عمّار بن ياسر

الشيخ محمّد جواد آل الفقيه

عمّار بن ياسر

المؤلف:

الشيخ محمّد جواد آل الفقيه


الموضوع : التراجم
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ٤
الصفحات: ٢٤٠
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

قال ذو الكلاع : ويحك ، علام تمنّىٰ ذلك منا ، فوالله ما قطعتك فيما بيني وبينك قط ، وان رحمك لقريبة وما يسرني أن أقتلك .

قال أبو نوح : إن الله قطع بالإِسلام أرحاماً قريبةً ، ووصل به أرحاماً متباعدةً ، واني أقاتلك وأصحابك لأنا على الحق وأنتم على الباطل .

قال ذو الكلاع : فهل تستطيع أن تأتي معي صف أهل الشام . فأنا لك جارٌ منهم حتى تلقى عمرو بن العاص فتخبره بحال عمّار وجدَّه في قتالنا لعله أن يكون صلح بين هذين الجندين .

فقال أبو نوح : إنك رجل غادر وأنت في قوم غدر ، وان لم ترد الغدر أغدروك واني أن أموت أحب إلي أن أدخل مع معاوية ! فألح عليه ذو الكلاع وكرّر عليه ما قاله أولاً ، وقال له : أنا لك بما قلت زعيم .

قال أبو نوح : اللهم انك ترى ما أعطاني ذو الكلاع ، وأنت تعلم ما في نفسي فاعصمني واختر لي وانصرني وادفع عني . ثم سار مع ذي الكلاع حتى أتى عمرو بن العاص وهو عند معاوية وحوله الناس وعبد الله بن عمرو يحرض الناس على الحرب ، فلما وقفا على القوم ، قال ذو الكلاع لعمرو : يا أبا عبد الله ، هل لك في رجل ناصحٍ لبيب مشفق يخبرك عن عمار بن ياسر فلا يكذبك ؟ قال : ومن هو ؟ قال : هو ابن عمي هذا وهو من أهل الكوفة . فقال عمرو : أرى عليك سيماء أبي تراب . فقال أبو نوح : علي سيماء محمدٍ وأصحابه ، وعليك سيماء أبي جهل وفرعون !

فقام ابو الأعور ، فسلَّ سيفه وقال : لا أرى هذا الكذاب اللئيم يسبّنا بين أظهرنا وعليه سيماء أبي تراب .

فقال ذو الكلاع : اقسم بالله ، لئن بسطت يدك إليه لأحطمن أنفك بالسيف ! ابن عمي وجاري عقدت له ذمتي وجئت به إليكم ليخبركم عما تماريتم فيه .

فقال له عمرو : يا أبا نوح اذكرك الله إلا ما صدقتنا ولم تكذبنا ، فيكم

٢٢١
 &

عمار بن ياسر ؟

قال : ما أنا مخبرك حتى تخبرني ، لم تسأل عنه ومعنا من أصحاب محمد ( ص ) عدة غيره ، وكلهم جاد على قتالكم .

فقال عمرو : سمعت رسول الله ( ص ) يقول : إن عماراً تقتله الفئة الباغية ، وأنه ليس لعمّار أن يفارق الحق ، ولن تأكل النار من عمّار شيئاً .

فقال له أبو نوح : لا إله إلا الله والله أكبر ، والله إنه لفينا ، جادٌّ على قتالكم ! ولقد حدثني يوم الجمل أنا سنظهر على أهل البصرة ، ولقد قال لي أمس أنكم لو ضربتمونا حتى تبلغوا بنا سعفات هجر ، لعلمنا أنا على الحق وأنكم على الباطل ، ولكانت قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار .

قال عمرو : فهل تستطيع أن تجمع بيني وبينه ؟ قال : نعم .

فركب عمرو بن العاص في اثني عشر فارساً ، وركب عمار بن ياسر في اثني عشر فارساً ، فالتقوا حتى اختلفت أعناق الخيل ، خيل عمار وخيل عمرو ، ونزل القوم واحتبوا بحمائل سيوفهم ، وأراد عمرو بن العاص أن يتكلم وبدأ بالشهادتين ، فقاطعه عمار وقال له :

اسكت ، فلقد تركتها وأنا أحق بها منك ، فإن شئت كان خصومةً فيدفع حقنا باطلك ، وإن شئت كانت خطبةً فنحن أعلم بفصل الخطاب منك ، وإن شئت أخبرتك بكلمةٍ تفصل بيننا وبينك ، وتكفرك قبل القيام ، وتشهد بها على نفسك ولا تستطيع أن تكذبني فيها .

فقال عمرو : يا أبا اليقظان ، ليس لهذا جئت ، إنما جئت لأني رأيتك أطوع أهل هذا العسكر فيهم ، أذكرك الله إلا كففت سلاحهم وحقنت دماءهم ، وحرصت على ذلك ، فعلام تقاتلوننا ؟ أو لسنا نعبد إلهاً واحداً ونصلي إلى قبلتكم وندعو دعوتكم ، ونقرأ كتابكم ، ونؤمن بنبيكم ؟!

