مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الطبعة: ١
الصفحات: ٥١٨
١ ـ ولده الشيخ زين الدين .
٢ ـ الشيخ محمّد بن عليّ الحرفوشي .
٣ ـ الشيخ إبراهيم بن إبراهيم بن فخر الدين العاملي البازوري .
٤ ـ الشيخ أحمد بن أحمد بن يوسف السوادي العاملي العيناثي .
٥ ـ الشيخ حسين بن الحسن العاملي المشغري .
٦ ـ الشيخ عليّ بن أحمد بن موسىٰ العاملي النباطي .
٧ ـ الشيخ عليّ بن محمود العاملي المشغري .
٨ ـ الأمير فيض الله بن عبدالقاهر الحسيني التفرشي .
هؤلاء بعض تلامذته الّذين ذكرهم الحرّ العاملي في أمل الآمل ، وأكثرهم من علماء جبل عامل ، ومن المتيقّن أنّ هناك الكثير ممّن تتلمذوا عليه في كربلاء والنجف والشام ممن تُرِكَ ذكرهم ، ولم نستقصهم اكتفاء بمن ذكرنا من الأعلام والفضلاء .
خطّه وأدبه :
ولم تقف كمالات المؤلّف رحمهالله علىٰ ما ذكرنا من تضلّعه في علم الرجال والدراية ، وتبحّره ودقّته في الفقه ، وباعه غير القصير في الاُصول . بل تعدّىٰ ذلك الىٰ كمالات اُخرىٰ ، فجمع خصلتين اُخريين كانتا شاخصاً واضحاً في بناء شخصيته العلميّة ، فقد امتاز رحمهالله بجودة الخطّ واستنساخه لبعض المؤلّفات ، كما جلّىٰ في النثر والشعر ، وكان ذا رقّة وروعة في شعره .
قال السيّد الخوانساري : وقد كان عندنا من كتب خزانة سيّدنا وسميّنا وشيخ إجازتنا العلّامة الرشتي أعلىٰ الله تعالىٰ مقامه نسخة كتاب الرجال
الكبير ، بخطّ هذا الرفيع جنابه [ يعني به المؤلف ] العادم للعديل والنظير ، وعندنا الآن أيضاً بخطّه الحسن الّذي يقارب في الحسن خطّ والده الجليل الشيخ حسن رحمة الله تعالىٰ عليهما ، علىٰ ظهر كتاب الفقيه الّذي صحّحه أبوه المذكور في نجف الغريّ علىٰ مشرّفه السلام (١) .
وهذا واضح في أنّ المؤلّف كان ذا خطٍّ حسن ، ربّما قارب خطّ والده المعروف بحُسن وجودة الخطّ .
وأمّا شعره ونثره ، فقد كان رحمهالله شاعراً مجيداً ، لأبياته من الرقّة والسلاسة ما يهزّ السامع ويثير مكامن عواطفه ، كما كان له نثر ومراسلات مع أدباء عصره .
قال الميرزا عبدالله الأفندي : كان عالماً فاضلاً . . . حافظاً شاعراً أديباً ، منشئاً ، جليل القدر عظيم الشأن حسن التقرير (٢) . . .
ونقل السيّد الخوانساري عن ولد المؤلّف قوله : ولوالدي رحمهالله أشعار رائقة تشتمل علىٰ مواعظ وحكم وألغاز ومراسلات وإنشاءات نثر (٣) . . .
وفي لؤلؤة البحرين ، نقلاً عن الشيخ عليّ ولد المصنّف ، أنّه قال وهو في معرض تعداد مؤلّفات ومصنّفات والده : وله كتاب مشتمل علىٰ أشعار له ولغيره ، ومراسلات بينه وبين من عاصره ، وكتاب جامع مشتمل علىٰ مواعظ ونصائح وحكم ومراثي وألغاز ومدائح ومراسلات شعريّة بينه وبين أهل العصر ، وأجوبة منه لهم في المدائح والألغاز (٤) . . .
__________________
(١) روضات الجنات ٧ : ٣٩ .
(٢) رياض العلماء ٥ : ٥٨ . ونفس هذه العبارات في أمل الآمل ١ : ١٣٩ .
(٣) روضات الجنات ٧ : ٤٢ .
(٤) لؤلؤة البحرين : ٨٣ .
وصرّح الحر العاملي أنّ له ديوان شعر ، كما سيأتي ذلك عند تعداد مؤلفاته ، وقال : وله شعر حسن (١) .
