الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٢

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٢

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-170-2
ISBN الدورة:
964-319-168-0

الصفحات: ٤٣١

وبعد الإحاطة بما ذكرنا ظهر ما في كلام الشارح ، وظهر أنّ المعظم فهموا الروايات في خصوص الجماعة الثانية في المسجد.

والصدوق في الفقيه قال : ومن أدرك الإمام وهو في التشهد فقد أدرك الجماعة وليس عليه أذان ولا إقامة ، ومن أدركه وقد سلّم فعليه الأذان والإقامة (١) ، وهو مضمون رواية عمار ( رواها الصدوق في الفقيه والشيخ في التهذيب بسند موثق ) (٢) عن الصادق عليه‌السلام ، عن رجل أدرك الإمام حين سلّم ، قال عليه‌السلام : « عليه أن يؤذّن ويقيم » (٣) ، وهو أوفق بالعمومات والتأكيدات والتشديدات ، سيّما في الإقامة ، وسيّما في الجماعة ، وحمل على تفرّق الصفّ (٤) ، وفيه ما لا يخفى.

مضافا إلى ما في أخبار السقوط من المخالفة والاختلاف ، حتى أنّ رواية السكوني في غاية التأكيد في المنع مطلقا من دون قيد التفرّق في الصفّ (٥) ، ومع ذلك فهي أوفق بمذاهب العامّة ، وأليق بالحمل على الاتقاء من حيث ندرة وجود الإمام الراتب في المسجد من الشيعة في زمانهم عليهم‌السلام ، وقرب حملها على الجماعة الثانية في المسجد ، كما فهم المعظم ، لأنّه المعهود في الاستشكال والسؤال عن الحال على ما بناه المعظم وفهمه (٦) ، وفهم القدماء لو لم يكن معيّنا ومشخّصا للمعنى فلا أقلّ‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٦٥.

(٢) ما بين القوسين ليس في « ج » و « د » و « و».

(٣) الفقيه ١ : ٢٥٨ / ١١٧٠ ، التهذيب ٣ : ٢٨٢ / ٨٣٦ ، الوسائل ٥ : ٤٣١ أبواب الأذان والإقامة ب ٢٥ ح ٥.

(٤) انظر الوافي ٧ : ٦٠٩ ، والوسائل ٥ : ٤٣١.

(٥) التهذيب ٣ : ٥٦ / ١٩٥ ، الوسائل ٥ : ٤٣١ أبواب الأذان والإقامة ب ٢٥ ح ٤.

(٦) في « أ » و « ب » و « و» زيادة : ولذا فهمه.

٤٠١

من كونه مقرّبا للحمل ، وقرب حمل موثّقة عمار على غير الصورة المذكورة.

والشارح أيضا فهم من الروايات ما فهمه المعظم حيث قال : ويجوز (١) أن تكون الحكمة في السقوط. وما قاله حق ، وبالجملة الحكم بالسقوط مطلقا مع (٢) ما أشرنا إليه لعله في غاية الإشكال سيّما في الإقامة.

قوله : باشتراك راوي الأولى بين الثقة والضعيف. ( ٣ : ٢٦٧ ).

لا يضرّ اشتراكه ، لأنّه مشترك بين الثقتين أو ثقات ، كما حقّقنا أنّ يحيى بن القاسم ثقة (٣).

قوله (٤) : وجهالة راوي الثانية. ( ٣ : ٢٦٧ ).

الراوي عنه ابن أبي عمير ، وهو ممّن أجمعت العصابة ، وممّن لا يروي إلاّ عن الثقة ، وطريق الصدوق إلى ابن أبي عمير صحيح ، كما في الخلاصة (٥) ، والصدوق رواها عنه (٦) ، ويعضدها رواية الحسين بن سعيد عنه ، والطريق إليه صحيح أيضا.

قوله : ويشكل بما بيّناه مرارا. ( ٣ : ٢٦٨ ).

نظره رحمه‌الله إلى ما ذكره من : أنّ الشهرة إذا وصلت إلى حدّ الإجماع تكون حجة في نفسها من دون حاجة إلى الخبر ، وإلاّ فلا فائدة فيها (٧).

__________________

(١) في المدارك ٣ : ٢٦٧ : ولجواز.

(٢) في « أ » و « و» زيادة : عدم.

(٣) انظر تعليقات الوحيد على منهج المقال : ٣٧١.

(٤) هذه الحاشية ليست في « ا ».

(٥) الخلاصة : ٢٧٨.

(٦) الفقيه ١ : ٢٦٦ / ١٢١٥.

(٧) انظر المدارك ١ : ١٣٢.

