل شرط مقتضيا لما فرض وقوعه فيلزم تعدد العلة التامة أو يكون بعض الشرائط فيكون ترجيحا من غير مرجح.

وبعد هذا كله فالروايات عن الأئمة عليهم‌السلام التي هي المعتمد في الدلالة دالة على ما قلناه.

مسألة (١٢٥)

ما يقول سيدنا في رواية الحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وعن الأئمة عليهم‌السلام ، هل يجوز بالمعنى وان لم يورد اللفظ بعينه أو يجب مراعاة الألفاظ في رواية الحديث وهذا أمر صعب ، أم يجوز بالمعنى للعالم المطلع على المعاني ولا يجوز للعامي.

الجواب إذا كان الراوي عالما جاز أن يروي الحديث بالمعنى ، بشرط أن يذكر في روايته أنه نقل المعنى دون اللفظ.

__________________

(١) سورة البقرة : ٢٢٩.

٨٣

مسألة (١٢٦)

ما يقول سيدنا في الطين يحبله مشرك أو يحبل بماء نجس ثم يعمل منه الكيزان والأباريق ثم تشوى على النار ، فهل تطهره النار وتطهر الأواني بذلك أم لا تطهر ولا يجوز استعمالها ، وكيف السبيل الى تطهيرها ان كانت النار ما تطهرها.

الجواب الأقوى تطهيرها إذا استحالت الأجزاء النجسة بالنار ، ويكفي في ذلك غلبه الظن.

مسألة (١٢٧)

ما يقول سيدنا في من نذر أنه كلما انتقض وضوؤه توضأ وصلى بذلك الوضوء صلاة ما ان كان في وقت فريضة صلى به الفريضة وان كان في وقت نافلة أو صلاة لها سبب صلى به تلك الصلاة ، فهل يجزيه ما يصلي به من واجب وغيره أم عليه أن يصلي ركعتين خارجتين عما ذكر من الواجبات والنوافل.

الجواب إذا لم يقصد في نذره صلاة مغايرة لما وجب عليه كفاه أن يصلي به مهما كان من الواجب والمندوب.

مسألة (١٢٨)

ما يقول سيدنا في هذا الناذر على هذه الصورة المذكورة إذا كان عليه قضاء صلوات ، هل يجوز أن يصلي القضاء ويجزيه أم لا بد من ركعتين للنذر والحال كما ذكرنا.

٨٤

الجواب يصلي القضاء الا أن يقصد في نذره غيره ، فيجب غيره ان قلنا بصحة النذر في هذه الصورة.

مسألة (١٢٩)

ما يقول سيدنا في قضاء الصلوات ، هل هو واجب مضيق أم لا ، وهل يجوز لمن عليه قضاء الصلوات أن يشتغل بالقرب عن القضاء كعيادة المريض وتشييع الجنازة وزيارة المشاهد المشرفة أم لا.

الجواب الأقوى عندي عدم التضييق ، فيجوز له فعل ما شاء.

مسألة (١٣٠)

ما يقول سيدنا في من عليه قضاء صلوات هل يجوز له صلاة الفريضة الحاضرة في أول وقتها أم لا يجوز له ذلك سواء كان مشتغلا بالقضاء أو جالسا إلا في آخر الوقت الاختياري. أجبنا أجاب الله سؤالك.

الجواب الأقوى عندي عدم التضييق ، فيجوز لمن عليه الفائتة ان يصلي الحاضرة في أول وقتها للاية ، وان التضييق يقتضي وجود مشقة عظيمة وعسر عظيم ، فان ضبط الوقت بحيث لا يتسع لأكثر من الحاضرة مما لا يتمكن الإنسان منه ، خصوصا مع انه مشغول بالصلاة ، وكذا ضبط أحواله الضرورية كالأكل والشرب وغيرهما.

