مستند الشّيعة - ج ١٦

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي

مستند الشّيعة - ج ١٦

المؤلف:

أحمد بن محمّد مهدي النّراقي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-125-7
ISBN الدورة:
964-5503-75-2

الصفحات: ٣٥٧

خبر سعدان (١) يصير قرينة على أنّ المراد بالبأس هو الكراهة.

وعلى هذا ، فلا يكون تعارض بين الأخبار ، ولا وجه لرفع اليد عن أحد القسمين ، بل يجب العمل بكليهما ، فيحكم باستقلال كلّ منهما.

لا يقال : إنّ بضمّ الإجماع المركّب مع كلّ منهما يصير معارضا مع الآخر ، وحاصله : أنّ القول باستقلال أحدهما لا يجتمع مع استقلال الآخر بالإجماع المركّب.

قلنا : من أين نعلم الإجماع على ذلك ومتى نسلّمه ، كيف؟! وكلام الفقيه (٢) لا يدلّ إلاّ على جواز نكاح الأب والجدّ على الباكرة وثبوت ولا يتهما لها ، ولا يدلّ على عدم جواز نكاحها أصلا ، فإنّه في مقام تعداد الأولياء لا في مقام بيان حكم البنت ، فلعلّه يرى استقلال البنت أيضا.

وكذا التهذيب (٣) ، بل وكلام كثير من الفقهاء الذين لم يذكروا إلاّ أحد طرفي المسألة ، فإنّه يمكن أن يكون قائلا باستقلال كلّ منهما وذكر أحدهما ردّا على من لا يجوز نكاحه.

ويظهر من الوافي أيضا هذا القول (٤) ، حيث حمل روايات الطرفين على الرخصة.

ولا يتوهّم أنّ موثّقة صفوان المتقدّمة (٥) تدلّ على التشريك فينفى استقلال كلّ منهما.

لأنّها لا تدلّ على أزيد من جواز نكاح الأب ، لأنّ « أفعل » فيها ليس‌

__________________

(١) المتقدم في ص : ١٠٨.

(٢) الفقيه ٣ : ٢٥٠ ـ ذ. ح ٤.

(٣) التهذيب ٧ : ٣٨٤.

(٤) الوافي ٢١ : ٤١٠.

(٥) في ص : ١١٩.

١٢١

للوجوب قطعا ، ورجحان كون ذلك برضا البنت ، لأنّ الجملة الخبريّة لا تفيد أزيد منه ، وقوله : « إنّ لها نصيبا أو حظّا » لا يدلّ على أزيد من إثبات حظّ لها ، فيمكن أن يكون هو القدر الذي يقتضي رجحان الاستئذان منها ، أو جواز نكاحها أيضا.

ومن ذلك يظهر دليل القول بالتشريك وجوابه أيضا ، واحتجّ له في الغنية بطريقة الاحتياط (١).

وجوابه : أنّه ليس بواجب.

ثمَّ بما ذكرنا يظهر الحكم في النكاح المنقطع وأنّه جواز نكاح كلّ منهما.

لما مرّ بعينه.

مضافا في جواز نكاحها فيه إلى مرسلة القمّاط (٢) وحسنة الحلبي (٣).

وفي جواز نكاحه إلى مفهوم الاستثناء في رواية أبي مريم : « العذراء التي لها أب لا تتزوّج إلاّ بإذن أبيها » (٤).

وكذا يظهر حكم الجدّ ، وهو جواز نكاحه أيضا.

لما مرّ من صحيحة هشام وموثّقة عبيد ورواية السكوني (٥).

__________________

(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٩.

(٢) التهذيب ٧ : ٢٥٤ ـ ١٠٩٧ ، الاستبصار ٣ : ١٤٥ ـ ٥٢٥ ، الوسائل ٢١ : ٣٣ أبواب المتعة ب ١١ ح ٦.

(٣) التهذيب ٧ : ٢٥٤ ـ ١٠٩٨ ، الاستبصار ٣ : ١٤٥ ـ ٥٢٦ ، الوسائل ٢١ : ٣٤ أبواب المتعة ب ١١ ح ٩.

(٤) الفقيه ٣ : ٢٩٣ ـ ١٣٩٤ ، التهذيب ٧ : ٢٥٤ ـ ١٠٩٩ ، الاستبصار ٣ : ١٤٥ ـ ٥٢٧ ، الوسائل ٢١ : ٣٥ أبواب المتعة ب ١١ ح ١٢ ، وفي الجميع : لا تتزوج متعة.

(٥) المتقدمة جميعا في ص : ١١٧.

١٢٢

فروع :

أ : لو ذهبت بكارتها بغير الوطء فحكمها حكم البكر.

للاستصحاب.

ولإمكان صدق الباكرة عليها ، لأنّها من لم تمسّ.

ولعدم صدق الثيّب ، لأنّها من تزوّجت.

ومنه يظهر الحكم فيمن ذهبت بكارتها بالزنا أيضا ، فتكون ولاية الأب باقية عليها.

لعدم معلوميّة صدق الثيّب فيستصحب الحكم ، مع أنّ في بعض الأخبار المتقدّمة تعليق الحكم بانتفاء الولاية على النكاح والتزويج.

ولو تزوّجت ومات زوجها أو طلّقها قبل الوطء لم تسقط الولاية.