ونظرة واحدة في أدب هذا الرجل وشعره ، تهدينا إلىٰ أنّ الأقوال التي قيلت في حقّه ـ خصوص هذا المضمار ـ إن لم نقل أنّها لا توفي حقّه فهي ليست مبالغاً فيها ، لأنّه كان ذا حسّ مرهف ولفظ رقيق حتّىٰ في تصويره لمأساة الحسين عليهالسلام ، ومن قصائده في الرثاء الحسيني قوله :
كيف ترقأ دموع أهل الولاء |
|
والحسين الشهيد في كربلاء |
جدّه المصطفىٰ الأمين علىٰ الوحـ |
|
ـي من الله خاتم الأنبياءِ |
وأبوه أخو النبي عليّ |
|
آية الله ، سيّد الأوصياءِ |
أمّه البضعة البتول ، أخوه |
|
صفوة الأولياء والأصفياءِ |
يا لها من مصيبة أصبح الديـ |
|
ـن بها في مذلّة وشقاءِ |
ليت شعري ما عذر عبد محبّ |
|
جامد الدمع ساكن الأحشاءِ |
وابن بنت النبيّ أضحىٰ ذبيحاً |
|
مستهاماً مرمّلاً بالدماءِ |
وحريم الوصي في أسر ذُلٍّ |
|
فاقدات الآباء والأبناءِ |
وعليّ خير العباد أسيرٌ |
|
في قيود العدىٰ حليف العناءِ |
مثل هذا جزاء نصح نبيّ |
|
كَلَّ عن نعته لسان الثناءِ |
أسّس السابقون بيعة غدر |
|
وبنىٰ اللّاحقون شرّ بناءِ |
حرّفوا ، بدّلوا ، أضاعوا ، أقاموا |
|
بِدَعاً بالعناد والشحناءِ |
واستبدّوا بإمرة نصبوها |
|
شَرَكاً للأئمّة النجباءِ |
منعوا فاطم البتول تراثاً |
|
من أبيها بفاسد الآراءِ |
__________________
(١) أمل الآمل ١ : ١٣٩ . وصرّح بذلك أيضاً الميرزا عبدالله أفندي في رياض العلماء ٥ : ٥٩ ، والسيّد الخوانساري في روضات الجنات ٧ : ٤٠ .
يا بني الوحي لا يُخفِّفُ وجداً |
|
نالنا من شماتة الأعداءِ |
غيرُ ذي الأمر نور وحي إلهٍ |
|
حجّة الله كاشف الغمّاءِ |
لهفَ نفسي علىٰ زمان أرىٰ فيـ |
|
ـه مزيلاً لدولة الأشقياءِ |
أترىٰ يسمح الزمان بهذا |
|
ويحوز الراجون خير رجاءِ (١) |
وهذه القصيدة تمتاز ـ إضافة إلىٰ جودة سبكها وحلاوة ألفاظها ورقّة وصدق العاطفة فيها ـ بشتّىٰ المعاني الضخام ، التي تتّضح فيها بصمات العلماء والفقهاء ، والعقائديين المحقّقين ، والمؤرّخين الذين يعطون فلسفة التاريخ حقّها .
فقد بدأ قصيدته بالحزن وإثارة العواطف الدينيّة ، ثمّ انتقل إلىٰ صفات الشهيد وبيان ضخامة انتسابه الأسري إلىٰ لباب النبوة ، النبيّ محمّد صلىاللهعليهوآله ، وإلىٰ خاتم الأوصياء عليّ عليهالسلام ، وإلىٰ البضعة الزهراء عليهاالسلام ، مع أخوّته لصفوة الأولياء الحسن الزكي عليهالسلام ، ثمّ عاد إلىٰ التفجّع واستدرار العواطف الجيّاشة ، فصوّر الحسين ذبيحاً مرمّلاً ، وعرّج علىٰ ذكر السبايا والإمام السجّاد عليهالسلام .
ثمّ عاتب المسلمين علىٰ لسان النبيّ صلىاللهعليهوآله عتباً لاذعاً في البيت العاشر من القصيدة ، حيث تجلىٰ فيه نفس الشريف الرضيّ حيث يقول في مقصورته الرائعة :
ليس هذا لرسول الله يا |
|
أمّة الطغيان والبغي جزا |
وانتقل في البيت الحادي عشر إلىٰ فلسفة الأحداث التاريخية ، فبرز محلّلاً رائعاً ، تتجلّىٰ فيه صورة القاضي ابن قريعة وهو يقول :
__________________
(١) أمل الآمل ١ : ١٤٠ ـ ١٤١ ، ونقل بعضها في روضات الجنات ٧ : ٤١ ، ونقلها في رياض العلماء ٥ : ٦٠ ـ ٦١ .