مسألة (١٣١)

ما يقول سيدنا في من عليه قضاء الصلوات ، هل يجوز له أن يصلي نافلة اليومية وغير اليومية كصلاة تحية المسجد وركعتي الزيارة والعيدين والاستسقاء

٨٥

أم لا يجوز له شيء من ذلك ، وكذلك من عليه صوم واجب كقضاء رمضان والكفارة التي يتعين فيها الصوم هل يصح له الصوم ندبا أم لا. والذي يظهر للمملوك من كلام سيدي في كتاب القواعد أنه يصح صوم المندوب لمن عليه صوم واجب ، فما الفرق حينئذ بين الصوم والصلاة ان كانت النافلة لا تصح لمن عليه قضاء صلاة واجبة. أجبنا عن ذلك مفصلا.

الجواب لو لا قوله عليه‌السلام « لا صلاة لمن عليه صلاة » لما وقع فرق بين الصلاة والصوم في تسويغ النافلة لمن عليه فريضة ، لكن مقتضى هذا الحديث المنع من فعل النوافل كلها ، وبقي الصوم على أصل الإباحة السالمة عن معارض (١).

مسألة (١٣٢)

ما يقول سيدنا في من عليه كفارة مخيرة ولم يلتزم بشيء من خصالها ، هل يصح منه الصوم المندوب أم لا ، وإذا التزم بالصوم هل تصح منه المندوب أم لا.

الجواب الأقوى عندي الجواز ، لما بينا من جواز صوم المندوب لمن عليه فرض الصوم.

مسألة (١٣٣)

ما يقول سيدنا في من عليه قضاء صلوات واجبة غير الخمس ، هل يجوز له أن يصلي النافلة أم يجب عليه البدأة بما يجب عليه قضاؤه.

__________________

(١) لكن هذا الحديث على نقيض ما أفتى به سابقا مكررا ، اللهم الا أن يحمله على الكراهة. فتأمل.

٨٦

الجواب لا يصح منه فعل النافلة ، لعموم قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله « لا صلاة لمن عليه صلاة » فإنه يصدق على من عليه صلاة واجبة غير الخمس (١).

مسألة (١٣٤)

ما يقول سيدنا في الثوب المصبوغ بصباغ نجس أو صبغه كافر ، وكلما غسله الإنسان أثر الصبغ في الماء حتى يقارب تقطيعه ، فهل يطهر بغسله أول مرة ولا يبقى يلتفت الى ما يخرج منه من أثر الصبغ أم لا يطهر حتى يبقى لا يخرج منه شيء من أثر الصبغ ، فهذا يؤدي الى أنه لا يجوز لبس ثوب مصبوغ.

الجواب لا يجب الاستقصاء في ذلك ، بل ولا يستحب ، بل إذا غسل بالماء كما يغتسل الأعيان النجسة بنجاسة عرضية طهر. ولو ألقي في الماء الكثير طهر وان لم تزل الصبغ عن الثوب.

مسألة (١٣٥)

ما يقول سيدنا في الإنسان إذا كان عادم الماء وهو في أرض نجسة ، هل يجب عليه السعي إلى التراب الطاهر أم لا ، وهل لذلك حد كما في الماء أم لا.

الجواب لم يذكر علماؤنا ذلك ، والاولى وجوبه ان علم وصوله إليه في الوقت لوجوب تحصيل الطهارة المتوقف على السعي.

مسألة (١٣٦)

ما يقول سيدنا في الإنسان إذا عدم الماء وهو متحقق أنه في موضع بعيد عنه ،

__________________

(١) ظاهره ينافي ما سبق من فتواه ، اللهم الا أن يقال غرضه في هذا الموضع عدم الصحة فيه على تقدير القول بعدمها مطلقا. فتأمل.

٨٧

هل يجب عليه السعي إلى الماء وان بعد أم لذلك حد محدود كما إذا لم يتحقق وجدانه.

الجواب نعم يجب عليه السعي مع انتفاء المشقة وإدراكه في الوقت.

