مستمسك العروة الوثقى - ج ١٤

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم

مستمسك العروة الوثقى - ج ١٤

المؤلف:

آية الله السيد محسن الطباطبائي الحكيم


الموضوع : الفقه
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٦٣٧

وعلى التعدد يقدم ما تقدم سببه [١] ، إلا إذا كان إحدى العدتين بوضع الحمل فتقدم وان كان سببها متأخراً [٢] ، لعدم إمكان التأخير حينئذ. ولو كان المتقدمة عدة وطء الشبهة‌

______________________________________________________

عدة واحدة ثلاثة قروء » وهو مضمون موثق زرارة الوارد في ذات البعل ـ قال في كتاب النكاح منه : « وإذا تزوج الرجل امرأة في عدتها ولم يعلم ، وكانت هي قد علمت أنه قد بقي من عدتها ، ثمَّ قذفها بعد علمه بذلك ، فان كانت علمت أن الذي عملت محرم عليها ، فندمت على ذلك ، فان عليها الحد حد الزاني ، ولا أرى على زوجها حين قذفها شيئاً. فإن فعلت بجهالة منها ثمَّ قذفها ضرب قاذفها الحد ، وفرق بينهما ، وتعتد عدتها الأولى ، وتعتد بعد ذلك عدة كاملة ». وهو مضمون رواية علي بن بشير المشار إليها في أخبار التعدد‌. فنسبة القول بالتداخل اليه غير ظاهرة. ولو أمكن التفكيك بين المسألتين ، كان اللازم نسبة التداخل إليه في تزويج ذات البعل ، والتعدد إليه في تزويج ذات العدة. لكن عرفت التسالم على عدم الفرق. فالكلامان متنافيان مع قرب ما بينهما.

[١] بلا خلاف فيه في الجملة ، ولا إشكال. للأصل ، والنصوص. نعم إذا كانت معتدة للشبهة فمات زوجها ، فقد احتمل في المسالك تقديم عدة الوفاة ، لكونها للزوج ، وهي مستندة الى العقد اللازم. وكذا لو كانت معتدة للشبهة فطلقها زوجها ، فقد احتمل تقديم عدة الطلاق ، لكونها أقوى سبباً. ولكنه ـ كما ترى ـ خلاف الأصل. هذا وإذا اقترن السببان فبناء على التعدد يكون لها الخيار في التقديم والتأخير ، لعدم المرجح.

[٢] كما صرح بذلك في الشرائع ، والقواعد ، وغيرهما. وفي غير موضع من الجواهر نفي الخلاف والاشكال فيه ، لما ذكر في المتن.

١٤١

والمتأخرة عدة الطلاق الرجعي فهل يجوز الرجوع قبل مجي‌ء زمان عدته [١]؟ وهل ترث الزوج إذا مات قبله في زمان‌

______________________________________________________

[١] كما اختاره في كشف اللثام. لأن الرجعة استدامة ، وهي لا تنافي الاعتداد من الغير. وتبعه عليه في الجواهر. والأصل في ذلك ما في المبسوط ، قال : « إن مذهبنا أن له الرجعة في زمان الحمل ». قال : « لأن الرجعة تثبت بالطلاق فلم تنقطع حتى تنقضي العدة ، وهذه ما لم تضع الحمل وتكمل العدة الأولى ، فعدتها لم تنقض ، فتثبت الرجعة عليها. وله الرجعة ما دامت حاملا ، وبعد أن تضع مدة النفاس والى أن تنقضي عدتها بالأقراء ». قال : « وإذا قلنا لا رجعة له عليها في حال الحمل ما دامت حاملا ، فاذا وضعت ثبت له عليها الرجعة ، وإن كانت في عدة النفاس لم تشرع في عدتها منه ، لأن عدة الأول قد انقضت ، فثبت له الرجعة وإن لم تكن معتدة منه في تلك الحال ، كحال الحيض في العدة ». وفي القواعد : « إن له الرجعة في الإكمال دون زمان الحمل ». وفي المسالك : « له الرجعة في زمان إكمالها بعد الحمل ، لا زمان الحمل ، لأنها حينئذ ليست في عدة رجعية ».

أقول : العمدة في الوجهين ثبوت إطلاق يقتضي صحة الرجوع ما دامت لم تخرج من العدة وعدمه. والظاهر الأول ، ففي صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (ع). قال : « سألته عن رجل طلق امرأته واحدة ، قال (ع) : هو أملك برجعتها ما لم تنقض العدة » (١) ‌و‌في صحيحه الآخر عن أبي جعفر (ع) : « وإذا أراد أن يراجعها أشهد على رجعتها قبل أن تنقضي أقراؤها » (٢) ‌، و‌في خبره عن أبي جعفر (ع) : « هي

__________________

(١) الوسائل باب : ١٣ من أبواب أقسام الطلاق حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب أقسام الطلاق حديث : ٢.

