الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٢

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٢

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-170-2
ISBN الدورة:
964-319-168-0

الصفحات: ٤٣١

كثرة دفن الموتى ، كما هو المشاهد الآن ، أو للتقية ، ولعله بعيد.

قوله : من قبل رأسه ورجليه. ( ٢ : ١٣٨ ).

الظاهر من الأخبار حلّ جميع العقد ، بل صريح بعض (١).

قوله : وقد يقال : إنّ مخالفة الخبر. ( ٢ : ١٣٩ ).

فيه تأمّل ، وهو رحمه‌الله ربما يطعن في الخبر لمخالفته لما عليه الأصحاب مع أنّ الأصحاب عملوا بالخبر الصحيح ، وغير الصحيح منجبر بعملهم ، وحمل بعض العلماء هذه الرواية على التقية.

قوله : والإفساد غير ضائر. ( ٢ : ١٣٩ ).

هذا مخالف لما ذكره في بحث خروج النجاسة عن الميت بعد الغسل (٢).

قوله : مع إذن الشرع فيه. ( ٢ : ١٣٩ ).

إذا ثبت الإذن فلا كلام ، إنّما الكلام فيه.

قوله : من تربة الحسين عليه‌السلام. ( ٢ : ١٣٩ ).

وفيه دلالة على فضل الدفن في أرض كربلاء مع قطع النظر عن كونه في جواره عليه‌السلام.

قوله : ( ولا يخفى ما فيه ) (٣). ( ٢ : ١٤٠ ).

لا غبار في ما قاله.

قوله : بظهور الأكفّ والترجيع في تلك الحالة ، ولم أقف فيها على أثر. ( ٢ : ١٤ ).

__________________

(١) الوسائل ٣ : ١٧٢ أبواب الدفن ب ١٩.

(٢) المدارك ٢ : ١١٦.

(٣) في المدارك : وفيه ما فيه.

٨١

روى الشيخ بسنده عن محمد بن الأصبغ ، عن بعض أصحابنا ، قال : رأيت أبا الحسن عليه‌السلام وهو في جنازة ، فحثا التراب على القبر بظهر كفّيه (١). وأمّا قول ( إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ ) فلعلّه لقوله تعالى وغيره من العمومات ، مع احتمال خصوص أثر لم نقف ، كما ذكره.

قوله : قدر أربع أصابع. ( ٢ : ١٤٣ ).

يظهر من بعض الأخبار أربع أصابع مضمومة (٢) ، لكن رواية المفرّجات صحيحة ومتعددة (٣) ، على ما هو ببالي.

قوله : « أن لا تنازع ». ( ٢ : ١٤٤ ).

أي في ما ذكرته ، أو في الإمامة بظهور كونك وصيّي.

قوله : والكل حسن. ( ٢ : ١٤٦ ).

إلاّ أنّ عموم ما دل على رجحان استقبال القبلة يرجّح الأوّل.

قوله : وعليه عمل الأصحاب. ( ٢ : ١٥٢ ).

ولأنّ الشيخ سيذكر عنه ورود الرواية بجواز النقل بعد الدفن (٤) ، فقبله بطريق أولى.

قوله : لأنّه مثلة بالميت. ( ٢ : ١٥٣ ).

ولأنّ الدفن واجب اتفاقا ، كما مرّ ، وقد ارتكب الواجب ، والظاهر منه دوام المواراة بعد تحققها ، لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما أمر بالدفن الذي هو مواراته‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣١٨ / ٩٢٥ ، الوسائل ٣ : ١٩١ أبواب الدفن ب ٢٩ ح ٥.

(٢) الكافي ٣ : ١٩٩ / ٢ ، التهذيب ١ : ٣٢٠ / ٩٣٣ ، الوسائل ٣ : ١٩٢ أبواب الدفن ب ٣١ ح ٤.

(٣) انظر الوسائل ٣ : ١٩٢ أبواب الدفن ب ٣١.

(٤) المدارك ٢ : ١٥٤.

٨٢

فغير خفيّ أنّ الظاهر منه دوام المواراة لا كونها أيّاما (١) ، فتأمّل.

قوله : وأمّا عليهما فيجوز. ( ٢ : ١٥٥ ).

يظهر من النصّ ، فإنّ العسكري عليه‌السلام شقّ ثوبه على أبيه ، نقله في الفقيه (٢) وموسى على هارون ، والمعصوم عليه‌السلام احتجّ به على فعله (٣) ، فليلاحظ.

قوله : وهو حسن. ( ٢ : ١٥٨ ).

لا حسن فيه ، لوجود الرواية الموافقة للقاعدة الشرعية ، وهي أن لا تهتك حرمة الميت ، بل ربما يكون أشدّ مثلة.

قوله : وقال ابن بابويه. ( ٢ : ١٥٩ ).

الذي يظهر من كلامه في الأمالي أنّه قائل بالاستحباب (٤) ، ونسبته إلى الإمامية فيه تشعر بعدم قول والده والكليني بالوجوب ، كما نسبه بعض إليهما (٥) ، لأنّ الكليني رحمه‌الله أستاده.

ويؤيّده أيضا أنّ الشيخ رحمه‌الله في الخلاف نقل الإجماع على الاستحباب (٦) ، بل ظاهر كلامه في التهذيب أيضا مشعر بأنّ استحباب غسل الجمعة إجماعي (٧) ، فلاحظ.

