نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٥

السيّد علي الحسيني الميلاني

نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار - ج ١٥

المؤلف:

السيّد علي الحسيني الميلاني


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٨

وروى أبو الحسن علي بن محمّد بن أبي سيف المدائني (١) في كتاب ( الأحداث ) قال : كتب معاوية نسخة واحدة إلى عمّاله بعد عام الجماعة : أن برئت الذمة ممّن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته.

فقامت الخطباء في كلّ كورة وعلى كل منبر يلعنون عليا ويبرءون منه ، ويقعون فيه وفي أهل بيته ، وكان أشدّ الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة لكثرة من بها من شيعة علي ، فاستعمل عليها زياد بن سمية وضمّ إليه البصرة ، وكان يتّبع الشيعة ـ وهو بهم عارف لأنّه كان منهم أيّام علي ـ فقتلهم تحت كلّ حجر ومدر ، وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل ، وسمل العيون وصلبهم على جذوع النخل ، وطردهم وشرّدهم عن العراق ، فلم يبق بها معروف منهم.

وكتب معاوية إلى عمّاله في جميع الآفاق أن لا يجيزوا لأحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة.

وكتب إليهم أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبّيه وأهل بيته ، والذي يروون فضائله ومناقبه ، فادنوا مجالسهم وقرّبوهم وأكرموهم ، واكتبوا إليّ بكلّ ما يروي كلّ رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته.

ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه ، لما كان يبعثه إليه معاوية من الصّلات والكساء والجبّات والقطائع ، ويفيضه في العرب منهم والموالي ، فكثر ذلك في كلّ مصر ، وتنافسوا في المنازل والدنيا ، فليس يجيء

__________________

(١) قال الذهبي بترجمته : « المدائني ، العلاّمة الحافظ الصادق أبو الحسن علي بن محمّد بن عبد الله بن أبي سيف المدائني الأخباري ، نزل بغداد ، وصنّف التصانيف ، وكان عجبا في معرفة السير والمغازي والأنساب وأيام العرب ، مصدّقا فيما ينقله ، عالي الإسناد ... وكان عالما بالفتوح والمغازي والشعر صدوقا في ذلك » توفي سنة ٢٢٤ ، ٢٢٥.

سير أعلام النبلاء ١٠ / ٤٠٠.

ترجمته في : في : تاريخ بغداد ١٢ / ٥٤ ، مرآة الجنان ٢ / ٨٣ ، معجم الأدباء ١٤ / ١٢٤ ، الكامل في التاريخ ٦ / ٥١٦ وغيرها.

٤١

أحد بخبر مزوّر من الناس إلاّ صار عاملا من عمّال معاوية ، ولا يروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلاّ كتب اسمه ، وقرّبه ، وشفّعه ، فلبثوا بذلك حينا.

ثم كتب إلى عمّاله : إن الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل وجه وناحية ، فإذا جاءكم كتابي هذا فادعوا النّاس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الأوّلين ، ولا يتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلاّ وأتوني بمناقض له في الصحابة ، فإنّ هذا أحبّ إليّ وأقرّ لعيني ، وأدحض لحجة أبي تراب ولشيعته ، وأشد عليهم من مناقب عثمان وفضله.

فقرئت كتبه على الناس ، فرويت أخبار كثيرة في مناقب الصحابة مفتعلة لا حقيقة لها ، وجدّ الناس في رواية ما يجري هذا المجرى ، حتى أشاروا بذكر ذلك على المنابر ، والقي إلى معلّمي الكتاتيب ، فعلّموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع ، حتى رووه وتعلّموه كما يتعلّمون القرآن ، وحتى علّموه بناتهم ونسائهم وخدمهم وحشمهم ، فلبثوا بذلك ما شاء الله.

ثمّ كتب إلى عمّاله نسخة واحدة إلى جميع البلدان : انظروا من قامت عليه البيّنة أنّه يحبّ عليّا وأهل بيته ، فامحوه من الديوان وأسقطوا عطاءه ورزقه.

وشفّع ذلك بنسخة أخرى : من اتّهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكّلوا به واهدموا داره.

فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه بالعراق ، ولا سيّما بالكوفة ، حتى أنّ الرجل من شيعة علي ليأتيه من يثق به فيدخل بيته فيلقي إليه سرّه ويخاف من خادمه ومملوكه ، ولا يحدّث حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليتمكّن عليه.

فظهر حديث كثير موضوع ، وبهتان منتشر ، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة والولاة. وكان أعظم الناس في ذلك بليّة القرّاء المراءون والمستضعفون الذين يظهرون الخشوع والنسك ، فيفتعلون الأحاديث ليحظوا بذلك عند ولاتهم ، ويتقرّبوا بمجالستهم ويصيبوا به الأموال والضياع والمنازل ، حتى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الدّيانين الذين لا يستحلّون الكذب ،

٤٢

فقبلوها ورووها وهم يظنّون أنها حق ، ولو علموا أنّها باطلة لما رووها ولا تديّنوا بها.

فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي ، فازداد البلاء والفتنة ، فلم يبق أحد من هذا القبيل إلاّ خائف على دمه أو طريد في الأرض.

ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين ، وولي عبد الملك بن مروان ، فاشتدّ على الشيعة ، وولى عليهم الحجاج بن يوسف ، فتقرّب إليه أهل النسك والصلاح والدين ببغض علي وموالاة أعدائه ، وموالاة من يدعي من الناس أنّهم أيضا أعداؤه ، فأكثروا في الرّواية في فضلهم وسوابقهم ومناقبهم ، وأكثروا من الغض من علي ومن عيبه والطعن فيه والشنآن له.

حتّى أن إنسانا وقف للحجاج ـ ويقال إنّه جد الأصمعي عبد الملك بن قريب ـ فصاح به : أيّها الأمير : إن أهلي عقّوني فسمّوني عليا وإنّي فقير بائس وأنا إلى صلة الأمير محتاج. فتضاحك له الحجاج وقال : للطف ما توسّلت به قد ولّيناك موضع كذا.

وقد روى ابن عرفة المعروف بنفطويه ـ وهو من أكابر المحدّثين وأعلامهم ـ في ( تاريخه ) (١) ما يناسب هذا الخبر وقال : إن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في أيام بني أميّة ، تقربا إليهم بما يظنّون أنهم يرغمون به أنف بني هاشم.

قال المؤلف ـ عفا الله عنه ـ ولم يزل الأمر على ذلك سائر خلافة بني أميّة ـ لعنهم الله ـ حتى جاءت الخلافة العباسية ، فكانت أدهى وأمرّ وأضرى وأضرّ ،

__________________

(١) ترجم له الذهبي وقال : « نفطويه الإمام الحافظ النحوي العلاّمة الأخباري أبو عبد الله إبراهيم بن محمّد بن عرفة بن سليمان ، العتكي الازدي الواسطي ، المشهور بنفطويه ، صاحب التصانيف ... وكان ذا سنّة ودين وفتوّة ومروّة ، وحسن خلق ، وكيس ، مات سنة ٣٢٣ » سير أعلام النبلاء ١٥ / ٧٥. وتوجد ترجمته أيضا في : تاريخ بغداد ٦ / ١٥٩ ، وفيات الأعيان ١ / ٤٧ ، المنتظم ٦ / ٢٧٧ ، الوافي بالوفيات ٦ / ١٣٠ ، معجم الأدباء ١ / ٢٥٤ ، وغيرها.

٤٣

وما لقيه أهل البيت عليهم‌السلام وشيعتهم من دولتهم أعظم ممّا مضوا به في الخلافة الاموية كما قيل :

والله ما فعلت أميّة فيهم

معشار ما فعلت بنو العباس

ثمّ شبّ الزمان وهرم ، والشأن مضطرب والشنآن مضطرم ، والدهر لا يزداد إلاّ عبوسا ، والأيام لا تبدي لأهل الحق إلاّ بؤسا ، ولا معقل للشيعة من هذه الخطّة الشنيعة في أكثر الأعصار ومعظم الأمصار إلاّ الانزواء في زوايا التقيّة ، والانطواء على الصبر بهذه البلية » (١).

