الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٢

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

الحاشية على مدارك الأحكام - ج ٢

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-170-2
ISBN الدورة:
964-319-168-0

الصفحات: ٤٣١

فيه أيضا ما لا يخفى.

قوله : وطلب الرئاسة المهلكة ( ٢ : ٣٨٠ ).

لا يخفى ما فيه ، فإنّ طلب الرئاسة (١) لا ينحصر في خصوص الظرف ، ولا في الذهب والفضّة ، سيّما الفضّة ، إذ الجواهر لا مناسبة بينها وبين الفضّة في علوّ الثمن (٢) وحصول الرفعة ، فتأمّل.

قوله : تردّد ، منشؤه. ( ٢ : ٣٨١ ).

لا تردّد في كونهما آنية حقيقة ، نعم يمكن دعوى عدم كونهما من الأفراد المتبادرة ، مع تأمّل في ذلك ، مع أنّك عرفت أنّ صحيحة ابن بزيع يشهد على المنع كيف كان ، وكذا ما سيذكره من تلك الصحيحة.

وفي الفقيه ، عن بريد ، عن الصادق عليه‌السلام : كره الشرب في الفضّة ، وفي القدح المفضّض ، وكذلك التدهّن من مدهن مفضّض ، والمشط كذلك (٣).

وفي الكافي والتهذيب ، في الصحيح عن الكاظم عليه‌السلام : عن السرج واللجام فيه الفضّة ، أيركب به؟ قال : « إن كان مموها لا يقدر على نزعه فلا بأس ، وإلاّ فلا يركب به » (٤) ، والمموه : ان يكون طلي بفضّة أو ذهب.

وفي الكافي ، بسنده عن الصادق عليه‌السلام : عن السرير فيه الذهب ، أيصلح إمساكه في البيت؟ فقال : « إن كان ذهبا فلا ، وإن كان ماء الذهب‌

__________________

(١) في « ج » و « د » زيادة : المهلكة.

(٢) في « ج » و « د » : الشأن.

(٣) الفقيه ٣ : ٢٢٢ / ١٠٣٢ ، المحاسن : ٥٨٢ / ٦٦ ، الكافي ٦ : ٢٦٧ / ٥ ، الوسائل ٣ : ٥٠٩ أبواب النجاسات ب ٦٦ ح ٢ ، ٣.

(٤) الكافي ٦ : ٥٤١ / ٣ ، التهذيب ٦ : ١٦٦ / ٣١٣ ، الوسائل ١١ : ٤٩٧ أبواب أحكام الدوابّ ب ٢١ ح ١.

٢٨١

فلا بأس » (١). لكن ورد في الأخبار عدم البأس في تحلية السيف بالذهب والفضّة ، وأنّ نعل سيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقائمته فضّة ، وفيه أيضا حلق من فضّة ، وكذا في درعه (٢).

قوله : فيه ضبّة فضّة. ( ٢ : ٣٨٣ ).

وفي الكافي ، بسنده إلى عمرو بن أبي المقدام : أنه رأى الصادق عليه‌السلام قد اتي بقدح من ماء فيه ضبّة من فضّة نزعها بأسنانه (٣).

قوله : لأنّ الماء أسرع نفوذا من غيره. ( ٢ : ٣٨٩ ).

ربما يبقى في مسامات الظروف المذكورة الأجزاء الخمرية اليابسة المنجمدة العالقة ، فإن علم زوالها فلا كلام في حصول الطهارة ، وإلاّ فبمجرّد الاستدلال بكون الماء أسرع نفوذا لا يحصل العلم بالزوال ، بل ولا الظنّ.

قوله : والجواب عن الأوّل أوّلا بالمنع عن ما ذكره. ( ٢ : ٣٨٩ ).

المنع لا يكفي في ثبوت المطهّر الشرعي بعد الحكم بالنجاسة الشرعية.

قوله : فيتصل بما يحصل فيه من المأكول والمشروب ( ٢ : ٣٨٩ ).

فيه : أنّه ينجس المأكول والمشروب حينئذ ، والكلام إنّما هو على تقدير نجاسة الخمر ، كما هو المشهور والأقوى.

__________________

(١) الكافي ٦ : ٤٧٦ / ١٠ ، الوسائل ٣ : ٥١٠ أبواب النجاسات ب ٦٧ ح ١.

(٢) الوسائل ٥ : ١٠٤ أبواب أحكام الملابس ب ٦٤.

(٣) الكافي ٦ : ٢٦٧ / ٦ ، الوسائل ٣ : ٥١٠ أبواب النجاسات ب ٦٦ ح ٦.

٢٨٢

والحاصل : أنّ أجزاء الخمر إن كانت تزول بالغسل البتّة ـ كما ذكره ـ فلا وجه للنهي ، وإن كان من الجهة التي ذكرها ، مع أنّها بعينها كلام المستدل ومطلوبه ، وإلاّ فلا وجه لما ذكره : من أنّ الماء أسرع نفوذا ، ولا شي‌ء من جوابيه.

قوله : ويغسل الإناء. ( ٢ : ٣٩٠ ).

في الفقه الرضوي : « فإن وقع في الإناء وزغ أهريق ذلك الماء ـ أي ماء الإناء ـ ، وإن وقع كلب أو شرب منه أهريق الماء وغسل الإناء ثلاث مرّات ، مرّة بالتراب ، ومرّتين بالماء ، ثم يجفّف » (١).