٤٠٢

وفيه : أنّ الفائدة حصول التبيّن المأمور به في خبر الفاسق ، ولا شكّ في أنّها من أعظم أنواع التبيّن ، وهو تعالى كما جعل خبر العادل حجّة كذا جعل الخبر المتبيّن حجّة ، والشارح يكتفي في تصحيح الحديث بالظنون الضعيفة الحاصلة من القرائن الضعيفة لتعيين المشترك وغيره ، ومن الظنون الظنّ بعدم السقط والاشتباه وأمثالهما ، مع أنّ نفس توثيقات الرجال غالبا من الظنون ، كما حقّقنا (١) فكيف يكفي الظّن في ثبوت العدالة التي هي شرط في الصحة ولا يكفي الظنّ القوي في التبيّن؟ إذ لغة يصدق عليه أنّه تبيّن وظهر ، فإنّ التبيّن طلب ظهور الحال.

مع أنّ كل دليل دل على كفاية الظنّ في التعديل يشمل التبيّن أيضا من دون تفاوت ، وبناء فقه الشيعة غالبا على الأخبار المنجبرة بالجوابر التي هي تبيّنات ، بل ندر الصحيح في المعاملات غاية الندرة والشارح أيضا كثيرا ما يقول : فتاوى الأصحاب تجبر ضعف السند ، كما قاله في مسألة : من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت (٢) ، وغيرها ، هذا.

لكن الكلام في تحقّق الشهرة الجابرة ، كيف؟ والشيخ واتباعه قالوا ما قالوا ، وكذا لم يظهر كون أذان جعفر عليه‌السلام وإقامته للانفراد ، كما قال.

قوله : وكلام الأصحاب. ( ٣ : ٢٧٦ ).

لا يخلو من تأمّل ، لتبادر المنفرد ، بل وبعد النسيان في صورة الجماعة ، لندرة التحقّق ، فتأمّل.

قوله : وربما حمل كلامه. من بيت المال. ( ٣ : ٢٧٦ ).

بناء على أنّ الأجر الوارد في الخبر المراد منه الأجرة ، وظهور النهي‌

__________________

(١) انظر تعليقات الوحيد على منهج المقال : ٤.

(٢) المدارك ٣ : ٩٣.

٤٠٣

المؤكّد عن أخذه مؤذّنا في حرمة نفس أخذ الأجرة أيضا. والسكوني نقل الشيخ في عدّته ، أنّ الشيعة أجمعوا على العمل بروايته ، وأنّه من الثقات (١) ، لكن الضعف من غير جهة السكوني مضرّ.

ومع ذلك ، الظاهر أنّ الأجر أعمّ من الأجرة ويشمل الارتزاق ، إلاّ أن يقال : الارتزاق ليس أجر أذانه ، بل من جهة فقره واستحقاقه ، أو أنّ له حقا في بيت المال ، وتحقيق الكلام في كتاب التجارة.

قوله (٢) : احتجّ المرتضى .. ( ٣ : ٢٧٨ ).

لا يخفى أنّ احتجاج السيد بعينه هو الذي ذكره الشارح لعدم جواز الأذان للفريضة قبل وقتها في غير الصبح ، من أنّه وضع للإعلام بدخول وقته ، ومن المعلوم عدم الفرق في ذلك بين الصبح وغيره لو لا ورود الروايات المذكورة ، وبديهي أنّه لو لم ترد يكون حال الصبح حال غيره ، كما أنّه لو فرض ورود ما في الصبح في غيره أيضا لكان حكمهما واحدا ، فالجواب بالمنع من حصر فائدة الإعلام فاسد ، بل الجواب منحصر في ورود الرخصة من تلك الأخبار ، لكنّها أخبار آحاد عند السيد وان كانت متواترة عند ابن أبي عقيل.

قوله : لا أعلم فيه مخالفا. ( ٣ : ٢٧٩ ).

صرّح الشيخ في العدّة بأنّ الشيعة مختلفون في عدد الأذان والإقامة ، وأنّ التعيين بأخبار الآحاد (٣). وقال الصدوق في أماليه : من دين الإماميّة‌

__________________

(١) عدّة الأصول ١ : ٣٨٠.

(٢) هذه الحاشية ليست في « أ » و « و».

(٣) عدّة الأصول ١ : ٣٥٥.

٤٠٤

الإقرار ـ إلى أن قال ـ : إنّ الأذان والإقامة مثنى (١).

ولعل مراد الشيخ بالخلاف في الأذان ما حكى في الخلاف عن بعض الأصحاب (٢).