أقول :

وإذا علمت حال هؤلاء الأسلاف المنهمكين في الأسفاف ، فليكن غير خاف على سريرتك النقيّة عن الاعتساف ، المتحلّية بالإنصاف أنّ ( الدهلوي ) النحرير ، الذي هو عند السنّية صدرهم الكبير وملاذهم الشهير ، قد جنح تقليدا للكابلي بجوامع قلبه إلى هؤلاء الجماهير الكارعين من المشارع الردغة ، والناهلين من الموارد الكدرة ، الذين زرعوا الفجور وسقوه الغرور ، وحصدوا الثبور ورفعوا الدور ، وبنوا القصور وأحكموا الزّور وأبرموا الختور ، ولم يرضوا في البغض والمشاحنة بالقصور ، وأتوا من غرائب الأمور بما يبقى سوء ذكره على كرّ الدهور ومرّ العصور.

فحذا ( الدهلوي ) حذوهم وحسا حسوهم ونحا نحوهم واستحسن نحوهم ، وشرب روي شربهم وانضوى إلى سربهم وانحاز إلى حزبهم ، وآثر ضغنهم وكبرهم واختار حقدهم ونكرهم واستطاب عجرهم وبجرهم ، وأشاع هفواتهم ونفّق تلميعاتهم وزوّق تسويلاتهم ، وأحكم مرائرهم وسرّ سرائرهم وأطاب ضمائرهم ، وفوّق سهامهم وبرى أقلامهم ، وشحذ حرابهم ودرس كتابهم

__________________

(١) الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة ٥ ـ ٨.

٤٤

ونصر أحزابهم ، وأسس بنيانهم ولاط جدرانهم ، واقتفى شنيع آثارهم وخاض هائل غمارهم وجاس خلال ديارهم ، وسار بسيرهم وشبع من ميرهم وسكن في ديرهم وضار بضيرهم.

لم يعض على النقد والسبر بضرس قاطع ، ولم يستضيء من الإدراك والتأمّل بمنار ساطع ، ولا استعان من الإصابة والتدرّب بوجه شافع ، ولا استظهر من الإنصاف والتمييز بمنجد نافع ، ولا استذرى من المواعظ والزواجر والرقائق القوارع إلى ناجه ناجع ، رقص بإنكار الواضحات رقص الجمل ، وليس له في التحقيق والتنقيد ناقة ولا جمل.

إذا هتف به داعي الحق جعل في اذنه وقرا ، وإذا أهاب به منادي الصّدق أبدى عجزه وغدرا ومكرا ، يسلك في هدم قواعد الدين فنونا ، ويبالغ في طمس معاهد اليقين مجونا.

اخترع للرد والإبطال والإخمال لفضائل الآل ـ عليهم سلام الملك المتعال ـ طرائق قددا ، وابتعد لإطفاء نور الحق أعاليل بأضاليل بغيا وحسدا ، إذا سمع فضيلة حقّانيّة ورواية نوارنية يدور عينه كأنه من الموت في غمرة ، ومن الذهول في سكرة ، ينفخ أوداجه وترتعد فرائصه ويزيد غيظه ويكبر حنقه ، ويبدي فظائع شبهات وهواجس ، لا يزعه من الاقتحام في الزلل وازع ولا يردعه عن المكابرة من الحياء رادع.

قد أقحم أتباعه في طخية عمياء ، وركب بهم متن عشواء ، وزرع في قلوبهم صنوف الإحن والبغضاء ، وأورثهم أقسام الترات والوغر والشحناء ، وشحن صدورهم غيظا وحنقا ، وسقى أجوافهم آجنا رنقا ، وقرّر لهم في التلميع قواعد وقوانين ، وأحدث من الخدع حيلا وأفانين.

ومن عجائب التهافت والتنافر ، وغرائب التناقض والتناكر : أن ( الدهلوي ) الماهر ، وكذا الكابلي الفاخر ، ومن ماثلهما من أسلافهما الأكابر ، مع هذا الجد والجهد والكدح والانهماك ، والغرام والوله والشغف والارتباك في إرادة إطفاء

٤٥

أنوار الفضائل الباهرة ، وردّ المناقب الفاخرة للعترة الطاهرة يباهون بدعوى التمسّك والولاء ، ويبدون من غاية البهت والمراء ، أنّهم المخصوصون بنشر الفضائل وإيثار الاقتداء واختيار الاقتفاء!