للإجماع.

وصدق الباكرة والجارية.

ب : لو عضلها الوليّ ـ أي منعها ـ فلم يزوّجها من الأكفّاء مع رغبتها ، فالمعروف من مذهب الأصحاب استقلالها وسقوط ولايته على القول بانفراده بالاستقلال ، بل في الخلاف والنافع والتذكرة والقواعد (١) وغيرها (٢) : الإجماع عليه ، والظاهر كونه إجماعيّا ، وهو الحجّة عليه.

لا ما ذكره في شرح المفاتيح وغيره (٣) من انتفاء العسر والحرج والضرر ، لأخصّيّته من المدّعى ، ولإمكان دفع العسر بمراجعة الحكم مع‌

__________________

(١) الخلاف ٤ : ٢٧٩ ، النافع : ١٧٣ ، التذكرة ٢ : ٥٨٥ ، القواعد ٢ : ٦.

(٢) كالغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٩.

(٣) كالرياض ٢ : ٨٠.

١٢٣

وجوده وعدول المسلمين مع عدمه.

وعلى هذا ، فاللاّزم الاقتصار على موضع الإجماع ، وهو ما إذا لم يزوّجها ويدعها معطّلة ، كما يستفاد من بعض العبارات ، حيث عبّر بالمنع من الأكفّاء (١) لا مجرّد أن لا يزوّجها من كفو أو كفوين لأجل التزويج بعده بغيره.

إلاّ أنّه يمكن أن يقال : إنّك قد عرفت أنّ غاية ما تدلّ عليه أخبار استقلال الأب هو : جواز نكاحه لا عدم جواز نكاحها ، ولو قيل به لكان للإجماع المركّب ، وهو في صورة العضل مطلقا غير ثابت ، فلها التزويج معه مطلقا.

ج : ذكر الشيخ في الخلاف (٢) وبعض آخر (٣) : أنّ الغيبة المنقطعة للأب بحكم العضل ، فيجوز لها تزويج نفسها.

وقد يستدلّ له بنفي العسر والحرج.

وقد عرفت ما فيه.

فالأولى الاستدلال له بما ذكرنا من انتفاء الإجماع المركّب الدالّ على عدم جواز نكاحها على القول باستقلاله.

المسألة الخامسة : لا ولاية في النكاح لأحد على أحد ، سوى الأب والجدّ له والمولى والحاكم والوصي ، إجماعا منّا محقّقا ، ومحكيّا مستفيضا في غير الامّ والجدّ لها (٤) ، ووفاقا لغير الإسكافي فيهما أيضا (٥).

__________________

(١) انظر المهذب ٢ : ١٩٣ ، القواعد ٢ : ٦.

(٢) الخلاف ٤ : ٢٧٨.

(٣) كصاحب الرياض ٢ : ٨٠.

(٤) انظر الرياض ٢ : ٧٧.

(٥) حكاه عنه في المختلف : ٥٣٦.

١٢٤

للأصل الخالي عمّا يصلح لدفعه جدّا ، إذ ليس إلاّ بعض الأخبار في بعض ذوي الأنساب ، الذي إن سلمت دلالته وخلوّه عن المعارض يكون مردودا بالشذوذ ومخالفة الشهرة العظيمة ، بل مهمل رواته.

المسألة السادسة : ولاية الأب والجدّ (١) ثابتة على الصغيرة والصغير‌ ، وفاقا للجميع في الأب ، ولغير العماني في الجدّ (٢).

أمّا دليل ولاية الأب على الصغيرة ـ فبعد الإجماع المحقّق ـ : عموم الأخبار المتقدّمة في ولايته على البكر أو إطلاقها ، وخصوص المستفيضة :

كصحيحة ابن الصلت : عن الجارية الصغيرة يزوّجها أبوها ، إلها أمر إذا بلغت؟ قال : « لا » (٣).

وابن بزيع : عن الصبيّة يزوّجها أبوها وهي صغيرة ، فتكبر قبل أن يدخل بها زوجها ، أيجوز عليها التزويج أو الأمر إليها؟ قال : « يجوز عليها تزويج أبيها » (٤) ، وغير ذلك.

وأمّا دليل ولايته على الصغير ـ فبعد الإجماع ـ : موثّقة البقباق : عن الرجل يزوّج ابنه وهو صغير ، قال : « لا بأس » (٥).

وصحيحة محمّد : في الصبي يتزوّج الصبيّة يتوارثان؟ قال : « إذا كان‌

__________________

(١) في « ح » زيادة : له.

(٢) حكاه عنه في المختلف : ٥٣٥.

(٣) الكافي ٥ : ٣٩٤ ـ ٦ ، التهذيب ٧ : ٣٨١ ـ ١٥٤٠ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٦ ـ ٨٥١ ، الوسائل ٢٠ : ٢٧٦ أبواب عقد النكاح ب ٦ ح ٣.

(٤) الكافي ٥ : ٣٩٤ ـ ٩ ، الفقيه ٣ : ٢٥٠ ـ ١١٩١ ، التهذيب ٧ : ٣٨١ ـ ١٥٤١ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٦ ـ ٨٥٢ ، عيون أخبار الرضا « ع » ٢ : ١٧ ـ ٤٤ ، الوسائل ٢٠ : ٢٧٥ أبواب عقد النكاح ب ٦ ح ١.