فقال عمار : الحمد لله الذي أخرجها من فيك ، إنها لي ولأصحابي ، القبلة والدين وعبادة الرحمان ، والنبي والكتاب من دونك ودون أصحابك .

٢٢٢
 &

الحمد لله الذي قررك لنا بذلك وجعلك ضالاً مضلاً أعمى ، وسأخبرك بمَ أقاتلك عليه وأصحابك ، إن رسول الله ( ص ) أمرني أن أقاتل الناكثين ، فقد فعلت . وأمرني أن أقاتل القاسطين وهم أنتم . وأما المارقون ، فلا أدري أدركهم أم لا ؟

أيها الأبتر ، ألست تعلم أن رسول الله ( ص ) قال : من كنت مولاه فعليٌّ مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ، فأنا مولى الله ورسوله ، وعلي مولاي بعدهما .

قال عمرو : لِمَ تشتمني أبا اليقظان ، ولستُ أشتمك ؟!

قال عمار : وبمَ تشتمني ، أتستطيع أن تقول إني عصيت الله ورسوله يوماً قط ؟!

قال عمرو : إن فيك لمساوىءَ سوى ذلك .

قال عمار : إن الكريم من أكرمه الله ، كنتُ وضيعاً فرفعني الله ، ومملوكاً فاعتقني الله ، وضعيفاً فقواني الله ، وفقيراً فأغناني الله .

قال عمرو : فما ترىٰ في قتل عثمان ؟

قال : فتح لكم بابَ كلّ سوء !

قال عمرو : فعليٌّ قتله ؟!

قال عمار : بل الله ربُّ علي قتله ، وعليٌّ معه .

فقال عمرو : ألا تسمعون ، قد اعترف بقتل إمامكم ! قال عمّار : قد قالها فرعون من قبلك لقومه : « ألا تستمعون » !

فقام أهل الشام ولهم زَجَل ، فركبوا خيولهم ورجعوا . وقام عمار وأصحابه فركبوا خيولهم ورجعوا ، وبلغ معاوية ما كان بينهم فقال : هلكت العربُ إن حركتهم خِفّةُ العبد الأسود : يعني عماراً .

نداءُ عمّار في الناس

وخرجت الخيول إلى القتال واصطفت بعضها لبعض ، وتزاحف

٢٢٣
 &

الناس ، وعلى عمّار درعٌ بيضاء وهو يقول : أيها الناس ، الرواح إلى الجنة .

فقاتل القوم قتالاً شديداً لم يسمع السامعون بمثله وكثرت القتلى ، حتى إن كان الرجل ليشد طنب فسطاطه بيد الرجل أو برجله . وحكىٰ الأشعث بعد ذلك فقال : لقد رأيت أخبية صفين وأروقتها وما فيها خباء ولا رواق ولا فسطاط إلا مربوطاً بيد إنسان أو برجله .

بطولة عمار وثبات إيمانه

حين نظر عمار إلى راية ابن العاص قال : والله انها لراية قد قاتلتها ثلاث مرات وما هذه بأرشدهن : ثم قال :

نحنُ ضربناكم على تأويله

كما ضربناكم على تنزيلهِ

ضرباً يزيل الهام عن مقيلهِ

ويذهلُ الخليل عن خليلهِ

أو يرجع الحق إلى سبيله

« بين عمّار وهاشم »

قال الأحنف بن قيس : والله إني إلى جانب عمّار بن ياسر بيني وبينه رجل ، فتقدمنا حتى دنونا من هاشم بن عتبة ، فقال له عمّار : إحمل ، فداك أبي وأمي !

فقال له هاشم : يرحمك الله يا أبا اليقظان ؟ انك رجل تأخذك خِفّةٌ في الحرب ، واني إنما أزحف باللواء زحفاً ، أرجو أن أنال بذلك حاجتي ، وان خفّفتُ لم آمن الهلكة ، وقد كان قال معاوية لعمرو : ويحك ، إن اللواء اليوم مع هاشم بنِ عُتبة ، وقد كان من قبلُ يرقِلُ به إرقالاً ، وان زحف به اليوم زحفاً انه لليوم الأطول على أهل الشام ، فإن زحف في عنق من أصحابه إني لأطمع أن تقتطع .

فلم يزل به عمّار حتى حمل ، فبصُر به معاوية فوجه إليه حماة أصحابه .

وحمل عمار ذلك اليوم على صفّ أهل الشام وهو يرتجز :

٢٢٤
 &

كلا ورب البيت لا أبرح اجي

حتى أموت أو أرى ما اشتهي

لا افتأ الدهر أحامي عن علي

صهر الرسول ذي الأمانات الوفي

ينصرنا رب السماوات العلي

ويقطع الهام بحدّ المشرفي

يمنحنا النصر على من يبتغي

ظلماً علينا جاهداً ما يأتلي

فضرب أهل الشام حتى اضطرهم إلى الفرار .

