الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٣

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٣

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-171-0
ISBN الدورة:
964-319-168-0

الصفحات: ٤٦٤

كما ذكره المصنف ، وقيل : ظاهر كلام ابن الجنيد أيضا (١) ، وإنّ المرتضى نقل الإجماع على عدم العدول مطلقا (٢) ، ومع ذلك ، المشهور جواز العدول في يوم الجمعة إلى الجمعة والمنافقين ما لم يتجاوز النصف أو لم يبلغه ، كما مرّ.

واشتراط المحقّق الشيخ علي والشهيد الثاني كون الشروع في قراءة التوحيد والجحد نسيانا ، بأن كان قصد المصلّي قراءة الجمعة والمنافقين فقرأهما (٣) ، لعدم دلالة الدليل على أزيد من ذلك ، فلاحظ وتأمّل.

قوله ( وَانْحَرْ ). ( ٤ : ٩٢ ).

وروي عن عليه‌السلام أنّه رفع اليدين عند تكبيرة الافتتاح وغيرها (٤) ، وغير ذلك.

قوله : وفي موثقة سماعة. ( ٤ : ٩٤ ).

يظهر من موثقة سماعة أنّ المراد من الإمام غير إمام الجماعة ، بل الإمام عليه‌السلام أو المنصوب من قبله ونائبه الخاص ، حيث قال للصادق عليه‌السلام : متى يذبح؟ قال : « إذا انصرف الإمام » ، قلت : فإن كنت في أرض ليس فيها إمام فأصلّي بهم جماعة؟ فقال : « إذا استقلّت الشمس » وقال : « لا بأس أن تصلّي وحدك ، ولا صلاة إلاّ مع إمام » (٥) ويظهر منها أنّ التنكير والجماعة لا شهادة لهما.

__________________

(١) قاله الشهيد في الذكرى : ١٩٥ ، والسبزواري في الذخيرة : ٢٨٠.

(٢) الانتصار : ٤٤.

(٣) المحقق الكركي في جامع المقاصد ٢ : ٢٨٠ ، الشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٧٠.

(٤) الوسائل ٦ : ٢٦ أبواب تكبيرة الإحرام ب ٩.

(٥) التهذيب ٣ : ٢٨٧ / ٨٦١ ، الوسائل ٧ : ٤٧٤ أبواب صلاة العيد ب ٢٩ ح ٣.

٢٤١

وورد أنّ من لم يخرج إلى الجبّانة فليس عليه صلاة العيد (١) ، وغير ذلك.

وورد في الأخبار أنّه ما من عيد فطر أو أضحى إلاّ ويجدّد فيه بآل محمّد حزنا ، لأنّهم يرون حقّهم في يد غيرهم (٢) ، ويظهر منه أنّ صلاة العيد حقّ الإمام عليه‌السلام ومنصبه ، يفعلها بنفسه أو بنائبه ، فإنّ فعل النائب فعل المنوب عنه ومنصبه وحقّه ، فتأمّل جدّا.

وربما يؤيّده ما ورد من أنّه بعد قتل الحسين نادى [ مناد ] (٣) من بطنان العرش : « أيّتها الأمّة المتحيّرة الضالة بعد نبيها لا وفقكم الله لأضحى ولا فطر » ثم قال الصادق عليه‌السلام : « فلا جرم والله ما وفّقوا ولا يوفّقون حتى يثأر بثأر الحسين عليه‌السلام » (٤).

ويؤيّده ما ورد أنّ الإمام عليه‌السلام عليه أن يخرج المحبوسين في السجن وبعد الصلاة يدخلهم فيه ، ويوكّل عليهم فيما بين (٥).

( ويدل صريحا على أنّ هذه الصلاة منصب الإمام ، وصلاة الجمعة أيضا ما في دعاء الصحيفة السجادية : « اللهمّ إنّ هذا المقام لخلفائك » (٦) إلى آخره ) (٧).

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٨٥ / ٨٥١ ، الاستبصار ١ : ٤٤٥ / ١٧٢٠ ، الوسائل ٧ : ٤٢٣ أبواب صلاة العيد ب ٢ ح ٩.

(٢) الوسائل ٧ : ٤٧٥ أبواب صلاة العيد ب ٣١ ح ١.

(٣) ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(٤) الكافي ٤ : ١٧٠ / ٣ ، الوسائل ١٠ : ٢٩٥ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٣ ح ٢.

(٥) التهذيب ٣ : ٢٨٥ / ٨٥٢ ، الوسائل ٧ : ٣٤٠ أبواب صلاة الجمعة ب ٢١ ح ١.

(٦) الصحيفة السجادية : الدعاء ٤٨.

(٧) ما بين القوسين ليس في « ا ».

٢٤٢

قوله : فكلام ظاهري. ( ٤ : ٩٥ ).

لا يخفى أنّ هذا الكلام من الشارح في غاية الحزازة ، لأنّ الشهيد رحمه‌الله في مقام إتيان العلّة لعدم قول أحد باعتبار الفقيه في العيدين مع اعتبار بعضهم ذلك في الجمعة ، مع أنّ الجمعة والعيدين حكمهما واحد عندهم إلاّ فيما شذّ ، والعلّة التي اقتضت اعتبار الفقيه مشتركة بينهما من دون تفاوت ، والنكتة التي ذكرها في غاية الوجاهة ، لأنّ الفقهاء متفقون على نفي الوجوب العيني في الجمعة ، كما هو المعروف بينهم إلى مثل زمان الشارح رحمه‌الله والمناقشة إنّما صدرت من الشارح ومن بعده ، حتى أنّ صدورها من الشهيد الثاني أيضا محلّ تأمّل على ما عرفت ، وعلى تقدير صدورها عنه أيضا فإنّما صدرت في وقت تأليف الرسالة لا في أوقات تأليفه تصنيفاته المشهورة المعروفة عنه ، فإنّه في تلك الأوقات كان موافقا لباقي الفقهاء.

