مستمسك العروة الوثقى - ج ١٤

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ١٤

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٣٧

______________________________________________________

بخبر يعقوب بن يزيد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) : « قال (ع) : إذا خطب الرجل المرأة فدخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين فرق بينهما ، ولم تحل له أبداً » (١). وفيه : أنه لا مجال للاعتماد عليه مع ضعف سنده ، وشموله لصورة عدم الإفضاء ، ودلالته على انتفاء الزوجية بمجرد الوطء ، مع صراحة النصوص ببقاء الزوجية مع الإفضاء ، فضلا عن صورة عدمه ، كخبر بريد بن معاوية عن أبي جعفر (ع) : « في رجل افتض جارية ـ يعني : امرأته ـ فأفضاها ، قال (ع) : عليه الدية إن كان دخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين. قال : وإن أمسكها ولم يطلقها فلا شي‌ء عليه. وإن كان دخل بها ولها تسع سنين فلا شي‌ء عليه ، إن شاء أمسك ، وان شاء طنق » (٢) ‌، و‌صحيح حمران عن أبي عبد الله (ع) قال : « سئل عن رجل تزوج جارية بكراً لم تدرك ، فلما دخل بها افتضها فأفضاها ، فقال : إن كان دخل بها حين دخل بها ولها تسع سنين فلا شي‌ء عليه ، وإن كانت لم تبلغ تسع سنين أو كان لها أقل من ذلك بقليل حين افتضها فإنه قد أفسدها وعطلها على الأزواج ، فعلى الامام أن يغرمه ديتها ، وان أمسكها ولم يطلقها حتى تموت فلا شي‌ء عليه » (٣). ولأجل ذلك قال في كشف اللثام : « ولم نظفر بخبر يدل على التحريم بالإفضاء. وما دل على التحريم بالدخول قبل التسع ضعيف مرسل. فالأقرب ـ وفاقاً للنزهة ـ الحل ». وفي الجواهر : أنه لا يخلو من قوة. اللهم إلا أن يقال : ضعف السند منجبر بعمل الأصحاب به. والنصوص الدالة على بقاء الزوجية مع الإفضاء ربما تنافي فتوى المشهور بالتحريم ، فقد قيل : إن التحريم المؤبد‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٣٤ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٣٤ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ٣٤ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ١.

٨١

وهو الأحوط وإن لم تخرج عن زوجيته [١]. وقيل بخروجها عن الزوجية أيضا [٢]. بل الأحوط حرمتها عليه بمجرد الدخول [٣] وإن لم يفضها. ولكن الأقوى بقاؤها على الزوجية وإن كانت مفضاة [٤] وعدم حرمتها عليه أيضا ، خصوصاً‌

______________________________________________________

ينافي مقتضى النكاح. أو هي مخالفة للمشهور من ثبوت الدية مطلقاً وإن أمسكها. فإذاً لا مجال للاعتماد عليها. فلم يبق إلا عموم المرسل ، ويمكن تقييده بصورة الإفضاء ، لظهور الإجماع على عدم التحريم بدونه. لكن يشكل ذلك : بأن الفتوى هي أن التحريم يستند إلى الإفضاء ، والمرسل ظاهر في أنه يستند الى الدخول ، فتكون الفتوى أجنبية عن المرسل ، لا مقيدة له ، لأن الإفضاء من مقارنات الدخول ، لا من حالاته. فحمل المرسل على مضمون الفتوى تصرف فيه بنحو آخر غير التقييد بعيداً جداً. ولعله الى ذلك أشار في الجواهر بقوله : « إنه لا يورث الفقيه ظناً ». وبالجملة : الاستدلال على فتوى المشهور بالمرسل بعيد عن السليقة العرفية. فلاحظ.

[١] كما في الشرائع ، وعن السرائر ، والجامع ، وغيرها. وفي كشف اللثام : أنه الأقوى لصحيحة حمران‌ ورواية بريد‌ المتقدمتين ، المصرحتين بذلك.

[٢] لأن التحريم المؤبد ينافي مقتضى النكاح ، إذ ثمرته حل الاستمتاع. ولما تقدم من مرسل يعقوب بن يزيد‌، الصريح في انتفاء الزوجية بمجرد الدخول ، فضلا عن الإفضاء ، أو بعد حمله على الإفضاء. ولكن المرسل قد عرفت إشكاله ، فلا معدل عن العمل بغيره.

[٣] فقد نسب ذلك الى الشيخين في المقنعة والنهاية والى ابن إدريس. ويشهد له المرسل المتقدم. لكن في صلاحيته لذلك تأمل ، لعدم ثبوت الفتوى المذكورة ، فضلا عن صلاحيتها لجبر المرسل‌.

[٤] عملا بالنصوص المتقدمة من دون معارض ظاهر. مضافاً الى‌

٨٢

إذا كان جاهلا [١] بالموضوع أو الحكم ، أو كان صغيراً ، أو مجنونا ، أو كان بعد اندمال جرحها [٢] ، أو طلقها ثمَّ عقد عليها جديداً. نعم يجب عليه دية الإفضاء وهي دية النفس [٣] ففي الحرة نصف دية الرجل وفي الأمة أقل الأمرين من قيمتها ودية الحرة. وظاهر المشهور : ثبوت الدية مطلقاً وإن أمسكها‌

______________________________________________________

أنه مقتضى الأصل ، وليس ما يوجب الخروج عنه إلا المرسل الذي لم تثبت حجيته. ولأجل ذلك يتعين القول بعدم حرمتها عليه ، لما ذكر.

