جواهر الكلام

الشيخ محمّد حسن النّجفي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

المقصد الخامس

( في القرض ) بكسر القاف وفتحها وهو معروف أثبته الشارع متاعا للمحتاجين مع رد عوضه في غير المجلس غالبا وإن كان من النقدين رخصة ، وقد تظافرت النصوص ، بل تواترت بتأكيده في المؤمن ، حتى قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١) « من أقرض مؤمنا قرضا ينظر به ميسوره كان ماله في زكاة وكان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤديه » (٢) و « من أقرض أخاه المسلم كان له بكل درهم أقرضه وزن جبل أحد من جبال رضوى وطور سيناء حسنات وإن رفق به في طلبه تعدى على الصراط كالبرق الخاطف اللامع بغير حساب ولا عذاب ، ومن شكا إليه أخوه المسلم فلم يقرضه حرم الله عز وجل عليه الجنة يوم يجزى المحسنين » والصادق عليه‌السلام (٣) « لأن أقرض قرضا أحب إلى من أن أتصدق بمثله ، ومن أقرض قرضا وضرب له أجلا ولم يؤت به عند ذلك الأجل كان له من الثواب في كل يوم يتأخر عن ذلك الأجل بمثل صدقة دينار واحد في كل يوم » (٤) و « القرض الواحد بثمانية عشر وإن مات حسبتها من الزكاة » (٥) و « ما من مسلم أقرض مسلما قرضا حسنا يريد به وجه الله إلا حسب له أجره كأجر الصدقة حتى يرجع إليه. »

وكيف كان فتمام النظر فيه يستدعي النظر في أمور ثلاثة الأول في حقيقته وهو عقد بلا خلاف أجده فيه ، نعم في المسالك لا شبهة في اشتراط الإيجاب والقبول‌

__________________

(١) الوسائل الباب ٦ ـ من أبواب الدين والقرض الحديث ـ ٣.

(٢) الوسائل الباب ٦ ـ من أبواب الدين والقرض الحديث ـ ٥.

(٣) الوسائل الباب ٦ ـ من أبواب الدين والقرض الحديث ـ ١.

(٤) الوسائل الباب ٦ ـ من أبواب الدين والقرض الحديث ـ ٤.

(٥) الوسائل الباب ٦ ـ من أبواب الدين والقرض الحديث ـ ٢.

١

فيه بالنسبة إلى تحقق الملك إن قلنا أنه يملك بهما وبالقبض ، فلو قلنا بتوقف الملك على التصرف وكان قبله بمنزلة الإباحة فينبغي أن لا يتوقف على العقد.

قلت : الظاهر من القائل بذلك كون التصرف كاشفا عن الملك ، فلا بد من حصول السبب له قبله وإن كان مشروطا تأثيره على جهة الكشف وليس إلا العقد والقبض ، كما أن الظاهر كونه من تمام السبب عنده بناء على عدم الكشف ، فالملك حينئذ حاصل منه ومن العقد والقبض فهو حينئذ غير الإباحة ، بل من الواضح تغايرهما في عرف المتشرعة موضوعا وأحكاما.

وكيف كان فالظاهر دخول المعاطاة فيه بناء على دخولها في غيره ، بل هو أولى من البيع وغيره بذلك ، والسيرة فيه أتم. والفرق بينها وبين العقد بناء على عدم جواز رجوع المقرض بالعين بعد القبض واضح ، إذ من المعلوم عدم ذلك في المعاطاة وإن قلنا بحصول الملك معا ، إلا أنه متزلزل كما في البيع فلكل منهما الرجوع حينئذ إذا كان القرض بها ، وأما إذا قلنا بعدم الملك بالقبض بل لا بد من التصرف ، فلعل الفرق بين العقد والمعاطاة حينئذ التزام كون التصرف في الأول كاشفا أو متمما ، بخلافه في المعاطاة التي يمكن كونه فيها حينئذ كالإباحة بالعوض.

نعم قد يشكل الفرق بين معاطاته وعقده بناء على جواز فسخه الموجب لرجوع العين ، وعلى أن المعاطاة تفيد الملك المتزلزل ، ولعله لا بأس بالتزام عدم الفرق بينهما حينئذ ، فإنه لا دليل يقتضي لزوم الفرق بين المعاطاة والعقد هذا كله بناء على أن المعاطاة تقتضي الملك المتزلزل ، وإلا فالفرق بينهما حينئذ واضح ، بناء على حصول الملك بالقبض ، بل وعلى القول بالتصرف ، لما عرفت من الفرق بين التصرف المسبوق بالعقد والقبض ، وبين التصرف المسبوق بالمعاطاة ، ولو سلم تساويهما كما في بعض الاحتمالات أمكن الالتزام بما عرفت من عدم الفرق بينهما حينئذ ، لعدم ما يقتضي وجوبه ، والأمر سهل خصوصا بعد ما ستسمع من ضعف القول بكون القرض من العقود الجائزة الموجب فسخها لرد العين ، والقول بتوقف الملك فيه على التصرف ، والله أعلم.

٢

وحيث قد عرفت أنه عقد فهو يشتمل على إيجاب كقوله أقرضتك أو ما يؤدي معناه وضعا وأما مثل تصرف فيه أو انتفع به ، وعليك رد عوضه ونحوهما مما يفيد معناه بالقرينة فالبحث فيه كما في غيره من العقود اللازمة ، بناء على كونه منها على الأصح ، لكن في المسالك تبعا للدروس أن من المؤدى معناه : خذ هذا أو اصرفه أو تملكه أو ملكتك أو استلفتك ونحوه ، وعليك رد عوضه أو مثله أو نحو ذلك ، والحاصل أن صيغته لا تنحصر في لفظ كالعقود الجائزة ، بل كل لفظ دل عليه كفى ، إلا أن لفظ أقرضتك صريح في معناه ، فلا يحتاج إلى ضميمة : وعليك رد عوضه ونحوه وغيره يحتاج.

وفيه أولا أنك ستعرف كونه من العقود اللازمة عنده ، حتى أنه أول قولهم بالجواز إلى ما ستسمع ، وثانيا أنه قد يمنع دلالة ذلك على القرض بعد فرض مشروعية الإباحة بالعوض أو الهبة به ، فالواجب حينئذ والأحوط الاقتصار علي المتيقن في لفظه. ثم إنه بناء على ما ذكره لو ترك الضميمة المزبورة فلم يقصد إلا مع معنى المنضم إليه ، فإن كان بلفظ التمليك أفاد الهبة ، لأنه صريح فيها ، وإن كان بلفظ السلم ونحوه كان فاسدا لا يترتب عليه حكم عقد ، لأنه حقيقة في السلم ولم يجمع شرائطه ، وإن كان بغيره من تلك الألفاظ الدالة على الإباحة فهو هبة مع قصد الموجب لها لا بدونه كما سيأتي إنشاء الله.