(٥) الكافي ٥ : ٤٠٠ ـ ١ ، التهذيب ٧ : ٣٨٩ ـ ١٥٥٩ ، الوسائل ٢١ : ٢٨٧ أبواب المهور ب ٢٨ ح ٢.

١٢٥

أبواهما اللذان زوّجاهما فنعم » (١).

وصحيحة الحذّاء الآتية.

وتؤيّده أيضا موثّقة عبيد (٢) وصحيحة محمّد (٣) المثبتتين للمهر على الأب مع تزويجه ابنه.

وصحيحة الحلبي : الغلام له عشر سنين فيزوّجه أبوه في صغره ، أيجوز طلاقه وهو ابن عشر سنين؟ قال : « أمّا التزويج فصحيح ، وأمّا طلاقه فينبغي أن يحبس عليه امرأته حتى يدرك فيعلم أنّه كان قد طلّق ، فإن أقرّ بذلك وأمضاه فهي واحدة بائنة وهو خاطب من الخطّاب ، وإن أنكر ذلك وأبى أن يمضيه فهي امرأته » قلت : فإن ماتت أو مات؟ فقال : « يعزل الميراث حتى يدرك أيّهما بقي ، ثمَّ يحلف بالله ما دعاه إلى أخذ الميراث إلاّ الرضا بالنكاح ، ثمَّ يدفع إليه الميراث » (٤).

وأمّا دليل ولاية الجدّ عليهما ـ فبعد ظاهر الإجماع أيضا ، لعدم قدح مخالفة من ذكر فيه ، ولذا ادّعى الإجماع عليه في الناصريّات والتذكرة (٥) ونفى الخلاف عنه في السرائر (٦) ـ :

صحيحة هشام : « إذا زوّج الأب والجدّ كان التزويج للأول ، فإن كانا‌

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٣٨٨ ـ ١٥٥٦ ، الوسائل ٢٠ : ٢٩٢ أبواب عقد النكاح ب ١٢ ح ١.

(٢) الكافي ٥ : ٤٠٠ ـ ٢ ، التهذيب ٧ : ٣٨٩ ـ ١٥٥٨ ، الوسائل ٢١ : ٢٨٧ أبواب المهور ب ٢٨ ح ١.

(٣) الكافي ٥ : ٤٠٠ ـ ٣ ، التهذيب ٧ : ٣٨٩ ـ ١٥٥٧ ، نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى : ١٣٦ ـ ٣٥٤ ، الوسائل ٢١ : ٢٨٨ أبواب المهور ب ٢٨ ح ٣.

(٤) الفقيه ٤ : ٢٢٧ ـ ٧٢٢ ، الوسائل ٢٦ : ٢٢٠ أبواب ميراث الأزواج ب ١١ ح ٤.

(٥) الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ٢١١ ، التذكرة ٢ : ٥٨٧.

(٦) السرائر ٢ : ٥٦١.

١٢٦

جميعا في حالة واحدة فالجدّ أولى » (١).

ورواية أبي العبّاس : « إذا زوّج الرجل فأبى ذلك والده فإنّ تزويج الأب جائز ، وإن كره الجدّ ليس هذا مثل الذي يفعله الجدّ ثمَّ يريد الأب أن يردّه » (٢).

وموثّقة عبيد : الجارية يريد أبوها أن يزوّجها من رجل ويريد جدّها أن يزوّجها من رجل آخر ، فقال : « الجدّ أولى بذلك » إلى أن قال : « ويجوز عليها تزويج الأب والجدّ » (٣).

ورواية السكوني : « إذا زوّج الرجل ابنة ابنه فهو جائز على ابنه ولابنه أيضا أن يزوّجها » فقلنا : فإن هوى أبوها رجلا وجدّها رجلا آخر ، قال : « الجدّ أولى بنكاحها » (٤).

وموثّقة البقباق : « إنّ الجدّ إذا زوّج ابنة ابنه وكان أبوها حيّا وكان الجدّ مرضيّا جاز » قلنا : فإن هوي أبو الجارية هوى وهوى الجدّ هوى ، وهما سواء في العدل والرضا ، قال : « أحبّ إليّ أن ترضى بقول الجدّ » (٥).

والتزويج في الأوليين مطلق شامل لتزويج الصغير والصغيرة ، وفي‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٣٩٥ ـ ٤ ، التهذيب ٧ : ٣٩٠ ـ ١٥٦٢ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨٩ أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ب ١١ ح ٣.

(٢) الكافي ٥ : ٣٩٦ ـ ٦ ، التهذيب ٧ : ٣٩٠ ـ ١٥٦٣ ، الوسائل ٢٠ : ٢٩١ أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ب ١١ ح ٦.

(٣) الكافي ٥ : ٣٩٥ ـ ١ ، الفقيه ٣ : ٢٥٠ ـ ١١٩٢ ، التهذيب ٧ : ٣٩٠ ـ ١٥٦٠ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨٩ أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ب ١١ ح ٢.

(٤) الكافي ٥ : ٣٩٥ ـ ٢ ، التهذيب ٧ : ٣٩٠ ـ ١٥٦١ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨٩ أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ب ١١ ح ٣.

