موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

باقر شريف القرشي

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

المؤلف:

باقر شريف القرشي


المحقق: مهدي باقر القرشي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية
الطبعة: ٢
الصفحات: ١٥٢

« من ردّ عن قوم من المسلمين عادية ماء أو نار وجبت له الجنّة » (١).

إنّ من أوّليات المبادئ التي رفع شعارها الإسلام التوادد والتعاطف بين المسلمين ، وقيام بعضهم بقضاء حوائج البعض الآخر الأمر الذي يؤدي إلى تماسك المسلمين ووحدة صفوفهم.

٩٥

أوصاف المؤمن

سأل الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن صفة المؤمن ، فقال :

« عشرون خصلة في المؤمن ، فإن لم تكمل فيه لم يكمل إيمانه :

إنّ من أخلاق المؤمنين يا عليّ : الحاضرون الصّلاة ، والمسارعون إلى الزّكاة ، والمطعمون للمساكين ، الماسحون لرأس اليتيم ، المطهّرون أطمارهم ، المتّزرون على أوساطهم ، الّذين إن حدّثوا لم يكذبوا ، وإن وعدوا لم يخلفوا ، وإن ائتمنوا لم يخونوا ، وإن تكلّموا صدقوا.

رهبان في اللّيل ، اسد بالنّهار ، صائمون النّهار ، قائمون اللّيل ، لا يؤذون جارا ولا يتأذّى منهم جار ، الّذين مشيتهم على الأرض هون وخطاهم على بيوت الأرامل ، وعلى أثر الجنائز » (٢).

وهذه الأوصاف الكريمة من تحلى بها فقد بلغ غاية الايمان ، ونال أسمى مراتب الكمال.

__________________

(١) فروع الكافي ١ : ٣٤٢.

(٢) بحار الأنوار ٦٠ : ٢٧٦.

٨١

٩٦

علامات للمؤمن ولغيره

من وصايا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للإمام عليه‌السلام :

« يا عليّ ، إنّ للمؤمن ثلاث علامات :

الصّيام والصّلاة والزّكاة.

وإنّ للمتكلّف من الرّجال ثلاث علامات :

يتملّق إذا شهد ، ويغتاب إذا غاب ، ويشمت بالمصيبة.

وللظّالم ثلاث علامات :

يقهر من دونه بالغلبة ، ومن فوقه بالمعصية ، ويظاهر الظّلمة.

وللمرائي ثلاث علامات :

ينشط إذا كان عند النّاس ، ويكسل إذا كان وحده ، ويحبّ أن يحمد في جميع الامور.

وللمنافق ثلاث علامات :

إن حدّث كذب ، وإن اؤتمن خان ، وإن وعد أخلف.

وللكسلان ثلاث علامات :

يتوانى حتّى يفرّط ، ويفرّط حتّى يضيّع ، ويضيّع حتّى يأثم.

وليس ينبغي للعاقل أن يكون شاخصا إلاّ في ثلاث : مرمّة لمعاش ، أو خطوة لمعاد ، أو لذّة في غير محرّم » (١).

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٤ : ٦٤.

٨٢

وألمّت هذه الخصال بطباع أهلها وألقت الأضواء على خفايا نفوسهم وضمائرهم.

٩٧ حسان الوجوه

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « اطلبوا الخير عند حسان الوجوه فإنّ فعالهم أحرى أن تكون حسنا » (١).

إنّ حسان الوجوه على الأكثر يصنعون البرّ والإحسان ، وأجدر من غيرهم بقضاء حوائج الناس.

٩٨ صلة الرحم

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّ الرّجل ليصل رحمه ، وقد بقي من عمره ثلاث سنين فيصيّرها الله عزّ وجلّ ثلاثين سنة ، ويقطعها وقد بقي من عمره ثلاثون سنة فيصيّرها الله ثلاث سنين ، ثمّ تلا قوله تعالى : ( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) (٢) » (٣).

__________________

(١) عيون الأخبار ٢ : ٧٤.

(٢) الرعد : ٣٩.