مع أنّ عبارته في الفقيه لو بنيت على ثبوت الحقيقة الشرعيّة فلا دلالة‌

__________________

(١) في « أ » و « و» : زمانا.

(٢) الفقيه ١ : ١١١ / ٥١١ ، الوسائل ٣ : ٢٧٤ أبواب الدفن ب ٨٤ ح ٤.

(٣) الوسائل ٣ : ٢٧٣ أبواب الدفن ب ٨٤.

(٤) أمالي الصدوق : ٥١٥.

(٥) نسبه إلى والد الصدوق في المنتهى ١ : ١٢٨ ، وإلى الكليني في الذخيرة : ٦.

(٦) الخلاف ١ : ٢١٩.

(٧) التهذيب ١ : ١١٢.

٨٣

لها على الوجوب ، لاحتمال كون السنّة حقيقة في المعنى المصطلح عليه في زمانه ، بل وظهور ذلك حينئذ ، فيكون ظاهرا في الاستحباب سيّما بعد ملاحظة تقديم لفظ السنّة على الوجوب في قوله : سنّة واجبة.

مع أنّ مراده لو كان الوجوب لم يقيد بالسنّة ، لأنّه يوهم خلاف المقصود على أي حال.

وعلى تقدير عدم ثبوت الحقيقة الشرعية في زمانه فعدم الدلالة ظاهر ، سيّما بعد التقييد والتقديم ، وكون السنّة ظاهرة في القدر المشترك ، فتدبّر.

قوله : إلاّ أن يخاف المسافر. ( ٢ : ١٦٠ ).

ويدل على ذلك مرسلة يونس : « الغسل في سبعة عشر موطنا ، منها الفرض ثلاثة. » (١) مشيرا إلى غسل الجنابة ومسّ الميت والإحرام. والأخيران غير ظاهرين من الكتاب.

وفي عيون الأخبار أيضا أنّه كتب إلى المأمون من محض الإسلام : « وغسل الجمعة سنّة ، وغسل العيدين ودخول مكة والمدينة والزيارة والإحرام ، وأوّل ليلة من شهر رمضان وسبعة عشر وتسعة عشر وإحدى وعشرين وثلاثة وعشرين ، وهذه الأغسال سنّة ، وغسل الجنابة فريضة ، وغسل الحيض مثله » (٢).

ويؤيّده عدم التزام الشيعة في الأعصار والأمصار التزامهم للفريضة ،

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٠٥ / ٢٧١ ، الاستبصار ١ : ٩٨ / ٣١٦ ، الوسائل ٢ : ١٧٤ أبواب الجنابة ب ١ ح ٤.

(٢) عيون أخبار الرضا ٢ : ١٢١ ، الوسائل ٣ : ٣٠٥ أبواب الأغسال المسنونة ، ب ١ ح ٦.

٨٤

وسيّما النساء ، بل وعدم شهرة الفتوى منهم ، بل وشهرة الفتوى بخلافه ، بل وعدم ظهور قائل بالوجوب منهم ، بل وظهور العدم ، ونقلوا الإجماع. مع ورود لفظ الوجوب في أخبار كثيرة غاية الكثرة ، وكثير منها صحاح ومن الأجلّة المشاهير ، سيّما وورد في بعضها الأمر بالإعادة والقضاء والاستغفار (١).

ويؤيّده أيضا رواية علي عن الصادق عليه‌السلام : غسل العيدين أواجب هو؟ فقال : « سنة » فقلت : فالجمعة؟ فقال : « سنة » (٢).

قوله : والمفهوم في اللغة. ( ٢ : ١٦٠ ).

فيه تأمّل ، ولعل مراده أنّ الوجوب يقتضي بظاهره تأديته بعبارة واضحة حتى يفهم منها اللزوم والتشديد فيلتزم ، لا بعبارة هي قدر مشترك بين الوجوب والاستحباب ، فإنّ الظاهر أنّ مثل هذه العبارة يؤدّي الاستحباب ، ولا يكتفى في الوجوب بها.

قوله : إنّما وقع عن تحتم فعله. ( ٢ : ١٦٠ ).

أي بحسب الظاهر لا جزما.

قوله : لا عن مأخذ حكمه. ( ٢ : ١٦٠ ).

ويؤيّده ظهور أنّ في القرآن وظاهره لا مأخذ له أصلا ، فكيف يخفى على مثل هذين الفقيهين الجليلين. مع أنّ تقدير لفظ المأخذ في العبارة خلاف الأصل ، والظاهر ، والمتعارف السؤال عن الحكم الشرعي ، كما هو الطريقة في جميع المواضع ، ولذا ما استفصل المعصوم عليه‌السلام بأنّ مرادك من السؤال أيّ شي‌ء هو؟

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣١٩ أبواب الأغسال المسنونة ب ٨.

(٢) التهذيب ١ : ١١٢ / ٢٩٧ ، الوسائل ٣ : ٣١٤ أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ١٢.

٨٥

مع أنّ السؤال لو كان عن المأخذ كان المناسب في الجواب أن يقول : من السنّة ، لا من الكتاب ، لا أن يقول : « سنّة وليس بفريضة » ويؤيّده أيضا الاستثناء بقوله : « إلاّ أن يخاف. » فإنّه لا يناسب الجواب عن مأخذ الحكم ، ويؤيّده أيضا ضمّ غسل الأضحى والفطر في رواية علي بن يقطين.

