الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٢

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٢

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-170-2
ISBN الدورة:
964-319-168-0

الصفحات: ٤٣١

فضّال أيضا.

قوله : ويشهد له أيضا صحيحة زرارة. ( ٣ : ٤٠ ).

في شهادتها تأمّل ، بملاحظة قوله : « فربما عجّل. » فتأمّل.

قوله : وصحيحة أحمد بن محمد. ( ٣ : ٤١ ).

يمكن حملها (١) على التقية.

قوله : لكن يمكن أن يقال : إنّ التفريق يتحقّق بتعقيب الظهر وفعل نافلة العصر. ( ٣ : ٤٦ ).

بعيد ، بالنسبة إلى النصوص والمصنّفات ، بل بعض منها لا يقبل ذلك ، والبحث وارد على المحقّق أيضا ، فتأمّل بعد التتبّع والملاحظة.

مضافا إلى أنّه إذا كانت المبادرة مستحبّة على ما ذكرت فلا وجه لاختيار النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بعض الأوقات التفريق ، مع أنّه مشقّة ظاهرة منضمّة إلى ترك فضيلة. وجواز التفريق المرجوح يتأتّى بالقول ، فلا حاجة إليها ، كيف؟ وغالب الأوقات كان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يفرّق ، وما كان يجمع إلاّ نادرا ، كما يظهر من الأخبار ، ويعضدها الاعتبار الحاصل من الآثار ، والمستفاد من بعض أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين الجمع والإتيان بالنوافل ما أذّنوا له بل أقاموا فقط (٢) ، فتأمّل.

قوله : ويمكن الجواب عنه أيضا. ( ٣ : ٤٧ ).

لا يخفى أنّ جواب المحقق لا يتمّ إلاّ بهذا ، إذ اعتراضه أنّه إذا كان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يجمع فلا وجه للأذان الثاني ولا حاجة إليه ، ومعلوم أنّه كان متحقّقا والحاجة إليه موجودة مطلقا. وكون جوابه أنّ المستحبّ ترك‌

__________________

(١) في « ب » : حملهما.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٥ / ١٠٩ ، الاستبصار ١ : ٢٧٢ / ٩٨٥ ، الوسائل ٤ : ٢٠٣ أبواب المواقيت ب ٢٢ ح ٣.

٣٠١

الأذان الثاني ـ لاستحباب الجمع وأنّ استحبابه إنّما هو في خلاف المستحبّ ـ لعلّه فيه ما لا يخفى ، فتأمّل.

قوله (١) : فذهب الشيخ في المبسوط والاستبصار. ( ٣ : ٤٩ ).

فيه نظر ، فإنّ عبارته صريحة في موافقة المشهور ، كما لا يخفى على من راجعه.

قوله : يعلم باستتار القرص وغيبته عن العين. ( ٣ : ٤٩ ).

اعلم أنّ الغيبة عن العين تتفاوت بتفاوت المواضع ، وبعض المواضع لا يتحقّق الغروب بمجرّد الغيبة عن العين قطعا ، فإنّا إذا كنّا في ساحة البيت ربما يغيب القرص عن أعيننا مع كون شعاع الشمس على الجدران والسطوح ، ولو صعدنا السطح نرى القرص ونراه ما غاب عن افقنا ولا شكّ في عدم المغرب بذلك ، ولا يقال عرفا : الآن وقت المغرب جزما ، فإذا كنّا في البريّة وغاب القرص عن نظرنا ولم يكن سطح ولا جدار ، ولكن نعلم يقينا أنّه لو كان سطح أو جدار لكان الشعاع باقيا فيهما ، ولو صعدناهما لكنّا نرى القرص جزما على حسب ما قلناه في العمران وساحة البيت وسطحه وجداره ، فهل يحكم الآن بأنّه وقت المغرب جزما من جهة عدم جدار ولا سطح ولا شجر ولا منار ولا جبل ولا تلّ؟ وإنّه لو كان واحد منها موجودا في ذلك الموضع لكنّا نحكم بعنوان الجزم بأنّ الآن ليس وقت المغرب من جهة الشعاع ورؤية القرص بالصعود.

وأيضا ربما كان الجدران والسطوح وأمثالهما متفاوتة بحسب الارتفاع ، فربما كان في جدارنا وسطح بيتنا لا يكون شعاع ولا يرى القرص‌

__________________

(١) هذه التعليقة ليست في « ا ».

٣٠٢

بصعودهما [ و ] (١) سطح الجار وجداره يكون فيهما الشعاع ، ويرى القرص بصعودهما ، وهكذا ، لأنّ الارتفاع مقول بالتشكيك ، وننقل الكلام بعد السطح والجدار إلى المنار ، وبعده إلى التلال ، وبعدها إلى الجبال ، والجبال أيضا في غاية التفاوت.

والأئمّة عليهم‌السلام ربما لا حظوا ما ذكرناه وحكموا بالتأخير ، وأشاروا في بعض الأخبار إلى ما ذكرنا حيث قالوا : « مسّوا بالمغرب قليلا ، فإنّ الشمس تغيب عندكم قبل أن تغيب عندنا » (٢) وذلك لأنّ أرض الكوفة ليس فيها تلال ولا جبال ، مثل ما كان في الحجاز ، سيّما مكّة والمدينة ، ولعلّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما كان يفطر ويصلّي إلاّ بعد ذهاب الشعاع عن التلال والمواضع المرتفعة ، بل والجبال أيضا.