مسألة (١٣٧)

ما يقول سيدنا في المثبتين القائلين بأن الجواهر والاعراض ليست بفعل الفاعل وان الجوهر جوهر في العدم كما هو جوهر في الوجود. فهل يكون هذا الاعتقاد الفاسد الظاهر البطلان موجبا لتكفيرهم وعدم قبول ايمانهم وأفعالهم الصالحة وعدم قبول شهادتهم وجواز مناكحتهم أم لا يكون موجبا لشيء من ذلك ، وأي شيء يكون حكمهم في الدنيا والآخرة ، وما الذي يجب أن يعتقد المكلف في معتقد هذه المقالة المتدين بها المناظر عليها مع ظهور فسادها. أوضح لنا ذلك غاية الإيضاح.

الجواب لا شك في رداءة هذه المقالة وبطلانها ، لكنها لا توجب تكفيرا ولا عدم قبول ايمانهم وأفعالهم الصالحة ولا رد شهادتهم ولا تحرم مناكحتهم ، وحكمهم في الدنيا والآخرة حكم المؤمنين ، لأن الموجب للتكفير انما هو اعتقاد قدم الجواهر وهم لا يقولون بذلك ، لان القديم يشترط فيه الوجود وهم لا يقولون بوجوده في الأزل لكن حصلت لهم شبهة في الفرق بين الثبوت والوجود وجعلوا الثبوت أعم من الوجود. وأكثر مشايخ المتكلمين من المعتزلة والأشاعرة مثبتون ، فكيف يجوز تكفيرهم.

مسألة (١٣٨)

ما يقول سيدنا في من يعتقد التوحيد والعدل والنبوة والإمامة لكنه يقول

٨٨

بقدم العالم ، ما يكون حكمه في الدنيا والآخرة. بين لنا ذلك أدام الله سعدك وأهلك ضدك.

الجواب من اعتقد قدم العالم فهو كافر بلا خلاف ، لان الفارق بين المسلم والكافر ذلك ، وحكمه في الآخرة حكم باقي الكفار بالإجماع.

مسألة (١٣٩)

ما يقول سيدنا في من يقوم بالواجب كما ينبغي ولكنه لا يعرف الوجه الذي وجب لأجله ولا يعتقد ذلك جهلا به ، فهل تصح عبادته والحال هذه أم لا.

الجواب نعم يصح عبادته إذا أوقعها لوجوبها أو ندبها ولوجهيهما وان جهله ، لأنه قد أتى بالمأمور به فيخرج عن عهدة التكليف.

مسألة (١٤٠)

ما يقول سيدنا في من يقوم بالواجبات على الوجه الذي حسنت لأجله وهو رجاء الثواب وخوف العقاب ، لم حكمتم ببطلانها إذا أتى بها على هذا الوجه ، لم لا يكون صحيحة لأن الله سبحانه قد صرح بذلك فقال ( لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ ) (١) وقال ( وَفِي ذلِكَ فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ ) (٢) وقال علي عليه‌السلام « قوم عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار ، وقوم عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد » وهذا معنى الحديث وان كان اللفظ مخالفا ، فصرح سبحانه في الآيتين المذكورتين بأن العبادة لما ذكر من الثواب ، ولم يحكم أمير المؤمنين عليه‌السلام ببطلان العبادة على هذين الوجهين ، فلم لا تكون صحيحة إذا أتى بها على هذا الوجه ،

__________________

(١) سورة الصافات : ٦١.

(٢) سورة المطففين : ٢٦.

٨٩

وبأي شيء تأولون عن الآيتين الكريمتين وعن قول مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام. اكشف لعبدك عن هذا الأمر كفاك الله حوادث الدهر.