قوله : للحثّ العظيم. ( ٢ : ١٦١ ).

بل عبّروا بعبارات ملزمة وألفاظ موجبة ، كيلا يسامح في هذا الخطب الجسيم والفوز العظيم ، فإنّه وإن لم يكن في تركه العقاب لكن يكون في تركه العتاب وما يقرب من العقاب من البعد عن رحمته والطرد عن ألطافه ، ومراتب المطلوبية متفاوتة شدّة وضعفا ، فربما يصل إلى حدّ يقرب مطلوبية الواجب ولكن لا يصله ، ومثل هذا أيضا ما كانوا عليهم‌السلام يرخّصون في تركه بل وربما يحذّرون عن تركه كيلا تقع المسامحة فتتحقّق المحرومية عن سبب المصلحة العظيمة ، بل وربما تكون المفسدة في تركه ، ولا تكون المفسدة عقابا.

قوله : إنّ الله تعالى أتمّ صلاة الفريضة. ( ٢ : ١٦١ ).

في هذا الخبر ظهور في استحبابه وعدم وجوبه.

قوله : أن يوبّخ الرجل. ( ٢ : ١٦١ ).

هذا أيضا ظاهر في عدم الوجوب.

قوله : وليكن فراغك من الغسل. ( ٢ : ١٦٢ ).

هذا يدل على استحباب كونه قبل الزوال.

قوله : يوم الخميس ليوم الجمعة. ( ٢ : ١٦٢ ).

هذه الرواية رواها الكليني والصدوق في الفقيه مع ضمانهما صحة ما نقلاه في كتابيهما ، مع أنّها مستندة إلى أبي الحسن موسى عليه‌السلام حيث قالتا‌

٨٦

كنا مع أبي الحسن عليه‌السلام في البادية.

قوله : مدعيا عليه الإجماع. ( ٢ : ١٦٣ ).

وهذا يكفي لكونه دليلا على الاستحباب.

قوله : وقضاؤه يوم السبت. ( ٢ : ١٦٣ ).

وفي الفقه الرضوي : « فإن فاتك الغسل يوم الجمعة قضيت يوم السبت ، أو بعده من أيّام الجمعة » (١).

قوله : فلا وجه لإخلال المصنّف بذلك. ( ٢ : ١٦٤ ).

وتأمّل بعض في القضاء ليلة السبت (٢) ، لعدم النص ، بل وربما يظهر من الروايتين عدمه.

قوله : ولم أقف فيه على نصّ. ( ٢ : ١٦٥ ).

ويظهر من نهاية العلاّمة أنّ فيه نصّا (٣) ، والنص موجود ذكره ابن طاوس في إقباله (٤) ، وكذا النص في استحبابه في فرادى شهر رمضان (٥).

قوله : لنا أصالة البراءة ممّا لم يثبت وجوبه. ( ٢ : ١٦٨ ).

والإجماع الذي نقله الشيخ ، وما رواه في العيون أنّ الرضا عليه‌السلام كتب إلى المأمون من محض الإسلام : « وغسل الجمعة سنّة ، وغسل العيدين ودخول مكة والمدينة ، والزيارة والإحرام ، وأوّل ليلة من شهر رمضان ، وسبعة عشر ، وتسعة عشر وإحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وهذه‌

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٢٩ ، المستدرك ٢ : ٥٠٧ أبواب الأغسال المسنونة ب ٦ ح ١.

(٢) الذخيرة : ٧.

(٣) نهاية الإحكام ١ : ١٧٧.

(٤) الإقبال : ١٤ ، ١٥٠ ، الوسائل ٣ : ٣٢٥ أبواب الأغسال المسنونة ب ١٤ ح ١ ، ٩.

(٥) الإقبال : ١٢١.

٨٧

الأغسال سنّة ، وغسل الجنابة فريضة ، وغسل الحيض مثله » (١) انتهى.

قوله : ومحمد بن عيسى ضعيف. ( ٢ : ١٦٩ ).

لا ضعف فيه ، كما حقّق في موضعه ، وكذا لا ضرر من جهة عدم عمل ابن الوليد.

قوله : وغسل زيارة النبي. ( ٢ : ١٦٩ ).

وفي الكافي في الصحيح عن ابن عمار عن الصادق عليه‌السلام أنّه يقول : « الغسل من الجنابة ، ويوم الجمعة ، والعيدين وحين تحرم ، وحين تدخل مكة والمدينة ، ويوم عرفة ، ويوم تزور البيت ، وحين تدخل الكعبة. » (٢) ‌الحديث ، وصحيحة ابن مسلم ورواية سماعة أيضا بهذا السياق ، إلاّ أنّه ليس فيهما التصريح بلفظ البيت ، فلاحظ.

قوله : ويوم الزيارة. ( ٢ : ١٦٩ ).

الظاهر منها أنّ المراد زيارة البيت ، وكذا من رواية سماعة ، فليلاحظ.

لكن الغسل لأجل زيارتهم صلوات الله عليهم لا تأمّل في ورود النصّ به ، كما ذكر في كتب المزار (٣).

قوله : وهذه مرسلة. ( ٢ : ١٧١ ).

لا يضر بعد الانجبار بعمل الأصحاب ، كما هو مسلّم عنده أيضا ، هذا مع التسامح في أدلّة السنن ، وهو أيضا مسلّم عنده ، والعموم يظهر من العلّة المذكورة فيها.