(٥) الكافي ٥ : ٣٩٦ ـ ٥ ، التهذيب ٧ : ٣٩١ ـ ١٥٦٤ ، الوسائل ٢٠ : ٢٩٠ أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ب ١١ ح ٤.

١٢٧

البواقي وإن اختصّ بالصغيرة إلاّ أنّه لا قائل بالفصل.

ثمَّ بهذه الأخبار يخصّص عموم ما دلّ على عدم ولاية غير الأب ، كقوله عليه‌السلام : « يستأمرها كلّ أحد عدا الأب » (١) ، أو على أنهنّ لا يتزوّجن إلاّ بإذن آبائهنّ (٢) ، مع أنّ إرادة ما يشمل الجدّ من الأب ممكنة.

ثمَّ الجدّ في بعض تلك الأخبار وإن كان مطلقا شاملا لأب الأمّ وأب أمّ الجدّ للأب ، إلاّ أنّه خرج الأول بالإجماع ، بل ـ كما قيل ـ بعدم تبادر غير أب الأب منه (٣) ، وأمّا الثاني فلا دليل على خروجه ، بل عن التذكرة النظر في حقّه مع عدم أب الأب (٤) ، بل وكذا معه أيضا ، إلاّ أنّ الاحتياط يقتضي الاقتصار على الأول.

فروع :

أ : ثبوت ولايتهما على الصغيرة عامّ للباكرة والثيّبة بالزنا أو غيره.

لظواهر الأخبار المثبتة لولايتهما عليها وعلى الجارية الشاملتين بإطلاقهما لهما ، ولا دلالة فيما مرّ من الأخبار النافية لها عن الثيّب منافاة له بعد ما مرّ من عدم ظهور الثيّب في غير المتزوّجة ، ونسبة التزويج والنكاح فيما تضمّنهما بقوله : ما لم تتزوّج وبعد أن نكحت إلى نفسها ، الدالّة على عدم صغرها.

ب : الحقّ اشتراط بقاء الأب في ولاية الجدّ.

__________________

(١) انظر ص : ١١٣.

(٢) تقدم في ص : ١١٥.

(٣) انظر المسالك ١ : ٤٦٢.

(٤) التذكرة : ٥٨٧.

١٢٨

وفاقا للصدوق والشيخ في الخلاف والنهاية بل مطلقا (١) ، والإسكافي والحلبي والديلمي ـ على ما حكي عنه ـ والصهرشتي والراوندي وابني زهرة وحمزة (٢) ، ومال إليه الفاضل الهندي من المتأخّرين (٣) ، وفي الخلاف الإجماع عليه.

للأصل.

واختصاص أخبار ولايته طرّا بما إذا كان الأب حيّا.

ومفهوم الشرط في موثّقة البقباق المتقدّمة. وجعله تنبيها على الفرد الأخفى خلاف الأصل.

خلافا للمحكيّ عن المفيد والسيّد والحلّي وصاحب الجامع والفاضلين والفخري (٤) ، ونسبه الأخير إلى الديلمي أيضا.

للاستصحاب.

وكونه أقوى من الأب عند التعارض ، ولا يفوت الأقوى بفوت الأضعف.

وصحيحة ابن سنان : « الذي بيده عقدة النكاح هو وليّ أمرها » (٥).

__________________

(١) الصدوق في الهداية : ٦٨ ، الخلاف ٤ : ٢٦٥ ، النهاية : ٤٦٦ ، المبسوط ٤ : ١٦٤ ، التهذيب ٧ : ٣٩٠.

(٢) حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٥٣٥ ، الحلبي في الكافي في الفقه : ٢٩٢ ، الديلمي في المراسم : ١٤٨ ، الراوندي في فقه القرآن ٢ : ١٣٨ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٩ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٢٩٩ ، ٣٠٠.

(٣) كشف اللثام ٢ : ١٥.

(٤) المفيد في المقنعة : ٥١١ ، السيد في الانتصار : ١٢١ ، الحلي في السرائر ٢ : ٥٦١ ، الجامع للشرائع : ٤٣٨ ، المحقق في المختصر النافع : ١٧٣ ، العلاّمة في التحرير ٢ : ٦ ، فخر المحققين في الإيضاح ٣ : ١٧.

(٥) التهذيب ٧ : ٣٩٢ ـ ١٥٧٠ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨٢ أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ب ٨ ح ٢.

١٢٩

ولا خلاف في أنّ الجدّ وليّ أمرها.

والأول : مردود بمعارضته باستصحاب حال العقل ، ومدفوع بالمفهوم المتقدم.

والثاني : بأنّه اجتهاد ضعيف في مقابلة الأصل والنصّ.

والثالث : بأنّه أعمّ مطلقا من المفهوم ، فيجب تخصيصه به.

وقد يردّ بعدم الدلالة أيضا ، لاحتمال أن تكون الرواية مسوقة لبيان وليّ الأمر دون الذي بيده عقدة النكاح أولا.

أو أن يكون المراد بوليّ الأمر : وليّ الأمر في النكاح ، فتكون الرواية مسوقة لبيان من بيده عقدة النكاح ، الذي له العفو عن الصداق ثانيا.

أو أن يكون المراد بالذي بيده عقدة النكاح : الذي له العفو لا من بيده التزويج ، يعني : من له العفو هو وليّ الأمر.