قوله (٢) : إلاّ أنّ المصنف في المعتبر نقله بزيادة لفظ مرّتين. ( ٢ : ٣٩٠ ).

وفي الغوالي أيضا نقل الحديث بلفظ مرّتين (٣).

قوله : ولا يبعد أن تكون الزيادة وقعت سهوا. ( ٢ : ٣٩١ ).

لا يخفى ما فيه ، إذ كيف يتحقق إجماع من الأصحاب ، واتفاق قدمائهم ومتأخّريهم على الفتوى بتكرار الغسل ، وأفتى المصنّف أيضا في كتبه كذلك ، ويأتي بدليل لذلك ويريد إثباته من الحديث (٤) ، فكيف يجوز كون ذلك محض سهو من قلم الناسخ ، والباقون قلّدوه؟ إذ لعلهم اطلعوا على كون الحديث كذلك في كتاب مدينة العلم أو غيره من الأصول ، ويشير إلى ذلك وجود لفظ « مرّتين » في الفقه الرضوي ، واتفاق القدماء‌

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٩٣ ، المستدرك ٢ : ٦٠٢ أبواب النجاسات ب ٤٥ ح ١.

(٢) هذه الحاشية ليست في « ا ».

(٣) عوالي اللآلئ ٢ : ٢١٢ / ١٤٣ ، ٤ : ٤٨ / ١٧١.

(٤) انظر الشرائع ١ : ٥٦ ، والمعتبر ١ : ٤٥٨.

٢٨٣

والمتأخّرين ، ونقل الإجماع (١).

وكيف كان لا تأمّل في الفتوى ، للإجماع المنقول ، والفقه الرضوي المنجبر بعمل الأصحاب ، سيّما في المقام ، لاتفاقهم على عدم الاكتفاء بالمرّة. ويعضده أيضا ما سيجي‌ء في قول المصنف : ومن غير ذلك مرّة. ، فتأمّل.

وأيضا كيف يوجب الغسل مرّتين في نجاسة غير الولوغ ، ويكتفي فيها بالمرّة؟ فيمكن أن يكون المراد : اغسله أوّل مرّة بالتراب ثم بالماء ، يعني : على الطريقة المعهودة في الغسل ، فتأمّل.

قوله : واعتبار التجفيف. ( ٢ : ٣٩١ ).

ذكر في الفقه الرضوي (٢) وطريقته العمل به.

قوله : ومع تعذّر الحقيقة يصار إلى أقرب المجازات. ( ٢ : ٣٩٢ ).

لكن يوجب كون التراب مستعملا في معناه المجازي ، والأصل في استعماله الحقيقة ، وهو أولى من أقربية المجاز ، فعلى تقدير المزج يتحقّق مجازان ، وعلى المشهور يتحقّق مجاز واحد ، فهو أولى جزما ، فتأمّل. والأحوط فعلهما معا ، تحصيلا للطهارة اليقينية.

قوله : وألحق ابن بابويه. ولا نعلم مأخذه. ( ٢ : ٣٩٣ ).

قد عرفت مستنده ، وأنّه الفقه الرضوي.

قوله : لو أصاب الثوب أو الجسد أو الإناء. ( ٢ : ٣٩٣ ).

__________________

(١) انظر الانتصار : ٩ ، والخلاف ١ : ١٧٥ ، والغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٥١ ، والمنتهى ١ : ١٨٧ ، والذكرى : ١٥.

(٢) راجع ص ٢٨٣.

٢٨٤

لا يبعد الحكم بوجوب التعفير وغسل الظرف بالماء مرّتين بانصباب ماء الولوغ فيه ، سيّما إذا انصبّ جميع الماء فيه ، إذ مدخلية كونه في الإناء الأوّل في الحكم المذكور لعلّه في غاية البعد ، فيضعف شمول العمومات الدالة على تطهير النجاسات بمجرّد الغسل لهذه الصورة ، ـ على تقدير تسليم العموم ـ والنجاسة ثابتة مستصحبة حتى يثبت خلافه. ويمكن أن يقال بمثل ذلك إذا انصبّ جميع الغسالة فيه. بل استقرب العلاّمة في النهاية إلحاق هذا الماء بالولوغ ، وعلّله بوجود الرطوبة اللعابية (١) ، فتأمّل.

قوله : لحصول الغرض من الإزالة. ( ٢ : ٣٩٦ ).

الطهارة تحتاج إلى دليل شرعي ، لأنّه محكوم بالنجاسة شرعا ، فلا بدّ من ثبوت رافع لها ، إلاّ أن يكون الغرض الاستناد إلى الإطلاقات والعمومات لو كانت ، والموثق حجّة ، والشيخ ادّعى إجماع الشيعة على العمل بروايات عمّار ومن ماثله (٢) ، فتأمّل.

قوله : بما رواه عن عمّار الساباطي. ( ٢ : ٣٩٧ ).