وأيضا غالب الأراضي ليست مستوية السطح حتى يعلم أوّل وقت غيبوبة القرص عن أفق المصلّي ، بل فيها تلال وجبال يمنع عن العلم ، فلعله لذينك الأمرين أمروا عليهم‌السلام بالتأخير إلى ذهاب الحمرة المشرقية ، وأقل منه أيضا ، احتياطا ( أو حتما ) (٣) والظاهر من الأخبار الأوّل ، كما ستعرف.

قوله : وأمّا الثانية فبأنّ من جملة رجالها القاسم بن عروة. ( ٣ : ٥١ ).

يمكن الجواب بأنّ ضعف الروايات منجبرة بالشهرة ، مضافا إلى اعتبار سند بعضها ، وهي كثيرة ، إلاّ أنّ الظاهر أنّ الأمر بالتأخير فيها‌

__________________

(١) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة المعنى.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٥٨ / ١٠٣٠ ، الوسائل ٤ : ١٧٦ أبواب المواقيت ب ١٦ ح ١٣.

(٣) ما بين القوسين ليس في « ج ».

٣٠٣

للاحتياط من الأمرين اللذين أشرنا إليهما في الحاشية السابقة ، وأنّ ذلك ليس على سبيل تعيين الوقت ، كما ذكره الشارح.

ويشهد على ذلك اختلاف مقدار التأخير وظاهر بعض تلك الأخبار ، منه قوله عليه‌السلام : « مسّوا بالمغرب قليلا » في الرواية المذكورة في الشرح وفي غيرها ، فظاهر أنّ الإمساء قليلا ليس بحدّ معيّن مضبوط ، بل فيه مسامحة وتوسعة.

ويؤكّد ما ذكرنا ما في الخبر الآخر من التعليل بقوله : « فإنّ الشمس تغيب عندكم قبل أن تغيب عندنا » (١) ، بعد قوله : « مسّوا قليلا » فإنّ مقدار القبلية غير ظاهر أصلا ، مع أنّ التعليل أيضا يومئ إلى عدم الإيجاب والإلزام ، فتأمّل.

ومنه رواية عبد الله بن وضّاح عن الكاظم عليه‌السلام أنّه كتب إليه : يتوارى القرص ويقبل الليل ويزيد الليل ارتفاعا ، ويستر عنّا الشمس ، ويرتفع فوق الجبل حمرة ، أصلّي وأفطر ، أو أنتظر حتّى تذهب الحمرة التي فوق الجبل؟ فكتب عليه‌السلام : « أرى لك أن تنظر حتّى تذهب الحمرة ، وتأخذ الحائطة لدينك » (٢) ، وجه الدلالة : طلب الاحتياط لدينه ، مضافا إلى الاكتفاء بذهاب الحمرة التي فوق الجبل ، وفيه إشارة أيضا إلى ما ذكرناه في الحاشية السابقة من أنّ الأمر بالتأخير لتحقّق الغيبوبة بالمرّة.

ومنه رواية جارود وصحيحة بكر بن محمّد اللتان سيذكرهما الشارح رحمه‌الله وظهر لك أيضا اختلاف مقدار التأخير.

وفي بعض الأخبار ما اكتفوا بذهاب الحمرة المشرقية أيضا ، بل اعتبر‌

__________________

(١) راجع ص ٣٠٣.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٥٩ / ١٠٣١ ، الوسائل ٤ : ١٧٦ أبواب المواقيت ب ١٦ ح ١٤.

٣٠٤

جواز الحمرة قمّة الرأس إلى طرف المغرب (١) ، والخبر أيضا ضعيف. وفي بعض الأخبار الضعيفة أنّ الصادق عليه‌السلام في طريق مكّة صلّى أوّل غيبوبة الشمس (٢) ، وظاهر ذلك عدم داع إلى ذلك من جهة التقية ، والأخبار الدالة على أنّ وقت المغرب مجرّد غيبوبة القرص من الكثرة بمكان (٣) (٤).

على أنّه لا فرق بحسب الاعتبار بين طلوع الشمس وغروبها ، فلو كان وجود الحمرة المشرقية دليلا على عدم غروب الشمس وبقائها فوق الأرض بالنسبة إلينا ، لكان وجود الحمرة المغربية دليلا على طلوع الشمس ووجودها فوق الأرض بالنسبة إلينا من دون تفاوت ، لأنّ استصحاب بقاء النهار إلى أن يثبت خلافه في الأوّل ، واستصحاب عدم النهار إلى أن يثبت خلافه في الثاني ، وإن كان فارقا بينهما ، إلاّ أنّه لا تفاوت في الثبوت والدلالة ، كما ذكرنا.

نعم بذهاب الحمرة المشرقية يحصل اليقين بالغروب وان لم يكن بقاؤها دليلا على عدمه ، وهذا هو السرّ في اعتباره وجوبا أو استحبابا في الغروب وعدم اعتبار الحمرة المغربية في الطلوع ، فتأمّل جدّا ، ( والاحتياط واضح ) (٥).

قوله : وقال في الخلاف : آخره غيبوبة الشفق وأطلق. ( ٣ : ٥٤ ).

وظهر ذلك من كلام الكليني رحمه‌الله حسب ما ذكره الشارح في أوّل‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٧٩ / ٤ و ٤ : ١٠٠ / ١ ، التهذيب ٤ : ١٨٥ / ٥١٦ ، الوسائل ٤ : ١٧٣ أبواب المواقيت ب ١٦ ح ٤.

(٢) أمالي الصدوق ٧٥ / ١٦ ، الوسائل ٤ : ١٨٠ أبواب المواقيت ب ١٦ ح ٢٣.

(٣) انظر الوسائل ٤ : ١٧٢ أبواب المواقيت ب ١٦.

(٤) في « ب » و « ج » و « د » زيادة : والاحتياط واضح.