١٤٢

عدة وطء الشبهة؟ [١] وجهان ، بل قولان ، لا يخلو الأول منهما من قوة. ولو كانت المتأخرة عدة الطلاق البائن فهل يجوز تزويج المطلق لها في زمان عدة الوطء قبل مجي‌ء زمان‌

______________________________________________________

امرأته ما لم تنقض العدة » (١) ‌، و‌في موثق ابن بكير وغيره عن أبي جعفر (ع) « وهو أحق برجعتها ما لم تنقض ثلاثة قروء » (٢) ‌، و‌في موثق عبد الله بن سنان عن عبد الله (ع) : « فان طلقها الثانية أيضاً فشاء أن يخطبها مع الخطاب إن كان تركها حتى يخلو أجلها ، فإن شاء راجعها قبل أن ينقضي أجلها ، فإن فعل فهي عنده على تطليقتين » (٣) .. الى غير ذلك من النصوص التي لا تحصى لكثرتها. وإطلاقها يقتضي جواز الرجوع له في المدة التي تكون بين الطلاق وعدته. ولم أقف عاجلا على ما يدل على اعتبار كون الرجوع في العدة ، ولو فرض أمكن حمله على إرادة نفي الرجوع بعد العدة جمعاً ، ويقتضيه ما‌ في صحيح علي بن رئاب عن يزيد الكناسي عن أبي جعفر (ع) : « قال (ع) : لا ترث المختلعة والخيرة ، والمبارأة ، والمستأمرة في طلاقها ، هؤلاء لا يرثن من أزواجهن شيئاً في عدتهن ، لأن العصمة قد انقطعت فيما بينهن وبين أزواجهن من ساعتهن ، فلا رجعة لأزواجهن ولا ميراث بينهم » (٤).

[١] هذه المسألة نظير المسألة السابقة دليلا ، فقد ورد في كثير من النصوص أن المطلقة ترث زوجها إذا مات قبل انقضاء العدة ، ففي صحيح زرارة عن أحدهما : « المطلقة ترث وتورث حتى ترى الدم الثالث ،

__________________

(١) الوسائل باب : ١٣ من أبواب أقسام الطلاق حديث : ٦.

(٢) الوسائل باب : ١ من أبواب أقسام الطلاق حديث : ٥.

(٣) الوسائل باب : ١ من أبواب أقسام الطلاق حديث : ٧.

(٤) الوسائل باب : ١٣ من أبواب ميراث الأزواج حديث : ٦.

١٤٣

عدة الطلاق؟ وجهان لا يبعد الجواز بناء [١] على أن الممنوع‌

______________________________________________________

فإذا رأته فقد انقطع » (١) ‌، و‌في موثقه : « سألت أبا جعفر (ع) عن الرجل يطلق المرأة ، فقال (ع) : يرثها وترثه ما دام له عليها رجعة » (٢) ‌، و‌في رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) : « وإن ماتت قبل انقضاء العدة منه ورثها وورثته » (٣) ‌، و‌في موثق محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع) : « أيما امرأة طلقت فمات عنها زوجها قبل أن تنقضي عدتها فإنها ترثه ثمَّ تعتد عدة المتوفى عنها زوجها ، وإن توفيت في عدتها ورثها » (٤). نعم ظاهر ذيله اعتبار الوفاة في العدة. ونحو غيره ، ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر (ع) : « إذا طلق الرجل امرأته توارثا ما كانت في العدة ، فإذا طلقها التطليقة الثالثة فليس له عليها رجعة ولا ميراث بينهما » (٥). ونحوه غيره. ولا يبعد أن يكون الجمع بينهما بحمل الثانية على كونه في مقابل الموت بعد العدة ، فإنه مقتضى مناسبة الحكم ، كما فيما سبق.

[١] قد تقدم من المصنف (ره) : أنه لا يجوز التزويج بذات العدة وإن كانت عدة وطء الشبهة ، وحكي في كشف اللثام : الاتفاق على أنه ليس لأجنبي أن ينكح امرأة في عدة شبهة. ولذا فرض في القواعد وغيرها المسألة فيما لو كانت عدة الطلاق البائن مقدمة ، واختار عدم جواز الرجوع إليها في عدة الطلاق بعقد جديد ، لأنه إذا لم يجز تجديد العقد في‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٣ من أبواب ميراث الأزواج حديث : ٣.

(٢) الوسائل باب : ١٣ من أبواب ميراث الأزواج حديث : ٤.

(٣) الوسائل باب : ١٣ من أبواب ميراث الأزواج حديث : ٥.

(٤) الوسائل باب : ١٣ من أبواب ميراث الأزواج حديث : ٨.

(٥) الوسائل باب : ١٣ من أبواب ميراث الأزواج حديث : ١٠.

١٤٤

في عدة وطء الشبهة وطء الزوج لها لا سائر الاستمتاعات بها كما هو الأظهر [١]. ولو قلنا بعدم جواز التزويج حينئذ للمطلق فيحتمل كونه موجباً للحرمة الأبدية أيضاً ، لصدق التزويج‌

______________________________________________________

عدة الوطء اللاحقة فعدم الجواز قبلها أولى. ولأن تجديد العقد يوجب انتهاء عدة الطلاق ودخول عدة الوطء ، فيمتنع عليه الاستمتاع فلا يكون للعقد أثر ، فيبطل. والمصنف فرض المسألة فيما لو تقدم الوطء على الطلاق ، وجواز تجديد العقد بعد الطلاق البائن في تتمة عدة الوطء ، لأنه لا مانع من العقد إلا دعوى أنه لا أثر للعقد ، لحرمة الاستمتاع بالمعتدة مطلقاً وطأ كان أو غيره. وقد قال في القواعد : « وكل نكاح لم يتعقبه حل الاستمتاع كان باطلاً » ، فاذا بنينا على جواز سائر الاستمتاعات غير الوطء لم يكن مانع من العقد.

