الحاشية على مدارك الأحكام - ج ١

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

الحاشية على مدارك الأحكام - ج ١

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-169-9
ISBN الدورة:
964-319-168-0

الصفحات: ٤١٥

وأشكل مما ذكر الاكتفاء بالتيمم على الجبيرة مع التمكن من الوضوء بغسل ما حولها أو المسح عليها. بل مع قطع النظر مما ذكرنا يبعد حمل الأخبار الواردة بالتيمّم على التيمم على الجبيرة ، فتأمّل.

قوله : الأظهر. ( ١ : ٢٤٠ ).

فيه ما ذكرنا في المسح على الخفين ، فلاحظ وتأمّل.

قوله : وتتعلق النية. ( ١ : ٢٤٠ ).

فيه : أنّ الحاجة إلى النية إنما هي من جهة كون الفعل عبادة مطلوبة من الفاعل ، ولا شكّ في أنّ الوضوء ليس وضوء المباشر ، فلا يمكن أن يصلي به أو يطوف مثلا ، بل الوضوء وضوء الآمر بلا شبهة ، والعبادة عبادته ، وهو مطلوب منه لا من المباشر ، بل المباشر من قبيل الآلة لتحقق المطلوب ، فلا وجه للحكم بتعلق النية به ، وخصوصا مع عدم التعلق بالآمر ، والظاهر أنّ المباشرة غير واجبة إلاّ على المملوك والأجير ، لأصالة البراءة ، ووجوبها على المملوك والأجير ليس من قبيل العبادات بل هو من باب المعاملات ، وعلى تقدير كونه من العبادات يكون عليهما النية من جهة تكليفهما لا من جهة التكليف بالوضوء ، فتأمّل.

قوله : وتمكين غيره منها كان أولى. ( ١ : ٢٤٠ ).

( بل هو متعين ) (١) ، بل هو أولى بالنية من ( المباشر ، لأنّ العبادة عبادته ، فتأمّل.

قوله : إذا قلنا : إنّ الضمير عائد إلى القرآن. ( ١ : ٢٤١ ).

ربما يكون أقرب بقرينة ( لا يَمَسُّهُ ) ، إذ المسّ (٢) حقيقة في‌

__________________

(١) هذه الحاشية ليست في « ج » و « د » ، وما بين القوسين ليس في « ب ».

(٢) في النسخ زيادة : ليس ، حذفناها لاستقامة المعنى.

٣٠١

الإمساس الجسدي البدني ، مضافا إلى أنّه تعالى في مقام وصف القرآن وأحواله. مع أنّ قوله تعالى ( تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ ) صفة القرآن ، فلا وجه للفصل بأجنبيّ. مع أنّ قوله ( مَكْنُونٍ ) مطلق ، فالظاهر أنّه مكنون مطلقا ، لظهور بقاء المطلق على إطلاقه ، وأصالة عدم التقييد ، وعدم تعلق الاستثناء به.

وأيضا نقل عن الشيخ والطبرسي ـ رحمهما الله ـ أنّهما قالا في التبيان ومجمع البيان : وعندنا أنّ الضمير يعود إلى القرآن (١).

وأيضا يظهر من أخبار متعددة عن الأئمة عليهم‌السلام أنّ الضمير راجع إلى القرآن (٢).

ومما ذكرنا يظهر أيضا أنّ الجملة الخبرية بمعنى النهي ، كما لا يخفى على من تأمّل أدنى تأمّل.

وأما المطهّر فعلى تقدير ثبوت الحقيقة الشرعية فظاهر رجحانه في الطهارة الرافعة ، وعلى تقدير عدم الثبوت فالحمل على المعنى اللغوي أي الحقيقي منه في المقام بعيد ، بل لم يقل به أحد بعد ملاحظة كون الجملة بمعنى النهي ، والإمساس بمعناه الحقيقي ، فتعين أن يكون المراد غيره. فبعد القرينة الصارفة يتعين المعنى الاصطلاحي ، لكثرة استعمال الشرع فيه إلى أن وقع النزاع في صيرورته حقيقة عنده وفي اصطلاحه.

ولورود الأخبار الكثيرة في المنع عنه ، وكذا فتاوى الفقهاء.

وأمّا النهي عن غيره فغير معروف من الأخبار وكلام الأخيار ، بل ويظهر من بعض أخبار الأئمة تفسيرها بالطهارة الرافعة ، مثل ما روي في القويّ عن‌

__________________

(١) التبيان ٩ : ٥١٠ ، مجمع البيان ٥ : ٢٢٦.

(٢) راجع الوسائل ١ : ٣٨٤ أبواب الوضوء ب ١٢.

٣٠٢

أبي الحسن عليه‌السلام : « المصحف لا تمسّه على غير طهر ، ولا جنبا ، ولا تمسّ خطه (١) ، ولا تعلقه ، إنّ الله تعالى يقول ( لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) (٢).

إلاّ أن يقال : يظهر منه دخول التعليق مثلا فيه أيضا ، ولم يقل أحد بحرمته أيضا ، لكن سيجي‌ء في مبحث الجنابة أنّ السيد ـ رحمه‌الله ـ عامل بمضمون هذه الرواية (٣).

مع أنّه غير مضرّ ، لأنّ الغرض هنا إثبات كون الطهارة بالمعنى الاصطلاحي ، لا الدلالة على الحرمة أيضا ، إذ بملاحظة الأدلة الخارجة يظهر أنّ النهي هنا مستعمل في القدر المشترك.