وأمّا ما ذكره الصدوق فلعل ظاهره غير مراد له ، إذ يبعد نسبة ذلك إلى كلّ الإمامية ، سيّما وأن يكون ذلك بحيث يدخل في عقائدهم ، فلعل مراده أنّ أحدا من الشيعة لم يذهب إلى أنّ الأذان مثنى والإقامة واحدة ، بل كلاهما مثنى ، أي بالنحو المعهود عندهم ، وهو أنّ غالب الفصول مثنى ، وإن كان في أوّل الأذان أربع وفي آخر الإقامة واحدة.

وبهذا يمكن الجمع بين الروايات بإرجاع غير رواية إسماعيل إلى رواية إسماعيل ، لأنّها هي المشهورة بين الأصحاب ، حتى أنّ النجاشي عند ذكره إسماعيل بن جابر قال : إنّه الذي روى حديث الأذان (٣). وفيه إشعار تامّ بأنّ المعهود المتداول والحجّة المعمول بها هو روايته.

مضافا إلى أنّ الأذان والإقامة من الأمور المتكرّرة الصدور والمتكثّرة الوقوع في كلّ يوم وليلة بين الشيعة ، ووقوعهما كذلك علانية وجهارا في المجامع والجوامع كثيرا ، وأنّ الأصحاب مع أنّهم هم الذين رووا سائر الروايات تركوها وأخذوا بهذه الرواية وتركوا غيرها ، مع [ إجمال ] (٤) دلالتها بالنسبة إلى معرفة نفس الفصول ، وأنّ النقص في الإقامة في أيّ موضع ، وإن كان معرفة نفس الفصول بالإجماع والأخبار تتحقّق ، وكذا معرفة‌

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٥١١.

(٢) الخلاف ١ : ٢٧٩.

(٣) رجال النجاشي : ٣٢ / ٧١.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في النسخ : احتمال ، والظاهر ما أثبتناه.

٤٠٥

النقص ، إذ إجماعيّ عندهم أنّ النقص لو كان ففي آخرها ، مع أنّ المعمول به في الأعصار والأمصار من الفقهاء هو هذا ، بل عدم كون غير الفصل الآخر ناقصا لعله من ضروريات دين الشيعة والمعروف من مذهبهم وطريقتهم.

وورد في بعض الأخبار أيضا ما يشهد بأنّ النقص في التهليل الآخر ، وهو أنّ المصلّي خلف العامّة إذا لم يتمكّن من الأذان والإقامة يقتصر على قول : قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلاّ الله (١) ، هذا.

مع أنّ رواية إسماعيل لصراحتها في أنّ العدد خمسة وثلاثون حرفا لا يمكن توجيهها ، بخلاف تلك الروايات ، فإنّه يمكن توجيهها بما ذكرناه.

ويؤيّده ما في بعض الأخبار من أنّ الإقامة مثل الأذان على سبيل الإطلاق (٢). وقال الصدوق رحمه‌الله في الفقيه بعد ذكر رواية أبي بكر وكليب وعدم ذكره غير تلك الرواية : وهذا هو الأذان الصحيح لا تزاد فيه ولا تنقص ، والمفوّضة لعنهم الله. (٣). وفيه أيضا تأييد لما ذكرنا وشاهد على أنّ مراده في الأمالي هو ما ذكرنا ، فتأمّل.

ولعلّه لهذا استدل المحقق [ للسبعة ] وأتباعهم برواية صفوان بن مهران (٤) وإلاّ فهي لا تنطبق على مذهبهم من جهتين : الأولى : تثنية التهليل‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٠٦ / ٢٢ ، التهذيب ٢ : ٢٨١ / ١١١٦ ، الوسائل ٥ : ٤٤٣ أبواب الأذان والإقامة ب ٣٤ ح ١.

(٢) الفقيه ١ : ١٨٨ / ٨٩٧ ، التهذيب ٢ : ٦٠ / ٢١١ ، الوسائل ٥ : ٤١٦ أبواب الأذان والإقامة ب ١٩ ح ٩.

(٣) الفقيه ١ : ١٨٨.

(٤) المعتبر ٢ : ١٣٩ ، وبدل ما بين المعقوفين في النسخ : للشيعة ، والصواب ما أثبتناه من المصدر.

٤٠٦

في آخر الإقامة ، والثانية : تثنية التكبير في أوّل الأذان ، مع إمكان الجمع بحمل تثنية التكبير بأنّها الأصل وتربيعة على أنّه زيد لغرض التنبيه (١) على ما ورد في بعض الأخبار (٢) ، وحمل تثنية التهليل في آخر الإقامة على الاستحباب ، لكن ذلك غير معروف من أحد من الأصحاب ، فتأمّل.