لعلّ مراده منها ما رواه عن الصادق عليه‌السلام أنّه سأله عن الدنّ يكون فيه الخمر ، هل يصلح أن يكون فيه خلّ أو ماء أو كامخ أو زيتون؟ قال : « إذا غسل فلا بأس وعن الإبريق وغيره يكون فيه خمر ، أيصلح أن يكون فيه ماء؟ قال : « إذا غسل فلا بأس ». لكن بعد هذا بلا فصل قال : في قدح أو إناء يشرب فيه الخمر ، قال : « يغسله ثلاث مرّات » سئل : أيجزيه أن يصبّ فيه الماء؟ قال : « لا يجزيه حتى يدلكه بيده ويغسله ثلاث مرّات » سئل : أيجزيه أن يصبّ فيه الماء؟ قال : « لا يجزيه حتى يدلكه بيده ويغسله‌

__________________

(١) نهاية الإحكام ١ : ٢٩٥.

(٢) انظر عدّة الأصول ١ : ٣٨٠.

٢٨٥

ثلاث مرّات » (١) وفيه ما لا يخفى.

والموثق حجّة ، سيّما مع دعوى الشيخ اتفاق العصابة على العمل بروايات عمّار ومن ماثله ، وخصوصا بعد ثبوت النجاسة وتحقّقها شرعا ، وكون الإزالة تحتاج إلى دليل شرعي من إجماع أو عموم ، فتأمّل.

__________________

(١) الكافي ٦ : ٤٢٧ / ١ ، التهذيب ١ : ٢٨٣ / ٨٣٠ ، الوسائل ٣ : ٤٩٤ أبواب النجاسات ب ٥١ ح ١.

٢٨٦

كتاب الصلاة‌

قوله : والظاهر أنّ هذا المعنى ليس بحقيقة لغة. ( ٣ : ٥ ).

ويمكن أن يكون لفظ الصلاة ، والزكاة ، والحجّ ، والصوم ، والغسل وما يرادف هذه الألفاظ في لغة غير العرب صارت حقيقة في العبادة المخصوصة في الشرع المتقدّم على شرع الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّ كفّار العرب كانوا قبل الرسول يحجّون وكانوا يسمّون ذلك حجّا ، وكذا اليهود والنصارى كانوا يصلّون بحسب شرعهم ، وكان العرب يسمّى صلاة ، وغير العرب ما يرادف ذلك اللفظ ، وكذا كانوا يصومون ويزكّون ويغتسلون من الجنابة ، فلا يبعد صيرورة تلك الألفاظ حقائق في عباداتهم قبل زمان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والرسول غيّر بعض أجزاء عباداتهم أو أكثرها ، ولا يقتضي ذلك تغيّر الاستعمال بحسب الحقيقة ، كما هو الحال في المعاملات ، فتأمّل (١).

قوله : إذ لا يفهم عند الإطلاق من لفظ الصلاة عند أهل العرف إلاّ ذات الركوع أو السجود أو ما قام مقامهما. ( ٣ : ٨ ).

__________________

(١) ليس في « و».

٢٨٧

سيذكر رحمه‌الله أنّ المتبادر من لفظ الصلاة هو الفريضة اليومية ، وهو كذلك ، إلاّ أنّ عدم صحة السلب دليل الحقيقة ، ولعلّه موجود في صلاة الميّت أيضا ، فتأمّل.

قوله : ونقل الشيخ فيه الإجماع. ( ٣ : ١٠ ).

ربما يظهر من كلامه في التهذيب وقوع الخلاف في النوافل النهارية دون الليلية ، وأنّه فهم الخلاف من الأخبار (١).

قوله : إذ لا دلالة في ما تضمّن الأقل على نفي استحباب الزائد. ( ٣ : ١٢ ).

في جملة الحديث المعروف الذي رواه عبد الله بن زرارة عن الصادق عليه‌السلام في اعتذاره إلى زرارة من جهة ذمّة له ـ وهو مذكور في الكشّي ـ : « فلا يضيقنّ صدرك من الذي أمرك أبي وآمرك وأتاك أبو بصير بخلاف الذي أمرناك ، فلا والله ما أمرناك ولا أمرناه إلاّ بأمر وسعنا ووسعكم الأخذ به ، ولكل ذلك عندنا تصاريف ومعان يوافق الحق ». إلى أن قال : « وعليك بالصلاة الستة والأربعين » إلى أن قال : « والذي أتاك به أبو بصير من صلاة إحدى وخمسين والإهلال بالتمتّع بالعمرة إلى الحجّ فلذلك عندنا معان وتصاريف يسعنا ويسعكم ، ولا يخالف شي‌ء من ذلك الحقّ ولا يضادّه » (٢) فلاحظ الحديث وتأمّل مجموعه ، فإنّ فيه فوائد عظيمة.

قوله : ونافلة العصر ثمان ركعات قبلها ( ٣ : ١٣ ).

قال الصدوق في أماليه : من دين الإمامية الإقرار بأنّ نافلة العصر ثمان ركعات قبلها ، والمغرب أربع ركعات بعدها ، والعشاء ركعتان من جلوس‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٩.

(٢) رجال الكشي ١ : ٣٤٩ / ٢٢١ ، الوسائل ١١ : ٢٥٧ أبواب أقسام الحج ب ٥ ح ١١.

٢٨٨

تحسبان بركعة ، وهي وتر لمن لم يلحق الوتر في آخر الليل (١) ، انتهى. وكذا في عيون أخبار الرضا عليه‌السلام في ما كتب للمأمون من محض الإسلام إلى قوله : « وهي وتر. » (٢).

قوله : الأفضل المبادرة بها. ( ٣ : ١٤ ).