وأمّا الآية فيظهر من الأدلّة ـ مضافا إلى ظاهرها ـ الحرمة ، فيمكن أن يكون التعليل في الخبر بالنسبة إلى مس القرآن ، لا مثل التعليق ، كما هو المستفاد من قوله ( لا يَمَسُّهُ ). أو يكون التعليق من بطون القرآن ، فلا يمنع التمسك بالظاهر ، فتدبّر.

قوله : ويتوجه على الروايتين. ( ١ : ٢٤١ ).

هاتان الروايتان وإن كانتا مطعونا في سندهما إلاّ أنّ مضمونهما منجبر بعمل الأصحاب ، كما عرفت مرارا.

مع أنّ الرواية الأولى ليس فيها إلاّ الحسين بن مختار ، وقد وثقه المفيد في إرشاده (٤) ، وعلي بن الحسن بن فضال على ما نقله ابن عقدة (٥) ، وقال‌

__________________

(١) في بعض نسخ المصادر : خيطه.

(٢) التهذيب ١ : ١٢٧ / ٣٤٤ ، الاستبصار ١ : ١١٣ / ٣٧٨ ، الوسائل ١ : ٣٨٤ أبواب الوضوء ب ١٢ ح ٣.

(٣) المدارك ١ : ٢٨٧.

(٤) الإرشاد ٢ : ٢٤٨.

(٥) انظر الخلاصة : ٢١٥.

٣٠٣

الصادق عليه‌السلام له : « رحمك الله » (١) ، إلى غير ذلك مما ذكرناه في تعليقتنا على رجال الميرزا (٢). وأما أبو بصير فمشترك بين ثقات ليس إلاّ ، كما حقّقناه فيها (٣).

والثانية فيها حماد بن عيسى ، وهو ممن أجمعت العصابة. فلا يضر الإرسال الذي بعده ، كما حقّقناه أيضا (٤) ، مع أنّ الظاهر أنّ حمادا أخذه من كتاب حريز ، وكتابه معتمد معتبر لا تأمّل فيه ، ويظهر من رواية حماد (٥) المشهورة في كيفية الصلاة اعتباره.

قوله : عدم الدلالة على المدعي صريحا. ( ١ : ٢٤١ ).

فيه ، إشارة إلى دلالة مّا ، وهو كذلك ، لأنّ الكتابة لا تكاد تنفك عن المماسة غالبا ، والأخبار واردة مورد الغالب.

ومع الإغماض عن الدلالة لا شك في أنّ الحمل على ذلك أولى وأقرب من الحمل على الكراهة ، سيّما مع موافقته لغيره من الأخبار الظاهرة في الحرمة.

وكذا ظاهر الآية على حسب ما مرّ ، فتدبر.

وفي الفقه الرضوي : « ولا تمس القرآن إذا كنت جنبا أو على غير وضوء ، ومس الورق » (٦).

__________________

(١) الكافي ١ : ٦٧ / ٨.

(٢) انظر تعليقات الوحيد على منهج المقال : ١١٦ و ٣٧١ و ٦.

(٣) انظر تعليقات الوحيد على منهج المقال : ١١٦ و ٣٧١ و ٦.

(٤) انظر تعليقات الوحيد على منهج المقال : ١١٦ و ٣٧١ و ٦.

(٥) الكافي ٣ : ٣١١ / ٨ ، الوسائل ٥ : ٤٥٩ أبواب أفعال الصلاة ب ١ ح ١.

(٦) فقه الرضا عليه‌السلام : ٨٥ ، مستدرك الوسائل ١ : ٤٦٤ أبواب الجنابة ب ١١ ح ١.

٣٠٤

قوله : وإمكان حملها. ( ١ : ٢٤١ ).

لا يخفى أنّ الشارح اختار كون الحديث الصحيح حجة وإن لم يوجد بمضمونه قائل ، ولا يشترط في حجيته ذلك ، وصرح بذلك.

قوله : وهو متّجه. ( ١ : ٢٤٢ ).

فيه : أنّه إذا لم يكن دليل فلا وجه للحكم في الكراهة أيضا.

نعم ، لو بني على التسامح في أدلة الكراهة والسنة لأمكن ، لكنه خلاف رأي الشارح ، وإن كان الحق التسامح ، كما حققناه في أوّل الكتاب ، فلاحظ.

قوله : لكل صلاة ، مراعاة. ( ١ : ٢٤٢ ).

هذا موقوف على أحكام ثلاثة :

الأول : كون الصلاة واجبة عليه في هذه الحالة.

الثاني : أنّ الطهارة شرط حينئذ أيضا ، لأنّها شرط مطلقا بمقتضى النص.

الثالث : أنّ فعل الطهارة في أثناء الصلاة مبطل لها ، فإنّ الحدث إذا كان ناقضا مطلقا ، والطهارة تكون شرطا مطلقا يقتضي ذلك سقوط الصلاة.

نعم ، إذا ثبت أنّها ليست بساقطة يكون الأمر كما ذكره ، والظاهر أنّ عدم السقوط إجماعي.

قوله : وظاهر كلامه أنّ البول. ( ١ : ٢٤٢ ).