الجواب اتفقت العدلية على أن من فعل فعلا لطلب الثواب أو لخوف العقاب فإنه لا يستحق بذلك ثوابا ، والأصل فيه أن من فعل فعلا ليجلب نفعا أو يدفع عنه ضررا به فإنه لا يستحق به المدح على ذلك ولا يسمى من أفاد غيره شيئا ليستعيض عن فعله جوادا ، فكذا فاعل الطاعة لأجل الثواب أو لدفع العقاب.

والايتان لا ينافيان لما قلناه ، لان قوله تعالى ( لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ ) لا يقتضي أن يكون غرضهم بفعلهم مثل هذا ، وكذا في قوله تعالى ( فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ ) ، لعدم دلالتهما عليها.

مسألة (١٤١)

ما يقول سيدنا في من عليه قضاء صلوات سفرا وحضرا وقد نسي المتقدم من ذلك كيف يصنع ، هل يجب عليه أن يصلي كل صلاة قصرا وتماما ، وهذا أمر صعب لان القضاء عليه كثير ، أم سقط عنه الترتيب في هذه الحالة لأجل المشقة ، أم كيف يصنع. بين لنا ذلك متعنا الله بطول حياتك.

الجواب الأحوط أن يصلي مع كل صلاة تماما وقصرا ، وليس بعيدا من الصواب سقوط الترتيب لأصالة براءة الذمة لاستلزامه المشقة المنفية بالأصل.

مسألة (١٤٢)

ما يقول سيدنا في الغسلة الثالثة ، هل هي مبطلة للوضوء وخاصة في غسل اليد اليسرى لأنه يكون استأنف ماء جديدا للمسح من غير الوضوء ، أم لا يكون مبطلا لا في اليد اليسرى ولا في غيرها بل هو مكروه.

٩٠

الجواب الثالثة إذا وقع المسح بها بطل الوضوء لكونه مستأنفا لماء جديد في المسح وهو مبطل للطهارة.

مسألة (١٤٣)

ما يقول سيدنا في رد السلام على من ابتدأ به وتسميت العاطس لمن حمد الله تعالى ، هل هو واجب أم لا ، وما الذي يجب على من أصر على ترك ذلك ، وهل يجب على كل سامع أم إذا قام به البعض سقط عن الباقين.

الجواب أما رد السلام فهو واجب للأمر المستند الى قوله تعالى ( وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها ) (١).

وأما تسميت العاطس فيستحب ، إذا قام به البعض سقط عن الباقين في الموضعين.

مسألة (١٤٤)

ما يقول سيدنا في قوله في كتاب القواعد : لو استجمر بالنجس بغير الغائط وجب الماء وبه يكفي الثلاثة غيره. فهل يكون ذلك في النجس بغائط نفسه وغائط غيره أم ذلك في النجس بغائط نفسه خاصة. أفتنا مأجورا يرحمك الله.

الجواب الأقوى عندي عدم الفرق بين أن يكون من نفسه أو من غيره ، مع احتمال وقوع الفرق احتمالا قويا.

مسألة (١٤٥)

ما يقول سيدنا في ماء الاستنجاء هل هو طاهر مطهر أم طاهر غير مطهر.

__________________

(١) سورة النساء : ٨٦.

٩١

الجواب نعم يكون طاهرا وان كان بعض علمائنا قال انه عفو.

مسألة (١٤٦)

ما يقول سيدنا في السجود ، هل يجب على الكفين وهما مبسوطتا الأصابع أم يجوز السجود عليها وأصابتهما مضمومة ، فإن الإنسان في بعض الوقت من خوف السهو يحصي ركعاته ببعض أصابعه ، فهل يكون بفعله ذلك مخلا بواجب تبطل به الصلاة أم لا ، وهل يجوز السجود على المشط المتخذ من الدليل أم لا.

الجواب الأحوط وجوب بسط الأصابع ، لقوله عليه‌السلام « صلوا كما رأيتموني أصلي » والظاهر أنه صلى كذلك ، والعد بالأصابع لا يستلزم الضم لحصوله بالتفريق ، وانما يصح السجود على الأرض وما أشبه الأرض إذا لم يخرج عنها بالاستحالة ولا يكون مأكولا ولا ملبوسا.

