مستند الشّيعة - ج ١٦

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٦

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-125-7
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٣٥٧

شراءها » (١).

والمرويّ عن قرب الإسناد ـ بضميمة الإجماع المركّب ـ : « إنّ عليّا عليه‌السلام كان إذا أراد أن يشتري الجارية يكشف عن ساقيها فينظر إليها » (٢).

وفي الجميع إلى إذن المولى بشاهد الحال ، وبظهور انصراف إطلاق أخبار المنع إلى ما عداهنّ أو إليهنّ في غير محلّ البحث.

وإنّما جعلناها مؤيّدة لا أدلّة ـ كما فعله بعضهم ـ لضعف الأول بمنع الأولويّة.

والثاني بمنع الحجّية.

والثالث بمنع الدلالة ، لتحقق الإمذاء بالنظر إلى الوجه أيضا.

والرابع بمنع الصراحة ، لعدم صراحة التقليب في المطلوب.

والخامس بالضعف الخالي عن الجابر.

[ والسادس ] (٣) والسابع بالمنع.

ومنها : النظر إلى وجوه أهل الذمّة وشعورهنّ وأيديهنّ‌ ، على الحق الموافق للشيخين والقاضي والفاضلين (٤) ، وأكثر المتأخّرين (٥) ، بل هو‌

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٢٣٦ ـ ١٠٣٠ ، الوسائل ١٨ : ٢٧٤ أبواب بيع الحيوان ب ٢٠ ح ٣.

(٢) قرب الإسناد : ١٠٣ ـ ٣٤٤ بتفاوت يسير ، الوسائل ١٨ : ٢٧٤ أبواب بيع الحيوان ب ٢٠ ح ٤.

(٣) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة المتن.

(٤) المفيد في المقنعة : ٥٢١ ، الطوسي في النهاية : ٤٨٤ ، حكاه عن القاضي في المختلف : ٥٣٤ ، المحقق في الشرائع ٢ : ٢٦٩ ، العلاّمة في القواعد ٢ : ٢.

(٥) منهم المحقّق الثاني في جامع المقاصد ١٢ : ٣١ ، الشهيد الثاني في الروضة ٥ : ٩٨ ، السبزواري في الكفاية : ١٥٣ ، صاحب الرياض ٢ : ٧٣.

٤١

المشهور ، كما صرّح به جماعة (١).

لرواية السكوني : « لا حرمة لنساء أهل الذمّة أن ينظر إلى شعورهنّ وأيديهنّ » (٢).

ويتعدّى إلى الوجه بعدم الفصل.

ورواية ابن صهيب : « لا بأس بالنظر إلى أهل تهامة والأعراب وأهل البوادي من أهل الذمّة والعلوج ، لأنّهنّ لا ينتهين إذا نهين » (٣).

والمتبادر من النظر إلى شخص : النظر إلى وجهه مع أنّه أقلّ ما يحتمل هنا.

ولفحوى مرسلة الفقيه : « إنّما كره النظر إلى عورة المسلم ، وأمّا النظر إلى عورة الذمّي ومن ليس بمسلم هو مثل النظر إلى عورة الحمار » (٤).

ومرسلة ابن أبي عمير : « النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل نظرك إلى عورة الحمار » (٥).

وضعفهما غير ضائر مع أنّه بما مرّ منجبر ، مضافا إلى أنّ الثانية ممّا صح عمّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنه.

خلافا للحلّي والمختلف (٦) ، لإطلاق قوله تعالى ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ

__________________

(١) كما في المسالك ١ : ٤٣٦ ، الكفاية : ١٥٣ ، الحدائق ٢٣ : ٥٨.

(٢) الكافي ٥ : ٥٢٤ ـ ١ ، الوسائل ٢٠ : ٢٠٥ أبواب مقدمات النكاح ب ١١٢ ح ١.

(٣) الكافي ٥ : ٥٢٤ ـ ١ ، الفقيه ٣ : ٣٠٠ ـ ١٤٣٨ ، العلل : ٥٦٥ ـ ١ ، الوسائل ٢٠ : ٢٠٦ أبواب مقدمات النكاح ب ١١٣ ح ١.

(٤) الفقيه ١ : ٦٣ ـ ٢٣٦ ، الوسائل ٢ : ٣٦ أبواب آداب الحمام ب ٦ ح ٢.

(٥) الكافي ٦ : ٥٠١ ـ ٢٧ ، الوسائل ٢ : ٣٥ أبواب آداب الحمام ب ٦ ح ١.

(٦) الحلي في السرائر ٢ : ٦١٠ ، المختلف : ٥٣٤.

٤٢

يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ ) (١).

ويجاب عنه : بأنّه مجمل ، ومع التسليم على الوجوب غير دالّ ، وعلى التسليم غايته العموم الواجب تخصيصه بما مرّ ، كغيره من العمومات.

ومقتضى المرسلتين : تجويز النظر إلى سائر جسدهنّ ، بل عوراتهنّ وعورات رجال الكفّار ، فتعارضان أدلّة المنع بالعموم المطلق أو من وجه ، الموجب للرجوع إلى الأصل ، مع اختصاص كثير منها ( سيّما الآية ) (٢) بالمؤمن أو المسلم ، إلاّ أنّي لم أعثر على مصرّح بالتجويز فيه ، فإن ثبت الإجماع وإلاّ فالظاهر الجواز.