فقل لي من المحب الموالي؟ ومن المتوغر القالي؟ ومن المقبل الواد؟ ومن المعرض الصاد؟ ومن المتّبع الصافي؟ ومن المنحرف الجافي؟ ومن المقتفي لآثار الأطهار والمؤمن بفضائل هؤلاء الأخيار؟ ومن الصادف على الإتّباع الوالج في زرافة الهمج الرعاع؟

وقد بلغ التعصّب ( بالدهلوي ) المرتاب إلى حدّ يتجاوز عن القياس والحساب ، حتى أنه ربما ينكر ما هو حجة على النصّاب ، بل ينكر ما أثبته شيخه ووالده الجلي النصاب ، بل ربما أنكر ما أثبته بنفسه بلا اختفاء واحتجاب.

ومع هذا التباين والتخالف والتهافت والتناقض ، والتشاحن والتضاغن والتعالل والتمارض ، ومع هذا القصور في الباع وفقد العثور والإطّلاع ، يشنّع على أسلافنا بلسانه السّليطة مكثرا للبذاء والمصاغ ، مولعا بالهراء والقذاع ، دأبه جحد الواضحات ، وسنّته ردّ اللائحات ، يروّح بكذبه وافتعاله أرواح مسيلمة وسجاح ، ويرفع في إبطال الحق أنكر عقيرة وأوحش صياح.

وأعجب من ذلك أنه مع هذا التهالك والاستهتار بالإبطال والتكذيب والإنكار ، لفضائل أهل البيت الأطهار ، صلوات وسلامه عليهم ما اختلف الليل والنهار ، ألقى شراشره على تصديق المفتعلات والإيمان بالموضوعات المخترعات في حقّ خلفائه الكبار ، مع أنها ممّا شهد بكذبها شيوخه وأساطينه الأحبار.

فلا أدري بأيّ وجه يلقى هذا المدّعي للولاء يوم القيامة أهل البيت العظماء ، عليهم آلاف التحيّة والثناء ، وما ذا يقول لهم إذا سألوه عمّا حداه على تكذيب فضائلهم الثابتة الصحيحة التي رواها الثقات الكبراء وأثبتها حذّاق

٤٦

العلماء.

وهذا أوان الشروع في نقض ما لفقه هذا الرجل بالتفصيل ، والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل :

٤٧
٤٨

سند

حديث الولاية

٤٩
٥٠

قوله :

« وهو حديث باطل ».

أقول :

إن حكم ( الدهلوي ) ببطلان هذا الحديث من بدائع التفوّهات وفظائع التقوّلات ، فهو يكشف عن دفائن الضغائن والأحقاد ، ويهتك الأستار عن أصناف العناد واللّداد ... لأنّ جمعا غفيرا من كبار الأئمة البارعين والمحدّثين المنقّدين ومشاهير الأساطين تشرّفوا بروايته ، وزيّنوا أسفارهم بتصحيحه وإثباته ، وهذه أسماء جماعة منهم :

أسماء جماعة من رواة الحديث

١ ـ سليمان بن داود الطّيالسي (٢٠٤).

٢ ـ أبو بكر عبد الله بن محمّد بن أبي شيبة (٢٣٩).

٣ ـ إمام الحنابلة أحمد بن حنبل (٢٤١).

٤ ـ أبو عيسى محمّد بن عيسى الترمذي (٢٧٩).

٥ ـ أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي (٣٠٣).

٦ ـ حسن بن سفيان النسوي (٣٠٣).

٥١

٧ ـ أبو يعلى أحمد بن علي الموصلي (٣٠٧).

٨ ـ أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري (٣١٠).

٩ ـ خثيمة بن سليمان الأطرابلسي (٣٤٤).

١٠ ـ أبو حاتم محمّد بن حبان البستي (٣٥٤).

١١ ـ سليمان بن أحمد الطبراني (٣٦٠).

