الحاشية على مدارك الأحكام - ج ١

محمّد باقر الوحيد البهبهاني

الحاشية على مدارك الأحكام - ج ١

المؤلف:

محمّد باقر الوحيد البهبهاني


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-169-9
ISBN الدورة:
964-319-168-0

الصفحات: ٤١٥

على جواز الاستعانة بالبصاق ، ويظهر من الاستدلال والجواب أن السيد ـ رحمه‌الله ـ قائل بالتطهير به. على أن ابن الجنيد نسب إليه صريحا أنه قائل بتطهير الدم بالبصاق (١). سلمنا ، لكن يرد على الشارح ما سيورد على السيد بقوله : لم يقدح. ، فتدبّر.

قوله : على ألسنة أهل العرف. ( ١ : ١١٤ ).

بناء على أنّ تتبع الأحاديث كاشف عن أنّ طريقة مخاطبات الشرع طريقة العرف ، والعرف ينصرف إلى المعتاد. أو أنّ الأصل إنما يعتبر لو لم يخالف المتبادر.

قوله : قال المصنف في المعتبر. ( ١ : ١١٤ ).

أقول : وكذا العلامة ـ رحمه‌الله ـ في التذكرة والمنتهى ، والشهيدان (٢).

قوله : موجبة لنجاسة ما لاقته. ( ١ : ١١٤ ).

إن كان من جهة الرطوبة التي هي شرط في انفعال شي‌ء بملاقاة النجاسة ، فمع أنّ مستنده الإجماع أيضا إلاّ أنه إجماع آخر ، يلزم سراية النجاسة في غير المائعات أيضا ، مثل السمن الجامد ، والبطيخ المكسور ، وأمثال ذلك ، فهو فاسد بإجماع الشيعة ، وإن كان من جهة ميعانه فلعله مصادرة ، إلا أن يستند إلى الإجماع فيكون هو الدليل ، وما ذكره من فروعات المسألة. هذا مضافا إلى ما مر في تطهير الماء القليل.

قوله : وصيرورته. ( ١ : ١١٤ ).

تغير بالمضاف أم لا ، على المشهور ، خلافا للشيخ في الأول (٣) ، وقد‌

__________________

(١) نسبه إليه الشهيد في الذكرى : ١٦.

(٢) التذكرة ١ : ٣٣ ، المنتهى ١ : ٢٢ ، الذكرى : ٧ ، روض الجنان : ١٣٣ ، الروضة ١ : ٤٥.

(٣) المبسوط ١ : ٥.

١٨١

مرّ الكلام في ذلك في صدر الكتاب.

والمستفاد من كلام الشارح ـ رحمه‌الله ـ أنه ما لم يصر ماء مطلقا يكون نجسا ، فيكون المجموع نجسا ، لخروجه عن الإطلاق وصيرورته ماء مضافا ، ودليله استصحاب نجاسة المضاف ، وعدم ثبوت المطهر الشرعي.

وربما قيل بالطهارة (١) ، لأنّ الماء كان طاهرا ولم يثبت نجاسته شرعا ، إذ لعله طهر المضاف قبل أن يصير مضافا.

وفيه : أنّ الحكم بطهارة الماء ، بالاستصحاب إنما هو ما دام كونه ماء مطلقا ، فإذا خرج منه فلا يبقى للاستصحاب أثر ، ولذا يحكم بأنّ الاستحالة من المطهرات للنجس ، وأما المضاف النجس فهو بعد على طبيعته وحقيقته. سلمنا ، لكن نقول : غاية الأمر أنه تعارض الاستصحابان ، فيبقى الحكم بمطهرية النجس شرعا من غير دليل ، فالأصل عدمه ، فتأمّل.

مع أن العادة تحكم بأنّ سريان الماء في أعماق المضاف بحيث يبقى على ماهيته حتى يطهر محال ، سيما مع اشتراط اتصال أجزائه ، لأنه شرط في الطهارة والمطهرية ، فتأمّل.

قوله : من اعتبار الاسم. ( ١ : ١١٥ ).

لا يخلو تحققه من إشكال ، فإنّ إطلاق الجاهل بالحال لا عبرة به ، والعالم به لم نجد له في العرف ضابطة معرفة لصحة الإطلاق. نعم حال الاستهلاك لا شبهة فيه ، فتأمّل.

قوله : لا تعودي. ( ١ : ١١٦ ).

بتخفيف الواو ، من العود ، أو بتشديدها ، من الاعتياد ، وكيف كان ،

__________________

(١) قال به في المنتهى ١ : ٢٢ ، والقواعد ١ : ٥.

١٨٢

دلالتها على المطلوب يحتاج إلى التأمّل ، ومع ذلك فهي في غاية الظهور في عدم الحرمة سيما إذا كانت مشددة ، فقوله بعد ذلك : وحملها الأصحاب. ، فيه ما فيه.

قوله : لضعف سندهما. ( ١ : ١١٧ ).

مرّ في صدر الكتاب وجه الحمل ومعنى الحمل (١) ، فتأمّل.

قوله : ولما روي عن الصادق عليه‌السلام. ( ١ : ١١٧ ).

وقد عرفت أنّ رواية إبراهيم تدل على الحرمة ، فهي أيضا سبب للحمل على الكراهة.

قوله : وسواء كانت الآنية. ( ١ : ١١٧ ).