في كشف الغمّة أنّ الجواد عليه‌السلام صلّى المغرب ، فقرأ في الأولى الحمد وإذا جاء نصر الله ، وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد ، وصلّى الثالثة وتشهّد وسلّم ، ثم جلس هنيئة يذكر الله تعالى ، وقام من غير أن يعقّب ، فصلّى النوافل أربع ركعات ، وعقّب بعدها ، وسجد سجدتي الشكر ، الحديث (٣) ، لكن في رواية رجاء بن أبي ضحّاك في العيون : أنّ الرضا عليه‌السلام كان إذا صلّى المغرب وسلّم جلس في مصلاّه يسبّح الله ويحمده ويهلّله ما شاء الله ، ثم يسجد سجدة الشكر ، ثم يرفع رأسه ولم يتكلم حتى يقوم ويصلّي أربع ركعات بتسليمتين ، الحديث (٤).

قوله : والظاهر أنّ المراد به سجدة الشكر والكل حسن. ( ٣ : ١٦ ).

وقد ذكرنا ذلك عن الرضا عليه‌السلام ، وذكرنا عن الجواد عليه‌السلام أنّه سجد بعد السابعة ، فالكل حسن ، كما قال. ( لكن اختيار السابقة أولى ، لاحتمال كون ما نقل بعد الثلاث غير سجدتي الشكر ) (٥).

__________________

(١) أمالي الصدوق : ٥١١.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٢١ / ١.

(٣) كشف الغمّة ٢ : ٣٥٨.

(٤) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٨٠ / ٥ ، الوسائل ٤ : ٥٥ أبواب أعداد الفرائض ب ١٣ ح ٢٤.

(٥) ما بين القوسين ليس في « ا ».

٢٨٩

قوله : لورود النصّ على الجلوس فيهما في الروايات الكثيرة. ( ٣ : ١٦ ).

الظاهر من الأخبار أنّ وضع هذه الصلاة من جلوس تكميلا للخمسين (١) ، وإن صلّيت قائما فهو أفضل من الجلوس ، من حيث إنّه أحمز ، ومن رواية سليمان والحارث. والقيام هنا أمر زائد على نفس الصلاة بحسب الوضع ، كما أنّه يذكر في الركوع ألف تسبيح أو خمسمائة ، فإنّه ثواب زائد على حدة.

قوله : السادسة : المستفاد من الروايات الصحيحة المستفيضة أنّ الوتر اسم للركعات الثلاث. ( ٣ : ١٧ ).

المستفاد هو الإطلاق ، وهو أعمّ من الحقيقة ، وأطلق في الأخبار على الركعة الواحدة أيضا مكرّرا ، منها ما سنذكره في الفائدة السابعة عن العيون (٢) ، ولعلّه في اصطلاحنا مشترك بينهما.

قوله : وتارة بأنّ المراد من التسليم ما يستباح به من الكلام وغيره. ( ٣ : ١٨ ).

هذا في غاية الغرابة بعد ورود النص على كون الوتر ثلاث ركعات مفصولة ، وأنّ الفصل بينها متفق عليه بين الأصحاب ، فيتعيّن أن يكون هو الحجّة ، وهو اللازم.

وأمّا ما ورد من الأخبار المعارضة فعلى القول باستحباب التسليم ـ كما هو رأي الشيخ رحمه‌الله ومن وافقه ـ لا معارضة أصلا ، فإنّ القول بأنّ صلاة الظهر للإنسان أن يسلّم فيها وأن لا يسلّم ، لا يقتضي أن يجوز الفصل‌

__________________

(١) انظر الوسائل ٤ : ٩٤ أبواب أعداد الفرائض ب ٢٩.

(٢) يأتي في ص ٢٩٢.

٢٩٠

والوصل بين الظهر والعصر ، بأن يكون المكلّف مخيّرا بين الثمان الركعات متصلات أو أربع وأربع.

وعلى القول بالوجوب فيمكن أن يقال بالاستحباب في الصلاة المستحبّة ، كقراءة السورة بعد الحمد.

وعلى القول بالوجوب الشرطي فيها أيضا فيمكن استثناء الوتر ، بأن يقال بالاستحباب فيها خاصّة.

وإن كان إجماع مركّب لا يمكن من [ جهته ] (١) القول بالفصل فيتعيّن الحمل على التقيّة أو على أن المراد « السّلام عليكم ». ومن تأمّل الأخبار يجد أنّ السّلام المطلق منصرف إليه. فلا بعد أصلا بعد ظهور ذلك من أخبار متعدّدة ، والله يعلم.

مع أنّ الخبر إذا كان شاذّا لا بدّ من طرحه وعدم العمل به ، فعلى فرض دلالتها على ما ذكر يكون اللازم عدم جواز العمل به ، وإذا احتمل التقيّة تعيّن الحمل ، إذ الراجح حينئذ الحمل عليها ، وكذا لو احتمل غيرها. والشيخ أعرف بمذاهب العامّة والخاصّة والضرورة وغيرها. والأئمّة عليهم‌السلام أمرونا بالأخذ بما خالف العامّة وترك ما وافقهم ، وأنّ الرشد في خلافهم (٢) ، وأمثال ذلك في أخبار لا تحصى ، كما أمرونا بالأخذ بما اشتهر بين أصحابنا وما يشبه أحكامهم (٣) وأمثال ذلك.

قوله : وكلّ ذلك خروج عن الظاهر من غير ضرورة. ( ٣ : ١٨ ).