لا مطلقا ، بل الذي يخرج قطرة قطرة من غير قصد وإرادة ، أمّا غير ذلك فلا ، فلعل نظره إلى عدم عموم في الأخبار الدالة على النقض بحيث يشمل الفروض النادرة ، فتأمّل.

٣٠٥

وموثقة سماعة أو مضمرته : عن رجل أخذه تقطير من فرجه ، إمّا دم وإمّا غيره ، قال : « فليصنع خريطة وليتوضأ وليصلّ ، فإنّما ذلك بلاء ابتلي به ، فلا يعيدن إلاّ من الحدث الذي يتوضأ منه » (١) ، فتأمّل.

قوله : فإنّ الجمع بين الفريضتين. ( ١ : ٢٤٣ ).

سيما في المقام ، لأنّه في صدد الإشكال في حكاية دوام الحدث المانع من الطهارة ، فتدبر.

قوله : وأنّ العمل بها. ( ١ : ٢٤٣ ).

والصدوق ـ رحمه‌الله ـ روى هذه الرواية بطريق فيه علي بن أحمد بن عبد الله البرقي ، وأبوه أحمد (٢) ، فلعل الشهيد بنى على ما ذكر في علم الرجال من أنّه رجع عن القول بعبد الله كل الشيعة إلاّ عمار وطائفته (٣) ، أو بنى على حكاية إجماع العصابة (٤) ، أو على تصحيح العلاّمة ـ رحمه‌الله ـ هذه الرواية (٥) ، فتأمّل.

قوله : وهو مصادرة. ( ١ : ٢٤٣ ).

ليس فيه مصادرة ، لأنّه يثبت في مقامه اشتراط الاستمرار بالأخبار وغيرها ، وعلى تقدير المناقشة في دليله لا يقال : إنّه مصادرة.

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٤٩ / ١٠٢٧ ، الوسائل ١ : ٢٦٦ أبواب نواقض الوضوء ب ٧ ح ٩.

(٢) الكافي ٣ : ٤٨٢ / ١ ، الوسائل ١ : ٣٩٠ أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٥.

(٣) انظر رجال الكشي ٢ : ٥٦٥ / ٥٠٢ ، والإرشاد ٢ : ٢٢٣.

(٤) انظر رجال الكشي ٢ : ٦٧٣ / ٧٠٥.

(٥) كما في المختلف : ٢٨.

٣٠٦

وبالجملة : أنّه مبني على مقدمة مسلّمة عند الأكثرين ، كما سيجي‌ء وسيجي‌ء استدلالهم عليها ، وهي أنّ الطهارة شرط ، ومع زوال الشرط يزول المشروط ، وأنّ الإجماع حاصل على أنّ الفعل الكثير مبطل ، وبروايتين ستذكران ، استدلوا بذلك ردّا على من قال : إن الحدث سهوا لا يبطل الصلاة ، فلو تمّ أدلّتهم عليه للزمهم القول بالبطلان هنا لو قالوا بأنّه حدث ، فالنقض منه وارد على المعظم ، مع أنّه يعتقد تمامية الدليل مثلهم ، فلا وجه للحكم بالمصادرة بوجه من الوجوه ، فتأمّل.

قوله : في موضع النزاع. ( ١ : ٢٤٣ ).

النزاع لا ينافي الإجماع عندنا (١) ، مع أنّ ضروري المذهب مثل حرمة القياس وقع فيه النزاع ، فما ظنك بالإجماع ، وسيما المنقول بخبر الواحد ، فإن قال بحجيته فلا وجه للمنع وإلاّ فلا وجه لمنع الإجماع أصلا ، ولا للاستناد إلى النزاع ، بل الوجه على هذا أن يمنع حجيته خاصّة ، ومع ذلك ، المنع غير المصادرة ، وعدم ثبوت الإجماع عند الشارح ـ رحمه‌الله ـ لا يضر المستدل ، فتأمّل.

قوله : المعتضدة بالأصل. ( ١ : ٢٤٤ ).

لا بدّ من التأمّل في هذا الأصل ، إذ لم نجد له أصلا ، بل لم نجد العمومات أيضا ، إذ العبادة ماهيتها غير معلومة إلاّ من الشرع ، وثبوت كون مثل هذه الصلاة من جملة ما أمر الله تعالى به محل تأمّل ، سيما بعد ملاحظة قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « صلّوا كما رأيتموني أصلّي » (٢) وأنّه صلّى الله عليه‌

__________________

(١) ليس في « أ » و « ج » و « د ».

(٢) عوالي اللآلي ١ : ١٩٧ / ٨ ، السنن الكبرى للبيهقي ٢ : ١٢٤.

٣٠٧

وآله ما صلّى كذلك قطّ ، وكذا ملاحظة « لا صلاة إلاّ بطهور » (١) ، لأنّه من قبيل : لا صلاة إلاّ بطهارة الثوب ، أو طهارة الجسد ، فإنّ الظاهر منه كون مجموع الصلاة من أوّلها إلى آخرها كذلك ، وكذا ملاحظة الإجماع والأخبار الواردة في إبطال الفعل الكثير ، فتأمّل.

وبالجملة : العمدة ما ذكره من اعتبار السند وعمل الأصحاب ، وهذا القدر يكفي لإثبات الحكم.

قوله : أمكن في الاستعمال. ( ١ : ٢٤٤ ).