قوله : وحكى الشيخ في الخلاف. ( ٣ : ٢٨٢ ).

لكن اشتهر في أمثال هذه الأزمان عن جمع قول بأنّ الأذان ثمانية عشر ـ كما هو المشهور ـ والإقامة ثمانية عشر بتثنية التهليل في آخرها (٣) ، وهذا القول لا يطابق شيئا من الأخبار ولا فتاوى الأصحاب ، ولو قال أحد : التهليل الآخر بقصد أنّه إن كان من الإقامة فبها وإلاّ يكون ذكرا على حدة وهو حسن على كلّ حال ، لعله لا يكون به بأس ، لكن لعل حال تربيع التكبير في أوّل الإقامة أيضا كذلك ، فتأمّل.

وفي الفقه الرضوي : « أنّ الأذان ثماني عشرة كلمة ، والإقامة سبع عشرة كلمة » وذكر فيه صورة الأذان والإقامة بالتفصيل ، يكون التكبير أربعا في أوّلهما والباقي مثنى مثنى ، إلاّ التهليل في آخر الإقامة فإنّه واحدة ، وكونه في آخر الإقامة واحدة مذكور فيه صريحا ، مرّة في مقام الإجمال ومرّة أخرى في مقام التفصيل ، ثم بعد تمام الذكر التفصيلي لهما قال : « الأذان والإقامة جميعا مثنى مثنى على ما ذكرت لك » (٤) انتهى ، وفيه شهادة واضحة على الجمع الذي ذكرناه سابقا.

__________________

(١) في « أ » و « ب » و « د » و « و» : التثنية.

(٢) الفقيه ١ : ١٩٥ / ٩١٥ ، الوسائل ٥ : ٤١٨ أبواب الأذان والإقامة ب ١٩ ح ١٤.

(٣) انظر البحار ٨١ : ١٠٩.

(٤) فقه الرضا عليه‌السلام : ٩٦ ـ ٩٧ ، المستدرك ٤ : ٤٠ أبواب الأذان والإقامة ب ١٨ ح ٢.

٤٠٧

قوله : بالحمل على حال التقية. ( ٣ : ٢٨٢ ).

قالوا : إنّ الخليفة الثاني جعل فصول الإقامة واحدا واحدا ، فرقا بينها وبين فصول الأذان ، ونقص من فصول الأذان التهليل في آخرها مرّة ، وكان فصول الإقامة كذلك ، كما قيل (١).

قوله : أمّا استحباب الفصل. ( ٣ : ٢٨٦ ).

في الفقه الرضوي : « وإن أحببت أن تجلس بين الأذان والإقامة فافعل فإنّ فيه فضلا كثيرا ، وإنّما ذلك على الإمام ، و [ أمّا ] (٢) المنفرد فيخطو خطوة برجله اليمنى تجاه القبلة ، ثمّ تقول : بسم الله أستفتح » (٣) إلى آخر الدعاء ، هكذا ، وسيجي‌ء (٤).

قوله : ويدل على استحباب الفصل بين أذان المغرب وإقامتها بالجلوس. ( ٣ : ٢٨٦ ).

لكن يظهر من رواية سيف الآتية عدم الاستحباب ، وقال ابن طاوس : وقد رويت روايات أنّ الأفضل أن لا يجلس بين أذان المغرب وإقامتها » (٥) ويؤيّده ضيق وقت المغرب وكون ذلك كذلك عند علمائنا ، فتأمّل.

قوله : فلم أجد به حديثا. ( ٣ : ٢٨٧ ).

قد عرفت أنّ في الفقه الرضوي ذكر ذلك ، وقال خالي العلاّمة المجلسي رحمه‌الله : نقل فيه رواية ، وورد في استحباب الفصل ـ ورواه ابن‌

__________________

(١) انظر الاستغاثة : ٣١ ـ ٣٣.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ٩٧ ، المستدرك ٤ : ٣٠ أبواب الأذان والإقامة ب ١٠ ح ٢.

(٤) في « ب » و « ج » و « د » : ما سيجي‌ء.

(٥) فلاح السائل : ٢٢٨.

٤٠٨

طاوس ـ بالسجدة أيضا رواية أو أكثر ، إلاّ أنّ التقييد بغير المغرب غير موجود ، كما أنّ التقييد بالمغرب في الخطوة غير موجود ، ولعل وجه التقييد ضيق وقت المغرب ، فيكون الأولى اختيار الأقصر دون الأطول (١) ، انتهى.

أقول : قد عرفت وجه تقييد الفقهاء بغير المغرب.