(٣) بحار الأنوار ٧٤ : ٩٣.

٨٣

إنّ لصلة الرحم آثارا وضعية منها أنّها توجب إشاعة المودّة بين الأرحام وهذا ممّا ندب إليه الإسلام ، بالاضافة إلى أنّ الله تعالى يطيل حياة من يصل رحمه.

ـ قال عليه‌السلام : قال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« من سرّه أن يمدّ في عمره ، ويوسّع في رزقه ، فليصل رحمه » (١).

ـ قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« من سرّه أن يمدّ في عمره ، ويوسّع في رزقه فليصل رحمه » (٢).

إنّ الإسلام قد عني بتعاليمه بالتماسك الاجتماعي ، وربط المسلمين بعضهم ببعض ، وقد حثّهم على صلة الأرحام ، وبيّن لهم الآثار العظيمة التي تترتّب على ذلك ، والتي منها طول العمر والسعة في الرزق.

٩٩

مواساة الإخوان

جاء في وصيّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام :

« يا عليّ ، ثلاثة لا تطيقها هذه الامّة :

المواساة للأخ في ماله ، وإنصاف النّاس من نفسه ، وذكر الله على كلّ حال ، وليس هو سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلاّ الله ، والله أكبر ، ولكن إذا ورد على ما يحرم عليه خاف الله عزّ وجلّ عنده وتركه » (٣).

__________________

(١) مجمع الزوائد ٨ : ١٥٢ ـ ١٥٣.

(٢) عيون الأخبار ـ ابن قتيبة ٣ : ٨٦.

(٣) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٢٦.

٨٤

إنّ هذه الخصال من أجل الصفات الكريمة التي أوصى بها الإسلام فهي تعزّ الإنسان المسلم وتسمو به ، ولكن المسلمين تركوها.

١٠٠

التودّد إلى الناس

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« رأس العقل بعد الايمان بالله التّودّد إلى النّاس » (١).

وحثّ الإسلام على إشاعة الفضيلة والآداب بين المسلمين وأمرهم بالتودّد بعضهم إلى بعض ؛ لأنّه يوجب التماسك الاجتماعي وشيوع المحبّة والالفة بينهم ، وكان من اهتمامه بذلك أنّه جعله في الأهمية بعد الإيمان بالله.

١٠١

المرء مع من أحبّ

قال عليه‌السلام :

« إنّ رجلا قال للنّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الرّجل يحبّ القوم ولا يستطيع أن يعمل بعملهم ، قال : المرء مع من أحبّ » (٢).

وتظافرت الأخبار عن أئمّة الهدى عليهم‌السلام إنّ الإنسان يحشر مع من أحبّ فإن أحبّ مؤمنا حشر معه ، وإن أحبّ كافرا حشر معه.

__________________

(١) حلية الأولياء ٣ : ٢٠٣.

(٢) مسند أبي داود ١ : ٢٣ ، رقم الحديث ١٥٩.

٨٥

١٠٢

خصال كريمة

من وصايا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للإمام عليه‌السلام :

« يا عليّ ، ثلاثة تحت العرش يوم القيامة :

رجل أحبّ لأخيه ما أحبّ لنفسه.

ورجل بلغه أمر فلم يقدم فيه ولم يتأخّر حتّى يعلم أنّ ذلك الأمر لله رضى أو سخط.

ورجل لم يعب أخاه بعيب حتّى يصلح ذلك العيب من نفسه ، فإنّه كلّما أصلح من نفسه عيبا بدا له منها آخر ، وكفى بالمرء في نفسه شغلا » (١).

وحفلت هذه الوصية بأسمى القيم التربوية التي يسمو بها الإنسان وينال رضا الله تعالى.

ـ من وصايا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للإمام عليه‌السلام :

« يا عليّ ، سبعة من كنّ فيه فقد استكمل حقيقة الإيمان ، وأبواب الجنّة مفتّحة له :

من أسبغ وضوءه ، وأحسن صلاته ، وأدّى زكاة ماله ، وكفّ غضبه ، وسجن لسانه ، واستغفر الله لذنبه ، وأدّى النّصيحة لأهل بيته » (٢).