فلو اختلفا في القصد فالقول قوله لأنه أبصر به ، أما لو اختلفا في قصد الهبة مع تلفظه بالتمليك فقد قطع في التذكرة بتقديم قول صاحب المال ، لأنه أعرف بلفظه ولأصالة عصمة المال وعدم التبرع به ، ووجوب الرد على الآخذ لعموم « على اليد » (١) وفيه أن ظاهر اللفظ الدال على القصد يقطع ذلك كله كما في سائر العقود ، إذ الأصل إرادة الحقيقة ، والمجاز لا يصار إليه إلا بقرينة ، فلا يسمع دعواه مع عدمها في مقابلة الغير كما هو واضح.

ويشتمل أيضا على القبول والبحث فيه كالإيجاب لكن قال المصنف إنه هو‌

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٦ ص ٩٠ كنز العمال ج ٥ ص ٢٥٧.

٣

اللفظ الدال على الرضا بالإيجاب ولا ينحصر في عبارة بل في الدروس والأقرب الاكتفاء بالقبض ، لأن مرجعه إلى الإذن في التصرف ، بل حكاه في المسالك عن قطع جماعة لكن قال : إنه كذالك بالنسبة إلى إباحة التصرف وفي الاكتفاء به في تمام الملك نظر.

قلت : إنما الكلام في تتمة العقد به ، وأنه يكون كالقبول القولي ، ولا ريب في أن الأحوط عدم الاكتفاء بذلك ، بل هو الأقوى بناء على كون القرض من العقود اللازمة ، بل عليه لا ينبغي الاكتفاء بكل لفظ ولو مجازا بعيدا ، ولتحقيق ذلك مقام آخر ، وكان تسامحهم في عقد القرض بناء على أنه من العقود الجائزة إلا أنك ستعرف ما فيه كما أنك عرفت عدم البأس بذلك كله في معاطاة القرض فتأمل جيدا والله أعلم.

وكيف كان ففي القرض أجر عظيم ينشأ من معونة المحتاج تطوعا وكشف كربة المسلم حتى روي (١) « أن درهم الصدقة بعشر ، والقرض بثمانية عشر » ، وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) « ألف درهم أقرضها مرتين أحب الي من أن أتصدق بها مرة » ، لا دلالة فيه على رجحان الصدقة عليه ، حتى يحتاج إلى الجمع بحمل ما دل على رجحان الصدقة على الصدقة الخاصة كالصدقة على الأرحام والعلماء ونحوهم ، وما دل على رجحان القرض على غيرها من الصدقة العامة ، بل المراد بذلك الإشارة إلى ما استفيد من غيره من النصوص من كون وجه رجحان القرض على الصدقة ، أن القرض يعود فيقرض ، بخلاف الصدقة كما هو واضح ، إذ من المعلوم الترجيح بين طبيعتيهما ، وإلا فكل منهما قد يقترن بما يتضاعف ثوابه إلى ما لا يحصيه إلا الله ، ودعوى أن القرض على كل حال لا يزيد على الثمانية عشر واضحة البطلان.

والحاصل أن المراد من الخبر المزبور بيان كون قرض الشي‌ء أفضل من الصدقة به ، كما رواه القماط (٣) وغيره « قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول لأن أقرض قرضا أحب إلى من أن أتصدق بمثله » ، ولعله إلى ذلك أشار الشيخ وغيره بما رووه مرسلا‌

__________________

(١) المستدرك ج ٢ ص ٤٩٠.

(٢) الوسائل الباب ٨ من أبواب الدين والقرض الحديث ـ ٥.

(٣) الوسائل الباب ـ ٦ ـ من أبواب الدين والقرض الحديث ـ ١.

٤

القرض أفضل من الصدقة بمثله في الثواب ، وإلا فلم نجد هذا اللفظ في شي‌ء من نصوصنا ، لكن ظاهر الشهيدين وجودها بهذا اللفظ ، ولذا احتملا فيها احتمالين : أحدهما ما يراد من الخبر المزبور فلا يكون فيه دلالة على مقدار الثواب ، وثانيهما تعليق بمثله بأفضل لا بالصدقة فيكون المعنى ان القدر المقترض أفضل من المتصدق به ، بمقدار مثله في الثواب ، والصدقة لما كان المعروف من ثوابها والمشترك بين جميع أفرادها عشرة ، فدرهم القرض حينئذ بعشرين ، إلا أنه لما كان يعود بخلاف درهم الصدقة حصل له ثمانية عشر ، إذ الصدقة إنما صار درهمها بعشرة باعتبار عدم عوده ، فالذي استفاده حقيقة تسعة ، فهي مع مثلها ثمانية عشر ، تحصل لدرهم القرض الذي عاد لصاحبه ، وهذا وإن كان ألطف من الأول وأوفق بمناسبة خبر الثمانية عشر ، ومشتمل على سر لطيف ، وبلاغة في الكلام ، مناسبة للمعروف من كلامهم عليهم‌السلام ، إلا أن الذي ذكرناه أولا أظهر خصوصا مع معلومية عدم كون عادتهم مراعاة نحو ذلك في كلامهم الصادر لبيان الأحكام التي يتساوى فيها الخاص والعام.

وأما قوله في الثواب ، فهو على الوجهين متعلق بأفضل ، لبيان الواقع كقوله ( يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ ) ، و ( يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ ) ، أو لغير ذلك كما أنه قد يحتمل تعلقه بغير أفضل على الأول ، والأمر في ذلك كله سهل ، ثم إن الظاهر من قول المصنف « تطوعا » الإشارة إلى اعتبار النية في حصول الثواب كغيره من الأعمال وهو كذلك إذ احتمال حصوله مطلقا ضعيف وعلى كل حال فشرط القرض الاقتصار على ذكر (رد العوض ف ) قط على معنى أنه لو شرط النفع حرم الشرط بلا خلاف فيه ، بل الإجماع منا بقسميه عليه ، بل ربما قيل : إنه إجماع المسلمين ، لأنه ربا قال على بن جعفر في المروي عن قرب الإسناد (١) « سألت أخي موسى عليه‌السلام عن رجل اعطى رجلا مائة درهم على أن يعطيه خمسة دراهم أو أقل أو أكثر فقال : هذا الربا المحض » وقال خالد بن الحجاج (٢) : « سألته عن رجل كانت لي عليه مائة درهم عددا‌

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الدين والقرض الحديث ـ ١٨.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الصرف الحديث ـ ١.