لو تم هذا لاقتضى استحباب الوضع على اليسار أيضا في بعض الأواني ، مع أنّ كون مثل هذا دليلا على الاستحباب الشرعي محل تأمّل.

قوله : وهو حسن. ( ١ : ٢٤٤ ).

لو تمّ الدليلان لعمّا غير ما نحن فيه من جميع الأمور ، ولم يفت الأصحاب في غير الوضوء حتّى الغسل وغسل النجاسة ونظائرهما ، نعم ، في حسنة ابن أذينة التي رواها الكليني في علة الأذان ، وهي صحيحة أو كالصحيحة ، سيما عند الشارح ـ رحمه‌الله ـ مع أنّ المقام مقام الاستحباب ، مع أنّها منجبرة بعمل الأصحاب ، ومضمون الحسنة أنّه عليه‌السلام قال : « فتلقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الماء بيده اليمنى ، فمن أجل ذلك صار الوضوء باليمين ـ في نسخة ـ وباليمنى ـ في نسخة ـ » (٢) فتأمّل جدّا.

قوله : والاغتراف بها. ( ١ : ٢٤٥ ).

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٩ / ١٤٤ و ٢٠٩ / ٦٠٥ ، الوسائل ١ : ٣٦٥ أبواب الوضوء ب ١ ح ١ و ٦.

(٢) الكافي ٣ : ٤٨٢ / ١ ، الوسائل ١ : ٣٩٠ أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٥.

٣٠٨

أي لغسل الجميع لا لغسل الوجه واليد اليسرى خاصة. والأولى أن يستدل الشارح بالخبر المتضمن للاغتراف صريحا ، وكذا الغمس ، كما مر.

قوله : إذا وضعت. ( ١ : ٢٤٥ ).

ويظهر من بعض الأخبار (١) استحباب التسمية عند صب الماء على الوجه أيضا.

قوله : منعنا ذلك. ( ١ : ٢٤٦ ).

فيه ما فيه ، لأنّ الأصحاب كانوا يعملون ، ويظهر من ذلك اعتبارها عندهم ، وهذا لا يقصر عن الصحيح ، لو لم يكن أحسن منه ، وتمام التحقيق في ما كتبناه في الرجال (٢).

قوله : مقتضى الروايتين. ( ١ : ٢٤٧ ).

هذا الحصر بالنسبة إلى الثانية محل تأمّل ، لمكان التعليل ، فتأمّل.

قوله : وجزم الشارح رحمه‌الله. ( ١ : ٢٤٧ ).

يعني أنّ الشارع طلب غسل اليد من الأمور المذكورة ، مطلقا من غير تقييد بكون اليد مظنونة النجاسة أو متهمة النجاسة ، ولذلك أفتى الأصحاب كذلك ، فعلم أنّ الغسل ليس إلاّ للتعبد المحض ، فهذا يناسب التعميم ويقتضيه ، إذا كان طلبه مطلقا غير مقيد أو مشروط بشي‌ء ، وهو كذلك ، كما ستعرف.

قوله : وهو ضعيف. ( ١ : ٢٤٧ ).

لا يخفى أنّ نظره ـ رحمه‌الله ـ إلى ما رواه الشيخ في الصحيح ـ أو‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٥ / ٤ ، الوسائل ١ : ٣٧٨ أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٢.

(٢) انظر تعليقات الوحيد على منهج المقال : ٢٧٥.

٣٠٩

كالصحيح ـ عن الباقر عليه‌السلام ، قال : « يغسل الرجل يده من النوم مرة ، ومن الغائط والبول مرتين ، ومن الجنابة ثلاثا » (١).

وما رواه في الفقيه عن الصادق عليه‌السلام : « اغسل يدك من البول مرة ، ومن الغائط مرتين ، ومن الجنابة ثلاثا » وقال : « اغسل يدك من النوم مرة » (٢).

ولا تعارضهما صحيحة الحلبي ، لأنّ قيد الإناء كان في كلام الراوي ، وإثبات الحكم في ما سأله لا ينفي الحكم في ما عداه ، ولا يقتضي تقييدا فيه ولا اشتراطا.

ومثله الكلام في رواية عبد الكريم مع ضعف سندها ، والتعليل المذكور فيها لا يقتضي التخصيص والتقييد ، لأنّه إنما هو بالنسبة إلى ما سأله ، ولا يقتضي أن يكون علة الحكم مطلقا هو ما ذكر ، كيف وهذه إنّما هي للوضوء من النوم فقط دون البول وغيره ، مع أنّ هذه الرواية رواها في التهذيب هكذا : قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يبول ولم يمس يده اليمنى [ شي‌ء ] (٣) ، أيدخلها في وضوئه قبل أن يغسلها؟ قال : « لا ، حتى يغسلها » ، قلت : فإنه استيقظ من نومه ولم يبل ، أيدخل يده في وضوئه (٤)؟. إلاّ أن يدعي تبادر القليل من الوضوء ، لكن لا شبهة في اختصاص التعليل بالنوم في الصورة المسؤولة عنها ، فتأمّل.

قوله : ولو تداخلت. ( ١ : ٢٤٧ ).

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٦ / ٩٧ ، الاستبصار ١ : ٥٠ / ١٤٢ ، الوسائل ١ : ٤٢٧ أبواب الوضوء ب ٢٧ ح ٢.