١٢ ـ أبو عبد الله محمّد بن عبد الله الحاكم النيسابوري (٤٠٥).

١٣ ـ أحمد بن موسى بن مردويه الأصفهاني (٤١٠).

١٤ ـ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهاني (٤٣٠).

١٥ ـ أبو القاسم حسين بن محمّد الشهير بالرّاغب الأصفهاني ( أوائل المائة الخامسة ).

١٦ ـ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي (٤٦٣).

١٧ ـ أبو عمر يوسف بن عبد الله ابن عبد البر القرطبي (٤٦٣).

١٨ ـ مسعود بن ناصر السجستاني (٤٧٧).

١٩ ـ أبو الحسن علي بن محمّد ابن المغازلي (٤٨٣).

٢٠ ـ أبو شجاع شيرويه بن شهردار الديلمي (٥٠٩).

٢١ ـ محمّد بن علي بن إبراهيم النطنزي.

٢٢ ـ أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي (٥٥٨).

٢٣ ـ أبو المؤيّد الموفّق بن أحمد المكي الخوارزمي (٥٦٨).

٢٤ ـ أبو القاسم علي بن الحسن ابن عساكر الدمشقي (٥٧١).

٢٥ ـ أبو حامد محمود بن محمّد الصّالحاني.

٢٦ ـ أبو السّعادات المبارك بن محمّد ابن الأثير الجزري (٦٠٦).

٢٧ ـ عبد الكريم بن محمّد القزويني الرّافعي (٦٢٤).

٢٨ ـ عز الدين أبو الحسن علي بن محمّد ابن الأثير الجزري (٦٣٠).

٢٩ ـ أبو الربيع سليمان بن موسى الكلاعي المعروف بابن سبع (٦٣٤).

٥٢

٣٠ ـ ضياء الدين أبو عبد الله محمّد بن عبد الواحد المقدسي (٦٤٣).

٣١ ـ أبو سالم محمّد بن طلحة القرشي (٦٥٢).

٣٢ ـ أبو عبد الله محمّد بن يوسف الكنجي (٦٥٨).

٣٣ ـ محبّ الدين أحمد بن عبد الله الطبري المكّي (٦٩٦).

٣٤ ـ إبراهيم بن محمّد الجويني (٧٢٤).

٣٥ ـ شمس الدّين محمّد بن أحمد الذهبي (٧٤٨).

٣٦ ـ محمّد بن يوسف الزّرندي ( بضع وخمسين وسبعمائة ).

٣٧ ـ محمّد بن مسعود الكازروني.

٣٨ ـ علي بن شهاب الدّين الهمداني (٧٨٦).

٣٩ ـ السيد شهاب الدّين أحمد.

٤٠ ـ شهاب الدين أحمد بن علي المعروف بابن حجر العسقلاني.

٤١ ـ حسين بن معين الدين الميبدي (٨٧٠).

٤٢ ـ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السّيوطي (٩١١).

٤٣ ـ شهاب الدين أحمد بن محمّد القسطلاني (٩٢٣).

٤٤ ـ الحاج عبد الوهاب بن محمّد البخاري (٩٣٢).

٤٥ ـ محمّد بن يوسف الشامي.

٤٦ ـ شهاب الدين أحمد بن محمّد ابن حجر المكّي (٩٧٣).

٤٧ ـ علي بن حسام الدين المتّقي (٩٧٥).

٤٨ ـ ميرزا مخدوم بن عبد الباقي (٩٩٥).

٤٩ ـ إبراهيم بن عبد الله اليمني.

٥٠ ـ أحمد بن محمّد بن أحمد الحافي الحسيني.

٥١ ـ جمال الدين عطاء الله بن فضل الله الشيرازي.

٥٢ ـ علي بن سلطان الهروي القاري (١٠١٤).

٥٣ ـ عبد الرءوف بن تاج العارفين المنّاوي (١٠٣١).

٥٣

٥٤ ـ محمود بن محمّد الشّيخاني القادري.

٥٥ ـ أحمد بن الفضل بن باكثير المكّي (١١٤٧).

٥٦ ـ ميرزا محمّد بن معتمد خان البدخشاني.

٥٧ ـ محمّد صدر العالم.