مسألة (١٤٧)

ما يقول سيدنا في الفيل هل هو نجس أم لا ، والمشط المتخذ من عظم الفيل هل هو طاهر أم لا.

الجواب الأقوى طهارته ، وعظمه طاهر ، والمشط المتخذ منه طاهر.

مسألة (١٤٨)

ما يقول في من عليه قضاء صلوات كثيرة وقد نسي المقدم منها والمؤخر منها ، فهل يسقط عنه مراعاة الترتيب ههنا أم لا ، وبأي صلاة يبدأ إذا أراد القضاء وهو لا يعلم أول صلاة فاتته ، وكيف يكون نيته حتى يحصل له الترتيب ، فان المملوك كان يقول في نيته « أصلي أول ظهر يجب علي قضاؤها » وكذلك الى أن أكمل

٩٢

صلاة اليوم ، ثم أقول في ثاني يوم كذلك « أول ظهر يجب علي قضاؤها » وكذلك وكان المملوك يظن أنه يحصل له بذلك الترتيب لان كل يوم إذا مضى فاليوم الذي يليه هو الواجب ، فهل يكون المملوك في هذه النية مصيبا أو مخطئا ، وكيف يكون الأمر في ذلك والنية فيه. بين لعبدك ذلك نجاك الله من المهالك.

الجواب الأحوط الترتيب ، والأقوى سقوطه ، وإذا اشتبه عليه أول الفوائت ابتدأ بالظهر.

والنية الذي أخبر عنها أدام الله أيامه جيدة إذا لم ينو في الصبح الثاني به بعد اليوم الأول أنه صبح اليوم الأول وكان القضاء متواليا.

مسألة (١٤٩)

ما يقول سيدنا في الألم هل يكفي في حسنه كونه لطفا أم لا بد من اجتماع اللطف والعرض.

الجواب ان كان اللطف بغير المتألم وجب حصول الأمرين معا وكانا شرطين في حسنه.

مسألة (١٥٠)

ما يقول سيدنا في من دعي إلى سب مولانا أمير المؤمنين أو أحد الأئمة عليهم‌السلام ، فبذل روحه دون سبهم ، مع ورود الرخصة في ذلك عند الضرورة ، هل يكون بذلك مثابا أو مأثوما. أفتنا زادك الله علوما. وهل يكون الحكم في سيدنا رسول الله « ص » كذلك أم لا.

الجواب نعم يكون مثابا ، ولا فرق بين أن يكون سب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أو أحد الأئمة عليهم‌السلام.

٩٣

مسألة (١٥١)

ما يقول سيدنا في قاضي شهر رمضان هل يجب عليه في نية القضاء أن ينوي في أول يوم أصوم قضاء عن أول يوم وجب علي قضاؤه وعن الثاني كذلك وعن الثالث كذلك بتعيين الأيام أم كيف ينوي حتى يصح له الترتيب. جعلك الله من أهل التقريب.

الجواب لا يجب التعرض ، فان الترتيب حصل فيه من ضرورة الزمان بخلاف الصلوات.

مسألة (١٥٢)

ما يقول سيدنا في المسافر الذي لا يصح منه الصوم ، هل يجب عليه الفطر على جرعة من ماء أو تمرة أو غير ذلك مما ينافي الصوم أم يكفيه نية الفطر وعدم نية الصوم ولا حاجة الى أكل شيء أم شربه.

الجواب لا يشترط الأكل والشرب بل يكفيه نية الفطر.