أقول : وسواء كان قليلا أو كثيرا ، وسواء كان بإشراق الشمس أو الوضع قريبا منها ، إلاّ أن يدعي الظهور في الأوّل ، والظاهر الظهور في الأول في المسألة الأولى أيضا ، لأنّ الرواية وردت عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والماء الكثير كان في ذلك الزمان نادرا.

قوله : سواء قصد إلى. ( ١ : ١١٧ ).

والرواية على ما نقلها لا ظهور لها في هذا العموم ، نعم هي في كتب الأخبار رويت كذلك : « الماء الذي تسخنه الشمس لا يتوضأ به » (٢) ، وهي دالة على العموم ، فتأمّل. وربما يظهر منه عموم آخر ، وهو أعم من أن تكون السخونة باقية أم لا ، وإن قلنا بأنّ المشتق لا بدّ في صدقه من بقاء مبدأه ، لأن هاهنا فعل مضارع ، ويؤيده الاستصحاب.

__________________

(١) راجع ص ٢٠ ـ ٢١.

(٢) الكافي ٣ : ١٥٣ / ٥ ، علل الشرائع : ٢٨١ ب ٩٤ ح ٢ ، الوسائل ١ : ٢٠٧ أبواب الماء المطلق ب ٦ ح ٢ ، وفيها : « لا تتوضؤوا به ».

١٨٣

قوله : واعلم أن المراد بالمكروه. ( ١ : ١١٧ ).

هذا ينافي ما اختاره من أن الشي‌ء لا يمكن أن يصير مأمورا به ومنهيا عنه ، لأن التضاد ليس منحصرا بين الواجب والحرام ، بل الأحكام الخمسة كلها متضادة ، وسيجي‌ء عن الشارح في مكان المصلي بسط الكلام في الجملة ، وامتناع الاجتماع بين الأولين (١) ، ومراد من قال بأنها بمعنى أقليّة الثواب أنها أقلّ ثوابا من الثواب المقرر على العبادة من حيث هي ، لا الثوابات العارضة الخارجية ( لأنها ليست ثواب العبادة ، بل ثواب الأمور العارضة ) (٢) فتأمّل. مع أنّ الفقهاء كثيرا ما يطلقون الكراهة على خلاف المستحب أيضا ، فتأمّل.

وما قيل من أن الكراهة راجعة إلى الوصف الخارج عن ذات الفرد بخلاف الحرمة فيه ما فيه ، ونحن صححنا المقام في الفوائد الحائرية ، من أراد الاطلاع فليرجع إليها (٣).

قوله : ولو خشي. ( ١ : ١١٨ ).

في الفقه الرضوي : « ولا يسخن له الماء إلاّ أن يكون الماء باردا جدا ، فتوقّي الميت بما توقّي به منه نفسك ، ولا يكون حارا شديدا ، ولكن يكون فاترا » (٤).

قوله : وهو قوي. ( ١ : ١١٩ ).

__________________

(١) انظر مدارك الأحكام ٣ : ٢١٧.

(٢) ما بين القوسين ليس في « ب » و « ج » و « د ».

(٣) انظر الفوائد الحائرية القديمة ، الفائدة الرابعة عشرة ( المخطوطة ).

(٤) فقه الرضا « ع » : ١٦٧ ، المستدرك ٢ : ١٧٤ أبواب غسل الميت ب ١٠ ح ١.

١٨٤

قال في المعالم : وظاهر الشهيد في الذكرى ، ووالدي في شرح الإرشاد الميل إلى الطهارة ، وصرح باختياره الشيخ على ما في بعض فوائده ، ويعزى إلى جماعة من متقدمي الأصحاب المصير إليه أيضا (١).

قوله : ولم أقف. ( ١ : ١١٩ ).

لكن في المعالم نسب إلى ابن إدريس موافقته للمرتضى (٢).

قوله : كما بيناه فيما سبق. ( ١ : ١٢٠ ).

أي من منع العموم في المفهوم (٣) ، وأمّا المنطوق فلم يرد بعنوان العموم ، نعم يظهر من بعض المنطوقات النجاسة في حال الغسل ، مثل إدخال اليد النجسة في الماء (٤) ، فلو كان إجماع مركب يلزم منه العموم لكان معارضا بما هو أقوى دلالة ، وهو جواز غسل الثوب النجس في المركن (٥) ، إلاّ أن يقولا (٦) : لا دليل على أن النجس لا يطهر مطلقا ، وسيجي‌ء الخلاف في بحث مطهرية الأرض وغيرها ، مثل حجر الاستنجاء ، فإنه يطهر مع انفعاله بالملاقاة ، سيما على القول بالاكتفاء بمجرد النقاء ، كما اختاره الشارح (٧).

وبالجملة : العقل لا طريق له في أمثال هذه الأحكام ، والنقل منحصر في الإجماع والآية والحديث ، ولا إجماع ولا كتاب ولا سنة يثبت بها‌

__________________

(١) معالم الفقه : ١٢٣.

(٢) معالم الفقه : ١٢٣.

(٣) إشارة إلى منع عموم المفهوم في قوله عليه‌السلام : « إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شي‌ء ».

(٤) انظر الوسائل ١ : الباب ٨ من أبواب الماء المطلق الأحاديث ٣ ، ٤ ، ٧ ، ١٠ ، ١١.

(٥) الوسائل ٣ : ٣٩٧ أبواب النجاسات ب ٢ ح ١.

(٦) أي المحقق والعلامة ، وفي « ا » : نقول.

(٧) انظر مدارك الأحكام ١ : ١٦٥.