[١] واستوجهه في الجواهر ، لعدم الدليل عليه يصلح لمعارضة ما دل على الاستمتاع بالزوجة. وفيه : أن الظاهر من الاعتداد الامتناع عن ذلك ، وبذلك افترقت العدة عن مدة الاستبراء. ولأجل ذلك لا يصح العقد عليها ، فإنه أيضاً مفهوم من الأمر بالاعتداد ، ولو لا ذلك لم يكن حرمة الوطء وسائر الاستمتاعات مانعاً من صحة العقد. ودعوى : أنه لا أثر له غير ظاهرة ، فان اعتبار الزوجية يكفي فيه الآثار الأخرى ، مثل وجوب النفقة والتوارث ، وحرمة الزوجة على أب الزوج وولده ، وحرمة أمها على الزوج ، وغير ذلك من الآثار. ولذا لو فرض عدم التمكن من الاستمتاع بالزوجة لم تبطل زوجيتها ، ولم يمتنع تزويجها. وكذا لو فرض حرمة الاستمتاع بها بنذر ونحوه ، فان ذلك لا يمنع من صحة التزويج بها ، ولا يبطل زوجيتها.

فإذاً الأقوى حرمة جميع الاستمتاعات بالموطوءة شبهة ، وعدم جواز‌

١٤٥

في عدة الغير. لكنه بعيد. لانصراف أخبار التحريم المؤبد عن هذه الصورة [١].

هذا ولو كانت العدتان لشخص واحد ، كما إذا طلق زوجته بائناً ثمَّ وطأها شبهة في أثناء العدة ، فلا ينبغي الإشكال في التداخل [٢] ، وإن كان مقتضى إطلاق بعض العلماء [٣] التعدد في هذه الصورة أيضا.

( مسألة ١٣ ) : لا إشكال في ثبوت مهر المثل [٤] في الوطء بالشبهة المجردة عن التزويج‌

______________________________________________________

التزويج بها ، لأنه الظاهر من الأمر بالاعتداد ذلك ، فان الاعتداد من المفاهيم المجملة التي أو كل الشارع معرفتها الى بيانه في عدة الطلاق. فكما أن المعتدة عدة الطلاق لا يجوز لغير من له العدة العقد عليها ، ولا الاستمتاع بها ، كذلك المعتدة للوطء لا يجوز لغير الواطئ العقد عليها ، ولا الاستمتاع بها. ونظيره كثير من المفاهيم الشرعية التي أو كل بيانها الى البيان الصادر في بعض الموارد ، كما أشرنا الى ذلك في جملة من المباحث من هذا الشرح.

[١] يعني : الانصراف إلى صورة سبق العدة بزوجية العاقد. لكن دعوى هذا الانصراف غير ظاهرة ، وإن وافقه عليها شيخنا الأعظم (ره) في رسالة النكاح. وإطلاق الفتوى يمنعه جداً ، بل إنهم تعرضوا لمدة الاستبراء ، وجعل بعضهم إلحاقها بالعدة محل إشكال ، وبعضهم لم يلحقها بها ، ولم يتعرضوا لعدة وطء الشبهة فليس ذلك إلا لبنائهم على العموم لها.

[٢] كما استوجهه في الجواهر وفاقا للفاضلين.

[٣] بل الأكثر ، كما في الجواهر.

[٤] لأنه عوض الانتفاع بالبضع. وقد تضمنت ذلك النصوص‌

١٤٦

إذا كانت الموطوءة مشتبهة [١] وإن كان الواطئ عالماً. وأما إذا كان بالتزويج ففي ثبوت المسمى أو مهر المثل قولان [٢] ، أقواهما الثاني. وإذا كان التزويج مجرداً عن الوطء فلا مهر أصلا [٣].

( مسألة ١٤ ) : مبدأ العدة في وطء الشبهة المجردة عن التزويج حين الفراغ من الوطء [٤]. وأما إذا كان مع التزويج‌

______________________________________________________

[١] إذ لو كانت عالمة كانت بغياً ، « ولا مهر لبغي ».

[٢] حكي أولهما عن الشيخ في المبسوط ، لأن العقد هو السبب في ثبوت المهر ، لأنه الوجه في الشبهة ، فكان كالصحيح المقتضي ضمان ما وقع عليه التراضي. وفيه : أن استحقاق المسمى إنما يكون بالعقد ، فاذا فرض بطلانه لم يكن وجه لاستحقاقه. وكونه سبب الشبهة ، لا يقتضي سببية ضمان المسمى. والرضا به إنما كان مبنيا على العقد ، فاذا بطل بطل. فيتعين الضمان بمهر المثل. نظير ضمان المقبوض بالعقد الفاسد ، فإنه يكون بالمثل ، لا بالمسمى. نعم‌ في موثق أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) : « فان كان دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها » (١). ونحوه ما في موثق سليمان بن خالد ‌(٢). ولا يبعد أن يكون المراد منه جنس المهر ، كما يشير اليه التعليل ، لا المسمى ، فان التعليل لا يقتضيه.

[٣] للأصل مع عدم المقتضي له ، إذ هو إما العقد ، وإما الوطء ، وكلاهما منتف.

[٤] كما في الجواهر. لأنه السبب في العدة ، وظاهر الأدلة كونها متصلة بالسبب ،

ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال : « سألته

__________________

(١) الوسائل باب : ١٧ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ٨.

(٢) الوسائل باب : ١٧ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ٧.

١٤٧

فهل هو كذلك ، أو من حين تبين الحال؟ وجهان [١]. والأحوط الثاني ، بل لعله الظاهر من الاخبار.

( مسألة ١٥ ) : إذا كانت الموطوءة بالشبهة عالمة بأن كان الاشتباه من طرف الواطئ فقط ـ فلا مهر لها إذا كانت حرة ، إذ لا مهر لبغي. ولو كانت أمة ففي كون الحكم كذلك‌

______________________________________________________

عن رجلين نكحا امرأتين ، فأتي هذا بامرأة ذا وهذا بامرأة ذا ، قال (ع) : تعتد هذه من هذا ، وهذه من هذا ، ثمَّ ترجع كل واحدة إلى زوجها » (١). ونحوه غيره.