ومنها : النظر إلى ما عدا العورة من المحارم اللاتي يحرم نكاحهنّ مؤبّدا بنسب أو رضاع أو مصاهرة ، والمراد بها : القبل والدبر.

أمّا في وجوههنّ وأكفّهنّ وأقدامهنّ فبالإجماع.

وأمّا في ما عدا ذلك فعلى الحقّ المشهور ، كما صرّح به جماعة (٣) ، بل قيل : إنّه مقطوع به في كلام الأصحاب ، بل حكي عن بعضهم عليه الإجماع (٤).

وقيل بالمنع ، وهو ظاهر التنقيح. إلاّ في الثدي حال الإرضاع (٥).

وقال ثالث بالإباحة في المحاسن خاصّة (٦) ، وفسّرها بمواضع الزينة.

__________________

(١) التوبة : ٣٠.

(٢) ما بين القوسين ليس في « ق ».

(٣) منهم صاحب الرياض ٢ : ٧٣.

(٤) كما في المفاتيح ٢ : ٣٧٣ وكشف اللثام ٢ : ٩.

(٥) التنقيح ٣ : ٢٢.

(٦) انظر الرياض ٢ : ٧٣.

٤٣

لرواية السكوني : « لا بأس أن ينظر الرجل إلى شعر امّه أو أخته أو بنته » (١).

ويتعدّى إلى سائر المحارم بالإجماع المركّب والأصل السالم عمّا يصلح للمعارضة ، إذ لم نعثر على مانع خاصّ أو عامّ يشمل مورد النزاع ، سوى المرويّين في العلل وعقاب الأعمال المتقدّمين (٢) ، المعارض في الشعر مع رواية السكوني بالعموم المطلق ، فيجب تخصيصهما بغير المحارم.

ومن تخصيص النساء والمرأة ـ اللتين أضاف إليهما الشعر فيهما ـ يلزم تخصيصهما ( في المشهور ) (٣) في ما أشبه الشعور ، لأنّه مقتضى التشبيه بقوله : « كذلك » وفي الضمير للجسد ، لأنّهما لمن تقدّم ، وهو مخصوص بغير المحرم.

وسوى حسنة هشام وصحيحة ابن السريّ المتقدّمتين أيضا (٤) ، ومرجع الضمير في أولاهما غير معلوم ، فلعلّه غير المحارم (٥) ، [ والثانية ] (٦) فيحتمل أن يكون المراد بالنظر فيها : النظر إلى الخلف والوجه ، ويكون قوله : « ينظر » بيانا للنظر ، ويصلح ذلك قرينة لإرادة المقيّد من النظر.

وعلى هذا فيكون النظر المحرّم في من لا يراد تزوّجها النظر إلى الخلف والوجه ، وحرمته في المحارم منتفية قطعا ، وإن احتمل إرادة المطلق أيضا ، ولكن لصلاحيّة جزئه الأخير لكونه قرينة للتقييد لا يحمل على‌

__________________

(١) الفقيه ٣ : ٣٠٤ ـ ١٤٦١ ، الوسائل ٢٠ : ١٩٣ أبواب مقدمات النكاح ب ١٠٤ ح ٧.

(٢) في ص : ٣٠.

(٣) ما بين القوسين ليس في « ق ».

(٤) في ص : ٣١.

(٥) في بعض النسخ زيادة : والعموم مخصوص بغير المحارم.

(٦) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة المتن.

٤٤

المطلق ، لعدم جريان أصالة الحقيقة فيه وإن لم يحمل على المقيّد أيضا.

هذا ، مضافا إلى احتمال آخر فيها ، وهو كون قوله : « إذا أراد » إلى آخره شرطا لما تأخّر عنه ، وهو قوله : « ينظر إلى خلفها ووجهها » ومفهومه حينئذ : أنّه إذا لم يرد لا ينظر ، وهو عن إفادة الحرمة قاصر.

وتؤيّد المطلوب ـ بل تدلّ على جملة منه ـ الآية ، وهي قوله تعالى : ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ ) إلى آخر الآية.

وما ورد في جواز تغسيل المحارم مجرّدات إلاّ أنّه يلقي على عورتهنّ خرقة (١).

دليل المانع : كونهنّ عورة ، خرج ما وقع الاتّفاق عليه ، فبقي الباقي ، وعموم المرويّين المتقدّمين.

قلنا : أيّ دليل على حرمة النظر على العورة بذلك المعنى على كلّ شخص حتّى المحارم؟! والعموم مخصوص بغير المحارم كما مرّ.

حجّة الثالث : الجمع بين الآية المتقدّمة وبين قوله تعالى ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ ).

والخبر المرويّ في تفسير القمّي في تفسير الزينة في الآية : « فهو الثياب والكحل والخاتم وخضاب الكفّ والسوار ، والزينة ثلاث : زينة للناس وزينة للمحرم وزينة للزوج ، فأمّا زينة الناس فقد ذكرناه ، وأمّا زينة المحرم فموضع القلادة فما فوقها والدملج وما دونه والخلخال وما أسفل منه ، وأمّا زينة الزوج فالجسد كلّه » (٢).

__________________

(١) الوسائل ٢ : ٥١٦ أبواب غسل الميت ب ٢٠.

(٢) تفسير القمي ٢ : ١٠١ ، مستدرك الوسائل ١٤ : ٢٧٤ أبواب مقدمات النكاح ب ٨٥ ح ٣. والدّملج : شي‌ء يشبه السوار تلبسه المرأة في عضدها ـ مجمع البحرين ٢ : ٣٠١.