(٥) ما بين القوسين ليس في « ب » و « ج » و « د ».

٣٠٥

مبحث الوقت (١) ، فلاحظ.

قوله : لكن لو قيل باختصاص هذا الوقت بالنائم والناسي كما هو مورد الخبر كان وجها قويا ( ٣ : ٥٦ ).

لكن مقتضاه تقديم الحاضرة على الفائتة ، وهو مخالف للمشهور عند القدماء والأخبار الكثيرة الصحيحة ، كما سيجي‌ء.

ومثل صحيحة ابن سنان روى أبو بصير عن الصادق عليه‌السلام. إلى قوله : « قبل طلوع الشمس » ، ثمّ قال : « وإن خاف أن تطلع الشمس وتفوته إحدى الصلاتين فليصلّ المغرب ويدع العشاء حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها ثم ليصلّها » (٢) ، وربما يظهر من الروايتين بقاء الوقت بعد طلوع الفجر أيضا في الجملة ، فتأمّل.

ومع ذلك يمكن الحمل على التقية ، كما يومئ إليه الرواية الثانية ، بل قال الشهيد الثاني : وللأصحاب أن يحملوا الروايات الدالّة على امتداد الوقت إلى الفجر على التقية ، لإطباق الفقهاء الأربعة عليه ، وإن اختلفوا في كونه آخر وقت الاختيار أو الاضطرار (٣). انتهى.

وظهر الجواب عن رواية عبيد بن زرارة عن الصادق عليه‌السلام أيضا ، لأنّه قال فيها : « لا يفوّت الصلاة من أراد الصلاة ، لا تفوت صلاة النهار حتّى تغيب الشمس ، ولا صلاة الليل حتّى يطلع الفجر » (٤). فتأمّل.

قوله : وجه الدلالة. ( ٣ : ٥٩ ).

__________________

(١) المدارك ٣ : ٣١.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٧٠ / ١٠٧٧ ، الاستبصار ١ : ٢٨٨ / ١٠٥٤ ، الوسائل ٤ : ٢٨٨ أبواب المواقيت ب ٦٢ ح ٣.

(٣) روض الجنان : ١٨٠.

(٤) الفقيه ١ : ٢٣٢ / ١٠٣٠ ، الوسائل ٤ : ١٢٥ أبواب المواقيت ب ٤ ح ٣.

٣٠٦

يدلّ على بطلان ما ذهب إليه الشيخان ومن وافقهما وإتمام مذهب المشهور بضميمة عدم القول بالفصل ، لكن الشيخ رحمه‌الله في النهاية والتهذيب قائل بالفصل ، قائل بجواز التقديم لعذر أو لضرورة إن لم يقدّم تفوت الصلاة (١) ، ولعلّ مثل السفر من الأعذار عنده ، بل الظاهر أنّه كذلك ، فالحجّة عليه أيضا الأخبار المطلقة ، وهي كثيرة : منها : ما ذكر.

ومنها : رواية داود بن فرقد المنجبرة بعمل الأصحاب ومرّت.

ومنها : الموثّق عن زرارة عن أبي عبد الله عليه‌السلام : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى المغرب والعشاء في الحضر قبل أن يغيب الشفق من غير علّة ليتّسع الوقت ، وكذلك فعل في الظهرين ، لكن في كتاب العلل ذكر موضع ( قبل أن يغيب الشفق ) : بعد أن يغيب الشفق (٢) ، وبمضمونها روى إسحاق بن عمار عن الصادق عليه‌السلام (٣).

ومنها : رواية إسماعيل بن مهران عن الرضا عليه‌السلام (٤).

قوله : والجواب بالحمل على وقت الفضيلة جمعا بين الأدلّة. ( ٣ : ٥٩ ).

الحمل على التقيّة أو الاتقاء أقرب ، لكن الأولى والأفضل بل الأحوط أيضا أن لا يصلّى قبل غيبوبة الشفق ، خروجا عن الخلاف والريبة الحاصل‌

__________________

(١) النهاية : ٥٩ ، التهذيب ٢ : ٣٤.

(٢) الكافي ٣ : ٢٨٦ / ١ ، التهذيب ٢ : ٢٦٣ / ١٠٤٦ ، علل الشرائع : ٣٢١ / ٣ ، الوسائل ٤ : ٢٢٢ أبواب المواقيت ب ٣٢ ح ٨.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٦٣ / ١٠٤٧ ، الوسائل ٤ : ٢٢٣ أبواب المواقيت ب ٣٢ ح ١٠.

(٤) الكافي ٣ : ٢٨١ / ١٦ ، التهذيب ٢ : ٢٦٠ / ١٠٣٧ ، الوسائل ٤ : ١٨٦ أبواب المواقيت ب ١٧ ح ١٤.

٣٠٧

من اختلاف الأخبار ، وإن كان الظاهر جواز الفعل قبل غيبوبة الشفق ، لما ذكرناه ، فتدبّر.

قوله (١) : لأخّرت العتمة. ( ٣ : ٦٠ ).

وفي العلل ، في الموثق كالصحيح ، عن الصادق عليه‌السلام : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو لا نوم الصبي وعلّة الضعيف لأخّرت العتمة إلى ثلث الليل » (٢).

قوله : إلى ثلث الليل. ( ٣ : ٦٠ ).

وفي رواية رجاء بن أبي ضحّاك : أنّ الرضا عليه‌السلام كان يصلّي العشاء قريب ما يمضي من الليل الثلث (٣).

وصحيحة ابن سنان لا دلالة لها على الاستحباب ، لأنّ فعله عليه‌السلام في ليلة من الليالي مخالفا لطريقته المستمرّة لا يكون ظاهرا في رجحانه في نفسه ، بل ربما كان مشيرا إلى خلافه ، وأنّه كان في تلك الليلة علّة وداع.