[١] للأول : ما سبق. وللثاني : أنه ظاهر النصوص المتضمنة للأمر بالاعتداد بعد التفريق ، كما أشار الى ذلك في المتن ، ففي مصحح إبراهيم ابن عبد الحميد المروي في الفقيه : أن أبا عبد الله (ع) قال في شاهدين شهدا عند امرأة بأن زوجها طلقها ، فتزوجت ، ثمَّ جاء زوجها ، قال (ع) : « يضربان الحد ويضمنان الصداق للزوج ثمَّ تعتد وترجع الى زوجها الأول » (٢). وقريب منه غيره. والجميع ينسبق الى الذهن منه أن الاعتداد بعد التفريق ، وهو وقت تبين الحال. ولذلك مال في الجواهر الى ذلك. وعلله بعض : بأن الشبهة بمنزلة النكاح الصحيح ، فزوال الشبهة بمنزلة الطلاق ، فيكون الاعتداد منه. وهو ـ كما ترى ـ أشبه بالاستحسان. لكن لا يبعد أن يستفاد من النصوص المذكورة لزوم الاعتداد عند ارتفاع الشبهة ، سواء كان هناك عقد فاسد اشتباهاً ، أم لم يكن عقد وكان الاشتباه في وقوعه لاعتقاد وقوعه ، أو للاشتباه في المعقود له أو عليه ، وأن المدة‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٩ من أبواب العيوب حديث : ٢.

(٢) من لا يحضره الفقيه الجزء : ٣ صفحة : ٣٥٥ طبعة النجف الحديثة ، الوسائل باب : ١٦ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ٨.

١٤٨

أو يثبت المهر لأنه حق السيد ، وجهان ، لا يخلو الأول منهما من قوة [١].

______________________________________________________

التي تكون فيها الموطوءة تحت سلطان الواطئ وفي حباله يستمتع بها ويضاجعها ليست جزءاً من العدة ، فيكون مبدأ العدة في جميع الصور ارتفاع الاشتباه ، لا حين الوطء.

[١] كما اختاره في الشرائع في مباحث نكاح الإماء ، قال (ره) : « إذا تزوج الحر أمة من غير إذن المالك ، ثمَّ وطأها قبل الرضا عالماً بالتحريم كان زانيا ، وعليه الحد ، ولا مهر لها إذا كانت عالمة مطاوعة ». وفي كتاب الرهن قال : « ولو وطأ المرتهن الأمة مكرها لها كان عليه عشر قيمتها أو نصف العشر. وقيل : عليه مهر أمثالها. ولو طاوعته لم يكن عليه شي‌ء » ، وفي باب بيع الحيوان قال : « من أولد جارية ثمَّ ظهر أنها مستحقة انتزعها المالك ، ويجب على الواطئ عشر قيمتها إن كانت بكراً ونصف العشر إن كانت ثيباً. وقيل : يجب مهر أمثالها. والأول مروي ». وكلامه الثاني يدل على نفي المهر والأرش للمطاوعة ، فيحمل عليه كلامه الأخير ، فيحمل على غير المطاوعة ، بناء على اتحاد المسألتين حكماً. وأما كلامه الأول فلا تعرض فيه للأرش وإنما يتعرض لنفي المهر.

وقد يظهر من ذلك أن الكلام في مقامين. الأول : لزوم المهر للسيد في وطء الأمة مع علمها بعدم حلية الوطء وعدم لزومه ، الثاني : أنه على تقدير عدم لزوم المهر يلزم الأرش للسيد أو لا يلزم.

أما الكلام في الأول : فهو أنك عرفت ما ذكره المحقق. وتبعه عليه جماعة من نفي المهر. ووجهه : أما‌ النبوي المشهور : « لا مهر لبغي ». وإما لأن الانتفاع بالبضع مما لا يضمن كسائر الاستمتاعات ، فكما لا يضمن الاستمتاع بالتقبيل ونحوه لا يضمن الاستمتاع بالوطء. لكن ناقش في‌

١٤٩

______________________________________________________

المسالك في شمول الخبر للإماء ، بقرينة ذكر المهر الذي يكون للحرائر المتعارف إطلاقه على الصداق ، بخلاف عوض بضع الأمة فإنه يسمى بالعقر ، ولأجل ذلك سميت الحرة مهيرة ، دون الأمة. وبقرينة اللام أيضا ، فإنها ظاهرة في الملك ، وهو لا يكون إلا في الحرة ، فإن الأمة مهرها لسيدها. وحمل اللام على الاختصاص خلاف الظاهر. وناقش أيضا فيما بعده ـ وكذا في الجواهر ـ بأنه لا وجه لقياس الوطء على غيره من الاستمتاع ، لو سلم الحكم في المقيس عليه ، باعتبار عدم عده مالا في الشرع والعرف ، بخلاف الوطء المقابل به عرفاً وشرعاً. ويشكل : بأن عد الانتفاع بالبضع مالا شرعاً مصادرة ، ومالا عرفاً غير ظاهر ، إذ لا مجال لمقايسة ذلك باستخدام الرجل والمرأة ، فإنه مضمون إذا كانت له قيمة عندهم ، لكونه مالا ويعاوض عليه عند العرف ، بخلاف الاستمتاعات الواقعة بين الرجل والمرأة ، فإن استمتاع كل منهما بالآخر لا يعد مالا ولا يقابل بالمال ، وليس بضع المرأة أولى من بضع الرجل في انتفاع الطرف الآخر ، فكما لا يصح للرجل مطالبة المرأة بقيمة انتفاعها ببضعه ، لا يصح للمرأة مطالبة الرجل ، فإن الاستفادة من الطرفين على نحو واحد ، وفي الطرفين لا يعد عرفاً من المنافع المقصودة المعاوض عنها. ولعله يظهر ذلك بأقل تأمل. فالقواعد العامة لا تقتضي ضمان المهر. وما دل على ضمان المهر باستحلال الفرج مختص بالحرائر ، كما سبق. ومن ذلك يظهر ضعف ما عن الشيخ في المبسوط وابن إدريس من لزوم المهر للسيد.