الصلاةُ هي الأهم

قال عبد خير الهمداني : نظرت إلى عمار بن ياسر يوماً من أيام صفين قد رمي رميةً فأغمي عليه ، فلم يصل الظهر ولا العصر ولا المغرب ولا العشاء ولا الفجر ، ثم أفاق . فقضاهن جميعاً ، يبدأ بأول شيء فاته ، ثم بالتي تليها .

اخر الشراب والشهادة

صدق رسول الله ( ص ) حين قال لعمار : تقتلك الفئة الباغية . . وآخر شرابك من الدنيا ضياح من لبن .

ففي يوم من أيام صفين استسقى عمّارٌ وقد اشتد به العطش ، فأتته أمرأة طويلة البدن ومعها إداوة فيها ضياح من لبن ، فقال حين شرب : « الجنةُ تحتَ الأسِنّة ، اليوم ألقىٰ الأحبة محمداً وحزبه ، والله لو ضربونا حى يبلغونا سعفات هجر ، لعلمنا أنا على الحق وأنهم على الباطل » .

ثم حمل ، وحمل عليه ابن حوّىٰ السكسكي وأبو العادية ، فأما أبو العادية فطعنه ، وأما ابن حوّى فاحتز رأسه .

يتقربون بقتله

وكثر المتقربون بقتل عمار إلى معاوية وعمرو ، فكان لا يزال الرجل يجيء إليهما فيقول : أنا قتلته ، فيقول له عمرو : فما سمعتَه يقول ؟ وكأن هناك كلمة سر ظلت مكتومةً في نفس هذا الشهيد العظيم لتدل على قاتله في

٢٢٥
 &

آخر لحظات حياته كما تدل في نفس الوقت على عمق الهدف الذي استشهد من أجله . . فكان الرجل منهم يخلط ، فيعرف عمرو أنه ليس هو القاتل . حتى أقبل ابن حوّى فقال : أنا قتلته ! فقال عمرو : فما كان آخر منطقه ؟!

قال : سمعته يقول : اليوم ألقى الأحبة ، محمداً وحزبه . .

فقال عمرو : صدقت ، أنت صاحبه ، أما والله ما ظفِرَتْ يداك ، ولقد أسْخطْتَ ربك !

يختصمان في النار !

قال السدي : إن رجلين بصفين اختصما في سلب عمّار وفي قتله ، فأتيا عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقال : ويحكما أخرجا عني ، فان رسول الله ( ص ) قال : « ما لقريشٍ ولعمّار ، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار ، وقاتلهُ وسالبُهُ في النار » .

فلما سمع معاوية ذلك قال : إنما قتله من أخرجه ، يخدعُ بذلك طُغَام أهل الشام .

عتاب معاوية لعمرو بن العاص في شأن عمار

كان ذو الكلاع الحميري يسمع عمرو بن العاص يقول : إن النبي ( ص ) يقول لعمّار تقتلك الفئة الباغية ، وآخر شربك ضياح من لبن . يسمع ذلك من عمرو قبل أن يُصابَ عمّار فقال ذو الكلاع لعمرو : ويحك ، ما هذا ! قال عمرو : انه سيرجع إلينا ويفارق أبا تراب .

وقد كان عبد الله بن سُويد الحميري قال لذي الكلاع : ما حديثٌ سمعتَه من ابن العاص في عمّار ؟ فأخبره فلما قتل عمار ، خرج عبد الله ليلاً يمشي فأصبح في عسكر علي ( ع ) ـ وكان عبد الله من عُبّاد أهل زمانه ـ .

وكاد أهل الشام أن يضطربوا حين قُتل عمار ، لولا أن معاوية قال لهم : إن علياً قتل عماراً لأنه أخرجه إلى الفتنة .

٢٢٦
 &

وأرسل معاوية إلى عمرو ، لقد أفسدتَ عليّ أهل الشام ، أكلَّ ما سمعت من رسول الله ( ص ) تقوله ؟!

فقال عمرو : قلتُها ولستُ أعلم الغيب ولا أدري أن صفين تكون ، قلتُها وعمّار يومئذٍ لك وليٌّ ، وقد رويتَ أنت فيه مثل ما رويتُ .