__________________

(١) راجع ص ٨٤.

(٢) الكافي ٣ : ٤٠ / ١ ، الوسائل ٣ : ٣٠٣ أبواب الأغسال المسنونة ب ١ ح ١.

(٣) انظر كامل الزيارات : ٢٦ ، ١٨٤ ، ٣٠٩ ، والفقيه ٢ : ٣٧٠ / ١٦٢٥ ، والوسائل ٣ : ٣٣٨ أبواب الأغسال المسنونة ب ٢٩ ، و ١٤ : ٣٩٠ أبواب المزار ب ٢٩.

٨٨

قوله : منضمّا إلى أنّ الغسل خير. ( ٢ : ١٧١ ).

لا بدّ من دليل يدل على كونه في نفسه خيرا ، وقد مرّ الكلام في صدر الكتاب عند قوله : وقد تجب الثلاثة بنذر وشبهة (١).

قوله : والاكتفاء فيها بنيّة القربة. ( ٢ : ١٧٣ ).

في استحقاق الثواب مع عدم قصد المستحب وعدم فعله بقصد الامتثال ، أو لله تعالى ، تأمّل ظاهر ، وقد مرّ الكلام (٢).

قوله : وموافقة لفتوى. ( ٢ : ١٧٤ ).

ولاحتمال حقيّة الرواية وصدقها ، والتجنب عن الشبهات مطلوب شرعا.

قوله : وهي ضعيفة السند. ( ٢ : ١٧٤ ).

ومع ذلك أطلق الواجب فيها على كثير ممّا ليس بواجب قطعا ، فيحصل منه وهن آخر في الاستدلال على الوجوب.

قوله (٣) : عدا ضيق الوقت. ( ٢ : ١٧٧ ).

لا يخفى أنّ هذا أيضا داخل ، لما ستعرف.

قوله : والعلاّمة في المنتهى. ( ٢ : ١٧٩ ).

والتذكرة ، وابن زهرة (٤).

قوله : فإنّ عدم الوجدان لا يتحقق. ( ٢ : ١٧٩ ).

لا يخفى أنّ عدم الإصابة حين الطلب وبعد الفراغ منه يكفي لصدق‌

__________________

(١) راجع ج ١ : ٢٣٦ ـ ٢٤٢.

(٢) راجع ص ٢٣٦ ـ ٢٤٢.

(٣) هذه الحاشية ليست في « ا ».

(٤) التذكرة ٢ : ١٤٩ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥٥.

٨٩

عدم الوجدان ، وأنّ الطلب لا يجب أن يكون من أوّل الوقت إلى وقت خشية فوت الفريضة ، بل يصدق بالطلب أوّل الوقت أيضا.

قوله : في الحسن عن زرارة. ( ٢ : ١٧٩ ).

لكن هذه وردت بإسناد آخر « فليمسك » بدل « فليطلب » (١).

قوله : فإنّ مقتضاهما سقوط الطلب مع الخوف. ( ٢ : ١٨٠ ).

لكن رواية الرقّي وردت بطريق آخر هكذا : فقال له داود بن كثير : فأطلب الماء يمينا وشمالا؟ فقال : « لا تطلب يمينا ولا شمالا ولا في بئر ، إن وجدته في الطريق فتوضّأ وإلاّ فامض » (٢).

والتوجيه بالنسبة إليه بعيد ، إلاّ أنّ هذا الطريق أيضا ضعيف ، ووقوعها بالطريق الأوّل أيضا أوجب التزلزل وعدم الوثوق بظاهر ما ورد في هذا الطريق ، بل ومظنّة أنّه سقط منه قوله عليه‌السلام : « فإنّي أخاف عليك التخلف » ، فإنّ الظاهر الإسقاط لا الازدياد ، والظاهر أنّ الروايتين واحدة ، بل على تقدير التعدد أيضا يكون الظاهر إرادته ، جمعا بين الأخبار ، فتأمّل. وكيف كان ، لا يقاوم هذا ما ذكره من الإجماع والنص.

قوله : وهي ضعيفة السند جدّا. ( ٢ : ١٨١ ).

لا وجه لهذه المبالغة في التضعيف ، بل نفس التضعيف محلّ تأمّل ، بملاحظة ما ذكره الشيخ في العدّة (٣) من أنّ الشيعة عملت بما رواه السكوني وأمثاله من الثقات فحكم بتوثيقه أيضا.

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٩٤ / ٥٦٠ ، الوسائل ٣ : ٣٦٧ أبواب التيمم ب ١٤ ذ ح ٣.

(٢) التهذيب ١ : ٢٠٢ / ٥٨٧ ، الوسائل ٣ : ٣٤٣ أبواب التيمم ب ٢ ح ٣.

(٣) عدّة الأصول ١ : ٣٨٠.

٩٠

مع أنّ ما ذكره ظاهر من طريقة الأصحاب ، إذ قلّ ما يكون باب من أبواب الفقه لم يرووا فيه حديثا منه ، ومع ذلك عملوا به وتلقّوه بالقبول ، بل وربما رجّحوه على الأخبار الصحاح والمعتبرة ، منه في هذا الموضع.

مع أنّه بملاحظة ما ذكره ابن إدريس وغيره ربما يحصل أنّ هذا الخبر كان في ذلك الزمان متواترا إلاّ أنّه ثبت بطريق واحد ، كما صرّح بنظائره المرتضى وقال : كثير من أحاديث كتبنا هكذا (١). مع أن الضعف منجبر بعمل الأصحاب.