وعلى فرض أن يكون في وقت الإتيان بهذه النكتة متأمّلا غير موافق لسائر الفقهاء معلوم أنّه في مقام الإتيان بالنكتة لفعل الفقهاء ، ولا شبهة في أنّ من اعتبر الفقيه فإنّما اعتبره في الوجوب التخييري لا العيني ، بل العيني منصب الإمام ونائبه الخاصّ ، ولا شبهة في أنّ العيدين عندهم ليست بواجبة لا عينا ولا تخييرا.

أو بناء سرّه على أنّ الجمعة والعيدين حكمهما واحد عندهم ، وأنّ المقتضي لنفي العينية في الجمعة مشترك بينها وبين والعيدين ، وهو ما ذكر ، مضافا إلى الإجماع والأخبار على كون الصلاة منصب الإمام عليه‌السلام إذا وقعت على سبيل الوجوب العيني. ولا شكّ في أنّ الدليل إذا اقتضى تغيّر الحكم فيهما يكون الأمر على ما ذكره الشارح رحمه‌الله إلاّ أنّه ظاهر عدم اقتضائه‌

٢٤٣

التغيّر ، بل الظاهر أنّ مقتضاه فيهما واحد ، ولذا بنى الشارح (١) على اتحاد حكمهما ، بل عينية الوجوب في هذه الصلاة أخفى ، ولذا يظهر من الشارح ـ رحمه‌الله ـ تأمّل ما في وجوب هذه الصلاة بخلاف الجمعة ، فإنّه في غاية الإصرار والتشديد

على الوجوب العيني ، فتأمّل.

قوله : وهو غير متحقّق هنا. ( ٤ : ٩٥ ).

إن بنى على أنّ القطع لا يحصل له فلا وجه للقدح في الإجماع ، إذ لعله يحصل القطع لغيره ، بل لا تأمّل في الحصول ، سيّما مع أنّ الغير جمع كثير من الفقهاء الفحول الماهرين المتتبّعين المطّلعين قريبي العهد بصاحب الشرع والحاضرين.

وإن بنى على أنّ العلم بدخول قول المعصوم عليه‌السلام غير ممكن في هذه الأزمان ، والوصول إلينا من زمان المعصوم عليه‌السلام يخرج الخبر عن المسند ويرسله ، كما صرّح به (٢) ، فقد مرّ الجواب عنه بأنّ المراد من العلم بدخول قوله موافقة قوله لأقوالهم ، وهذا ممكن يتيسّر في جميع الأزمان ، كما هو الحال في ضروريات الدين والمذهب والإجماعات التي تمسّك بها الشارح رحمه‌الله غير مرّة ، ويتمسّك أيضا ، بل لا يحصى من الكثرة ، وأنا أتعجّب كيف حصل في هذا الأزمان ولا يمكن حصوله لهؤلاء الفحول المطّلعين؟ بل مرّ منه أنّ فتاوى الأصحاب تكفي للحكم الشرعي منه في نجاسة المني (٣) وغير ذلك.

قوله : والظاهر الاكتفاء فيه بالخمسة. ( ٤ : ٩٥ ).

__________________

(١) في « ب » و « ج » و « د » : الشارع.

(٢) المدارك ١ : ٢٧٥.

(٣) المدارك ٢ : ٢٦٦.

٢٤٤

للجواز لا للوجوب ، لأنّ كلمة « أو » يمنع من ذلك ، فيكون حالها حال صلاة الجمعة على حسب ما مرّ.

قوله : لصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام. ( ٤ : ٩٥ ).

في آخر هذه الصحيحة بعد ما ذكره الشارح قال عليه‌السلام : « القنوت في الركعة الثانية » (١) فتأمّل فيه.

قوله : وهما لا يدلان على المنع. ( ٤ : ٩٦ ).

الشارح ربما يستدل بالدليل الأوّل ، ومرّ وجهه مرارا.

قوله : حيث أطلق مساواتها للجمعة في الشرائط. ( ٤ : ٩٦ ).

ويدل على ذلك ما ورد في أخبار كثيرة ، منها : أنّ الخطبة بعد الصلاة في مقام بيان كيفية صلاة العيد ، مثل صحيحة ابن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام ، في صلاة العيد ، قال : « قبل الخطبة ، والتكبير بعد القراءة » (٢). الحديث.

وصحيحة معاوية ، قال : سألته عن صلاة العيدين ، فقال : « ركعتان » إلى قوله : « والخطبة بعد الصلاة » (٣). الحديث.

ورواية سليمان بن خالد عن الصادق عليه‌السلام في صلاة العيدين ، قال : « كبّر ستة تكبيرات » إلى أن قال : « والخطبة بعد الصلاة » (٤) إلى غير ذلك من الأخبار ، منها : صحيحة يعقوب بن يقطين الآتية في بحث القنوت (٥)

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٣١ / ١٤٨٩ ، الوسائل ٧ : ٤٨٢ أبواب صلاة العيد ب ٣٩ ح ١ ، بتفاوت.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٨٧ / ٨٦٠ ، الوسائل ٧ : ٤٣٥ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٥.

(٣) الكافي ٣ : ٤٦٠ / ٣ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ / ٢٧٨ ، الوسائل ٧ : ٤٣٤ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٢.

(٤) التهذيب ٣ : ١٣٠ / ٢٨١ ، الاستبصار ١ : ٤٤٨ / ١٧٣٥ ، الوسائل ٧ : ٤٣٦ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٩.

(٥) المدارك ٤ : ١٠٣.

٢٤٥

وغيرها.

ويدل أيضا صحيحة زرارة الآتية عند قول المصنف رحمه‌الله : ولو فاتت لم تقض (١) ، فلاحظ.