حمل المعارض على الاستحباب أيضا خروج عن الظاهر ، بل بعض‌

__________________

(١) في النسخ : جهة ، والظاهر ما أثبتناه.

(٢) انظر الوسائل ٢٧ : ١٠٦ أبواب صفات القاضي ب ٩.

(٣) انظر الوسائل ٢٧ : ١٠٦ أبواب صفات القاضي ب ٩.

٢٩١

منها في غاية البعد ، والشارح رحمه‌الله ما ذكره. مع أنّ الحمل على « السّلام عليكم » لا خروج عن الظاهر بعد ملاحظة الأخبار ، وظهور تعارف إطلاق التسليم على خصوص « السّلام عليكم » ، وكذا الحمل على التقيّة بعد ملاحظة ما ذكرنا ، بل ويتعيّن. مع أنّ رفع التعارض إن كان ضرورة فكيف يقول : من غير ضرورة؟ وإلاّ فكيف يحمل على الاستحباب الأخبار الكثيرة في غاية الكثرة ، المتضمّنة لكون الثلاثة مفصولة شرعا ، والأمر بالفصل وغير ذلك؟ مع كون ذلك مذهب الأصحاب موافقا لسائر الأخبار المتواترة ، والمعارض على خلاف ذلك.

قوله : وقل هو الله أحد. ( ٣ : ١٩ ).

وفي العيون في رواية رجاء : أنّ الرضا عليه‌السلام كان يقرأ في كلّ من ركعتي الشفع الحمد لله وقل هو الله أحد ثلاث مرّات ، وفي الوتر يتوجّه فيها ويقرأ بعد الحمد قل هو الله ثلاث مرّات ، وقل أعوذ بربّ الفلق مرّة ، وقل أعوذ بربّ الناس مرّة. وفي هذه الرواية : أنّه كان يقرأ في الركعتين الأوّلتين من صلاة الليل ستّين مرّة قل هو الله في كلّ ركعة ثلاثين مرّة (١). كما روي ذلك عن الصادق عليه‌السلام ، رواه الصدوق في أماليه : « وأنّه من فعل ذلك انفتل وليس بينه وبين الله عزّ وجل ذنب » (٢).

قوله : يستحبّ القنوت في الركعة الثالثة من الوتر. ( ٣ : ١٩ ).

وفي العيون عن رجاء : أنّ الرضا عليه‌السلام كان يقنت في الشفع أيضا بعد القراءة وقبل الركوع (٣).

__________________

(١) راجع ص ٢٨٩.

(٢) أمالي الصدوق : ٤٦٢ / ٥ ، الوسائل ٦ : ١٣٠ أبواب القراءة في الصلاة ب ٥٤ ح ٢.

(٣) راجع ص ٢٨٩.

٢٩٢

وما قيل : من أنّ في الوتر ـ أي الركعة الأخيرة ـ قنوتين ، أحدهما قبل الركوع والآخر بعده (١) ، فليس بشي‌ء بل الذي يقرأ بعد الركوع هو دعاء ، وهو الذي يذكره الشارح رحمه‌الله وليس كلّ دعاء قنوتا ، وإلاّ ففي الصلاة يتحقّق قنوتات كثيرة ، والقنوت مستحبّ فيه التكبير ورفع اليد فيه وفي تكبيره بالنحو المعهود.

قوله : الاستغفار سبعين مرّة. ( ٣ : ١٩ ).

بأيّ كيفية يكون ، ليس له كيفية خاصّة ، وإن كان العمل بصحيحة عمر بن يزيد أولى ، لأنّه مستحبّ على حدة ، ولو قال : أستغفر الله ربّي وأتوب إليه ، لعلّه أكمل ، فتأمّل.

قوله : وروي عن أبي الحسن عليه‌السلام. ( ٣ : ٢١ ).

لا يخفى أنّ المستفاد من الرواية أنّ هذا مجرّد دعاء يقرأ بعنوان الدعاء ، لا أنّه قنوت يقرأ بعنوانه ، فلا حاجة إلى رفع اليد وبسط الكفّ والتكبير للرفع ، ولا نيّة القنوت ، ولا يستحبّ شي‌ء من ذلك له ، فما قيل : ( إنّ في الوتر قنوتين : أحدهما قبل الركوع والآخر بعده ، لم نجد مستنده ، وما قيل : ) (٢) إنّ القنوت هو الدعاء (٣) ، فيه ما فيه ، لما عرفت من أنّ الدعاء لا يستحبّ فيه شي‌ء مما ذكر ، ولا يفعل بنيّة القنوت ، مع أنّه لو كان كذلك ففيه قنوتات متعددة ، بل في غيره أيضا من الصلوات ، فتدبّر.

قوله : من صلّى بين العشاءين ركعتين. ( ٣ : ٢٢ ).

وربما قيل : إنّ هاتين الركعتين من جملة الأربع ركعات التي هي نافلة‌

__________________

(١) انظر المعتبر ٢ : ٢٤١.

(٢) ما بين القوسين ليس في « ا ».

(٣) انظر المعتبر ٢ : ٢٤١.

٢٩٣

المغرب (١) ، ولم نعرف مأخذه ، بل هذا خلاف ظاهر الخبر ، فتأمّل.

قوله : كان إذا اهتمّ ترك النافلة. ( ٣ : ٢٢ ).