قوله : والرواية واضحة السند. ( ٢ : ١٨١ ).

الرواية حسنة فلم تثبت العدالة المشترطة المسلّمة عنده ، ولم ينجبر أيضا بعمل الأصحاب ، بل وعمل الأصحاب على خلافها ، بل وعارضها الرواية التي عملوا بها ، مضافا إلى باقي ما ذكرناه.

مع أنّه مرّ أنّ هذه الحسنة وردت بطريق آخر ـ وهو قوي ـ « فليمسك » موضع « فليطلب ».

مع أنّه يعارضها ظواهر أخبار كثيرة صحاح ومعتبرة ، بل ويظهر من بعضها أنّ التأخير مستحب (٢).

مع أنّه يمكن حمل « فليطلب » على الإمساك عن التيمم ابتغاء لحصول الماء والطهارة المائية ، جمعا بين النسختين ، بل وجمعا بين الأدلة أيضا ، فتأمّل.

قوله (٣) : دفعا للضرر. ( ٢ : ١٨٢ ).

__________________

(١) انظر رسائل الشريف المرتضى ١ : ٢٦.

(٢) التهذيب ١ : ٢٠٣ / ٥٩٠ ، الوسائل ٣ : ٣٨٢ أبواب التيمّم ب ٢١ ح ٣.

(٣) هذه الحاشية ليست في « ا ».

٩١

هذا إذا لم يمكنهم أخذ الماء معهم ، وإذا أمكنهم فلا ضرر ، لكن إذا قصّروا ولم يأخذوا فليتيمّموا وليصلّوا ، وأعادوا إذا تطهروا بالماء احتياطا ، لما سيجي‌ء.

قوله : كما هو رواية السكوني. ( ٢ : ١٨٣ ).

والمفتي به عنده.

قوله : والأمر يقتضي الإجزاء. ( ٢ : ١٨٣ ).

إن (١) أراد الإجزاء بالقياس إلى القضاء فهو مسلّم وإن أراد بالنسبة إلى الإعادة في الوقت أيضا فمشكل ، لعدم ثبوت الخروج عن عهدة التكليف الثابت من العمومات الدالة على وجوب الصلاة مع الطهارة المائية مع الإمكان في الوقت ، بمجرد تقصيره في الطلب وخطائه في ظنّه تضيّق الوقت ، فتأمّل جدّا.

قوله : وأهمل حتى ضاق الوقت. ( ٢ : ١٨٤ ).

التقييد بالإهمال مشعر بأنّه مع عدم الإهمال والتقصير لو اتفق كذلك يكون الواجب عليه التيمم من دون إعادة.

قوله : وهي مع ضعف سندها. ( ٢ : ١٨٥ ).

هي (٢) مطابقة للعمومات الدالة على التكليف مع بقاء الوقت ، ومتأيّدة‌

__________________

(١) بدل هذه الحاشية في « ب » و « ج » و « د » : إن أراد أنّ القضاء ليس عليه فالأمر كما ذكره ، وإن أراد أنّه في الوقت والتمكّن من الطهارة المائية ليس عليه إعادة للامتثال ، ففيه : أنّه ربما كانت العمومات تقتضي الإعادة ، إذ بمجرّد تقصيره في الطلب وخطائه في ظنّه الضيق لا يقتضي خروجه عن عهدة التكليف الثابت بها مع بقاء وقته واستجماعه لشرائط التكليف.

(٢) بدل هذه التعليقة في « ب » و « ج » و « د » : لا يخفى أنّها مطابقة للعمومات الدالة

٩٢

بما دلّ على اعتبار الضيق في التيمم ، فإن كان محل النزاع القضاء فالأمر كما ذكره ، وإلاّ فلا ، لما عرفت ، مع أنّ النسيان مشعر بالإخلال في الطلب في سعة الوقت.

قوله : لأنّ الصلاة واجب مشروط بالطهارة. ( ٢ : ١٨٥ ).

هذه العلة بعينها جارية في المسألة السابقة المنقولة عن المنتهى من أنّه لو كان بقرب المكلف ماء. إلى آخر المسألة ، لأنّه متمكن من استعمال الماء بالمشي إليه ، سيّما إذا كان المشي إليه بخطوات يسيرة ، غاية الأمر أنّه يخرج الوقت ، فإن كان خروجه مانعا من التمكن ففي ما نحن فيه أيضا كذلك ، بسبب أنّه لا يوجد دليل شرعي يقتضي المانعية ، سوى عموم ما دل على وجوب مراعاة الوقت ، وحرمة فوت الصلاة وتركها حتى يخرج الوقت ، وإلاّ فيجب أن يمشي إليه ويتطهر به ، لعدم عجزه عن الاستعمال.

على أنّ تقييد هذه المسألة بقيد الإخلال بالاستعمال يؤذن بأنّه لو لم يخلّ بالاستعمال ولم يقصّر واتفق ضيق الوقت عن المائية ، مثل أن كان نائما فاستيقظ في ضيق الوقت وغير ذلك من أمثال هذا المثال لكان الواجب عليه التيمم ، ولا يخفى عدم الفرق بين هذه الأمثلة وبين الإخلال.

قوله : والحال أنّ المكلف واجد للماء متمكن من استعماله. ( ٢ : ١٨٥ ).

لا نسلّم كونه متمكنا ، لأنّ عموم ما دل على وجوب مراعاة الوقت‌

__________________

على أنّ المكلف يجب عليه الصلاة بعد دخول الوقت وفي الوقت بالطهارة المائية وموافقة لما دلّ على وجوب التأخير إلى ضيق الوقت في التيمّم والصلاة به ، ولهذا قال الشارح : هو خلاف محلّ النزاع ، إن كان محلّ النزاع القضاء ، وإن كان الإعادة في الوقت فالأظهر الإعادة ، والنسيان مشعر بإخلال الطلب وقت السعة ، فتأمّل جدّا.

٩٣

وحفظ الصلاة من الفوت والترك يمنع عن الاستعمال ، سيّما على القول بأنّ القضاء فرض جديد ومستأنف ، كما هو الحق والمحقّق والمسلّم عند المحقّقين.

مع أنّ وجوب الطهارة المائية إنّما هو لأجل الصلاة ، كما هو الحق والمحقّق ، وليس لها وجوب أصلا إلاّ من جهة فعلها وأدائها ، فلا معنى لترجيح إيجابها على إيجاب الصلاة واختيار فعلها على ترك الصلاة.

مع أنّه على القول بالوجوب لنفسه غير خفي أنّ الوجوب موسّع لا يتضيّق إلاّ بتضيّق وقت العبادة أو ظن الموت ، فبتضيّق وقت العبادة يتضيّق ، فكيف يقدم عليها؟! ووجوب الصلاة أداء مضيّق ومعيّن لا تخيير فيه بينه وبين القضاء أصلا ، سيّما على القول بأنّه فرض على حدة.

ولهذا تؤدّى الصلاة بنجاسة الثوب والبدن ، ومع عدم ستر العورة ، ومع عدم استقبال القبلة ، ومع عدم الاستقرار ، ومع غصبية المكان ، إلى غير ذلك ، وكذا تؤدّى مع عدم الحمد والسورة والركوع والسجود وغيرهما من الأركان والواجبات ، ويكتفى بتكبيرتين بدلا عن الركعتين ، بل وترجمة التكبيرتين ، مع عدم استقبال القبلة وغيره من الشرائط ، كل ذلك صونا عن الفوات الذي هو الترك حقيقة.

بل وربما قيل بتقديم الوقت على مطلق الطهور أيضا (١) ، فعلى هذا كيف يقدم خصوص المائية التي هي أحد الطهورين على نفس الفوت والترك؟!

مع أنّه لو كان يقدم لكان يقدم في غير هذه الصورة من صور التمكن‌

__________________

(١) حكاه في الحدائق ٤ : ٣١٨ عن السيّد نعمة الله الجزائري.

٩٤

من استعمال المائية بعد خروج الوقت.

على أنّه بتتبع أحاديث باب التيمم يظهر ظهورا تاما أنّ اختياره إنّما هو لئلاّ تخرج الصلاة عن وقتها ، ولا يتحقّق فوتها وتركها ، فتأمّل.

ولما ذكرنا اختار جلّ الفقهاء ومعظمهم الثاني ووافقوا العلاّمة ، هذا من المتأخّرين ، وأمّا القدماء فلم يظهر منهم رأيهم ، وكيف كان ، الجمع بين الأداء والقضاء ـ كما ذكره الشارح ـ لا يخلو عن الاحتياط.

قوله : واستدل عليه بأنّ من خشي من لصّ. ( ٢ : ١٨٨ ).

لعلّ نظره في هذا إلى الإجماع الذي سيذكره في هذه المسألة عند ذكر المسوّغ الثالث ، وسيظهر أنّ المسوّغ هو خوف اللصّ مطلقا ، من غير مدخلية خصوص أخذ ما يجحف به ، وكذلك الكلام في رواية يعقوب ، إلاّ أن يتمسك بالقياس بطريق أولى ، وفيه ما فيه ، لأنّ الإجحاف هنا شرط وعدمه مانع وموجب للشراء والطهارة بالماء.

فانحصر المستند في فتوى الأصحاب وعموم قوله تعالى ( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (١) الآية ، وقوله تعالى ( يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ) (٢) الآية ، وهو رحمه‌الله لم يجعل دليلا أصلا ، وجعل الأخيرين مؤيّدين ، ولعل المجموع كاف دليلا على المقام.

ويؤيّده أيضا قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا ضرر ولا ضرار » (٣) ونظائر ذلك فليلاحظ.

__________________

(١) الحج : ٧٨.

(٢) البقرة : ١٨٥.

(٣) الكافي ٥ : ٢٩٢ باب الضرار ، الفقيه ٣ : ١٤٧ / ٦٤٨ ، التهذيب ٧ : ١٤٦ / ٦٥١ ، الوسائل ٢٥ : ٤٢٧ أبواب إحياء الموات ب ١٢ ، مسند أحمد ٥ : ٣٢٧ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٨٤ / ٢٣٤٠.

٩٥

ويمكن أن يكون نظر المصنف رحمه‌الله إلى عموم نفي الضرر ، كما يظهر من آخر كلامه ، إلاّ أنّه لا وجه حينئذ للتمسك بحكاية الخشية من لصّ أخذ ما يجحف به ، فتأمّل.

قوله : باقيا في يد المالك. ( ٢ : ١٩٠ ).