٥٨ ـ ولي الله أحمد بن عبد الرحيم والد ( الدهلوي ) (١١٧٦).

٥٩ ـ محمّد بن إسماعيل الأمير اليماني الصنعاني (١١٨٢).

٦٠ ـ محمّد بن علي الصبان.

٦١ ـ أحمد بن عبد القادر العجيلي.

٦٢ ـ سناء الله پاني پتي.

٦٣ ـ المولوي مبين بن محبّ الله السهالي (١٢٢٥).

٦٤ ـ المولوي محمّد سالم بن محمّد سلام الدهلوي.

٦٥ ـ المولوي وليّ الله بن حبيب السهالي.

وسيمرّ بك ـ إن شاء الله تعالى ـ عن كثب بلا حيلولة ترقّب وانتظار ، عبارات هؤلاء الأجلّة الكبار :

٥٤

(١)

رواية أبي داود الطيالسي

لقد أخرج أبو داود الطّيالسي هذا الحديث الشريف عن ابن عباس بإسناد صحيح ... فقد جاء في ( مسنده ) ما هذا نصّه :

« حدّثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس : إن رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال لعلي : أنت ولي كلّ مؤمن من بعدي » (١).

ولنترجم الطيالسي وهو شيخ أحمد ومن رجال الصحّاح الستّة ، ثم نذكر صحّة هذا السند :

ترجمة أبي داود الطيالسي

١ ـ الذهبي : « الإمام أبو داود الطيالسي ـ واسمه سليمان بن داود ـ البصري الحافظ صاحب المسند ، وكان يسرد من حفظه ثلاثين ألف حديث. قال الفلاس : ما رأيت أحفظ منه. وقال عبد الرحمن بن مهدي : هو أصدق الناس. قال : كتبت عن ألف شيخ منهم ابن عون » (٢).

٢ ـ الذهبي أيضا : « الإمام الحافظ الكبير ... عنه : أحمد ، وبندار ، والفلاّس وخلائق. قال الفلاّس : ما رأيت أحفظ منه. وقال رفيقه ابن مهدي : هو أصدق الناس. وقال عامر بن إبراهيم : سمعت أبا داود يقول : كتبت عن

__________________

(١) مسند الطّيالسي : ٣٦٠ رقم : ٢٧٥٢.

(٢) العبر حوادث ٢٠٤.

٥٥

ألف شيخ. وقال وكيع : ما بقي أحد أحفظ لحديث طويل من أبي داود. فبلغه ذلك فقال : ولا قصير. وقال ابن المديني : ما رأيت أحفظ منه. وقال عمر شبّة : كتبوا عن أبي داود من حفظه أربعين ألف حديث. مات سنة ٢٠٤ وكان من أبناء الثمانين رحمه‌الله تعالى » (١).

٣ ـ اليافعي : « الإمام أبو داود الطيالسي سليمان بن داود البصري الحافظ صاحب المسند ... » (٢).

٤ ـ وقال ( الدهلوي ) في ( بستان المحدّثين ) بترجمته : « قال يحيى بن معين وابن المديني والفلاّس ووكيع وغيرهم من علماء الرجال بعدالته ، ووثّقوه التوثيق البالغ. والحق أنّه كان كذلك ».

فمن العجيب حكمه ببطلان حديث يرويه هذا العدل الثقة المجمع عليه.

تنصيص ابن عبد البرّ على صحة هذا السند

وأمّا صحّة سند رواية أبي داود الطّيالسي فقد نصّ عليها الحافظ ابن عبد البرّ ، فإنّه قال :

« روى أبو داود الطيالسي : حدّثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس : ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لعلي : أنت ولي كلّ مؤمن من بعدي.

وبه عن ابن عباس إنّه قال : أوّل من صلّى مع النبيّ ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ بعد خديجة علي بن أبي طالب عمّنا. حدّثنا عبد الوارث بن سفيان ،

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ١ / ٣٥٢.

(٢) مرآة الجنان. حوادث ٢٠٤.

٥٦

حدّثنا قاسم بن أصبغ ، حدّثنا أحمد بن زهير بن حرب ، حدّثنا الحسن بن حماد ، حدّثنا أبو عوانة ، حدّثنا أبو بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس قال : كان علي أوّل من آمن بالله من الناس بعد خديجة.