مع أنّ مضمونهما ربما لا يخلو عن إشكال ، لأنّ همّ المعصوم عليه‌السلام لو كان من أمر دنيوي فهم عليهم‌السلام أمروا بالاستعانة بالصبر والصلاة ، وإلاّ كان اللازم الاهتمام بفعل الصلاة ، مع أنّه تعالى كان عندهم أحبّ كلّ شي‌ء ، وهمّهم كان مقصورا فيه ، وكانوا مستغرقين في محبته تعالى لا يعتنون بشي‌ء بعده تعالى ، والله يعلم.

قوله : كصحيحة الحسن بن زياد الصيقل. ( ٣ : ٢٥ ).

الروايتان الأوّلتان وإن لم تكونا صحيحتين ، إلاّ أنّهما منجبرتان بالشهرة العظيمة.

وأمّا صحيحة حمّاد فالظاهر منها أيضا صحة النافلة جلوسا ، إلاّ أنّ مقتضاها نقص مثل هذه عن صلاة القائم ، وهو موافق لعموم : « أفضل الأعمال أحمزها » (٢) ، لكن ورد في بعض الأخبار : أنّ النافلة جلوسا تامّة كاملة للشيعة أو للمؤمنين (٣) ، فلاحظ وتأمّل ، ومع ذلك ظاهر أنّ القيام لهم أشقّ وأحمز ، فيكون هذا فضيلة زائدة عن نفس صلاتهم ، فتأمّل.

قوله : وربما كان مستنده ما رواه ابن بابويه عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام. ( ٣ : ٢٧ ).

وفي العيون في رواية رجاء المعتمد عليها أنّ الرضا عليه‌السلام كان يصلّي‌

__________________

(١) انظر روضة المتقين ٢ : ٢٨٩ ، والبحار ٨٤ : ١٠١.

(٢) النهاية لابن الأثير ١ : ٤٤٠ ، مجمع البحرين ٤ : ١٦ ، البحار ٦٧ : ١٩١ ، ٢٣٧.

(٣) الكافي ٣ : ٤١٠ / ٢ ، الفقيه ١ : ٢٣٨ / ١٠٤٨ ، التهذيب ٢ : ١٧٠ / ٦٧٧ ، الوسائل ٥ : ٤٩٢ أبواب القيام ب ٥ ح ١.

٢٩٤

الوتيرة في السفر (١). ويؤيّده أيضا : ما ورد في بعض الأخبار من تقييد الصلاة التي تصير في السفر ركعتين ـ لا قبلهما ولا بعدهما شي‌ء ـ بالنهارية (٢) ، فلاحظ.

ويؤيّده أيضا : ما في بعض الأخبار أنّ الوتيرة وتر تقدّم من جهة أنّها ربما تفوت من الإنسان ، ومن كان يؤمن بالله ورسوله لا يبيتنّ إلاّ بوتر (٣). مع أنّ السنن يسامح في أدلّتها ، فتأمّل.

وفي الفقه الرضوي تصريح بعدم سقوط الوتيرة فيه (٤). وقال الصدوق رحمه‌الله في أماليه : من دين الإمامية الإقرار بأن لا يصلّى في السفر من نوافل النهار شي‌ء ، ولا يترك فيه من نوافل الليل شي‌ء (٥).

قوله : ولم يثبت توثيقهما. ( ٣ : ٢٧ ).

لكنّهما من مشايخ الإجازة ، وربما يحكم الشارح بصحّة حديث أمثالهما ، بل وصحّة حديثهما (٦) ، على ما أظنّ.

قوله (٧) : سواء قلنا بتعيّن الإتمام أو جوازه ( ٣ : ٢٨ ).

بل وتعيّن القصر أيضا ، كما يظهر من بعض الأخبار (٨) ، فلاحظ‌

__________________

(١) لم نعثر على هذه الفقرة في رواية رجاء ( العيون ٢ : ١٨٠ ـ ١٨٣ ) ولكنها موجودة في رواية الفضل بن شاذان عن الرضا عليه‌السلام ، انظر الفقيه ١ : ٢٩٠ / ١٣٢٠ ، الوسائل ٤ : ٩٥ أبواب أعداد الفرائض ب ٢٩ ح ٣.

(٢) الوسائل ٤ : ٨١ أبواب أعداد الفرائض ب ٢١.

(٣) الوسائل ٤ : ٩٤ أبواب أعداد الفرائض ب ٢٩.

(٤) فقه الرضا عليه‌السلام : ١٥٩ ، المستدرك ٦ : ٥٣٨ أبواب صلاة المسافر ب ١١ ح ٤.

(٥) أمالي الصدوق : ٥١٤.

(٦) انظر المدارك ٦ : ٨٤.

(٧) هذه الحاشية ليست في « ج ».

(٨) الوسائل ٨ : ٥٢٤ أبواب صلاة المسافر ب ٢٥.

٢٩٥

وتأمّل.

قوله : وليس هذا ممّا يخالف الحديث الأوّل أنّ لها وقتا واحدا. ( ٣ : ٣١ ).