هذا مقيد بإمكان الاستعمال ، بأن لا تخرج الصلاة عن الوقت ولا تفوت بسبب استعماله ، ومرّ وجه التقييد.

قوله : فإنّه لا غضاضة فيه. ( ٢ : ١٩١ ).

هذا بالقياس إلى ضياع المال من جهة اللصّ تمام ، لكن كلام المصنّف أعم من ذلك ، وكذا ما ذكره من قوله : ولا في المال بين أن يكون. ، وبالجملة : التعميم لا يخلو عن الإشكال ، لصدق واجد الماء والمتمكن منه عليه ، وعدم ظهور مانع ، إلاّ أن يكون إجماع عليه ، فيكون حينئذ هو الفارق ، فتأمّل.

قوله : لانتفاء الضرر معه. ( ٢ : ١٩٣ ).

فيه نظر ، لأنّ المرض ضرر كيف كان ، نعم يسيره ضرر يسير ، بل غالبا لا يؤمن من الانجرار إلى الشديد ، بل وإلى التهلكة في كثيرين ، ثم في جعل وجع الرأس والضرس يسيرا نظر ظاهر ، إلاّ أن يريد اليسير منهما.

قوله : وربما كان الخلاف مرتفعا في المعنى. ( ٢ : ١٩٣ ).

لعل مراده رحمه‌الله أنّ الشهيد لمّا استند في استشكاله إلى نفي العسر والحرج ظهر أن ليس لهم نزاع في المعنى ، إذ لا يكون عسرا وحرجا حتى يكون فيه شدّة ، والسهل لا يكون عسرا ولا حرجا.

وفيه نظر ، لأنّ السهل أمر إضافي ، فربما يوصف الشي‌ء العسير بالسهولة بالقياس إلى فرده الشديد ، وكيف كان ، المرض السهل واليسير‌

٩٦

حرج عند الشهيد ، إلاّ أنّه الفرد اليسير من الحرج ، وهذا هو الظاهر من كلامه ، فالمرض عنده ـ كيف كان ـ يكون حرجا ، وإن كان في غاية يسر وسهولة من الحرج ، ولا يخلو من قرب ، وكذلك هو ضرر ، كما أشرنا.

ويؤيّد الشهيد العمومات الدالة على كون الترابية بمنزلة المائية (١) ، وكذا العمومات الواردة في الجروح والقروح ، والخائف على نفسه يتيمم ، وما يظهر من مواضع متعدّدة من أنّه بأدنى عذر يتيمم (٢) ، فلاحظ.

قوله : وقال الشيخان. ( ٢ : ١٩٣ ).

في التهذيب قال : الأولى أن يغتسل ، وصرّح بجواز التيمم له مع إعادة الصلاة عند رفع العذر (٣).

قوله : بتعمّد الجنابة. ( ٢ : ١٩٤ ).

بل ظاهر صحيحة ابن مسلم عدم التعمّد.

قوله : ولا قائل بمضمونهما. ( ٢ : ١٩٤ ).

لقائل أن يقول : خرج ما خرج بالإجماع وبقي الباقي ، فالعمدة في الجواب ما ذكره وما سنذكر.

قوله : وضعف سندهما. ( ٢ : ١٩٤ ).

مضافا إلى مخالفته للقرآن في آيات متعددة ، وورد في كثير من الأخبار أنّ مخالفة القرآن يوجب منع العمل (٤) ، فكيف في مخالفته في مواضع متعددة ، مضافا إلى غير القرآن من الأدلة العقلية والنقلية اليقينية ،

__________________

(١) الوسائل ٣ : ٣٨٥ ، أبواب التيمم ب ٢٣.

(٢) الوسائل ٣ : ٣٤٢ ، أبواب التيمم ب ٢ و ٣ و ٥.

(٣) التهذيب ١ : ١٩٦.

(٤) الوسائل ٢٧ : ١٠٦ أبواب صفات القاضي ب ٩.

٩٧

فضلا عن الظنّية ، ومنها النصوص المطلقة في جواز التيمم ، مع أنّ تتبع تضاعيف مواضع معارضة حفظ النفس مع التكليف ينادي بتقديم حفظها عليه ، حتى أنّه يقدم على نفس الصلاة ، فكيف يقدم أحد الطهورين عليه ، مضافا إلى ما أشرنا في الحاشيتين السابقتين.

قوله : وأمّا الشّين فقيل إنّه عبارة. ( ٢ : ١٩٤ ).

تقييد المرض بالشدّة ، وإبقاء الشين على إطلاقه مشكل جدّا ، بل ربما كان تقييده موجبا لتقييد الشين ، فإنّه إن كان من المرض فظاهر ، وإن كان من الحرج والعسر فعند الشارح رحمه‌الله وموافقيه فكذلك ، وعند الشهيد غير مقيد أصلا ، وتحقّق إجماع يقتضي زيادة حكمه على حكم المرض وكونه أشدّ منه محلّ تأمّل.

قوله : أمّا بالنظر إلى الدوابّ فمشكل. ( ٢ : ١٩٦ ).

لا إشكال على طريقة الفقهاء ، لأنّهم ادعوا الإجماع في خوف ضياع المال وإن كان قليلا ، فما نحن فيه داخل فيه ، بل بطريق أولى ، لما في ذي الروح من حرمة تمنع عن الأذية والقتل عبثا ، أي لا لأجل أكل اللحم أو الانتفاع بالجلد ، فتأمّل.

