موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - ج ٧

باقر شريف القرشي

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - ج ٧

المؤلف:

باقر شريف القرشي


المحقق: مهدي باقر القرشي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية
الطبعة: ٢
الصفحات: ١٥٢

إخباره بشهادة كوكبة من أصحابه

واستشفّ وصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومستودع أسراره من وراء الغيب ما يجري على خلّص أصحابه الذين غذّاهم بمواهبه وحكمته من القتل والتنكيل والاعدام من بعده على يد الطغمة الحاكمة الأموية.

وهؤلاء بعض الشهداء من أصحابه الذين استبيحت دماؤهم لا لذنب اقترفوه وإنّما لولائهم للإمام رمز العدالة الإنسانية ، وهم :

١ ـ عمرو بن الحمق رضي‌الله‌عنه :

وهو من أعلام الإسلام ، ومن ألمع شهداء الفضيلة ، استباح الطاغية الفاجر ابن هند دمه ؛ لأنّه من خلّص أصحاب الإمام ، وأمر أن يطاف برأسه من العراق إلى الشام ...

وقد أحاط الإمام عليه‌السلام عمرا بذلك في حديثه التالي فقد قال له :

« أين نزلت يا عمرو؟ ».

في قومي.

« لا تنزلنّ فيهم ».

وقد نهاه عن النزول والاستيطان في قومه لأنّهم لا يحموه إن نزلت به كارثة ، وقد أمره الإمام بالنزول في بني عمرو بن عامر من الأزد لأنّهم لا يسلموه عند الشدّة.

ثمّ التفت إليه بألم وحزن قائلا :

٦١

« إنّك لمقتول بعدي ، وإنّ رأسك لمنقول ، وهو أوّل رأس ينقل في الإسلام ، والويل لقاتلك ...

أما إنّك لا تنزل بقوم إلاّ أسلموك برمّتك إلاّ هذا الحيّ من بني عمرو بن عامر فإنّهم لن يسلموك ولن يخذلوك ».

ولمّا أفلت دولة العدل والحقّ وآل الحكم إلى ابن هند أوعز إلى شرطته وعملائه بإلقاء القبض عليه ، ولمّا علم عمرو بذلك استولى عليه الذعر والخوف ، فنزل في قومه من بني خزاعة ، فسلّموه إلى الشرطة ، ونفّذ فيه الإعدام ، وحملوا رأسه هدية إلى معاوية بالشام ، وطيف به في البلدان (١).

فكان أوّل رأس طيف به في الإسلام ، وهو يحمل مشعل النور والكرامة ويهدي الناس للتي هي أقوم.

وأمر الطاغية بحمل الرأس الشريف إلى زوجته آمنة بنت الشريد ، وكانت في سجونه ، وألقت الشرطة رأس زوجها في حجرها فذعرت وانهارت قواها وأخذت دموعها تتبلور على سحنات وجهها قائلة : وا حزناه لصغره في دار هوان ، وضيق من ضيمة سلطان ، نفيتموه عنّي طويلا ، وأهديتموه إليّ قتيلا ، فأهلا وسهلا بمن كنت له غير قالية ، وأنا له اليوم غير ناسية ... والتفتت إلى الحرسي بشجاعة قائلة :

ارجع به أيّها الرسول إلى معاوية فقل له ولا تطوه دونه ، أيتم الله ولدك ، وأوحش منك أهلك ولا غفر لك ذنبك ... ، وبادر الشرطي إلى معاوية فأخبره بمقالتها فغضب وورم أنفه ، وأمر بإحضارها في بلاطه ، فأحضرتها جلاوزته فبادرها قائلا :

أنت يا عدوّة الله صاحبة الكلام الذي بلغني؟

__________________

(١) الاستيعاب ٢ : ٥١٧.

٦٢

فأجابته بشجاعة وصلابة غير حافلة بسلطانه قائلة : نعم غير نازعة عنه ، ولا معتذرة منه ، ولا منكرة له ، فلعمري لقد اجتهدت في الدعاء ، إن نفع الاجتهاد وإن الحقّ لمن وراء العباد ، وما بلغت شيئا من جزائك ، وإنّ الله بالنقمة لمن ورائك ....

والتفت أحد خدمة السلطة إلى معاوية قائلا :

أقتل هذه يا أمير المؤمنين ، فو الله ما كان زوجها أحقّ بالقتل منها.

فسخرت منه وقالت ببطولة نادرة :

تبّا لك ، ويلك بين لحييك كجثمان الضفدع ، ثمّ أنت تدعوه إلى قتلي كما قتل زوجي بالأمس ... إن تريد إلاّ أن تكون جبّارا في الأرض ، وما تريد أن تكون من المصلحين ...