وابن طاوس روى في كتاب فلاح السائل روايات متعدّدة في استحباب السجود بين الأذان والإقامة ، بعضها مطلق وبعضها مع ضميمة دعاء خاصّ فيه هو : « ربّ لك سجدت خاضعا خاشعا ذليلا » وفي رواية أخرى : « لا إله إلاّ أنت ربي سجدت لك خاضعا خاشعا » (٢).

( ثمّ الأولى والأحوط أن لا يزيد الفصل بينهما عن الركعتين أو قدرهما ، لصحيحة ابن سنان عن الصادق عليه‌السلام : « لا يكون بين الأذان والإقامة إلاّ الركعتان » (٣) ) (٤).

قوله (٥) : يستثني من ذلك رفع الصوت ، فإنّه غير مسنون في الإقامة. ( ٣ : ٢٨٩ ).

فيه نظر ، لما ورد في صحيحة معاوية (٦) من استحباب جهرها أيضا لكن دون جهر الأذان ، ولذا قال في النافع ما قال هنا (٧) ، والمراد تأكّد الاستحباب لا تأكّد [ الجهر ] (٨).

__________________

(١) انظر البحار ٨١ : ١٨١.

(٢) فلاح السائل : ١٥٢ ، الوسائل ٥ : ٤٠٠ أبواب الأذان والإقامة ب ١١ ح ١٤ ، ١٥.

(٣) التهذيب ٢ : ٥٣ / ١٧٧ ، الوسائل ٥ : ٤٤٩ أبواب الأذان والإقامة ب ٣٩ ح ٤.

(٤) ما بين القوسين ليس في « أ » و « و».

(٥) هذه الحاشية ليست في « أ » و « و».

(٦) الفقيه ١ : ١٨٥ / ٨٧٦ ، الوسائل ٥ : ٤٠٩ أبواب الأذان والإقامة ب ١٦ ح ١.

(٧) لم نعثر عليه فيه.

(٨) في النسخ : الحمل ، والظاهر ما أثبتناه.

٤٠٩

قوله : فتكون الزيادة فيه تشريعا محرّما. ( ٣ : ٢٩٠ ).

التشريع إنّما يكون إذا اعتقد كونه عبادة مطلوبة من الشرع من غير جهة ودليل شرعي ، والترجيع على ما حقّقه ليس إلاّ مجرّد فعل وتكرار ، أمّا كونه داخلا في العبادة ومطلوبا من الشارع فلا ، فيمكن الجمع بين القولين بأنّ القائل بالتحريم بناؤه على ذلك ، والقائل بالكراهة بناؤه على الأوّل. وكونه مكروها ، لأنّه لغو في أثناء الأذان وكلام ، أو للتشبّه بالعامّة أو بعضهم ، فتأمّل.

وممّا ذكرنا ظهر حال « محمّد وآله خير البريّة » و « أشهد أنّ عليا ولي الله » بأنّهما حرامان بقصد الدخول والجزئيّة للأذان لا بمجرّد الفعل.

نعم توظيف الفعل في أثناء الأذان ربما يكون مكروها ( بكونه مغيّرا لهيئة الأذان ) (١) بحسب ظاهر اللفظ ، أو كونه كلاما فيه ، أو للتشبّه بالمفوّضة ، إلاّ أنّه ورد في العمومات : أنّه متى ذكرتم محمدا فاذكروا آله ، أو متى قلتم : محمد رسول الله فقولوا : علي ولي الله ، كما رواه في الاحتجاج (٢) ، فيكون حاله حال الصلاة على محمد وآله بعد قوله : « أشهد أنّ محمدا رسول الله » في كونه خارجا عن الفصول ومندوبا إليه عند ذكر محمد ، فتأمّل جدّا.

قوله : لكن هذه الرواية مخالفة لما عليه الأصحاب. ( ٣ : ٢٩٢ ).

في هذا الاستدراك (٣) ما لا يخفى ، لأنّ المخالفة لما عليه الأصحاب‌

__________________

(١) بدل ما بين القوسين في « ب » و « ج » و « د » : من كونه بغير هيئة الأذان.

(٢) الاحتجاج : ١٥٨ ، البحار ٨١ : ١١٢.

(٣) في « ا » ، « ب » ، « ج » ، « د » : الاستدلال.

٤١٠

مؤيّدة للحمل على التقيّة ، بل وتعيّنه وحدة التهليل في آخره.

قوله : إذا لم ينقل عنهم عليهم‌السلام الفصل بين فصولهما. ( ٣ : ٢٩٢ ).