فغضب معاوية وتنمّر لعمرو ، وعزم على منعه خيرَه . فقال عمرو لابنه وأصحابه : لا خير في جوار معاوية ؛ إن تجلّت هذه الحرب عنه لأفارقنّه ! وكان عمرو حمي الأنف ، قال في ذلك :

تعاتبني أن قلتُ شيئاً سمعتُهُ

وقد قلتَ لو انصفتني مثله قبلي

أنعلُك فيما قلت نعل ثبيتةٌ

وتزلق بي في مثل ما قلتُه نعلي

وما كان لي علم بصفين أنها

تكون عمّار يحث على قتلي

ولو كان لي بالغيب عم كتمتها

وكايدت أقواماً مراجلهم تغلي

أبى الله إلا أن صدرَك واغرٌ

عليَّ بلا ذنب جنيت ولا ذحلِ

سوى أنني والراقصات عشية

بنصرك مدخول الهوى ذاهل العقل

فلا وضعت عني حَصَانٌ قناعها

ولو حملت وجناء ذِعْلبةً رحلي

ولا زلت أدعى في لؤي بن غالبٍ

قليلاً غَنَائي لا أمرُّ ولا أُحلي

إن الله أرخىٰ من خناقك مرةً

ونلت الذي رجيت ان لم أزر أهلي

واترك لك الشام التي ضاق رحبها

عليك ولم يهنك بها العيش من أجلي

فأجابه معاوية على شعره :

أالآن لما ألقت الحرب بركها

وقام بنا الأمر الجليل على رجل

غمزتَ قناتى بعد ستين حجةٍ

تباعاً كأني لا أمِرّ ولا أحلي

أتيتَ بأمر فيه للشام فتنةٌ

وفي دون ما أظهرته زلة النعل

فقلت لك القول الذي ليس ضائراً

ولو ضرّ لم يضررك حملك لي ثقلي

فعاتبتني في كل يوم وليلةٍ

كأن الذي ابليك ليس كما ابلي

٢٢٧
 &

فيا قبح الله العتاب وأهله

ألم تر ما أصبحتُ فيه من الشغل

فدع ذا ولكن هل لك اليوم حيلة

ترد بها قوماً مراجلهم تغلي

دعاهم عليٌّ فاستجابوا لدعوةٍ

أحب إليهم من ثرى المال والأهل

إذا قلت هابوا حومة الموت أرقلوا

إلى الموت إرقال الهَلُوكِ إلى الفحل (١)

__________________

(١) شرح النهج من صفحة ٢٥ إلى ٢٨ .

٢٢٨
 &

حملة عليّ ( ع ) (١)

ثم إن علياً أمر الناس أن يحملوا على أهل الشام وذلك بعد استشهاد

__________________

(١)(*) قال معاوية يوماً بعد إستقرار الخلافة له لعمرو بن العاص : يا أبا عبد الله لا أراك إلا ويغلبني الضحك ، قال : بماذا ؟ قال : أذكر يوم حمل عليك أبو تراب في صفين فأزريت نفسك فرقاً من شبا سنانه ، وكشفت سوأتك له .

فقال عمرو : أنا أشد منك ضحكاً ، إني لا أذكر يوم دعاك إلى البراز فانتفخ سحرك وربا لسانك في فمك ، وغصصت بريقك ، وارتعدت فرائصك ، وبدا منك ما أكره ذكره . فقال معاوية : لم يكن هذا وكيف يكون ودوني عِكٌّ والأشعريون !

قال : إنك تعلم أن الذي وصفتُ دون ما أصابك ، وقد نزل ذلك بك ودونك عِكٌّ والأشعريون ، فكيف كانت حالك لو جمعكما مأقطّ الحرب ؟!

فقال : يا أبا عبد الله ، خض بنا الهزل إلى الجد ، إن الجبن والفرار من عليٍّ لا عار على أحد فيهما .

وذكر أبو عمر في الإِستيعاب :

أن بسراً كان من الأبطال الطغاة ، وكان مع معاوية بصفين ، فأمره أن يلقى علياً ( ع ) في القتال ، وقال له : إني سمعتك تتمنى لقاءه ، فلو أظفرك الله به وصرعته حصلت على الدنيا والآخرة ، ولم يزل يُشجعه ويمنّيه حتى رأى علياً في الحرب ، فقصده والتقيا ، فصرعه علي ( ع ) وعرض له معه مثلما عرض له مع عمرو بن العاص في كشف السوأة .

قال أبو عمرو : إن بسر بن أرطأة بارز علياً يوم صفين ، فطعنه علي فصرعه ، فانكشف له فكفَّ عنه كما عرض له مثل ذلك مع عمرو بن العاص وقد أكثر الشعراء في ذلك ، ومنهم الحارث بن النضر الخثعمي حيث يقول :

(١) شرح النهج ٨ / ٥٤ .

٢٢٩
 &

عمار بن ياسر ، فحملوا عليهم فنقضوا صفوفهم .