وبهر معاوية وقال لها :

لله درّك اخرجي ، ثمّ لا أسمع بك في شيء من الشام.

لقد خاف من بقائها في الشام لئلا تبثّ الوعي السياسي بين الشاميّين فقد جهد معاوية على إبقائهم على غفلتهم وجهلهم.

وخرجت المرأة من الشام بعد أن أفحمت معاوية بمنطقها الفيّاض (١).

٢ ـ ميثم التمار رضي‌الله‌عنه :

أمّا ميثم التمار فهو من خيار أصحاب الإمام ، وقد ملئ إيمانا وصدقا وإخلاصا للإمام عليه‌السلام ، وقد عهد إليه الإمام بالكثير من علومه ، وأطلعه على بعض الامور الغيبية ، وكان ميثم يتحدّث عنها ، فأنكرها قوم من الكوفيّين ، ونسبوه إلى المخرقة (٢).

__________________

(١) حياة الإمام الحسن عليه‌السلام ٢ : ٣٧٨ ـ ٣٨٢.

(٢) المخرقة : وهم الذين يفتعلون الكذب.

٦٣

كان ميثم عبدا لامرأة من بني أسد اشتراه الإمام منها وأعتقه ، وقال له : « ما اسمك؟ ».

سالم.

وراح الإمام يخبره بما سمعه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في شأنه قائلا :

« إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخبرني أنّ اسمك الّذي سمّاك به أبوك في العجم ميثم ».

وبهر ميثم وقال : صدق الله ورسوله ، وصدقت يا أمير المؤمنين فهو والله اسمي!!

« فارجع إلى اسمك ، ودع سالما فنحن نكنّيك به ».

واتّصل ميثم بالإمام اتّصالا وثيقا ، فكان من أقرب الناس إليه ، وألصقهم به ، وأخبره الإمام بما يجري عليه من النكبات والخطوب من بعده قائلا :

« يا ميثم ، إنّك تؤخذ بعدي وتصلب ، فإذا كان اليوم الثّاني ابتدر منخرك وفمك دما ، حتّى تخضب لحيتك ، فإذا كان اليوم الثّالث طعنت بحربة يقضى عليك ، فانتظر ذلك.

والموضع الّذي تصلب فيه على باب دار عمرو بن حريث إنّك لعاشر عشرة ، أنت أقصرهم خشبة ، وأقربهم من المطهرة ـ وهي الأرض ـ ولارينّك النّخلة الّتي تصلب على جذعها ... ».

وسار ميثم مع الإمام فأراه النخلة التي يصلب عليها ، فكان ميثم يأتيها ويصلّي عندها ، ويقول : بوركت من نخلة ، لك خلقت ولي نبتّ .. ولم يزل يتعاهدها بعد ما أخبره الإمام ، وقطعت النخلة وبقي جذعها ، فلم يزل ميثم يتعاهدها ، وكان يلقى عمرو بن حريث فيقول له : إنّي مجاورك فأحسن جواري ، ولم يعلم ابن حريث ما ذا يريد ميثم ، فكان يقول : أتريد أن تشتري دار ابن مسعود أم دار ابن حكيم.

٦٤

وحجّ ميثم في السنة التي استشهد فيها ، فدخل على أمّ المؤمنين أمّ سلمة فقالت له :

ـ من أنت؟

ـ عراقي ، وأنا مولى للإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام.

وانبرت أمّ المؤمنين قائلة :

ـ أنت هيثم؟

ـ بل أنا ميثم.

وعجبت أمّ المؤمنين وراحت تقول له :

ـ سبحان الله!! والله لربّما سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوصي بك عليّا في جوف الليل ...!!

وسألها ميثم عن الإمام الحسين عليه‌السلام فأخبرته أنّه في بستان له فقال لها : اخبريه أنّني أحببت السلام عليه ، ونحن ملتقون عند ربّ العالمين.

وكان كلامه هذا كلام مودّع آيس من الحياة ، ودعت أمّ سلمة بطيب فطيّبت به لحيته ، وقال لها ميثم : أمّا أنّها ـ أي لحيته ـ ستخضّب بالدم ..

ـ من أنبأك بهذا؟!

ـ أنبأني سيّدي ...

وغرقت أمّ سلمة بالبكاء وراحت تقول :

ليس ـ أي الإمام ـ سيّدك وحدك هو سيّدي وسيّد المسلمين ...

ثمّ ودّعته ، وانصرف ميثم يجدّ في السير لا يلوي على شيء حتى انتهى إلى الكوفة ، فألقت الشرطة القبض عليه وأدخلته على الطاغية ابن مرجانة ، فانبرى شخص فقال لابن زياد معرّفا بميثم :

٦٥

هذا كان من آثر الناس عند أبي تراب ، وطفق ابن زياد قائلا :

ويحكم هذا الأعجمي؟! ـ نعم.