(٢) الفقيه ١ : ٢٩ / ٩١ و ٩٢ ، الوسائل ١ : ٤٢٨ أبواب الوضوء ب ٢٧ ح ٤ و ٥.

(٣) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٤) التهذيب ١ : ٣٩ / ١٠٦.

٣١٠

نظره في ما ذكره إلى ما ذكره في بحث تداخل الوضوء والغسل ، وقد عرفت أنّه محل تأمّل (١) ، نعم يمكن أن يستند هنا إلى الصحيحة التي ذكرناها عن الباقر عليه‌السلام ، بضميمة عدم القول بالفصل ، لكنه أيضا يحتاج إلى التأمّل.

قوله (٢) : اقتصارا على المتيقن. ( ١ : ٢٤٧ ).

لكن في الجنابة ورد استحباب غسل بعض الذراع أيضا (٣) ، وفي بعض الروايات كل الذراع (٤) ، على ما هو ببالي.

قوله : والمضمضة. ( ١ : ٢٤٧ ).

نقل عن الشيخ في المبسوط : ولا يلزم أن يدير الماء في لهواته ، ولا أن يجذبه بأنفه (٥).

قوله : والاستنشاق. ( ١ : ٢٤٧ ).

قال الشارح الفاضل : وليكونا باليمين ويجذب الماء بخياشيمه إن لم يكن صائما ، والأفضل مجّ الماء من فيه ، وإن ابتلعه كان جائزا (٦) ، انتهى.

قوله : لم أقف له على شاهد. ( ١ : ٢٤٨ ).

وفي ما كتب أمير المؤمنين عليه‌السلام إلى أهل مصر مع محمّد بن أبي بكر : « المضمضة ثلاثا والاستنشاق ثلاثا » (٧) فلاحظ (٨).

__________________

(١) راجع ص ٢٥٥.

(٢) هذه التعليقة ليست في « ا ».

(٣) التهذيب ١ : ١٣٢ / ٣٦٤ ، الوسائل ٢ : ٢٣١ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٨.

(٤) التهذيب ١ : ١٣١ / ٣٦٣ ، الاستبصار ١ : ١٢٣ / ٤١٩ ، الوسائل ٢ : ٢٣٠ أبواب الجنابة ب ٢٦ ح ٦.

(٥) المبسوط ١ : ٢٠.

(٦) روض الجنان : ٤٢.

(٧) الغارات ١ : ٢٤٤ ، مستدرك الوسائل ١ : ٣٠٥ أبواب الوضوء ب ١٥ ح ٨.

(٨) ليس في « أ ».

٣١١

وفي كشف الغمة أنّ الكاظم عليه‌السلام كتب إلى علي بن يقطين :

« تمضمض ثلاثا ، ثم استنشق ثلاثا ، وتغسل وجهك ثلاثا » إلى أن قال : ثم كتب : « توضأ كما أمر الله تعالى : اغسل وجهك واحدة فريضة واخرى إسباغا ، وكذلك المرفقين ، وامسح مقدم رأسك وظاهر قدميك بفضل نداوة وضوئك ، فقد زال ما كنا نخاف عليك » (١) ، فإنّ تغيير خصوص غسل الوجه واليدين وإبقاء المضمضة والاستنشاق بحالهما دليل على استحباب التثليث ، كما أفتى به الأصحاب.

وفي الكافي عن الصادق عليه‌السلام في من نسي الاستياك ، قال : « يستاك ، ثم يتمضمض ثلاث مرات » (٢).

وفي الفقه الرضوي : وقد روي أن يتمضمض ويستنشق ثلاثا ، وروي مرة مرة يجزئه ، وقال : الأفضل الثلاثة (٣).

قوله : والكل حسن. ( ١ : ٢٤٨ ).

بل الأولى تقديم المضمضة مطلقا على الاستنشاق ، لما ظهر من بعض الأخبار ، بل الأحوط الاقتصار عليه لذلك.

قوله : والدعاء. ( ١ : ٢٤٨ ).

في الفقه الرضوي : « أيما مؤمن قرأ إنّا أنزلناه في وضوئه خرج من ذنوبه كهيئة ولدته امّه » (٤) انتهى ، وفي الأخبار ورد بعد تمام الوضوء (٥) ، فتأمّل.

__________________

(١) كشف الغمة ٢ : ٢٢٦.

(٢) الكافي ٣ : ٢٣ / ٦ ، الوسائل ٢ : ١٨ أبواب السواك ب ٤ ح ١.

(٣) فقه الرضا عليه‌السلام : ٨١ ، المستدرك ١ : ٤٦٨ أبواب الجنابة ب ٦ ح ١.

(٤) فقه الرضا عليه‌السلام : ٧٠ مستدرك الوسائل ١ : ٣٢٠ أبواب الوضوء ب ٢٤ ح ٤.

(٥) راجع البحار ٧٧ : ٣٢٨.

٣١٢

قوله (١) : من الفرق بين الغسلة الأولى والثانية. ( ١ :٢٤٩ ).

موافق للشيخ في المبسوط (٢) ووافقهما العلاّمة (٣) أيضا ، ولعل نظرهم إلى أن غسل خصوص الظاهر من دون شي‌ء من الباطن حتى يتحقق الابتداء بغسله مما لا يكاد يتحقّق ، لأن بصب الماء على الظاهر يغسل من الباطن أيضا قدر معتد به ، لجريان الماء إليه بالقدر المذكور عادة ، ومع ذلك غسل جميع الظاهر بحيث لا يشذ عنه شي‌ء مقدما على الباطن يتوقف على اهتمام تام ، ولعله خلاف ظواهر الأخبار الواردة في بيان الوضوء ، وخلاف الطريقة المتعارفة بين الشيعة.