[١] فقد حكى في الجواهر عن تصريح بعضهم ، وظاهر كثير : عدم التحريم في ذلك ، حيث رتبوا الحكم على الوطء المحرم ، ولما في كلام جماعة من تعليل التحريم بأنه عقوبة ، وهي إنما تترتب على الحرام دون المباح. لكن إطلاق الدليل على التحريم ـ لو تمَّ ـ لا يخل به مثل ذلك. والانصراف والتعليل ممنوعان.

[٢] اقتصاراً في التحريم على المتيقن ، وهو غير هذا الفرد. ولكن ظاهر فتوى الأصحاب العموم له ، عملا بالاستصحاب. ولذلك حكي القطع به عن الصيمري في غاية المرام ، وعن السيوري : أنه أولى الوجهين. وأما ما ذكر من الاقتصار على القدر المتيقن فلا يجدي في الحل بعد جريان استصحاب التحريم. اللهم إلا أن يشك في ثبوت التحريم من أول الأمر ، فيبنى على الحل من الأول. ولكنه غير محل الكلام كما لا يخفي. وكذا الكلام بناء على البينونة. فالعمدة حينئذ ملاحظة دليل الحرمة. فإن كان هو المرسل فمقتضاه بقاء الحرمة ، ولو بالاستصحاب. ومثله الكلام فيما لو طلقها ثمَّ عقد عليها جديداً. فان مقتضى الاستصحاب أيضاً بطلان العقد ، إلا أن يكون الشك في الحرمة من أول الأمر.

[٣] على ما ذكروه في كتاب الديات. فراجع.

٨٣

ولم يطلقها. الا أن مقتضى حسنة حمران‌ وخبر بريد‌ المثبتين لها [١] عدم وجوبها عليه إذا لم يطلقها. والأحوط ما ذكره المشهور. ويجب عليه أيضا نفقتها ما دامت حية [٢] وإن‌

______________________________________________________

[١] المتقدمين آنفاً. وعن ابن الجنيد : الفتوى بمضمونهما ولعله اعتماداً منه عليهما. لكن في الجواهر : « يجب حملهما على سقوطها صلحاً ، بأن تختار المقام معه بدلا عن الدية ، فإن الدية قد لزمته بالإفضاء بدلالة النص والفتوى ، فلا تسقط مجاناً من غير عوض. لأنه لو لم يحمل على الصلح فاما أن يكون المراد سقوط الدية بالعزم على الإمساك ، أو بنفس الإمساك المستمر الى الموت بأن تسقط الدية به ، أو يبقى الحكم بالسقوط مراعى بالموت فإن أمسكها حتى مات تبين السقوط من حين الإمساك ، أو عدم ثبوت الدية بالإفضاء. واللوازم ـ خصوصاً بعضها ـ في غاية البعد ». والاشكال عليه ظاهر ، فإنه أشبه بالاجتهاد في مقابل النص. نعم يمكن الإشكال : بأن النصوص مهجورة عند الأصحاب ، فلا مجال للاعتماد عليها. والدية وإن لم يصرح بلفظها في غير الخبرين ، لكن دل عليها جملة من الروايات ، منها خبر غياث المتقدم في أول الفصل‌ ، ومنها‌ صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « من دخل بامرأة قبل أن تبلغ تسع سنين فأصابها عيب ، فهو ضامن » (١). ونحوهما غيرهما.

[٢] بلا خلاف معتد به أجده فيه ، بل قد حكى الإجماع عليه جماعة ، كما في الجواهر : ويشهد له‌ صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « سألته عن رجل تزوج جارية فوقع عليها فأفضاها ، قال (ع) : عليه الاجراء عليها ما دامت حية » (٢). وعن الإسكافي : سقوطها بالطلاق. ووجهه غير‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤٥ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ٨.

(٢) الوسائل باب : ٣٤ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ٤.

٨٤

طلقها ، بل وان تزوجت بعد الطلاق [١] على الأحوط.

( مسألة ٣ ) : لا فرق في الدخول الموجب للإفضاء بين أن يكون في القبل أو الدبر [٢]. والإفضاء أعم من أن يكون [٣] باتحاد مسلكي البول والحيض ، أو مسلكي الحيض‌

______________________________________________________

ظاهر في مقابل الإطلاق ، ولا سيما مع دعوى الإجماع على خلافه.

[١] كما هو المشهور. وعن ابن فهد والصيمري وابن قطان والإيضاح والروضة : تقييد الحكم بما إذا لم تتزوج بغيره. وفي القواعد : « على إشكال » لزوال الزوجية التي هي علة الوجوب. ولزوال التعليل على الأزواج. ولأنها واجبة على الثاني ، فلا تجب على الأول. وفيه : أن ظاهر صحيح الحلبي‌ أن علة الوجوب الإفضاء ، لا الزوجية ومنه يظهر الإشكال في الأخير. وأما التعطيل على الأزواج فإنما ذكر في صحيح حمران‌ (١). علة للدية ، لا للنفقة ، فلا يكون انتفاؤه موجباً لانتفائها.

[٢] لإطلاق النص ، والفتوى.