والتفت الطاغية بغضب وسخرية إلى ميثم قائلا :

ـ أين ربّك؟

ـ بالمرصاد.

ـ بلغني اختصاص أبي تراب بك؟

ـ قد كان ذلك فما تريد؟

ـ يقال إنّه أخبرك بما ستلقاه؟

ـ نعم.

ـ ما أخبرك أنّي صانع بك؟

ـ أخبرني أنّك تصلبني عاشر عشرة أقربهم من المطهرة.

لأخالفنّه.

ويحك كيف تخالفه؟ إنّما أخبرني عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن جبرائيل ، وجبرائيل أخبر عن الله ، كيف تخالف هؤلاء؟ أما والله لقد عرفت الموضع الذي اصلب عليه أين هو من الكوفة ، وأنّي لأوّل خلق الله الجم في الإسلام بلجام كما يلجم الفرس ...

فأمر ابن مرجانة باعتقاله في السجن فادخل فيه ، وكان معه في السجن المجاهد الكبير المختار بن عبيدة الثقفي ، فأخبره ميثم بما سمعه من الإمام أمير المؤمنين قائلا له :

إنّك تفلت من السجن ، وتخرج ثائرا بدم الحسين ، فتقتل هذا الجبّار ، وتطأ

٦٦

بقدمك هذا على جبهته وخدّيه ..

وبقي ميثم مع المختار في السجن ، ولم يمض مزيد من الوقت حتى تشفّع في المختار عبد الله بن عمر إلى يزيد في إطلاق سراحه لأنّه كان زوجا لاخت المختار ، فشفّعه فيه يزيد وكتب إلى ابن زياد بإطلاق سراحه ، وكان قد عزم على قتله فأخرجه من السجن ، وأمره بالخروج من الكوفة ، ثمّ اخرج ميثم وقال له بعنف :

لأمضين حكم أبي تراب فيك ..

فأخذته الجلاوزة وجاءوا به إلى الخشبة التي عيّنها الإمام ليصلب عليها ، فلمّا رآها ميثم تبسّم وخاطبها قائلا :

لي خلقت ولي غذيت ..

ورفعته الجلاوزة على الخشبة ، فاجتمع الناس حوله ، فجعل يحدّثهم بفضائل الإمام وأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس ، ويذكر مخازي ومساوئ بني اميّة ، فقيل لابن زياد قد فضحكم هذا العبد ، فأمر بلجمه.

فكان أوّل شخص الجم في الإسلام ، فلمّا كان اليوم الثاني فاضت منخراه دما ، وفي اليوم الثالث طعن بحربة فاستشهد صابرا محتسبا.

لقد تحقّق جميع ما أخبر به الإمام عليه‌السلام في شأنه ، رحم الله ميثم يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيّا.

٣ ـ رشيد الهجري رضي‌الله‌عنه :

أمّا رشيد الهجري فهو من أفاضل أصحاب الإمام عليه‌السلام ومن أكثرهم إيمانا ومعرفة به ، وكان الإمام يسمّيه « رشيد البلايا » ، وقد أحاطه علما بما يجري عليه من بعده من صنوف التنكيل ، وقد روت ابنته قنوة قالت : سمعت أبي يقول :

قال لي أمير المؤمنين :

٦٧

« يا رشيد ، كيف صبرك إذا أرسل إليك دعيّ بني اميّة ، فقطع يديك ورجليك ولسانك ».

فقال له أبي : يا أمير المؤمنين ، آخر ذلك إلى الجنّة؟

« يا رشيد ، أنت معي في الدّنيا والآخرة ».

وأخبره الإمام مرّة اخرى بشهادته حينما خرج معه إلى بستان فاستظلاّ تحت نخلة ، فقام صاحب البستان إلى النخلة فالتقط منها رطبا وقدّمه لهما ، فقال رشيد : « ما أطيب هذا الرطب؟

ـ « أما إنّك ستصلب على جذعها ».

فكان رشيد يتعاهدها ويتعبّد تحتها ، واجتاز عليها مرّة فرأى سعفها قد قطع فشعر بدنو أجله ، ومرّ عليها مرّة اخرى فرأى نصفها قد جعل زنوقا يستسقى عليه فأيقن بدنو أجله (١). ولم يمض قليل من الوقت حتى أرسل خلفه زياد بن أبيه ، فلمّا مثل عنده قال له :

ـ ما قال لك خليلك ـ يعني الإمام ـ إنّا فاعلون بك؟

ـ تقطعون يدي ورجلي وتصلبوني.