٥

فقضاها مائة وزنا قال : لا بأس ما لم يشترط قال : وقال : جاء الربا من قبل الشروط ، إنما يفسده الشروط » ومنه يعلم أن المراد بالبأس في مفهوم غيره المنع ، كموثق إسحاق بن عمار (١) « قلت لأبي إبراهيم عليه‌السلام الرجل يكون له عند الرجل المال قرضا ، فيطول مكثه عند الرجل لا يدخل على صاحبه منه منفعة ، فينيله الرجل كراهة أن يأخذ ماله ، حيث لا يصيب منه منفعة ، يحل ذلك له؟ قال : لا بأس إذا لم يكونا شرطاه » وحسن الحلبي (٢) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يستقرض الدراهم البيض عددا ثم يعطي سودا وزنا ، وقد عرف أنها أثقل مما أخذ ، وتطيب نفسه أن يجعل له فضلها ، فقال : لا بأس إذا لم يكن فيه شرط ، ولو وهبها كملا كان أصلح » وصحيحه الآخر (٣) عنه أيضا « إذا أقرضت الدراهم ثم جاءك بخير منها فلا بأس إذا لم يكن بينكما شرط » بل منه يعلم فساد القرض بهذا الشرط لا الشرط خاصة ، فيكون الشرط في صحة القرص عدم هذا الشرط كما هو ظاهر صحيح محمد بن قيس (٤) عن أبى جعفر عليه‌السلام « من أقرض رجلا ورقا فلا يشترط إلا مثلها فإن جوزي بأجود منها فليقبل ، ولا يأخذ أحد منكم ركوب دابة أو عارية متاع يشترطه من أجل قرض ورقه » ضرورة ظهور النهي فيه في الشرطية كما في نظائره ، مضافا إلى النبوي (٥) « كل قرض يجر منفعة فهو حرام » المراد منه بقرينة غيره صورة الشرط المنجبر بكلام الأصحاب ، بل قيل : إنه إجماع بل في المختلف الإجماع على أنه إذا أقرضه وشرط عليه أن يرد خيرا مما اقترض كان حراما ، وبطل القرض ، فحرمة القرض منه حينئذ ظاهرة في فساده وانه لم يفد الملك فيحرم على المستقرض التصرف فيه وهو مضمون عليه لكونه مقبوضا على ذلك ولأن ما يضمن‌

__________________

(١) الوسائل الباب ١٩ من أبواب الدين والقرض الحديث ١٣.

(٢) الوسائل الباب ١٢ من أبواب الصرف الحديث ١.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب الدين والقرض الحديث ـ ١.

(٤) الوسائل الباب ١٩ ـ من أبواب الدين والقرض الحديث ١١.

(٥) المستدرك ج ٢ ص ٤٩٢ جامع الصغير ج ٢ ص ٩٤ طبع احمد حنفي لكن فيهما « فهو ربا ».

٦

بصحيحه يضمن بفاسده » فما عن أبي حمزة من أنه أمانة ضعيف ، وأضعف منه توقف المحدث البحراني في ذلك مدعيا أنه ليس في شي‌ء من نصوصنا ما يدل على فساد العقد بذلك ، بل أقصاها النهي عن اشتراط الزيادة ، والخبر النبوي (١) ليس من طرقنا. نعم يبنى فساد العقد على المسألة السابقة وهي اقتضاء فساد الشرط فساد العقد ، وقد عرفت الخلاف ، وإن كان ظاهرهم هنا عدم كون البطلان هنا مبنيا على ذلك ، ولذا ادعى شيخنا في المسالك الإجماع عليه ومما قدمنا يظهر لك ما فيه ، كما أنه يظهر الوجه فيما دل من النصوص على أن خير القرض ما جر نفعا كخبر محمد بن مسلم (٢) وغيره « قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يستقرض من الرجل قرضا ويعطيه الرهن إما خادما وإما آنية وإما ثيابا فيحتاج إلى شي‌ء من منفعة فيستأذنه فيه فيأذن له فقال : إذا طابت نفسه فلا بأس ، فقلت :إن من عندنا يرون : كل قرض يجر منفعة فهو فاسد ، قال : أوليس خير القرض ما ـ جر منفعة؟ » ومرسل مسلم (٣) عن أبى جعفر عليه‌السلام « خير القرض ما جر منفعة » وخبر على بن محمد (٤) « قال : كتبت إليه القرض يجر المنفعة ، هل يجوز أم لا فكتب عليه‌السلام يجوز ذلك عن تراض منهما إنشاء الله » إذ من الواضح إرادة صورة عدم الشرط التي صرح المصنف وغيره بها بقوله نعم لو تبرع المقترض بزيادة في العين أو الصفة جاز بل لا أجد فيها خلافا بيننا للنصوص المتقدمة ، مضافا إلى خبر إسحاق بن عمار (٥) عن أبى الحسن عليه‌السلام « سألته عن الرجل يكون له مع الرجل مال قرضا فيعطيه الشي‌ء من ربحه مخافة أن يقطع ذلك عنه فيأخذ ماله من غير أن يكون شرط عليه؟ قال : لا بأس » وخبر الربيع (٦) « قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن رجل أقرض رجلا دراهم فرد عليه أجود منها بطيب نفسه ، وقد علم المستقرض والقارض أنه إنما أقرضه ليعطيه أجود منها ، قال : لا بأس إذا طابت نفس المستقرض » وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٧) لما اقترض بكر أفرد بازلا رباعيا « إن خير الناس أحسنهم قضاء » وصحيح عبد الرحمن بن الحجاج (٨) « سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يستقرض‌

__________________

(١) المستدرك ج ٢ ص ٤٩٢ عن الدعائم ، جامع الصغير ج ٢ ص ٩٤ طبع احمد حنفي.

(٢ و ٣ و ٤ و ٥) وسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الدين والقرض الحديث ٤.

(٦) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الصرف ح ـ ٤.

(٧) سنن البيهقي ج ٥ ص ٣٥١ وج ٦ ص ٢١.

(٨) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الصرف ح ـ ٧.

٧

من الرجل الدراهم فيرد عليه المثقال أو يستقرض المثقال فيرد عليه الدراهم. فقال :إذا لم يكن شرط فلا بأس ، وذلك هو الفضل كان أبى عليه‌السلام يستقرض الدراهم المفسولة فيدخل عليه الدراهم الجلال فيقول يا بنى ردها على الذي استقرضتها منه فأقول : إن دراهمه كانت مفسولة وهذه خير منها فيقول يا بنى هذا هو الفضل فأعطه إياها » وكأنه عليه‌السلام أشار إلى قوله تعالى (١) ( وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ) فتكون هي حينئذ دليلا آخر على المطلوب ، بل وموثق أبي بصير (٢) عن أبى جعفر عليه‌السلام « قلت له : الرجل يأتيه النبط بأحمالهم فيبيعها بالأجر فيقولون له : أقرضنا دنانير فانا نجد من يبيع لنا غيرك ، ولكنا نخصك بأحمالنا من أجل أنك تقرضنا قال لا بأس به إنما يأخذ دنانير مثل دنانيره ، وليس بثوب إن لبس كسر ثمنه ، ولا دابة إن ركبها كسرها وانما هو معروف يصنعه إليهم ، » ومرسل جميل (٣) « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : أصلحك الله إنا نخالط نفرا من أهل السواد فنقرضهم القرض ويصرفون إلينا غلاتهم فنبيعها لهم بأجر ، ولنا في ذلك منفعة قال لا بأس ، ولا أعلم إلا قال : ولولا ما يصرفون إلينا من غلاتهم لم نقرضهم ، فقال : لا بأس » وإن كان قد يقال : إن مثله جائز حتى مع الشرط ، كما أومأ إليه التعليل المزبور ، لعدم كونه منفعة محضة ، بل هو في مقابلة عمل كشرط البيع بالقيمة في القرض ومثله يقوى جوازه للأصل وإطلاق بعض النصوص مع الشك في شمول أدلة المنع له.