مقتضى ما ذكر أنّ بعد سقوط الشفق لا وقت للمغرب أصلا ، كما سننقله عن الخلاف. وأمّا على طريقة القوم ـ غير الخلاف ـ فلا يتمشّى هذا التوجيه ، لأنّ للمغرب وقتا بعد سقوط الشفق قطعا ، سواء قلنا بأنّه وقت الإجزاء أو وقت الاضطرار ، إلاّ أن يقال : إنّ سائر الصلوات لها ثلاثة أوقات : وقت الفضيلة ووقت الإجزاء ووقت الاضطرار ، بخلاف المغرب فإنّ لها وقتان : وقت الفضيلة والإجزاء ـ وهما وقت واحد ـ ووقت الاضطرار ، والمراد في هذه الأخبار وقت الفضيلة والإجزاء ، كأنّ وقت الاضطرار ليس بوقت حقيقة ، فتأمّل.

قوله (١) : « من غير علّة » (٢) ( ٣ : ٣٢ ).

بدل من قوله : « إلاّ في عذر ».

قوله : توفيقا بين صدر الرواية وآخرها. ( ٣ : ٣٢ ).

التوفيق غير منحصر في ما ذكره ، إذ يجوز أن يرفع اليد عن ظاهر قوله عليه‌السلام : « وأوّل الوقت أفضل » ، بل هو أولى وأقرب ، لأنّ وقت الاختيار أفضل ، بخلاف قوله عليه‌السلام : « ليس لأحد. » ، فإنّ ظهوره أشدّ ، من جهة قوله : « ليس. » ومن جهة استثناء العذر والعلّة ، والحصر في ذلك. إلاّ أن يقول : الأوّل معتضد بالأصل. وفيه : أنّ الأصل لا يعارض الدليل ، والأظهرية والأقربية دليل للمجتهد ، فالأولى التمسّك في توجيهه بالأخبار‌

__________________

(١) هذه الحاشية ليست في « ج » و « د ».

(٢) كما في مصادر الحديث ، والموجود في المدارك : إلا من عذر أو علّة.

٢٩٦

الدالة على التوسعة.

قوله : ولو امتنع التأخير اختيارا لتقيّد بالضرورة ( ٣ : ٣٢ ).

فيه : أنّ المتبادر من العذر والعلّة في أمثال المقام ما يكون فيه ضرورة ما ، وهذا القدر يكفي ، فالأولى الجواب بالنحو الذي أشرنا.

قوله : وكذا مع النسيان. وانتفاء ما يدلّ على الصحة مع المخالفة. ( ٣ : ٣٦ ).

يعني : أنّ القدر الثابت من قول الشارع وفعله كون الصلاة الواقعة في الوقت المشترك صحيحة إذا كان الوقوع نسيانا أو بعد فعل الأولى ، وأمّا إذا فعلت في أوّل الوقت فلم يظهر من دليل كونها صحيحة وموافقة لمطلوب الشارع ، والعبادات توقيفية ، فيجب الاقتصار على القدر الثابت.

ولا يتوجّه عليه منع كون الوقت المعلوم شرطا لصحتها ، وبناء هذا على كون الصلاة اسما لمجرّد الأركان من غير اعتبار كونها صحيحة شرعا فمتى تحقّق الأركان يحكم بتحقّق مطلوب الشارع ، إلاّ أن يثبت منه شرط للصحة ولم يتحقّق ذلك الشرط ، ولم يثبت كون الوقت المعلوم شرطا ، وعلى هذه الطريقة ربما يمشي الشارح متمسّكا بأصالة العدم.

لكن يتوجّه عليه أنّه لم يثبت كون الصلاة اسما للأعمّ ، ولم يثبت جريان الأصل في العبادات أيضا ، ومع ذلك نقول : لا شكّ في أنّ الصلاة من الواجبات الموقّتة ، يعني أنّ الشارع جعل لها وقتا معيّنا وجعله شرطا لصحتها ، والوقت الذي ثبت من الشرع لها هو الوقت الذي بعد الوقت الأوّل ، ففعلها في الوقت الأوّل الذي هو أوّل الوقت فعل وإتيان للمأمور به على غير الوجه الذي ثبت من الشرع ، فتأمّل جدّا.

ويدل على ذلك أيضا قوله عليه‌السلام : « إلاّ أنّ هذه قبل هذه » على سبيل‌

٢٩٧

الإطلاق ، وحكم ببطلان الظهر قبل الوقت قطعا ، والباطلة في حكم المعدومة ، مع أنّه قال : « إذا زالت الشمس دخل وقتهما إلاّ أنّ هذه قبل هذه » فحال العصر بالنسبة إلى الظهر مثل حال الركعة الثانية للظهر بالنسبة إلى الركعة الأولى ، والثالثة بالنسبة إلى الثانية ، والرابعة بالنسبة إلى الثالثة.

وأيضا وقت التشهّد والتسليم لم يدخل حين دخول وقت تكبيرة الإحرام والقراءة ، فبمجرّد الزوال وإن كان دخل وقت الظهر إلاّ أنّه بعنوان التوزيع ، لا أنّه بمجرّد الزوال دخل وقت الركعة الثانية والثالثة والرابعة والتشهّد والتسليم أيضا ، بحيث لو فعلت في أوّل الزوال يكفي ، إلاّ في صورة الخطأ في الاجتهاد ، كما سيجي‌ء ، مع أنّه لو لم يثبت صحّة هذه الصورة من الخارج لكنّا نحكم ببطلانها أيضا ، هذا على تقدير الثبوت ، وسيجي‌ء الكلام فيه ، فتأمّل.