وأريتكم أنّ الحسيـ |
|
ـن أصيب في يوم السقيفة |
ولأيّ ذنب أُلحدت |
|
بالليل فاطمة الشريفة |
فقد انتقل المؤلف انتقالة رائعة إلىٰ بيان إمرة علي المغتصبة ، ومنع الزهراء نحلتها وإرثها .
ثمّ عرّج في نهايات قصيدته إلىٰ استنهاض الحجّة ( عج ) والتشوّق لظهوره لكشف الغمّة وإزالة دولة الأشقياء .
هذا ، وله قصيدة في مدح أُستاذه السيّد محمّد بن أبي الحسن العاملي صاحب المدارك ، يقول في مطلعها :
يا خليليَّ باللطيف الخبير |
|
وبودّ أضحىٰ لكم في الضمير |
خصّصا بالثنا إماماً جليلاً |
|
وخليلاً أضحىٰ عديم النظير |
ثمّ رثاه بعد انتقاله إلىٰ رحمة الله ورضوانه بقصيدة قال فيها :
ما لفؤادي مدىٰ بقائي |
|
قد صار وقفاً علىٰ العناء |
وما لجسمي حليف سقم |
|
بدا به اليأس من شفائي (١) |
وعلىٰ كلّ حال ، فإنّ المؤلّف كان ذا مرتبة راقية من الأدب شعراً ونثراً ، مضافاً إلىٰ فقهه وأُصوله ونبوغه في علم الرجال ، لكنّ العجب لا ينقضي من عدم انطباع هذه الرقة ، وهذا القلم الدفّاق ، علىٰ عباراته في كتاب « الاستقصاء » ، إلّا إذا عرفت أنّ مؤلّفنا كان دقيقاً غاية الدقّة ، كثير الغوص في التشعّبات وإثارة الإشكالات حولها ، ممّا أفقده مرونة التعبير وسلاسة الإفهام ، كما صرّح بذلك الشيخ يوسف البحراني حيث قال : وقد وقفت علىٰ جملة من مصنّفات الشيخ . . . فوجدت الرجل فاضلاً إلّا أنّ عباراته معقّدة غير سلسة (٢) .
__________________
(١) انظر أمل الآمل ١ : ١٤٠ .
(٢) لؤلؤة البحرين : ٨٤ .
مدح العلماء وإطراؤهم إيّاه :
بعدما عرفت من بُعد غور الرجل ، وتتلمذه علىٰ يد كبار العلماء ، وتربيته لخيرة الفضلاء ، ومثابرته علىٰ العلم وخدمة الدين ، وبعدما ستعرف من ضخامة مؤلّفاته وكثرتها ، لا غرو أن تجد العلماء يقفون منه موقف الاجلال والإكبار ، ويشيدون به معتزّين ببروز مثل هؤلاء الفضلاء والعلماء الّذين رفدوا الفكر الإسلامي بروائع الأفكار وأبكارها .
فقد ذكره ولده الشيخ علي في كتاب « الدر المنثور » في الجزء الثاني فقال : كان عالماً عاملاً ، وفاضلاً ، كاملاً ، وورعاً عادلاً ، وطاهراً زكيّاً ، وعابداً تقيّاً ، وزاهداً مرضيّاً ، يفرّ من الدنيا وأهلها ، ويتجنّب الشبهات ، جيّد الحفظ والذكاء والفكر والتدقيق ، كانت أفعاله منوطة بقصد القربة ، صرف عمره في التصنيف والعبادة والتدريس والإفادة والاستفادة (١) .
وقال الشيخ يوسف البحراني : وكان الشيخ محمّد فاضلاً محقّقاً مدقّقاً ورعاً فقيهاً متبحّراً (٢) .
وقال الحرّ العاملي في شأنه : كان عالماً فاضلاً ، محقّقاً مدقّقاً ، متبحّراً جامعاً كاملاً ، صالحاً ورعاً ، ثقة ، فقيهاً محدّثاً ، متكلّماً حافظاً ، شاعراً أديباً ، منشئاً جليل القدر ، عظيم الشأن ، حسن التقرير (٣) .
ونقل صاحب الروضات مدح أستاذ المؤلف له ، فقال : صورة ما كتبه أستاذه المعظّم عليه في أواخر رجاله الكبير من بيان حال طرق الصدوق إلىٰ
__________________
(١) أمل الآمل ١ : ١٣٩ .
(٢) لؤلؤة البحرين ٨٢ .
(٣) أمل الآمل ١ : ١٣٩ .