وأمّا غير الصحيحة فلا يكون حجّة عند الشارح ، بل هو معارض للأخبار الكثيرة الدالّة على رجحان المسارعة وأفضلية أوّل الوقت ، ومرّ بعضها في بحث أوّل وقت العصر (٤) ، فلا حظ وتأمّل.

قوله : أجمع العلماء كافّة. ( ٣ : ٦١ ).

مقتضى هذا الإجماع والأخبار الموافقة له تعيّن كونه ابتداء الفجر ، فما في صحيحة زرارة : من أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يصلّي إذا أضاء حسنا‌

__________________

(١) هذه التعليقة ليست في « ج » و « د ».

(٢) علل الشرائع : ٣٦٧ / ٢ ، الوسائل ٤ : ٢٠١ أبواب المواقيت ب ٢١ ح ٦.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٨٠ / ٥ ، الوسائل ٤ : ٥٥ أبواب أعداد الفرائض ب ١٣ ح ٢٤.

(٤) المدارك ٣ : ٤٥.

٣٠٨

ـ مع أنّه لا يدلّ على كون ذلك أوّل وقت الإجزاء ـ لا يقاوم ما ذكرنا ، فلعلّه محمول على الأفضلية أو الاحتياط التامّ في تحقّق الصبح. وأمّا القبطية البيضاء (١) إذا نشرت في أفق المصلّي في سواد الليل فلعلّه لا يظهر منه أزيد من الفجر المعترض المتحقّق ، فتأمّل جدّا.

قوله : « وأضاء حسنا » ( ٣ : ٦١ ).

في دلالتها على ما ذكره تأمّل ، فالعمدة هو الإجماع والأخبار المنجبرة به ، وسيجي‌ء في صحيحة ابن سنان وحسنة الحلبي : « انّ وقت الفجر حين ينشقّ الفجر إلى أن يتجلّل الصبح السماء » ، وفي الصحيح ، عن يزيد بن خليفة ، عنه عليه‌السلام : « وقت الفجر حين يبدو حتى يضي‌ء » (٢).

قوله : وما رواه الشيخ في الموثّق. ( ٣ : ٦٢ ).

في هذه الموثقة شي‌ء ذكر سابقا (٣) مع أنّ الشارح رحمه‌الله لا يقول بحجية الموثق ، فالعمدة الأخبار المنجبرة بالشهرة وصحيحة ابن يقطين بعد ثبوت الإجماع المركّب ، لكن في دلالتها على كون ما بعد الإسفار وقت الاختيار تأمّل.

قوله : فإنّ لفظ لا ينبغي ظاهر في الكراهة. ( ٣ : ٦٣ و ٦٤ ).

يمكن أن يقال : إنّ عدم الانبغاء أعمّ من الكراهة والحرمة ، لكن قوله قبل ذلك : « وقت الفجر حين ينشقّ الفجر إلى أن يتجلّل الصبح » مقتضاه أنّ بعد التجلّل لا يكون وقت الفجر بدلالة مفهوم الغاية ، وهو من أقوى‌

__________________

(١) راجع الوسائل ٤ : ٢٠٩ أبواب المواقيت ب ٢٧ ح ١.

(٢) الكافي ٣ : ٢٨٣ / ٤ ، التهذيب ٢ : ٣٦ / ١١٢ ، الوسائل ٤ : ٢٠٧ أبواب المواقيت ب ٢٦ ح ٣.

(٣) راجع ص ٣٠٦.

٣٠٩

المفاهيم ، وكذا قوله بعد ذلك : « ولكنّه وقت. » ظاهر في كونه وقتا لهؤلاء الجماعة خاصّة ، فتعيّن كون « لا ينبغي » هنا للحرمة.

والشغل وإن كان أعمّ ، إلاّ أنّه ربما يكون الظاهر المتبادر في أمثال المقام الضروري ، مع أنّه لم يقل : لمن له شغل ، بل قال : « شغل » ومعلوم أنّ المراد : شغل عن الصلاة وتركها من جهة شغله ، ومعلوم أنّه يصلّي حينئذ البتّة ، لا أنّه يترك الصلاة من جهة أنّه شغل عنها ، فلا مانع من أن يكون وقتا ، أمّا بالنسبة إلى الضروري فوقت الأداء ، وأمّا غير الضروري فوقت القضاء ، وعلى أيّ تقدير وقت لمن شغل عنها أو نسي أو نام ، لا أنّه وقت مطلقا ، لكنه لا يقاوم أدلة المشهور ، ومع ذلك الاحتياط واضح ، فتأمّل.

ويدل على مختار الشيخ ومن وافقه صحيحة أبي بصير أنّه سأل الصادق عليه‌السلام : متى يحرم الطعام على الصائم وتحلّ صلاة الفجر؟ قال : « إذا اعترض الفجر فكان كالقبطية البيضاء ، فثم يحرم الطعام وتحلّ الصلاة » ، قلت : أو لسنا في وقت إلى أن يطلع [ شعاع ] الشمس؟ قال : « هيهات ، أين تذهب؟ تلك صلاة الصبيان » (١).

قوله : لا يدل على المطلوب. ( ٣ : ٦٨ ).

بل دلالتها على خلاف المطلوب أظهر.

قوله (٢) : فقال الشيخ في النهاية وجمع من الأصحاب : وقت نافلة الظهر. ( ٣ : ٦٨ ).

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٨١ / ٣٦١ ، التهذيب ٤ : ١٨٥ / ٥١٤ ، الوسائل ٤ : ٢٠٩ أبواب المواقيت ب ٢٧ ح ١ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصادر.