وعلى كل حال فالنفع وان كان محضا جائز أخذه مع عدم الشرط. نعم قد يقال :بأولوية تركه للمقروض إذا كان من نيته ذلك ، لموثق إسحاق بن عمار (٤) « سألت العبد الصالح عن الرجل يرهن الثوب أو العبد أو الحلي أو المتاع من متاع البيت قال :فيقول : صاحب الرهن للمرتهن : أنت في حل من لبس هذا الثوب ، فالبس الثوب ، وانتفع بالمتاع ، واستخدم الخادم ، قال : هو له حلال إذا أحله ، وما أحب له أن يفعل » وصحيح يعقوب بن شعيب (٥) عن أبي عبد الله عليه‌السلام « سألته عن الرجل يسلم في بيع أو عشرين دينارا ويقرض صاحب السلم عشرة دنانير أو عشرين دينارا ، قال : لا يصلح‌

__________________

(١) سورة البقرة الآية ٢٣٧.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٩ من أبواب الدين الحديث ـ ١٠.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٩ من أبواب الدين الحديث ـ ١٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٩ من أبواب الدين الحديث ـ ١٥.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٩ من أبواب الدين الحديث ـ ٩.

٨

إذا كان قرضا يجر شيئا فلا يصلح ، وسألته عن الرجل يأتي حريفه وخليطه فيستقرضه الدنانير فيقرضه ، ولو لا أن يخالطه ويحارفه ويصيب عليه لم يقرضه ، فقال : ان كان معروفا بينهما فلا بأس ، وان كان انما يقرضه من أجل أنه يصيب عليه فلا يصلح » بناء على إرادة الكراهة منه لعدم الشرط كما أنه يمكن خروج صدر الخبر عما نحن فيه ، بناء على عدم قدح مثله ولو بصورة الشرط ، لرجوعه الى القرض بشرط السلم ، وهو مع عدم المحاباة فيه ، يمكن منع حرمته.

بل الظاهر عدم الكراهة فيما نحن فيه ، إذا لم يكن للقرض مدخلية في النفع بل كان من مقارناته كما يشير اليه خبر هذيل (١) « قلت : لأبي عبد الله عليه‌السلام اني دفعت الى أخي جعفر مالا فهو يعطيني ما أنفقه وأحج به وأتصدق ، وقد سألت من عندنا فذكروا أن ذلك فاسد ، وأنا أحب أن انتهى الى قولك ، فقال : أكان يصلك قبل أن تدفع اليه مالك ، قلت : نعم قال : خذ ما يعطيك فكل منه واشرب وحج وتصدق فإذا قدمت العراق فقل جعفر بن محمد أفتاني بهذا » بل قد يقال : بعدم الكراهة أصلا ، إذا لم يكن من نيتهما ذلك ، بل إذا لم يكن من نية المقرض خاصة.

ومن هنا خصها في الدروس بما إذا كان ذلك من نيتهما ، ولم يذكراه لفظا ، فحينئذ لا تنافي بين هذه النصوص ، وبين النصوص السابقة الدالة على أن خير القرض ما جر نفعا ، الظاهرة في عدم الكراهة بعد حملها على ما إذا لم يكن من نيتهما كما أنه لا تنافي بين ما دل على رجحان دفع الزيادة تحصيلا لحسن القضاء ، وبين ما دل على كراهة قبول المقرض لها ، إذا كان من نيته ذلك ، وأنه انما أقرضه له ، ونفي البأس في خبر أبي الربيع (٢) غير مناف لها بعد ارادة الجواز منه.

بل قد يقال باستحباب احتساب الهدية من الدين ، وان لم يكن من نية المقرض ، لخبر غياث بن إبراهيم (٣) « عن أبي عبد الله عليه‌السلام أن رجلا أتى عليا عليه‌السلام

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٩ من أبواب الدين الحديث ـ ٢.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الصرف الحديث ـ ٤.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٩ من أبواب الدين الحديث ـ ١.

٩

فقال له : ان لي على رجل دينا فاهدى الي هدية ، قال : احسبه من دينك عليه » هذا!

والذي دعانا الى ذلك كله ظهور بعض النصوص بعدم الكراهة فيه ، كالأخبار الدالة على أن خير القرض ما جر نفعا ، وغيرها ، وظهور آخر في تحققها فيه ، ومن هنا احتملنا التنزيل المزبور ، وقد يحتمل تفاوتها شدة وضعفا ، وعلى كل حال فالأمر في ذلك كله سهل بعد معلومية التسامح في السنن ، وبعد ما عرفت من أن الممنوع اشتراط المنفعة صريحا ، أو إضمارا قد بنى العقد عليه ، من غير فرق بين كون المنفعة عينا أو وصفا.

ومنه يعلم الحكم فيما لو شرط الدراهم الصحاح كالطازجية عوض المكسرة كالغلة لكن قيل : والقائل الشيخ وأبو الصلاح وابنا البراج وحمزة يجوز فيه لصحيح يعقوب بن شعيب (١) سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يقرض الرجل الدراهم الغلة ويأخذ منه الدراهم الطازجية طيبة بها نفسه ، قال لا بأس وذكر ذلك عن علي عليه‌السلام » الذي لا ظهور فيه بصورة الشرط ، بل قيل : انه ظاهر في عدمها ولو سلم فبينه وبين غيره مما أطلق فيه المنع تعارض العموم من وجه ، ومن الواضح رجحانه عليه من وجوه.

كل ذلك مضافا الى خصوص بعض النصوص السابقة كصحيح محمد بن قيس (٢) وغيره فلا ريب حينئذ في أن الوجه بل الأصح المنع فيه ، وفي المحكي عن أبي الصلاح خاصة من جواز قرض المصوغ من الذهب مع الإعطاء عينا ، ومن الفضة درة والنقد المخصوص من خالص الذهب والفضة بشرط إعطاء العتيق من نقد غيره ، إذا كان مراده الجواز مع فرض كون المشروط نفعا للمقرض ، إذ لا دليل عليه معتد به ، فضلا عن أن يصلح معارضا.

وخبر عبد الملك بن عقبة (٣) عن عبد صالح « قلت له : الرجل يأتيني يستقرض

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الصرف الحديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الدين الحديث ـ ١١.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الصرف الحديث ٩.