١٨٥

الحكم ، وما بقي في الثوب بعد العصر عفو مطلقا وإن لاقى شيئا آخر.

وفيه أن الظاهر من لفظ النجس أنه يجب التنزه عنه ، فكيف يجتمع هذا مع العفو مطلقا. إلاّ أن يقال : الإجماع اقتضى الطهارة والعفو المطلق ، وفي تحققه في المركن تأمّل.

قوله : وأمّا الروايتان. ( ١ : ١٢٠ ).

أمّا الكلام في السند فقد مرّ مكررا ، وأما قصور الدلالة فالظاهر أنّ الجملة المثبتة (١) دلالتها ظاهرة سواء رجعت إلى الأمر أم لا ، لأنّ الظاهر أن المراد أن الحكم الشرعي فيه أنه يغسل ، نعم ما يثبت من الرواية هو النجاسة بعد الانفصال ، كما هو أحد الاحتمالات في هذه المسألة ، ( وسيجي‌ء ذلك عن الشارح ) (٢) في مسألة غسل الثياب ، قائلا أنّ القدر الذي يثبت من الروايات المنع من الاستعمال بعد ملاقاة النجاسة خاصة لا حال الملاقاة (٣) ، وسينبه عليه الآن أيضا.

قوله : لأن النجس لا يطهر. ( ١ : ١٢١ ).

لا يخفى أنّ دليله أعم من مدعاه ، إذ غاية ما يثبت منه جواز الغسل بالقليل ، أمّا أنه لا بدّ من أن يكون بعنوان ورود الماء على النجاسة وأنه شرط فلا يظهر منه بوجه من الوجوه. إلاّ أن يقال : التطهير بعنوان الورود عليها يثبت من هذا الدليل ، وأمّا أزيد منه فلا ، لتأدي الفرض وعدم بقاء أمر يوجب العلم بعد ذلك ، وفيه ما لا يخفى.

قوله : لأن ذلك يقتضي. ( ١ : ١٢١ ).

لا يخفى أنه ما أظهر أنّ العلة ما هي حتى يعترض عليه بذلك.

__________________

(١) في « ج » و « د » : الفعلية.

(٢) بدل ما بين القوسين في « ه‍ » : وسيجي‌ء خلاف ذلك عن الشهيد.

(٣) انظر مدارك الأحكام ٢ : ٣٣٠.

١٨٦

فإن قلت : السيّد ـ رحمه‌الله ـ صرح بأنه لو تنجس حال الملاقاة لزم عدم تطهير الثوب ، فمنع الملازمة لا يكون إلاّ أن يحكم بالانفعال حال الملاقاة وتطهير الثوب ، لكن لما قال : والنجاسة في الماء بعد انفصاله عن المحل ، لزم منه ذلك الاقتضاء.

قلت : لو تمّ ما ذكرت لزم التناقض في كلامه ، وأنّ الإيراد عليه هو لا ما ذكرت ، وغير خفي أنه ما منع الملازمة الأخيرة ، بل الظاهر أنها مسلمة عنده ، لتقييده النجاسة بما بعد الانفصال ، بل منع الملازمة الأولى التي هي نفس الدليل ، وذلك لأنه استدل هكذا : لو حكمنا بنجاسة القليل الوارد على النجاسة لأدى إلى عدم التطهير بالقليل ، ولم يقيد بكونه حال الملاقاة ، بل الظاهر منه الحكم في الجملة ، والظاهر منه أخذ التنافي بين الانفعال في الجملة والتطهير.

بل لعله لا يمكن حمل كلامه إلا على هذا ، لأن مطلوبه عدم الانفعال حال الورود مطلقا ، فنقيضه الانفعال في الجملة لا الانفعال مطلقا ، ولذا نسب الشارح وغيره إليه القول بعدم الانفعال مطلقا حال ورود الماء على النجاسة ، ولذلك منع العلامة ـ رحمه‌الله ـ ، بأنه لا مانع من الحكم بالتطهير والانفعال في الجملة ، وهو ما إذا كان بعد الانفصال.

فإن قلت : التقييد في الملازمة الثانية كاشفة عن التقييد في الأولى أيضا ، لأنها بيانها.

قلت : فرق بين البيان والمبين ، فلو كان الأمر على ما ذكرت لكانت الثانية راجعة إلى الأولى.

والحاصل أن السيد ـ رحمه‌الله ـ لما كان معتقدا انحصار العلة في الملاقاة وعدم جواز تخلف مثل هذه العلة أيضا عن المعلول بين الملازمة العامة بالملازمة الخاصة. فعلى هذا ، منع العلامة الملازمة الأولى لا يرجع‌

١٨٧

إلى منع الثانية ، سيما مع ما عرفت من تقييده النجاسة بخصوص كونها بعد الانفصال.

وبالجملة : كلامه يرجع إلى ما ذكره الشارح بقوله : نعم يمكن.

ومعلوم أن المجيب لا يجب أن يكون جوابه موافقا لمذهبه ، بل ولا لمذهب ، ما لم يخالف الإجماع.

وأولى من ذلك أنّ منعه قدر مشترك بين منع انحصار العلة ، ومنع عدم جواز تخلف معلول أمثال هذه العلل التي هي من باب الأمارات ، ومنع أن كون الشي‌ء نجسا يجب أن يكون جميع أحكام النجاسات موجودة فيه على حسب ما مر ، وأما منع انحصار العلة فسنده الرواية التي مرت ، بل الروايتان عند العلاّمة.

قوله : لا تتناول ذلك صريحا. ( ١ : ١٢٢ ).