(٢) هذه التعليقة ليست في « أ » و « و».

٣١٠

لا يخفى أنّ المصنّف نقل القول بابتداء النافلة ما دام وقت الاختيار باقيا ، وكذلك نقل الشهيد في الدروس ، ثم قال : وظاهر الشيخ في المبسوط استثناء قدر الفريضتين (١).

أقول : القائل بوقت الاختيار والاضطرار كيف يجوّز فعل النافلة مقدّما على الفريضة إلى آخر وقت الاختيار؟ إذ يلزم منه تأخير الفريضة عنه من غير اضطرار ، فلعله أيضا يقول مثل الشيخ ، ويحتمل أن يكون هذا القائل هو الشيخ ، كما يظهر من الشارح ويكون الشهيد توهّم من ظاهر المصنّف.

وممّا ذكر ظهر مستند الشيخ ، إذ مرّ الأخبار الدالة على انتهاء وقت الاختيار بصيرورة ظلّ كلّ شي‌ء مثله ، وسيجي‌ء أنّ حائط مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان ذراعا ، فيكون ظاهر صحيحة زرارة الآتية ابتداء وقت النافلة إلى أن يصير ظلّ كلّ شي‌ء مثله ، لكن مقتضى ما دل على انتهاء وقت الاختيار إلى ذلك أيضا استثناء مقدار الفريضة البتّة ، لعدم جواز تأخير الفريضة عن المثل ، بل في قوية سماعة المروية في الكافي والتهذيب : « وليس بمحظور عليه أن يصلّي النوافل من أوّل الوقت إلى قريب من آخر الوقت » (٢).

قوله : والطعن في سند الروايات المتضمّنة لذلك. ( ٣ : ٦٩ ـ ٧٠ ).

لا يخفى أنّه يحصل للمجتهد من أمثال هذه الأخبار ظنّ بل وقويّ منه ، لأنّ الخبر في نفسه يفيد الظنّ ، سيّما والمشايخ العظام ضبطوها واعتنوا‌

__________________

(١) الدروس ١ : ١٤٠.

(٢) الكافي ٣ : ٢٨٨ / ٣ ، التهذيب ٢ : ٢٦٤ / ١٠٥١ ، الوسائل ٤ : ٢٢٦ أبواب المواقيت ب ٣٥ ح ١.

٣١١

بشأنها ، بل وحكموا بصحتها إلى غير ذلك من الأمارات ، وقد أشرت إلى كثير منها في تعليقتنا على الرجال الكبير من الميرزا رحمه‌الله ، والمدار في الفقه على الظنون ، ولم نجد لكلّ ظنّ اعتبروا دليلا قطعيا يدل على اعتباره بالخصوص ، كما هو غير خفي ، وليس من جانب قوله تعالى ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ ). (١) مانع ، كما بينته مبسوطا في التعليقة (٢).

سلّمنا ، لكن لا يخفى أنّ المناط في الألفاظ وموضوعات الأحكام هو الظنون ، وليس هذه بأنقص من مثل قول صاحب القاموس ، وغير خفي أنّه لو كان قال : المصطلح في أمثال ذلك الزمان أنّه متى قالوا : القامة ، أرادوا به الذراع في أمثال المقام ، كنتم تعتمدون عليه في فهم الحديث ، وفي المقام ورد أخبار متعدّدة متضمّنة لهذا المعنى ، منها : رواية صالح بن سعيد (٣) وغيرها من الأخبار ، فلا وجه لعدم الاعتماد بعد ما ظهر من اشتراك العلّة وعدم ضرر المانع ، وغير خفي أنّ العلّة هي ما أشرنا من الاكتفاء بالظنّ في موضوع الحكم الشرعي ، ولا يقدح فسق الناقل ولا كفره ، كما هو المحقّق في موضعه ، نعم وقع الخلاف في إثبات اللغة بالقياس أو الدليل ، والمشهور العدم ، فتأمّل.

قوله : صريح في اعتبار قامة الإنسان. ( ٣ : ٧٠ ).

لا يخفى أنّه ليس بصريح بعد ما علم من أنّه يكفي في الإضافة أدنى ملابسة ، غاية الأمر الظهور ، لكن بعد ما ثبت من أنّ لفظ القامة اصطلاح في‌

__________________

(١) الحجرات : ٦.

(٢) انظر تعليقات الوحيد على منهج المقال : ٣ ، ٤.

(٣) الكافي ٣ : ٢٧٧ / ٧ ، التهذيب ٢ : ٢٤ / ٦٧ ، الوسائل ٤ : ١٥٠ أبواب المواقيت ب ٨ ح ٣٤.

٣١٢

الذراع أو سلّم ذلك [ و ] (١) كان الظاهر بل المعنى الحقيقي الذي هو المنصوص من لفظ القامة هو الذراع ، لعلّه لا يبقى ظهور ، سيّما بعد ملاحظة الأخبار الواردة في المثل والمثلين ، والقامة والقامتين ، والذراع والذراعين فتأمّل.

قوله : ويمكن أن يستدل للقول الثالث. ( ٣ : ٧٠ ).

في الاستدلال بما ذكر نظر ظاهر ، لأنّ الروايتين تدلان دلالة واضحة على أنّ النافلة صحيحة في جميع الأوقات ، ليس لصحتها شرط من طرف الوقت ، كما أنّ الهدية ليس لها شرط من طرفه ، بل صرّح في الأخيرة بأنكّ إن شئت في أوّل النهار وإن شئت في الوسط والآخر من دون تفاوت ، والقائل لا يجوّز ذلك جزما ، بل يجعلها من الموقّتة وقتها دائرا مع وقت الفريضة ( كوقت الفريضة ) (٢).