إنّ هذه الخصال من تحلّى بها ، وطبّقها على واقع حياته فقد كمل ايمانه ، وحسن عمله.

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٤ : ٦٢.

(٢) الدرر اللامعة في الأحاديث الجامعة : ١٠ ، نقلا عن من لا يحضره الفقيه ومكارم الأخلاق.

٨٦

ـ قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« من اعطي أربع خصال في الدّنيا ، فقد اعطي خير الدّنيا والآخرة ، وفاز بحظّه منهما :

ورع يعصمه عن محارم الله ، وحسن خلق يعيش به في النّاس ، وحلم يدفع به جهل الجاهل ، وزوجة صالحة تعينه على أمر الدّنيا والآخرة » (١).

إنّ من اتّصف بهذه الصفات فقد فاز بخير الدنيا وخير الآخرة ، وسعد في دنياه وآخرته.

١٠٣

محاسن الصفات

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« أعبد النّاس من أقام الفرائض.

وأسخى النّاس من أدّى زكاة ماله.

وأزهد النّاس من اجتنب الحرام.

وأتقى النّاس من قال الحقّ فيما له وعليه.

وأعدل النّاس من رضي للنّاس ما يرضى لنفسه وكره لهم ما يكره لنفسه.

وأكيس النّاس من كان أشدّ ذكرا للموت.

وأغبط النّاس من كان تحت التّراب قد أمن العقاب ويرجو الثّواب.

وأغفل النّاس من لم يتّعظ بتغيّر الدّنيا من حال إلى حال.

__________________

(١) أمالي الطوسي ٢ : ١٨٩.

٨٧

وأعظم النّاس في الدّنيا خطرا من لم يجعل للدّنيا عنده خطرا.

وأعلم النّاس من جمع علم النّاس إلى علمه.

وأشجع النّاس من غلب على هواه.

وأكثر النّاس قيمة أكثرهم علما.

وأقلّ النّاس قيمة أقلّهم علما.

وأقلّ النّاس لذّة الحسود.

وأقلّ النّاس راحة البخيل.

وأبخل النّاس من بخل بما افترض الله عزّ وجلّ عليه.

وأولى النّاس بالحقّ أعلمهم به.

وأقلّ النّاس حرمة الفاسق.

وأقلّ النّاس وفاء الملوك.

وأقلّ النّاس صديقا الملك.

وأفقر النّاس الطّمع.

وأغنى النّاس من لم يكن للحرص أسيرا.

وأفضل النّاس إيمانا أحسنهم خلقا.

وأكرم النّاس أتقاهم.

وأعظم النّاس قدرا من ترك ما لا يعنيه.

وأورع النّاس من ترك المراء وإن كان محقّا.

وأقلّ النّاس مروءة من كان كاذبا.

وأشقى النّاس الملوك.

وأمقت النّاس المتكبّر.

وأشدّ النّاس اجتهادا من ترك الذّنوب.

٨٨

وأحكم النّاس من فرّ من جهّال النّاس.

وأسعد النّاس من خالط كرام النّاس.

وأعقل النّاس أشدّهم مداراة للنّاس.

وأولى النّاس بالتّهمة من جالس أهل التّهمة.

وأعتى النّاس من قتل غير قاتله أو ضرب غير ضاربه.

وأولى النّاس بالعفو أقدرهم على العقوبة.

وأحقّ النّاس بالذّنب السّفيه المغتاب.

وأذلّ النّاس من أهان النّاس.

وأحزم النّاس أكظمهم للغيظ.

وأصلح النّاس أصلحهم للنّاس.

وخير النّاس من انتفع به النّاس » (١).

وأشاد هذا الحديث الشريف بالصفات الكريمة ، والمثل الرفيعة التي يمتاز بها الإنسان على غيره من مخلوقات الله ، وهذا الحديث من ذخائر الأحاديث النبوية ، وقد رصع بجواهر البيان وبدائع الحكمة.