ومر على جماعةٍ من أهل الشام بصفين ، منهم الوليد بن عقبة وهم يشتمونه ويقصبونه ( يسبونه ) فأخبر بذلك ، فوقف على ناس من أصحابه وقال : انهدوا إليهم وعليكم السكينة والوقار وسيماء الصالحين أقرِبْ بقوم من الجهل قائدهم ومؤدبهم معاوية وابن النابغة وأبو الأعور السلمي وابن أبي معيط شارب الحرام والمحدود في الإِسلام ، وهم أولاء يقصبونني ويشتمونني وقبل اليوم ما قاتلوني وشتموني وأنا إذ ذاك أدعوهم إلى الإِسلام ، وهم إذ ذاك يدعونني إلى عبادة الأصنام ، فالحمد لله ولا إله إلا الله لقديماً ما عاداني الفاسقون ، إن هذا لهو الخطب الجلل ، إن فساقاً كانوا عندنا غير مرضيين وعلى الإِسلام وأهله متخوفين ، أصبحوا وقد خدعوا شطر هذه الأمة واشربوا قلوبهم حب الفتنة ، واستمالوا أهوائهم بالافك والبهتان ونصبوا لنا الحرب وجدوا في إطفاء نور الله ، والله مُتمٌّ نوره ولو كره الكافرون ، اللهم فانهم قد ردّوا الحق ، فافضض جمعهم ، وشتت كلمتهم ، وأبلسهم بخطاياهم ، فانه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت .

قال نصر : وكان عليٌّ إذا أراد الحملة هلّلّ وكبّرَ ثم قال :

من أيّ يوميَّ من الموت أفر

يوم لا يُقدر أم يوم قُدر

وكان معاوية قد جعل لواءه الأعظم مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، فأمر علي ( ع ) جارية بن قدامة السعدي أن يلقاه بأصحابه وأقبل عمرو بن

__________________

= أفي كل يوم فارسٌ لك ينتهي

وعورته وسط العجاجة بادية

يكف لها عنه علي سنانه

ويضحك منها في الخلاء معاوية

بدت أمس من عمرو فقنع رأسه

وعورة بسرٍ مثلها حذو حاذية

فقولا لعمروٍ ثم بسرٍ ألا أنظرا

لنفسكما لا تلقيا الليث ثانية

ولا تحملا إلا الحيا وخِصاكما

هما كانتا والله للنفس واقية

ولولاهما لم تنجيا من سنانه

وتلك بما فيها إلى العود ناهية

متى تلقيا الخيل المغيرة صبحةً

وفيها علي فاتركا الخيل ناجية

وكونا بعيداً حيث لا يبلغ القنا

نحوركما إن التجارب كافية

٢٣٠
 &

العاص بعده في خيلٍ ومعه لواءٌ ثانٍ ، فتقدم حتى خالط صفوف العراق ، فقال علي ( ع ) لابنه محمد : إمش نحو هذا اللواء رويداً ، حتى إذا أشرعت الرماح في صدورهم فأمسك يدك حتى يأتيك أمري ، ففعل ، وقد كان أعد علي ( ع ) مثلهم مع الأشتر ، فلما أشرع محمد الرماح في صدور القوم ، أمر علي ( ع ) الأشتر أن يحمل ، فحمل فأزالهم عن مواقفهم ، وأصاب منهم رجالاً ، واقتتل الناس قتالاً شديداً فما صلّىٰ من أراد الصلاة إلا إيماءً .

ثم إن علياً ( ع ) أرسل إلى جميع العسكر أن إحملوا ، فحمل الناس كلهم على راياتهم كل منهم يحمل على من بأزائه ، فتجالدوا بالسيوف وعمد الحديد لا يسمع إلا صوت ضرب الهامات كوقع المطارق على السنادين ، ومرّت الصلاة كلها فلم يصل أحد إلا تكبيراً عند مواقيت الصلاة حتى تفانوا ورَقَّ الناس .

واختلط أمر الناس تلك الليلة ، وزال أهل الرايات عن مراكزهم ، وتفرق أصحاب علي ( ع ) ، فأتى ربيعة ليلاً فكان فيهم ، وتعاظم الأمر جداً ، وأقبل عدي بن حاتم يطلب علياً في موضعه الذي تركه فيه فلم يجده ، فطاف يطلبه فأصابه بين رماح ربيعة ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أما إذا كنتَ حيّاً فالأمر أمم ، ما مشيت إليك إلا على قتيل ، وما أبقت هذه الوقعة لهم عميدا ، فقاتل حتى يفتح اللهُ عليك ، فان في الناس بقيةٌ بعد .

وأقبل الأشعث يلهث جزعاً ، فلما رأى علياً ( ع ) هلّل وكبّر وقال : يا أمير المؤمنين ، خيل كخيل ، ورجال كرجال ، ولنا الفضل عليهم إلى ساعتنا هذه ، فعُد إلى مكانك الذي كنت فيه فان الناس إنما يظنونك حيث تركوك .

وأرسل سعيد بن قيس الهمداني إلى علي ( ع ) ، إنا مشتغلون بأمرنا مع القوم وفينا فضل . فإن أردت أن نمدّ أحداً أمددناه ، فأقبل علي ( ع ) على ربيعة فقال : أنتم درعي ورمحي (١) . فقال عدي بن حاتم : يا أمير

__________________

(١) قال : فربيعة تفخر بهذا الكلام إلى اليوم .

٢٣١
 &

المؤمنين ، إن قوماً أنست بهم وكنت في هذه الجولة فيهم لعظيم حقهم ، والله إنهم لصُبرٌ عند الموت ، أشداء عند القتال .