والأخبار الدالّة على عدم اشتراط الوقت لها كثيرة ، بل بعضها صريح في أنّ فعلها في أوقاتها المعهودة أفضل ، وإلاّ ففي أيّ وقت فعلت تكون صحيحة ، مثل رواية القاسم بن الوليد : أنّه سأل الصادق عليه‌السلام : نوافل النهار كم هي؟ قال : « ستّ عشرة ، أيّ ساعات النهار شئت أن تصلّيها صلّيتها ، إلاّ أنّك إذا صلّيتها في مواقيتها أفضل » (٣).

وفي الصحيح عن عبد الأعلى : أنّه سأل الصادق عليه‌السلام عن نافلة النهار ، قال : « ستّ عشرة ركعة متى ما نشطت ، إنّ علي بن الحسين عليه‌السلام كان له ساعات من النهار يصلّي فيها ، فإذا شغله ضيعة أو سلطان قضاها ، إنّ النافلة‌

__________________

(١) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.

(٢) ما بين القوسين ليس في « ج ».

(٣) التهذيب ٢ : ٩ / ١٧ ، الوسائل ٤ : ٥١ أبواب أعداد الفرائض ب ١٣ ح ١٨.

٣١٣

بمنزلة الهدية متى أتي بها قبلت » (١).

ويظهر بملاحظة صدر هذه الرواية وذيلها أنّ القضاء هنا بمعنى الفعل خارج وقت الفضيلة.

فهذه الروايات صريحة في أنّ النافلة في جميع الأوقات صحيحة ومجزئة ، إلاّ أنّ أوقاتها المعهودة ليست أوقات الصحة والإجزاء ، بل هي أوقات الفضيلة ، كما صرّح به في بعضها ، ويقتضيه الجمع بين الأخبار.

فما ذكره في الجواب فاسد أيضا ، لما عرفت ، ولأنّ المطلق والمقيد لا دخل لهما في ما نحن فيه ، فإنّ المقيد نص ، والمطلق فيه ظهور ضعيف بالنسبة إلى عدم القيد ، ولذا يرفع اليد عن الضعيف بسبب القوي والنص ، وما نحن فيه ليس كذلك جزما ، كما عرفت ، وسيجي‌ء عن الشارح رحمه‌الله الاعتراف بما ذكرنا.

قوله : واستدل بما رواه في الصحيح عن إسماعيل بن جابر. ( ٣ : ٧٢ ).

يدل عليه أيضا ما رواه هو والكليني عن حمّاد بن عيسى في الصحيح ، عن يزيد بن ضمرة الليثي ، عن محمد ، عن الباقر عليه‌السلام : الرجل يشتغل عند الزوال أيعجل من أوّل النهار؟ قال : « نعم إذا علم أنّه يشتغل فيعجّلها في صدر النهار كلّها » (٢) والظاهر أنّ هذا الشرط لأجل تدارك الفضيلة ، وإلاّ فظاهر الأخبار الجواز مطلقا ، كما يشير إليه الشارح رحمه‌الله بل بالنسبة إلى جميع النوافل أيضا من غير خصوصية بنافلة الزوال.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٦٧ / ١٠٦٥ ، الوسائل ٤ : ٢٣٣ أبواب المواقيت ب ٣٧ ح ٧.

(٢) الكافي ٣ : ٤٥٠ / ١ ، التهذيب ٢ : ٢٦٨ / ١٠٦٧ ، الوسائل ٤ : ٢٣١ أبواب المواقيت ب ٣٧ ح ١.

٣١٤

قوله : ويدل عليه أيضا حسنة محمد بن عذافر. ( ٣ : ٧٣ ).

وفي الكافي روى بسنده عن محمد بن عذافر ، عن عمر بن يزيد ، عن الصادق عليه‌السلام : « اعلم أنّ النافلة بمنزلة الهدية متى ما أتي بها قبلت » (١).

قوله : إنّ النهي عن التطوع في وقت الفريضة إنّما يتوجّه إلى غير الرواتب. ( ٣ : ٧٤ ).

المستفاد من الأخبار شمول التطوّع للراتبة أيضا ، منها صحيحة زرارة المتقدّمة ، بل في صحيحته الأخرى التي سنذكرها في مبحث قضاء الفوائت على الضيق : « إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتى تبدأ بالمكتوبة » (٢) بل تتمّة هذه الصحيحة دالة على شمولها للراتبة التي تزاحم فريضتها أيضا ، فالظاهر أنّ المراد من الوقت ليس وقت الجواز بل المقرّر الموظّف شرعا أن يصلّى فيه لأجل النافلة ، أو الأولوية ، وإن جاز التقديم عليه ، فتأمّل.

قوله : وتشهد له صحيحة أبان بن تغلب. ( ٣ : ٧٤ ).

ورواية رجاء بن أبي ضحّاك أنّ الرضا عليه‌السلام كان إذا صلّى المغرب وسلّم جلس في مصلاّه يسبّح الله ويحمده ويكبّره ويهلّله ما شاء الله ثم يسجد سجدتي الشكر ، ثم يرفع رأسه ولم يتكلّم حتى يقوم فيصلّي أربع ركعات بتسليمتين (٣) ، فتأمّل.

لكن يشهد للمشهور ما ورد في أخبار متعدّدة أنّ المفيض من عرفة‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٥٤ / ١٤ ، الوسائل ٤ : ٢٣٢ أبواب المواقيت ب ٣٧ ح ٣.