١٠٤

الآمر بالمعروف

قال الإمام عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« من أمر بمعروف ، أو نهى عن منكر ، أو دلّ على خير أو أشار به ، فهو شريك.

__________________

(١) أمالي الصدوق : ١٨ ـ ١٩.

٨٩

ومن أمر بسوء ، أو دلّ عليه أو أشار به فهو شريك » (١).

إنّ الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر فهو شريك لمن امتثل ذلك في الثواب ، وله الأجر الجزيل عند الله وكذلك من أمر بسوء فهو شريك لمن اقترفه وعمل به.

١٠٥

إتمام المعروف

قال عليه‌السلام : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

« استتمام المعروف أفضل من ابتدائه » (٢).

إنّ إتمام المعروف وإكماله أفضل من ابتدائه ، فإنّه أعظم نعمة ، وأوفر عطاء من ابتدائه.

١٠٦

كمال المروءة

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« من عامل النّاس فلم يظلمهم ، وحدّثهم فلم يكذبهم ، ووعدهم فلم يخلفهم ، فهو ممّن كملت مروءته وظهرت عدالته ، ووجبت اخوّته ، وحرمت غيبته » (٣).

__________________

(١) الخصال ١ : ٦٨.

(٢) أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٩.

(٣) البصائر والذخائر لأبي حيان التوحيدي : ١٤٦.

٩٠

إنّ من تحلّى بهذه الصفات الكريمة ، فقد بلغ قمة الكمال والأدب ، ووجب على الناس تكريمه وتعظيمه ومواخاته.

١٠٧

الحبّ والبغض

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« أحبب حبيبك هونا ما ، عسى أن يكون بغيضك يوما ما ، وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما » (١).

وهذه الحكمة التي أدلى بها الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تلتقي مع واقع الحياة ، فإنّه ليس من الحكمة في شيء أن يسرف الإنسان في محبّة شخص لأنّه قد يأتي وقت فيكون من ألدّ أعدائه ، وكذلك ليس من الحكمة أن يسرف الإنسان في عداوة شخص لأنّه قد يأتي وقت تتغيّر فيه الأوضاع فيكون من أعزّ اخوانه.

١٠٨

الحلم

روى الإمام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« إنّ الرّجل ليدرك بالحلم درجة الصّائم القائم » (٢).

إنّ الحلم من أفضل النزعات النفسية ، وقد حثّ الإسلام على التحلّي به لأنّه يقي الإنسان من كثير من المصاعب والمشاكل.

__________________

(١) مسند الإمام عليّ عليه‌السلام : ٢٨٣.

(٢) كنز العمّال ٣ : ١٢٩.

٩١

١٠٩

إصلاح ذات البين

روى الإمام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :

« إنّ إصلاح ذات البين أعظم من عامّة الصّلاة والصّيام » (١).

واهتمّ الإسلام اهتماما بالغا بوحدة المسلمين ، وشيوع المحبة والالفة بينهم ، وندب إلى الإصلاح فيما بينهم ، وجعل الإصلاح وإخماد نار الفتنة والبغضاء أفضل من الصلاة والصيام.

١١٠

الإحسان إلى المسيء

روى الإمام عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :

« صل من قطعك ، وأحسن إلى من أساء إليك ، وقل الحقّ ولو على نفسك » (٢).

وهذه الحكمة من الحكم الخالدة التي تدلّل على مدى عظمة الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في معالجته لجميع الشؤون الإنسانية باروع ألوان الحكمة.

١١١

العفو عن المسيء

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

__________________

(١) كنز العمّال ٣ : ٥٨.

(٢) المصدر السابق : ٣٥٩ ، ٣٧٧.

٩٢

« ينادي مناد يوم القيامة من بطنان العرش ألا فليقم من كان أجره على الله ، فلا يقوم إلاّ من عفا عن أخيه » (١).

من الخصال الكريمة التي تبنّاها الإسلام الحثّ على العفو عن المسيء فإنّه يوجب نشر المحبّة وسيادة الخصال الشريفة في المجتمع.