١٠

مني الدراهم فأوطن نفسي على أن أؤخره بها شهر الذي يتجاوز به عني ، فإنه يأخذ مني فضة تبر على أن يعطيني مضروبة وزنا بوزن سواء ، هل يستقيم هذا إلا أني لا أسمي له تأخيرا إنما أشهد لها عليه فرضي قال : لا أحبه » لا دلالة فيه على ذلك بل لعله لم يشترط عليه المضروبة.

وكيف كان فالتحقيق ما عرفت ، ومنه يعلم غرابة ما عن الأردبيلي من الميل الى عدم البأس في اشتراط الزيادة الحكمية مطلقا حاكيا له عن الجماعة المزبورة ، للأصل وإطلاق الأدلة ، خصوصا نصوص (١) خير القرض ما جر نفعا ، بعد عدم الإجماع وعدم ظهور تناول دليل الربا له ، بل دلالة أكثر أخبار المنع انما هي بمفهوم البأس الذي هو أعم من الحرمة.

وفيه ما عرفت من ظهور الأدلة منطوقا ك‍ صحيح محمد بن قيس (٢) وغيره ، ومفهوما ولو بقرينة غيره في المنع من اشتراط النفع عينا أو منفعة أو صفة كما هو واضح. نعم قد يستثنى من ذلك اشتراط التسليم في بلد آخر ، وان كان فيه نفع لخبر الكناني (٣) عن الصادق عليه‌السلام « في الرجل يبعث بمال إلى أرض فقال للذي يريد أن يبعث له : أقرضنيه وأنا أوفيك إذا قدمت الأرض؟ قال : لا بأس بهذا ».

وأوضح منه خبر يعقوب بن شعيب (٤) « قلت : لأبي عبد الله عليه‌السلام يسلف الرجل الرجل الورق على أن ينقده إياه بأرض أخرى ، ويشترط عليه ذلك؟ قال : لا بأس » وإسماعيل بن جابر (٥) « قلت : لأبي جعفر أدفع الى الرجل الدراهم فاشترط عليه ان يدفعها بأرض أخرى سودا بوزنها واشترط ذلك عليه قال لا بأس » إلى غير ذلك من النصوص.

ولذلك صرح به في القواعد وغيرها بعد التصريح بانصراف الإطلاق إلى بلد القرض ، بل قال فيها : سواء كان في حمله مؤنة أولا ، لكن في جامع المقاصد احتمال الفساد مع كون المصلحة للمقرض ، لجر النفع ناسبا له إلى تصريح الشهيد به في بعض فوائده ، ثم رده بأن الممنوع منه الزيادة في مال القرض عينا أو صفة ، وليس هذا وأحدا منهما ،

__________________

(١) الوسائل الباب ١٩ من أبواب الدين الحديث ٥.

(٢) الوسائل الباب ١٩ من أبواب الدين الحديث ٦.

(٣) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الصرف الحديث ـ ٢.

(٤) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الصرف الحديث ـ ١.

(٥) الوسائل الباب ـ ١٤ ـ من أبواب الصرف الحديث ـ ٥.

١١

ومثله الحلي في السرائر.

قلت : يمكن أن يكون مبنى الجواز النصوص المزبورة التي إن لم يسلم ظهورها في خصوص الفرض ، فلا ريب في شمولها له ، فالتعارض حينئذ بينهما وإن كان من وجه إلا أنه لا إشكال في رجحانها عليه ، من حيث الدلالة وغيرها ، خصوصا بعد اعتضادها بفتوى من تعرض له من الأصحاب ، نعم قال في القواعد : « لو طالبه المقرض من غير شرط في غير البلد أو فيه مع شرط غيره ، وجب الدفع مع مصلحة المقترض ، ولو دفع في غير بلد الإطلاق أو الشرط وجب القبول مع مصلحة المقرض ».

وفيه ـ بعد إرادة الضرر من عدم المصلحة الذي لا يوجب على المقترض الدفع ، ولا على المقرض القبول ـ أنه مناف لعموم ما دل على أن المؤمنين عند شروطهم (١) ومع فرض عدم لزوم هذا الشرط وأنه كالوعد بناء على أنه شرط في عقد القرض الذي هو عندهم من العقود الجائزة لا ينبغي مراعاة المصلحة أيضا ، ومن هنا قال في الدروس : ولو دفع إليه في غير مكانه مع الإطلاق أو في غير المكان المشترط لم يجب القبول وإن كان الصلاح للقابض ، ولو طالبه في غيرهما لم يجب الدفع وإن كان الصلاح للدافع.

نعم لو تراضيا جاز ، ولتمام تحقيق ذلك مقام آخر ، وقد سبق منا بعض الكلام فيه ، وتسمع في اشتراط الأجل بعضه أيضا ، وعلى كل حال فليس من جر النفع اشتراط المقرض رهنا على ما أقرضه ، أو كفيلا أو إشهادا ونحو ذلك مما لا يندرج في إطلاق المنع السابق ، فيبقى ما دل على الجواز من عموم أدلة الشرط وغيره بلا معارض ، بل في القواعد وجامع المقاصد : أن الأقرب جواز اشتراط ذلك على دين آخر ، محتجا عليه في الأخير بأن ذلك ليس زيادة في مال القرض ، وإنما هو شرط خارج عنه ، وإن كان زيادة بحسب الواقع ، فإن المنهي عنه هو الزيادة في مال القرض.

وإن كان قد يناقش فيه بأن المستفاد من النصوص السابقة فضلا عن الخبر العامي الذي تلقاه الأصحاب هنا بالقبول (٢) « وهو كل قرض جر نفعا فهو حرام » المنع عن كل

__________________

(١) الوسائل الباب ٢٠ من أبواب المهور الحديث ـ ٤.

(٢) المستدرك ج ٢ ص ٤٩٢ سنن البيهقي ج ٥ ص ٣٥٣.

١٢

نفع للمقرض ، كركوب دابة أو عارية متاع أو انتفاع برهن أو نحو ذلك ، ك‍ صحيح محمد بن قيس (١) وغيره ، وإن لم يكن بزيادة في نفس المال المقترض ، ومن هنا استجود المنع في الدروس.

ومنه يظهر وجه المنع في القرض بشرط البيع مثلا محاباة ، لوضوح جر النفع ، خلافا لهما فلم يفرقا بينه وبين البيع بثمن المثل ، وهو كما ترى ، ضرورة عدم صدق جر النفع في الثاني دون الأول ، وإن اتفق احتياجه إليه كوضوح الفرق بين القرض وبين البيع محاباة بشرط القرض ، إذ لا يصدق على القرض أنه اشترط فيه ما يجر منفعة ، وإن كانت المنفعة هي السبب في وقوعه ، إلا أنه لا يخلو من كراهة ، لصحيح يعقوب بن شعيب (٢) المتقدم آنفا في قرض صاحب السلم ، مع أنه لا دلالة فيه على اشتراط ذلك في عقد السلم ولا على التحابي فيه فلاحظ وتأمل.