ليس كذلك ، بل تتناوله ، كما أشرنا. إلاّ أن يقال : إنه بسبب التعارض لا يبقى المعارض سالما ، إن وقع التعارض.

قوله : ولا بأس به. ( ١ : ١٢٢ ).

فيه : أنه مخالف لما ذكره آنفا ، من أن الروايات لا تتناول ذلك. إلاّ أن يكون مراده خصوص الموضع الذي حكم الشيخ بالطهارة ، ولكن يبقى التأمّل في التخصيص بعد ملاحظة ما ذكرناه في منع كلية الكبرى. إلاّ أن يكون مراده الإثبات فيه لا النفي في غيره ، كما يظهر من قوله : وربما ظهر. ، فتأمّل.

قوله : وهو مشكل. ( ١ : ١٢٢ ).

فيه ما لا يخفى ، لأنّه إذا مال إلى الطهارة مطلقا واستوجه عدم اعتبار الورود يلزم من ذلك عدم النجاسة مطلقا في صورة الغسل.

١٨٨

قوله : على ما نقله المصنف. (١).

غاية ما يثبت منه الظن ، فالحكم بالقطع فيه ما فيه. مع أنه ـ رحمه‌الله ـ متأمّل في مثل هذه الإجماعات ، بل ونسب إلى الشهيد ظهور الخلاف في ذلك. ولعله لذلك وجد في بعض النسخ الضرب على ما ذكر ، والكتابة موضعه : ان المحقق في المعتبر نقل الإجماع على عدم رفع الحدث.

قوله : أو تلاقيه. ( ١ : ١٢٣ ).

كلمة « أو » هاهنا بمعنى : إلى أن ، أو : إلاّ أن ، وإنما فعل المصنف كذلك تنبيها على الفرق بين القيدين ، بأن القيد الثاني خارج عن المسألة وأجنبي بالنسبة إليها ، لأن مفروضها حكم الغسالة من حيث أنها غسالة ، بأنها هل تنجس بسبب النجاسة التي هي غسلتها وإزالتها أم لا؟ ولهذا وقع النزاع في نجاسة غسالة الأخباث ، مع أنه لا نزاع بينهم إذا وصلتها النجاسة من الخارج فتدبر (٢).

قوله : ماء الاستنجاء من الحدثين. ( ١ : ١٢٣ ).

الاستنجاء لعله حقيقة لغة في تطهير موضع النجو ، ويظهر من بعض الأخبار الإطلاق عليه ، مثل صحيحة زرارة (٣) ، لكن لعله تحقق حقيقة شرعية ، أو سببه أن الظاهر من الأخبار وقوع غسالة البول أيضا ، لبعد انفكاك غسالة الغائط عنها ، فتأمّل.

قوله : لما في إيجاب. ( ١ : ١٢٣ ).

__________________

(١) في « أ » و « ه‍ » و « و » : كما نقله. ولم نعثر على هذه العبارة في المدارك.

(٢) ليس في « ج ».

(٣) التهذيب ١ : ٤٩ / ١٤٤ ، و ٢٠٩ / ٦٠٥ ، الاستبصار ١ : ٥٥ / ١٦٠ ، الوسائل ١ : ٣١٥ أبواب أحكام الخلوة ب ٩ ح ١.

١٨٩

لعل أمثال هذه الاستدلالات منهم من باب التأييد ، كما لا يخفى على الفطن المطلع بأحوالهم ، فتأمّل.

قوله : وأنا جنب. ( ١ : ١٢٣ ).

قيل : في قوله : وأنا جنب دلالة على أن استنجاءه كان من المني أو منه ومن غيره [ ويحتمل أن يكون مختصا بغيره ] وذكر الجنابة لتوهم سراية النجاسة الحدثية إلى الماء ، انتهى (١).

والاستنجاء حقيقة في غسل المخرجين من الحدثين ، فحمله على غيره يحتاج إلى قرينة واضحة ، ومجرد ذكر ذلك ليس قرينة ، فالحمل الأخير متعين ، فتأمّل.

قوله : وشرط المصنف. ( ١ : ١٢٤ ).

ليس المراد بالشرطية معناها المعروف ، لأن الشك في الشرط يوجب الشك في المشروط ، فيلزم ندرة الغسالة الطاهرة ، بل المراد أنه إن علم التغير أو غيره مما ذكر ينجس ، ولا يجوز حمل الأخبار وكلام الأخيار (٢) على الفروض النادرة ، سيما في ما نحن فيه ، بل نقول : لا يظهر من كلام المحقق الاشتراط ، فتأمّل.

قوله : وإن كان للتوقف فيه. ( ١ : ١٢٤ ).

واشترط بعضهم (٣) عدم وضع اليد على النجاسة قبل الماء في الغسل ، لأنه يصير حينئذ من قبيل النجاسة الخارجية ، وفيه ما فيه ، لأن الملاقاة لازمة على أي حال ، والنص مطلق ، وكلام الأصحاب أيضا كذلك ، نعم بغير قصد الغسل لو وضعه لكان الأمر كما قال.

__________________

(١) الوافي ٦ : ٢٤ وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر‌

(٢) في « ه‍ » : الفقهاء.

(٣) كالفاضل الهندي في كشف اللثام ١ : ٣٢.

١٩٠

قوله : كالتغير. ( ١ : ١٢٤ ).