فدعا علي ( ع ) بفرس رسول الله ـ المرتجز ـ فركب ، ثم تقدم أمام الصفوف ، ثم قال : بل البَغلةَ ، بل البَغلة ، فقدمت له بغلة رسول الله ( ص ) وكانت شهباء فركبها ، ثم تعصب بعمامة رسول الله ( ص ) وكانت سوداء ، ثم نادى : أيها الناس ، من يشر نفسه لله يربح ، إن هذا اليوم له ما بعده ، إن عدوكم قد مسه القرح كما مسّكم ، فانتدبوا لنصرة دين الله .

فانتدب له ما بين عشرة آلاف إلى اثني عشر ألفاً قد وضعوا سيوفهم على عواتقهم ، فشد بهم على أهل الشام وهو يقول :

دُبوا دبيبَ النمل لا تفوتوا

وأصبحوا في حربكم وبيتوا

حتى تنالوا الثأرَ أو تموتوا

أو لا فاني طالما عُصيتُ

قد قلتم لو جئتنا فجيتُ

ليس لكم ما شئتم وشيتُ

بل ما يريد المحيي المميتُ

وتبعه عديّ بن حاتم بلوائه وهو يقول :

أبعد عمّار وبعد هاشم

وابن بديل فارس الملاحم

نرجوا البقاء ظل حلم الحالم

لقد عضضنا أمس بالأباهم

فاليوم لا نقرع سِنَّ نادم

ليس امرؤ من حتفه بسالم

وحمل ، وحمل الأشتر بعدهما في أهل العراق كافة ، فلم يبق لأهل الشام صفٌّ إلا إنتقض ، وأهمد أهل العراق ما أتوا عليه حتى أفضى الأمر إلى مضرب معاوية ، وعلي ( ع ) يضرب الناس بسيفه قدماً قدما ، ولا يمر بفارسٍ إلا قدَّه وهو يقول :

اضربهم ولا أرىٰ معاوية

الأخزر العين العظيم الحاوية

٢٣٢
 &

هوَتْ به في النار أمَّ هاوية

فدعا معاوية بفرسه لينجو عليه ، فلما وضع رجله في الركاب (١) توقف وتلوّم قليلاً ثم أنشد قول عمرو بن الإِظنابة :

أبتْ لي عفتي وأبىٰ بلائي

واخذي الحمد بالثمن الربيحِ

وأقدامي على المكروه نفسي

وضربي هامة البطل المشيحِ

وقولي كلما جَشأتْ وجاشَتْ

مكانك تحمُدي أو تستريحي

لأدفع عن مآثر صالحاتٍ

وأحمي بعدُ من عرَضٍ صحيح

ثم قال : يا عمرو بن العاص ، اليوم صبرٌ وغداً فخر ، قال : صدقت ، إنك وما أنت فيه كقول القائل :

ما علتي وأنا جلد نابل

والقوس فيها وَترٌ عَنابل

نزِلُّ عن صفحتها المعابل

الموت حق والحياة باطل

فثنى معاوية رجله من الركاب ، ونزل فاستصرخ بعكٍّ والأشعريين ، فوقفوا دونه وجالدوا عنه حتى كره كل من الفريقين صاحبه وتحاجز الناس (٢) .

الشني يمدح علياً

وقام الأعور الشني إلى علي ( ع ) فقال : يا أمير المؤمنين ، زاد الله في سرورك وهداك ، نظرت بنور الله فقدمت رجالاً وأخرت رجالاً ؛ عليك أن

__________________

(١) وقيل أنه بعد خلوص الأمر لمعاوية ، جاء رجل وقال له : يا أمير المؤمنين إن لي عليك حقاً ، قال : وما هو ؟ قال : حق عظيم ، قال : ويحك ما هو ؟ قال : أتذكر يوماً قدمت فرسك لتفر وقد غشيك أبو تراب والأشتر ، فلما أردت أن تستوثبه وأنت على ظهره أمسكت بعنانك وقلت لك : أين تذهب ؟ إنه للؤم بك أن تسمح العرب بنفوسها لك مقهرين ، ولا تسمح لها بنفسك ساعة وأنت ابن ستين ؟! وكم عسى أن تعيش في الدنيا بعد هذه السن إذا نجوت ! فتلومت في نفسك ساعة ثم أنشدت شعراً لا أحفظه ثم نزلت ، فقلت شعراً لا أحفظه .

فقال : ويحك ، فإنك لأنت هو ! والله ما أحلني هذا المحل إلا أنت . وأمر له بثلاثين ألف درهم .

(٢) شرح النهج ٨ / ٦٠ .