ـ أما والله لأكذّبن حديثه ...

وأمر الطاغية بإطلاق سراحه ، فلمّا خرج ندم على ذلك وأمر بإرجاعه إليه ، فلمّا حضر عنده قال له :

لا نجد لك شيئا أصلح ممّا قال صاحبك ، إنّك لا تزال تبغي لنا سوء إن بقيت ... اقطعوا يديه ورجليه ...

__________________

(١) حياة الإمام الحسن عليه‌السلام ٢ : ٣٢٧.

٦٨

وبادرت الجلاوزة إلى قطع يديه ورجليه وهو يتكلّم ، فغاظ ذلك زيادا فأمر الجلاوزة بصلبه خنقا ، فقال لهم رشيد :

بقي لي عندكم شيء ما أراكم فعلتموه ـ أراد بذلك قطع لسانه ـ ، فأمر زياد بقطع لسانه.

فقال لهم رشيد : نفّسوا عنّي حتى أتكلّم كلمة واحدة فأمهلوه.

فقال : وهذا تصديق خبر أمير المؤمنين عليه‌السلام أخبرني بقطع لساني (١).

ففي ذمّة الله ما عاناه هذا العبد الصالح الذي هو من خيار المؤمنين من الظلم والاعتداء من قبل هؤلاء الفسقة المجرمين.

٤ ـ جويرية بن مسهر العبدي رضي‌الله‌عنه :

أمّا جويرية بن مسهر فهو من أفذاذ المؤمنين ، وعلم من أعلام الإسلام ، أخلص للإمام وتولاّه ، وتغذّى ببعض علومه ومعارفه ، دخل على الإمام فكان مضطجعا فقال له جويرية :

أيّها النائم ، استيقظ فلتضربنّ على رأسك تخضب منها لحيتك ، فتبسّم الإمام وأخبره بما يقاسيه من بعده من ولاة الجور قائلا :

« احدّثك يا جويرية بحديثك ، أما والّذي نفسي بيده لتعتلنّ (٢) إلى العتلّ الزّنيم ، وليقطعنّ يدك ورجلك ، وليصلبنّك تحت جذع كافر (٣) » (٤).

__________________

(١) سفينة البحار ٢ : ٣٢٧. بحار الأنوار ٤١ : ١٢٢.

(٢) تعتلن : أي تجذبن.

(٣) الجذع الكافر : القصير.

(٤) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٢ : ٢١٩.

٦٩

ولم تمض الأيام حتى استدعاه زياد الأخ اللاّشرعي لمعاوية فأمر بقطع يده ورجله ، وصلبه على جذع قصير (١).

وقد ألّف هشام بن محمّد السائب كتابا في فاجعته وفاجعة اخوانه الشهداء رشيد الهجري وميثم التمّار (٢).

٥ ـ مزرع رضي‌الله‌عنه :

أمّا مزرع فهو من خيار أصحاب الإمام عليه‌السلام ، وقد أخبره الإمام عن شهادته ، وأنّه يقتل ويصلب بين شرفتين من شرف المسجد.

وفي أيام الحكم الأسود من حكومة معاوية ألقى القبض عليه زياد بن أبيه فقتله وصلبه بين شرفتين من شرف المسجد (٣).

٦ ـ حجر بن عدي رضي‌الله‌عنه :

أمّا حجر بن عدي فهو علم من أعلام الإسلام ، ومن كبار صحابة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان صديقا حميما للإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقد أخبره الإمام عن شهادته من بعده وذلك حينما عمّمه ابن ملجم بالسيف ، فقد قال له بعطف ورفق :

« كيف بك إذا دعيت إلى البراءة منّي فما عساك أن تقول؟ » ، فأجابه حجر بإيمان وصدق :

والله يا أمير المؤمنين لو قطّعت بالسيف إربا إربا ، واضرمت النار لي والقيت فيها لآثرت ذلك على البراءة منك.

فأجابه الإمام :

__________________

(١ ـ ٣) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٢ : ٢٩٤.

٧٠

« وفّقت لكلّ خير يا حجر ، جزاك الله خيرا عن أهل بيت نبيّك » (١).

ولمّا أفلت دولة الحقّ ، وقامت دولة الباطل والجور دولة معاوية الذي أقام حكمه على سبّ الإمام وانتقاصه وجعل ذلك فرضا واجبا على ولاته وعمّاله يشيعونه في بلاد المسلمين ، ولمّا ولي المغيرة بن شعبة على الكوفة خطب الناس وتعرّض في خطابه إلى سبّ الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فانبرى إليه حجر كالأسد منكرا عليه قائلا :

كونوا قوّامين بالقسط شهداء لله ، وأنا أشهد أنّ من تذمّون وتعيّرون لأحق بالفضل ، ومن تزكّون أولى بالذمّ.