وحمل الحديث على أن المراد من الغسل قصد الغسل لا نفسه بعيد ومخالف للفتاوي ، فلا جرم يكون المراد الابتداء بالصبّ ، مع أن لفظ الغسل غير موجود في الحديث والصب غسل بعنوان خاص ، فإذا كان ما فيه من الخصوصية متعلق الابتداء لا جرم ذلك القيد يكون متعلق الانتهاء ، فإذا كان المراد الابتداء بالصب لا جرم منه يتحقق صب آخر مغاير للأول حتى يكون مؤخرا عنه ونهاية له ، ولا ريب في عدم تحققه إلاّ في الغسلة الثانية فيصير مؤخرا في الظاهر ، كما أن يكون الرجل ابتداء صبه بالظاهر ومؤخره بالباطن ، فتأمّل.

لكن عبارة المحقق ربما لا يلائمها ما ذكرنا ، لأنه قال : وأن يبدأ في الأولى بغسل ظاهر ذراعية فإنه أيضا ظاهر في غسل مجموع خصوص الظاهر‌

__________________

(١) هذه الحاشية ليست في « أ » و « و ».

(٢) المبسوط ١ : ٢٠.

(٣) كما في القواعد ١ : ١١ ، والتذكرة ١ : ٢٠٢ ، ونهاية الأحكام ١ : ٥٧.

٣١٣

فيكون مورد الاعتراضين.

نعم ، عبارة العلاّمة ـ رحمه‌الله ـ لا تأبى عما ذكرناه ، لأنه قال : وبدأة الرجل بظاهر ذراعيه في الأولى والباطن في الثانية. إذ كون الابتداء في الغسلة الأولى بالظاهر لا يقتضي كون غسل مجموع الظاهر مقدما على الباطن حتى يتوجه الإيرادان ، بل في تلك الغسلة يكون الابتداء والشروع بظاهر الذراع ، فتأمّل جدا.

ويمكن أن يكون مراد المحقق أيضا ذلك إلاّ أنه وقع في عبارته مسامحة أو غفلة ، لكن يمكن أن نقول : المراد من الحديث ربما يكون هذا المذكور من دون حاجة إلى تقدير الصب في الكلام بحيث يظهر بالدلالة الالتزامية وجود صب آخر حتى يثبت ما ذكروا.

لا يقال : إن أردت أنّ غسل ابتداء ظاهر المرفق يكفي ففيه أنّ الشروع بعد ذلك بغسل مجموع الباطن من غسل ما بعد المرفق من الظاهر خلاف فتوى الفقهاء ودليلهم ، وإن أردت أن الظاهر مقدم في الغسل على الباطن يعود المحذوران.

لأنا نقول : نريد الثاني ونقول الابتداء بالظاهر على قسمين :

الأول : أن يكون الظاهر يغسل ابتداء ، وبعد يشرع في غسل الباطن ، وفيه المحذوران.

والثاني : أن يكون كل جزء من الظاهر مقدم على ما يوازيه وما يحاذيه من الباطن ، وهذا ليس فيه شي‌ء من المحذورين أصلا ، فتدبر.

قوله : وفي السند إسحاق بن إبراهيم. ( ١ : ٢٥٠ ).

هو أخو علي بن إبراهيم ولعله من مشايخ الإجازة فيكون الحديث قويا.

٣١٤

مع أن ابن بابويه رواها في الفقيه مرسلا (١) وفيه أيضا شهادة على القوّة والاعتبار ، مضافا إلى الاشتهار بين الأصحاب ، فينجبر الضعف ، ولعل عملهم بها للتسامح ، فيكون الفرض محمولا على الاستحباب ، لا أن المراد منه الاستحباب ، بل ينزل حكمه منزلة الاستحباب كما مرّ في صدر الكتاب ، وللإجماع حملوا على أنّ المراد شدة الاستحباب ، وبملاحظة تتبع تضاعيف الأخبار الكثيرة الواردة في مقام البيان وجواب سؤال السائلين عن الوضوء ، حتى أنهم تعرضوا لكون الابتداء من المرفق وغيره ولم يتعرضوا لوجوب الابتداء من الظهر أو البطن مع أنّه أخفى ، فلاحظ وتأمّل. وسيجي‌ء عن الشارح في مبحث استحباب البول للجنب نظير هذا (٢).

قوله : قال الشهيد في الذكرى. ( ١ : ٢٥٠ ).

قال بعض المحققين : هذا إنّما يتمشّى على القول بعدم استحباب الغسلة الثانية ، وعدم كون المضمضة والاستنشاق من الوضوء الكامل ، وأمّا على القول بذلك فلا (٣). وصدّقه غيره من المحققين أيضا (٤).

قوله : والمستند فيه. ( ١ : ٢٥٢ ).

لا يخفى أنّ التشبّه بالعامة لعله أمر مكروه عندهم صلوات الله عليهم ، والخبر منجبر بعمل الأصحاب ، والمخالف غير معلوم صريحا ، وقول الشيخ لا بدّ من ملاحظته.

قوله : ويشهد له. ( ١ : ٢٥٣ ).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣٠ / ١٠٠.