لم ينقل عنهم أيضا الفصل بين فصولهما بالنوم أو الإغماء اللذين لا ينافيان الموالاة ، والعبادة سنّة متلقّاة من الشرع فيجب الاقتصار على ما ورد به النقل.

قوله : ومنع الأولوية. ( ٣ : ٢٩٣ ).

فمقتضى ما ذكره عدم الجواز لا الاستشكال ، فتأمّل.

قوله (١) : ويستفاد منه. ( ٣ : ٢٩٣ ).

ربما لا يلائمه قوله : ويقيم غيره.

قوله : ذلك من قبيل الأسباب. ( ٣ : ٢٩٣ ).

فيه تأمّل على تقدير تسليم بطلان العبادة بالردّة ، نعم بالنسبة إلى دخول الوقت يكون الأمر كما ذكره ، فتأمّل.

قوله : مجهولة الإسناد. ( ٣ : ٢٩٤ ).

بل لعلها من روايات العامّة ، لأنّها موافقة لطريقتهم (٢).

قوله : وقال مثل ذلك حين يسمع أذان المغرب. ( ٣ : ٢٩٥ ).

الظاهر أن المراد ليس نفس الدعاء المذكور ، بل مثله للمغرب وهو : اللهمّ إنّي أسألك بإقبال ليلك وإدبار نهارك ، الدعاء ، فتأمّل.

قوله (٣) : عن الرجل أيتكلّم بعد ما يقيم. ( ٣ : ٢٩٦ ).

__________________

(١) هذه الحاشية ليست في « ب » و « ج » و « د ».

(٢) انظر صحيح مسلم ١ : ٢٨٩ ، سنن النسائي ٢ : ٢٥ ، المغني والشرح الكبير ١ : ٤٥٠ ، ٤٧٤.

(٣) هذه الحاشية ليست في « أ » و « و ».

٤١١

لا يخفى ما فيها من عدم دلالتها على الجواز حتى يمكن الجمع بالحمل على الكراهة ، لوجوه ثلاثة :

الأوّل : أنّ المتبادر منها ورودها في [ المقيم ] (١) المنفرد ، وتلك الأخبار واردة في الجماعة في المسجد فلا مناسبة بينهما.

الثاني : أنّ قوله : يتكلّم بعد ما يقيم مطلق شامل للدخول في الأذان بمعنى الذكر ببعض أجزائه كالتكبير والشهادتين.

الثالث : أنّه ـ على فرض التسليم ـ كما يجوز الجمع بينهما بالحمل على الكراهة ، كذا يجوز حمل المطلق على المقيّد بحمل قوله : « نعم » بما يتعلّق بالصلاة كتقديم إمام ، كما تقدّم في تلك الأخبار ، فتدبّر.

قوله : فيتوقّف على الدلالة وهي منتفية. ( ٣ : ٣٠١ ).

ورد في رواية عمار طلب إعادة الأذان والإقامة كلّما يعيد الصلاة (٢).

__________________

(١) في النسخ : الغير ، والصواب ما أثبتناه.

(٢) التهذيب ٣ : ١٦٧ / ٣٦٧ ، الوسائل ٨ : ٢٧٠ أبواب قضاء الصلوات ب ٨ ح ٢.

٤١٢

فهرس الموضوعات

الاستحاضة

صفات دم الاستحاضة...................................................... ٥

ما قلّ عن ثلاثة وما تجاوز العشرة فهو استحاضة............................... ٦

حكم المبتدأة

رجوع المبتدأة إلى عادة نسائها أو أقرانها عند فقد التمييز........................ ٧

تحيّض المبتدأة بسبعة أيّام عند اختلاف نسائها.................................. ٨

حكم ذات العادة

ذات العادة تجعل عادتها حيضاً وما سواه استحاضة............................ ١٠

حكم المضطربة إذا فقدت التمييز

حكم ذاكرة العدد ناسية الوقت............................................ ١١

حكم ذاكرة الوقت ناسية العدد............................................ ١١

٤١٣

بحث رجالي حول محمّد بن عيسى عن يونس................................. ١١

حكم ناسية الوقت والعدد................................................. ١٢

أقسام الاستحاضة وأحكامها : الاستحاضة القليلة............................ ١٢

الاستحاضة المتوسطة...................................................... ١٧

إشارة إلى أنّ الشهرة جابرة لضعف الرواية.................................. ٢٢

الخدشة في أدلّة القائلين بالتسوية بين المتوسطة والكثيرة........................ ٢٣