أرباب الاُصول ، مع تلخيص ما منه رحمهالله ، وهي هكذا :
من فوائد مولانا علّامة الزمان ميرزا محمّد أطال الله بقاءه في كشف طرق هذا الكتاب ، وبيان حالها تفصيلاً ، بالنظر إلىٰ الرواة المعتمدين وغيرهم ، نقلته من كتابه في الرجال ، وهو كتاب لم يُرَ مثله في كتب المتقدّمين ، ولم يسمع بما يدانيه أفكار المتأخرين (١) . . .
وقد مرّ عليك أنّ صاحب الروضات مدحه فقال في معرض بيانه لنسخة كتاب الرجال للمؤلف ، حيث قال : نسخة كتاب الرجال الكبير بخطّ هذا الرفيع جنابه ، العادم للعديل وللنظير (٢) . . .
وإطراء العلماء هذا ومدحهم له ـ وعلىٰ وجه الخصوص أستاذه الأسترآبادي الّذي شهد له بالتفوّق ، والسبق ـ لم يكن ليمنع من وجود بعض المؤاخذات علىٰ المؤلّف رحمهالله والّتي ذكرها العلماء وبيّنوا وجهها ومبعث وجودها في قلم وعلميّة هذا العالم الفاضل النحرير .
قال الشيخ يوسف البحراني : وقد وقفت علىٰ جملة من مصنّفات الشيخ المزبور منها شرحه للاستبصار ، وحاشية علىٰ الفقيه ، وتأمّلت كلامه فوجدت الرجل فاضلاً ، إلّا أنّ عبارته معقّدة غير سلسة ، وتصنيفه غير مهذّب ولا محرّر ، وتراه يبحث في المسألة حتىٰ إذا أتىٰ الموضع المطلوب منها أحال بيانه علىٰ حواش له في كتب أخرىٰ أو مصنّف آخر ، وهذا إمّا ناشئ من العجز أو من عدم جودة الملكة في التصنيف .
ويؤيّد ما قلناه ما وقفت عليه في كلام شيخنا المحدّث الصالح الشيخ عبدالله بن الحاج صالح البحراني رحمهالله ، قال : وكان الشيخ محمّد مدقّقاً غير
__________________
(١) روضات الجنات ٧ : ٣٩ .
(٢) روضات الجنات ٧ : ٣٩ .
محقّق ، أخبرني الشيخ عمّن أخبره من المشايخ ، عن الشيخ عليّ بن سليمان البحراني أنّه شاهده وذكر أنّه ليس في مرتبة الاجتهاد ، لأنّه من شدّة دقّته لم يقف علىٰ شيء ، قال الشيخ : وهذه الدقّة تسمّىٰ بالجربزة (١) ، ومن وقف علىٰ مصنّفاته كشرح الاستبصار وحاشية الفقيه عرف صحّة ما نقله الشيخ عنه ، انتهىٰ (٢) .
والواقع أنّ هذا الكلام في عين كونه دقيقاً من جهة مدوّنات الشيخ محمّد إلّا أنّ فيه تساهلاً من جانب آخر ، وهو أنّ الذي نميل إليه أنّ المصنّف رحمهالله لم يكن بصدد تأليف كتاب فقهيّ استدلالي شامل كسائر الشروح المطوّلة الّتي يطرح كتّابها فيها وجهات نظرهم وآراءهم الفقهية ، بل كان غرضه ـ خصوصاً في كتاب الاستقصاء ـ بيان ما ذهب إليه الشيخ الطوسيّ من وجوه الجمع ، وشرحها وتوجيهها ، وإيراد الإشكالات عليها وحلّها إن أمكن ذلك ، وربّما أبدىٰ وجهة نظره في خصوص موردٍ ما ، دون إرادة الوصول إلىٰ النتيجة الفقهية النهائيّة ، فلا يمكن إلقاء التبعة كلها علىٰ حالة التدقيق المفرط عنده التي أخرجته إلىٰ حالة الجربزة ، فإنّ هذه الحالة وإن كانت واضحة في كتابه الاستقصاء ، وربّما في كلّ تآليفاته كما تقدّم نقل ذلك عن بعض الأعلام ، لكنّ الذي نراه هو أنّ هذا الرجل لم يؤلّف كتاباً استدلالياً موسّعاً ليؤاخذ بهذه المؤاخذة ثمّ يتّهم بعدم الاجتهاد ، لأنّ عدم إبداء النظر الأخير كانت له ـ حسب قرائن التأليف ـ مبرراته كما أوضحنا ذلك .
مضافاً إلىٰ أن الكثير من علماء الطائفة المحقّة كانوا لسببٍ أو لآخر ،
__________________
(١) الجُربزة : كلمة فارسية معناها سرعة الفهم والذكاء ـ فرهنگ معين ١ : ١٢٢٣ .