على أنّه ورد في الصحاح : « إذا زالت الشمس دخل الوقتان ، وإذا غربت دخل الوقتان » (١) حقيقة في وقتين متعدّدين ، ومحال دخول وقتين كذلك بمجرّد الزوال والغروب وبابتدائهما وحينهما إلاّ على سبيل التوزيع.

قوله : ويؤيّده رواية داود بن فرقد. ( ٣ : ٣٦ ).

لا وجه لجعلها مؤيّدة ، لوضوح الدلالة ، وانجبار السند بالشهرة العظيمة لو لم نقل باتفاق الفقهاء ، وكذا انجبارها بالأصول والقواعد وأخبار أخر ، منها : ما أشرنا إليه وإلى وجه الدلالة ، ومنها : الأخبار الصحيحة والحسنة الدالّة على أنّ الحائض إذا طهرت في وقت العصر تصلّي العصر لا الظهر (٢) ، ومنها : صحيحة ابن سنان ورواية الحلبي الآتيتين ، فتأمل.

__________________

(١) الوسائل ٤ : ١٢٥ أبواب المواقيت ب ٤.

(٢) الوسائل ٢ : ٣٦١ أبواب الحيض ب ٤٩.

٢٩٨

قوله : بأنّ المراد بالاشتراك ما بعد الاختصاص. ( ٣ : ٣٧ ).

لا يحتاج إلى هذا التوجيه والتقييد ، بل المراد دخول الثمانية بعنوان التوزيع ، كدخول أربع ركعات الظهر على حسب ما ذكرنا ، فلاحظ.

قوله : فيدل عليه ظاهر قوله تعالى. ( ٣ : ٣٩ ).

يدل عليه الاستصحاب أيضا ، لأنّ الوقت اليقيني مستصحب شرعا حتى يثبت خلافه.

قوله ( لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ). ( ٣ : ٣٩ ).

الدلالة خفيّة ، بل الآية مجملة بالنسبة إلى ما ذكره (١).

قوله : سمّاهنّ وبيّنهنّ ووقّتهنّ. ( ٣ : ٣٩ ).

لا يخفى أنّ ظاهر هذا أنّه جعل لهنّ وقتا معيّنا أزيد من كونها بين الزوال إلى الغسق ، بل إشارة إلى أوقات معيّنة لكلّ واحدة واحدة على حدة ، على حسب ما عرفت من الخارج ، فتأمّل.

قوله : لكن الظاهر أنّه أبو مالك الثقة. ( ٣ : ٣٩ ).

مضافا إلى أنّ ابن أبي نصر ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم ، وأنّه ممّن لا يروي إلاّ عن ثقة ، على مصرّح به في العدّة (٢) ، مع أنّه يروي عنه ابن أبي عمير أيضا ، وهو مثل ابن أبي نصر ، ويؤيّده أيضا أنّ العلاّمة وغيره حكموا بصحّتها (٣) ، مع أنّ موافقة الشهرة أيضا جابرة.

قوله : كما يستفاد من النجاشي. ( ٣ : ٤٠ ).

فإنّه قال : الضحّاك أبو مالك الحضرمي ، وحكم بكونه ثقة في‌

__________________

(١) في « أ » و « و» زيادة : فتأمّل.

(٢) عدّة الأصول ١ : ٣٨٦.

(٣) انظر المختلف : ٦٧ ، الحبل المتين : ١٣٦ ، ذخيرة المعاد : ١٨٦.

٢٩٩

الحديث ، والشيخ رحمه‌الله أيضا صرّح بأنّ الضحّاك أبو مالك الحضرمي (١) ، بل الظاهر أنّه لا يبقى التأمّل في كونه أبا مالك الثقة.

قوله : روايتا داود بن فرقد. ( ٣ : ٤٠ ).

قد عرفت أنّها حجّة باعتبار الانجبار هناك وهنا أيضا انجبار آخر منضمّ إلى الانجبار الأوّل.

قوله : ورواية زرارة. ( ٣ : ٤٠ ).

ليس في طريقها من يتوقّف فيه سوى موسى بن بكر ، روى كتابه ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى ، وهما ممّن لا يروي إلاّ عن الثقة ، على ما صرّح به في العدّة (٢) ، وأشرنا في الرجال إلى أمور كثيرة تشهد على الاعتماد عليه أو على كتابه (٣).

قوله : ورواية عبيد بن زرارة. ( ٣ : ٤٠ ).

ليس في طريقها من يتوقّف فيه سوى القاسم بن عروة وهو ممّن يروي عنه ابن أبي عمير وابن أبي نصر ، وفي كلّ واحد منهما شهادة على وثاقته ، لما عرفت ، والعلاّمة رحمه‌الله ربما حكم بصحة حديثه (٤) ، وابن داود نقل عن الكشي حسنه (٥). وفي الرجال في ترجمة الفضل بن شاذان يظهر كونه من أصحابنا المعروفين ، ويظهر نباهة شأنه (٦). ويروي عنه كثيرا غاية الكثرة الحسين بن سعيد ، والعباس بن معروف ، ويروي عنه ابن‌

__________________

(١) رجال الشيخ : ٢٢١.

(٢) عدّة الأصول ١ : ٣٨٦.

(٣) انظر تعليقات الوحيد على منهج المقال : ٣٤٧.

(٤) انظر المنتهى ١ : ٦٢.

(٥) رجال ابن داود : ١٥٣.

(٦) انظر رجال الكشي ٢ : ٨٢١.

٣٠٠