الاستحاضة الكثيرة........................................................ ٢٤

عدم وجوب الوضوء مع كلّ غسل في الاستحاضة الكثيرة..................... ٢٤

هل تجب مقارنة الغسل والوضوء للصلاة؟................................... ٢٥

جواز دخول المستحاضة المساجد............................................ ٢٥

حكم وطء المستحاضة..................................................... ٢٥

غسل النفاس

معنى النفاس.............................................................. ٢٧

حكم من ترى الدم قبل الولادة............................................. ٢٧

أكثر النفاس.............................................................. ٢٨

النفساء كالحائض في الأحكام.............................................. ٣١

أحكام الأموات

الاحتضار................................................................ ٣١

سليمان بن خالد ثقة عند العلماء........................................... ٣١

وجوب توجيه المحتضر إلى القبلة............................................ ٣١

التوجيه واجب كفائي..................................................... ٣٢

٤١٤

استحباب نقل المحتضر إلى مصلاّه........................................... ٣٣

استحباب الإسراج عنده إن مات ليلاً....................................... ٣٣

وجوب الصبر لمن اشتبه موته............................................... ٣٣

التغسيل

الكلام في الغاسل

أولى الناس بالتغسيل أولاهم بالميت.......................................... ٣٣

في أنّ الزوج أولى بالمرأة................................................... ٣٣

الخبر الضعيف المعمول به مقدم على الصحيح غير المعمول به................... ٣٣

هل يجوز أن يغسل الكافر المسلم؟.......................................... ٣٤

الكلام في المغسول

حكم تغسيل المخالف للحق................................................ ٣٥

سقوط الغسل عن الشهيد.................................................. ٣٦

بيان المراد من الشهيد...................................................... ٣٧

إشارة إلى حجّية الإجماع المنقول............................................ ٣٧

حكم تغسيل السقط...................................................... ٣٨

الكلام في الغسل

واجبات الغسل

ـ إزالة النجاسة عن بدن الميت............................................ ٣٨

ـ تغسيله بماء السدر...................................................... ٣٩

ـ النيّة.................................................................. ٤٠

هل يجب تعدد النيّة بتعدد الغسلات......................................... ٤١

٤١٥

حكم توضئة الميت........................................................ ٤١

لو تعذّر السدر والكافور................................................... ٤٢

تيمّم الميت لو خيف تناثر جلده............................................. ٤٣

سنن غسل الميت

ـ وضع الميت على شيء مرتفع............................................ ٤٣

ـ فتق قميصه ونزعه..................................................... ٤٤

ـ تليين الأصابع والمفاصل................................................. ٤٤

ـ غسل رأسه برغوة السدر............................................... ٤٤

كراهة إقعاد الميت........................................................ ٤٤

كراهة تغسيل المخالف.................................................... ٤٤

التكفين

ـ الواجب من الكفن ثلاث قطع : الإزار والقميص والمئزر.................... ٤٥

إشارة إلى أن الكليني أضبط من الشيخ....................................... ٤٦

دليل من اقتصر في التكفين على ثوب واحد.................................. ٤٧

بحث حول الروايات الدالة على التخيير بين الأثواب الثلاثة وبين القميص والثوبين ٤٨

بحث في تعيين المراد من الثوبين............................................. ٥٠

في معنى الإزار وأنّه غير اللفافة.............................................. ٥٢

بحث حول المئزر.......................................................... ٥٥

بحث حول الأثواب الثلاثة................................................. ٥٨

قال الصدوق : الكفن المفروض ثلاثة : قميص وإزار ولفافة والمناقشة فيه........ ٦٠

ـ إجزاء قطعة عند الضرورة............................................... ٦٣

٤١٦

ـ عدم جواز التكفين بالحرير والجلد........................................ ٦٤

ـ وجوب مسح مساجد الميت بالكافور..................................... ٦٤

القدر الواجب من الحنوط.................................................. ٦٤

سنن التكفين

ـ ازدياد الحبرة للرجل.................................................... ٦٥

ـ ازدياد لفافة لثديي امرأة ونمطاً........................................... ٦٥

بحث في معنى المنطق الوارد في الروايات...................................... ٦٦

ـ أن يكون الكفن قطناً أبيضاً............................................. ٦٧

ـ أن يطيّب الكفن بالذريرة............................................... ٦٧

بحث حول التشريع المحرم.................................................. ٦٨

ـ كتابة الشهادتين والإقرار بالأئمّة على الحبرة والقميص والإزار بالتربة الحسينيّة ٦٨