مسألة (١٥٣)

ما يقول سيدنا في التقليد ، هل يجوز في الأصول والفروع أم لا يجوز في أحدهما أم يجوز في أحدهما دون الآخر ، فإن أكثر الناس يعجز عن البحث والنظر ، وهل يكلف بمعرفة الله سبحانه النساء والجواري وغيرهن من ضعفة الناس على الوجه الذي ينبغي ، فإن ذلك مشق إلى غاية ما يكون ، وهل يحكم بإسلام من لا يعرف ذلك الا بالتقليد أم لا يحكم بإسلامه ، وهل يكون طاهرا لا ينجس شيء من المائعات

٩٤

بمباشرته أم لا يكون طاهرا. بين لنا ذلك مفصلا دفع الله عنك ما يضرك ووصلك بما يسرك.

الجواب أما الأصول التي هي التوحيد والنبوة والإمامة فلا يجوز التقليد لأحد من المكلفين الا لمن يعجز عن إدراك الحق وكان من ضعفاء العقول كالنساء والبله (١).

وأما الفروع فيجوز التقليد ويطلق عليهم اسم المسلمين بنوع من المجاز ، ويكون طاهرا لأنه لا يطلق عليهم اسم الكفر.

مسألة (١٥٤)

ما يقول سيدنا في من صلى الفريضة قبل دخول وقتها ثم دخل الوقت وهو في آخر جزء منها ، فهل تجزيه تلك الصلاة كما قال بعض الأصحاب أم يجب عليه إعادتها ولو سبق دخول الوقت بتكبيرة الإحرام. أفتنا مأجورا.

الجواب ان ظن دخول الوقت فصلى ثم دخل وهو فيها صحت صلاته وان كان في آخر جزء منها ، ولا يجب عليه الإعادة إلا إذا دخل فيها من غير ظن ، وان كان قبل الوقت بتكبيرة الإحرام.

مسألة (١٥٥)

ما يقول سيدنا في الآدمي هل ينجس بالموت أم لا ، فاذا لاقاه شيء بعد برده بالموت هل ينجس بملاقاته ويجب غسل ذلك الشيء سواء كان رطبا أو يابسا

__________________

(١) كلامه طاب ثراه مخصوص بأصول الدين الخمسة المشهورة ، وقد سكت عن أصول الفقه ككون الأمر للوجوب وكون الاستصحاب حجة مثلا ، وقد أطنبت الكلام في هذه المسألة في كتابي الموسوم بـ « زبدة الأصول ».

٩٥

وقت الملاقاة أم لا ، وهل يزول عنه التنجيس بالتغسيل فلا يصير نجسا ولا ينجس ما يلاقيه أم لا ، وإذا مسه الإنسان بعد برده بالموت وقبل تغسيله ووقع عليه ثوب ثم وضع الإنسان اللامس يده على إنسان آخر أو على ثوب هل ينجس الملموس أم لا تتعدى النجاسة إلى يد اللامس وخاصة مع عدم البلل. أوضح لنا هذه المسألة مفصلة لا مجملة. وان كان ينجس بالموت نجاسة عينية كيف يطهر الغسل أوضح لنا ذلك.

الجواب نعم ينجس بالموت وينجس الملاقي له بعد برده وقبل تطهيره بالغسل ، ويجب غسل ذلك الشيء الذي اصابه وان كان يابسا ، ويزول عنه حكم التنجيس بالغسل ولا يصير نجسا ولا ينجس ما يلاقيه.

وإذا لمسه إنسان بعد برده بالموت وقبل تطهيره بالغسل من غير رطوبة في أحدهما نجس اللامس ، فإن أصاب اللامس غيره مع عدم الرطوبة فالأقرب أنه لا تتعدى النجاسة إليه.

مسألة (١٥٦)

ما يقول سيدنا في ميتة غير الآدمي إذا لاقاها شيء أو مسها شخص هل ينجس ذلك الشخص أو ذلك الشيء سواء كان رطبا أو يابسا أم لا ، وهل تتعدى النجاسة إلى غيره إذا لمسه أو يقع الثوب على ثوب آخر. أفتنا في ذلك مفصلا دفع عنك كل شر وبلاء. وما قولك في الجلدة والقطعة تبان من الحي هل يكون حكمها هذا الحكم. بين لنا ذلك جميعه أبقاك الله لهذه الطائفة وجعلك الله من الآمنين يوم الراجفة.