(٢) الذكرى : ١٣٤ ، الوسائل ٤ : ٢٨٥ أبواب المواقيت ب ٦١ ح ٦.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٨٠ / ٥ ، الوسائل ٤ : ٥٥ أبواب أعداد الفرائض ب ١٣ ح ٢٤.

٣١٥

إذا صلّى المغرب في المزدلفة يؤخّر النافلة إلى ما بعد العشاء (١). فلعلّ الأولى بل الأحوط متابعة المشهور في العمل ، فتأمّل.

قوله (٢) : قال : الثلث الثاني. ( ٣ : ٧٦ ).

في بعض النسخ : الثلث الباقي (٣) ، وهو الموافق لفتوى الأصحاب ، وفي كتاب العلل روى بطريق صحيح على الظاهر ، عن الباقر عليه‌السلام : « أنّ قوله تعالى ( تَتَجافى جُنُوبُهُمْ ) (٤) الآية ، نزلت في أمير المؤمنين عليه‌السلام وأتباعه من شيعتنا ، ينامون في أوّل الليل ، فإذا ذهب ثلثا الليل أو ما شاء الله فزعوا إلى ربّهم » (٥) الحديث ، وفي كتاب الخصال : في الخصال التي سأل عنها أبو ذر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيّ الليل أفضل؟ قال : « جوف الليل الغابر » (٦) أي الباقي.

قوله : وهو مشترك بين جماعة منهم الضعيف. ( ٣ : ٧٧ ).

الضعف منجبر بالفتاوى ، مع أنّ الظاهر هارون بن مسلم.

قوله : واستدلوا عليه برواية محمد بن مسلم. ( ٣ : ٨٨ ).

لا يخفى أنّ المستفاد من الأخبار المنع عن مطلق النافلة الراتبة وغيرها ، بل بعضها صريح في الراتبة ، وأنّ المراد من وقت الفريضة ليس وقت الإجزاء بل الوقت المقرّر للفريضة بأن لا يصادم بالنافلة.

قوله : الطاطري. ( ٣ : ٨٨ ).

__________________

(١) انظر الوسائل ١٤ : ١٤ أبواب الوقوف بالمشعر ب ٦.

(٢) هذه الحاشية والتي بعدها ليست في « أ » و « و».

(٣) وهو الموافق للمصادر.

(٤) السجدة : ٦٢.

(٥) علل الشرائع : ٣٦٥ / ٤.

(٦) الخصال : ٥٢٣ / ١٣.

٣١٦

الموثّق حجّة ، كما قرّرنا في محلّه ، مع أنّها منجبرة بعمل الأصحاب والشهرة العظيمة لو لم يثبت بالإجماع ، فتأمّل ، ومع ذلك منجبر بالصحيح أيضا.

قوله : ويمكن حمل هذه الروايات على الأفضلية. ( ٣ : ٨٩ ).

فيه : أنّ الحمل بعد التكافؤ ، والحسنة ليست متكافئة للصحيحة ، سيّما مع معاضدتها بالأخبار الكثيرة المنجبرة ، وقوّة الدلالة ، لعدم جواز الصوم النافلة ممّن عليه فريضة ، وجواز إرادة الفضل في الأمر الواجب ، وإن كان الظاهر منه الاستحباب ، إلاّ أن يتمسك بصحيحة عمر بن يزيد ويقوّي الحسنة بها ، لأنّ الظاهر منها عدم المنع في غير الوقت الذي شرع المقيم فيه بالإقامة : مقيم إمام المصلّي ، وهذا يخالف مقتضى صحيحة زرارة وغيرها ، ولم يقل أحد بهذا التفصيل ، مع أنّه يضرّ القائلين بالمنع على أيّ حال ، فيجب حمل تلك الأخبار على الاستحباب ، فتأمّل.

قوله (١) : في صحيحة زرارة الواردة في من فاته شي‌ء من الصلوات. ( ٣ : ٩٠ ).

سيجي‌ء الكلام في المقام في كتاب قضاء الصلاة (٢).

قوله : كما بيّناه فيما سبق ( ٣ : ٩٢ ).

قد بيّنا فيما سبق (٣) أنّ الحقّ مع العلاّمة رحمه‌الله وإن كان القضاء بفرض جديد ، كما صرّح به العلاّمة واختاره صريحا (٤) ، وذلك لأنّ القضاء‌

__________________

(١) هذه الحاشية ليست في « أ ».

(٢) يأتي في ج ٣ : ٣٣٦ ـ ٣٣٧.

(٣) راجع ج ١ : ٣٨٢ ـ ٣٨٣.

(٤) مبادئ الوصول : ١١٢.

٣١٧

تدارك ما فات ، وليس له معنى سوى ذلك ، والأدلة الدالة على وجوب القضاء أيضا تقتضي ذلك ، لأنّهم حكموا بفعل الصلاة التي فاتت [ و ] (١) فيما لم يكن له وقت الصلاة لا يقال : فاتت الصلاة ، بل يقال : لم يجب بعد ولم يطلب. ألا ترى أنّه في وقت الضحى لا يقال : فاتت الصلاة ، أي صلاة الظهر الآتية ، وهذا من البديهيّات ، فكما أن وقت الضحى لا يقال : فاتت ، فكذلك أوّل الزوال أيضا لا يقال : فاتت ، لأنّها لم تجب بعد ، نعم في الظنّ إدراك الصلاة ، ويمكن أن يقال : بحسب المظنّة تعلّق الخطاب ، لكن إذا ظهر يقينا أنّه ما تعلّق به الخطاب من جهة عدم الوقت ـ والوقت شرط للتكليف والخطاب ـ لم يصدق الفوت والقضاء ، فتأمّل.

قوله : وهذه الروايات وإن ضعف سندها. فيتعين العمل بها ( ٣ : ٩٣ ).

هذا حقّ ، كما بيّنا سابقا ، لأنّ الله تعالى أمر في خبر الفاسق بالتبيّن لا الردّ ، والتبيّن حاصل بعمل الطائفة ، وإن لم يصل إلى حدّ الإجماع ، لأنّ الله تعالى شرط للعمل بالخبر أحد شرطين : العدالة أو التبيين ، فكما يكتفون في الأوّل بالظنّ كذا يكتفون في الآخر ، لأنّ الدليل واحد ، ولا يمكن إثبات العدالة في جميع سلسلة سند الحديث بشهادة العدلين ، بل لا يمكن الشهادة أصلا ، كما حقّق في محلّه ، وإنّ المدار على الترجيحات الاجتهادية ، هذا.

لكن هذا خلاف ما صرّح به الشارح مرارا من أنّ عمل الأصحاب لا ينفع ضعف السند ، لأنّه إن بلغ حدّ الإجماع فهو حجّة لا فائدة في الخبر ،

__________________

(١) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة.

٣١٨

وليس هو حجّة ، وإلاّ فأيّ فائدة في عمل الأصحاب؟!

قوله : وإن كان بعضه وقتا للعصر لولا إدراك الركعة. ( ٣ : ٩٥ ).

مقتضى الاستصحاب كونه وقتا للظهر ، وأيضا لا شكّ في أنّ الآن لا يصح غير الظهر فيه ، فكيف يكون وقتا للعصر؟! إلاّ أن يراد من الوقت ما يصح الفعل فيه في الجملة ، فيكون بهذا المعنى وقتا للظهر والعصر معا ، ولا مشاحّة في الاصطلاح ، إلاّ أنّه في الواقع إلى الآن وقت الظهر ، كما لا يخفى.

قوله : وهو ضعيف جدّا. ( ٣ : ٩٧ ).

لعلّ مراده رحمه‌الله أنّ المولى إذا طلب من عبده أمرا فالامتثال موقوف على الإتيان بذلك الأمر على سبيل اليقين ، لأنّ الإطاعة والامتثال هو الإتيان بنفس ما طلب منه ، لا بما ظنّ أنّه الذي طلب ، إلاّ مع صورة تعذّر العلم به ، فهو قرينة على أنّ المطلوب منه هو مظنونه ، فحيث يتأتّى الإتيان بنفس المطلوب لو أتى بما هو ظنّة يذمّه العقلاء ، ويعدّونه غير المطيع ، ولا تأمّل في ذمّ العقلاء حينئذ ، سيّما بعد ملاحظة الآيات والأخبار في منع العمل بغير العلم ، وأنّه لا يجوز التعويل عليه.

قوله : بانتفاء ما يدل على ثبوت التكليف مع الظنّ للمتمكّن من العلم. ( ٣ : ٩٧ ).

هذه العبارة لا يخفى ما فيها ، إذ لم يفهم منها معنى محصّل ، فالأولى الاستدلال بما ذكرناه ، أو تبديل هذه بقول : التعويل على الظنّ ، فتدبّر.

قوله : وتدل عليه صحيحة ذريح المحاربي. ( ٣ : ٩٨ ).

لا دلالة في الروايتين على ما ذكره ، سيّما الثانية ، بل تدل على خلاف ما ذكره ، فالأظهر أنّ المراد فيهما التعويل على الأذان المفيد للظنّ أيضا إذا‌

٣١٩

كان وثوق بالمؤذّن ، والرواية الأولى تدل على عدم التعويل على الظنّ مطلقا ، لا أذان الموثوق به ولا غيره.

فالأجود في الجمع أنّ مع تيسّر العلم لا يجوز التعويل على الظنّ. وفي صلاة الفجر يتيسّر العلم غالبا. وأمّا إذا لم يتيسّر العلم كما في الظهر يجوز التعويل على أذان الثقة أعمّ من أن يكون عادلا أم لا. وعدم تيسّر العلم غالبا في الظهر ظاهر ، إذ تيسّر العلم فيه إنّما هو بالتأخير لا أوّل الوقت ، والشارع يرضى بأذان الثقة ، بل بكلّ ظنّ إذا لم يتيسّر العلم ، كما سيجي‌ء ، فتأمّل.

قوله : وهذا يشمل الاجتهاد في الوقت والقبلة. ( ٣ : ٩٩ ).

في العموم تأمّل.

قوله : ويمكن المناقشة في الروايتين الأوّلتين بضعف السند ، وفي الثالثة بقصور الدلالة. ( ٣ : ٩٩ ).

الضعف منجبر بالشهرة العظيمة والإجماع المدعى ، والدلالة في الثالثة لا قصور فيها ، إذ لا خفاء في أنّ الظاهر من مضيّ الصوم صحته وقبوله ، ويؤيّده قوله عليه‌السلام : « وتكفّ عن الطعام » إذ الصوم مطلق ، ويؤيّده أيضا عدم الأمر بالقضاء والكفّارة ، مع أنّ النهار مستصحب حتى يثبت خلافه. وأمّا الفرق بين الصوم والصلاة ففاسد ، لعدم القول بالفصل ، وابن الجنيد لم يفرّق قطعا ، فكيف يقول : قوله لا يخلو من قوّة؟ مع أنّ المستفاد من قوله : « فإن رأيته بعد ذلك » أنّه إذا لم يره لا يكون عليه إعادة ، ومجرّد عدم الرؤية لا يجعل ظنّه قطعا وعلما ، وهو ظاهر. فالرواية في غاية الظهور في أنّ الحكم في الصلاة أيضا كذلك.

٣٢٠