ـ أن يجعل مع الميت جريدتان من سعف النخل.............................. ٦٩

مع فقد الجريدة يجعل بدلها عود الرمان...................................... ٧٠

كيفيّة وضع الجريدتين..................................................... ٧٠

ـ أن يطوى جانب اللفافة الأيسر على الأيمن وبالعكس....................... ٧٠

إشارة إلى عمل الأصحاب بروايات كتاب فقه الرضا عليه‌السلام.................... ٧٠

كراهة جعل الكافور في سمع الميت وبصره................................... ٧١

بعض مسائل التكفين

حكم النجاسة الخارجة من الميت............................................ ٧١

إشارة إلى مقبوليّة مراسيل ابن أبي عمير...................................... ٧١

عبد الله بن يحيى الكاهلي من الممدوحين..................................... ٧٢

٤١٧

الكفن الواجب للمرأة على زوجها.......................................... ٧٢

وجوب إخراج الكفن من أصل التركة...................................... ٧٣

الفضل بن يونس واقفي ثقة................................................ ٧٤

الدفن

ما يتعلق بالدفن : استحباب تشييع الجنازة................................... ٧٥

كراهة الركوب في تشييع الجنازة........................................... ٧٥

استحباب المشي وراء الجنازة أو أحد جانبيها................................. ٧٥

كراهة الجلوس للمشيّع.................................................... ٧٦

استحباب تربيع الجنازة.................................................... ٧٦

استحباب وضع الجنازة قرب القبر.......................................... ٧٦

كيفية إرسال الميت في القبر................................................ ٧٧

استحباب تحفّي النازل في القبر وكشف رأسه................................ ٧٨

فروض الدفن

مواراة الميت.............................................................. ٧٨

كيفيّة دفن من مات في البحر............................................... ٧٨

اضجاع الميت على جنبه الأيمن............................................. ٧٩

سنن الدفن

موسى بن أشيم ضعّفه النجاشي............................................ ٨٠

حفر القبر إلى الترقوة...................................................... ٨٠

جعل اللحد للميت........................................................ ٨٠

٤١٨

حل عقد كفنه............................................................ ٨١

ـ جعل تربة الحسين عليه‌السلام مع الميت........................................ ٨١

ـ إهالة الحاضرين التراب بظهور الأكف................................... ٨١

ـ رفع القبر مقدار أربع أصابع............................................. ٨٢

ـ صب الماء على القبر.................................................... ٨٢

ـ تلقين الولي الميت بعد انصراف الحاضرين................................. ٨٢

ـ نقل الميت إلى المشاهد الشريفة........................................... ٨٢

لواحق تتعلق

بالدفن حرمة نبش القبر.................................................... ٨٢

حرمة شق الثوب على غير الأب والأخ...................................... ٨٣

حكم ما إذا ماتت الحامل دون الولد........................................ ٨٣

الأغسال المسنونة

ـ غسل الجمعة.......................................................... ٨٣

معنى قوله عليه‌السلام : غسل الجمعة سنة واجبة................................... ٨٣

وقت غسل الجمعة........................................................ ٨٦

جواز تقديمه يوم الخميس لمن خاف عوز الماء................................. ٨٦

جواز قضائه يوم السبت................................................... ٨٧

ـ غسل ليلة النصف من شهر مضان....................................... ٨٧

ـ غسل ليالي فرادى شهر رمضان......................................... ٨٧

ـ غسل الإحرام......................................................... ٨٧

بحث رجالي حول محمّد بن عيسى.......................................... ٨٨

ـ غسل زيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام.................................. ٨٨

٤١٩

ـ غسل التوبة........................................................... ٨٨

مسائل

كلمة في تداخل الأغسال.................................................. ٨٩

حكم غسل السعي لرؤية المصلوب.......................................... ٨٩

حكم غسل المولود حين ولادته............................................. ٨٩

التيمم

مسوغات التيمم

ـ عدم وجدان الماء....................................................... ٨٩

وجوب طلب الماء ومقداره................................................. ٩٠

بحث رجالي حول السكوني................................................ ٩٠

حكم من أخل بالطلب.................................................... ٩٢

ـ عدم الوصول إلى الماء................................................... ٩٥

عدم وجوب شراء الماء إذا أضرّ في الحال..................................... ٩٥

ـ الخوف............................................................... ٩٦

الخوف من اللص والسبع أو ضياع المال..................................... ٩٦

جواز التيمم مع خوف المرض.............................................. ٩٦

حكم الجنب المختار لو خاف بالغسل التلف أو الزيادة في المرض............... ٩٧

جواز التيمم مع خوف الشين.............................................. ٩٨

جواز التيمم مع خوف العطش على رفيقه أو دوابّه........................... ٩٨

ما يجوز التيمم به

بحث لغوي في معنى الصعيد................................................ ٩٨

٤٢٠