ويدلّ على ذلك الأخبار المتكثّرة المصرّحة بأنّ من بيده النكاح الأخ والوصيّ والوكيل في المعاملات (١).

وفيه : أنّ الأول ـ مع كونه خلاف الظاهر من السياق ومن الروايات المتكثّرة المشتملة على السؤال عمّن بيده عقدة النكاح ـ مثبت للمطلوب أيضا ، إذ بعد ثبوت أنّ وليّ الأمر من بيده عقدة النكاح وثبوت أنّ الجدّ وليّ الأمر يعلم أنّ بيده عقدته أيضا.

والأخيرين مجازان مخالفان للأصل ، فلا يصار إليهما من غير دليل.

ج : لا خيار للصبيّة مع البلوغ لو زوّجها الوليّ قبله‌ ، بلا خلاف فيه‌

__________________

(١) الوسائل ٢٠ : ٢٨٢ أبواب عقد النكاح ب ٨.

١٣٠

كما قيل (١) ، بل إجماعها كما حكاه جماعة (٢).

للأصل.

وصحيحتي ابني الصلت وبزيع المتقدّمتين (٣).

وفي صحيحة ابن يقطين : إذا بلغت الجارية فلم ترض فما حالها؟

قال : « لا بأس إذا رضي أبوها أو وليّها » (٤).

وفي صحيحة الحذّاء : فإن كان أبوها هو الذي زوّجها قبل أن تدرك؟

قال : « يجوز عليها تزويج الأب ويجوز على الغلام ، والمهر على الأب للجارية » (٥).

ولا ينافيه صدرها المثبت لهما الخيار بعد الإدراك مع تزويج الوليّ لهما ، لأنّ ذيلها هذا قرينة على أنّ المراد بالوليّ في الصدر : المعنى العرفي ، وهو أقرب الناس بهما ، دون الشرعي.

وأمّا ما في صحيحة محمّد : الصبي يزوّج الصبيّة ، قال : « إن كان أبواهما اللذان زوّجاهما فنعم جائز ، ولكن لهما الخيار إذا أدركا » (٦).

وحسنة الكناسي الطويلة ، وفيها : « فإن زوّجها قبل بلوغ تسع سنين‌

__________________

(١) انظر الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠٩.

(٢) منهم صاحب الرياض ٢ : ٧٧.

(٣) في ص : ١٢٥.

(٤) التهذيب ٧ : ٣٨١ ـ ١٥٤٢ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٦ ـ ٨٥٣ ، الوسائل ٢٠ : ٢٧٧ أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ب ٦ ح ٧.

(٥) الكافي ٧ : ١٣١ ـ ١ ، التهذيب ٧ : ٣٨٨ ـ ١٥٥٥ ، الوسائل ٢٦ : ٢١٩ أبواب ميراث الأزواج ب ١١ ح ١.

(٦) التهذيب ٧ : ٣٨٢ ـ ١٥٤٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٦ ـ ٨٥٤ ، الوسائل ٢٠ : ٢٧٧ أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ب ٦ ح ٨.

١٣١

كان الخيار لها إذا بلغت تسع سنين » إلى أن قال : « إنّ الغلام إذا زوّجه أبوه ولم يدرك كان له الخيار إذا بلغ خمس عشرة سنة أو يشعر في وجهه أو ينبت في عانته قبل ذلك » (١).

فلا يصلحان لمعارضة ما مرّ ، لشذوذهما ، بل مخالفتهما الإجماع ، وأشهريّته رواية وأحدثيّته.

وكذا الصبي عند الأكثر ، لأصالة بقاء الصحّة ، وصحيحة الحذّاء المتقدّمة ، وصحيحة محمّد السابقة (٢) المثبتة لتوارثهما ، المنافي ذلك للإلحاق بالفضولي ، وما دلّ على أنّ التزويج للجدّ إذا تعارض مع الأب ولو كان له الخيار كان منوطا باختياره.

خلافا للمحكيّ عن النهاية والحلّي والقاضي وابن حمزة (٣) ، فأثبتوا التخيير له بعد البلوغ.

لعموم رواية أبان السالفة (٤) ، ونحوها رواية البقباق ، وفي آخرها : « إذا زوّج الرجل ابنه فذلك إلى ابنه ، وإذا زوّج الابنة جاز » (٥).

وخصوص صحيحة محمّد وحسنة الكناسي السابقتين.

والأولان عامّان بالنسبة إلى صحيحة الحذّاء ، لشمولهما الكبير أيضا ،

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٣٨٢ ـ ١٥٤٤ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٧ ـ ٨٥٥ ، الوسائل ٢٠ : ٢٧٨ أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ب ٦ ح ٩.

(٢) راجع ص : ١٢٥.

(٣) النهاية : ٤٦٧ ، الحلي في السرائر ٢ : ٥٦٨ ، القاضي في المهذب ٢ : ١٩٧ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٣٠٠.

(٤) في ص : ١١٤.

(٥) الكافي ٥ : ٤٠٠ ـ ١ ، التهذيب ٧ : ٣٨٩ ـ ١٥٥٩ ، الوسائل ٢١ : ٢٨٧ أبواب المهور ب ٢٨ ح ٢.

١٣٢

فيخصّصان به.

وردّ الثالث أيضا بأنّه لا قائل به في الصغيرة ، فيجب ردّه ، لعدم قبوله التخصيص ، لأنّ إرادة المفرد من التثنية ليس تخصيصا.