قال أبو عمر : هذا إسناد لا مطعن فيه لأحد ، لصحته وثقة نقلته » (١).

فثبت ـ والحمد لله ـ أنّ سند هذا الحديث صحيح ولا مطعن فيه من جهة من جهاته لأحد. وقد أكّد ذلك بقوله : « لصحّته » و « ثقة نقلته ».

ومن هذه العبارة يظهر قيام الإجماع على وثاقة رجال هذا السّند ، فيكون الحديث الشريف برواية الطيالسي مجمعا على صحّته.

فأين هذا ممّا زعمه ( الدهلوي )؟!.

ترجمة ابن عبد البرّ

ولنذكر طرفا من فضائل الحافظ ابن عبد البرّ لتعرف قيمة كلمته هذه :

١ ـ السمعاني : « أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البرّ النمري الأندلسي القرطبي الحافظ. كان إماما فاضلا كبيرا جليل القدر ، صنّف التّصانيف » (٢).

٢ ـ ابن خلكان : « أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البرّ بن عاصم النمري القرطبي. إمام عصره في الحديث والأثر وما يتعلّق بهما ... قال القاضي أبو علي ابن سكرة : سمعت القاضي أبا الوليد الباجي يقول : لم يكن بالأندلس مثل أبي عمر بن عبد البرّ في الحديث. قال الباجي أيضا : أبو عمر أحفظ أهل المغرب. قال أبو محمّد ابن حزم : لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله فكيف أحسن منه! ... وكان موفّقا في التأليف معانا عليه ونفع

__________________

(١) الإستيعاب ٣ / ٢٨.

(٢) الأنساب ١٠ / ٩٨.

٥٧

الله به ... وقد تقدم في ترجمة الخطيب أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت البغدادي الحافظ ... أنّه كان حافظ المشرق وابن عبد البر حافظ المغرب ، وماتا في سنة واحدة ، وهما إمامان في هذا الفن ... » (١).

٣ ـ الذهبي : « ابن عبد البرّ الإمام شيخ الإسلام حافظ المغرب ... ساد أهل الزمان في الحفظ والإتقان ... وبرع براعة فاق بها من تقدّمه من رجال الأندلس ... وكان ديّنا صيّنا ثقة حجة صاحب سنّة واتّباع ... قال الحميدي : أبو عمر فقيه حافظ مكثر عالم بالقراءات والخلاف ، وبعلوم الحديث والرجال ، قديم السّماع ... » (٢).

٤ ـ الذهبي أيضا : « ابن عبد البرّ ، الإمام العلاّمة حافظ المغرب شيخ الإسلام ... أدرك الكبار وطال عمره ، وعلا سنده وتكاثر عليه الطلبة ، وجمع وصنّف ووثّق وضعّف ، وسارت بتصانيفه الركبان ، وخضع لعلمه علماء الزمان ... ممّن بلغ رتبة الأئمة المجتهدين ، ومن نظر في مصنّفاته بان له منزلته من سعة العلم وقوة الفهم وسيلان الذهن. قال أبو القاسم ابن بشكوال : ابن عبد البرّ إمام عصره وواحد دهره ... » وذكر كلمات آخرين في حقه (٣).

٥ ـ الذهبي أيضا : « أحد الأعلام وصاحب التصانيف ، ليس لأهل المغرب أحفظ منه ، مع الثقة والدّين والنزاهة ، والتّبحر في الفقه والعربية والأخبار » (٤).

٦ ـ أبو الفداء : « كان إمام وقته في الحديث » (٥).

٧ ـ اليافعي : « أحد الأعلام وصاحب التصانيف ، وعمره خمس وتسعون

__________________

(١) وفيات الأعيان ٧ / ٧١.

(٢) تذكرة الحفّاظ ٣ / ١١٢٨ ـ ١١٣٠.

(٣) سير أعلام النبلاء ١٨ / ١٥٣ ـ ١٥٧.

(٤) العبر ـ حوادث ٤٦٣.