لا نفس التغير ، فإن هذا التغير عندهم غير معتبر ، ولعل وجهه أن الزيادة تدل على وجود عين النجاسة ، وفيه ما فيه ، أو تدل على مقهوريته ، وهذا أوفق بعبارته ، مع أنه أيضا فيه ما فيه.

قوله : ويدل على الطهارة. ( ١ : ١٢٥ ).

دلالة رواية عبد الملك على الطهارة ظاهرة ، سواء قلنا بثبوت الحقيقة الشرعية أم لا ، لما مر ، وأما رواية الأحول فلعلها من أن البأس المنفي (١) نكرة في سياق النفي ، وهذا لا يخلو عن تأمّل ، أو لأنّ المتبادر من أمثاله في أمثال المقام الطهارة ، وفيه تأمّل.

قوله : ويشهد له. ( ١ : ١٢٧ ).

في شهادته تأمّل ، بل ربما كان شهادته على الخلاف أشبه ، فتأمّل.

نعم تدل عليه صحيحة علي بن جعفر المروية في التهذيب ، حيث قال في آخرها : « فإن كان في مكان واحد وهو قليل لا يكفيه لغسله فلا عليه أن يغتسل ويرجع فإن ذلك يجزيه » (٢). إلاّ أنّ الصحيحة متضمنة لبعض أحكام يكون محلا للتأمّل ، بل يشكل الأمر فيها ، فلاحظ.

قوله : وأشباهه. ( ١ : ١٢٧ ).

إما عطف على أن يتوضأ ، أو على ضمير منه على القول بجواز ذلك ، أو منصوب ، وكيف كان يحتاج التقريب والتتميم إلى التمسك بعدم القول بالفصل ، لكن في ذيل الرواية ما يشير إلى كونه منصوبا ، أو كونه معطوفا على‌

__________________

(١) ليس في « ج » و « د ».

(٢) التهذيب ١ : ٤١٦ / ١٣١٥ و ١ : ٣٦٧ / ١١١٥ ، قرب الاسناد : ١٨١ / ٦٦٧ ذيل الحديث ، الوسائل ١ : ٢١٦ أبواب الماء المضاف ب ١٠ ح ١ ، بتفاوت يسير.

١٩١

الضمير ، حيث قال عليه‌السلام : « وأما الماء الذي يتوضأ به الرجل فيغسل وجهه ويديه في شي‌ء نظيف فلا بأس بأن يؤخذ ويتوضأ ».

إذ التعرض لخصوص هذا وعدم التعرض لغسالة الحيض ومثله شاهد على ذلك ، ولو كان المنع مختصا بغسل الجنب لكان التعرض لها أولى بل وأهم ، فالحديث يدل على العموم في كل حدث أكبر ، مضافا إلى عدم القول بالفصل.

قوله : وقد تقدم. ( ١ : ١٢٧ ).

وقد تقدم الكلام في هذا الطعن مرارا ، فلاحظ. مع أن مضمونها موافق لأخبار متعددة ، مثل ما ورد في الصحيح في ماء الحمام : « ولا يغتسل من ماء آخر ، إلاّ أن يكون فيهم جنب ، أو يكثر أهله فلا يدرى فيهم جنب أم لا » (١).

وما ورد فيه أيضا : « ولا يغتسل في البئر التي يجتمع فيها ماء الحمام ، فإنّه يسيل فيها ماء يغتسل الجنب وولد الزنا والناصب لنا » (٢).

وما رواه أبو بصير عن الصادق عليه‌السلام : عن الجنب يحمل الركوة فيدخل فيه إصبعه ـ إلى أن قال ـ : « فليغتسل منه ، هذا مما قال الله تعالى :

( ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) (٣) ». فلو لا المنع من مستعملة لم يكن لقوله : ليس عليكم من حرج وجه ، وغير ذلك من الأخبار :

منها ما يظهر منه النجاسة (٤) ، مع أنّه طاهر بإجماع الأصحاب ، على ما‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٧٩ / ١١٧٥ ، الوسائل ١ : ١٤٩ أبواب الماء المطلق ب ٧ ح ٥.

(٢) التهذيب ١ : ٣٧٣ / ١١٤٣ ، الوسائل ١ : ٢١٨ أبواب الماء المضاف ب ١١ ح ١.

(٣) التهذيب ١ : ٣٨ / ١٠٣ ، الوسائل ١ : ١٥٤ أبواب الماء المطلق ب ٨ ح ١١ والآية في الحج : ٧٨.

(٤) انظر الوسائل ١ : ٢١٨ أبواب الماء المضاف ب ١١.

١٩٢

حكاه المصنف ، والعلاّمة ، وابن إدريس (١) ، فلا يكون الوجه إلاّ سلب الطهورية.

ومنها ما ورد من الأمر بالنزح لاغتساله في البئر (٢).

وبالجملة : بملاحظة مجموع أخبار كثيرة يظهر أن في مستعملة منع البتة ، وأنه ليس بحيث يؤثر فيه استعماله أصلا ، كما هو مذهب المرتضى وغيره ، ويؤيده اشتهار ذلك بين قدماء الأصحاب الذين هم أعرف وهم الشهود ، ويظهر الاشتهار من خلاف الشيخ حيث نسبه إلى أكثر الأصحاب (٣) ، فتأمّل.

وربما يجاب بأن قوله : « لا يجوز » محمول على الكراهة ، لأن الماء الذي يغسل به الثوب أعم من أن يكون الثوب نجسا أم لا ، والماء أعم من القليل والكثير.