٤٥

ويردّ الأول بمنع دلالة الآية الثانية على وجوب [ غضّ ] (١) النظر عن المحارم حتى يحتاج إلى الجمع.

والثاني بأن الخبر لا يدلّ إلاّ على أنّ موضع القلادة فما فوقها والدملج والخلخال وما دونهما زينة المحارم ، وأمّا أنّ ما عداها ليس زينة لهم فلا يدلّ عليه إلاّ بمفهوم اللقب ، الذي هو من أضعف المفاهيم.

نعم ، يدلّ التفصيل القاطع للشركة بين الزوج والمحرم أنّ الجسد كلّه ليس زينة للمحرم ولا كلام فيه ، لأنّ العورة من الجسد.

ومنها : النظر إلى وجه سائر النساء الأجنبيّات وأكفّهنّ‌ ، فإنّه يجوز ولو مكرّرا عند الشيخ في النهاية والتبيان وكتابي الحديث (٢) ، بل الكليني (٣) ، وجماعة من المتأخّرين (٤).

للآية بضميمة الروايات ، كالمرويّ في تفسير القمّي المتقدّم.

ورواية زرارة : في قول الله تعالى ( إِلاّ ما ظَهَرَ مِنْها ) قال : « الزينة الظاهرة : الكحل والخاتم » (٥).

وأبي بصير : عن قول الله عزّ وجلّ ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ ما ظَهَرَ مِنْها ) قال : « الخاتم والمسكة وهي القلب » (٦).

__________________

(١) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة المتن.

(٢) النهاية : ٤٨٤ ، التبيان ٧ : ٤٢٨ ـ ٤٢٩.

(٣) الكافي ٥ : ٥٢١.

(٤) منهم السبزواري في الكفاية : ١٥٣ ، الكاشاني في المفاتيح ٢ : ٣٧٥.

(٥) الكافي ٥ : ٥٢١ ـ ٣ ، الوسائل ٢٠ : ٢٠١ أبواب مقدمات النكاح ب ١٠٩ ح ٣.

(٦) الكافي ٥ : ٥٢١ ـ ٤ ، الوسائل ٢٠ : ٢٠١ أبواب مقدمات النكاح ب ١٠٩ ح ٤.

٤٦

والقلب بالضمّ : السوار.

والمرويّ في قرب الإسناد : سئل عمّا تظهر المرأة من زينتها ، قال : « الوجه والكفّان » (١).

ولصحيحة علي المتقدّمة في صدر المسألة (٢).

ورواية مروك : ما يحلّ للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرما؟ قال : « الوجه والكفّان والقدمان » (٣).

ورواية جابر عن أبي جعفر عليه‌السلام ، عن جابر الأنصاري : « قال : خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يريد فاطمة وأنا معه فلمّا انتهينا إلى الباب وضع يده عليه فدفعه ثمَّ قال : السلام عليكم ، فقالت فاطمة : عليك السلام يا رسول الله ، قال : أدخل؟ قالت : ادخل يا رسول الله ، قال : أدخل ومن معي؟ فقالت : يا رسول الله ليس عليّ قناع ، فقال : يا فاطمة خذي فضل ملحفتك فتقنّعي به رأسك ، ففعلت ، ثمَّ قال : السلام عليكم ، قالت : وعليك السلام يا رسول الله ، قال : أدخل؟ قالت : نعم يا رسول الله ، قال : أنا ومن معي؟ قالت : ومن معك ، قال جابر : فدخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودخلت وإذا وجه فاطمة عليها‌السلام أصفر كأنّه بطن جرادة » إلى أن قال : « قال جابر : فو الله لنظرت إلى الدم ينحدر من قصاصها حتى عاد وجهها أحمر » (٤).

__________________

(١) قرب الاسناد : ٨٢ ـ ٢٧٠ ، الوسائل ٢٠ : ٢٠٢ أبواب مقدمات النكاح ب ١٠٩ ح ٥.

(٢) في ص : ٣٢.

(٣) الكافي ٥ : ٥٢١ ـ ٢ ، الخصال : ٣٠٢ ـ ٧٨ ، الوسائل ٢٠ : ٢٠١ أبواب مقدمات النكاح ب ١٠٩ ح ٢.

(٤) الكافي ٥ : ٥٢٨ ـ ٥ ، الوسائل ٢٠ : ٢١٥ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢٠ ح ٣.

٤٧

ورواية داود بن فرقد : عن المرأة تموت مع رجال ليس فيهم ذو محرم هل يغسّلونها وعليها ثيابها؟ فقال : « إذا يدخل ذلك عليهم ولكن يغسّلون كفّيها » (١).

ونحوها رواية أبي سعيد : في المرأة إذا ماتت مع قوم ليس لها فيهم محرم ـ إلى أن قال ـ : فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « بل يحلّ لهنّ أن يمسسن منه ما كان يحلّ لهنّ أن ينظرن منه إليه وهو حيّ » الحديث (٢).

دلّت على حلّية النظر على بعض أعضائه ، ولا أقلّ من الوجه والكفّين إجماعا.