(٥) المختصر في أخبار البشر. حوادث ٤٦٣.

٥٨

سنة وخمسة أيام ، قيل : وليس لأهل المغرب أحفظ منه مع الثقة والدين والنّزاهة والتبحّر ... » (١).

٨ ـ ابن الشحنة : « الإمام يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البرّ ، صاحب التصانيف المشهورة منها الإستيعاب ... » (٢).

٩ ـ السيوطي : « ابن عبد البر الحافظ الإمام حافظ المغرب ... ساد أهل الزمان في الحفظ والإتقان ... » ثم ذكر بعض الكلمات في الثناء عليه (٣).

١٠ ـ ( الدهلوي ) نفسه في ( بستان المحدّثين ) فأثنى عليه الثناء البالغ وقدّمه على الخطيب والبيهقي وابن حزم ...

تنصيص المزي على صحة هذه السند

والحافظ أبو الحجاج المزي ممّن رأى صحة هذه السند ، فقد ذكر بترجمة مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام : « وروى ـ يعني ابن عبد البر ـ بإسناده عن أبي عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس قال : كان علي أول من آمن من الناس بعد خديجة. وقال : هذا إسناد لا مطعن فيه لأحد لصحته وثقة نقلته » (٤).

ترجمة الحافظ المزي

والمزي أيضا من كبار الأئمة النّقاد في الحديث والرجال كما في تراجمه :

__________________

(١) مرآة الجنان. حوادث ٤٦٣.

(٢) روضة المناظر. حوادث ٤٦٣.

(٣) طبقات الحفّاظ : ٤٣١.

(٤) تهذيب الكمال ـ ترجمة أمير المؤمنين ٢٠ / ٤٨١.

٥٩

١ ـ الذهبي : « المزّي ، شيخنا العالم الحبر ، الحافظ الأوحد ، محدّث الشام ، جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف القضاعي الكلبي الدمشقي الشافعي ، ولد بظاهر حلب سنة ٦٥٤ ونشأ بالمزة وحفظ القرآن ، وتفقّه قليلا ثم أقبل على هذا الشأن ... وأمّا معرفة الرجال فهو حامل لوائها والقائم بأعبائها ، لم تر العيون مثله ، عمل كتاب تهذيب الكمال في مائتي جزء ... وكان ثقة حجة ، كثير العلم ، حسن الأخلاق ، كثير السكوت قليل الكلام جدّا ، صادق اللهجة ... » (١).

٢ ـ الذهبي أيضا : « شيخنا الإمام العلاّمة الحافظ الناقد المحقق المفيد محدّث الشام ... كان عارفا بالنحو والتصريف ، بصيرا باللّغة ، له مشاركة في الفقه والأصول ، ويخوض في حقائق المعقول ، ويروي الحديث كما في النفس متنا وإسنادا ، وإليه المنتهى في معرفة الرجال وطبقاتهم ، ومن رأى تهذيب الكمال علم محلّه من الحفظ ، فما رأيت مثله ولا رأى هو مثل نفسه أعني في معناه ، وكان ينطوي على دين وصفاء باطن وتواضع ، وفراغ عن الرياسة ، وقناعة وحسن سمت وقلّة كلام وكثرة احتمال ، وكل أحد محتاج إلى تهذيب الكمال ... توفي ثاني عشر صفر سنة ٧٤٢ » (٢).

٣ ـ الذهبي أيضا : « الإمام الأوحد ، العالم الحجة المأمون ، شرف المحدّثين عمدة النقّاد ، شيخنا وكاشف معضلاتنا ... برع في فنون الحديث ومعانيه ولغاته وفقهه وعلله وصحيحه وسقيمه ورجاله ، فلم ير مثله في معناه ولا رأى هو مثل نفسه ، مع الإتقان والحفظ وحسن الخطّ والديانة وحسن الأخلاق والسّمت والحسن ، والهدي الصالح ، والتصوّن والخير ، والإقتصاد في المعيشة واللباس ، والملازمة والاشتغال والسماع ، مع العقل التام والرزانة

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ ٤ / ١٤٩٨ ـ ١٤٩٩.

(٢) المعجم المختص : ٢٩٩.

٦٠