وأما الكلام في المقام الثاني : فهو أن الذي يظهر من كلام الشرائع في كتاب الرهن المتقدم عدم استحقاق الأرش على الواطئ. وعن جماعة استحقاقه. واختاره في الرياض حاكياً له عن المقنع والنهاية والقاضي وابن حمزة. واختاره في الجواهر ، وحكاه عن السيد في المدارك ، بل‌

١٥٠

______________________________________________________

نسبه الى فتوى المشهور فيمن اشترى أمة ووطأها ثمَّ ظهر أنها مستحقة لغير البائع ، لصحيح الوليد بن صبيح عن أبي عبد الله (ع) : « في رجل تزوج امرأة حرة فوجدها قد دلست نفسها له ، قال : إن كان الذي زوجها إياه من غير مواليها فالنكاح فاسد‌ .. ( الى أن قال ) : وإن كان زوجها إياه ولي لها ارتجع على وليها بما أخذت منه ، ولمواليها عليه عشر ثمنها إن كانت بكراً ، وإن كانت غير بكر فنصف عشر قيمتها بما استحل من فرجها » (١) ‌، و‌صحيح الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله (ع) : « فيمن أحل جاريته لأخيه ، قلت : أرأيت إن أحل له ما دون الفرج فغلبته الشهوة فافتضها ، قال (ع) : لا ينبغي له ذلك. قلت : فان فعل أيكون زانياً؟ قال (ع) : لا ، ولكن يكون خائنا ، ويغرم لصاحبها عشر قيمتها إن كانت بكراً ، وإن لم تكن فنصف عشر قيمتها » (٢). وإطلاقهما يقتضي عدم الفرق بين العالمة والجاهلة. بل نسب الى ظاهر الأصحاب الاتفاق على عدم الفرق بينهما فيما لو تزوجها لدعواها الحرية فتبين أنها أمة. بل في المسالك عن بعضهم : دعوى إجماع المسلمين عليه. فاذاً لا مجال للتوقف فيه بعد ورود الصحيحين المذكورين به.

ثمَّ إنه قد ادعي اختصاص الصحيح الأول بصورة علم الأمة. لكنه ضعيف ، لأن تدليسها كونها أمة لا يستلزم العلم بحرمة الوطء. وكذلك الصحيح الثاني ، لإمكان عدم اطلاع المحللة على ما وقع بين مالكها والمحلل له ، فاطلاقهما بالنسبة إلى حالتي علم الأمة وجهلها محكم ، نعم يختص الأول بصورة الشبهة في الواطئ ، والثاني بصورة علمه ، فتعميم الحكم لهما في محله. كما أنهما يختصان بموردهما. فالتعدي إلى غيرهما غير ظاهر ، إلا من‌

__________________

(١) الوسائل باب : ٦٧ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ١.

(٢) الوسائل باب : ٣٥ من أبواب نكاح العبيد والإماء حديث : ١.

١٥١

( مسألة ١٦ ) : لا يتعدد المهر بتعدد الوطء [١] مع استمرار الاشتباه. نعم لو كان مع تعدد الاشتباه تعدد.

( مسألة ١٧ ) : لا بأس بتزويج المرأة الزانية غير ذات البعل للزاني [٢] ،

______________________________________________________

جهة التعليل بالاستحلال. ولا يخلو من تأمل ، وإن كان هو الأظهر.

[١] كما استظهره في الجواهر في مبحث بيع الحيوان ، لأنه ظاهر الصحيح الأول.

[٢] كما هو المشهور. وعن الخلاف : الإجماع عليه. لعمومات الحل ، ولعموم : « الحرام لا يحرم الحلال » (١) ‌، وخصوص‌ صحيح عبيد الله ابن علي الحلبي عن أبي عبد الله (ع) : « أيما رجل فجر بامرأة ثمَّ بدا له أن يتزوجها حلالا ، قال (ع) أوله سفاح وآخره نكاح ، ومثله مثل النخلة أصاب الرجل من ثمرها حراماً ثمَّ اشتراها بعد فكانت له حلالا » (٢) ‌، و‌صحيح أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال : « سألته عن رجل فجر بامرأة ثمَّ بدا له أن يتزوجها ، فقال (ع) : حلال ، أوله سفاح وآخره نكاح ، أوله حرام وآخره حلال » (٣). ونحوهما غيرهما.

وعن الشيخين وجماعة : المنع إلا مع التوبة. ويشهد لهم جملة من النصوص ، كموثق عمار بن موسى عن أبي عبد الله (ع) قال : « سألته عن الرجل يحل له أن يتزوج امرأة كان يفجر بها؟ قال (ع) : إن أنس منها رشداً فنعم ، وإلا فليراودها على الحرام ، فان تابعته فهي عليه حرام ،

__________________

(١) الوسائل باب : ٤ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ٤ ، ٥ وباب : ٦ حديث : ٦ ، ٩ ، ١١ ، ١٢.

(٢) الوسائل باب : ١١ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ٣.

(٣) الوسائل باب : ١١ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ١.

١٥٢

وغيره [١]. والأحوط الأولى أن يكون بعد استبراء رحمها‌

______________________________________________________

وإن أبت فليتزوجها » (١). ونحوه غيره. وفيه ـ كما في الجواهر ـ : أنها قاصرة عن ذلك بالشهرة على خلافها. وبموافقتها لابن حنبل ، وقتادة. ويشكل : بأن مخالفتها المشهور في المقام لا يسقطها عن الحجية. وكذلك موافقتها لابن حنبل ، مع أنها مروية عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) ، وزمانهما متقدم على زمان ابن حنبل ، فلا مجال للاتقاء منه. فالجمع بين هذه النصوص وما قبلها بالتقييد متعين ، لو لا ما تقتضيه مناسبة الحكم والموضوع ، وما في صحيح الحلبي المتقدم من التمثيل ، وما ورد من جواز تزويج الزانية ـ كما سيأتي ـ من الحمل على التنزيه مخافة اختلاط المياه واشتباه الأنساب.

[١] على المشهور شهرة عظيمة ، للنصوص الكثيرة ، منها‌ صحيح علي بن رئاب المروي في قرب الاسناد ، قال : « سألت أبا عبد الله (ع) عن المرأة الفاجرة يتزوجها الرجل المسلم؟ قال (ع) : نعم ، وما يمنعه؟! ولكن إذا فعل فليحصن بابه مخافة الولد » (٢) ‌، و‌خبر زرارة عن أبي جعفر (ع) قال : « سئل عن رجل أعجبته امرأة فسأل عنها فاذا الثناء عليها في شي‌ء من الفجور ، فقال (ع) : لا بأس بأن يتزوجها ويحصنها » (٣) ، ونحوهما غيرهما.

وعن الحلبي ، وظاهر المقنع : الحرمة. للاية الشريفة : ( الزّانِي لا يَنْكِحُ إِلاّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) (٤) ، بدعوى ظهورها في حرمة تزويج الزانية لغير‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١١ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ١٢ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ٦.

(٣) الوسائل باب : ١٢ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ٢.

(٤) النور : ٣.

١٥٣

بحيضة من مائه أو ماء غيره [١] إن لم تكن حاملا. وأما‌

______________________________________________________

الزاني والمشرك ، وحرمة التزويج من الزاني لغير الزانية والمشركة. وفيه : عدم ظهور كون الآية الشريفة في مقام تشريع التحليل والتحريم ، بل من الجائز كونها في مقام الاخبار ، ويكون المراد من النكاح الوطء إذ لو حمل على تشريع التحليل والتحريم كان مقتضاه جواز تزويج المسلم الزاني المشركة ، وجواز تزويج المشرك الزانية المسلمة ، ولم يقل به أحد ، فلا بد من تنزيلها على غير هذا المعنى ، ولا مجال حينئذ للاستدلال بها على ما نحن فيه. والنصوص الآتية ربما تشير الى ذلك.

[١] كما‌ في موثق إسحاق بن جرير ، عن أبي عبد الله (ع) ، قال : « قلت له الرجل يفجر بالمرأة ثمَّ يبدو له في تزويجها هل يحل له ذلك؟ قال (ع) : نعم : إذا هو اجتنبها حتى تنقضي عدتها باستبراء رحمها من ماء الفجور فله أن يتزوجها ، وإنما يجوز له أن يتزوجها بعد أن يقف على توبتها » (١) ‌وفيما‌ رواه الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول عن أبي جعفر محمد بن علي الجواد (ع) : « أنه سئل عن رجل نكح امرأة على زنا أيحل له أن يتزوجها؟ فقال : يدعها حتى يستبرئها من نطفته ونطفة غيره ، إذ لا يؤمن منها أن تكون قد أحدثت مع غيره حدثاً كما أحدثت معه ، ثمَّ يتزوج بها إن أراد ، فإنما مثلها مثل نخلة أكل منها رجل حراماً ثمَّ اشتراها فأكل منها حلالا » (٢).

وفي المسالك عن التحرير : لزوم العدة على الزانية مع عدم الحمل ، ثمَّ قال : « ولا بأس به حذراً من اختلاط المياه وتشويش الأنساب » ، واختاره‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١١ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ٤. لكنه راوه عن إسحاق ابن حريز.

(٢) الوسائل باب : ٤٤ من أبواب العدد حديث : ٢.

١٥٤

الحامل : فلا حاجة فيها الى الاستبراء [١] ، بل يجوز تزويجها ووطؤها بلا فصل. نعم الأحوط ترك تزويج المشهورة بالزنا [٢]

______________________________________________________

في الوسائل ، والحدائق ، للروايتين المذكورتين ، المعتضدتين بعموم ما دل على لزوم العدة بالدخول‌ (١) ، و‌قولهم (ع) : « العدة من الماء » (٢). وفي الجواهر لم يستبعد حمل الخبرين على ضرب من الندب. والعمومات لا مجال للأخذ بها في بعض الموارد إجماعاً. والاشكال عليه ظاهر ، إذ الأول : لا قرينة عليه والثاني : لا يمنع من الأخذ بالعموم في غير مورد الإجماع. وكان الأولى الإشكال على العمومات بأنها واردة في العدة لغير صاحب الماء ، وقد تقدم أنه يجوز التزويج في عدة نفسه. وأما الخبران : فمخالفان للمشهور ، فلا مجال للعمل بهما. على أن الثاني منهما مرسل. فتأمل. وأما إطلاق ما دل على جواز تزويج الزانية فلا نظر فيه الى المقام. ولو فرض فهو مقيد بما ذكر.

[١] بلا إشكال ظاهر فيه ، ولا خلاف ، لعدم الدليل على لزوم العدة فيها. والنصوص المتقدمة لا تشملها ، بل ظاهرها عدمها.

[٢] فقد ورد في جملة من النصوص تفسير الآية الشريفة بها ، ففي صحيح زرارة قال : « سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل : ( الزّانِي لا يَنْكِحُ إِلاّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ) (٣) ، قال (ع) : هن نساء مشهورات بالزنا ، ورجال مشهورون

__________________

(١) الوسائل باب : ٤٤ من أبواب العدد حديث : ٣. وباب ٥٤ من أبواب المهور حديث : ٣ ، ـ ٤ ـ ٨.

(٢) الوسائل باب : ٤٤ من أبواب العدد حديث : ٤. وباب : ١ حديث : ١ وباب : ٥٤ من أبواب المهور حديث : ١.

(٣) النور : ٣.

١٥٥

إلا بعد ظهور توبتها. بل الأحوط ذلك بالنسبة إلى الزاني بها وأحوط من ذلك ترك تزويج الزانية مطلقاً إلا بعد توبتها. ويظهر ذلك بدعائها إلى الفجور ، فإن أبت ظهر توبتها [١].

( مسألة ١٨ ) : لا تحرم الزوجة على زوجها بزناها [٢]

______________________________________________________

بالزنا ، قد شهروا بالزنا وعرفوا به ، والناس اليوم بذلك المنزل ، فمن أقيم عليه حد الزنا ، أو شهر منهم بالزنا ، لم ينبغ لأحد أن يناكحه حتى يعرف منه توبته » (١) ‌، ونحوه خبر أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه‌السلام(٢) وخبر محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) (٣) ، و‌خبر حكم ابن حكيم عن أبي عبد الله (ع) : « في قول الله عز وجل ( وَالزّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ) قال : إنما ذلك في الجهر ، ثمَّ قال : لو أن إنسانا زنا ثمَّ تاب تزوج حيث شاء » (٤). و‌في رسالة المحكم والمتشابه عن تفسير النعماني : « نزلت هذه الآية في نساء كنّ بمكة معروفات بالزنا ، منهن سارة ، وخيثمة ، ورباب ، حرم الله نكاحهن ، فالآية جارية في كل من كان من النساء مثلهن » (٥). وعن المفيد ، وتلميذه سلار : الحرمة اعتماداً على ما ذكر. لكن عرفت سابقاً أن الآية لا يراد منها التشريع. والاخبار المذكورة تشير الى ذلك ، وأن المقصود منها التبكيت والذم لنساء ورجال مشهورين بالزنا مواظبين عليه.

[١] كما تقدم في النصوص.

[٢] على المشهور ، للأصل ، ولما ورد من أن الحرام لا يحرم‌

__________________

(١) الوسائل باب : ١٣ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ٢.

(٢) الوسائل باب : ١٣ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ملحق حديث : ٢.

(٣) الوسائل باب : ١٣ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ٣.

(٤) الوسائل باب : ١٣ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ٤.

(٥) الوسائل باب : ١٣ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ٥.

١٥٦

وإن كانت مصرة على ذلك. ولا يجب عليه أن يطلقها [١].

( مسألة ١٩ ) : إذا زنا بذات بعل دواماً أو متعة حرمت عليه أبداً [٢] ، فلا يجوز له نكاحها بعد موت زوجها‌

______________________________________________________

الحلال‌ (١) ، و‌لرواية عباد بن صهيب عن جعفر بن محمد عليهما‌السلام : « قال : لا بأس أن يمسك الرجل امرأته إن رآها تزني وإن لم يقم عليها الحد فليس عليه من إثمها شي‌ء » (٢). وعن المفيد وسلار : الحرمة. وكأنه للاية الشريفة ، التي قد عرفت الإشكال في دلالتها على التحريم ابتداء ، فضلا عن الاستدامة. أو لجملة من النصوص الدالة على حرمتها إذا زنت قبل الدخول ، كخبر الفضل بن يونس : « سألت أبا الحسن موسى (ع) عن رجل تزوج امرأة فلم يدخل بها فزنت ، قال (ع) : يفرق بينهما ، وتحد الحد ، ولا صداق لها » (٣) ‌ونحوه غيره‌ (٤). لكنها أخص من المدعى. ولما لم يقل بمضمونها أحد فلا مجال للعمل بها.

[١] للأصل ، بل الظاهر أنه لا خلاف فيه ، ولا قائل بوجوب الطلاق.

[٢] في كشف اللثام : « قطع به الأصحاب إلا المحقق في الشرائع ». وعن الانتصار. والغنية ، والحلي ، وفخر المحققين : الإجماع عليه ، وفي الرياض : حكاية الإجماع عليه عن جماعة ، وفي الحدائق : حكايته عن غير واحد وفي الشرائع : نسبته الى قول مشهور. وظاهره التوقف فيه. وحكى ذلك عن بعض المتأخرين ، لعدم ثبوت الإجماع. وفي المسالك : عدم تحقق الإجماع على وجه يكون حجة. ثمَّ استدل له بالأولوية ، لأن العقد‌

__________________

(١) راجع الوسائل باب : ٦ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ٦ ، ٩ ، ١١ ، ١٢.

(٢) الوسائل باب : ١٢ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ١.

(٣) الوسائل باب : ٦ من أبواب العيوب حديث : ٢.

(٤) راجع الوسائل باب : ٦ ، ١٧ من أبواب العيوب.

١٥٧

أو طلاقه لها ، أو انقضاء مدتها إذا كانت متعة. ولا فرق على الظاهر [١] بين كونه حال الزنا عالماً بأنها ذات بعل أو لا. كما لا فرق بين كونها حرة أو أمة ، وزوجها حراً أو عبداً ، كبيراً أو صغيراً ، ولا بين كونها مدخولا بها من زوجها أو لا ، ولا بين أن يكون ذلك بإجراء العقد عليها وعدمه بعد فرض العلم بعدم صحة العقد ، ولا بين أن تكون الزوجة مشتبهة أو زانية أو مكرهة. نعم لو كانت هي الزانية وكان الواطئ مشتبهاً فالأقوى عدم الحرمة الأبدية [٢]. ولا‌

______________________________________________________

على ذات البعل مع العلم إذا كان محرماً فالزنا أولى ، وإذا كان الدخول مع العقد محرماً فالزنا أولى. وتبعه على ذلك غيره. لكن القطع بالأولوية غير حاصل. فالعمدة ظهور الإجماع. وتوقف المحقق لا يدل على انتفائه ، وإنما يدل على عدم ثبوته عنده.

وقد يستدل بما‌ في الرضوي : « ومن زنا بذات بعل محصناً كان أو غير محصن ثمَّ طلقها زوجها أو مات عنها وأراد الذي زنا بها أن يتزوج بها لم تحل له أبداً » (١). لكن الرضوي غير حجة. ومجرد الموافقة للشهرة غير جابرة. ونحوه ما عن بعض المتأخرين من أنه قال : « روي أن من زنا بامرأة لها بعل ، أو في عدة رجعية حرمت عليه ، ولم تحل له أبداً ».

[١] لإطلاق معقد الإجماع ، كما نص على ذلك في الجواهر.

[٢] وفي الجواهر : « في الحرمة أبداً إشكال ، وإن كان ظاهر العبارات عدم شموله ، لاختصاص كلامهم بالزنا ، فلا يشمل الشبهة. لكن يمكن‌

__________________

(١) مستدرك الوسائل باب : ١١ من أبواب ما يحرم بالمصاهرة حديث : ٨.

١٥٨

يلحق بذات البعل الأمة المستفرشة ولا المحللة [١]. نعم لو كانت الأمة مزوجة فوطئها سيدها لم يبعد الحرمة الأبدية عليه [٢] وإن كان لا يخلو عن إشكال [٣]. ولو كان الواطئ مكرهاً على الزنا فالظاهر لحوق الحكم [٤] ، وإن كان لا يخلو عن إشكال أيضا.

( مسألة ٢٠ ) : إذا زنا بامرأة في العدة الرجعية حرمت عليه أبداً [٥] ، دون البائنة ، وعدة الوفاة [٦] ، وعدة المتعة والوطء بالشبهة ، والفسخ. ولو شك في كونها في العدة أو لا‌

______________________________________________________

استفادته من حكم العقد على ذات البعل ، بناء على الأولوية المزبورة ، وأن حكمها الحرمة أبداً مع علمها دونه بمجرد العقد ». وفيه : ما عرفت من الإشكال في الأولوية بأنها غير قطعية.

[١] كما نص على ذلك في الجواهر ، وغيرها ، لخروجهما عن معقد الإجماع ، بل في الجواهر : « لم نجد فيه خلافا ».

[٢] لأنه زنا بذات بعل ، فيدخل في معقد الإجماع على الحرمة.

[٣] كأنه من جهة احتمال الانصراف.

[٤] لإطلاق معقد الإجماع ، وإن كان يحتمل انصرافه الى الوطء المحرم بالفعل ، الموجب للعقاب ، وهو منتف مع الإكراه. لكن الانصراف ممنوع.

[٥] لما تقدم في المسألة السابقة من الإجماع ، والمرسل. وتوقف فيه في الشرائع. لكن لا مجال للتوقف ، كما سبق بعينه.

[٦] لخروجها عن معقد الإجماع. لكن في الرياض : « فيه نظر ، لجريان بعض ما تقدم هنا ، كالأولوية الواضحة الدلالة في ذات العدة ، بناء على ما يأتي من حصول التحريم بالعقد عليها فيها مع العلم ، ومع‌

١٥٩

أو في العدة الرجعية أو البائنة فلا حرمة ما دام باقياً على الشك [١]. نعم لو علم كونها في عدة رجعية وشك في انقضائها وعدمه فالظاهر الحرمة [٢] ، وخصوصاً إذا أخبرت هي بعدم الانقضاء [٣]. ولا فرق بين أن يكون الزنا في القبل أو الدبر [٤]. وكذا في المسألة السابقة.

( مسألة ٢١ ) : من لاط بغلام فأوقب ولو بعض الحشفة [٥] حرمت عليه [٦] أمه أبداً وإن علت ،

______________________________________________________

الدخول في حال الجهل ». لكن عرفت الإشكال في الأولوية.

[١] للأصل المقتضي للبناء ظاهراً على الحل.

[٢] لاستصحاب كونها في العدة.

[٣] لأن اخبارها حجة ، كما سبق.

[٤] للإطلاق.

[٥] كما نص على ذلك في القواعد ، والمسالك ، وجامع المقاصد ، والروضة وغيرها. وفي الرياض : « الاتفاق في الظاهر واقع عليه ». لصدق الإيقاب ، وتقييده بتمام الحشفة في وجوب الغسل لدليله ـ مثل : « إذا التقى الختانان وجب الغسل » (١) ‌ـ لا يقتضي التقييد بذلك هنا ، لحرمة القياس. ودعوى الانسباق الى ما يحصل به حرمة المصاهرة في غير المقام ، ممنوعة بنحو يعتد به.

[٦] إجماعا ، كما عن الانتصار ، والخلاف. وفي المسالك : « أنه متفق عليه بين الأصحاب ». وفي الرياض : حكايته عن الغنية ، والتذكرة ، وشرح النافع للسيد وغيرهم. وفي الجواهر : « هو في أعلى درجات الاستفاضة أو التواتر ». ويشهد له النصوص ، منها‌ صحيح ابن أبي عمير عن بعض

__________________

(١) الوسائل باب : ٦ من أبواب الجنابة.

١٦٠