[٣] قد اختلفت الكلمات في تفسير الإفضاء. قال في القواعد : « وهو ـ يعني : الإفضاء ـ صيرورة مسلك البول والحيض واحداً. أو مسلك الحيض والغائط واحداً ، على رأي ». وظاهر مجمع البحرين : أنه جعل مسلك البول والغائط واحداً. ونحوه عن كشف الرموز ، فيكون قولا ثالثاً. وفي الشرائع في مبحث العيوب وغيرها تفسيره بجعل مسلكيها مسلكاً واحداً. والظاهر منه القول الثاني. هذا ولا ريب في أن الأقوال المذكورة متقابلة مفهوماً. إنما الإشكال في أن الاحكام السابقة هل تختص بأحد هذه المعاني؟ وحينئذ يحتاج في تعيينه الى دليل. أو أنها عامة للجميع. ظاهر المشهور أن موضوع الاحكام المعنى الأول. وعن‌

__________________

(١) تقدم في أول المسألة.

٨٥

والغائط ، أو اتحاد الجميع. وإن كان ظاهر المشهور الاختصاص بالأول.

( مسألة ٤ ) : لا يلحق بالزوجة في الحرمة الأبدية [١]

______________________________________________________

صريح كلام العلامة في جملة من كتبه ، وغيره أن موضوع الاحكام الجامع بين المعنيين. قال في الجواهر بعد نقل كلمات الفقهاء وأهل اللغة في تفسير الإفضاء : « وكيف كان فكلام الفقهاء وأهل اللغة متفق على أن إفضاء المرأة شي‌ء خاص. لا أن المراد به مطلق الوصل ، أو التوسعة ، أو الشق ، أو الخلط ، كي تترتب أحكامه على كل فرد من أفراد ذلك ، كما هو مبنى كلام العلامة ومن تابعه. ووجود معنى المطلق في ذلك الخاص لا يقتضي كون المراد المطلق وأن ذكر الخاص من باب المثال .. الى أن قال : نعم يبقى الكلام في تعيينه من بين الافراد التي سمعتها أقوالاً ، أو احتمالا. ولا ريب في أن المظنون منها ما هو المشهور ، للشهرة ، والإجماع المنقول ، وتعارف الوقوع ، وغير ذلك .. ». وما ذكره (ره) في محله ، لأن الجامع بين الافراد ليس من معاني الإفضاء ، كي يحمل عليه الكلام. وحمله على المعنى اللغوي يقتضي ثبوت الاحكام له وإن كان بنحو آخر غير الأنحاء المذكورة ، ولا يظن القول به من أحد. وعليه يتعين حمله على المشهور. لحصول الوثوق بصحته ، الموجب للترجيح ، كما تحقق ذلك في مبحث الأخذ بقول اللغوي.

[١] لخروجها عن مورد النصوص ، وهو الزوجة الصغيرة المفضاة بالوطء. كما نص على ذلك في الجواهر. وحينئذ يتعين الرجوع في غيرها الى القواعد المقتضية للعدم. وعن العلامة وولده : تحريم الأجنبية. وعن غيرهما : تحريم الأجنبية والأمة. وكأن الوجه في الأخير استفادة عدم الخصوصية من مورد النص. وفي الأول الأولوية ، لأن الإثم في الأجنبية أشد. أو لأن الزوجية ليست سبباً في الحرمة ، لأنها سبب الحل ، فلا تكون‌

٨٦

ـ على القول بها ـ ووجوب النفقة المملوكة والمحللة والموطوءة بشبهة أو زنا ولا الزوجة الكبيرة. نعم تثبت الدية في الجميع [١] ـ عدا الزوجة الكبيرة [٢] ـ إذا أفضاها بالدخول بها [٣] ، حتى في الزنا ، وإن كانت عالمة مطاوعة [٤] وكانت كبيرة. وكذا لا يلحق بالدخول الإفضاء بالإصبع [٥] ونحوه ، فلا‌

______________________________________________________

سبباً لضده ، بل السبب الصغر والإفضاء ، والمفروض حصولهما في الأجنبية. وهو كما ترى.

[١] كما في الجواهر حاكياً عن بعضهم التصريح به ، لصحيح سليمان ابن خالد قال : « سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل كسر بعصوصه ، فلم يملك استه ، ما فيه من الدية؟ فقال (ع) : دية كاملة. وسألته عن رجل وقع بجارية فأفضاها وكانت إذا نزلت بتلك المنزلة لم تلد ، فقال (ع) : الدية كاملة » (١) ‌، ولما‌ رواه في الفقيه بإسناده إلى قضايا أمير المؤمنين (ع) : أنه (ع) قضى في امرأة أفضيت بالدية (٢).

[٢] لما سبق من صحيح حمران‌ وخبر بريد‌ (٣) ، المعتضد بإجماع الخلاف. وعن الحلبيين : إطلاق لزوم الدية في الإفضاء. وهو ضعيف.

[٣] قيد للمستثنى منه.

[٤] لإطلاق الصحيح‌ ، كما نص على ذلك كله في الجواهر.

[٥] كما نص عليه في الجواهر ، ويظهر منه التسالم عليه. لخروجه عن مورد النص.

__________________

(١) الوسائل باب : ٩ من أبواب ديات المنافع حديث : ١.

(٢) من لا يحضره الفقيه الجزء : ٤ صفحة : ١١١ طبعة النجف الحديثة ، الوسائل باب : ٢٦ من أبواب ديات الأعضاء حديث : ١.

(٣) راجع أول المسألة : ٢ من هذا الفصل.

٨٧

تحرم عليه مؤبدا. نعم تثبت فيه الدية [١].

( مسألة ٥ ) : إذا دخل بزوجته بعد إكمال التسع فأفضاها لم تحرم عليه ولا تثبت الدية كما مر. ولكن الأحوط الإنفاق عليها ما دامت حية [٢].

( مسألة ٦ ) : إذا كان المفضي صغيراً أو مجنوناً ففي كون الدية عليهما أو على عاقلتهما إشكال [٣] ، وان كان الوجه الثاني لا يخلو عن قوة.

( مسألة ٧ ) : إذا حصل بالدخول قبل التسع عيب آخر غير الإفضاء ضمن أرشه. وكذا إذا حصل مع الإفضاء عيب آخر يوجب الأرش أو الدية ضمنه مع دية الإفضاء.

______________________________________________________

[١] لأنها من أحكام الجناية.

[٢] كما قد يستظهر من محكي الخلاف ، لإطلاق صحيح الحلبي المتقدم‌ (١) في الإنفاق على المفضاة. لكن في الجواهر : « المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة كادت تكون إجماعاً على اختصاص الصغيرة بذلك ». بل ظاهر الخلاف الإجماع على ذلك. ولعل وجهه إطلاق ما في صحيح حمران وخبر بريد من قوله (ع) : « لا شي‌ء عليه » ‌، فإنه شامل للنفقة والدية معاً. لكن يشكل ذلك بمعارضتهما بصحيح الحلبي ، فإنه كما يمكن تقييده بالصغيرة يمكن تقييدهما بالدية. بل الثاني هو المتعين لثبوت النفقة في الكبيرة ما دامت في حباله. وحينئذ لا يكونان متعرضين لها ، فلا مانع حينئذ من الأخذ بإطلاق صحيح الحلبي‌.

[٣] ينشأ من إطلاق النصوص أن عليه الدية. ومن إطلاق ما دل‌

__________________

(١) راجع آخر المسألة : ٢ من هذا الفصل.

٨٨

( مسألة ٨ ) : إذا شك في إكمالها تسع سنين لا يجوز‌

______________________________________________________

على أن عمد الصبي خطأ تحمله العاقلة‌ (١). لكن العمل على الثاني متعين ، لحكومته على الأول. نعم في الشرائع في كتاب الديات : « أن دية الإفضاء في مال المفضي ، لأن الجناية إما عمد أو شبه عمد ». ومثله ما عن المبسوط ، بل قال في محكيه : « وأحال بعضهم أن يتصور في الإفضاء خطأ محض ». لكن قال في الجواهر بعد حكاية ذلك : « قد يتصور في الصغير ، والمجنون ، والنائم ، بل وفيما لو كان له زوجة قد وطأها ويعلم أن وطأها لا يفضيها ، فأصاب على فراشه امرأة فأفضاها ، ويعتقدها زوجته ، فإنه أيضاً خطأ محض » ، والفرض الأخير حكاه في كشف اللثام عن بعض المتأخرين. وكأن الوجه في تأمل المصنف في الحكم المذكور : أن الظاهر من‌ قوله (ع) : « عمد الصبي وخطؤه واحد » (٢) ‌الاختصاص بما إذا كان المورد موضوع حكمين ، أحدهما في حال العمد ، والآخر في حال الخطأ ، مثل ما ورد في قتل العمد وقتل الخطأ ، ولا يشمل المورد الذي كان الدليل فيه للجامع بين العمد والخطأ ، مثل المقام ، ونحو قاعدة من أتلف مال غيره فهو له ضامن ، وكذا الضمان باليد مما لم يكن العمد فيه قد أخذ موضوعاً للضمان. وفيه : أن ذلك مسلم في مثل الحديث الشريف ، لا في مثل ما‌ في صحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) : « كان أمير المؤمنين يجعل جناية المعتوه على عاقلته خطأ كان أو عمداً » (٣). نعم لم أقف على مثل ذلك في الصبي. وبالجملة : فالإشكال يتم إذا لم يستفد من الأدلة ما يقضي بالتفصيل بين العمد والخطأ.

__________________

(١) مستدرك الوسائل باب : ٨ من أبواب العاقلة حديث : ٥.

(٢) الوسائل باب : ١١ من أبواب العاقلة حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ١١ من أبواب العاقلة حديث : ١.

٨٩

له وطؤها ، لاستصحاب الحرمة السابقة [١]. فإن وطأها مع ذلك فأفضاها ولم يعلم بعد ذلك أيضا كونها حال الوطء بالغة أو لا لم تحرم أبداً ولو على القول بها لعدم إحراز كونه قبل التسع [٢] والأصل لا يثبت ذلك. نعم يجب عليه الدية [٣]

______________________________________________________

[١] أو لاستصحاب الموضوع ، وهو عدم البلوغ ، لأن موضوع الحرمة ما لم يأت لها تسع سنين ، وهو عدمي.

[٢] فإن الرواية الدالة على الحرمة الأبدية قد جعل موضوعها الوطء قبل التسع ، والقبلية صفة وجودية لا يمكن إحرازها بالأصل ، بل الأصل عدمها ، فينتفي به كونها قبل التسع ، ولذلك تنتفي الحرمة الأبدية ، لأن موضوعها الموطوءة قبل التسع وهو منتف. وفيه : أن المراد من كونها قبل التسع : أنها لم تبلغ التسع ، لا أن يكون بعدها تسع ، كي يكون وجودياً. وإلا جاز وطؤها قبل التسع مع الشك في بلوغها التسع بعد ذلك ، لعدم إحراز القيد الوجودي المذكور. وهو كما ترى. وبالجملة : لا ينبغي التأمل في كون القيد المذكور عدمياً فيثبت بالأصل.

[٣] لأن موضوعها في صحيح حمران المتقدم‌ (١) من لم تبلغ التسع ، فيمكن إثباته بالأصل. ويشكل بأن المذكور في خبر بريد‌ : أن موضوع الدية أن يدخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين. فاذا كان الوصف المذكور وجودياً ـ حسبما ذكره سابقاً ـ كان مقيداً لإطلاق صحيح حمران‌. فاذا لم يمكن إثباته بالأصل كان المرجع أصل البراءة من وجوب الدية.

__________________

(١) راجع أول المسألة : ٢ من هذا الفصل.

٩٠

والنفقة عليها ما دامت حية [١].

( مسألة ٩ ) : يجري عليها بعد الإفضاء جميع أحكام الزوجة [٢] من حرمة الخامسة ، وحرمة الأخت واعتبار الاذن في نكاح بنت الأخ والأخت ، وسائر الاحكام ، ولو على القول بالحرمة الأبدية ، بل يلحق به الولد [٣] وإن قلنا بالحرمة لأنه على القول بها يكون كالحرمة حال الحيض.

( مسألة ١٠ ) : في سقوط وجوب الإنفاق عليها ما دامت حية بالنشوز إشكال لاحتمال كون هذه النفقة لا من باب إنفاق الزوجة [٤] ، ولذا تثبت بعد الطلاق ، بل بعد التزويج بالغير. وكذا في تقدمها على نفقة الأقارب [٥].

______________________________________________________

[١] كأنه لعموم صحيح الحلبي المتقدم‌ (١) ، والكبيرة ـ على تقدير خروجها عنه ـ يكون خروجها بالإجماع ، وهو مخصص لبي. فمع الشك من جهة الشبهة الموضوعية يرجع الى العموم.

[٢] كما نص على ذلك وعلى أنه لا إشكال في التوارث بينهما في الجواهر ، بناء على بقائها على الزوجية ، كما تقدم. والوجه فيه عموم أدلة الأحكام المذكورة.

[٣] كما في الجواهر ، لقاعدة الفراش.

[٤] الذي يقتضيه إطلاق النص هو ثبوت النفقة في حال النشوز ، وإن كانت من قبيل نفقة الزوجية ، فإنه لا مانع من أن يكون الإفضاء موجباً لاستمرارها حتى في حال النشوز. فيتعين العمل بإطلاق النص‌

[٥] يعني : أنه أيضاً محل إشكال. لأن الوجه في تقديم نفقة الزوجة‌

__________________

(١) راجع آخر المسألة : ٢ من هذا الفصل.

٩١

وظاهر المشهور أنها كما تسقط بموت الزوجة تسقط بموت الزوج [١] أيضا. لكن يحتمل بعيداً عدم سقوطها بموته. والظاهر عدم سقوطها بعدم تمكنه ، فتصير ديناً عليه. ويحتمل بعيداً سقوطها. وكذا تصير ديناً إذا امتنع من دفعها مع تمكنه ، إذ كونها حكماً تكليفياً صرفاً بعيد. هذا بالنسبة الى ما بعد الطلاق ، وإلا فما دامت في حباله الظاهر أن حكمها حكم الزوجة.

______________________________________________________

الإجماع ، وهو غير حاصل في المقام. وأما مجرد كونها ديناً مالياً فلا يكفي في وجوب التقديم ، ولذا لا يقدم الدين على نفقة الأقارب ، بل نفقة الزوجة إذا صارت ديناً بالفوات لا تقدم على نفقة الأقارب.

[١] كما نص على ذلك في الجواهر ، وقال : « كما هو واضح » ، ولم يستدل عليه بشي‌ء. وكأن وجهه : أن التعبير بالإجراء في الصحيح ظاهر في أن اشتغال الذمة به تدريجي ، فيختص بحال الحياة ، لا أنه تشتغل الذمة بتمام النفقة مدة العمر كي تكون كسائر الديون تتعلق بتركته. وإلا لزم ثبوت أمرين عليه : نفقة الزوجية تدريجاً ، ونفقة الإفضاء دفعة ، ولا يظن الالتزام به ، فان ظاهر الصحيح تشريع استمرار الإنفاق ما دامت حية ، لا تشريع أصل الإنفاق مضافاً الى تشريع نفقة الزوجية بحيث تكون عليه نفقتان. ولذلك جعل المصنف (ره) احتمال عدم السقوط بموته بعيداً. وبالجملة : الظاهر من الصحيح الحكم باستمرار نفقة الزوجية ما دامت حية ، فيكون لها ما لنفقة الزوجية من الأحكام ، ومنها السقوط بالموت ، وعدم السقوط بعدم التمكن ، وتكون ديناً عليه. وكذا إذا امتنع من أدائها مع عجزه أو قدرته. نعم السقوط بالنشوز وإن كان من أحكام نفقة الزوجية لا يثبت في المقام ، لظهور الصحيح في الاستمرار المنافي‌

٩٢

فصل

لا يجوز في العقد الدائم الزيادة على الأربع [١] للسقوط. والسقوط بالموت من باب عدم الثبوت ، لا من باب السقوط ، فلا يقاس على السقوط بالنشوز. ومن ذلك يظهر الوجه في قول المصنف : « إذ كونها حكماً تكليفياً صرفاً بعيد ». وكذا ما ذكره بقوله : « الظاهر أن حكمها حكم الزوجة ».

______________________________________________________

فصل‌

[١] إجماعاً ، بل حكى غير واحد عليه إجماع المسلمين. قال في المسالك : « لا خلاف في ذلك بين علماء الإسلام ». وفي الجواهر : دعوى الضرورة من الدين عليه. وما عن طائفة من الزيدية من جواز نكاح تسع ، لم يثبت ، بل المحكي عن مشايخهم البراءة من ذلك. انتهى. وقد وردنا في هذه الأيام من العلويين في اللاذقية سؤال عن ميت مات عن ثمان. ولعله لم يكن عن اعتقاد المشروعية.

وتشهد به النصوص ، كمصحح زرارة بن أعين ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) : « قال : إذا جمع الرجل أربعاً وطلق إحداهن فلا يتزوج الخامسة حتى تنقضي عدة المرأة التي طلق. وقال (ع) : لا يجمع ماءه في خمس » (١). ونحوه غيره. ويستفاد مما ورد فيمن تزوج خمساً بعقد واحد‌ (٢) ، وفيمن كان عنده ثلاث نسوة فتزوج اثنتين في عقد ‌(٣) ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث : ١.

(٢) راجع الوسائل باب : ٤ من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد.

(٣) راجع الوسائل باب : ٥ من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد.

٩٣

حراً كان أو عبداً ، والزوجة حرة أو أمة [١]. وأما في الملك والتحليل : فيجوز ولو الى ألف [٢].

______________________________________________________

وفي الكافر إذا أسلم وعنده أكثر من أربع ‌(١) ، ومما ورد فيمن كانت عنده أربع زوجات فماتت إحداهن ‌(٢). فتأمل.

ثمَّ في جملة من النصوص المشار إليها ذكر الماء ، فيختص بحرمة الوطء والإنزال في أكثر من أربع ، ولا يمنع من أصل التزويج بالأكثر. لكن الظاهر أن المراد الكناية عن حلية الوطء فتأمل. وفي المسالك : « الأصل فيه قوله تعالى ( فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ ) » (٣). وتبعه عليه في الجواهر ، بقرينة أن الأمر فيها للإباحة ، ومقتضى اباحة الأعداد المخصوصة تحريم ما زاد عليها ، إذ لو كان مباحاً لما خص الجواز بها ، لمنافاته للامتنان ، وقصد التوسع في العيال ، ولأن مفهوم إباحة الأربع حظر ما دون الأربع ، أو ما زاد عليها ، والأول باطل بتجويز الثلاث فيها صريحاً ، فيتعين الثاني. ثمَّ قال : « فمن الغريب دعوى بعض الناس عدم دلالة الآية على تحريم ما زاد ». والاشكال عليه ظاهر. إذ ليس هو إلا تمسك بمفهوم العدد ، والتحقيق خلافه.

[١] كل ذلك لإطلاق الأدلة.

[٢] بلا خلاف بين المسلمين ، كما في الجواهر. وفي كشف اللثام : « اتفاقا من المسلمين ». وفي المسالك : « هو موضع وفاق من جميع المسلمين ». ويقتضيه إطلاق الأدلة. مضافاً الى‌ خبر إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال : « سألت أبا عبد الله (ع) عن المتعة ، فقال : الق عبد الملك

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ٦ من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد.

(٢) الوسائل باب : ٣ من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث : ٥.

(٣) النساء : ٣.

٩٤

وكذا في العقد الانقطاعي [١].

______________________________________________________

ابن جريح‌ .. الى أن قال : وكان فيما روى لي فيها ابن جريح أنه ليس فيها وقت ولا عدد ، إنما هي بمنزلة الإماء يتزوج منهن كم شاء » (١) ‌، و‌صحيح ابن أذينة عن أبي عبد الله (ع) : قلت له : كم يحل من المتعة؟ قال : فقال : هن بمنزلة الإماء » (٢). ونحوهما غيرهما. والى ما ورد في العبد المأذون من مولاه ، وأنه يتسرى ما شاء إذا كان أذن له مولاه‌ (٣).

[١] على المشهور بين أصحابنا ، كما في المسالك. وفي الجواهر : « بلا خلاف معتد به فيه بيننا » وعن الحلي : الإجماع عليه. ويشهد له كثير من النصوص ، منها ما تقدم في الإماء ، و‌في موثق زرارة عن أبي عبد الله (ع) : « ذكرت له المتعة أهي من الأربع؟ فقال : تزوج منهن ألفاً ، فإنهن مستأجرات » (٤) ‌، و‌صحيحه : « قلت : ما يحل من المتعة؟ قال (ع) : كم شئت » (٥). ونحوها غيرها.

نعم‌ في موثق عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) : « عن المتعة. فقال : هي أحد الأربع » (٦) ‌وفي المسالك : أنها حملت على الاستحباب ، جمعاً بينها وبين ما سبق. وعن ابن البراج : العمل به. وفي المسالك : « عن المختلف أنه اقتصر على حكاية الشهرة ، ولم يصرح بمختاره. وعذره‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب المتعة حديث : ٨.

(٢) الوسائل باب : ٤ من أبواب المتعة حديث : ٦.

(٣) راجع الوسائل باب : ٢٢ من أبواب نكاح العبيد وباب : ٩ من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد.

(٤) الوسائل باب : ٤ من أبواب المتعة حديث : ٢.

(٥) الوسائل باب : ٤ من أبواب المتعة حديث : ٣.

(٦) الوسائل باب : ٤ من أبواب المتعة حديث : ١٠.

٩٥

ولا يجوز للحر أن يجمع بين أزيد من أمتين [١].

______________________________________________________

واضح ». ولكنه غير ظاهر ، فإنه حكى عن المشهور عدم انحصار المتعة في عدد. ثمَّ حكى عن ابن البراج ما سبق. ثمَّ قال : « لنا الأصل ، وما رواه زرارة في الصحيح‌ » ، ثمَّ ذكر غيره من النصوص الدالة على المشهور ، ثمَّ استدل لابن البراج بما سبق. ثمَّ ذكر جواب الشيخ عنه بأنه ورد احتياطاً ، لا حظراً. وظاهره موافقة المشهور ، لا التوقف. وكيف كان فلا مجال للأخذ بالموثق بعد إمكان الجمع العرفي بينه وبين ما سبق بالحمل على الاستحباب ، أو على التقية ، كما يظهر من‌ صحيح البزنطي عن الرضا (ع) : « قال أبو جعفر : اجعلوها من الأربع. فقال له صفوان بن يحيى : على الاحتياط فقال (ع) : نعم » (١) ‌، و‌صحيحه الآخر المروي عن قرب الاسناد عن الرضا (ع) قال : « سألته عن المتعة. الى أن قال : وسألته من الأربع هي؟ فقال (ع) : اجعلوها من الأربع على الاحتياط. قال : وقلت له : إن زرارة حكى عن أبي جعفر (ع) : إنما هن مثل الإماء يتزوج منهن ما شاء ، فقال (ع) : هي من الأربع » (٢). فإن الظاهر من الاحتياط : الاحتياط في المحافظة على نفسه وماله ، لأن التزويج بالخمس لا يصح دواماً ، والمتعة ممنوعة عند المخالفين. ويحتمل أن يكون المراد : الاحتياط في المحافظة على ملاكات الاحكام. لكنه بعيد. وعلى كل حال فالصحاح المذكورة بمنزلة الحاكم على الموثق ، فلا مجال للعمل بظاهره. على أنه مهجور ، ومعارض بما هو أصح سنداً ، وأكثر عدداً ، وأوضح دلالة. فلا مجال لتقديمه على غيره.

[١] بلا خلاف أجده فيه ، بل الإجماع بقسميه عليه. كذا في‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب المتعة حديث : ٩.

(٢) الوسائل باب : ٤ من أبواب المتعة حديث : ١٣.

٩٦

ولا للعبد أن يجمع بين أزيد من حرتين [١]. وعلى هذا فيجوز للحر أن يجمع بين أربع حرائر [٢] ، أو ثلاث وأمة أو حرتين وأمتين. وللعبد أن يجمع بين الأربع إماء ، أو حرة وأمتين ، أو حرتين. ولا يجوز له أن يجمع بين أمتين وحرتين [٣]

______________________________________________________

الجواهر. وفي الرياض : « بإجماعنا ، حكاه جماعة من أصحابنا » واستدل له‌ بمصحح أبي بصير عن أبي جعفر (ع) قال : « سألته عن رجل له امرأة نصرانية له أن يتزوج عليها يهودية؟ فقال : إن أهل الكتاب مماليك للإمام ، وذلك موسع منا عليكم خاصة ، فلا بأس أن يتزوج. قلت : فإنه يتزوج عليهما أمة؟ قال (ع) : لا يصلح له أن يتزوج ثلاث إماء » (١). لكن في دلالة : « لا يصلح » ‌على المنع نظر.

[١] بلا خلاف ظاهر. لصحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) : « عن العبد يتزوج أربع حرائر؟ قال (ع) : لا ، ولكن يتزوج حرتين ، وإن شاء أربع إماء » (٢) ‌، و‌خبر الحسن بن زياد عن أبي عبد الله (ع) قال : « سألته عن المملوك ما يحل له من النساء؟ فقال (ع) : حرتان ، أو أربع إماء » (٣) ‌، و‌خبر زرارة عن أبي جعفر (ع) : « قال : لا يجمع العبد المملوك من النساء أكثر من حرتين » (٤) ‌، ونحوها.

[٢] تقتضي الأدلة الأولية جواز ذلك. وكذا الفرضان اللذان بعده. وكذا الصور المذكورة للعبد.

[٣] فان الجمع بينها مخالفة لصحيح محمد بن مسلم‌. وكذا مرسل‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢ من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٨ من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٨ من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث : ٢.

(٤) الوسائل باب : ٨ من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد حديث : ٤.

٩٧

أو ثلاث حرائر ، أو أربع حرائر [١] ، أو ثلاث إماء وحرة [٢] كما لا يجوز للحر أيضا أن يجمع بين ثلاث إماء وحرة [٣].

( مسألة ١ ) : إذا كان العبد مبعضاً أو الأمة مبعضة ففي لحوقهما بالحر أو القن إشكال ، ومقتضى الاحتياط : أن يكون العبد المبعض كالحر بالنسبة إلى الإماء فلا يجوز له الزيادة على أمتين ، وكالعبد القن بالنسبة إلى الحرائر ، فلا يجوز له الزيادة على حرتين وأن تكون الأمة المبعضة كالحرة بالنسبة الى العبد ، وكالأمة بالنسبة إلى الحر [٤]. بل يمكن أن يقال : إنه بمقتضى القاعدة. بدعوى أن المبعض حر وعبد ، فمن حيث حريته لا يجوز له أزيد من أمتين ، ومن حيث عبديته‌

______________________________________________________

الفقيه : « يتزوج العبد حرتين أو أربع إماء أو أمتين وحرة » (١). ومنهما يظهر : أنه لا يجوز أن يجمع بين حرتين وأمة. قال في الشرائع : « إذا استكمل العبد أربعاً من الإماء ، أو حرتين ، أو حرة وأمتين ، حرم عليه ما زاد ». ومثله كلام غيره. وادعي عليه الإجماع في كلام جماعة كثيرة.

[١] لما سبق.

[٢] للمرسل السابق‌. وصحيح محمد بن مسلم‌ لا يدل على المنع فيه.

[٣] لمصحح أبي بصير السابق‌.

[٤] قال في القواعد : « والمعتق بعضها كالأمة في حق الحر ، وكالحرة في حق العبد ، والمعتق بعضه كالحر في حق الإماء ، وكالعبد في حق الحرائر » ونحوه كلام غيره. وعللوه بالاحتياط ، وتغليب جانب الحرمة. ولكن قال في الجواهر : « لا ريب في أنه أحوط ، وإن كان لا يخلو من بحث ، إن‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٢٢ من أبواب نكاح العبيد حديث : ١٠.

٩٨

لا يجوز له أزيد من حرتين [١]. وكذا بالنسبة إلى الأمة المبعضة. إلا أن يقال : إن الاخبار الدالة على أن الحر لا يزيد على أمتين والعبد لا يزيد على حرتين منصرفة إلى الحر والعبد‌

______________________________________________________

لم يكن إجماعاً خصوصاً في التبعيض اللاحق للتزويج ، الذي قد يتعارض فيه الاحتياط » ، وفي الرياض : « لعل ذلك تغليب للحرمة ، كما يستفاد من‌ بعض المعتبرة : ( ما اجتمع الحلال والحرام إلا وغلب الحرام الحلال ) (١). فتأمل ». وقاعدة التغليب غير ثابتة. والرواية إما محمولة على الشبهة المحصورة ، أو على صورة المزج بين الحرام والحلال. ولو لا ذلك لأشكل الحكم في كثير من الموارد ، كما لا يخفى.

[١] لا يقال : إنه يقع التزاحم بين الحرية المقتضية لعدم جواز أزيد من أمتين ، وبين العبدية المقتضية لجواز أربع إماء. وكذا بالنسبة إلى الحرائر ، فان العبدية تقتضي المنع من أزيد من حرتين ، والحرية مقتضية لجواز أزيد من حرتين.

فإنه يقال : التزاحم بينهما من قبيل التزاحم بين المقتضي واللامقتضي ، فإن اقتضاء الحرية لجواز أربع حرائر بمعنى عدم اقتضائها للمنع من أزيد من حرتين وكذلك اقتضاء العبدية لجواز أربع إماء بمعنى عدم المقتضي للمنع عن ذلك. ومع تزاحم المقتضي واللامقتضي يكون العمل والأثر للمقتضي.

ثمَّ إن هذا التوجيه مبني على أن يكون المراد من الحر والعبد الطبيعة ولو في جزء الفرد. فيكون المراد من العبد ما هو أعم مما كان بعضه عبداً. والمراد من الحر ما هو أعم مما كان بعضه حراً. وسيأتي الكلام فيه.

__________________

(١) مستدرك الوسائل باب : ٤ من أبواب ما يكتسب به حديث : ٥.

٩٩

الخالصين [١]. وكذا في الأمة. فالمبعض قسم ثالث خارج عن الاخبار ، فالمرجع عمومات الأدلة على جواز التزويج ، غاية الأمر عدم جواز الزيادة على الأربع ، فيجوز له نكاح أربع حرائر ، أو أربع إماء. لكنه بعيد من حيث لزوم كونه أولى من الحر الخالص [٢] ، وحينئذ فلا يبعد أن يقال : إن المرجع الاستصحاب. ومقتضاه إجراء حكم العبد والأمة عليهما [٣] ودعوى : تغير الموضوع. كما ترى [٤]. فتحصل : أن الاولى‌

______________________________________________________

[١] لا ينبغي التأمل في أن صفة الحرية والرقية من الصفات القائمة بتمام الموضوع ، فالحر من يكون تمامه حراً ، والعبد من يكون تمامه عبداً. وهو المعنى الحقيقي للفظ. فمن يكون بعضه حراً وبعضه عبداً خارج عن موضوع الحر والعبد ، فلا يجري عليه حكم أحدهما. فمن الغريب ما في بعض الحواشي على المقام من أنه لو سلم الانصراف فكونه من الانصرافات البدوية ظاهر. انتهى. فان من يكون بعضه حراً إنما الحر بعضه لا كله ، وكذلك من يكون بعضه عبداً إنما العبد بعضه لا كله ، ومن المعلوم أن موضوع الأحكام في الأدلة الإنسان الحر أو العبد ، والمبعض لا حر ولا عبد ، بل بعضه حر وبعضه عبد.

[٢] لم يتضح بطلان اللازم المذكور ، إذ من الجائز أن يكون الوجه في عدم تزويج الحر بأربع إماء كرامته وهي مفقودة في المبعض. وأن يكون الوجه في عدم تزويج العبد بأربع حرائر نقصه ، وهو مفقود في المبعض أيضاً.

[٣] فله أن يتزوج بأربع إماء ، وللعبد أن يتزوج أربعا منها.

[٤] لما عرفت مراراً من أن المعيار في تبدل الموضوع العرف ، بحيث‌

١٠٠