ورواية مفضّل : في المرأة تكون في السفر مع رجال ليس فيهم لها ذو محرم ولا فيهم امرأة ، فتموت المرأة ، ما يصنع بها؟ قال : « يغسّل منها ما أوجب الله عليه التيمّم ولا يمسّ ولا يكشف شي‌ء من محاسنها التي أمر الله بسترها » ، فقلت : كيف يصنع بها؟ قال : « يغسّل بطن كفّيها ثمَّ يغسّل وجهها ثمَّ يغسّل ظهر كفّيها » (٣).

ولا يعارض تلك الأخبار ما نطق بانتفاء الغسل عنها ، لأنّ ما أمر به ليس غسلا وإنّما هو غسل بعض المواضع.

واشتمال بعض تلك على ما لا يجوز النظر إليه إجماعا ـ كالقدمين‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٥٧ ـ ٥ ، الفقيه ١ : ٩٣ ـ ٤٢٨ ، التهذيب ١ : ٤٤٢ ـ ١٤٢٨ ، الاستبصار ١ : ٢٠٢ ـ ٧١٣ ، الوسائل ٢ : ٥٢٣ أبواب غسل الميت ب ٢٢ ح ٢.

(٢) التهذيب ١ : ٣٤٢ ـ ١٠٠١ ، الاستبصار ١ : ٢٠٤ ـ ٧٢١ ، الوسائل ٢ : ٥٢٥ أبواب غسل الميت ب ٢٢ ح ١٠.

(٣) الكافي ٣ : ١٥٩ ـ ١٣ ، الفقيه ١ : ٩٥ ـ ٤٣٨ ، التهذيب ١ : ٣٤٢ ـ ١٠٠٢ ، الوسائل ٢ : ٥٢٢ أبواب غسل الميت ب ٢٢ ح ١.

٤٨

وموضع السوار ـ غير قادح ، إذ خروج بعض خبر بدليل لا يوهن في غيره ، كما أنّ ضعف بعض تلك الأخبار سندا لا يخرجها عن الحجيّة عندنا ، سيّما مع انجبارها باشتهار الجواز ولو في الجملة ، أي مرّة.

وتؤيّد المطلوب الأخبار المتضمّنة لرؤية سلمان يدي سيّدة النساء دامية عند إدارة الرحى (١).

ونحو ذلك فحاوي أخبار كثيرة واردة في أبواب النظر إلى النسوة ، المتضمّنة لحكمه منعا وجوازا وسؤالا وجوابا ، من جهة كون محطّ الحكم فيها بطرفيه هو الشعر والرأس والذراعان ، وبالجملة ما عدا الوجه والكفّين مع أنّها أولى ببيان الحكم ، لشدّة الابتلاء به ، فالسكوت عن حكمها مطلقا كاشف عن وضوح حكمها من الجواز ، وإلاّ لكان حكم المنع فيها أخفى.

وتؤيّده أيضا الأخبار الواردة في باب ما يجوز أن تلبسه المحرمة من كتاب الحجّ (٢) ، المصرّحة بكشف الوجه ، المستلزم لرؤية غير المحارم لها ، وفي بعضها كشف الإمام بنفسه عن وجه امرأة ستره بمروحة ، بل قد يجعل ذلك دليلا ، ولكن فيه جواز كون المرأة محرما له عليه‌السلام ، إذ لا عموم فيها ولا إطلاق.

فالاستدلال به ضعيف ، كالاستدلال بصحيحة ابن سويد : إنّي مبتلى بالنظر إلى المرأة الجميلة فيعجبني النظر إليها ، فقال : « يا علي ، لا بأس إذا عرف الله من نيّتك الصدق » (٣).

__________________

(١) بحار الأنوار ٤٣ : ٢٨ ـ ٣٣.

(٢) الوسائل ١١ : ٤٩٣ أبواب تروك الإحرام ب ٤٨.

(٣) الكافي ٥ : ٥٤٢ ـ ٦ ، الوسائل ٢٠ : ٣٠٨ أبواب النكاح المحرم ب ١ ح ٣.

٤٩

فإنّ الظاهر من الابتلاء : الاضطرار إليه وعدم إمكان التحرّز ، وقد يحمل على الاتّفاقي أيضا.

ثمَّ بما ذكرنا من الأدلّة تخصّص أصالة الحرمة المتقدّمة ، لأنّ دليلها في غير العورة عام بالنسبة إليها ، إذ ليس إلاّ روايتي العلل وعقاب الأعمال (١) ، وعمومهما ظاهر ، وصحيحة ابن السريّ (٢) ، والنظر فيها أيضا يحتمل الإطلاق وإن احتمل إرادة النظر إلى الخلف والوجه بقرينة ما بعده ، ولكنّه ليس قرينة صارفة لا يتعيّن معها الحمل على الحقيقة. هذا ، مع احتمال آخر فيها قد مرّ يسقط به الاحتجاج على الحرمة.

مع أنّ في دلالة الروايتين أيضا نظرا ، لإمكان منع كون الوجه والكفّين ممّا أشبه الشعور ، وظهور الجسد في غيرها.

مضافا إلى أنّه لو قطع النظر عن جميع ذلك وقلنا بالتعارض يجب تقديم أدلّتنا ، لموافقة ظاهر الكتاب.

وعلى هذا ، فيبقى الأصل الأول ـ وهو الإباحة ـ خاليا عن المعارض بالمرّة ، فيكون هو دليلا مستقلاّ على المطلوب ، فالمسألة بحمد الله واضحة.

خلافا لمن حرّمه مطلقا ، وهو المحكيّ عن التذكرة والإيضاح (٣) ، ومال إليه الفاضل الهندي (٤).

لخوف الفتنة.

__________________

(١) المتقدمتين في ص : ٣٠.

(٢) المتقدمة في ص : ٣١.

(٣) التذكرة ٢ : ٥٧٣ ، الإيضاح ٣ : ٦.

(٤) كشف اللثام ٢ : ٩.

٥٠

وإطلاق الأمر بالغضّ والنهي عن إبداء الزينة إلاّ للمحارم.

والأخبار المانعة المتقدّمة.

والإطباق في الأعصار على المنع من خروجهنّ سافرات ، أو إنّما يخرجن مستترات.

وصرف النبيّ وجه الفضل عن الخثعميّة (١).

وبعض وجوه اعتباريّة ضعيفة أخر.

وردّ الأول بالمنع على سبيل الإطلاق ، ولو سلّم فلا يوجب الحرمة.

والثاني بإجمال الآية ، ولو سلّمت دلالته فهو ـ كالثالث ـ مقيّد بقوله : ( إِلاّ ما ظَهَرَ ).

والقول ـ بعدم تعيّن ما ظهر ـ مردود بما ظهر من الخبر الذي ضعفه ـ لو كان ـ قد انجبر ، مع انّه على فرض عدم التعيّن يكون مجملا ، فخصّ به الإطلاقان ، والمخصّص بالمجمل ليس بحجّة.

والرابع بما مرّ من عدم دلالة الأخبار ووجود المعارض الأقوى.

والخامس بمخالفته الوجدان والعيان ، لأنّ الناس في ذلك مختلفة في الأمكنة والأزمان ، مع احتمال استناده إلى الغيرة أو الاحتجاب عن الناظر بشهوة.

والسادس بعدم الدلالة لو لم يدلّ على الخلاف.

ولمن حرّم الزائد على النظر مرّة واحدة ، أي في وقت واحد عرفا ، وهو المحقّق والفاضل في أكثر كتبه (٢) ، وجمع آخر (٣).

__________________

(١) كما في سنن النسائي ٥ : ١١٨.

(٢) المحقق في الشرائع ٢ : ٢٦٩ ، الفاضل في القواعد ٢ : ٣ والتحرير ٢ : ٣.

(٣) سنن أبي داود ٢ : ٢٤٦ ـ ٢١٤٩ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٩٨ ، مسند أحمد ٥ : ٣٥٧.

٥١

للنبويّ : « لا تتبع النظرة النظرة ، فإنّ الأولى لك والثانية عليك » (١).

ومرسلة الفقيه : « لك أول نظرة والثانية عليك ولا لك » (٢).

والأخرى : « النظرة لك والثانية عليك والثالثة فيها الهلاك » (٣).

وحسنة الكاهلي : « النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة ، وكفى بها لصاحبها فتنة » (٤).

والجواب عنها ـ مضافا إلى عدم صراحتها في التحريم ـ : إنّ النظرة فيها مجملة ، فلعل المراد من النظرة الأولى : الاتفاقية الواقعة على ما يحرم النظر إليه ممّا عدا الوجه والكفين.

ثمَّ إنّ ما ذكر إنّما هو في الحرائر.

وأمّا الإماء ، فالحكم فيهنّ أظهر.

لاختصاصهنّ ببعض الأخبار أيضا (٥) ، ولذا جوّز النظر إليهنّ بعض من لم يجوّزه في الحرائر ، كالتذكرة (٦).

ومنها : نظر المملوك ولو كان فحلا إلى مالكته.

__________________

(١) كالشهيدين في اللمعة والروضة البهية ٥ : ٩٩.

(٢) الفقيه ٤ : ١١ ـ ٤ ، الوسائل ٢٠ : ١٩٤ أبواب مقدمات النكاح ب ١٠٤ ح ١٣.

(٣) الفقيه ٣ : ٣٠٤ ـ ١٤٦٠ ، الوسائل ٢٠ : ١٩٣ أبواب مقدمات النكاح ب ١٠٤ ح ٨.

(٤) الفقيه ٤ : ١١ ـ ٣ ، الوسائل ٢٠ : ١٩٢ أبواب مقدمات النكاح ب ١٠٤ ح ٦.

(٥) الوسائل ٢٠ : ٢٠٧ أبواب مقدمات النكاح ب ١١٤.

(٦) التذكرة ٢ : ٥٧٤.

٥٢

لقوله سبحانه ( أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ ) (١).

وقوله تعالى ( لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) إلى قوله : ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوّافُونَ عَلَيْكُمْ ) (٢).

حكي عن المبسوط الميل إليه (٣) ، ويظهر من بعض المتأخّرين الميل إليه أيضا (٤).

فإن كان الكلام فيه في نظره إلى الوجه والكفّين فيظهر ممّا ذكر في غير المملوك وجه الجواز ، بل هو أولى ، لخصوص الروايات من الصحاح وغيرها ، كروايات البصري وابن عمّار والهاشمي ومرسلة الكافي ورواية الفضيل ، وأكثرها صحيحة.

إحداها : المملوك يرى شعر مولاته ، قال : « لا بأس » (٥).

والأخرى : « لا بأس أن يرى المملوك الشعر والساق » (٦).

والثالثة : المملوك يرى شعر مولاته وساقها ، قال : « لا بأس » (٧).

والرابعة في المملوك : « لا بأس أن ينظر إلى شعرها إذا كان مأمونا » (٨).

__________________

(١) النور : ٣١.

(٢) النور : ٥٨.

(٣) المبسوط ٤ : ١٦١.

(٤) كما في جامع المقاصد ١٢ : ٣٧ ، كشف اللثام ٢ : ٩.

(٥) الكافي ٥ : ٥٣١ ـ ١ ، الوسائل ٢٠ : ٢٢٤ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢٤ ح ٤.

(٦) الكافي ٥ : ٥٣١ ـ ٢ ، الوسائل ٢٠ : ٢٢٤ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢٤ ح ٥.

(٧) الكافي ٥ : ٥٣١ ـ ٣ ، الوسائل ٢٠ : ٢٢٣ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢٤ ح ٣.

(٨) الكافي ٥ : ٥٣١ ـ ذ. ح ٤ ، الوسائل ٢٠ : ٢٢٣ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢٤ ح ٢.

٥٣

والخامسة : عن المرأة هل يحلّ لزوجها التعرّي والغسل بين يدي خادمها؟ قال : « لا بأس ما أحلّت له من ذلك ما لم يتعدّه » (١).

هذا إذا جعل : « لزوجها » متعلّقا بـ « التعرّي » أي تعرّي الزوجة لزوجها وغسلها بين يدي خادمها ، ولو جعل متعلّقا بقوله : « يحل » أي تعرّي الزوج وغسله ، ويكون المراد بالخادم : الأمة ، يخرج عن المسألة.

السادسة : في قول الله عزّ وجلّ ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ ) إلى أن قال : « هم المملوكون من الرجال والنساء » إلى أن قال : « يدخل مملوككم وغلمانكم من بعد هذه الثلاث عورات بغير إذن إن شاءوا » (٢).

وروى الشيخ في المبسوط وغيره : أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتى فاطمة بعبد قد [ وهبه لها ] وعلى فاطمة ثوب إذا قنّعت رأسها لم يبلغ رجليها وإذا غطّت به رجليها لم يبلغ رأسها فلما رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما تلقى ، قال : إنّه ليس عليك بأس إنّما هو أبوك وغلامك » (٣).

وهي وإن لم تتضمّن الوجه والكف ، إلاّ أنّها تدلّ عليهما بالطريق الأولى وعدم الفصل.

وأمّا صحيحة ابني عمّار ويعقوب : « لا يحلّ للمرأة أن ينظر عبدها إلى شي‌ء من جسدها إلاّ إلى شعرها غير متعمّد لذلك » (٤).

فلا تمنع من النظر إلى الوجه والكفّين ، لأنّ الظاهر أنّ المراد من‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٣٧٢ ـ ١١٣٩ ، الوسائل ٢ : ٣٦ أبواب آداب الحمام ب ٧ ح ١.

(٢) الكافي ٥ : ٥٣٠ ـ ٤ ، الوسائل ٢٠ : ٢١٧ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢١ ح ٢.

(٣) المبسوط ٤ : ١٦١ ، التذكرة ٢ : ٥٧٤ ، سنن البيهقي ٧ : ٩٥ ، وبدل ما بين المعقوفين في النسخ : وهبها ، والصحيح ما أثبتناه من المصادر.

(٤) الكافي ٥ : ٥٣١ ـ ٤ ، الوسائل ٢٠ : ٢٢٣ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢٤ ح ١.

٥٤

الجسد غيرهما.

وإن كان الكلام في محرميّته ، حتى يجوز له النظر إلى ما يجوز للمحارم ، كما يستفاد كون الكلام فيها من الخلاف والمبسوط والسرائر والتذكرة (١) ، حيث جعلوا الخلاف في محرميّته ، ففي الخلاف : الإجماع على العدم ، وفي المبسوط : أنّه الأشبه بالمذهب ، فإن ثبت الإجماع المدّعى فهو ، وإلاّ فالآيتان والأخبار المتقدّمة بين صريحة وظاهرة في الجواز.

ولا معارض لها سوى صحيحة ابني عمّار ويعقوب المتقدّمة ، ورواية الصيقل : عن كشف الرأس بين يدي الخادم ، وقالت له : إنّ شيعتك اختلفوا عليّ في ذلك ، فقال بعضهم : لا بأس ، وقال بعضهم : لا يحلّ ، فكتب : « سألت عن كشف الرأس بين يدي الخادم ، لا تكشفي رأسك بين يديه ، فإنّ ذلك مكروه » (٢).

حيث إنّ الظاهر أنّ المراد بالخادم فيها : المملوك ، إذ لا اختلاف في غيره. ولا ينافي قوله : « مكروه » الحرمة ، لأنّ الكراهة في اللغة أعمّ من الحرمة ، فلا يخرج به النهي عن حقيقته.

وهما مرجوحان بالنسبة إلى ما تقدّم ، لاستفاضته ، واشتماله على الصحاح ، وموافقته لآيتين من الكتاب ـ وما قيل من أنّ المراد بقوله ( أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ ) الإماء (٣) لم يثبت ـ بل مخالفته لأكثر العامّة ، لأنّ‌

__________________

(١) الخلاف ٤ : ٢٤٩ ، المبسوط ٤ : ١٦١ ، السرائر ٢ : ٦٠٩ ، التذكرة ٢ : ٥٧٤.

(٢) التهذيب ٧ : ٤٥٧ ـ ١٨٢٨ ، الوسائل ٢٠ : ٢٢٤ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢٤ ح ٧.

(٣) كما في التبيان ٧ : ٤٣٠ ، مجمع البيان ٤ : ١٣٨ ، الشرائع ٢ : ٢٦٩.

٥٥

مذهب أبي حنيفة (١) وأحد قولي الشافعي (٢) وأحمد (٣) عدم المحرميّة.

إلاّ أنّه يمكن أن يقال : إنّ الترجيح بهذه الأمور إنّما ثبت بالعمومات ، والمرجّح هنا خاصّ ، وهو رواية الصيقل المصرّحة بتقديم رواية الحرمة ، فلا مناص عن ترجيحها ، مع أنّ الآيتين غير صريحتين في الجواز.

أمّا الأولى ، فلما في الخلاف والمبسوط والسرائر أنّه روى أصحابنا أنّ المراد بـ ( ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ ) : الإماء (٤) ، ومع ذلك لا يكون ظاهرا في العموم ، لأنّ قولهم بمنزلة رواية مرسلة منجبر ضعفها بالشهرة والعمل.

وأمّا الثانية ، فلعدم صراحتها في النظر ، مع أنّ الظاهر انعقاد إجماعنا على عدم المحرميّة ، فالقول بالمنع ـ سيّما في غير الشعر والساق ـ أظهر.

ومنها : نظر الخصيّ إلى غير محارمه‌ ، فإنّ فيه خلافا بين أصحابنا : فالإسكافي جوّزه مطلقا (٥) ، حرّا كان الخصيّ أو مملوكا ، مالكته كانت المنظور إليه أو غيرها. وقوّاه طائفة من المتأخّرين ، منهم : صاحب الكفاية (٦).

وخصّ في المختلف (٧) جواز نظر المملوك منه إلى مالكته ، وقوّاه المحقّق الثاني (٨).

__________________

(١) انظر التفسير الكبير ٢٣ : ٢٠٧ وتفسير روح المعاني ١٨ : ١٤٣.

(٢) كما في تفسير روح المعاني ١٨ : ١٤٣.

(٣) انظر المغني والشرح الكبير على متن المقنع ٧ : ٤٥٧.

(٤) الخلاف ٤ : ٢٤٩ ، ٢٥٠ ، المبسوط ٤ : ١٦١ ، السرائر ٢ : ٦١٠.

(٥) حكاه عنه في المختلف : ٥٣٤.

(٦) كفاية الأحكام : ١٥٤.

(٧) المختلف : ٥٣٤.

(٨) جامع المقاصد ١٢ : ٣٨.

٥٦

ومنع الشيخ في الخلاف (١) والحلّي والمحقّق (٢) والفاضل في التذكرة (٣) والصيمري عن نظره مطلقا.

واستشكل في التحرير (٤).

والكلام هنا أيضا كما في المسألة السابقة : فإن كان في النظر إلى الوجه والكفّين فالجواز ظاهر ، لما مرّ بلا معارض.

وإن كان فيما يجوز للمحارم النظر إليه فالحقّ المنع ، لما أثبتنا من أصالة الحرمة ، مضافا إلى الاستصحاب.

وفي غير مالكته إلى رواية النخعي : عن أمّ الولد هل يصلح أن ينظر إليها خصيّ مولاها وهي تغتسل؟ قال : « لا يحلّ ذلك » (٥).

محمّد بن إسحاق : يكون لرجل الخصيّ يدخل على نسائه فينا ولهنّ الوضوء فيرى شعورهن ، قال : « لا » (٦).

دليل الجواز : قوله تعالى ( غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ ) (٧).

وعمومات الجواز في المملوك (٨).

__________________

(١) الخلاف ٤ : ٢٤٩.

(٢) الحلي في السرائر ٢ : ٦٠٩ ، المحقق في الشرائع ٢ : ٢٦٩.

(٣) التذكرة ٢ : ٥٧٤.

(٤) التحرير ٢ : ٣.

(٥) الكافي ٥ : ٥٣٢ ـ ١ ، الوسائل ٢٠ : ٢٢٥ أبواب مقدمات النكاح ب ٢٥ ح ١.

(٦) الكافي ٥ : ٥٣٢ ـ ٢ ، الفقيه ٣ : ٣٠٠ ـ ١٤٣٤ ، التهذيب ٧ : ٤٨٠ ـ ١٩٢٥ ، الاستبصار ٣ : ٢٥٢ ، ـ ٩٠٢ ، الوسائل ٢٠ : ٢٢٦ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢٥ ح ٢.

(٧) النور : ٣١.

(٨) الوسائل ٢٠ : ٢٢٣ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢٤.

٥٧

وخصوص صحيحة ابن بزيع : عن قناع الحرائر من الخصيان ، فقال : « كانوا يدخلون على بنات أبي الحسن ولا يتقنّعن » قلت : فكانوا أحرارا؟ قال : « لا » قلت : فالأحرار يتقنّع منهم؟ قال : « لا » (١).

والجواب عن الأول بعدم ثبوت كون ( أُولِي الْإِرْبَةِ ) شاملا لما نحن فيه ، فإنّه فسّر بمعنى لا يشمله كما يأتي.

وعن الثاني بأخصّيته عن المدّعى ، مضافا إلى ما مرّ من عدم انتهاضه لإثبات المطلوب في الخاصّ أيضا.

وعن الثالث بمعارضته مع ما مرّ ، وترجيح ما مرّ بمخالفته لما عليه سلاطين العامّة ، وموافقته للتقيّة ، كما يشعر به ما في حديث آخر : أنّه لمّا سئل عن هذه فقال : « أمسك عن هذا » (٢) وفي قوله : « كانوا يدخلون » إيماء إلى ذلك أيضا.

مع أنّ الخصيان في الصحيحة يحتمل الصغار منهم أيضا ، ولا عموم فيها ولا إطلاق.

فروع :

أ : الظاهر عدم الخلاف في تحريم مسّ ما يحرم النظر إليه من المرأة للرجل ، ومن الرجل للمرأة.

__________________

(١) الكافي ٥ : ٥٣٢ ـ ٣ ، التهذيب ٧ : ٤٨٠ ـ ١٩٢٦ ، الاستبصار ٣ : ٢٥٢ ـ ٩٠٣ ، عيون أخبار الرضا عليه‌السلام ٢ : ١٨ ، الوسائل ٢٠ : ٢٢٦ أبواب مقدمات النكاح ب ٣١٢٥.

(٢) التهذيب ٧ : ٤٨٠ ـ ١٩٢٧ ، الوسائل ٢٠ : ٢٢٧ أبواب مقدمات النكاح ب ١٢٥ ح ٦.

٥٨

وتدلّ عليه أيضا العلّة المنصوصة المتقدّمة في رواية العلل (١).

بل التهيّج في المسّ أقوى منه في النظر.

وقوله عليه‌السلام في رواية أبي سعيد المتقدّمة صدرها ، قال بعد ما مرّ : « فإذا بلغن الموضع الذي لا يحلّ لهنّ النظر إليه ولا مسّه وهو حيّ صببن الماء عليه صبّا » (٢).

فإنّ المستفاد منه مع صدرها : أنّ كلّما [ لا ] (٣) يحل النظر إليه لا يحلّ مسه.

ويؤيّده قوله عليه‌السلام في رواية زيد بن عليّ في تغسيل النساء الغير المحارم للرجل : « ولا يلمسنه بأيديهنّ » (٤).

وفي رواية مفضّل في عكسه : « ولا يمسّ ولا يكشف شي‌ء من محاسنها التي أمر الله بسترها » (٥).

وأمّا ما يجوز النظر إليه ، فإن كان من المحارم فيجوز مسّه ، للأصل ، ويومئ إليه بعض الأخبار أيضا (٦). وإن كان من غيرهم فمقتضى العلّة المتقدّمة ـ الخالية عن المعارض فيه ـ الحرمة.

__________________

(١) المتقدمة في ص : ٣٠.

(٢) التهذيب ٧ : ٣٤٢ ـ ١٠٠١ ، الاستبصار ١ : ٢٠٤ ـ ٧٢١ ، الوسائل ٢ : ٥٢٥ أبواب غسل الميت ب ٢٢ ح ١٠.

(٣) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة المتن.

(٤) التهذيب ١ : ٣٤٢ ـ ١٠٠٠ ، الاستبصار ١ : ٢٠١ ـ ٧١١ ، الوسائل ٢ : ٥٢٣ أبواب غسل الميت ب ٢٢ ح ٣.

(٥) الفقيه ١ : ٩٥ ـ ٤٣٨ ، التهذيب ١٠ : ٣٤٢ ـ ١٠٠٢ ، الاستبصار ١ : ٢٠٠ ـ ٧٠٥ ، الوسائل ٢ : ٥٢٢ أبواب غسل الميت ب ٢٢ ح ١.

(٦) الوسائل ٢٠ : ٢٠٧ أبواب مقدمات النكاح ب ١١٥.

٥٩

ويدلّ عليه أيضا النهي عن مصافحة غير المحارم :

ففي موثّقة سماعة : « لا يحلّ للرجل أن يصافح المرأة إلاّ مرأة يحرم عليه أن يتزوّجها » (١).

وفي حديث المناهي : « من صافح امرأة تحرم عليه فقد باء بغضب من الله عزّ وجلّ » (٢).

وحمله في المفاتيح على المصافحة بشهوة ، ولا حامل له ، فإطلاق الحرمة أظهر.

ب : الظاهر جواز النظر إلى كلّ ما لا يجوز النظر إليه في المرآة والماء ونحوهما ، لانصراف النظر إلى الشائع والمتعارف ، ولعدم العلم بكونه نظرا إلى المرء والمرأة ، لجواز كون الرؤية فيهما بالانطباع.

وكذا يجوز النظر إلى الصور المنقوشة وإلى عورات البهائم.

كلّ ذلك للأصل.

ج : يجوز النظر إلى وجوه البرزة اللاتي لا يتستّرن ولا ينتهين إذا نهين.

للعلّة المنصوصة في رواية ابن صهيب المتقدّمة (٣).

د : كلّ ما ذكر فيه جواز النظر فقد قيّده الأكثر بعدم التلذّذ والريبة. المفسّرة تارة : بما يخطر بالبال من المفاسد.

واخرى : بخوف الوقوع في المحرّم.

__________________

(١) الكافي ٥ : ٥٢٥ ـ ١ ، الوسائل ٢٠ : ٢٠٨ أبواب مقدمات النكاح ب ١١٥ ح ٢.

(٢) الفقيه ٤ : ٨ ـ ١ ، الوسائل ٢٠ : ١٩٥ أبواب مقدمات النكاح ب ١٠٥ ح ١.

(٣) في ص : ٤٢.

٦٠