وهذا الجواب ليس بشي‌ء ، لأن صدر الرواية أنه عليه‌السلام قال : « لا بأس أن يتوضأ بالماء المستعمل » ، وأيضا لم يقل أحد بالكراهة في الثوب الطاهر أو الكثير ، والتسوية بينه وبين النجس والقليل ، ولم يفهم أحد منها الكثير ، لظهورها في القليل.

ويمكن الجواب بالحمل على الجنب الذي يده نجسة حملا على الغالب ، لكن ذيل الرواية ربما يأبى عن ذلك حيث قال عليه‌السلام : « وأما الذي يتوضأ به الرجل ويغسل وجهه ويده في شي‌ء نظيف فلا بأس أن يأخذه غيره ويتوضأ به ».

وأما الأخبار الأخر فبعضها ليس دالا على المنع التحريمي ، وبعضها له معارض ، مثل ما ورد في جواز الغسل بماء الحمام الذي يغتسل به‌

__________________

(١) المعتبر ١ : ٨٦ ، المنتهى ١ : ٢٢ ، السرائر ١ : ١٦٣.

(٢) الوسائل ١ : ١٩٥ أبواب الماء المطلق ب ٢٢.

(٣) الخلاف ١ : ١٧٢.

١٩٣

الجنب (١) ، مع إمكان الجمع بحمل المانع على ما إذا لم يكن المستعمل متصلا بالمادة وجاريا ، كما يشعر به قولهم عليهم‌السلام : « هو بمنزلة الجاري » (٢) ، وأنّه « يطهر بعضه بعضا » (٣) ، و « أليس هو بجار؟ » (٤) ، ويؤيده ظهور عدم البأس ، أصلا ورأسا في هذه الصورة.

وبالجملة : لا شك أن الاحتياط التجنب ، وإن كان الحكم بسلب الطهورية لا يخلو من إشكال.

قوله : بعد تمام ارتماسه. ( ١ : ١٢٧ ).

لا وجه لهذا القيد ، لأن غسل الارتماس لا يتحقق إلا دفعة ، كما سيجي‌ء في مسألة وقوع الحدث في أثناء الغسل (٥) ، فما لم يتحقق من الغسل شي‌ء لا يصير الماء مستعملا فيه ، فتدبر.

قوله : وهو غير جيد. ( ١ : ١٢٨ ).

الظاهر أن مرادهم أن السؤر المبحوث عنه في كتب الفقهاء في المقام هو ماء قليل باشره جسم حيوان ، وربما يظهر ذلك من كتب الفقهاء في فتاويهم واستدلالاتهم ، بل ومن بعض أدلتهم ، مثل موثقة العيص بن القاسم : قال : سألت الصادق عليه‌السلام عن سؤر الحائض ، قال : « توضأ منه وتوضأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة ، وتغسل يدها قبل أن يدخلها‌

__________________

(١) الوسائل ١ : ١٤٨ أبواب الماء المطلق ب ٧.

(٢) التهذيب ١ : ٣٧٨ / ١١٧٠ ، الوسائل ١ : ١٤٨ أبواب الماء المطلق ب ٧ ح ١.

(٣) الكافي ٣ : ١٤ / ١ ، الوسائل ١ : ١٥٠ أبواب الماء المطلق ب ٧ ح ٧.

(٤) الكافي ٣ : ١٤ / ٣ ، التهذيب ١ : ٣٧٨ / ١١٦٩ ، الوسائل ١ : ٢١٣ أبواب الماء المضاف ب ٩ ح ٨.

(٥) يأتي في ص ٣٤٥.

١٩٤

الإناء ، وقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يغتسل هو وعائشة في إناء واحد » (١) ، فتأمل ذلك وغير ذلك.

قوله : في التعليل إشعار. ( ١ : ١٣١ ).

أقول : وإيماء إلى أن الأمر في السباع ليس كذلك ، فلعله الكراهة ، كما يظهر من أخبار متعددة وسنشير إليها.

قوله : وضعفها بالإرسال. ( ١ : ١٣١ ).

فيه ما عرفت مرارا من أنه لا بأس بالتسامح في أمثال المقام.

ويؤيده أيضا ما رواه الكليني بسند لا يقصر عن الصحيح ـ بل في الحقيقة صحيح ـ عن الصادق عليه‌السلام : قال : « لا بأس أن يتوضأ مما يشرب منه ما يؤكل لحمه » (٢).

وما رواه في الموثق عن سماعة ، قال : سألته هل يشرب من سؤر شي‌ء من الدواب ويتوضأ منه؟ فقال : « أما الإبل والبقر والغنم فلا بأس » (٣).

وما رواه الشيخ بسنده عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما رواه الصدوق عنه عليه‌السلام : أنه قال : « كل شي‌ء يجترّ فسؤره حلال ولعابه حلال » (٤).

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٠ / ٢ ، التهذيب ١ : ٢٢٢ / ٦٣٣ ، الاستبصار ١ : ١٧ / ٣١ ، الوسائل ١ : ٢٣٤ أبواب الأسآر ب ٧ ح ١ ، بتفاوت يسير.

(٢) الكافي ٣ : ٩ / ١ ، الوسائل ١ : ٢٣١ أبواب الأسآر ب ٥ ح ١.

(٣) الكافي ٣ : ٩ / ٣ ، الوسائل ١ : ٢٣٢ أبواب الأسآر ب ٥ ح ٣.

