الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-367-5
الصفحات: ١٤٨
٣ ـ أخرج الشيخ الصدوق عدّة روايات بأسانيد متصلة إلى أئمّة العترة الطاهرة عليهمالسلام ، بأن الصراط المستقيم هو أمير المؤمنين أو العترة الطاهرة عليهمالسلام. منها ما ذكره بسندٍ صحيح إلى حماد بن عيسى عن الإمام الصادق عليهالسلام في قول اللّه عزوجل : ( إهْدِنا الْصِّراطَ الْمُستَقِيمَ ) قال : هو أمير المؤمنين عليهالسلام ومعرفته. (١)
ثانياً : قوله تعالى : ( وَأَنَّ هذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَتَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ) (٢).
هذه الآية تدعونا صراحة إلى اتباع الصراط المستقيم ، والذي بيّنا في الآية الأولى أنّ المراد منه هدي أئمة العترة الطاهرة عليهمالسلام ، وتنهانا عن اتباع السبل التي هي غير سبيل العترة الطاهرة فتفرقنا وتشتتنا وتحرفنا عن سبيله ، وهنا وردت روايات تصرّح بأن الصراط المستقيم في هذه الآية أيضاً هم أئمة العترة الطاهرة عليهمالسلام ، منها :
١ ـ أورد القندوزي الحنفي عن محمد الباقر وجعفر الصادق عليهمالسلام أنّهما قالا : « الصراط المستقيم الإمام ، ( ولا تَتَّبِعُوا السُّبْلَ ) يعني غير الإمام ( فتفرّق بكم عن سبيله ) ونحن سبيله » (٣).
٢ ـ روى ابن شهرآشوب عن إبراهيم الثقفي بإسناده عن أبي برزة الأسلمي ، قال : قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( إنّ هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبّعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله ) قال : « سألت اللّه أن يجعلها لعلي
__________________
(١) معاني الأخبار : ٣٢ / باب معنى الصراط.
(٢) سورة الأنعام : ٦ / ١٥٣.
(٣) ينابيع المودة / القندوزي الحنفي ١ : ٣٣١ / ٣ ، نشر دار الأسوة ، ١٤١٦ هـ.
ففعل » (١).
٣ ـ نقل السيد البحراني عن أبي بكر بن مؤمن الشيرازي ، في قوله تعالى : ( وإن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ) بسنده إلى قتادة ، عن الحسن البصري : قال : يقول : هذا طريق علي بن أبي طالب وذريته طريق مستقيم ودين مستقيم ، فاتبعوه وتمسكوا به ، فانه واضح لا عوج فيه. (٢)
إلى هنا تبيّن أن أهل البيت عليهمالسلام هم الصراط المستقيم الذي أمرنا اللّه تعالى باتباعه ، وهم السبيل الذي أمرنا اللّه تعالى بسلوكه ، ومن تركه فقد تنكّب جادّة الحقّ والصواب ، وسقط في الضلال والحيرة.
ثالثاً : قوله تعالى : ( وَاعتصموا بحبل اللّه جميعاً ولا تفرّقوا ) (٣).
في ما يلي بعض الروايات التي تفسّر حبل اللّه بالعترة الطاهرة :
١ ـ أخرج الحاكم الحسكاني بطريقين إلى أبان بن تغلب عن جعفر بن محمد قال : « نحن حبل اللّه الذي قال اللّه : ( واعتصموا بحبل اللّه جميعاً ) » (٤).
وأخرج هذا الحديث عن الإمام الصادق عليهالسلام الثعلبي في تفسيره ، والسمهودي ، وابن حجر الهيتمي ، والقندوزي ، والشبلنجي ، والصبّان (٥) ،
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب / ابن شهرآشوب ٣ : ٨٨ ، تفسير البرهان / البحراني ٢ : ٤٩٩ / ٣٧٣٠.
(٢) غاية المرام / هاشم البحراني : ٤٣٤ ، إحقاق الحق / السيد الشهيد التستري ٣ : ٥٤٣ ، إصدار مكتبة السيد المرعشي ـ قم.
(٣) سورة آل عمران : ٣ / ١٠٣.
(٤) شواهد التنزيل ١ : ١٦٩ / ١٧٨ ، ١٧٩.
(٥) جواهر العقدين : ٢٤٥ ، الصواعق المحرقة ٢ : ٤٤٣ ـ ٤٤٤ ، ينابيع المودة ١ : ١٤٠ ، نور الأبصار : ١٢٤ ، إسعاف الراغبين المطبوع بهامش نور الأبصار : ١١٨.