(٢) انظر المدارك ١ : ٢٩٨.

(٣) الحبل المتين : ٢٧.

(٤) ذخيرة المعاد : ٤٢.

٣١٥

وجه الشهادة وعدم الدلالة أنّ عدم البأس لا ينفي الكراهة ، سيما إذا كان مرادهم ترك المستحب ، مع أنّ حكاية الوضوء غير مذكورة.

وفي زيادات التهذيب ، في الموثق عن إسماعيل بن الفضل أنّ الصادق عليه‌السلام توضّأ ثمّ مسح وجهه بأسفل قميصه ، ثم قال : « يا إسماعيل افعل كذا ، فإنّي أفعل كذا » (١).

وفيه : أنّه إن كان الأمر محمولا على ظاهره فالأظهر التقيّة ، وإن كان المراد نفي الحظر فلا ينافي الكراهة ، سيما بالمعنى المذكور ، فتأمّل.

مع أنّ المسح بالقميص لعله ورد ذمّه في الأخبار (٢).

قوله : وقد توضأ. ( ١ : ٢٥٣ ).

هذا أيضا لا ينافي الكراهة ، سيما إذا كان مرادهم خلاف الاستحباب ، مع أنّه لعله كان هناك عذر.

قوله : وهو قوي. ( ١ : ٢٥٣ ).

بل ضعيف ، إذ يظهر من الأخبار استحباب بقاء الرطوبة ، وأنّها متى كانت باقية يكون المتوضئ يعود إليه الثواب ، وقوله عليه‌السلام « حتى يجف » إشعاره بمكانه.

قوله : لا ينافي الشك. ( ١ : ٢٥٣ ).

إذا اعتبرت كون زمان الطهارة بعد زمان الحدث فلا مانع من أن يجعل الحدث بمعنى الأثر الحاصل البتة ، كيف وهذا المعنى لازم للمعنى الأول لا ينفك عنه إلى أن تتحقق الطهارة ، فالإيراد من أصله فاسد ، فإن قولك :

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٥٧ / ١٠٦٩ ، الوسائل ١ : ٤٧٤ أبواب الوضوء ب ٤٥ ح ٣.

(٢) انظر البحار ٧٣ : ٣١٥ و ٣١٧ و ٣٢١ و ٣٢٣.

٣١٦

في زمان واحد ، إن جعلته متعلقا بقولك : وجود ، فهو فاسد قطعا ، وإن جعلت الحدث بالمعنى الأول ، لأنه أيضا مناف للطهارة قطعا يمتنع اجتماعهما في زمان واحد ، وإن جعلته متعلقا بقولك : اجتماعهما ، فلا مانع أصلا ، لأن الحدث المتيقن مقدم على الطهارة المشكوك فيها قطعا ، فتدبر.

قوله : أو تيقنهما. ( ١ : ٢٥٤ ).

وفي الفقه الرضوي : « وإن كنت على يقين من الوضوء والحدث ولا تدري أيهما أسبق فتوضأ » (١) ، انتهى. وأيضا الوضوء شرط لصحة الصلاة ، والشك في الشرط يستلزم الشك في المشروط ، فلا يتحقق الامتثال اليقيني بل العرفي أيضا.

قوله : فإن عبارته. ( ١ : ٢٥٦ ).

بل صرح بهذا الجواب حينما اعترض البيضاوي على عبارته في القواعد (٢) : ولو تيقنهما. إلى قوله : استصحبه ، بأن الاستصحاب انقطع يقينا ، فالموافق للقواعد مراعاة اليقين الحاصل المضاد للحالة السابقة لا الحالة السابقة ، فأجاب بأني ما استدللت بالاستصحاب ، إلى آخر ما أجاب (٣).

وما أورد عليه الشارح أيضا غير وارد ، لأن المسألة تتصور بصورتين :

الأولى : أن يكون الحدث الناقض والطهارة الرافعة الواقعة كل واحد منهما واحدا غير متعدد على اليقين.

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام : ٦٧ المستدرك ١ : ٣٤٢ أبواب الوضوء ب ٣٨ ح ١.

(٢) قواعد الأحكام ١ : ١٢.

(٣) انظر رياض العلماء ١ : ٣٨٢.

٣١٧

والثانية : وقوع كل واحد منهما على اليقين في الجملة بأن القدر المتيقن واحد مع احتمال الزيادة ، باحتمال أن يكونا متحدين أو متعددين لا يقين في واحد منهما.

فكأنّ الشارح حمل عبارته في المختلف على الصورة الأولى ، وغفل عن أنّه يلزم على هذا أن يكون قوله ـ رحمه‌الله ـ : ونقض الطهارة الثانية مشكوك فيه ، فلا يزول اليقين بالشك ، وكذا قوله : والطهارة بعد نقضها مشكوك فيها ، لغوا محضا ، بل ويفيدان خلاف المطلوب ، لأنّ القولين صريحان في التمسك بالاستصحاب.

وغير خفيّ أن مراده هو الصورة الثانية ، واليقين الحاصل بوقوع حدث ناقض في الجملة وطهارة رافعة كذلك لا ينفع إلاّ بضميمة الاستصحاب ، كما لا يخفى على المتأمّل ، ويكون ما ذكره ـ رحمه‌الله ـ قولا في أصل المسألة بالقياس إلى أحد شقوقها ، فتأمّل.