الجواب نعم ينجس اللامس سواء كان رطبا أو يابسا ، والأقرب عدم تعدي النجاسة منه الى غيره مع عدم الرطوبة في أحدهما.

٩٦

وما أبين من الحي من اللحم والجلدة حكم الميت الا ما عفي عنه من الشفاحر وأشباهها.

مسألة (١٥٧)

ما يقول سيدنا الإمام العلامة في من صلى الفريضة في آخر الوقت قصرا في الركعة الأولى بالحمد وحدها خوفا من خروج الوقت ثم تبين بقاء الوقت بعد ذلك ، هل يجب عليه في الركعة الثانية قراءة سورة مع الحمد أم لا ، وهل يكون الحال كذلك لو لم يتبين بقاء الوقت لأنه قد أدرك الصلاة بإدراك الركعة الأولى أم بين الحالين فرق.

الجواب نعم يجب عليه في الركعة الثانية قراءة السورة مع الحمد ، وكذا لو تبين بقاء الوقت للعلة التي ذكرها في سؤاله أحسن الله إليه.

مسألة (١٥٨)

ما يقول سيدنا في الذكر في الركوع ، هل يتعين فيه « سبحان ربي العظيم وبحمده » وكذلك في السجود « سبحان ربي الأعلى وبحمد » أم لا يتعين ذلك ، وهل يجب ذلك ثلاث مرات أم يكفي المرة الواحدة.

الجواب الأقوى عندي أنه لا يتعين لفظ بل يجزي مطلق الذكر ولا يجب التعدد ، وقد ذكرت في كتاب مختلف الشيعة.

مسألة (١٥٩)

ما يقول سيدنا في من رأى في منامه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أو بعض الأئمة عليهم‌السلام وهو يأمره بشيء أو ينهاه عن شيء ، هل يجب عليه امتثال ما أمر

٩٧

به أو اجتناب ما ينهاه عنه أم لا يجب ذلك مع ما صح عن سيدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال « من رآني في منامه فقد رآني فإن الشيطان لم يتمثل بي » وغير ذلك من الأحاديث المروية عنه « ص » ، وما قولكم لو كان ما أمر به أو نهى عنه على خلاف ما في أيدي الناس من ظاهر الشريعة ، هل بين الحالين فرق أم لا. أفتنا في ذلك مبينا جعل الله كل صعب عليك هينا.

الجواب ما يخالف الظاهر فلا ينبغي المصير اليه ، وأما ما يوافق الظاهر فالأولى المتابعة من غير وجوب ، ورؤيته صلى‌الله‌عليه‌وآله لا يعطي وجوب اتباع المنام.

مسألة (١٦٠)

ما يقول سيدنا في الصلاة المنذورة هل يكون حكمها حكم الصلاة الواجبة الأصلية في وجوب سورة مع الحمد أم يجزي فيه الحمد خاصة.

الجواب نعم يكون حكمها حكم الفريضة في وجوب سورة بعد الحمد.

مسألة (١٦١)

ما يقول سيدنا في رجل طلق زوجته ثلاثا بلفظة واحدة وهو رجل امامي وزوجته شافعية ، فلما أراد مراجعتها منعته من نفسها حتى تنكح زوجا غيره وأرادت مرافقته الى حاكم الجمهور وخشي على نفسه أن يعرف بهذا المذهب فكيف يكون خلاصه من هذا الأمر ، وما قولكم لو انعكس الفرض وكان الزوج شافعيا وزوجته إمامية فطلقها ثلاثا في مجلس واحد ، فهل تحل لها الأزواج لأن الطلاق له ويلزمه حكمه كما جاء في الرواية « ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم » أم كيف يعمل في ذلك.

٩٨

الجواب إذا اختلف مذهب الزوجين في إباحة النكاح وتحريمه بعد الطلاق كان كل واحد منهما مكلفا بما يعتقده ، فان اعتقد الزوج اباحة الوطي كان له إجبارها على التمكين ويجب على المرأة الامتناع منه مع المكنة وبالعكس.

مسألة (١٦٢)

ما يقول سيدنا في التكاليف إذا قام بها المكلف خوفا من عذاب الله تعالى أو رجاء في ثوابه فعندكم أنها لا تصح منه ولا تجزيه لأنه لم يأت على الوجه الذي وجبت لأجله وهو كونها لطفا ومصلحة وكيفية في شكر المنعم ، وهذا الوجه كاف في وجوبها وفي حسنها أيضا ، فلم عللتم حسنها بكونها تعريضا لما لا يحسن الابتداء به من النفع المقارن للتعظيم والتبجيل ، فاذا أتى بها المكلف لهذا الوجه الذي حسنت لأجله لم تصح مع أن هذا هو الأولى ، لأن الباري سبحانه لا ينتفع بعبادتنا وانما النفع عائد إلينا ، وما الفرق بين الوجهين وخاصة على قواعدنا ، فان الواجب يشمل على وجه حسن اقتضى وجوبه ، وما الفرق بين قولهم شكر المنعم وبين قولهم كيفية شكر المنعم. وما فائدة قولهم كيفية. أوضح لعبدك هذا السؤال رزقك الله حسن المآل وكفاك الله وإيانا طوارق الأيام والليال

الجواب إذا كلف الله سبحانه شخصا بشيء فقد أوجب عليه فعل ما فيه مشقة ، وهذا يستلزم أمورا :

أحدها ـ تخصيص الفعل بإيجابه ، إذ لا يحسن إيجاب كل فعل.

الثاني ـ لا بد لذلك التخصيص من سبب ، وهو اشتماله على وجه زائد على حسنه يقتضي إيجابه ، والا لزم الترجيح من غير مرجح.

الثالث ـ حصول غرض لا يصح الابتداء به ليخرج الفعل عن الظلم والعبث.

٩٩

الرابع ـ ان الأفعال الاختيارية الصادرة عن الإنسان انما تتحقق باعتبار العقد ، والدواعي المقتضية لوقوعها على وجه دون وجه.

الخامس ـ ان الطاعات انما تثبت بامتثال الأمر على الوجه المطلوب منه شرعا.

إذا تقررت هذه المقدمات فنقول : المكلف يجب عليه إيقاع الفعل على وجه الطاعات لا لغرض ، سواء من طلب نفع أو دفع ضرر لتحقق الامتثال. وهذا علة الحسن باعتبار المكلف ، وأما باعتبار المكلف فعله الحسن التعريض للثواب الذي لا يحسن الابتداء به ويختاره المكلف في مقابلة المشقة التي لحقته بفعله

مسألة (١٦٣)

ما يقول سيدنا في شخص كتب بخطه الى شخص آخر كتاب يحلف له على أمر من الأمور ولم يتلفظ بذلك وهو قادر على التلفظ ، ثم حنث وخالف مما كتب به خط ، هل يجب عليه كفارة في هذه الصورة أم لا.

الجواب لا يجب عليه كفارة بذلك ما لم يحلف باللفظ ويحنث به.

مسألة (١٦٤)

ما يقول سيدنا في المقلد في الأصول إذا كان لا يجوز له ذلك ولا يصح منه العبادات في تلك الحال ، هل يجب عليه إذا عرف ما يجب معرفته من علم الأصول أن يقضي جميع عباداته التي سلفت من صلاة وصيام وحج وغير ذلك أم لا يجب عليه قضاء شيء من ذلك.

الجواب الأقوى وجوب قضاء عباداته التي أوقعها على غير الوجه المطلوب منه شرعا ، بحيث يعتقد عند أخذ عقائده عن الأدلة والبراهين.

١٠٠