وأيضا لا تأمّل في أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغيره من الخلفاء ، ومنهم أمير المؤمنين والحسن عليهما‌السلام كانوا يأتون بالخطبة بعد الصلاة ، ولذا ورد أنّ أوّل من قدّمها عليها عثمان (٢) ، لا أنّه أحدثه فيها ، مع أنّ الإجماع على عدم الإحداث ، وكونها مشروعة وموظفة بعدها ممّا لا تأمّل فيه ، فالصلاة بغير خطبة ممّا لم يعهد فعله من الشارع ، والصلاة وظيفة شرعية ، فيجب التأسي فيها والاقتصار فيها على ما عهد من الشرع ، كما مرّ عن الشارح رحمه‌الله نظير ذلك مرارا ، فلاحظ وتأمّل.

مع أنّ كون الصلاة اسما لمجرّد الأركان محلّ نظر ، بل ربما كان اسما للمستجمع لشرائط الصحة ، كما عليه بعض الفقهاء (٣) ، بل هو أظهر بالنظر إلى الدليل ، كما حقّق في محلّه.

قوله : ولا يجب استماعهما إجماعا. ( ٤ : ٩٦ ).

هذا الإجماع موقوف على الثبوت ، ومع ذلك دلالة عدم وجوب الاستماع على عدم الشرطية محلّ تأمّل ، ألا ترى أنّ جمعا من الأصحاب قالوا بعدم وجوب استماع خطبة الجمعة (٤)؟ مع أنّ اشتراطها من‌

__________________

(١) المدارك ٤ : ١٠١.

(٢) الكافي ٣ : ٤٦٠ / ٣ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ / ٢٧٨ ، المقنعة : ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ، الوسائل ٧ : ٤٤٠ أبواب صلاة العيد ب ١١ ح ١ ، ٢.

(٣) منهم العلاّمة في القواعد ٢ : ١٣٦ ، وفخر المحققين في إيضاح الفوائد ٤ : ٣٨.

(٤) منهم المحقق في المعتبر ٢ : ٢٩٤ ، والعلاّمة في تبصرة المتعلمين : ٣١ ، والمحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٣٨٤.

٢٤٦

ضروريات الدين ، فتأمّل.

قوله : لانتفاء ما يدل على العموم في من تجب عليه. ( ٤ : ٩٦ ).

لا يخفى أنّه ورد في الأخبار أنّ صلاة العيدين فريضة ، منها صحيحة جميل الآتية (١).

قوله : أي لا صلاة واجبة. ( ٤ : ٩٩ ).

يمكن أن يكون المراد : بحسب نفس الأمر وتقدير الشارع لا صلاة (٢) إلاّ مع الإمام ، وأمّا مع خفاء الإمام وعدم بسط يده وعدم تمكن الشيعة من الصلاة معه أو مع من نصبه تجوز الصلاة وحده وتكون مأمورا بها ، إلاّ أنّ الإجماع الذي ادعوه وما أشرنا إليه مما يشهد على كونه حقا يدل على الندب ، فتأمّل جدّا.

قوله (٣) : أذانهما طلوع الشمس ». ( ٤ : ٩٩ ).

وجه الدلالة أنّ الأذان إعلام وقت الصلاة ، مع أنّ الخروج مستحب ، فتدل على جواز الصلاة لو لم يخرجوا.

قوله : إلاّ إذا وصل في حال الخطبة. ( ٤ : ١٠١ ).

روى الشيخ في الصحيح عن زرارة عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : أدركت الإمام على الخطبة ، قال : « تجلس حتى تفرغ ثم تقوم وتصلّي » قلت : القضاء أوّل صلاتي أو آخرها؟ قال : « لا بل أوّلها ، وليس ذلك إلاّ في هذه الصلاة » قلت : فما أدركت مع الإمام من الفريضة وما قضيت ، قال : « أمّا‌

__________________

(١) انظر المدارك ٤ : ١٠٤.

(٢) في « ج » و « د » زيادة : صحيحة.

(٣) هذه التعليقة ليست في « أ ».

٢٤٧

ما أدركت من الفريضة فهو أوّل صلاتك ، وما قضيت فآخرها » (١).

وهذه الرواية تدل على قضاء هذه الصلاة على من أدرك الخطبة وكون الخطبة آخر الصلاة أدركها أداء ، والقضاء أوّلها وهو نفس الصلاة ، وتدل على وجوب الخطبة بل كونها آخر الصلاة ومن تتمتها ، حتى أنّه لا يجوز الصلاة حتى يفرغ الإمام ، وفيها إشعار بوجوب استماع الخطبة ، فتأمّل.

قوله : وظاهر الأمر. ( ٤ : ١٠٤ ).

وفي الفقيه عن علل الفضل ، عن الرضا عليه‌السلام ما يدل على وجوب التكبيرات وكونها اثنتي عشرة (٢).

قوله : وهو حسن. ( ٤ : ١٠٧ ).

لا حسن فيه ، بل لا معنى لما ذكره ، لأنّ ذكر ابن بابويه في كتابه وعمله به لا يقتضي عدم الموافقة للعامة ، لأنّه رحمه‌الله أورد كثيرا من الأخبار الموافقة لهم ، وعمل بها لاعتقاده بصحتها ، بل غالب ما حمله الشارح وغيره على التقيّة ليس ممّا اتفق عليه ، ومرّ الكلام في ذلك في بحث الجهر والإخفات في قراءة الصلاة (٣).

قوله : للأمر به. ( ٤ : ١٠٧ ).

رواية يعقوب مع صحتها دلالتها واضحة ، وليست منحصرة في الأمر ، فإنّه قال : سألت الكاظم عليه‌السلام عن التكبير في العيدين ، أقبل القراءة أم بعدها؟ وكم عدد التكبير في الاولى والثانية والدعاء بينها؟ وهل فيها قنوت‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٣٦ / ٣٠١ ، الوسائل ٧ : ٤٢٥ أبواب صلاة العيد ب ٤ ح ١.