٢٣٣
 &

تقول وعلينا أن نفعل . أنت الإِمام ، فان هلكت فهذان من بعدك ـ يعني حسناً وحسيناً عليهما السلام ـ وقد قلتُ شيئاً فاسمعه ، قال : هات . فأنشد :

أبا حسن أنت شمسُ النهار

وهذان في الحادثات القمرْ

وأنت وهذان حتى الممات

بمنزلةِ السمع بعد البَصَرْ

وأنتم أناس لكم سورةٌ

تقصر عنها أكف البشرْ

يخبرنا الناس عن فضلكم

وفضلكم اليوم فوق الخَبرْ

عقدت لقوم أولي نجدةٍ

من أهل الحياء وأهل الخَطرْ

مساميحُ بالموت عند اللقاءِ

منّا واخواننا من مُضرْ

ومن حيّ ذي يمنٍ جلّةً

يقيمون في النائبات الصعرْ

فكل يسرك في قومه

ومن قال لا فبفيه الحجرْ

ونحن الفوارس يوم الزبير

وطلحة إذ قيل أودى غدرْ

ضربناهم قبل نصف النهار

إلى الليل حتى قضينا الوطرْ

ولم يأخذ الضرب إلا الرؤوس

ولم يأخذ الطعن إلا الثغرْ

فنحن أولئك في أمسنا

ونحن كذلك فيما غبرْ (١)

فلم يبق أحد من الرؤساء إلا وأهدى إلى الشني واتحفه .

علي يدعو معاوية للمناجزة

وأرسل علي ( ع ) إلى معاوية ، أن أبرز إلي واعف الفريقين من القتال ، فأينا قتل صاحبه كان الأمر له . فقال عمرو : لقد أنصفك الرجل ! فقال معاوية : أنا أبارز الشجاع الأخرق ؟! أظنك يا عمرو طمعتَ فيها ! فلما لم يجب ، قال علي ( ع ) :

« وا نفساه ، أيطاع معاوية وأعصى !؟ ما قاتلت أمةٌ قط أهل بيت نبيها وهي مِقرّةٌ بنبيّها غير هذه الأمة ! » (٢) .

__________________

(١) شرح النهج ٨ / ٦٨ .

(٢) صفين ٣٨٧ .

٢٣٤
 &

وهدأت المعركة ليستريح المحاربون ، غير أن أمير المؤمنين علياً أبى أن يستريح ، فأخذ يجول متفقداً من استشهد حوله ، حتى وقف على أبي اليقظان عمار بن ياسر ، فبكى بكاءً شديداً ، ثم قال مسمعاً من حوله :

« إن أمرؤ من المسلمين لم يعظُمْ عليه قتلُ ابن ياسر وتدخل به عليه المصيبةُ الموجعةُ لغيرُ رشيد ! رحم الله عمّاراً يوم أسلم ، ورحم الله عمّاراً يوم قُتل ، ورحم الله عماراً يوم يبعث حياً » . ثم قال :

لقد رأيت عماراً وما يُذكر من أصحاب رسول الله ( ص ) أربعةٌ إلا كان رابعاً ، ولا خمسةٌ إلا كان خامساً ، وما كان أحد من قدماءِ أصحاب رسول الله ( ص ) يشكُّ أن عماراً قد وجبت له الجنة في غير موطن ولا إثنين ، فهنيئاً لعمار بالجنة ، ولقد قيل : إن عماراً مع الحق ، والحق معه ، يدور عمّارٌ مع الحق أينما دار ، وقاتل عمار في النار (١) .

وكان عمار أوصى بقوله : « لا تغسلوا عني دماً ولا تحثو علي تراباً . . ادفنوني في ثيابي فإني مخاصِم ! » فصلَّىٰ عليه أمير المؤمنين ولم يُغسّله .

وكان خزيمةُ بن ثابت الملقب بذو الشهادتين قد حضر صفين ولم يقاتل ، فلما قُتل عمار بن ياسر قال : قد بانت لي الضلالة . ثم دخل فسطاطه وطرح عليه سلاحه وشن عليه من الماء فاغتسل ثم قاتل حتى قتل . رحمه الله .

قال الحجاج بن عزية الأنصاري يرثي أبا اليقظان عمار بن ياسر :

يا للرجال لعينٍ دمعها جاري

قد هاج حزني أبو اليقظان عمارُ

أهوى إليه أبو حوّى فوارسه

يدعو السكون وللجيشين إعصارُ

فاختل صدر أبي اليقظان معترضاً

للرمح قد وجبْتَ فينا له النارُ

قال النبي له تقتلك شرذمة

سيطت لحومهم بالبغي ، فجّار

فاليوم يعرفُ أهل الشام أنهم

أصحابُ تلك وفيها النارُ والعارُ (٢)

__________________

(١) الطبقات الكبرى ٣ / ٣٦٢ وما بعدها .

(١) مروج الذهب ٢ / ٣٨٢ .