قوله : فسرها بالمتابعة. ( ١ : ٢٥٦ ).

لم يفسرها أحد بالمتابعة في حال عدم الاختيار أيضا ، بل من فسرها إنما فسرها بها في حال الاختيار ، خاصة وما نحن فيه من أقوى أنواع عدم الاختيار ، ولذا لم يقل أحد بالبطلان بفواتها.

قوله : فإذا قمت وفرغت. ( ١ : ٢٥٦ ).

الظاهر أنّه عطف تفسيري ، والحال الأخرى أعم من الجلوس لغير الوضوء ، والسكون الذي هو خارج عنه وواقع بعد الفراغ منه ، إذ لا بدّ أن يكون المكلف مشتغلا بكون ، فتأمّل.

قوله : قوله عليه‌السلام في صحيحة زرارة. ( ١ : ٢٥٧ ).

وورد أيضا أنّه قيل لواحد من الأئمة عليهم‌السلام ـ ولعله الصادق عليه‌السلام ـ : إن فلانا رجل عاقل إلاّ أنه مبتلى في طهارته ، فقال : كيف يكون‌

٣١٨

عاقلا وهو يعلم أنّه مطيع للشيطان ، فقيل له كيف يعلم أنّه مطيع له؟ قال عليه‌السلام : لأنّه لو سئل عنه : لم تفعل كذلك؟ يقول هو من الشيطان لا يخليني (١) ، ومتن الرواية ليس ببالي.

قوله : والأولى تداركه. ( ١ : ٢٥٨ ).

بل متعين ، لعدم الامتثال اليقيني بدونه ، بل العرفي أيضا ، فيبقى تحت العهدة.

قوله : فلأن نيتها إنما تكون. ( ١ : ٢٦٠ ).

لا يخفى أن هذا الشرط خلاف مقتضى دليل اعتبارها ، وخلاف إطلاق قول القائل به ، فلا وجه لما ذكره ، ولم يظهر من الشيخ في المبسوط أنّه يقول بما ذكره الشارح ، إذ لعل بناءه على أن هذا الشك داخل في الشك بعد الفراغ أو غير ذلك ، وهذا أنسب بكلامه حيث اعتبر في النية الرفع أو الاستباحة مطلقا ، مع أنّه لو قال بما ذكره لكان موردا للاعتراض بأنّ الدليل لو تم لاقتضى الاعتبار مطلقا وإلاّ فلا مطلقا ، فتأمّل.

قوله : ولأن الظاهر. ( ١ : ٢٦٠ ).

لو تم هذا بحيث يجعل مستند حصول البراءة اليقينية أو الامتثال العرفي بالنسبة إلى شغل الذمة اليقيني ، لكان دليلا على عدم لزوم الإعادة لا على عدم لزومها على تقدير القول باعتبار الاستباحة مع القول بفساد هذا القول ، والكلام إنما هو على تقدير القول بهذا الفاسد ، فلا وجه للتمسك بدلالة الأخبار ، مع أن في الدلالة أيضا تأمّل.

وبالجملة : على فرض تماميتها تكون دالة على أن قصد الاستباحة‌

__________________

(١) الكافي ١ : ١٢ / ١٠ ، الوسائل ١ : ٦٣ أبواب مقدمة العبادات ب ١٠ ح ١.

٣١٩

ليس بشرط على ما يقول القائل به ، لا أنّه على هذا القول أيضا لا يجب الإعادة ، فتأمّل.

قوله : تلافيا لما عساه. ( ١ : ٢٦٠ ).

استشهاده بأمثال ما ذكره ، واستناده إليها لتحصيل البراءة اليقينية أو العرفية في ما نحن فيه في غاية الغرابة ، فتأمّل.

قوله : مع احتمال الصحة. ( ١ : ٢٦١ ).

هذا الاحتمال ليس بشي‌ء ، لأن الدليل الذي استدل به على اعتبار قصد الوجه لو تم لاقتضى الوجه الذي لم يظهر على المكلف خلافه ، فلاحظ وتأمّل.

قوله : الرابعة. ( ١ : ٢٦٢ ).

ولو توضأ قبل دخول الفريضة ندبا ثم دخل وقت الفريضة فصلّى ثم ذهل عن الوضوء فتوضأ ندبا للتأهب لفريضة أخرى ففيه إشكال ينشأ من أنه لو كان الخلل في الوضوء الأول لم تبرأ ذمته عن الصلاة الواجبة التي صلى به فلم يكن الوضوء الثاني مشتملا على الوجه الواقعي ، من اشتماله على الوجه الذي أعتقده.

قوله : لصدق الامتثال. ( ١ : ٢٦٣ ).

فإن قصد التعيين إنما اعتبر لتحقق الامتثال العرفي ، وهو متحقق في قصد ما هو معين في الواقع ، وإن كان مترددا فيه عند المكلف ، فلا يحتاج الامتثال هنا إلى صلاة أخرى تكون مقدمة له.

لكن يشكل الأمر من جهة الجهر والإخفات على القول بوجوبهما ومن طرف الدليل المقتضي له ، فعلى هذا يحتاج إلى صلاة أخرى تحصيلا للبراءة. والمشهور قائلون بوجوبهما ، ومنهم المصنف.

قوله : وفي هذا نظر. ( ١ : ٢٦٤ ).

٣٢٠