(٢) لؤلؤة البحرين : ٨٤ .
لا يريدون عن عمد إظهار آرائهم الفقهية ، مقتصرين علىٰ البحوث العلميّة المحضة ، مختصّين أنفسهم بآرائهم ونتائجهم الفقهية ، طارحين وجهات نظرهم علىٰ تلامذتهم فقط ، وربّما صرّحوا قليلاً برأيهم القاطع الذي يتوصّلون إليه في فرع أو مسألة ما ، فهم يصبّون جلّ اهتماماتهم علىٰ إغناء البحوث العلمية من رفيع أفكارهم وبديع أنظارهم وتنشئة مجموعة من الكوادر والفضلاء .
مؤلفاته ومصنفاته :
علمنا من خلال ترجمة هذا العالم الفاضل أنّه صرف عمره مثابراً في التحقيق والتدريس والتدقيق والتأليف والتصنيف ، فكان حصيلة ذلك ـ بعد تربية الفضلاء ـ أن أتحف المكتبة الإسلامية بتآليف قيّمة ، ذكر المترجمون له منها :
١ ـ استقصاء الاعتبار في شرح الاستبصار ، وهو الكتاب الماثل بين يديك .
٢ ـ تعليقات علىٰ كتاب مدارك الأحكام .
٣ ـ حاشية اُصول الكافي .
٤ ـ حاشية علىٰ شرح اللمعة . وصل فيها إلىٰ كتاب الصلح .
٥ ـ حاشية الفقيه ، وهي حاشية علىٰ العبادات من كتاب « من لا يحضره الفقيه » .
٦ ـ حاشية كتاب الرجال ، وهي حاشية علىٰ كتاب الرجال للميرزا محمّد الاسترآبادي الرجالي المعروف .
٧ ـ حاشية المختلف .
٨ ـ حاشية المدارك . وهي غير تعليقاته عليه .
٩ ـ حاشية المطوّل .
١٠ ـ حاشية المعالم . وهي حاشية علىٰ اُصول معالم الدين لوالده .
١١ ـ ديوان شعره .
١٢ ـ رسالة سمّاها « تحفة الدهر في مناظرة الغنىٰ والفقر » .
١٣ ـ رسالة في تزكية الراوي .
١٤ ـ رسالة في التسبيح والفاتحة فيما عدا الاُوليين وترجيح التسبيح .
١٥ ـ رسالة التسليم في الصلاة . حقّق فيها ما ترجّح عنده .
١٦ ـ رسالة في الطهارة .
١٧ ـ « روضة الخواطر ونزهة النواظر » وهو كتاب مشتمل علىٰ فوائد ومسائل وأشعار له ولغيره ، وحِكَم وغيرها ، ملتقطة من كُتُب شتّىٰ .
١٨ ـ شرح الاثني عشرية لوالده .
١٩ ـ شرح تهذيب الأحكام .
٢٠ ـ كتاب مشتمل علىٰ مسائل وأحاديث .
٢١ ـ كتاب جامع مشتمل علىٰ نصائح ومواعظ وحكم ومراث وألغاز ومدائح ومراسلات شعرية بينه وبين شعراء أهل العصر ، وأجوبة منه لهم في المدائح والألغاز .
٢٢ ـ كتاب مشتمل علىٰ أشعار له ولغيره ، ومراسلات بينه وبين من عاصره .
وهكذا تتضح معالم النضوج الفكريّ ، وجوانبه في تأليفاته ، فقد صبّ اهتمامه علىٰ الفقه أوّلاً ، ثمّ علىٰ كتب الأحاديث ، ثمّ الرجال ،
ثمّ أصول الفقه ، ثمّ علم البلاغة فيما يشمل من علم المعاني والبديع والبيان ، ثمّ في الأدب شعراً ونثراً ، وبعد ذلك في علوم شتّىٰ جمعها من كتب شتىٰ .
فلا ريب ولا شبهة في أنّه كان حاوياً لأصناف من الكمالات وأنواع من العلوم ، كما كان مشهوراً بدقّة النظر وقوّة العقل ، كلّ هذا بعد تسليم الجميع بأنّه من فحول وأساطين الرجاليين .
وفاته ومدفنه :
توفّي الشيخ محمّد رحمهالله في ليلة الاثنين عاشر ذي القعدة الحرام سنة ألف وثلاثين من الهجرة في مكّة المشرّفة . ودفن بمكّة المكرّمة ، في منطقة المعلّىٰ ، قرب مزار أمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها .
وجد بخط السيّد حسين بن محمّد بن علي بن أبي الحسن العاملي ، ما صورة خطّه : توفّي ابن خالي الشيخ محمّد بن الحسن بن زين الدين العاملي في عاشر ذي القعدة الحرام سنة ألف وثلاثين من الهجرة في مكّة المشرّفة (١) .
قال الخوانساري : فظهر من تاريخ مولده ووفاته أنّ عمره خمسون سنة وثلاثة أشهر (٢) .
ثمّ قال : وهو بعينه تاريخ وفاة شيخنا البهائي قدسسره البهي بأصفهان (٣) .
وقد كان المؤلّف رحمهالله قد أحسّ بدنوّ أجله ، فكان يتمنّىٰ أن يساعده الله ويعينه علىٰ سكرات الموت وما بعده ، فقد نقل ولده الشيخ عليّ عن خطّ الشيخ حسين المشغري ـ الذي كان من جملة تلامذة أبيه المذكور ومصاحبيه في مكة المشرّفة ـ أنّه كتب بعد ما رقم تاريخ وفاته ليلة الاثنين
__________________
(١) رياض العلماء ٥ : ٦١ .
(٢) روضات الجنات ٧ : ٤٤ ، لؤلؤة البحرين : ٨٥ .
(٣) روضات الجنات ٧ : ٤٥ .
العاشر من ذي القعدة الحرام سنة ثلاثين من الهجرة : وقد سمعت منه قدسسره قبل انتقاله بأيّام قلائل مشافهة ، وهو يقول لي : إنّي أنتقلُ في هذه الأيّام عسىٰ الله أن يعينني عليها ، وكذا سمعه غيري ، وذلك في مكّة المشرّفة ، ودفنّاه ـ برَّد الله مضجعه ـ في المعلّىٰ ، قريباً من مزار خديجة الكبرىٰ رضي الله تعالىٰ عنها (١) .
وكان من كرامات هذا الشيخ الجليل ، أنّ زوجته بنت السيّد محمّد بن أبي الحسن ، وأمّ ولده ، أخبرت أنّه لمّا تُوفّي كنَّ يسمعن عنده تلاوة القرآن طول تلك الليلة (٢) .
كتاب الاستقصاء وميزاته :
إنّ كتاب استقصاء الاعتبار في شرح الاستبصار يمثّل واحداً من أبرز شروح الاستبصار ، وقد وجدنا مؤلّفه يقسّمُ مباحثه تقسيمات رباعية .
أ ـ ذكر الروايات الّتي في الاستبصار ، وما قاله الشيخ الطوسي في جمعها ، ورفع تعارضها البدوي .
ب ـ شرح سند الرواية أو الروايات ، والخروج بنتيجة رجالية أخذاً وردّاً ، وصحّةً وسقماً .
ج ـ الخوض في البحث المتنيّ ، وبيان وجوه الرواية ومعانيها ، وربّما توسّع المؤلّف في بحثه وأبدىٰ آراءه ونظراته فيها علىٰ نحو الجزم والالتزام أو علىٰ نحو الاحتمال لتقوية الذهنية الفقهية .
د ـ شرح لغة الحديث ، إن وجدت فيه كلمات تحتاج إلىٰ الشرح
__________________
(١) روضات الجنات ٧ : ٤٥ .
(٢) روضات الجنات ٧ : ٤٣ .
ويتوقّف عليها ابتناء هذا الرأي أو ذاك .
هذا هو تقسيم الكتاب بنحو مجمل ، فهو رباعيّ في كلِّ موضوع ، اذ هو كالآتي : الروايات ، السند ، المتن ، اللغة ، وربّما لم يجعل للّغة عنواناً مستقلاً ، فيبقىٰ التقسيم حينذاك ثلاثيّاً .
وعلىٰ كلّ حال ، فإنّ ما يهمّنا تجليته وإبرازه في هذه المقدّمة ، هو أهمّ ميزات الكتاب ، الّتي امتاز بها فكان محطّ نظر الفقهاء والفضلاء ، لأنّ للكتاب ميزات جمّة يقف عليها المطالع المدقّق ، ونحن نذكر هنا أهمّها ، وهي :
١ ـ إنّ كونه من شروح الاستبصار ـ الذي هو أحد الكتب الأربعة المعتمدة عند الإمامية ـ يعطي له قيمة علميّة وأهميّة كبيرة .
٢ ـ التنظيم الجيّد ، والخطّة المحبوكة ، في تناول المطالب بالبحث والتحقيق .
٣ ـ احتواؤه علىٰ تحقيقات رشيقة ، وتدقيقات والتفاتات يندر أن تجمع في كتاب آخر غيره ، مع عبارة مختصرة وجيزة .