والرابع باشتماله أيضا على أحكام كثيرة مخالفة للإجماع.

أقول : الاشتمال على مثل ذلك لا يوجب خروج الباقي عن الحجّيّة ، وعدم القول به في الصغيرة أيضا لا يوجب ردّ الخبر في الصغير ، غاية الأمر أنّه لا يكون من باب التخصيص ، بل يكون من قبيل ما لجزء منه معارض دون الآخر.

هذا ، مع ما في أخبار اللزوم أيضا من ضعف الدلالة وخفائها.

فتتعارض أدلّة الطرفين ، والتخيير بينهما في المقام غير ممكن ، فيجب الرجوع إلى الأصل ، وهو مع القول الأول ، لأنّ الأصل الصحّة ، لصحيحة الحلبي المتقدّمة (١) المصرّحة بذلك ، والأصل ترتّب الأثر على فعل الأب والجدّ ، حيث إنّه التزويج الثابت شرعيّته ، فتستصحب الصحّة إلى أن يعلم المزيل ، ولم يعلم كون ردّ الولد مزيلا.

وأمّا جعل الأصل مع الثاني ، حيث إنّ الأصل عدم اللزوم وعدم ترتّب الأثر.

ففيه : أنّ ثبوتهما في النكاح الثابت شرعا يقيني ، فالذي للولد ـ على فرض ثبوته ـ هو خيار الفسخ ، وثبوته أمر خلاف الأصل ، لا أن يكون رضاه جزء السبب ، لعدم دليل عليه ، فهو أيضا مخالف آخر للأصل.

هذا ، مع أنّ صحيحة الحلبي دالّة على اللزوم أيضا.

__________________

(١) في ص : ١٢٦.

١٣٣

المسألة السابعة : لا يجوز تزويج فاسد العقل لسفه أو جنون‌ ، ذكرا كان أو أنثى ، مع البلوغ بغير وليّ ، إجماعا ، بل ضرورة ، بل بالأخبار التي تشير إليها.

ويجوز بإذن الوليّ كذلك أيضا.

لمفهوم صحيحة الفضلاء ومنطوق خبر زرارة ، المتقدّمتين في أدلّة القول الأول من المسألة الرابعة (١).

ثمَّ ولاية الأب والجدّ مع وجودهما عليه مع اتصال الفساد بالصغر ثابتة عند الأصحاب ، كما في بعض العبارات (٢).

وبلا خلاف كما في بعض آخر (٣).

وإجماعا كما في كلام جماعة (٤).

بل هو إجماع محقّقا ، وهو الدليل عليه.

مضافا إلى عمومات ولايتهما على الباكرة أو الجارية أو البنت (٥) ، الخالية عن معارضة ما تضمّن استقلالها (٦) ، لانتفاء الاستقلال في حقّ المجنون من جهة التفصيل بين التزويج والطلاق ، وإثبات الخيار في الثاني.

وخصوص مفهوم الرواية الخامسة عشرة من أخبار القول الثاني من‌

__________________

(١) راجع ص : ١٠٧ و ١٠٨.

(٢) انظر الكفاية : ١٥٦.

(٣) كما في المفاتيح ٢ : ٢٦٥.

(٤) منهم الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٤٥٢.

(٥) انظر الوسائل ٢٠ : ٢٧٥ أبواب عقد النكاح ب ٦.

(٦) راجع ص : ١٠٨.

١٣٤

المسألة الرابعة (١) ، دلّت على عدم البأس في تزويج البنت بإذن أبيها إذا كان بأس بما صنعت ، أي كانت فاسدة العقل.

بل صحيحة الفضلاء وخبر زرارة السابقة لكون الأب والجدّ وليّا عرفا ، لأنّ اولي الأرحام بعضهم أولى ببعض.

وللإجماع على ولايتهما في ماله ، كما في التذكرة (٢) وغيره (٣).

ولأنّ الأب بيده عقد النكاح ، كما صرّح به في الأخبار الكثيرة (٤) ، والذي بيده ذلك وليّ الأمر ، لصحيحة ابن سنان المتقدّمة (٥).

ويثبت الحكم في الابن بضميمة عدم القول بالفصل ، مضافا إلى عموم الرواية الثالثة عشرة (٦) ، المنجبر ضعفها بما ذكر.

وكذا مع تجدّد الجنون ، وفاقا لجماعة ، منهم : النافع والقواعد والتحرير والتذكرة (٧) ، بل عن ظاهر [ بعضهم ] (٨) الإجماع عليه.

لا لبعض الاعتبارات الاستحسانيّة ـ التي ذكرها بعضهم ـ لعدم اعتبارها.

بل للعمومات المشار إليها.

__________________

(١) المتقدمة في ص : ١١٦.

(٢) التذكرة ٢ : ٨٠.

(٣) كالكفاية : ١١٣.

(٤) الوسائل ٢٠ : ٢٧٢ ، أبواب عقد النكاح ب ٤ ، وأيضا ج ٢١ : ٣١٥ أبواب المهور ب ٥٢.

(٥) في ص : ١٢٩.

(٦) المتقدمة في ص : ١١٥ و ١١٦.

(٧) النافع : ١٧٣ ، القواعد ٢ : ٥ ، التحرير ٢ : ٨ ، التذكرة ٢ : ٥٨٧.