ولو كان الشرط نفعا للمستقرض دون المقرض كما إذا اشترط إعطاء الغلة عوض الضحاح ، أو اشترط عليه أن يقرضه شيئا آخر ونحو ذلك جاز بلا خلاف ولا إشكال ، نعم احتمل في الدروس المنع في الثاني مع فرض النفع له ، كما إذا كان الزمان زمان نهب أو غرق ، وفيه أن مثله غير قادح لا أقل من الشك في اندراج مثله تحت أدلة المنع والله أعلم ، هذا.

وليعلم أنه إن كانت الزيادة التي ردها المقترض من غير شرط حكمية كالجيد بدل الردي والكبير بدل الصغير كما صنعه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ملكه المقرض ملكا مستقرا بقبضه ، وكان بأجمعه استيفاء ، وإن كانت عينية كما لو دفع اثنى عشر ، من عليه عشرة ، ففي كون المجموع وفاء كالحكمي بناء على أنه معاوضة عما في الذمة ، غايته كونه متفاضلا وهو جائز بالشرط وهو عدم الشرط ، أو يكون الزائد بمنزلة الهبة ـ فيلزم حكمها من جواز الرجوع فيه ، على بعض الوجوه الآتية ، التفاتا إلى أن الثابت في الذمة إنما هو مقدار الحق ، فالزائد تبرع خالص ، وإحسان محض ، وعطية منفردة ـ احتمالان ، قد

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الدين الحديث ـ ١١.

(٢) الوسائل الباب ـ ١٩ ـ من أبواب الدين الحديث ـ ٩.

١٣

اعترف في المسالك بأنه لم يقف فيه على شي‌ء ، لكن قال : لعل الثاني أوجه خصوصا مع حصول الشك في انتقال الملك ، قلت : لكن يشكل مع عدم تعيين الوفاء منها ، كما أنه يشكل جعله من المعاوضة عما في الذمة ، بناء على عموم الربا ، فلا ريب في أن الأحوط في الربوي تعيين الوفاء ، ثم هبة الزائد والأمر سهل.

إنما الكلام في وجوب القبول على المقترض ، صرح في التذكرة بذلك مع كون الزيادة حكمية ، وتبعه الأردبيلي فيما حكي عنه ، لأصالة براءة ذمة المقترض ، ولانه يندرج تحت مثل المال وإن تضمن زيادة ولظهور النصوص في كون ذلك وفاء وإن كان هو أحسن أفراده.

وقد يناقش بأنه ليس في النصوص إلا عدم البأس بالأخذ ، وهو أعم من الوجوب الذي هو حكم شرعي يحتاج إلى دليل واضح ، على أنه قد عرفت كراهة أخذ المقرض الزيادة وإن كانت وصفية ، فكيف يجامع الوجوب.

ومنه يعلم وضوح عدم وجوب القبول في الزيادة العينية التي لا تخلو من المنة التي من المعلوم عدم وجوب قبولها ، بل ربما تتحقق في الزيادة الوصفية ، لكن الإنصاف عدم خلو القول بالوجوب في الزيادة الوصفية التي لا تخرج المدفوع عن الجنس من قوة ، نحو ما سمعته في السلم ، ولظهور النصوص (١) في أن ذلك أحسن أنواع الوفاء ، إما العينية فالمتجه عدم وجوب قبولها والله أعلم.

الثاني مما يقع النظر فيه ما يصح إقراضه وهو عند المصنف كل ما ـ يضبط وصفه الذي تختلف القيمة باختلافه وقدره إن كان من شأنه التقدير ، ولو لتوقف الضبط عليه ، ولا ريب في طرده ، بمعنى صحة قرض مضبوط الوصف والقدر بل لا خلاف فيه لإطلاق الأدلة ، إنما الكلام في عكسه وهو أن كلما لا يضبط وصفه ولا قدره لا يجوز قرضه ، إذ يمكن منعه للإطلاق المزبور خصوصا على المختار من أن الثابت في قرض القيمي قيمته التي لا مدخلية في ثبوتها في الذمة ، لضبط الوصف الذي يراد منه دفع المثل وفاء.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ١٢ ـ من أبواب الصرف.

١٤

كما أنه قد يمنع وجوب اعتبار ضبط الوصف سابقا على القرض في صحته ، على وجه لا يجدي اعتباره بعد القرض والقبض ، لعدم الدليل الصالح لتقييد الإطلاق المعتضد بإطلاق جملة من الأصحاب الذين لم يذكروا هذا الشرط كبني زهرة وحمزة وإدريس وغيرهم ، والتعليل بأن ذلك مقدمة للوفاء لا يقضي بالاشتراط المزبور ، بل قد يقال :بعدم فساد القرض بالإخلال به أصلا ، إذ أقصاه ثبوت مثله أو قيمته في الذمة ، فإن علما ببينة ونحوها وجب تأديتهما ، وإلا رجع إلى الصلح.

وكذلك الكلام في القدر ، خصوصا مع إرادة المعتاد منه ، كما صرح به بعضهم ويقتضيه ظاهر الإطلاق ، فلا يجدي المكيال المجهول والصنجة المجهولة ، وخصوصا مع إرادة اعتبار ذلك حتى فيما يكفي في بيعه المشاهدة ، كالتبن والحطب ونحوهما ، لتوقف إثبات عوضه في الذمة على الاعتبار المزبور ، فهو كالسلم فيه.

ولذا قال في المسالك : الضابط في قرض المثلي اعتبار ما يعتبر في السلم من الكيل والوزن والعدد ، إلى أن قال : وحينئذ فلو أقرض المقدر غير معتبر لم يفد الملك ، ولم يجز التصرف فيه ، وإن اعتبره بعد ذلك ، ولو تصرف فيه قبل الاعتبار ضمنه ، وتخلص منه بالصلح كما هو وارد في كل ما يجهل قدره وقال في التذكرة « تارة يجب في المال أن يكون معلوم القدر ليتمكن من قضائه ، وأخرى قد بينا أنه لا يجوز إقراض المجهول ، لتعذر الرد ، فلو أقرضه دراهم أو دنانير غير معلومة الوزن أو قبة من طعام غير معلومة الكيل ولا الوزن ، أو قدرها بمكيال معين أو صنجة معينة غير معروفين عند الناس لم يصح ، وقال في التحرير « لا يجوز اقتراض المكيل والموزون جزافا ، وكذا لو قدره بمكيال بعينه أو صنجة معينة غير معروفين عند العامة ، ولو كانت الدراهم مما يتعامل بها عددا اشترط تعيين العدد ، ويرد عددا وإن استقرض وزنا رد وزنا ، وكذا كل معدود يجب معرفة عدده وقت الإقراض » وقال في الإرشاد « وكل مضبوط بما يرفع الجهالة من الأوصاف يصح إقراضه ، فإن كان مثليا ثبت في الذمة مثله ، وإلا القيمة وقت التسليم » وفي الدروس « إنما يصح القرض مع الملك أو إجازة المالك ، وعلم العين بالمشاهدة فيما يكفي فيه ، وبالاعتبار كيلا ووزنا أو عددا فيما شأنه ذلك ، ويجوز إقراض الخبز‌