٤ ـ خلوصه عن التكرار في البحوث ، واكتفاؤه بالإحالة علىٰ مواضع أخرىٰ بمثل قوله « تقدّم » أو « سيأتي » ، فلا يكرّر مطلباً إلّا إذا كانت هناك عناية خاصة أو فائدة جديدة .
٥ ـ محاولته إصابة لباب المطالب ، والابتعاد عن التفصيلات المملّة ، ولذلك فهو يحيل في كثير من الموارد علىٰ مؤلّفاته وتحقيقاته الاُخرىٰ ، خصوصاً حواشيه علىٰ التهذيب والفقيه والروضة والمعالم ، ورجال الميرزا محمّد الاسترآبادي .
٦ ـ وفرة التحقيقات الرجالية بشكل كبير جدّاً ، ولعلّ هذه السمة والميزة هي أهمّ وأعنىٰ ما في كتاب الاستقصاء ، فقد أبدع في تحقيقاته الرجالية ومبانيه الدرائية ، وكان ذلك منه رحمهالله معالجةً للوضع الذي كان سائداً في زمانه ، وهو عدم الاعتناء المتزايد بالبحوث الإسنادية والرجالية ، فكانت هذه الناحية سدّاً للخَلل ، ودفعاً لحركة جديدة في الحوزة العلمية آنذاك .
ولكي لا يخلو المقام من فوائد أكثر ، رأينا من الأرجح أن نثبت هنا بعض مباني المؤلّف والاُصولية ، ثمّ نذكر بعض مبانيه الرجاليّة لنقف علىٰ مدىٰ إبداع هذا الفقيه المدقّق .
من مبانيه الاُصولية :
١ ـ التسامح في أدلة الكراهة محل تأمل (١) .
٢ ـ قوله بعدم حجيّة مفهوم الوصف (٢) .
٣ ـ قوله بحجيّة مفهوم الشرط (٣) .
٤ ـ إن الشهرة إنّما تكون مثمرة إذا كانت حاصلة قبل زمان الشيخ الطوسي .
٥ ـ عدم اشتراط جميع الأعصار في تحقق الإجماع (٤) .
٦ ـ عدم المنع عن تأخير بيان المجمل إلىٰ زمان الحاجة (٥) .
__________________
(١) ص : ١٢٣ .
(٢) ص : ١٩٤ .
(٣) ص : ٢٠٨ .
(٤) ج ٢ : ٦ .
(٥) ج ٢ : ٩٦ .
مبانيه وتحقيقاته الرجالية والدرائية :
١ ـ إنّ رواية الأجلاء ـ مثل الكليني ـ عن شخص تدل علىٰ اعتباره (١) .
٢ ـ إنّ الاعتماد علىٰ المراسيل لا يصلح للقدح (٢) .
٣ ـ تقديم النجاشي علىٰ الشيخ عند تعارض الجرح والتعديل (٣) .
٤ ـ عدم إفادة تصحيح العلّامة للتوثيق المعتبر (٤) .
٥ ـ الاشكال في إفادة تصحيح الشيخ للتوثيق المعتبر (٥) .
٦ ـ مزية تصحيح الصدوق علىٰ نحو يقرب من التوثيق (٦) .
٧ ـ ترك النجاشي ذكر المذهب ـ كالوقف ـ دليل علىٰ نفيه (٧) .
٨ ـ إنّ حديث إبراهيم بن هاشم لا يعد من الصحيح ، بل من الحسن (٨) .
٩ ـ إن الاضمار لا يوجب ضعف الحديث (٩) .
١٠ ـ رواية الصدوق مرجح (١٠) .
__________________
(١) ص : ٤٨ .
(٢) ص : ٤٨ .
(٣) ص : ١٠٨ .
(٤) ج ٣ : ٢٧ .
(٥) ج ٣ : ٢٧ .
(٦) ج ٣ : ٢٨ .
(٧) باب المسافر علىٰ بعض أهله .
(٨) ص : ٥٢ ـ ٥٣ .
(٩) ص : ٧٢ .
(١٠) باب من يصلي وحده كم يصلي ؟
١١ ـ إن الاجماع علىٰ تصحيح ما يصح عن ابن أبي عمير محل كلام ، وعلىٰ تقديره لا يثمر عدم الالتفات الىٰ من بعده (١) .
١٢ ـ إن محمّد بن شهر آشوب غير معلوم الحال (٢) .
١٣ ـ إنّ محمّد بن قولويه محل تأمّل (٣) .
١٤ ـ انصراف ابن مسكان المطلق إلىٰ عبدالله (٤) ، والحلبي إلىٰ محمّد ابن علي الحلبي ، ومعاوية بن وهب إلىٰ الثقة (٥) ، وابن سنان الراوي عن أبي عبدالله عليهالسلام هو عبدالله (٦) .