(٨) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة المتن.

١٣٥

خلافا لمن قال : إنّ الولاية حينئذ للحاكم ـ ومنهم : صاحب المدارك في شرح النافع ـ لأصالة عدم عود ولاية الأب والجدّ.

وفيه : أنّ ولاية الحاكم أيضا خلاف الأصل ، فهما بالنسبة إلى الأصل متساويان.

فرعان :

أ : لا خيار لفاسد العقل بعد الإفاقة ، إجماعا كما في المسالك (١).

للأصل.

ب : لا شكّ في اشتراط جواز التزويج له بانتفاء المفسدة له.

وهل يشترط بوجود المصلحة له ، كما في التذكرة وعن المحقّق الثاني (٢)؟

أو لا ، كما يقتضيه إطلاق الأكثر؟

الظاهر : الثاني ، لإطلاق ما مرّ.

المسألة الثامنة : ولاية الملك ثابتة للمولى على رقيقه‌ ، ذكرا كان أو أنثى ، صغيرا أو كبيرا ، عاقلا أو مجنونا ، دواما أو متعة ، إجماعا محكيّا مستفيضا (٣) ومحقّقا ، فتوى ودليلا ، كتابا وسنّة.

قال عزّ شأنه ( وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ ) (٤).

__________________

(١) المسالك ١ : ٤٥٢.

(٢) التذكرة ٢ : ٦٠٩ ، المحقق الثاني في جامع المقاصد ١٢ : ١١١.

(٣) كما في المفاتيح ٢ : ٢٦٨ والرياض ٢ : ٨٢.

(٤) النور : ٣٢.

١٣٦

وقال جلّ جلاله ( فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ ) (١).

وقال سبحانه ( عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ‌ءٍ ) (٢).

وفي صحيحة زرارة : « المملوك لا يجوز طلاقه ولا نكاحه إلاّ بإذن سيّده » (٣).

ورواية العقرقوفي في العبد ، وفيها : « لا يقدر على طلاق ولا نكاح إلاّ بإذن مولاه » (٤).

وأبي بصير : « لا يصلح نكاح الأمة إلاّ بإذن مولاها » (٥).

والبقباق : عن الأمة تتزوّج بغير إذن أهلها؟ قال : « يحرم ذلك عليها وهو زنى » (٦) ، إلى غير ذلك.

ولأنّ بضعهما من المنافع المملوكة للمولى والناس مسلّطون على أموالهم كما ورد (٧) ، فله أن يتصرّف فيه كيف شاء من دون اختيار له فيه.

ومقتضى إطلاق الأكثر : أنّ للمولى إجباره على النكاح ، فليس له الامتناع.

__________________

(١) النساء : ٢٥.

(٢) النحل : ٧٥.

(٣) الفقيه ٣ : ٣٥٠ ـ ١٦٧٣ ، التهذيب ٧ : ٣٤٧ ـ ١٤١٩ ، الاستبصار ٣ : ٢١٤ ـ ٧٨٠ ، الوسائل ٢٢ : ١٠١ أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه ب ٤٥ ح ١.

(٤) التهذيب ٧ : ٣٤٧ ـ ١٤٢١ ، الاستبصار ٣ : ٢١٥ ـ ٧٨٢ ، الوسائل ٢١ : ١٨٤ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٦٦ ح ٢.

(٥) الكافي ٥ : ٣٥٩ ـ ٣ ، التهذيب ٧ : ٣٣٥ ـ ١٣٧٣ ، الاستبصار ٣ : ٢١٩ ـ ٧٩٣ ، الوسائل ٢١ : ١٢٠ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٢٩ ح ٤.

(٦) الكافي ٥ : ٤٧٩ ـ ٢ ، التهذيب ٧ : ٣٤٨ ـ ١٤٢٤ ، الاستبصار ٣ : ٢١٩ ـ ٧٩٤ ، الوسائل ٢١ : ١٢٠ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٢٩ ح ٢.

(٧) غوالي اللئالي ٣ : ٢٠٨ ـ ٤٩.

١٣٧

ويدلّ عليه أيضا قوله سبحانه ( لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ‌ءٍ ).

وللوليّ تزويج أمة المولّى عليه وعبده إذا كانت فيه مصلحة.

لعمومات جواز تصرّفه في ماله.

خلافا لبعض العامّة (١).

ولا يكون له فسخه بعد الكمال ، كسائر تصرّفاته في أمواله.

وليس له الولاية على المبعّض ، بمعنى إجباره عليه ، وإن ثبتت له بمعنى عدم استقلاله به بدون إذنه إجماعا ، كما عن التذكرة (٢).

المسألة التاسعة : في ولاية الوصيّ للأب أو الجدّ له في النكاح للصغير أو الصغيرة‌ أقوال :

الأول : نفي الولاية مطلقا.

اختاره في موضع من المبسوط والشرائع والنافع والقواعد والتذكرة واللمعة والكفاية (٣) ، بل هو المشهور كما في المسالك والروضة (٤).

الثاني : ثبوتها كذلك.

وهو للمبسوط أيضا (٥) ، وعن المختلف وشرح الإرشاد للشهيد والروضة (٦).

__________________

(١) انظر المغني والشرح الكبير على متن المقنع ٧ : ٣٥٨ ـ ٥١٧٣.