١٥

وزنا وعددا ، إلا أن يعلم التفاوت ، فيعتبر الوزن ، ويجوز إقراض المثلي إجماعا ، وكذا القيمي الذي يمكن السلف فيه. وفيما لا يضبطه الوصف كالجوهر واللحم والجلد قولان ، مع اتفاقهم على جواز إقراض الخبز عملا بالعرف العام ، ولا يجوز السلم فيه ، والمنع للمبسوط ، والجواز للسرائر » قلت : الموجود في السرائر قال الشيخ في مبسوطه « لا يجوز إقراض ما لا يضبط بالصفة ، والصحيح أن ذلك يجوز ، لأنه لا خلاف بين أصحابنا في جواز إقراض الخبز ، وإن كان لا يضبط بالصفة ، لأنهم أجمعوا أن السلم لا يجوز في الخبز ، لأن السلف لا يجوز فيما لا يمكن ضبطه بالصفة ، والخبز لا يضبط بالصفة. وقال شيخنا في مبسوطه « يجوز استقراض الخبز إنشاء وزنا وإنشاء عددا ، لأن أحدا من المسلمين لم ينكره ، ومن أنكره من الفقهاء خالف الإجماع ، وظاهره خروج ذلك عما ذكره من الضابط ، كما أن ظاهر السرائر جواز قرض كل ما لا يضبطه الوصف ، لا خصوص الخبز.

وعلى كل حال فالشرط المزبور على الوجه المذكور إن كان مستنده إجماعا مؤيدا بالتعليل السابق الذي مرجعه إلى أن الشارع لم يشرع معاملة موقوفة على التراضي مؤدية إلى التنازع ، ضرورة أن الأصل في مشروعية العقود قطع النزاع ، وإلا كان محلا للنظر والتأمل ، سيما بعد أن كان القرض قسما من الضمانات ، وإن توقف على التراضي ، وهي لا فرق فيها بين المجهول والمعلوم.

ومن هنا صح قرض القيمي بقيمته وإن لم تعرف القيمة حال القرض على الأقوى بل في المسالك نسبته إلى إطلاق كلام الأصحاب قال : « وهل يعتبر في صحة القرض العلم بقيمته عنده لينضبط حالة العقد ، فإن ذلك بمنزلة تقدير ما يقدر بالكيل والوزن أم يكفي في جواز إقراضه مشاهدته على حد ما يعتبر في جواز بيعه ، ويبقى اعتبار القيمة بعد ذلك امرا وراء الصحة ، يجب على المقترض مراعاته لبراءة ذمته ، حتى لو اختلفا في القيمة فالقول قوله ـ وجهان ، وإطلاق كلام الأصحاب يدل على الثاني ، وللاول وجه وربما كان به قائل.

اللهم إلا أن يقال : إن القرض وان كان له شبه في الضمانات إلا أنه من المعاوضات‌

١٦

أيضا ، إذ هو كما عرفت دفع الشي‌ء بقصد ثبوت عوضه في الذمة ، فوجب الضبط لمعرفة العوض ، فبناء على ضمانه بالمثل مطلقا حتى أن ما لا مثل له لا يصح قرضه ـ وجب ضبط أوصاف المال المقرض حتى يكون الثابت في الذمة عوضه ، ويتمكن المقترض من وفائه وبناء على ضمان القيمي منه بالقيمة مطلقا ، أو في خصوص ما لا يضبطه الوصف منه كالجواهر ، وجب ضبط أوصافه لمعرفة القيمة الثابتة في الذمة ـ عوضا عنه ، والله أعلم.

وكيف كان فيجوز اقتراض الذهب والفضة وغيرهما مما يضبطه الوزن وزنا بعد ضبط الصفات والحنطة والشعير ونحوهما مما يضبطه الكيل نظرا إلى المتعارف كيلا ووزنا وأما الخبز فيجوز وزنا بلا خلاف بل الإجماع بقسميه عليه لكن بعد ضبط الوصف وكذا يجوز عددا عندنا نظرا إلى المتعارف بل الظاهر إمكان تحصيل الإجماع عليه فضلا عن المحكي.

مضافا إلى خبر الصباح بن سيابة (١) « قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إن عبد الله بن أبي يعفور أمرني أن أسألك قال : إنا نستقرض الخبز من الجيران فنرد أصغر منه أو أكبر منه؟ فقال عليه‌السلام : نحن نستقرض الجوز الستين والسبعين عددا فيه الصغير والكبير لا بأس » وخبر إسحاق بن عمار (٢) « قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام :استقرض الرغيف من الجيران ونأخذ الكبير ونعطي صغيرا أو نأخذ صغيرا ونعطي كبيرا؟ قال : لا بأس » وخبر غياث (٣) « عن جعفر عن أبيه عليهما‌السلام لا بأس باستقراض الخبز » بل الخبران الأولان صريحان في الجواز مع التفاوت ، فوجب حمل التفاوت في عبارة الدروس السابقة على غير اليسير الذي يتسامح فيه ، كما أنه يجب حمل ذلك على التفاوت من حيث الصغر والكبر ، أما الأوصاف فيجب المحافظة عليها ما لم يعلم التسامح فيها.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الدين ـ ١.

(٢) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الدين ـ ٢.

(٣) الوسائل الباب ـ ٢١ ـ من أبواب الدين ـ ٣.

١٧

وعلى كل حال فما عن أبي حنيفة من عدم جواز قرض الخبز ، واضح الضعف كضعف ما عن أبي يوسف من وجوب الرد وزنا لا عددا وأحد قولي الشافعي من وجوب رد القيمة إلا إذا شرط المثل في وجه.

وعلى كل حال ف كل مثلي وهو عند المصنف وجماعة ما تتساوى أجزاؤه في القيمة والمنفعة وتتقارب صفاته ، بمعنى أن قيمة نصفه تساوى قيمة النصف الآخر ويقوم مقامها في المنفعة وتقاربها في الوصف ، وهكذا كل جزء بالنسبة إلى نظيره لا مطلقا يجوز قرضه بلا خلاف بل النصوص والإجماع بقسميه عليه وعلى أنه يثبت في الذمة مثله وذلك كالحنطة والشعير والذهب والفضة ونحوها.