(٢) الفقيه ١ : ٣٣٠ / ١٤٨٨ ، الوسائل ٧ : ٤٣٣ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١.

(٣) راجع ص ٥٢ ـ ٥٨.

٢٤٨

أم لا؟ فقال تكبير العيدين للصلاة قبل الخطبة يكبّر [ تكبيرة ] يفتتح بها ، ثم يقرأ ويكبّر خمسا ويدعو بينها ، ثم يكبّر اخرى يركع بها ، ثم يكبّر في الثانية خمسا يقوم ويقرأ ، ثم يكبّر أربعا ويدعو بينهنّ ، ثم يكبّر الخامسة (١). فالدلالة فيها من وجوه متعدّدة ، منها الأمر ، ومنها أنّه سئل أنّه هل فيها قنوت أم لا؟ فأجاب : نعم ، والظاهر أنّ مراده بعنوان الوجوب ، كما هو الظاهر من السياق ، ومنها ذكرها على نهج الواجبات الأخر.

ويدل على الوجوب رواية علي بن أبي حمزة عن الصادق عليه‌السلام ، وادعى الشيخ إجماع الشيعة على العمل بروايته (٢) ـ أنّه سأله عن صلاة العيدين ، قال : يكبّر ثم يقرأ ، ثم يكبّر خمسا ، فيقنت بين كلّ تكبيرتين ، ثم يكبّر السابعة فيركع بها ، ثم يقوم ويقرأ ويكبّر أربعا ، فيقنت بين كلّ تكبيرتين (٣). وفيها الدلالة من جهتين : من الأمر ومن الذكر في مقام بيان الصلاة للسائل الذي سأل عن البيان. وكذا الحال في رواية إسماعيل بن جابر.

ويدل أيضا رواية بشير بن سعيد عن الصادق عليه‌السلام ، قال : « تقول في دعاء العيدين بين كل تكبيرتين : الله ربي. » (٤) ويدل أيضا روايات كثيرة سنذكرها في بحث عدد القنوت ، فلاحظ.

قوله : لا تنهضان حجّة في إثبات حكم مخالف للأصل. ( ٤ : ١٠٧ ).

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٣٢ / ٢٨٧ ، الاستبصار ١ : ٤٤٩ / ١٧٣٧ ، الوسائل ٧ : ٤٣٥ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٨ ، بتفاوت.

(٢) انظر العدّة ١ : ٣٨١.

(٣) الكافي ٣ : ٤٦٠ / ٥ ، التهذيب ٣ : ١٣٠ / ٢٧٩ ، الاستبصار ١ : ٤٤٨ / ١٧٣٤ ، الوسائل ٧ : ٤٣٤ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٣.

(٤) التهذيب ٣ : ٢٨٦ / ٨٥٦ ، الوسائل ٧ : ٤٦٩ أبواب صلاة العيد ب ٢٦ ح ٤.

٢٤٩

قد عرفت أنّ الروايات كثيرة في غاية الكثرة ، وبعضها صحيح ، والدلالة واضحة متأكّدة ، مع أنّ الأمر وما في معناه حقيقة في الوجوب مسلّم عند المحققين ، ومنهم الشارح رحمه‌الله فإنّه كثيرا ما يستدل بالجملة الخبرية على الوجوب ، ويستدل أيضا بالذكر في مقام البيان عليه ، ويستدل أيضا بالسياق ومقتضاه.

قوله : بعدّة أخبار واردة في مقام البيان. ( ٤ : ١٠٧ ).

لم نجد ما ذكره سوى رواية معاوية ( بن وهب (١) (٢) وهي مع الإضمار ، في سندها محمد بن عيسى عن يونس ، والشارح رحمه‌الله كثيرا ما يطعن من جهته (٣) ، ومع ذلك تتضمّن ذكر مستحبات كثيرة ، فليست مقصورة في بيان الواجبات ، ولا شكّ في كون القنوت من الراجحات المؤكّدة ، فربما ترك ذكر القنوت ، لغاية وضوح كون التكبيرات تكبيرات القنوت ، وأنّ المعهود المعروف ذكر القنوت بينها ، كما يشهد عليه صحيحة ابن مسلم (٤) التي سيذكرها الشارح رحمه‌الله والشهادة ظاهرة على الفطن.

مع أنّ في رواية معاوية : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صنع كذلك ، وغير خفي أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما كان يترك القنوت ، وما كان يكبّر ولاء ، وهذا ينادي إلى ما ذكرناه.

نعم في رواية سليمان بن خالد عن الصادق عليه‌السلام في صلاة العيدين ، قال : « كبّر ستّ تكبيرات واركع بالسابعة ، ثم قم في الثانية ، فاقرأ ثم كبّر‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٦٠ / ٣ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ / ٢٧٨ ، الاستبصار ١ : ٤٤٨ / ١٧٣٣ ، الوسائل ٧ : ٤٣٤ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٢.

(٢) ما بين القوسين ليس في « أ » والمصادر ، وفي الوسائل : معاوية يعني ابن عمّار.

(٣) انظر المدارك ١ : ١١١ ، ٢ : ١٦٩ ، ٣ : ٣٥٠ ، ٦ : ٩٦.

(٤) المدارك ٤ : ١٠٨.

٢٥٠

أربعا ، واركع بالخامسة » (١) لكنّها ضعيفة السند وضعيفة الدلالة أيضا ، إذ ظاهر أنّها ليست في مقام بيان جميع ما هو واجب فيها ، وما بيّن المعصوم عليه‌السلام جميعها ، فظهر أنّ السؤال كان عن أمر خاصّ ، ولذا قال عليه‌السلام ـ بعد ما ذكرنا ـ : « والخطبة بعد الصلاة » هذا مضافا إلى ما ذكرناه في رواية معاوية.