١٥ ـ إن الوكالة من ناحية الأئمة عليهمالسلام لا تثبت توثيق الوكيل (٧) .
النسخ المخطوطة المعتمدة في التحقيق :
١ ـ النسخة المخطوطة في مكتبة مدرسة الفيضية / قم : وهي من مقدّمة المؤلّف إلىٰ نهاية الصلاة ، كتبت بخطّ الناسخ محمود الحسيني علىٰ الأجزاء الثلاثة سنة ١٠٣١ هـ ، ١٠٣٢ هـ ، ١٠٣٧ هـ ورمزنا لها في الهامش بـ ( فض ) .
٢ ـ النسخة المخطوطة في مكتبة الاستانة الرضوية / مشهد : وهي من مقدّمة المؤلّف إلىٰ نهاية الصلاة ، كتبت بخطّ الناسخ محمود الحسيني ، علىٰ
__________________
(١) ص : ٣١٦ ، وج ٢ : ١٧٩ .
(٢) ص : ٣١٦ .
(٣) ص : ١١١ ، ١٦١ .
(٤) ص : ٢٥٧ .
(٥) ص ٤١٧ .
(٦) ج ٢ : ٧١ .
(٧) باب الصلاة في الفنك والسمور والسنجاب .
الأجزاء الثلاثة سنة ١٠٤٤ هـ ، ١٠٤٥ هـ ، ورمزنا لها في الهامش بـ ( رض ) .
٣ ـ النسخة المخطوطة في مكتبة دانشگاه / طهران : وهي من أبواب تطهير الثياب والبدن إلىٰ باب القعود بين الأذان ، وهي مجهولة الناسخ ، يوجد في الورقة الأخيرة منها سنة ١٠٢٦ هـ. ورمزنا لها في الهامش بحرف ( د ) .
٤ ـ النسخة المخطوطة في مكتبة مجلس الشورىٰ الإسلامي ( شوراي ملي ) ، وهي من قوله « أبواب كيفية الصلاة من فاتحتها إلىٰ خاتمتها / باب وجوب قراءة الحمد » إلىٰ نهاية الصلاة ، بخط الناسخ فخر الدين بن محمّد علي الطُريحي سنة ١٠٢٨ هـ ، ورمزنا لها في الهامش بحرف ( م ) .
كما استفدنا من النسخة المطبوعة من الاستبصار لدار الكتب الاسلامية بطهران ، ومن النسخ المخطوطة الّتي أشار إليها المحقّق .
منهجية التحقيق :
أخذت مؤسّسة آل البيت في مشهد المقدسّة علىٰ عاتقها تحقيق الكتاب ، وشكلت لأجل ذلك لجاناً ـ عمل فيها المحقّقون حسب اختصاصهم العلمي ـ وشرعت بالعمل الجماعي وفقاً لخطّتها السائرة في التحقيق ، واللّجان كما يلي :
١ ـ لجنة المقابلة : وقد عمل في هذا الحقل الأخَوان الفاضلان محمّد الأنصاري ، وعلي الإبراهيمي .
٢ ـ لجنة الاستخراج : وعملها استخراج الأقوال والروايات وغريب الحديث و . . . ، من المصادر الأساسيّة ، وقد عمل في هذه اللّجنة كلّ من حجج الإسلام : الشيخ علي المقني ، والشيخ محمّد حسين أميني ، والشيخ
محمّد علي زينلي ، والأخوة الأماجد : عبدالحسين الحسون وعبدالرضا مجيد الروازق ، والسيّد عبدالعزيز كريمي .
٣ ـ لجنة تقويم النصّ : وتكونت هذه اللّجنة من حجج الإسلام : الشيخ محمّد صبحي ، والشيخ عباس تبريزيان ، والشيخ مجتبىٰ فرحناكي ، والشيخ كريم الأنصاري .
٤ ـ كتابة الهامش : وقد اُنيطت بالأخ السيّد محمّد جواد الحسيني .
٥ ـ الإشراف والمراجعة النهائية : وقد كانت مهمّته من مسؤوليّات حجة الاسلام الشيخ محمّد بهرهمند .
وفي الختام نقدّم جزيل شكرنا لجميع العاملين في تحقيق هذا الكتاب ، وبالأخص حجة الاسلام الشيخ محسن قديري لما بذله من جهد في ملاحظة الكتاب .
سائلينه سبحانه وتعالىٰ أن يتقبله بأحسن قبوله
وصلىٰ الله علىٰ محمّد وآله الطيّبين الطاهرين
مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث