مستمسك العروة الوثقى - ج ١٤

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ١٤

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٣٧

هل هو حرام أو لا؟ وجهان. الأحوط : الحرمة [١].

فصل

فيما يتعلق بأحكام الدخول على الزوجة ، وفيه مسائل :

( مسألة ١ ) : الأقوى ـ وفاقاً للمشهور ـ جواز وطء الزوجة والمملوكة دبراً [٢] ، على كراهة شديدة‌

______________________________________________________

[١] كما يقتضيها إطلاق حرمة النظر ووجه الجواز : دعوى انصرافه الى غير ذلك. وفي مباحث التخلي قد يظهر من المصنف ترجيح الجواز بقوله : « والواجب ستر لون البشرة دون الحجم ». اللهم إلا أن يكون مراده من لون البشرة نفس البشرة ، ومن الحجم الهيئة الخاصة عند ما تستر بالنورة ونحوها ، كما تقدم هناك. وكيف كان فالإطلاق محكم ، والانصراف لا يعتد به.

فصل‌

فيما يتعلق بأحكام الدخول على الزوجة‌

[٢] عن الانتصار ، والخلاف ، والغنية ، والسرائر : الإجماع عليه وفي التذكرة : « ذهب علمائنا إلى كراهة إتيان النساء في أدبارهن ، وأنه ليس بمحرم ». ويشهد له جملة من النصوص ، كصحيح علي بن الحكم قال : « سمعت صفوان يقول : قلت للرضا (ع) : إن رجلا من مواليك أمرني أن أسألك عن مسألة ، فهابك واستحى منك أن يسألك عنها. قال (ع) : ما هي؟ قال : قلت : الرجل يأتي امرأته في دبرها قال :

٦١

______________________________________________________

نعم ، ذلك له. قلت : وأنت تفعل ذلك. قال (ع) : إنا لا نفعل ذلك » (١) ‌، و‌خبر عبد الله بن أبي يعفور : « سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يأتي المرأة في دبرها ، قال (ع) : لا بأس إذا رضيت. قلت : فأين قول الله عز وجل ( فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ )؟ قال (ع) : هذا في طلب الولد ، فاطلبوا الولد من حيث أمركم الله ، إن الله عز وجل يقول ( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ ) » (٢) ‌، و‌خبر حماد بن عثمان : « سألت أبا عبد الله (ع) ـ وأخبرني من سأله ـ عن الرجل يأتي المرأة في ذلك الموضع ـ وفي البيت جماعة ـ فقال لي ـ ورفع صوته ـ : قال رسول الله (ص) : من كلّف مملوكه ما لا يطيق فليعنه. ثمَّ نظر في وجه أهل البيت ثمَّ أصغى الي فقال (ع) : لا بأس به » (٣). ونحوها غيرها. وفي كشف اللثام ، وعن القميين ، وابن حمزة والشيخ أبي الفتوح الرازي ، والراوندي في اللباب ، والسيد أبي المكارم صاحب بلابل القلاقل : الحرمة ، وعن كشف الرموز لتلميذ المحقق : « وكان فاضل منا شريف يذهب إليه ( يعني : التحريم ) ويدعى أنه سمع ذلك مشافهة عمن قوله حجة ». وقد يشهد لهم‌ مصحح معمر بن خلاد ، قال : « قال لي أبو الحسن (ع) : أي شي‌ء يقولون في إتيان النساء في أعجازهن؟ قلت : إنه بلغني أن أهل المدينة لا يرون به بأساً. فقال : إن اليهود كانت تقول : إذا أتى الرجل المرأة من خلفها خرج ولده أحول ، فأنزل الله عز وجل : ( نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ ) من خلف أو قدام ، خلافاً

__________________

(١) الوسائل باب : ٧٣ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٧٣ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٧٣ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ٤‌.

٦٢

______________________________________________________

لليهود ، ولم يعن في أدبارهن » (١) ‌، و‌خبر سدير قال : « سمعت أبا جعفر (ع) يقول : قال رسول الله (ص) : محاش النساء على أمتي حرام » (٢) ‌، و‌مرسل الصدوق في الفقيه : « قال رسول الله (ص) : محاش نساء أمتي على رجال أمتي حرام » (٣). ونحوها غيرها. لكن الأول إنما يدل على قصور الآية عن الدلالة على الجواز ، ولعل أهل المدينة يستدلون بها عليه ، فأراد (ع) بيان بطلان استدلالهم ، فلا يدل على الحرمة. وأما الثاني : فضعيف السند. وأما غيره من النصوص :فهو قاصر السند ، بل بعضها قاصر الدلالة. ولو سلمت الدلالة في الجميع ، فلا تصلح لمعارضة ما هو نص في الجواز مما عرفت ، بل الجمع بينها يقضي بالحمل على الكراهة.

هذا كله الكلام في النصوص. وأما في الآيات : فقد استدل القائلون بالجواز بقوله تعالى ( فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ ) (٤) ، كما أشير الى ذلك في مصحح معمر‌. والقائلون بالمنع بقوله تعالى ( فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ ) (٥) كما أشير إليه في صحيح علي بن الحكم المتقدم‌. وفي كلا الاستدلالين إشكال ، لخفاء الدلالة في المقامين ، وعدم وضوح المقصود بنحو يعول عليه في إثبات الحكم الشرعي ، فإن ( أَنّى ) في الآية الاولى لا يظهر أن المراد منها المكان ، بمعنى الموضع من المرأة ، حتى يشمل الدبر ، والمنصرف من المكان مكان الفعل ، لا الموضع من المرأة.

__________________

(١) الوسائل باب : ٧٢ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٧٢ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٧٢ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ٥.

(٤) البقرة : ٢٢٣.

(٥) البقرة : ٢٢٢.

٦٣

بل الأحوط تركه. خصوصاً مع عدم رضاها بذلك [١].

( مسألة ٢ ) : قد مر في باب الحيض الإشكال في وطء الحائض دبراً [٢] وإن قلنا بجوازه في غير حال الحيض.

( مسألة ٣ ) : ذكر بعض الفقهاء [٣] ممن قال بالجواز : أنه يتحقق النشوز بعدم تمكين الزوجة من وطئها دبراً. وهو مشكل [٤]

______________________________________________________

و ( مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ ) في الآية الثانية لا يظهر المراد منها على وجه تختص بالقبل ، فالاستدلال بالآيتين محل تأمل وإشكال بالنظر إليهما. وأما بالنظر الى النصوص فهي متعارضة في تفسيرها والجمع العرفي بينها مشكل. لأن خبر ابن أبي يعفور‌ ظاهر في تفسير الآية الأولى مما يقتضي جواز الوطء في الدبر. ومصحح معمر بن خلاد‌ ظاهر في تفسيرها بغير ذلك. ولعل الجمع بينها يقتضي أن الاستدلال بالآية الأولى من باب المجاراة والإقناع ، لا من باب بيان الحقيقة والواقع. فلاحظ.

[١] لما تقدم في خبر عبد الله بن أبي يعفور (١).

[٢] وتقدم أن ظاهر النصوص الدالة على تحليل ما عدا القبل ، أو موضع الدم ، أو ذلك الموضع : تحليل الوطء في الدبر. فراجع.

[٣] المراد به صاحب الجواهر في مبحث النفقات.

[٤] يكفي في الاشكال ما في رواية عبد الله بن أبي يعفور المتقدمة‌ ، فإن اعتبار رضاها في جوازه دليل على أنه ليس من حقوق الزوجية. وما دل من النصوص على وجوب إطاعتها الزوج‌ (٢) لا يخلو من إجمال. إذ لا يمكن الأخذ به في كل فعل ضرورة. وما ورد من كونها لعبة‌

__________________

(١) راجع أول الفصل.

(٢) راجع الوسائل باب : ٩١ من أبواب مقدمات النكاح.

٦٤

لعدم الدليل على وجوب تمكينها في كل ما هو جائز من أنواع الاستمتاعات ، حتى يكون تركه نشوزاً.

( مسألة ٤ ) : الوطء في دبر المرأة كالوطء في قبلها في وجوب الغسل [١] ، والعدة ، واستقرار المهر ، وبطلان الصوم وثبوت حد الزنا إذا كانت أجنبية ، وثبوت مهر المثل إذا وطأها شبهة ، وكون المناط فيه دخول الحشفة أو مقدارها ، وفي حرمة البنت والأم ، وغير ذلك من أحكام المصاهرة المعلقة على الدخول. نعم في كفايته في حصول تحليل المطلقة‌

______________________________________________________

الرجل‌ (١) ، أو ريحانته‌ (٢) ، أو نحو ذلك ، غير ظاهر فيما نحن فيه. ومثله ما ورد من أن من حق الزوج على الزوجة أن تطيعه في حاجته ولو كان على ظهر قتب‌ (٣).

[١] قال في القواعد : « وهو كالقبل في جميع الأحكام ، حتى ثبوت النسب وتقرير المسمى ، والحد ، ومهر المثل مع فساد العقد ، والعدة ، وتحريم المصاهرة ، إلا في التحليل ، والإحصان ، واستنطاقها في النكاح » ، وفي كشف اللثام : نسب ذلك الى الشيخ وكثير. والوجه فيه : صدق الوطء ، والمس ، والدخول ، والإيتاء ، ونحوها من العناوين التي أخذت موضوعاً للأحكام المذكورة.

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ٨٦ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ٢ ، باب : ٧٢ حديث : ٤ ، ١٠.

(٢) راجع الوسائل باب : ٨٧ من أبواب مقدمات النكاح.

(٣) الوسائل باب : ٧٩ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ٣.

٦٥

ثلاثا إشكال [١]. كما أن في كفاية الوطء في القبل فيه بدون الإنزال أيضاً كذلك ، لما ورد في الاخبار [٢] من اعتبار‌

______________________________________________________

[١] بل منع ، كما تقدم عن القواعد ، بل عن المبسوط : نفي الخلاف في ذلك ، لنصوص العسيلة التي أشار إليها في المتن ، والمرأة لا تذوق العسيلة بوطئها في الدبر ، كما نص على ذلك غير واحد ، ومنهم الشيخ في المبسوط ، واستدل له‌ بقوله (ص) : « حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك » (١).

[٢] قال في الجواهر : « ظاهرهم الاتفاق على الاكتفاء بذلك ( يعني الوطء ) وإن لم يحصل تكرار منه ، ولا إنزال. فإن تمَّ إجماع كان هو الحجة. وإلا فهو محل للنظر ، لظهور نصوص ذوق العسيلة في خلافه ، حتى على تفسيره بلذة الجماع ». والمراد من النصوص المشار إليها‌ موثق زرارة عن أبي جعفر (ع) في حديث قال : « فاذا طلقها ثلاثاً لم تحل له ( حَتّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) ، فاذا تزوجها غيره ، ولم يدخل بها وطلقها أو مات عنها لم تحل لزوجها الأول حتى يذوق الآخر عسيلتها » (٢) ‌ونحوه رواية أبي حاتم عن أبي عبد الله (ع) (٣). و‌في موثق زرعة عن سماعة قال : ( سألته عن رجل طلق امرأته فتزوجها رجل آخر ، ولم يصل إليها حتى طلقها تحل للأول؟ قال (ع) : لا ، حتى يذوق عسيلتها » (٤) ‌وهي خالية من التعرض لأن تذوق عسيلته. نعم هو مذكور في رواية المخالفين ، فقد‌ ذكر في الحدائق أنه روى غير واحد منهم : « أنه جاءت

__________________

(١) مستدرك الوسائل باب : ٧ من أبواب أقسام الطلاق حديث : ٥.

(٢) الوسائل باب : ٧ من أبواب أقسام الطلاق حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٧ من أبواب أقسام الطلاق ملحق حديث : ١.

(٤) الوسائل باب : ٧ من أبواب أقسام الطلاق حديث : ٣.

٦٦

ذوق عسيلته وعسيلتها فيه. وكذا في كفايته في الوطء الواجب في أربعة أشهر [١]. وكذا في كفايته في حصول الفئة والرجوع في الإيلاء [٢] أيضا.

______________________________________________________

امرأة رفاعة القرطي إلى النبي (ص) فقالت : كنت عند رفاعة فبت طلاقي فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير ، فطلقني قبل أن يمسني ، وفي رواية : وأنا معه مثل هدية الثوب ، فتبسم النبي (ص) وقال : أتريدين أن ترجعي الى رفاعة؟ لا ، حتى تذوقي عسيلته ، ويذوق عسيلتك ) (١). ولعل هذه الرواية هي مرسلة المبسوط المتقدمة. لكن الاستدلال بها على اعتبار تلذذ المرأة كما ترى.

[١] فقد جزم في المسالك بعدم كفايته. وكأنه لأن دليل وجوبه ظاهر في كونه إرفاقا بالزوجة ، بل هو صريحه ، والإرفاق إنما يحصل بالوطء في القبل ، وعليه فاللازم اعتبار كونه على نحو خاص ، لأنه الذي لا تصبر عنه ، كما تعرضت له النصوص الآتية.

[٢] وفي كشف اللثام : « من جهة أن الإيلاء لا يقع إلا به ( يعني : بالقبل ) دون الوطء دبراً. فلا حاجة الى استثنائه ». والوجه في عدم وقوع الإيلاء بالوطء في الدبر : أن المعتبر فيه وقوعه على وجه الإضرار بالزوجة ، ولا يحصل الإضرار بها بترك وطئها دبراً ، ولذا لو حلف على أن لا يطأ في دبرها لم يكن موليا. اللهم إلا أن يقال : ترك الوطء دبراً وإن لم يوجب إضرار بالزوجة من جهة التلذذ ، ولكنه إضرار بها من جهة الهجران ، فاذا وطأها دبراً فقد انتفى الهجران والإضرار المقصود منه.

__________________

(١) راجع مستدرك الوسائل باب : ٧ من أبواب أقسام الطلاق حديث : ٥. مع اختلاف يسير عما في المتن ، كنز العمال الجزء : ٥ حديث ٣٢٣١ ، سنن البيهقي الجزء : ٧ الصفحة ٣٣٣ صحيح البخاري باب : ٣ من كتاب الطلاق حديث : ٢.

٦٧

( مسألة ٥ ) : إذا حلف على ترك وطء امرأته في زمان أو مكان يتحقق الحنث بوطئها دبراً [١]. إلا أن يكون هناك انصراف الى الوطء في القبل ، من حيث كون غرضه عدم انعقاد النطفة.

( مسألة ٦ ) : يجوز العزل بمعنى : إخراج الآلة عند الانزال وإفراغ المني خارج الفرج [٢] ، في الأمة [٣]

______________________________________________________

[١] لأنه نوع من الوطء المنذور تركه.

[٢] بذلك فسر في المسالك ، وغيرها. وهو ظاهر النصوص الآتية.

[٣] إجماعا حكاه غير واحد كما في الجواهر. وفي الحدائق : « ظاهرهم الاتفاق عليه » وفي المستند : « الظاهر انه لا خلاف فيه ». ويشهد له‌ صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) : « أنه سئل عن العزل فقال : أما الأمة فلا بأس. فأما الحرة فإني أكره ذلك. إلا أن يشترط عليها حين يتزوجها » (١). و‌في صحيحه الآخر عن أبي جعفر (ع) مثل ذلك ، وقال في حديثه : « إلا أن ترضى ، أو يشترط ذلك عليها » (٢) ‌، و‌صحيحه الثالث عن أبي جعفر (ع) قال : « سألته عن الرجل المسلم يتزوج المجوسية؟ فقال : لا. ولكن إن كان له أمة مجوسية فلا بأس أن يطأها ويعزل عنها ، ولا يطلب ولدها » (٣) ‌، و‌خبر يعقوب الجعفي قال : « سمعت أبا الحسن (ع) يقول : لا بأس بالعزل في ستة وجوه : المرأة التي تيقنت أنها لا تلد. والمسنة ، والمرأة السليطة ، والبذية ، والمرأة التي لا ترضع ولدها والأمة » (٤).

__________________

(١) الوسائل باب : ٧٦ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٧٦ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ٧٦ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ٣.

(٤) الوسائل باب : ٧٦ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ٤.

٦٨

وإن كانت منكوحة بعقد الدوام [١] ، والحرة المتمتع بها [٢] ومع إذنها وإن كانت دائمة [٣] ، ومع اشتراط ذلك عليها في العقد [٤] وفي الدبر [٥] ، وفي حال الاضطرار [٦] ، من ضرر ، أو نحوه. وفي جوازه في الحرة المنكوحة بعقد الدوام في غير ما ذكر قولان ، الأقوى ما هو المشهور [٧] من الجواز‌

______________________________________________________

[١] لإطلاق النص. وفي الجواهر : إطلاق النص ، والفتوى ، ومعقد الإجماع.

[٢] قولا واحداً ـ كما عن جامع المقاصد ـ وإجماعاً ـ كما عن غيره ـ وليس في النصوص تعرض لها بالخصوص ، فلو قيل بالحرمة يكون المعتمد في التخصيص : الإجماع.

[٣] كما هو المعروف. ويشهد به صحيح ابن مسلم المتقدم الثاني ، بل الثالث أيضاً. لظهوره في كونه من حقوق الزوجة ، فيجوز برضاها.

[٤] هذا مما لا إشكال فيه. ويقتضيه الصحيحان السابقان.

[٥] عن الفخر : أن محل الخلاف ما إذا كان الوطء في الفرج ، دون الدبر. ويقتضيه بعض أدلة المنع الآتية. بل قد يستفاد من خبر الجعفي‌.

[٦] لعموم ما دل على حلية ما اضطر اليه‌ (١) أو نفي ما اضطروا اليه‌ (٢).

[٧] للنصوص الدالة على الجواز ، مثل‌ صحيح محمد بن مسلم قال : « سألت أبا عبد الله (ع) عن العزل ، فقال : ذاك الى الرجل يصرفه

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ١ من أبواب القيام حديث : ٦ ، ٧ ، باب : ١٢ من أبواب كتاب الايمان حديث : ١٨ ، مستدرك الوسائل باب : ٢٤ من أبواب الأمر بالمعروف حديث : ٣‌

(٢) راجع الوسائل باب : ٥٦ من أبواب جهاد النفس.

٦٩

______________________________________________________

حيث شاء » (١) ‌، و‌موثق عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : « سألت أبا عبد الله (ع) عن العزل ، فقال : ذاك الى الرجل » (٢) ‌، والصحيح‌ عن عبد الرحمن الحذاء عن أبي عبد الله (ع) : « قال : كان علي بن الحسين (ع) لا يرى بالعزل بأساً. يقرأ هذه الآية ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) (٣) فكل شي‌ء أخذ الله منه الميثاق فهو خارج ، وإن كان على صخرة صماء » (٤) ‌و‌موثق محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال : « لا بأس بالعزل عن المرأة الحرة إن أحب صاحبها وإن كرهت ، وليس لها من الأمر شي‌ء » (٥) ‌، و‌صحيحه : « قلت لأبي جعفر (ع) : الرجل يكون تحته الحرة أيعزل عنها؟ قال : ذاك إليه إن شاء عزل وإن شاء لم يعزل » (٦).

وعن المقنعة والمبسوط والخلاف : الحرمة. بل في الأخير : الإجماع عليها. ومستنده الإجماع المذكور. وصحيح محمد بن مسلم المتقدم في الأمة‌ (٧). ولما روي أن النبي (ص) نهى أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها‌ (٨). وما روي عنه (ص) أنه قال : « ذلك الوأد الخفي » ‌(٩). ومفهوم رواية الجعفي المتقدمة‌ (١٠). مضافاً الى ما فيه من تضييع النسل الذي لأجله‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٧٥ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٧٥ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ٢.

(٣) الأعراف : ١٧٢.

(٤) الوسائل باب : ٧٥ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ٣.

(٥) الوسائل باب : ٧٥ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ٤.

(٦) الوسائل باب : ٧٥ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ٥.

(٧) راجع أول المسألة.

(٨) مستدرك الوسائل باب : ٥٦ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ١.

(٩) كنز العمال الجزء : ٨ حديث : ٤٢٤٥ ، وينقله عن علي (ع) في الجزء : ٨ حديث : ٥٢٠٩ الا أنه قال ( ذاك .. ) ..

(١٠) راجع أول المسألة‌.

٧٠

مع الكراهة [١]. بل يمكن أن يقال : بعدمها ، أو أخفيتها في العجوزة [٢] ، والعقيمة ، والسليطة ، والبذية والتي لا ترضع ولدها. والأقوى عدم وجوب دية النطفة عليه [٣] وان قلنا بالحرمة. وقيل بوجوبها عليه [٤] للزوجة وهي عشرة دنانير ، للخبر للوارد [٥] فيمن أفزع رجلا عن عرسه ، فعزل عنها الماء من وجوب نصف خمس المائة : عشرة دنانير ، عليه. لكنه في‌

______________________________________________________

شرع النكاح ، ولذا حرم الاستمناء. وفيه : منع الإجماع مع شهرة الخلاف. ومنع ظهور الكراهة في الحرمة. وعدم حجية النبويين. ومفهوم رواية الجعفي‌ ليس بحجة. وتضييع النسل لا دليل على حرمته كلية ، ولذا يجوز ترك التزويج ، وترك الوطء ، وكذا الاحتلام. وحرمة الاستمناء لدليل خاص به ، فلا يتعدى الى غيره.

[١] لصحيح محمد بن مسلم المتقدم في الأمة‌.

[٢] لرواية الجعفي المتقدمة‌. وظاهرها عدم الكراهة في الموارد المذكورة ، ومنها الأمة. وتركها في المتن لأن كلامه في الحرة.

[٣] كما عن المعظم ، والمصرح به في كلام غير واحد من الأعاظم ، كالمحقق والشهيد الثانيين ، وغيرهم. للأصل مع عدم الدليل عليه. بل ظاهر نصوص جواز العزل عدمه.

[٤] كما عن الشيخ ، والقاضي ، وأبي الصلاح ، وابني حمزة وزهرة ، والكيدري ، والعلامة في القواعد ، والإرشاد ، وكاشف اللثام. ولعله ظاهر ، الشرائع هنا. لكن نفاه في كتاب الديات.

[٥] في جامع المقاصد : « روى الشيخ في الصحيح عن يونس عن أبي الحسن (ع) : أن علياً (ع) قضى في الرجل يفزع عن عرسه ،

٧١

غير ما نحن فيه ، ولا وجه للقياس عليه ، مع أنه مع الفارق [١] وأما عزل المرأة ـ بمعنى : منعها من الإنزال في فرجها ـ فالظاهر حرمته بدون رضا الزوج [٢] ، فإنه مناف للتمكين الواجب عليها. بل يمكن وجوب دية النطفة عليها [٣]. هذا ولا فرق في جواز العزل بين الجماع الواجب وغيره ، حتى فيما يجب في كل أربعة أشهر [٤].

( مسألة ٧ ) : لا يجوز ترك وطء الزوجة أكثر من أربعة أشهر [٥] ،

______________________________________________________

فيعزل عنها الماء ولم يرد ذلك : نصف خمس المائة : عشرة دنانير » (١) ‌، و‌روى في الكافي بأسانيده عن كتاب طريف عن أمير المؤمنين (ع) قال : « وأفتى (ع) في مني رجل يفزع عن عرسه ، فيعزل عنها الماء ، ولم يرد ذلك ، نصف خمس المائة : عشرة دنانير » (٢).

[١] لأن الجناية في الخبر من الأجنبي ، وفي المورد من الوالد ، ومن المعلوم أن جناية الوالد لا يلحقها حكم جناية الأجنبي.

[٢] كما نص على ذلك في الجواهر لما ذكر.

[٣] كما استظهره في الجواهر ضرورة كونها حينئذ كالمفزع أو أعظم في التفويت إذا كانت قد نحت نفسها عنه عند إنزاله. وإشكاله ظاهر ، للفارق المتقدم.

[٤] إلا أن يدعى انصراف دليل وجوبه الى المتعارف ، بملاحظة كونه إرفاقا بالزوجة ، نظير ما تقدم في الوطء في الدبر. فتأمل.

[٥] في المسالك : أنه موضع وفاق. ويشهد له‌ مصحح صفوان بن

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ١٩ من أبواب ديات الأعضاء ملحق حديث : ١ ، التهذيب الجزء ١٠ الصفحة : ٢٨٥ طبعة النجف الحديثة.

(٢) الوسائل باب : ١٩ من أبواب ديات الأعضاء حديث : ١‌.

٧٢

من غير فرق بين الدائمة والمتمتع بها [١] ، ولا الشابة والشائبة على الأظهر [٢] ،

______________________________________________________

يحيى عن الرضا (ع) : « أنه سأله عن الرجل تكون عنده المرأة الشابة ، فيمسك عنها الأشهر والسنة لا يقربها ليس يريد الإضرار بها يكون لهم مصيبة يكون في ذلك آثماً؟ قال (ع) : إذا تركها أربعة أشهر كان آثماً بعد ذلك » (١).كذا رواه الصدوق ، والشيخ. ورواه الشيخ بطريق فيه علي بن أحمد بن أشيم بزيادة : « إلا أن يكون بإذنها » (٢).

[١] لإطلاق النص. وفي الجواهر : « المتيقن هو الدائم » فلا يجب ذلك في المنقطع الساقط فيه الإيلاء ، وأحكام الزوجية من النفقة وغيرها. لأنهن مستأجرات » وفي رسالة شيخنا الأعظم (ره) : فيه وجهان. لكن ذلك لا يوجب وهناً في الإطلاق ، فالعمل به لازم. وعدم جريان أحكام الإيلاء لا يقتضي العدم في المقام ، لأنه حكم خاص ، ولو كان مبنياً على ما نحن فيه لم يكن وجه للكفارة ، لبطلان اليمين ، كما لا يخفى.

[٢] لإطلاق الفتاوى ومعقد الاتفاق. وفي كشف اللثام : « ولم يفرقوا بين الشابة وغيرها » ، وعن الرياض : الإجماع على التعميم ، ونسب في الجواهر التخصيص الى بعض القاصرين. وكأنه يريد به الكاشاني في مفاتيحه ، والبحراني في حدائقه ، والحر في وسائله ، وظاهر كشف اللثام : التوقف فيه. وهو في محله. لعدم ثبوت الإجماع المعتد به ، لاحتمال أن يكون المستند فيه الصحيح القاصر عن التعميم ، كما عرفت. والإجماع في الرياض إنما كان على التعميم في الإيلاء ، لا فيما نحن فيه. وأما‌ حسن حفص عن أبي عبد الله (ع) : « إذا غاضب الرجل امرأته فلم يقربها من غير يمين

__________________

(١) الوسائل باب : ٧١ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٧١ من أبواب مقدمات النكاح ملحق حديث : ١.

٧٣

والأمة والحرة [١] ، لإطلاق الخبر. كما أن مقتضاه عدم الفرق بين الحاضر والمسافر [٢] ، في غير سفر الواجب. وفي كفاية الوطء في الدبر إشكال كما مر [٣].

______________________________________________________

أربعة أشهر استعدت عليه ، فاما أن يفي وإما أن يطلق ، فان كان من غير مغاضبة أو يمين فليس بمؤل » (١) ‌، وظاهره أن الاستعداء إنما هو ترك الوطء. لكن مورده المغاضبة ، وظاهره إلحاق المغاضبة بالإيلاء في الحكم ، فلا يكون مما نحن فيه.

[١] في الجواهر : « أما الدائمة الأمة فلم أجد فيها تصريحاً من الأصحاب ». لكن لا معدل عن العمل بإطلاق النص ، المؤيد بإطلاق الفتوى.

[٢] في شمول النص للغائب تأمل. لاحتمال أن يكون المراد من قوله في السؤال : « عنده المرأة الشابة » ‌: أن تكون حاضرة عنده. وربما تشهد به السيرة. ولذا قيد في كشف اللثام الحكم المذكور بحضور الزوج. نعم استدل على التعميم بما‌روي عن عمر : أنه سأل نساء أهل المدينة لما أخرج أزواجهن إلى الجهاد ، وسمع امرأة تنشد أبياتاً من جملتها :

فو الله لو لا الله لا شي‌ء غيره

لزلزل من هذا السرير جوانبه

عن أكثر ما تصبر المرأة عن الجماع ، فقيل له : أربعة أشهر ، فجعل المدة المضروبة للغيبة أربعة أشهر (٢). لكنه ليس بحجة سنداً ، ولا مسنداً اليه ، ولا دلالة ، إذ من الجائز أن يكون ضرب المدة من الأحكام السياسية ، لا الشرعية.

[٣] يعني : في المسألة الرابعة.

__________________

(١) الوسائل باب : ١ من أبواب الإيلاء حديث : ٢.

(٢) راجع كنز العمال الجزء : ٨ حديث : ٥٢٢٧ ، ٥٢٣٤. مع اختلاف يسير.

٧٤

وكذا في الإدخال بدون الانزال [١] ، لانصراف الخبر الى للوطء المتعارف [٢] وهو مع الانزال والظاهر عدم توقف الوجوب على مطالبتها ذلك [٣]. ويجوز تركه مع رضاها ، أو اشتراط ذلك حين العقد عليها ، ومع عدم التمكن منه [٤]

______________________________________________________

[١] في المسالك : « المعتبر من الوطء الواجب ما أوجب الغسل وإن لم ينزل ، في المحل المعهود ، فلا يكفي الدبر ».

[٢] التعارف لا يوجب وهن الإطلاق ، كما هو محرر في محله. والعمدة في الانصراف أن الظاهر أن الحكم المذكور إرفاقي بالزوجة ، وهو لا يحصل بمجرد الوطء مطلقاً.

[٣] لإطلاق النص والفتوى لكن الظاهر من النصوص أنه من حقوق الزوجة ، بل صريح بعض متون الصحيح المتقدم ، وحينئذ يتوقف أداؤه على المطالبة كسائر الحقوق. إلا أن يقال : إن الأصل يقتضي وجوب أداء الحق إلا مع الرضا بالتأخر ، لا جواز ترك الأداء إلا مع المطالبة ، لأن إبقاء الحق بدون إذن من له الحق تصرف فيه ، وهو خلاف السلطنة على الحقوق والأموال. ولذا نقول : بأن الدائن إذا جهل الدين أو نسيه لا يجوز للمديون تأخيره ، فكذا في المقام إذا كانت الزوجة لا تدري أن لها حق الوطء ، أو جهلت ذلك فلم تطالب ، لم يجز للزوج ترك أدائه. وعلى هذا يكون عدم توقف الوجوب على مطالبتها من مقتضيات الأصل فيه وفي عموم الحقوق مع قطع النظر عن إطلاق النص. ومن ذلك يظهر الوجه في جواز تركه مع رضاها. وكذا مع اشتراط ذلك عند العقد.

[٤] فان العجز عذر عقلي في مخالفة التكليف. وكذلك الضرر لحديث نفي الضرر ، أو ما دل على حرمة الضرر.

٧٥

لعدم انتشار العضو ، ومع خوف الضرر عليه أو عليها ، ومع غيبتها [١] باختيارها ، ومع نشوزها [٢]. ولا يجب أزيد من الإدخال والانزال ، فلا بأس بترك سائر المقدمات [٣] من الاستمتاعات. ولا يجري الحكم في المملوكة غير المزوجة [٤] فيجوز ترك وطئها مطلقاً.

( مسألة ٨ ) : إذا كانت الزوجة من جهة كثرة ميلها وشبقها لا تقدر على الصبر إلى أربعة أشهر بحيث تقع في المعصية إذا لم يواقعها. فالأحوط المبادرة إلى مواقعتها قبل تمام الأربعة [٥] ، أو طلاقها وتخلية سبيلها.

______________________________________________________

[١] لا يتضح الفرق بين غيبتها وغيبته ، فان كان يصدق عليه أنه عنده زوجة في حال سفره ، كان الصدق كذلك في حال سفرها ، وإن لم يصدق في الثاني لم يصدق في الأول.

[٢] هذا خلاف إطلاق النصوص المتقدم. إلا أن يفهم من الأدلة أن النشوز مسقط لجميع حقوق الزوجة. ويظهر من كلماتهم في مبحث القسم التسالم عليه.

[٣] للأصل ، وقصور النص المتقدم عن إثباته.

[٤] لخروجها عن مورد النص المتقدم. ويتعين الرجوع فيها الى الأصل.

[٥] للمرسل عن أبي عبد الله (ع) : « من جمع من النساء ما لا ينكح فزنى منهن شي‌ء فالإثم عليه » (١). لكن الاعتماد عليه غير ظاهر. ولا سيما بملاحظة التحديد في الصحيح السابق. ولا يجب الأمر بالمعروف على نحو يقتضي وجوب ما يوجب رفع المقتضي لداعي المعصية ، فلا يجب أن‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٧١ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ٢.

٧٦

( مسألة ٩ ) : إذا ترك مواقعتها عند تمام الأربعة أشهر لمانع من حيض أو نحوه ، أو عصياناً لا يجب عليه القضاء [١] نعم الأحوط ارضائها بوجه من الوجوه ، لأن الظاهر أن ذلك حق لها عليه [٢] وقد فوته عليها. ثمَّ اللازم عدم التأخير‌

______________________________________________________

يتزوج المرأة التي لو لم يتزوجها زنت ، ولا تزويج الرجل الذي لو لا تزوجه زنى ، ولا نحو ذلك.

[١] للأصل. فان قلت : الأصل يقتضي وجوب الوطء ، لأن الوجوب كان سابقاً فيستصحب. قلت : لا إشكال في وجوب الوطء بعد تمام الأربعة أشهر إذا لم يكن وطأ فيها. وإنما الكلام في وجوبه ثانياً بعنوان القضاء عما فات ، والأصل فيه البراءة ، واستصحاب عدمه.

[٢] كأنه يشير إلى قاعدة كلية ، وهي : من فوت حق غيره وجب عليه استحلاله. وقد استدل عليها شيخنا الأعظم في مكاسبه بالأصل ، والنصوص ، منها ما‌ رواه الكراجكي عن علي بن الحسين (ع) عن أبيه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : « قال رسول الله (ص) : للمؤمن على أخيه ثلاثون حقاً لا براءة له منها إلا بأدائها أو العفو .. الى أن قال : سمعت رسول الله (ص) يقول : إن أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئاً فيطالبه به يوم القيامة ويقضى له عليه » (١). ونحوه غيره. لكن يشكل الأصل المذكور : بأنه بعد التصرف في الحق يسقط بذهاب موضوعه ، فلا يحتاج في سقوطه إلى عفو وإرضاء. مثلا إذا كان لأحد حق على آخر أن لا يأكل من طعام ، فأكل ، عصى وجرى على خلاف الحق ، فبطل الحق وسقط. ولا مجال لأصالة بقائه. نعم إذا احتمل دخله في رفع العقاب وجب عقلا تحصيله ، لكن إطلاق أن التوبة ماحية للذنب. رافع للاحتمال المذكور.

__________________

(١) الوسائل باب : ١٢٢ من أبواب أحكام العشرة حديث : ٢٤.

٧٧

من وطء الى وطء أزيد من الأربعة ، فمبدأ اعتبار الأربعة اللاحقة إنما هو الوطء المتقدم [١] ، لا حين انقضاء الأربعة المتقدمة.

فصل‌

( مسألة ١ ) : لا يجوز وطء الزوجة قبل إكمال تسع سنين [٢]

______________________________________________________

وأما النصوص المشار إليها فلا يخلو سندها من إشكال. بل دلالتها أيضاً ، لاشتمالها على أمور لا قائل بوجوب البراءة منها ، كما اعترف بذلك شيخنا الأعظم (ره) في مكاسبه في مباحث حرمة الغيبة. مضافاً الى أن النصوص مرمية بالهجر والاعراض ، لعدم ذكر مضمونها في كتاب الكفارات. فلاحظ. وكأنه لذلك توقف المصنف عن الفتوى في المقام.

[١] لأن ظاهر النص إرادة المدة المساوية للأربعة أشهر من حين الوطء ، لا الأربعة أشهر المتعينة.

فصل في أحكام الدخول‌

[٢] بالنص ، والإجماع كما في كشف اللثام ، وإجماعاً بقسميه ، ونصوصاً ، كما في الجواهر. و‌في صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « قال (ع) : إذا تزوج الرجل الجارية وهي صغيرة ، فلا يدخل بها حتى يأتي لها تسع سنين » (١) ‌، و‌في خبر زرارة عن أبي جعفر (ع) : « قال : لا يدخل

__________________

(١) الوسائل باب : ٤٥ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ١.

٧٨

جرة كانت أو أمة ، دواماً كان النكاح أو متعة [١]. بل لا يجوز وطء المملوكة [٢] والمحللة كذلك. وأما الاستمتاع بما‌

______________________________________________________

بالجارية حتى يأتي لها تسع سنين ، أو عشر سنين » (١) ‌، ونحوه خبر أبي بصير عن أبي جعفر (ع) (٢). والتخيير فيهما بين الأقل والأكثر يستوجب حمل الأكثر عرفاً على الاستحباب. وأما‌ خبر غياث بن إبراهيم عن جعفر (ع) عن أبيه (ع) عن علي (ع) : « قال : لا توطأ جارية لأقل من عشر سنين ، فان فعل فعيبت فقد ضمن » (٣). فشاذ مهجور ، يجب حمل صدره على الاستحباب ، بقرينة ما سبق ، إن أمكن ، وإلا طرح.

[١] إجماعاً ـ أيضاً ـ بقسميه ، كما في الجواهر. ويقتضيه إطلاق النصوص المتقدمة.

[٢] كما صرح به جماعة. وفي الجواهر : حكاية الإجماع عليه عن التنقيح ومحكي النهاية والكفاية وظاهر المجمع. ويقتضيه إطلاق الخبرين الأخيرين المتقدمين. وأما ما‌ في صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « أنه قال في رجل ابتاع جارية ولم تطمث ، قال (ع) : إن كانت صغيرة لا يتخوف عليها الحبل فليس عليها عدة ، وليطأها إن شاء. وإن كانت قد بلغت ولم تطمث فان عليها العدة » (٤) ‌، و‌صحيح ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) : « في الجارية التي لم تطمث ولم تبلغ الحبل إذا اشتراها الرجل ، قال (ع) : ليس عليها عدة ، يقع عليها » (٥) ‌، ونحوهما‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٤٥ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ٤٥ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ٤٥ من أبواب مقدمات النكاح حديث : ٧.

(٤) الوسائل باب : ٣ من أبواب نكاح العبيد حديث : ١.

(٥) الوسائل باب : ٣ من أبواب نكاح العبيد حديث : ٣.

٧٩

عدا الوطء من النظر واللمس بشهوة والضم والتفخيذ ، فجائز في الجميع [١] ، ولو في الرضيعة.

( مسألة ٢ ) : إذا تزوج صغيرة دواماً أو متعة ، ودخل بها قبل إكمال تسع سنين فأفضاها. حرمت عليه أبداً على المشهور [٢].

______________________________________________________

غيرهما وهي وإن كانت واردة في الجواز من حيث الاستبراء وعدمه ، لكنها ظاهرة في المفروغية عن الجواز في الصغيرة ، فيقيد بها إطلاق ما سبق. لكن من القريب حمل الصغيرة فيها على معنى : ما لا يتخوف عليها الحبل ، جمعاً بينها وبين الإطلاق المتقدم. وإن كان الإنصاف يقتضي البناء على المعارضة بين الإطلاقين ، فيرجع الى الأصل في مورد المعارضة. ولا وجه لتعين إطلاق هذه النصوص للتصرف ، ولا سيما بعد ملاحظة‌ رواية محمد بن إسماعيل بن بزيع المروية في عيون الاخبار. عن الرضا (ع) : « في حد الجارية الصغيرة السن الذي إذا لم تبلغه لم يكن على الرجل استبراؤها. قال (ع) : إذا لم تبلغ استبرأت بشهر ، قلت : وإن كانت ابنة سبع سنين أو نحوها مما لا تحمل. فقال : هي صغيرة ، ولا يضرك أن لا تستبرأها ، فقلت : ما بينها وبين تسع ، فقال (ع) : نعم تسع سنين » (١). اللهم إلا أن يقال : لا مجال للعمل بها بعد ما عرفت من حكاية الإجماع على خلافها.

[١] كما نص على ذلك في الجواهر. للأصل السالم عن المعارضة.

[٢] بل إجماعاً محكياً صريحاً عن الإيضاح والتنقيح وكنز الفوائد ، وغاية المرام ، وظاهراً في المسالك ومحكي كشف الرموز والمقتصر والمهذب البارع بل والسرائر إن لم يكن محصلا. كذا في الجواهر. واستدل له.

__________________

(١) الوسائل باب : ٣ من أبواب نكاح العبيد حديث : ١١‌.

٨٠