وممّا ذكر ظهر حال صحيحة ابن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام أيضا في صلاة العيدين ، قال : « الصلاة قبل الخطبتين ، والتكبير بعد القراءة ، سبع في الأولى ، وخمس في الأخيرة ، وكان أوّل من أحدثها بعد الخطبة عثمان » الحديث (٢) ، إذ يظهر من الجواب أنّ السؤال كان عن الأمور المذكورة خاصّة لا عن مجموع الماهية ، هذا مضافا إلى ما ذكرنا ، والروايات التي ذكرها الشارح منحصرة في ما ذكرنا ، وعلمت حال الكلّ ، وأنّها أضعف ممّا دلّ على وجوب القنوت ، فكيف تقاومه؟ مع أنّ أكثرية الفتوى أيضا ربما يؤيّد ، بل المخالف نادر جدّا ، فتأمّل.

قوله : لصحة مستنده. ( ٤ : ١٠٨ ).

لكن تضمّنها لذكر الأشباه يفيد عدم التفاوت بينها وبين ما تتضمّنه رواية إسماعيل ، فلا وجه لما ذكره من أنّ العمل على الأوّل.

قوله : لأنّه إذا كانت التكبيرات أربعا. ( ٤ : ١٠٩ ).

في الفقه الرضوي : « وتكبّر في الركعة الأولى بسبع تكبيرات ، وفي الثانية خمس تكبيرات تقنت بين كل تكبيرتين » (٣).

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٣٠ / ٢٨١ ، الاستبصار ١ : ٤٤٨ / ١٧٣٥ ، الوسائل ٧ : ٤٣٦ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٩.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٧٨ / ٨٦٠ ، الوسائل ٧ : ٤٤١ أبواب صلاة العيد ب ١١ ح ٢.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٣١ ، المستدرك ٦ : ١٢٦ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ٤.

٢٥١

وفي الرواية التي هي سند القنوت المشهور المعروف عن محمد بن عيسى بن أبي منصور ، عن الصادق عليه‌السلام ، قال : « تقول بين كلّ تكبيرتين في صلاة العيدين : اللهمّ أهل الكبرياء والعظمة. » (١) وهذه مطلقة تشمل كلّ تكبيرتين ، ومثلها رواية جابر عن الباقر عليه‌السلام (٢) ، وكذا رواية بشير بن سعيد عن الصادق عليه‌السلام (٣) ، وكذا صحيحة (٤) محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام (٥).

ورواية محمد بن الفضيل عن أبي الصباح (٦) صريحة في كون القنوت في الأولى خمسة ، كلّ واحد بين كلّ تكبيرتين ، وفي الثانية أربعة ، وصريحة على الظاهر في عدم كون القنوت في الثانية ثلاثة بل أزيد ، وإن كانت ربما يتراءى دلالتها على مذهب ابن الجنيد (٧) ، لكنّه ليس كذلك ، بل ليس فيها إلاّ التقديم الذكري ، وبلفظ واو ، وهو لا يفيد الترتيب ، بل يفيد الجمعية فقط ، فلاحظ وتأمّل ، مع أنّ الشارح ربما لا يحمل مثلها على التقيّة ، بل يقول بكونه حقّا.

والروايات التي ذكرها الشارح رحمه‌الله ظاهرة في ما ذكره ، والظاهر لا يعارض الصريح ، بل ولا الظاهر الذي موافق لفتوى المعظم ، لصيرورته بذلك أقوى ، فيمكن حمل ما ذكرها على أنّ المراد من كلمة « بين » معنى :

__________________

(١) التهذيب ٣ : ١٣٩ / ٣١٤ ، الوسائل ٧ : ٤٦٨ أبواب صلاة العيد ب ٢٦ ح ٢.

(٢) التهذيب ٣ : ١٤٠ / ٣١٥ ، الوسائل ٧ : ٤٦٨ أبواب صلاة العيد ب ٢٦ ح ٣.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٨٦ / ٨٥٦ ، الوسائل ٧ : ٤٦٩ أبواب صلاة العيد ب ٢٦ ح ٤.

(٤) في « ج » و « د » : رواية.

(٥) التهذيب ٣ : ٢٨٨ / ٨٦٣ ، الوسائل ٧ : ٤٦٧ أبواب صلاة العيد ب ٢٦ ح ١.

(٦) التهذيب ٣ : ١٣٢ / ٢٩٠ ، الاستبصار ١ : ٤٥٠ / ١٧٤٣ ، الوسائل ٧ : ٤٦٩ أبواب صلاة العيد ب ٢٦ ح ٥.

(٧) حكاه عنه في الذكرى : ٢٤١.

٢٥٢

مع ، أو : بعد ، أو يكون الضمير في « بينهنّ » راجعا إلى مجموع التكبيرات ، وذلك لأنّه لمّا كان في شرف البينونة ويصير في المآل بينا ووسطا أطلق عليه لفظ البين ، فتأمّل.

وربما كان الظاهر من التكبيرتين هو المتواصلتين ، سيّما بضميمة الإجماع على عدم كون القنوت في الأولى ستّا ، وأنّه يظهر من الأخبار أنّ القنوت بعد القراءة وتكبيرة له ، وأنّها من آدابه وأحكامه ، فتدبّر.

( وفي دعائم الإسلام عن الصادق عليه‌السلام : وصلاة العيد ركعتان يبدأ بتكبيرة يفتتح بها ، ثمّ يقرأ فاتحة الكتاب والشمس وضحيها ، ويكبّر خمس تكبيرات ، ثمّ يكبّر للركوع ـ إلى أن قال ـ : ويتشهّد ويسلّم ويقنت بين كلّ تكبيرتين قنوتا خفيفا (١).

وفي علل الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام : « فإن قال : فلم جعل اثنتا عشرة تكبيرة؟ قيل : لأنّه يكون في الركعتين اثنتا عشرة تكبيرة ، فإن قال : فلم جعل في الأولى سبع وفي الثانية خمس ولم يسو بينهما؟ قيل : لأنّ السنّة في الفريضة أن يفتتح بسبع تكبيرات ، فلذا بدأ هنا بسبع تكبيرات وجعل في الثانية خمس تكبيرات ، لأنّ التحريم من التكبير في اليوم والليلة خمس تكبيرات » (٢) الحديث ، فلاحظ علل الصدوق ) (٣).

قوله : لأنّها ليست أركانا. ( ٤ : ١٠٩ ).

لم نجد دليلا على عدم الركنية ، مع أنّ الأصل في أجزاء العبادات‌

__________________

(١) دعائم الإسلام ١ : ١٨٦ ، المستدرك ٦ : ١٢٥ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ٣.

(٢) علل الشرائع : ٢٧٠ ، عيون الأخبار ٢ : ١١٤ ، الوسائل ٧ : ٤٣٣ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ١.

(٣) ما بين القوسين ليس في « ا ».

٢٥٣

الركنية ، لأنّ مع ترك الجزء لا يكون المكلّف آتيا بالمأمور به على وجهه ، فلا يكون ممتثلا ، لأنّ الامتثال هو الإتيان بما أمر به ، ومع الترك لا يكون ما بقي عين ما أمر به جزما ، ولم يرد أمر آخر بالنسبة إلى ما بقي.

وأمّا عموم قوله عليه‌السلام [ فهو ] (١) فرع ظهور الشمول لمثل هذه الصلاة ، وهو محلّ تأمّل ، والشارح رحمه‌الله كثيرا ما يقول : الإطلاق ينصرف إلى الفرائض اليومية ، فتأمّل.

قوله : إلاّ مكّة زادها الله شرفا. ( ٤ : ١١١ ).

ليس طريقة الشارح رحمه‌الله العمل بالخبر الضعيف ، سيّما مع معارضته للصحاح الكثيرة ، فضلا عن أن يقدّم عليها ، والحق التخصيص ، لانجباره بعمل الأصحاب.

قوله : وهذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب. ( ٤ : ١١٣ ـ ١١٤ ).

والصدوق في أماليه نسبه إلى الإمامية بأنّ السنّة جرت كذلك (٢).

قوله : لمن كان به علّة. ( ٤ : ١١٤ ).

وإن ورد بالإفطار بها بعض الأخبار (٣) ، لضعف السند ، وعدم الانجبار ، بل الشذوذ ، فتأمّل.

قوله : صلاة الظهرين. ( ٤ : ١١٥ ).

روى في الفقيه رواية سعيد النقّاش ، ثم قال : وفي غير رواية سعيد : « وفي صلاة الظهر والعصر » (٤).

__________________

(١) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.

(٢) أمالي الصدوق : ٥١٧ ، ٥١٨.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢١٠ ، المستدرك ٦ : ١٣٠ أبواب صلاة العيد ب ١٠ ح ٢.

(٤) الفقيه ٢ : ١٠٨ / ٤٦٤ ، الوسائل ٧ : ٤٥٦ أبواب صلاة العيد ب ٢٠ ح ٣.

٢٥٤

قوله : وإن ضعف سندها. ( ٤ : ١١٥ ).

والصدوق في العيون روى بطريق معتبر أنّ ممّا كتب الرضا عليه‌السلام للمأمون من محض الإسلام : والتكبير في العيدين واجب في الفطر عقيب خمس صلوات أوّلها المغرب ، وفي الأضحى عقيب عشرة صلوات بغير منى ، وخمس عشر بمنى (١) ، وما كتب من محض الإسلام كلّها على وفق مذهب الشيعة.

ومع ذلك يشكل إثبات الوجوب من جهة السند والدلالة أيضا ، لعدم ثبوت الحقيقة الشرعية في مثل لفظ الوجوب ، ومن حيث المعارضة لرواية سعيد النقاش ، بل هي أقوى دلالة على الاستحباب ، كما قاله الشارح رحمه‌الله ومن جهة أنّه لو كان واجبا لشاع وذاع ، لعموم البلوى بمقتضى العادة لا أن يكون الأمر بالعكس ، حتى أنّ الصدوق رحمه‌الله يظهر من كلامه في أماليه أنّ الإمامية مجمعة على الاستحباب ، لأنّه قال : من دين الإمامية أنّه جرت السنّة في الإفطار يوم النحر بعد الرجوع من الصلاة ، وفي الفطر قبل الخروج إليها ، والتكبير في أيّام التشريق بمنى (٢). إلى آخر ما قال ، ولا يخفى الظهور في الاستحباب.

وروى في التهذيب عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه‌السلام ، قال : سألته عن التكبير أيام التشريق أواجب أم لا؟ قال : « يستحب ، وإن نسي فلا شي‌ء عليه » (٣) قال : سألته : وهل النساء عليهنّ تكبير أيّام التشريق؟

__________________

(١) عيون الأخبار ٢ : ١٢٤ ، تحف العقول : ٣١٥ ، الوسائل ٧ : ٤٥٦ أبواب صلاة العيد ب ٢٠ ح ٥.

(٢) أمالي الصدوق : ٥١٨.

(٣) التهذيب ٥ : ٤٨٨ / ١٧٤٥ ، الوسائل ٧ : ٤٦١ أبواب صلاة العيد ب ٢١ ح ١٠.

٢٥٥

قال : « نعم ولا يجهرن » (١) وهذا الخبر في غاية الوضوح في عدم الوجوب ، مع موافقته للمشهور وما ذكرناه.

قوله (٢) : فلقوله في صحيحة زرارة. ( ٤ : ١١٧ ).

لا يخفى أنّ ظاهرها عدم المشروعية وعدم الجواز ، كما نقل عن أبي الصلاح وابن حمزة وابن البرّاج (٣) ، ويدل عليه أيضا صحيحة زرارة ـ المروية في التهذيب في باب المواقيت ، وقيل باب الأذان والإقامة ـ عن الباقر عليه‌السلام : « لا تقض وتر ليلتك إن فاتك حتى تصلّي الزوال يوم العيدين » (٤).

وفي رواية أخرى ضعيفة عن زرارة عنه عليه‌السلام : « إنّ صلاة العيدين مع الإمام سنّة ليس قبلها ولا بعدها صلاة ذلك اليوم إلى الزوال ، وإن فاتك الوتر في ليلتك قضيته بعد الزوال » (٥).

وفي صحيحة ابن سنان : « صلاة العيد ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شي‌ء » (٦) الحديث. ولعل المراد : شي‌ء من الصلاة بملاحظة الأخبار والفتاوى ، سيّما مثل ما رواه في ثواب الأعمال بسنده إلى الحلبي أنّه سأل الصادق عليه‌السلام عن صلاة العيدين ، هل قبلهما صلاة أم بعدهما؟ قال : « ليس قبلهما ولا بعدهما شي‌ء » (٧) ويحتمل اتحاد هذه الرواية مع صحيحة ابن‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٤٨٨ / ١٧٤٥ ، الوسائل ٧ : ٤٦٣ أبواب صلاة العيد ب ٢٢ ح ١.

(٢) هذه التعليقة والتي بعدها ليست في « ا ».

(٣) نقله عنهم الشهيد في الذكرى : ٢٤٠ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٢٦٣.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٧٤ / ١٠٨٨ ، الوسائل ٧ : ٤٣٠ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ٩.

(٥) التهذيب ٣ : ١٢٩ / ٢٧٧ ، الوسائل ٧ : ٤٢٠ أبواب صلاة العيد ب ١ ح ٣.

(٦) التهذيب ٣ : ١٢٨ / ٢٧١ ، الاستبصار ١ : ٤٤٦ / ١٧٢٢ ، الوسائل ٧ : ٤٢٩ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ٧.

(٧) ثواب الأعمال : ٧٨ ، الوسائل ٧ : ٤٢٩ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ٦.

٢٥٦

سنان ، لأنّ هذه الرواية عن عبد الله بن سنان عن الحلبي عن الصادق عليه‌السلام ، فلعل في الصحيحة سقط لفظ ( عن الحلبي ) سهوا [ إذ ] (١) يبعد كون عبد الله يروي بغير واسطة أيضا ولا يذكر في الرواية الأخرى ، أو بواسطة ولا يذكر في الآخرى مع اتحاد الحكم.

وفي الكتاب المذكور أيضا روى في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن الصادق عليه‌السلام : « وصلاة العيدين ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شي‌ء » (٢).

وفي الصحيح أيضا عن ابن مسلم عن الصادق عليه‌السلام : « إنّ صلاة العيدين ليس فيها أذان ولا إقامة ، وليس قبل الركعتين ولا بعدهما صلاة » (٣).

وفي الصحيح عن زرارة عن الباقر عليه‌السلام : « أنّه « ليس يوم الفطر ولا يوم الأضحى أذان ولا إقامة ، أذانهما طلوع الشمس ، إذا طلعت خرجوا ، وليس قبلهما ولا بعدهما صلاة ، ومن لم يصلّ مع إمام في جماعة فلا صلاة له ولا قضاء عليه » (٤).

قوله : عن أبي عبد الله عليه‌السلام. ( ٤ : ١١٩ ).

وفي دعائم الإسلام أيضا روي هكذا (٥) ، وظهور الكلّ في الاختصاص ظاهر بلا شبهة.

قوله : بأنّ دليل الحضور فيهما قطعي. ( ٤ : ١٢٠ ).

لا يخفى أنّه قطعي السند لا الدلالة ، لأنّ دلالة العموم ظنّية ، فيكافئها‌

__________________

(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ : أما ، والأنسب ما أثبتناه.

(٢) ثواب الأعمال : ٧٨ ، الوسائل ٧ : ٤٢٩ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ٧.

(٣) ثواب الأعمال : ٧٨ ، الوسائل ٧ : ٤٢٨ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ٤.

(٤) الكافي ٣ : ٥٩ / ١ ، التهذيب ٣ : ١٢٩ / ٢٧٦ ، الوسائل ٧ : ٤٢٩ أبواب صلاة العيد ب ٧ ح ٥.

(٥) دعائم الإسلام ١ : ١٨٧ ، المستدرك ٦ : ١٣٢ أبواب صلاة العيد ب ١٢ ح ٢.

٢٥٧

الخبر المعمول به عند الأصحاب ، سيّما إذا كان صحيحا ومتأيّدا بغيره من الأخبار ، وكذا ظاهر الكتاب وما وافقه من الأخبار.

قوله : « قبل الخطبتين ». ( ٤ : ١٢٠ ).

الظاهر سقوط عبارة : والتكبير.

قوله : وادعى عليه الإجماع. ( ٤ : ١٢١ ).

مرّ في بحث شرائط الجمعة أنّ الشيخ يقول بكون الخطبتين شرطا في صلاة العيد ، وأنّ هذا ظاهر كلام المصنّف رحمه‌الله أيضا ، ومرّ كلامنا في ذلك.

قوله : من الجمل الخبرية. ( ٤ : ١٢١ ).

الشارح رحمه‌الله في غالب المواضع يستدل بالجملة الخبرية على الوجوب ، ولا تأمّل في ظهورها فيه ، كما لا يخفى ، ومرّ في بحث شرائط هذه الصلاة ما ذكرنا ممّا يشهد على الوجوب (١).

قوله : وهو دليل قوي على الاستحباب. ( ٤ : ١٢١ ).

فيه تأمّل قد أشرنا إلى وجهه في بحث الشرائط (٢).

قوله : مشترك بين الثقة والضعيف. ( ٤ : ١٢٣ ).

قد حققنا أنّه مشترك بين الثقتين ، وعلى المشهور مشترك بين الثقة والموثق لا الضعيف ، وقد مرّ الكلام في ذلك (٣).

قوله : لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ( ٤ : ١٢٨ ).

ولقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « فإذا انكسفتا أو واحدة منهما فصلّوا » (٤).

__________________

(١) راجع ص ٢٤٥ و ٢٤٦.

(٢) راجع ص ٢٤٦.

(٣) انظر ص ١١٩ وج ١ : ٩٦ ، وج ٢ : ١١٤.

(٤) الكافي ٣ : ٤٦٣ / ١ ، التهذيب ٣ : ١٥٤ / ٣٢٩ ، المحاسن : ٣١٣ / ٣١ ، الوسائل ٧ : ٤٨٥ ، أبواب صلاة الكسوف ب ١ ح ١٠.

٢٥٨

قوله : وقول الصادق عليه‌السلام. ( ٤ : ١٢٨ ).

في صحيحة جميل ـ بعد ما ذكره الشارح ـ قال عليه‌السلام : « عند طلوع الشمس وعند غروبها » (١) ، وهذه الأخبار ظاهرة في كون هذه الصلاة موقّتة ، فتأمّل.

قوله : لإطلاق الأمر. ( ٤ : ١٣٠ ).

في التمسّك بالإطلاق تأمّل ظاهر ، وكذا قوله : وعدم. بل المتمسّك ليس إلاّ الاستصحاب ، وهو حجّة ، لكن الشارح رحمه‌الله لمّا لم يقل بحجّيته تمسّك بأمثال ما ذكره ممّا لا شهادة فيه فضلا عن الدلالة.

قوله : إنّما ثبت في اليومية. ( ٤ : ١٣١ ).

الأصحاب رووا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : « من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة » (٢) ومرّ عنه أنّ عمل الطائفة على هذه الروايات (٣) ، إلاّ أن يقول : المتبادر اليومية ، لكن ربما يستدل بأمثالها على العموم ، كما مرّ ويجي‌ء ، فتأمّل.

قوله : كما هو الظاهر. ( ٤ : ١٣١ ).

للأخبار التي مرّت في البحث السابق ، والأخبار التي سيجي‌ء في بحث قضاء هذه الصلوات ، لأنّها تدل على عدم القضاء في بعض الصور والقضاء في بعض آخر ، وكلّ من الحكمين يدل على كونها موقّتة ، لأنّ عدم القضاء صريح ، والقضاء ظاهر بل وصريح أيضا. ولرواية ابن الفضل‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٦٤ / ٤ ، التهذيب ٣ : ٢٩٣ / ٨٨٦ ، الوسائل ٧ : ٤٨٨ أبواب صلاة الكسوف ب ٤ ح ٢.

(٢) الذكرى : ١٢٢ ، الوسائل ٤ : ٢١٨ أبواب المواقيت ب ٣٠ ح ٤.

(٣) المدارك ٣ : ٩٣.

٢٥٩

أنّه كتب إلى الرضا عليه‌السلام : إذا انكسفت الشمس وأنا راكب لا أقدر على النزول؟ فكتب : « صلّ على مركبك » (١) ووجه الدلالة ظاهر. ولما سيذكر الشارح رحمه‌الله من قول المعصوم عليه‌السلام : « كلّ أخاويف السماء. » (٢) ووجه الدلالة سيذكرها أيضا.

قوله (٣) : وعلى الأوّل يثبت التوقيت صريحا. ( ٤ : ١٣٢ ).

لأنّ المعنى أنّ غاية طلب هذه الصلاة وقوع السكون ، فليس بعد ذلك طلب.

واعترض عليه بأنّه يحتمل أن يكون توقيتا لتكرار الصلاة ـ كما في الكسوف ـ لا لأصلها ، بل هو أظهر ، لأنّ الشي‌ء إذا كان غاية لفعل لا بدّ من تكرّره قبل الغاية ، فيصحّ أن يقال : ضربته حتى قتلته ، ولا يقال : ضربت عنقه حتى قتلته (٤). انتهى.

وفيه : أنّ جعله غاية للتكرار يوجب تقدير التكرار ، والأصل عدمه ، ويوجب أيضا كون الأمر على الاستحباب ، لما سيجي‌ء ، وهو أيضا خلاف الأصل ، ويوجب أيضا طلب التكرار في غير الكسوف ، وهو خلاف ما يظهر من الفتاوى والأخبار واستدلالهم بها ، فلاحظ ، بل الظاهر منها كون التكرار في الكسوفين.

وأيضا فرق بين قوله تعالى : ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٦٥ / ٧ ، الفقيه ١ : ٣٤٦ / ١٥٣١ ، التهذيب ٣ : ٢٩١ / ٨٧٨ ، الوسائل ٧ : ٥٠٢ أبواب صلاة الكسوف ب ١١ ح ١.

(٢) الكافي ٣ : ٤٦٤ / ٣ ، الفقيه ١ : ٣٤٦ / ١٥٢٩ ، التهذيب ٣ : ١٥٥ / ٣٣٠ ، الوسائل ٧ : ٤٨٦ أبواب صلاة الكسوف ب ٢ ح ١.

(٣) هذه التعليقة واثنتان بعدها ليست في « ا ».

(٤) بحار الأنوار ٨٨ : ١٥٩.

٢٦٠