(٤) التهذيب ١ : ٢٢٨ / ٦٥٨ ، الفقيه ١ : ٨ / ٩ ، الوسائل ١ : ٢٣٢ أبواب الأسآر ب ٥ ح ٥. وقوله : يجترّ هو من الاجترار ، وهو أن يجرّ البعير من الكرش ما أكل إلى الفم فيمضغه مرة ثانية ( مجمع البحرين ٣ : ٢٤٤ ).

١٩٥

وموثقة عمار الآتية ، ورواه الشيخ في الموثق ، والصدوق ـ رحمه‌الله ـ عنه عن الصادق عليه‌السلام : أنه قال : « كل ما يؤكل لحمه فليتوضأ من سؤره ويشرب » (١) ، ( بل ربما يحصل الدلالة بملاحظة تعاضد الأخبار الكثيرة ، فتأمّل ) (٢) ، لكن الطير مستثنى فيها.

قوله : في كتابي الأخبار. ( ١ : ١٣١ ).

في ظهور ذلك منه نظر ، كيف وظهر منه خلاف ذلك في مواضع متعددة ، هذا على فرض أن يكون يظهر منه ( في الكتابين ) (٣) في أمثال هذه المواضع مذهب ، فلاحظ وتأمّل.

قوله : فإن الأدلة على ذلك. ( ١ : ١٣٢ ).

الأدلة هي آية ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ ) (٤) ، وآية ( فَلَوْ لا نَفَرَ ) (٥) ، والإجماع وانسداد باب العلم.

والأولى موقوفة على حجية مفهوم الصفة ، أو كون المفهوم مفهوم الشرط ، وموقوفة على عموم المفهوم ، والأخير غير مسلم عند الشارح.

والثانية موقوفة على كون ما نحن فيه داخلا في التفقه ، إذ لا كلام في رجوع العامي إلى الفقيه ، والفقاهة تتفاوت في الأزمنة بحسب الحاجة إلى الشروط ، وبحسب العلم والظن.

والدليل الرابع لعل المحقق لا يرضى به ، لتوقفه على انسداد باب‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٠ / ١٨ ، التهذيب ١ : ٢٨٤ / ٨٣٢ ، الوسائل ١ : ٢٣١ أبواب الأسآر ب ٤ ح ٤.

(٢) ما بين القوسين ليس في « ب » « ج » « د » « ه‍ ».

(٣) ما بين القوسين ليس في « ب » « ج » « د » « ه‍ ».

(٤) الحجرات : ٦.

(٥) التوبة : ١٢٢.

١٩٦

العلم.

والإجماع على حجية خبر الواحد موجود ، ولعل مراده من عمل الأصحاب هو الإجماع ، لأنه ربما يقرره به ، وربما يصرح بأن دليل حجية خبر الواحد هو الإجماع والتتبع الكاشف عن أن الشيعة كما كانوا يعملون بأخبار العدول كذلك يعملون بأخبار هؤلاء ، لكنه ربما كان في موضع آخر ـ ردا على الشيخ القائل بحجية هذا الإجماع ـ صرح بعدم معلومية عمل الأصحاب بأخبار هؤلاء كما ذكره الشارح ، لكن تجدد الرأي من المحقق وأمثاله غير عزيز ، مع أنه يحتمل أن يريد من هؤلاء رواة الروايتين ، على بعد ، فتأمّل.

قوله : كما قرره. ( ١ : ١٣٢ ).

ما قرره أنه ليس بحجة في نفسه ، أما أنه لا يصير منشأ لحجية الخبر فلا ، قال الصادق عليه‌السلام : « خذ بما اشتهر بين أصحابك » (١) ، فتدبر.

وأيضا : الظاهر أنه نوع تثبت بل أقوى أنواعه.

قوله : والقرائن. ( ١ : ١٣٢ ).

هي قرائن على حقية الخبر فكيف يستغنى عنه.

قوله : وإلاّ فلا فائدة. ( ١ : ١٣٢ ).

فيه : أنّ الفائدة حصول الوثوق.

قوله : التعبد به. ( ١ : ١٣٣ ).

لم يقل : إنّ التعبد محال ، بل قال : العقل يمنع من حيث إنّه يحتمل الخطاء ، فربما كان الخطاء أمرا لا يرضى به العقل أو الشرع ، فيحصل من‌

__________________

(١) عوالي اللئالي ٤ : ١٣٣ / ٢٢٩ ، مستدرك الوسائل ١٧ : ٣٠٣ أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٢.

١٩٧

الشارع ضرر ، ولا يرضى به العقل أيضا ، فتأمّل.

قوله : برواية هؤلاء. ( ١ : ١٣٣ ).

لعل مراده برواية هؤلاء في موارد خاصة لا مطلقا ، وإن كان خلاف الظاهر ، صونا لكلامه عن التنافي ، فتأمّل.

قوله : من السباع طهارتها. ( ١ : ١٣٣ ).

غاية ما يظهر منها أنها لا ينجس الغير بمجرد زوال العين ، إلاّ أن ينضم إليه أن المتنجس ينجس قطعا في كل موضع ، لكن الظاهر أنه لا دليل على هذه الكلية سوى الإجماع ، وقد مر عن الشيخ الخلاف في بعض الموارد ، إلاّ أن يقال : إنّهم في هذا الموضع متفقون ، أو إنّ الشيخ خارج معلوم النسب ، فتأمّل.

قوله : لأنها لا تكاد تنفك. ( ١ : ١٣٣ ).