(٢) التذكرة ٢ : ٥٩٠.

(٣) المبسوط ٤ : ٥٩ ، الشرائع ٢ : ٢٧٧ ، النافع : ١٧٣ ، القواعد ٢ : ٥ ، التذكرة ٢ : ٥٩٢ ، اللمعة ( الروضة البهية ٥ ) : ١١٦ ، الكفاية : ١٥٦.

(٤) المسالك ١ : ٤٥٣ ، الروضة ٥ : ١١٨.

(٥) لم نعثر عليه في المبسوط ، ولكن حكاه عنه في المختلف : ٥٤٠.

(٦) المختلف : ٥٤١ ، الروضة ٥ : ١١٨.

١٣٨

الثالث : ثبوتها إذا نصّ الموصي على النكاح وعدمه بدونه.

وهو المحكيّ عن الخلاف والجامع والمحقّق الثاني (١) وغيرهم (٢).

حجّة الأول : أصالة عدم الولاية وعدم انتقالها من الموصي مع انقطاعها عنه بموته.

ومفهوم صحيحتي محمّد المتقدّمتين (٣) ، المتضمّنتين لقوله : « إن كان أبواهما اللذان زوّجاهما فنعم ».

ومنطوق صحيحته الأخرى المتقدّمة (٤) : « ويستأمرها كلّ أحد عدا الأب ».

وما صرّح : بأنّهنّ لا ينكحن إلاّ بإذن آبائهنّ (٥).

وصحيحة ابن حازم : « تستأمر البكر وغيرها ولا تنكح إلاّ بأمرها » (٦).

ومقطوعة ابن بزيع الصحيحة : رجل مات وترك أخوين وبنتا ، والبنت صغيرة ، فعمد أحد الأخوين الوصيّ فزوّج الابنة من ابنه ، ثمَّ مات أبو الابن المزوّج ، فلمّا أن مات قال الآخر : أخي لم يزوّج ابنه فزوّج الجارية من ابنه ، فقيل للجارية : أيّ الزوجين أحبّ إليك : الأول أو الآخر؟ قالت : الآخر ، ثمَّ إنّ الأخ الثاني مات وللأخ الأول ابن أكبر من الابن المزوّج ، فقال للجارية : اختاري أيّهما أحبّ إليك : الزوج الأول أو الزوج‌

__________________

(١) الخلاف ٤ : ٢٥٤ ، الجامع للشرائع : ٤٣٨ ، المحقق الثاني في جامع المقاصد ١٢ : ٩٩.

(٢) كالتنقيح الرائع ٣ : ٣٣.

(٣) في ص : ١٢٥ و ١٣١.

(٤) في ص : ١١٣.

(٥) راجع ص : ١١٥.

(٦) التهذيب ٧ : ٣٨٠ ـ ١٥٣٥ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨٤ أبواب عقد النكاح ب ٩ ح ١.

١٣٩

الآخر؟ فقال : « الرواية فيها : أنّها للزوج الآخر ، وذلك أنّها قد كانت أدركت حين زوّجها ، وليس لها أن تنقض ما عقدته بعد إدراكها » (١).

ودليل الثاني : صحيحة ابن أبي عمير : في قول الله عزّ وجلّ ( أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) (٢) قال : « هو الأب والأخ والرجل يوصى إليه ، والرجل يجوز أمره في مال المرأة ، فيبيع لها ويشتري ، فإذا عفا جاز » (٣).

ونحوها موثّقة سماعة (٤) ورواية أبي بصير (٥) وصحيحة محمّد (٦) ، إلاّ أنّ فيها : « الموصى إليه ».

وصحيحة ابن سنان المتقدّمة (٧) : « الذي بيده عقدة النكاح وليّ أمرها ».

ودليل الثالث : ما مرّ ، مضافا إلى أنّ مع التفويض ينتقل فلا ينقطع بالموت ، وإلى أنّه تثبت الوصيّة بالمال وتنفذ فكذا في النكاح.

ولعموم قوله سبحانه ( فَمَنْ بَدَّلَهُ ) (٨).

أقول : الآية مخصوصة بالوصيّة للوالدين والأقربين بما ترك من‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٣٩٧ ـ ٣ ، التهذيب ٧ : ٣٨٧ ـ ١٥٥٤ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨٢ أبواب عقد النكاح ب ٨ ح ١.

(٢) البقرة : ٢٣٧.

(٣) الكافي ٦ : ١٠٦ ـ ٣ ، التهذيب ٨ : ١٤٢ ـ ٤٩٣ ، الوسائل ٢١ : ٣١٥ أبواب المهور ب ٥٢ ح ١.

(٤) الكافي ٦ : ١٠٦ ـ ٢ ، الوسائل ٢١ : ٣١٥ أبواب المهور ب ٥٢ ح ١.

(٥) التهذيب ٧ : ٣٩٣ ـ ١٥٧٣ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨٣ أبواب عقد النكاح ب ٨ ح ٤.

(٦) التهذيب ٧ : ٤٨٤ ـ ١٩٤٦ ، الوسائل ٢٠ : ٢٨٣ أبواب عقد النكاح ب ٨ ح ٥.

(٧) في ص : ١٢٩.

(٨) البقرة : ١٨١.

١٤٠