١١٢

الإعانة على البرّ

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« رحم الله ولدا أعان والديه على برّه ، ورحم الله والدا أعان ولده على برّه ، ورحم الله جارا أعان جاره على برّه ، ورحم الله رفيقا أعان رفيقه على برّه ، ورحم الله خليطا أعان خليطه على برّه ، ورحم الله رجلا أعان سلطانه على برّه » (٢).

إنّ الاعانة على البر من أفضل الاعمال في الإسلام ، فقد أقام شريعته على البر والاحسان والمحبة والمودة.

١١٣

أبواب البرّ

من وصايا الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للإمام عليه‌السلام :

« يا عليّ ، ثلاث من أبواب البرّ : سخاء النّفس ، وطيب الكلام ، والصّبر

__________________

(١) كنز العمّال : ٣٥٩ ، ٣٧٧.

(٢) ثواب الأعمال : ١٠١. الوسائل ٦ : ٥٩٢.

٩٣

على الأذى » (١).

إنّ هذه الخصال الثلاث من أبواب البرّ والإحسان ، ومن أخذ بها فقد كمل دينه ، وسمت نفسه.

١١٤

المبادرة لفعل الخير

جاء في وصيّة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للإمام عليه‌السلام :

« يا عليّ ، بادر بأربع قبل أربع : شبابك قبل هرمك ، وصحّتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وحياتك قبل موتك » (٢).

إنّ المبادرة في هذه الامور إنّما هي مبادرة نحو الخير واستباق لرضوان الله ورحمته.

١١٥

الرفق باليتيم والضعيف

جاء في وصيّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للإمام عليه‌السلام :

« يا عليّ ، أربع من كنّ فيه بنى الله له بيتا في الجنّة : من آوى اليتيم ، ورحم الضّعيف ، وأشفق على والديه ، ورفق بمملوكه ».

ثمّ قال :

« يا عليّ ، من كفى يتيما في نفقته بماله حتّى يستغني وجبت له الجنّة البتّة.

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٤ : ٦٢.

(٢) الخصال ١ : ١١٣.

٩٤

يا عليّ ، من مسح يده على رأس يتيم ترحّما له أعطاه الله بكلّ شعرة نورا يوم القيامة » (١).

إنّ الإسلام تبنّى بصورة إيجابية الرفق باليتيم والإحسان إلى الضعيف ، والبرّ بالوالدين ، والإحسان إلى المملوك ، فإنّ هذه الامور من موجبات رحمة الله.

١١٦

النصيحة

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ، ما محض أخاه النّصيحة ، فإذا حاد عن ذلك سلب التّوفيق » (٢).

إنّ إسداء النصيحة لمن طلب منه ، ندب إليه الإسلام وحثّ عليه ، ووعد من جفا ذلك بسلب التوفيق عنه.

١١٧

المنجيات

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للامام أمير المؤمنين عليه‌السلام :

« يا عليّ ، ثلاثة منجّيات : خوف الله في السّرّ والعلانية ، والقصد في الغنى والفقر ، وكلمة العدل في الرّضا والسّخط » (٣).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٦.

(٢) كنز العمّال ٣ : ٤١٣.

(٣) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٥.

٩٥

إنّ هذه الخصال الكريمة تنجي الإنسان من عذاب الله تعالى كما تسبب له الحياة الكريمة في الدنيا.

١١٨

ظلم من لا ناصر له

روى الإمام عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال :

« يقول الله عزّ وجلّ : اشتدّ غضبي على من ظلم من لا يجد ناصرا غيري » (١).

إنّ أفحش الظلم : ظلم الضعيف الذي لا يجد له ناصرا إلاّ الله تعالى.

١١٩

الأمانة

روى الإمام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« الأمانة تجلب الرّزق ، والخيانة تجلب الفقر » (٢).

إنّ الأثر الوضعي الذي يترتّب على الأمانة هو السعة في الرزق ، كما يترتّب الفقر على الخيانة.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٦ : ٥١.

(٢) كنز العمّال ٣ : ٦٠.