وأبو بكر الحضرمي والذي أعقبه بقصيدة للشافعي يقول فيها :
ولما رأيت الناس قد ذهبت بهم |
|
مذاهبهم في أبحر الغي والجهل |
ركبت على اسم اللّه في سفن النجا |
|
وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل |
وأمسكت حبل اللّه وهو ولاؤهم |
|
كما أمرنا بالتمسك بالحبل (١) |
٢ ـ أخرج الحسكاني بسنده إلى أبي حفص الصائغ عن الإمام الصادق عليهالسلام في قوله : ( واعتصموا بحبل اللّه جميعاً ولا تفرقوا ) قال : « نحن حبل اللّه ». (٢)
٣ ـ أخرج أيضاً بسنده إلى الإمام الرضا عليهالسلام ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن علي عليهالسلام : « من أحبّ أن يركب سفينة النجاة ويستمسك بالعروة الوثقى ويعتصم بحبل اللّه المتين ، فليوالِ علياً وليأتمّ بالهداة من ولده ». (٣)
٤ ـ في خطبة لأمير المؤمنين عليهالسلام ، قال : « حتى إذا قبض اللّه رسوله رجع قومٌ على الأعقاب وغالتهم السبل ، واتكلوا على الولائج ، ووصلوا غير الرحم ، وهجروا السبب الذي أُمروا بمودته ، ونقلوا البناء عن رصّ أساسه ، فبنوه في غير موقعه .... ».
قال ابن أبي الحديد في شرحها : « ووصلوا غير الرحم » أي غير رحم
__________________
(١) إحقاق الحق ٣ : ٥٣٩ ، عن رشفة الصادي.
(٢) شواهد التنزيل ١ : ١٦٩ / ١٨٠ ، الأمالي / الشيخ الطوسي ١ : ٢٧٨.
(٣) شواهد التنزيل ١ : ١٦٨ / ١٧٧ ، ينابيع المودة / القندوزي ٣ : ٢٩١ / ١٠ ، أمالي الصدوق : ٧٠ / المجلس (٥) ، غاية المرام / البحراني : ١١ في الباب ٣٦.
الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فذكرها عليهالسلام ذكراً مطلقاً غير مضاف للعلم بها ، كما يقول القائل : (أهل البيت) ، فيعلم السامع أنه أراد أهل بيت الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
« وهجروا السبب » يعني أهل البيت أيضاً ، وهذه إشارة إلى قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « خلّفت فيكم الثقلين : كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ، حبلان ممدودان من السماء إلى الأرض ، لا يفترقان حتى يردا عليّ الحوض » فعبّر أمير المؤمنين عليهالسلام عن أهل البيت بلفظ «السبب» لما كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال «حبلان» والسبب في اللغة : الحبل.
عنى بقوله : « أمروا بمودّته » قول اللّه تعالى : ( قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى ). (١)
وفي نهاية المطاف يتحصل لدينا أن السبيل الذي أمرنا اللّه تعالى باتباعه ، والصراط المستقيم الذي أمرنا اللّه تعالى بالاهتداء به ، والحبل الذي أمرنا اللّه تعالى بالاعتصام به هم العترة الطاهرة عليهمالسلام ، فعلى المسلمين جميعاً وجوب اتباعهم واتخاذهم المرجع في كل شيء طاعةً لأمر اللّه تعالى ورسوله فيهم ، ومن لم يفعل ذلك فقط أسقط حقاً من حقوقهم وتنكّب الصراط المستقيم.
نسأل اللّه تعالى أن يجعلنا من المتمسكين بهم والمتبعين لهديهم والثابتين على طريقهم قولاً وعملاً في ديننا ودنيانا ، اعترافاً بحقهم واعتقاداً جازماً بأن ذلك قد جعله اللّه تعالى لهم ، وأن يثبتنا على ذلك حتى نلقى اللّه تعالى أو ندرك نعمة ظهور قائمهم عليهالسلام فيأخذ بحقّهم وينتقم ممن ظلمهم ، إنه سميع مجيب.
وآخر دعوانا أن الحمد للّه ربّ العالمين
__________________
(١) شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد ٩ : ٧٨ / خطبة رقم (١٥٠).
المحتويات
مقدمة المركز.................................................................... ٥
الفصل الأوّل : التعريف بأصحاب الحقوق........................................ ٩
أولاً : معنى العترة......................................................... ١٠
ثانياً ـ أهل البيت :...................................................... ١٣
الأقوال غير المعتمدة في معنى (أهل البيت) :.................................. ١٤
المعتمد من الأقوال في معنى (أهل البيت) :................................... ١٦
مع أدلة القول الأول.......................................................... ١٨
١ ـ الأحاديث النبوية.................................................... ١٨
دلالة الأحاديث :........................................................ ٢١
٢ ـ أحاديث أهل البيت عليهمالسلام............................................ ٢٢
مع أدلة القول الثاني....................................................... ٢٣
ثالثاً : معنى الآل.......................................................... ٢٧
رابعاً : التعريف بذي القربى................................................ ٢٩
الفصل الثاني : حقوق أهل البيت المالية.......................................... ٣١
المبحث الأول : الأنفال..................................................... ٣١
المعنى اللغوي للأنفال :.................................................... ٣١
المراد من الأنفال في الآية :................................................. ٣٣
مصاديق الأنفال في حديث أهل البيت عليهمالسلام................................. ٣٨
قول آخر في الأنفال :..................................................... ٣٩
الفيء...................................................................... ٤٠
أولاً : في رحاب الآية الدالّة عليه :......................................... ٤٠
ثانياً : معنى الفيء لغةً وشرعاً............................................... ٤١
ثالثاً : بين الغنيمة والفيء.................................................. ٤٣
المبحث الثاني : الخمس...................................................... ٤٥
مفهوم الغنيمة عام لا خاص................................................ ٤٥
١ ـ في اللغة :........................................................... ٤٦
٢ ـ في الكتاب والسنّة :................................................. ٤٦
٣ ـ في مكاتيب الرسول وعهوده.......................................... ٤٧
٣ ـ في فتاوي بعض الفقهاء :............................................. ٤٨
تحديد مواضع الخمس...................................................... ٤٩
علّة تخصيص الخمس لأهل البيت عليهمالسلام..................................... ٥٢
قسمة الخمس بعد رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم....................................... ٥٢
موقف المذاهب الأربعة من الخمس :........................................ ٥٥
الفصل الثالث : حقوق أهل البيت المعنويّة....................................... ٥٩
المبحث الأول : حقّ المودّة لهم............................................... ٥٩
الآثار الواردة في تفسير الآية :.............................................. ٥٩
أقوال بعض المفسرين في الآية :............................................. ٦٢
معطيات الآية ودلالاتها.................................................... ٦٤
إثارات حول الآية.......................................................... ٦٧
الأولى : حول معنى الأجر في الآية.......................................... ٦٧
الثانية : في تحديد مصداق القربى............................................ ٧٠
الثالثة : كون السورة مكية................................................ ٧٣
المبحث الثاني : حق ترفيع بيوتهم............................................. ٧٥
أقوال المفسرين في الآية.................................................... ٧٧
١ ـ في معنى الرفع....................................................... ٧٧
٢ ـ في معنى البيوت...................................................... ٧٧
المبحث الثالث : حق الصلاة عليهم.......................................... ٧٩
أولاً : تشريع هذا الحق.................................................... ٧٩
ثانياً : البيان النبوي لصيغة الصلاة.......................................... ٨٠
ثالثاً ـ تصريحات مؤيّدة................................................... ٨٢
رابعاً : حكم الصلاة...................................................... ٨٣
موضع الصلاة :.......................................................... ٨٤
من قال بوجوبها في التشهّد :............................................... ٨٨
الروايات المعتمدة......................................................... ٨٩
شواهد من الاستدلالات :................................................. ٩١
خامساً : الصلاة البتراء.................................................... ٩٦
ـ طريقة أخرى في غمط حق الآل في الصلاة :............................ ١٠١
ـ تكلف الدليل على الصلاة البتراء :..................................... ١٠٢
جواب الوجه الأول :.................................................... ١٠٤
جواب الوجه الثاني :.................................................... ١٠٧
الفصل الرابع : حقوق أهل البيت السياسية................................... ١١١
المبحث الأول : حقّ الولاية............................................... ١١١
سبب نزول الآية........................................................ ١١٢
معنى الولي.............................................................. ١١٥
١ ـ الاستعمالات اللغوية............................................... ١١٥
٢ ـ القرائن المحتفّة بالآية................................................ ١١٦
الشبهات المثارة حول الآية................................................ ١١٧
١ ـ حمل صيغة العموم على المفرد........................................ ١١٧
٢ ـ وحدة السياق..................................................... ١١٨
٣ ـ الصدقة المستحبّة هل هي زكاة؟..................................... ١١٩
٤ ـ الفعل الكثير أثناء الصلاة :......................................... ١٢٠
٥ ـ عدم احتجاج أمير المؤمنين عليهالسلام بهذه الآية الشريفة :................... ١٢١
المبحث الثاني : حق الطاعة................................................ ١٢٢
مصداق أُولي الأمر...................................................... ١٢٣
الأول : الحديث الشريف................................................ ١٢٣
الثاني : دلالة الآية....................................................... ١٢٦
مناقشة في المصداق...................................................... ١٢٩
شبهات حول القول بأنهم الأئمة الاثنا عشر................................ ١٣٢
جواب الوجه الأول...................................................... ١٣٣
جواب الوجه الثاني...................................................... ١٣٤
جواب الوجه الثالث..................................................... ١٣٥
المبحث الثالث : حق الإتّباع............................................... ١٣٦
الاتباع في الكتاب الكريم................................................ ١٣٩
المحتويات................................................................... ١٤٥