ووثب قوم من أصحاب حجر فقالوا بمثل مقالته ، فالتفت المغيرة إلى حجر قائلا : يا حجر ، قد رمى بسهمك إذ كنت أنا الوالي عليك. يا حجر ، اتّق غضب السلطان ، اتّق غضبه وسطوته ، فإنّ غضبة السلطان ممّا تهلك أمثالك كثيرا ... (٢).

ولم يزل حجر متحمّسا في ولائه للإمام أمير المؤمنين غير حافل بالأزمات والخطوب التي يعانيها من ولاة معاوية ، وقد قيل للمغيرة : اعدمه ، فامتنع من ذلك ، ولم تزل بطانته تلحّ عليه في قتله فقال لهم :

ـ إنّي قد قتلته ..

ـ كيف ذاك؟

سيأتي أمير بعدي فيحسبه مثلي فيصنع به شبيها بما ترونه يصنع بي ، فيأخذه عند أوّل وهلة فيقتله شرّ قتلة ..

وولي من بعد المغيرة زياد بن أبيه الكوفة فجعل حجر يواصل نشاطه ضدّ

__________________

(١) بحار الأنوار ٢٤ : ٢٩٠.

(٢) تاريخ الطبري ٦ : ١٤٢.

٧١

السلطة ، وقد خطب زياد يوم الجمعة فأطال في خطابه حتى ضاق وقت الصلاة ، فانبرى إليه حجر منكرا عليه تأخير الفريضة قائلا :

ـ الصلاة.

ـ فلم يعن الطاغية به ، ومضى في خطابه ، فقام حجر رافعا صوته :

ـ الصلاة.

ولم يحفل الطاغية بكلام حجر فاسترسل في خطابه فخشي حجر فوت الصلاة فضرب يده كفّ من الحصى ورمى به صوب الطاغية ، وثار الناس معه ، فلمّا رأى ذلك زياد ورم أنفه وانتفخت أوداجه ، وقال :

ما أنا بشيء إن لم أمنع ساحة الكوفة من حجر وأدعه نكالا من بعده ، ويل امّك يا حجر ، سقط العشاء على سرحان ثمّ تمثّل :

أبلغ نصيحة إن راعى أبلها

سقط العشاء به على سرحان

وأرسل زياد جماعة من وجوه الكوفة فأمرهم أن يردوا حجر عن خطته ، فامتنع حجر وأبى إلاّ الإنكار على السياسة الأموية ، وأخيرا أمر زياد شرطته أن يأتوه به ، فانطلقت الشرطة لإلقاء القبض عليه ، إلاّ أنّها لم تستطع ذلك ، فقد التفّ حوله جمهور من المؤمنين فمنعوا الشرطة من القبض عليه ، وكان قيس بن فهدان الكندي يلهب نار الثورة في النفوس ، ويدعو إلى حماية حجر وأصحابه فكان يقول :

يا قوم حجر دافعوا وصاولوا

وعن أخيكم ساعة فقاتلوا

لا يلقين منكم لحجر خاذل

أليس فيكم رامح ونابل

وفارس مستلئم وراجل

وضارب السيف لا يزايل

وتحصّن حجر وأصحابه فلم يتمكّن منهم زياد ، فجمع الزعماء وأبناء البيوت ، فقال لهم :

٧٢

يا أهل الكوفة ، أتشجون بيد وتأسون باخرى ، أبدانكم معي وأهواءكم مع حجر لهجاجة ، الأحمق المذبوب أنتم معي ، واخوانكم وأبناؤكم وعشائركم مع حجر ، هذا والله من دحسكم (١) وغشّكم ، والله لتظهرون لي براءتكم أو لآتينّكم بقوم اقيم بهم أودكم وصعركم (٢).

فانبروا بخنوع وعبودية يظهرون الطاعة لهذا الطاغية قائلين :

معاذ الله سبحانه أن يكون لنا فيما هاهنا رأي إلاّ طاعتك ، وطاعة أمير المؤمنين ـ يعني معاوية ـ وكلّ ما ظنّنا أنّ فيه رضاك ، وما يستبين به طاعتنا وخلافنا لحجر فمرنا به.

وأنس بكلام هؤلاء العبيد فأمرهم بما يلي :

ليقيم كلّ امرئ منكم إلى هذه الجماعة حول حجر فليدع كلّ رجل منكم أخاه وابنه وذا قرابته ومن يطيعه من عشيرته حتى تقيموا عنه كلّ من استطعتم أن تقيموه ..

وقام هؤلاء العبيد بإفساد أمر حجر ، وخذلان أتباعه ، ثمّ أمر زياد مدير شرطته شداد بن الهيثم بإلقاء القبض على حجر وأصحابه ، وضمّ إليه الأثيم محمّد بن الأشعث الكندي ، وقال له :

يا أبا الشعثاء ، أما والله لتأتيني بحجر أو لا أدع لك نخلة إلاّ قطعتها ، ولا دارا إلاّ هدمتها ، ثمّ لا تسلم حتى أقطّعك إربا إربا ..

فقال له : امهلنى ثلاثا حتى أطلبه ، فقال له : أمهلتك ، فإن جئت به وإلاّ عدّ نفسك من الهلكى.

__________________

(١) الدحس : الإفساد.

(٢) الصعر : الميل إلى أحد الشقّين.

٧٣

وقام ابن الأشعث مع مدير الشرطة فتتبّعوا حجرا وأصحابه ، وبعد مصادمات عنيفة جرت بين الفريقين استطاعة جلاوزة زياد القبض عليه وعلى أصحابه ، فجيء بهم إلى زياد فأمر بإيداعهم في السجن.

وطلب زياد من عملاء السلطة أن يشهدوا على حجر وأصحابه ، فشهد جمع منهم أنّهم تولّوا عليّا ، وعابوا عثمان ، ونالوا من معاوية ، فلم يرض زياد بهذه الشهادة ، وقال : إنّها غير قاطعة ، وانبرى أبو بردة بن أبي موسى الأشعري فكتب شهادة ترضى السلطة هذه نصّها :

هذا ما شهد عليه أبو بردة بن أبي موسى الأشعري لله ربّ العالمين شهد أن حجر بن عدي خلع الطاعة وفارق الجماعة ، ولعن الخليفة ، ودعا إلى الحرب ، وجمع إليه الجموع يدعوهم إلى نكث البيعة ، وكفر بالله كفرة صلعاء ...

رضي زياد بن أبيه بهذه الشهادة التي كتبها ابن أبي الأشعري الذي لم يفقه هو وأبوه شيئا من الإسلام.

وشهد بهذه الشهادة سبعون رجلا كلّهم من المنحرفين عن الإسلام ، وعملاء السلطة ، ورفع زياد هذه الوثيقة إلى أخيه اللاّشرعي معاوية ، فأمر بحملهم إلى الشام موثّقين بالحديد ، فحملوا ليلا ووقعت النياحة في دار حجر ، وصعدت ابنته ـ ولا عقب له غيرها ـ فوق سطح الدار وألقت نظرة على القافلة التي تسير إلى الموت ، وهي تبكي أمرّ البكاء وتناجي القمر وتبثّه لوعتها وأحزانها وقد صاغت من محنتها وبلواها أبياتا من الشعر قائلة :

ترفّع أيّها القمر المنير

لعلّك أن ترى حجرا يسير

يسير إلى معاوية بن حرب

ليقتله كذا زعم الأمير

ويصلبه على بابي دمشق

وتأكل من محاسنه الطيور

تجبّرت الجبابر بعد حجر

وطاب لها الخورنق والسدير

٧٤

ألا يا حجر حجر بن عديّ

تلقتك السلامة والسرور

أخاف عليك ما أردي عديّا

وشيخا في دمشق له زئير

ألا يا ليت حجرا مات موتا

ولم ينحر كما نحر البعير

فإن تهلك فكلّ عميد قوم

إلى هلك من الدنيا يصير (١)

وانتهت القافلة التي تقلّ خيرة الصحابة إلى مرج عذراء ، فلمّا عرف حجر أنّه بهذه القرية رفع صوته قائلا : « والله إنّي لأوّل مسلم نبحته كلابها ، وأوّل مسلم كبّر بواديها » (٢).

وتقدّم البريد بأخبارهم إلى الطاغية ابن هند ففرح لأنّه أخذ ثأره من أنصار رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأرسل إليهم رجلا أعور فأمره بإعدامهم إن لم يتبرّءوا من وصي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وباب مدينة علمه ، فلمّا رآه بعضهم قال متشائما : إن صدق الزجر (٣) فإنّه سيقتل نصفنا ، وينجو الباقون ، فقيل له : وكيف ذاك؟ فقال : أما ترون الرجل مصاب بإحدى عينيه.

وقدّم الجلاد الحقير فقال لحجر : إنّ أمير المؤمنين أمرني بقتلك يا رأس الضلال ، ومعدن الكفر والطغيان ، والمتولّي لأبي تراب ، وقتل أصحابك إلاّ أن ترجعون عن كفركم ، وتلعنوا صاحبكم وتتبرّءون منه. فانبرى إليه حجر كالأسد فقال مستهينا بالموت وساخرا من الحياة :

إنّ الصبر على حدّ السيف لأيسر علينا ممّا تدعوننا إليه ، ثمّ القدوم على الله وعلى نبيّه وعلى وصيّه أحبّ إلينا من دخول النار (٤).

__________________

(١) مروج الذهب ٢ : ٣٠٧.

(٢) الكامل في التاريخ ٣ : ٦٩٢.

(٣) الزجر : الحدس.

(٤) مروج الذهب ٣ : ١٣.

٧٥

وحفرت لهم القبور ، وطلب حجر أن يسمحوا له بالوضوء والصلاة فسمحوا له بذلك ، فتوضّأ وصلّى صلاة وأطال في سجودها فلمّا أتمّ صلاته قال للقوم :

والله ما صلّيت صلاة أخفّ منها ، ولو لا أن تظنّوا فيّ جزعا من الموت لاستكثرت منها ...

ثمّ أخذ يناجي ربّه ويدعو على عدوّه الماكر الخبيث ابن هند قائلا :

اللهمّ إنّا نستعيذك على امّتنا فإنّ أهل الكوفة شهدوا علينا ، وأنّ أهل الشام يقتلوننا ، أما والله لئن قتلتموني بها فإنّي لأوّل فارس من المسلمين هلك في واديها ، وأوّل رجل من المسلمين نبحته كلابها.

وانطلق الخبيث الأعور هدبة بن فياض القضاعي شاهرا سيفه ، فلمّا رآه حجر ارتعدت أوصاله ، وقيل له : زعمت أنّك لا تجزع من الموت فابرأ من صاحبك وندعك.

فأجاب حجر :

ما لي لا أجزع وأرى قبرا محفورا وكفنا منشورا وسيفا مشهورا ، وإنّي والله إن جزعت من القتل لا أقول ما يسخط الربّ (١).

وكان آخر ما نطق به :

لا تطلقوا عنّي حديدا ، ولا تغسلوا عنّي دما ، فإنّي ملاق معاوية على الجادة (٢).

ثمّ نفّذ فيه حكم الإعدام ، وسقط على الأرض جثة هامدة ففي ذمّة الله ما لاقاه هذا العملاق العظيم من التنكيل والقتل لا ذنب اقترفه ، وإنّما ولائه أخي رسول

__________________

(١) الكامل في التاريخ ٣ : ٦٩٢.

(٢) الاستيعاب ١ : ٣٣١.

٧٦

الله ووصيّه وباب مدينة علمه ، وقد صدق حجر في ولائه ومحبّته وإخلاصه لإمامه فقد آثر الموت ، واستهان بالحياة في سبيله فجزاه الله تعالى عن الإسلام خيرا ، فسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيّا.

٧ ـ قنبر رضي‌الله‌عنه :

كان قنبر غلاما للإمام عليه‌السلام ، وكان يحبّ الإمام حبّا كثيرا ، فإذا خرج الإمام خرج على أثره بالسيف خوفا عليه ، وخرج الإمام ذات ليلة فخرج في أثره ، فلمّا رآه قال له : « يا قنبر ، ما لك؟ ».

جئت أمشي خلفك فإنّ الناس كما تراهم ، فخفت عليك ، فقال له الإمام بلطف : « أمن أهل السّماء تحرسني أم من أهل الأرض؟ ».

ـ بل من أهل الأرض.

« إنّ أهل الأرض لا يستطيعون بي شيئا إلاّ بإذن الله عزّ وجلّ من السّماء ، فارجع » (١).

وبعد ما آل المآل إلى الحجّاج فألقى عليه القبض ، فلمّا مثل أمامه قال له :

ـ ما الذي كنت تلي من علي بن أبي طالب؟

ـ كنت أوضّيه ...

ـ ما كان يقول إذا فرغ من وضوئه؟

كان يتلو هذه الآية : ( فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ. فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) (٢).

__________________

(١) التوحيد للصدوق : ٣٥٠. بحار الأنوار ٤٢ : ١٢٢.

(٢) الأنعام : ٤٤ ـ ٤٥.

٧٧

فصاح به الحجّاج : أظنّه كان يتأوّلها علينا؟

ـ نعم؟

ـ ما أنت صانع إذا ضربت علاوتك؟ (١) ـ إذن اسعد وتشقى (٢) ، وفي رواية اخرى أمر بإلقاء القبض عليه ، فلمّا مثل عنده قال له :

ـ أنت قنبر؟

ـ نعم.

ـ مولى عليّ بن أبي طالب؟

ـ الله مولاي وأمير المؤمنين ولي نعمتي ...

ـ ابرأ من دينه ..

ـ إذا فعلت تدلّيني على دين أفضل من دينه.

ـ إنّي قاتلك فاختر أي قتلة أحبّ إليك.

ـ صيرت ذاك إليك.

ـ لم؟

ـ لأنّك لا تقتلني قتلة إلاّ قتلك الله مثلها ، ولقد أخبرني أمير المؤمنين أنّ منيّتي تكون ذبحا ظلما بدون حقّ.

وأمر الطاغية الرجس بذبحه فذبح كما تذبح الشاة ، وقد لاقى ربّه شهيدا محتسبا قد تلفّع بالشرف والكرامة من أجل ولائه للإمام عليه‌السلام.

__________________

(١) العلاوة : أعلى الرأس.

(٢) بحار الأنوار ٤٢ : ١٣٣.

٧٨

٨ ـ كميل بن زياد رضي‌الله‌عنه :

ومن ألمع أصحاب الإمام عليه‌السلام كميل بن زياد النخعي الذي احتلّ مكانة مرموقة عند الإمام ، فكان خليله وحامل أسراره ـ كما يقول علماء الرجال ـ وكان لا يبارحه ، ومن ألزمهم له ، وكثيرا ما أخبره بمغيّباته عليه‌السلام.

قال كميل : خرجنا مرّة من جامع الكوفة بعد ما ذهب من الليل ثلثه فسمعنا في طريقنا رجل يتلو القرآن : ( أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ) بصورة شجيّة ويبكي فاستحسنت ذلك في داخلي وإذا بالإمام قد أشاح بوجهه نحوي وقال : « لا يغرنّك الرّجل إنّه من أهل النّار ، وسأنبّئك »

فعجبت من معرفة الإمام ما فيّ ، ومن حال الرجل مع تلك الصورة ...!! وبعد مدّة عند انتهاء معركة النهروان كنت بجانب الإمام وسيفه يقطر دما ورءوس القتلى متناثرة إذ بالإمام يضع سيفه على أحد الرءوس وقال لي : ( أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ )!!

كما أحاطه الإمام عليه‌السلام علما بشهادته ، ولمّا ولي المجرم السفّاك الحجّاج حرم على قوم كميل العطاء حتى يأتوه به ، فقال لهم كميل : أنا شيخ كبير ولا ينبغي أن أحرمكم العطاء ، وبادر فسلّم نفسه للطاغية ، فقال له بعنف : قد كنت أحبّ أن أجد عليكم سبيلا ، فقال له كميل : لا تصرف عنّي أنيابك فما بقي من عمري إلاّ اليسير فاقض ما أنت قاض ، ولقد أخبرني أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّك قاتلي ، فأمر به الخبيث الدنس بضرب عنقه ، ونفّذ فيه الإعدام (١).

هؤلاء بعض عيون أصحابه الذين أخبرهم الإمام بشهادتهم على أيدي شرار الخلق وأرجاسهم.

__________________

(١) كميل بن زياد النخعي ـ الهاشمي الخطيب : ٩٠. بحار الأنوار ٤٢ : ١٤٨.

٧٩

إخباره عن شهادته

من المغيّبات التي أخبر الإمام عنها أنّه أخبر في كثير من المناسبات أنّه لا يموت حتف أنفه وإنّما ينال الشهادة على يد أشرّ خلق الله تعالى ، وكان من بين ما أخبر به :

١ ـ روى روح بن اميّة الدؤلي قال : مرض عليّ بن أبي طالب مرضا شديدا حتى خفنا عليه ، ولمّا أبل من مرضه أسرعنا إليه فقلنا له :

هنيئا لك يا أبا الحسن ، الحمد لله الذي عافاك ، لقد خفنا عليك؟

فأجابهم الإمام غير حافل بما ألمّ به من المرض ، وأنّه لا يخشاه قائلا :

« لم أخف على نفسي ، أخبرني الصّادق المصدّق ـ يعني رسول الله ـ أنّي لا أموت حتّى اضرب على هذا ـ وأشار إلى مقدّم رأسه الأيسر ـ فتخضب هذه منه ـ وأومأ إلى لحيته وهامته وقال : ـ يقتلك أشقى هذه الامّة ، كما عقر ناقة الله ، أشقى بني فلان من ثمود » (١).

٢ ـ روى عبد الله بن سبع قال : خطبنا علي بن أبي طالب فقال :

« والّذي فلق الحبّة ، وبرأ النّسمة لتخضبنّ هذه من هذه » ـ يعني لحيته من دم رأسه ـ.

__________________

(١) المحن : ٩٦. اسد الغابة ٤ : ٣٤.

٨٠