قوله : وهو جيّد إن ثبت. ( ٢ : ١٩٦ ).

لا تأمّل فيه ، وإنّه يتعين عليه حينئذ ، لعموم المنزلة ، وعموم تحريم النجس.

قوله : ونقله تغلب (١) عن ابن الأعرابي. ( ٢ : ١٩٧ ).

فيه : انّ الجوهري صرّح بكونه هو التراب مع نقله عن ابن الأعرابي‌

__________________

(١) راجع ص ٤١.

٩٨

أنّه الأرض (١) ، وفيه شهادة واضحة على أنّه زيّف قوله وصحّح كونه التراب ، وهو أعرف باللغة ، وأضبط وأمتن ، والاعتماد عليه أزيد عند العلماء. وبعد الجوهري صاحب القاموس ، فإنّه قال : التراب أو وجه الأرض (٢) ، وهذا ينادي بعدم تعيين كونه وجه الأرض ، بل ربما يومئ إلى ترجيح ما لكونه التراب ، حيث قدمه على وجه الأرض ، مع أنّه أخص منه ، فكان المناسب تأخير ذكره عنه. والسيد رحمه‌الله حكم بكونه التراب بالنقل عن أهل اللغة (٣) ، وهذا يشير إلى كون المعرف عندهم هو التراب ، وحكاه ابن دريد عن أبي عبيدة ، وقال : هو التراب الخالص الذي لا يخالطه سبخ ولا رمل (٤). وقال ابن الفارس : الصعيد هو التراب (٥). ( وقال ابن عباس الصعيد التراب ) (٦) وقال المفيد : الصعيد هو التراب ، وإنّما سمي صعيدا لأنّه يصعد من الأرض (٧).

ويؤيّد ذلك ظواهر بعض الأخبار ، مثل قوله عليه‌السلام في الطين : « إنّه الصعيد » وقوله عليه‌السلام فيه أيضا : « صعيد طيّب وماء طهور » (٨) وفي صحيحة زرارة : « ثم أهوى بيديه إلى الأرض فوضعهما على الصعيد » (٩) إلى غير‌

__________________

(١) الصحاح ٢ : ٤٩٨.

(٢) القاموس ١ : ٣١٨.

(٣) حكاه عنه في المعتبر ١ : ٣٧٢.

(٤) جمهرة اللغة ٢ : ٦٥٤.

(٥) مجمل اللغة ٣ : ٢٢٦.

(٦) تنوير المقباس في تفسير ابن عباس ( الدرّ المنثور ) ١ : ٢٥٩ ، وما بين القوسين ليس في « ب » و « ج ».

(٧) المقنعة : ٥٩.

(٨) التهذيب ١ : ١٩٠ / ٥٤٧ ، الوسائل ٣ : ٣٥٤ أبواب التيمّم ب ٩ ح ٥ و ٦.

(٩) الفقيه ١ : ٥٧ / ٢١٢ ، الوسائل ٣ : ٣٦٠ أبواب التيمّم ب ١١ ح ٨.

٩٩

ذلك ممّا سنذكر بعضها ، فعلى هذا تكون الآية حجّة عليه لا له ، إذ ما ذكره لا يقاوم ما ذكرنا ، كما لا يخفى.

سلّمنا ، لكن نمنع كونها حجّة له ، وهو أيضا ظاهر ، مع أنّ الآية ظاهرة في التراب ، لأنّ قوله تعالى ( مِنْهُ ) في هذه الآية ظاهره أنّ « من » فيه للتبعيض ، كما حقّقه المحقّقون ، فظاهرها اشتراط العلوق وكون المسح به ، وورد النص الصحيح أيضا بذلك ، وأنّ المراد منها ما ذكر (١) ، وظاهر أنّ الغالب الشائع تحقّق العلوق من التراب لا من الحجر والرخام ، وأمّا الغبار فإن كان من الأرض فهو من التراب البتّة ، وإلاّ فهو خارج عن حكم الآية ، فإنّ الظاهر كون العلوق ممّا يتيمم به ، كما لا يخفى.

ومما ذكرنا ظهر فساد ما ذكره في الذخيرة من أنّ الأقوى صحة التيمم بالحجر ونحوه ، لكن لا يبعد أن يقال : بشرط أن يكون عليه شي‌ء من الغبار ونحوه ، لما سيجي‌ء من دلالة بعض الأخبار الصحيحة على اشتراط العلوق (٢) ، انتهى.

وبالتأمّل في ما ذكرنا يظهر أيضا فساد ما أورده المحقّق على السيد في تمسكه بقول اللغويين من أنّه لا يلزم. ، إذ يظهر من كلماتهم أنّ التراب متعين في كونه معنى الصعيد ، وأنّ الظاهر منهم الردّ على من يدعي أنّه وجه الأرض.

مضافا إلى أنّ اللغوي إذا ذكر للفظ معنى واحدا ليس إلاّ لا شك في كون معنى اللفظ عنده هو هذا المعنى خاصّة ، وأنّه لو كان عنده أنّ معناه‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٠ / ٤ ، الفقيه ١ : ٥٦ / ٢١٢ ، التهذيب ١ : ٦١ / ١٦٨ ، الوسائل ٣ : ٣٦٤ أبواب التيمّم ب ١٣ ح ١.

(٢) الذخيرة : ٩٨.

١٠٠