نعم هو كذلك مع وجوده ، ومع التعذر ينتقل إلى القيمة ، وفي اعتبار يوم القرض أو التعذر ، أو المطالبة ، أو الدفع ، أوجه ، أقواها الأخيران اللذان اختار ثانيهما في المختلف بعد أن حكى أولهما عن السرائر إذ سبق علم الله تعالى بتعذر المثل وقت الأداء لا يوجب الانتقال إلى القيمة ، إذ لا منافاة بين ضمان المثل وقت القرض ، طردا للقاعدة الإجماعية ، والانتقال إلى القيمة عند المطالبة ، أو الدفع ، كما أن التعذر بمجرده لا يوجب الانتقال إلى القيمة ، لعدم وجوب الدفع حينئذ ، فتشخص ضمان المثلي الذي هو حكم وضعي لا ينافيه التعذر إلى أن يجب دفعه بالمطالبة ، فحيث لم يوجد الآن ينتقل إلى قيمته ، ومنه يعلم قوة أول الأخيرين.

لكن قد يقال : إن المطالبة لا تشخص القيمة في ذلك الوقت على كل حال ، بل أقصاها وجوب دفع القيمة ، وإن اتفق كونها وقتها مقدارا مخصوصا ثم تغير إلى زيادة أو نقصان ، فالبدل عن المثل حينئذ لا يتشخص إلا بالدفع ، إذ هو كالمعاملة عليه بها.

ومن هنا يمكن دعوى عدم وجوب قبولها مع عدم الطلب ، لأن المضمون إنما هو المثل كما يومي إليه ما تقدم في السلف ، فينتظر حينئذ حتى يحصل ، ومنه ينقدح احتمال عدم وجوب الدفع مع المطالبة أيضا ، لأنه غير الحق وظهور ضعفه يوجب قوة احتمال وجوب القبول مع الدفع ، لانقلاب الدين إلى القيمة بالتعذر ، سيما مع‌

١٨

شدة حاجة الناس إلى براءة الذمة.

لكن قد يدعى ظهور كلمات الأصحاب في وجوب الدفع مع المطالبة ، وعدم وجوب القبول مع عدمها وإن دفع ، وهو لا يخلو من وجه ، بل قوة وإن لم يكن ذلك محرزا في كلامهم ، كما أنه لم يحرز فيه جواز قرض المثلي مشترطا عوضه القيمة ، كما سمعته عن الشافعي في الخبز ، وكذا قرض القيمي مشترطا مثله الصوري بناء على ضمانه بالقيمة مع الإطلاق ، وعلى العكس العكس ، ولعل إطلاق أدلة القرض وعموم (١) « المؤمنون عند شروطهم » يقضي بجوازه ما لم يندرج تحت جر النفع ، كما إذا اشترط الزيادة في قيمته.

وعلى كل حال ف ما ليس كذلك بل كانت أجزاؤه مختلفة في القيمة والمنفعة ، يجوز قرضه عندنا ، إذا كان مما يضبطه الوصف ، بل لا خلاف أجده فيه لإطلاق الأدلة ، ولخصوص فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) المتمم بعدم القول بالفصل ، والمشهور نقلا وتحصيلا أنه يثبت في الذمة قيمته وقت التسليم الذي هو أول أوقات ملك المقترض ، وهو المراد من تعبي بعضهم وقت القرض ، لغلبة اتصاله به ، بل الغالب وقوع القبول به أو مقارنا له ، ولا اعتبار هنا بوقت المطالبة أو الأداء قطعا كما هو واضح.

والوجه في ثبوت القيمة أن القرض قسم من الضمانات وإن توقف على التراضي ولا ريب في أن ضمان القيمي بالتلف وغيره بالقيمة لا المثل ، بل يمكن تحصيل الإجماع عليه هناك وإن كان يظهر من الشهيد في الدروس أن ميل المصنف هنا إلى أن الضمان بالمثل جار فيها أيضا ، لكن هو وغيره صرح في باب الغصب بأن ضمان القيمي بالقيمة فلاحظ وتدبر ، ولعلها لأنها البدل عن العين عرفا في الغرامات ، باعتبار عدم تساوي جزئيات العين المضمونة ، واختلاف صفاتها ، فالقيمة حينئذ أعدل خصوصا في مثل الحيوان الذي لم يعرف الباطن منه ، ولا كثير من صفاته.

__________________

(١) الوسائل الباب ـ ٢٠ ـ من أبواب المهور الحديث ـ ٤.

(٢) سنن البيهقي ج ٥ ص ٣٥١.

١٩

لكن قال المصنف هنا ولو قيل يثبت مثله في الذمة أيضا كالمثلي كان حسنا لأنه أقرب إلى الحقيقة من القيمة ، ول ما روي عن النبي (١) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « أنه أخذ قصعة امرأة كسرت قصعة أخرى » (٢) و « حكم بضمان عائشة إناء حفصة وطعامها بمثلهما » (٣) وأنه استقرض بكرا ورد بازلا تارة ، وأخرى استقرض بكرا فأمر برد مثله.

وفي الدروس والمسالك نسبة المصنف إلى الميل إليه ، بل في الثاني أنه لعله أفتى به إلا أنه لا يعلم به قائل من أصحابنا ، كما يشعر به قوله ، ولو قيل ، كما أنه في الأول وتظهر الفائدة فيما إذا وجد مثله من كل الوجوه التي لها مدخل في القيمة ودفعه الغريم ، فعلى الثاني يجب القبول ، وعلى المشهور لا يجب ، وفيما إذا تغيرت أسعار القيمي فعلى المشهور المعتبر قيمته يوم القبض ، وعلى الأخر يوم دفع العوض ، وهو ظاهر الخلاف.

قلت : ومنه يعلم موافقته للمصنف ، كما أن ظاهر التذكرة ذلك أيضا وإن كان لم يطلق كإطلاق المصنف ، قال : « مال القرض إن كان مثليا وجب رد مثله إجماعا وإن لم يكن مثليا فإن كان مما ينضبط بالوصف وهو ما يصح السلف فيه كالحيوان أو الثياب فالأقرب أنه يضمن بمثله من حيث الصورة ، لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استقرض بكرا إلى آخر ما سمعت ، وهو قول أكثر الشافعية ، وقال بعضهم إنه يعتبر في القرض بقيمته ، لأنه لا مثل له فإذا استقرضه ضمنه بقيمته كالإتلاف. إلى أن قال بعد أن فرق بين القرض والإتلاف : وأما ما لا يضبط بالوصف كالجواهر والقسي وما لا يجوز السلف فيه تثبت قيمته ، وهو أحد قولي الشافعية.

نعم قد يظهر من المصنف فيما يأتي عدم جواز قرض مثل ذلك ، وبه يحصل الفرق بينهما ، وعلى كل حال فقد يناقش فيه بأنه إن كان المنشأ في ضمان المثل قصد المتعاقدين فمع أنه ممنوع يمكن خروج ذلك عن النزاع ، إذ قد عرفت احتمال جوازه

__________________

(١) سنن البيهقي ج ٦ ص ٢١ و ٩٦.

(٢) سنن البيهقي ج ٦ ص ٢١ و ٩٦.

(٣) سنن البيهقي ج ٦ ص ٢١ و ٩٦.

٢٠