٢٣٥
 &

فهرس التراجم

العنوان

الصفحة

ترجمة زياد بن عبيد الله الحارثي ............................................  ١٩

ترجمة مالك بن نويرة ..................................................  ٨١

ترجمة سعيد بن العاص ............................................  ١١٠

ترجمة عبد الله بن مسعود ..............................................  ١١٢

ترجمة الوليد بن عقبة ...............................................  ١١٦

ترجمة مالك الأشتر .................................................  ١١٩

٢٣٦
 &

فهرست الكتاب

العنوان

الصفحة

شاهد الحق ............................................................  ٧

من اليمن إلى مكة ......................................................  ١٣

ياسر في مكة ...........................................................  ٢٣

نشأة عمار وصفاته ..................................................  ٢٦

مفتتح الدعوة ..........................................................  ٣١

موقف أبي طالب .....................................................  ٣٦

محنة المستضعفين ........................................................  ٤١

الهجرة إلى الحبشة ........................................................  ٤٦

الحصار في الشعب ......................................................  ٥٠

هجرة الرسول ..........................................................  ٥٣

مسجد المدينة ..........................................................  ٥٤

مع النبي في غزواته .......................................................  ٥٧

شجاعته وسخاؤه ........................................................  ٦٠

عمار والخلفاء ...........................................................  ٦٦

موقف عمار............................................................. ٧١

الردة ودور عمار ..........................................................  ٧٧

فضائل عمار .............................................................  ٨٥

بين عمار وعثمان .......................................................  ٨٧

٢٣٧
 &

سياسة عثمان المالية ....................................................  ٩٢

سياسته في اختيار الولاة ...............................................  ٩٤

سياسته التأديبية .......................................................  ٩٦

بذور الثورة ...........................................................  ١٠١

الثورة ومقتل عثمان ....................................................  ١٠٥

خلافة الإِمام علي .....................................................  ١٢٢

موقف عمار بن ياسر ..................................................  ١٢٥

نكث البيعة ...........................................................  ١٢٧

كتاب أم سلمة لعلي .....................................................  ١٢٩

مسير علي إلى العراق .......................................................  ١٣١

وصف جيش علي .......................................................  ١٣٣

جيش أهل البصرة ........................................................  ١٣٦

كتاب علي لعائشة وطلحة والزبير ......................................  ١٣٩

خطبة علي ودعاؤه ورجوع الزبير ومقتله ....................................  ١٤٠

بداية القتال ...........................................................  ١٤٣

عمار ومحمد بن أبي بكر .................................................  ١٤٦

مقتل طلحة بن عبيد الله .................................................  ١٤٨

عقر الجمل .............................................................  ١٥١

دخول علي على عائشة ..................................................  ١٥٣

انصراف عائشة إلى المدينة .................................................  ١٥٥

حرب صفين المحنة الكبرى ...............................................  ١٥٧

عودة علي إلى الكوفة .................................................  ١٦٤

علي يدعو معاوية إلى البيعة .............................................  ١٦٧

معاوية يشاور أهل الشام ................................................  ١٦٩

الإمام علي يختبر الفريقين ...............................................  ١٧٥

٢٣٨
 &

رأي عمار بن ياسر ......................................................  ١٨٢

عمار يحرض ..........................................................  ١٨٣

كتاب محمد بن أبي بكر لمعاوية ...........................................  ١٨٦

إلى الحرب يسيرون ........................................................  ١٨٨

قصة الصخرة وصاحب الدير ...............................................  ١٩١

غلبة أصحاب معاوية على الماء ...........................................  ١٩٣

غلبة علي على الماء ....................................................  ١٩٤

خطبة الإِمام وأصحابه ...................................................  ١٩٥

دعاؤه يوم صفين .......................................................  ١٩٩

وصف علي ( ع ) .....................................................  ٢٠٠

يأمر أصحابه بالهجوم ويرد الكتائب ........................................  ٢٠٢

ضربة ما مثلها ضربة .....................................................  ٢٠٦

علي يطلب معاوية للمبارزة ...............................................  ٢٠٨

احتدام الحرب ...........................................................  ٢١٢

عمار يحرض على الجهاد .................................................  ٢١٣

يطلب رضا الله سبحانه ...................................................  ٢١٤

دماؤهم أحل من دم عصفور .............................................  ٢١٥

بين عمار وهاشم المرقال ..................................................  ٢١٦

بين عمار وعمرو بن العاص ...............................................  ٢٢٠

بطولة عمار وثبات إيمانه .................................................  ٢٢٤

الصلاة هي الأهم ......................................................  ٢٢٥

آخر الشراب والشهادة ...................................................  ٢٢٥

يتقربون بقتله ...........................................................  ٢٢٥

يختصمان في النار ......................................................  ٢٢٦

عتاب معاوية لعمرو في شأن عمار ......................................  ٢٢٦

٢٣٩
 &

حملة علي ( ع ) بعد مقتل عمار ........................................  ٢٢٩

الشني يمدح علياً .........................................................  ٢٣٣

علي يدعو معاوية للمناجزة ................................................  ٢٣٤

وقوف علي على عمار ....................................................  ٢٣٥

فهارس الكتاب .........................................................  ٢٣٧

٢٤٠