لا يخفى أن الفأرة تبول وتروث قطعا بالبديهة ، ومع ذلك في أخبار كثيرة أنها إذا وقعت في دهن أو غيره ثم خرجت حية فهي لا تنجس الدهن وأمثاله (١) ، فتدبر.

قوله : إلى الفرد النادر. ( ١ : ١٣٣ ).

مضافا إلى أن ترك الاستفصال في أمثال هذه المقامات يفيد العموم ، ويدل عليه موثقة عمار أنه سأل الصادق عليه‌السلام عن ماء تشرب منه الدجاجة ، قال : « إن كان في منقارها قذر لم يتوضأ منه ولم يشرب ، وإن كان لم يعلم أن في منقارها قذرا فتوضأ منه واشرب » إلى أن قال : وعن ماء شرب منه باز أو صقر أو عقاب (٢) ، إلى آخر الحديث ، وقد مرّ آنفا ، فتدبر.

__________________

(١) انظر الوسائل ١ : ٢٣٨ أبواب الأسآر ب ٩.

(٢) الغيبة ١ : ١٠ / ١٨ ، التهذيب ١ : ٢٨٤ / ٨٣٢ ، بتفاوت يسير ، الوسائل ١ : ٢٣١ أبواب الأسآر ب ٤ ح ٤.

١٩٨

قوله : للأصل وعدم ثبوت. ( ١ : ١٣٤ ).

بناء على عدم حجيته الاستصحاب ، وعدم إطلاق يشمل صورة الزوال ، إلا أن الأول خلاف ظاهر الأصحاب في أمثال المقامات ، والثاني خلاف طريقته ، كما عرفت سابقا ، فليتأمل. والظاهر أن دليلهم هو ما ذكره بقوله مقتضى الأخبار‌

قوله : وهو مشكل‌

إن كان وجه الإشكال استصحاب الحكم بالنجاسة أو الإطلاق ، والإطلاق شامل لهذا الحال ، فيتوجه عليه أن الحال في غير الآدمي أيضا كذلك ، مع أنك استندت هناك بالأصل ، وإلاّ فلا وجه للإشكال هنا أيضا ، فتأمّل.

قوله : لنا أن فيه جمعا. ( ١ : ١٣٤ ).

ورد في بعض الأخبار عبارة « لا أحب » (١) ، وهي ظاهرة في الكراهة.

قوله : ويشهد لما ذكرناه. ( ١ : ١٣٥ ).

جعلها شاهدة لا حجة ليس من جهة السند ، لأن الأخبار السابقة ليست بصحاح ، بل من حيث الدلالة ، فإنّ فضل الوضوء مغاير للسؤر.

ولكن يتوجه عليه أنه ـ رحمه‌الله ـ لا يعمل بالأخبار الموثقة ، مع أنّ موثقة عنبسة ليست بموثقة ، بل هي موثقة إلى عنبسة ، وهو ضعيف ، ولا يسامح في أدلة السنن وغيرها ، وبعد تسليم العمل والحجية لا وجه لما ذكر من الجمع ، لأن موثقة العيص مضطربة ، بل الظاهر أن ما في الكافي أصح عبارة ، مضافا إلى أن الكليني أضبط ، كما لا يخفى على المطلع.

ويؤيده أن في التهذيب نقلها مرة أخرى بذلك السند موافقا للكافي ،

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٢٢ / ٦٣٧ ، الوسائل ١ : ٢٣٨ أبواب الأسآر ب ٨ ح ٨.

١٩٩

على ما قيل (١) ، وبعد اللتيا والتي لا يظهر منها القيد أصلا. وموثقة ابن يقطين ظهر حالها ، مضافا إلى أن المقيد لا بدّ أن يكون أقوى من المطلق حتى يقدم عليه ، وفي المقام الأمر بالعكس ، لأنه أضعف دلالة ، بل وسندا أيضا ، لأن ما في الكافي يقرب من الصحة ، مضافا إلى أنه يظهر منها أن القيد غير معتبر في الحائض بل معتبر في الجنب ، فتدبر.

مع أن رواية الحسين وردت بطريقين : أحدهما صحيح إلى الحسين ، والآخر موثق كالصحيح ، والحسين من الأجلة ، وربما يعد من الثقات. نعم موثقة ابن يقطين على ما في التهذيب ليس فيها لفظ الوضوء ، فالظاهر منها السؤر أو ما يشمله.

لكن الظاهر من بعض الأخبار اتحاد حكم السؤر وفضله في الطهارة ، حيث استشهد فيه لعدم البأس عن سؤر الحائض بأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعائشة اغتسلا من إناء واحد (٢) ، بل ربما يشعر هذا بأن السؤر في المقام هو ما باشره جسم حيوان ، كما عرّفه الشهيد ـ رحمه‌الله ـ ومن تأخر عنه (٣) ، مضافا إلى ملاحظة حال الفقهاء في هذا المقام في فتاويهم واستدلالاتهم ، فتأمّل.

وفي البيان ألحق بالحائض المتهمة كل متهم ، واختاره الشهيد الثاني وغيره من بعض المتأخرين (٤) ، ولا بدّ من تأمّل ، لا (٥) ما ذكره الشارح من أنه غير جيد ، فتأمّل.

__________________

(١) لم نعثر على نقلها في التهذيب ولا على قائله.

(٢) راجع ص ١٩٥.

(٣) انظر المدارك ١ : ١٢٨.

(٤) البيان : ١٠١ ، الروضة ١ : ٤٧ ، كشف اللثام ١ : ٣١.

(٥) في « و » : إلى.

٢٠٠