٩٦

١٢٠

الغيرة

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« إنّي لغيور ، والله عزّ وجلّ أغير منّي ، وإنّ الله تعالى يحبّ من عباده الغيور » (١).

من الخصال الشريفة الغيرة على العرض وعلى الدّين ، وهي من امّهات الفضائل التي يدعو إليها الإسلام.

١٢١

الكفاف

روى الإمام عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« إنّ الله تعالى إذا أحبّ عبدا جعل رزقه كفافا » (٢).

أي جعله في حالة وسطى لا غنيا ولا فقيرا ، فقد يصبح أشرا بطرا إذا أغناه ، أو شقيا بائسا إذا أفقره ، بينما الكفاف حالة وسطى.

١٢٢

فضل الصدقة

روى الإمام عليه‌السلام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :

__________________

(١) كنز العمّال ٣ : ٣٨٧.

(٢) المصدر السابق : ٣٩٠.

٩٧

« كلّ معروف صدقة إلى غنيّ أو فقير ، فتصدّقوا ولو بشقّ تمرة ، واتّقوا النّار ولو بشقّ التّمرة ، فإنّ الله عزّ وجلّ يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتّى يوفّيه إيّاها يوم القيامة ، وحتّى يكون أعظم من الجبل العظيم » (١).

إنّ الصدقة لون من ألوان البرّ والإحسان ، وقد ندب الإسلام إليها وحثّ عليها ، ورتّب الأجر الجزيل عليها.

١٢٣

القليل من الدنيا خير من الكثير

قال الإمام عليّ عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« ما قلّ وكفى خير ممّا كثر وألهى » (٢).

إنّ القليل من الدنيا خير من الكثير منها لأنه يصد الإنسان عن الطريق القويم ويلهيه عن ذكر الله تعالى.

١٢٤

عدة المؤمن

قال عليه‌السلام : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

« عدة المؤمن نذر لا كفّارة له » (٣).

__________________

(١) أمالي الطوسي ٢ : ٣١١.

(٢) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٤٢.

(٣) كشف الغمّة ٣ : ٩٢.

٩٨

ومعنى هذا الحديث أنّ المؤمن إذا واعد أخاه بشيء فيكون وعده بمنزلة النذر ، وعليه أن يفي به ، لكنّه لو خالف ولم يف به ، فلا كفّارة عليه.

وهذه الوصايا من أغلى النصائح وأثمنها ، وهي ممّا تعين الإنسان في السلوك على أكثر الوسائل راحة وسعادة.

١٢٥

ترك الكلام فيما لا يعني الإنسان

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« من فقه الرّجل قلّة كلامه فيما لا يعنيه » (١).

إنّ ترك الكلام فيما لا يعني الإنسان ، وعدم الدخول دليل على سموّ عقل الرجل ، وكثرة وعيه.

١٢٦

الكلمة الحكيمة

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« كلمة الحكمة ضالّة المؤمن فحيث وجدها فهو أحقّ بها » (٢).

إنّ الكلمة الحكيمة من أثمن وأغلى ما يظفر به المؤمن ، فإنّها تزيده علما وفضلا.

__________________

(١) بحار الأنوار ٢ : ٥٥.

(٢) المصدر السابق : ٩٩.

٩٩

١٢٧

الأعمال المبعدة للشيطان

قال عليه‌السلام :

« قيل لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما الّذي يبعد الشّيطان منّا؟

فقال : الصّوم لله يسوّد وجهه ، والصّدقة تكسر ظهره ، والحبّ في الله تعالى والمواظبة على العمل الصّالح يقطع دابره ، والاستغفار يقطع وتينه » (١).

إنّ هذه الأعمال الحسنة توجب القرب من الله تعالى ، وتبعد الإنسان عن الشيطان الرجيم الذي هو أمكر عدوّ للإنسان.

١٢٨

الاستغفار للأبوين المشركين

قال عليه‌السلام :

« سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان ، فقلت : أيستغفر الرّجل لأبويه وهما مشركان ، فقال : أو لم يستغفر إبراهيم لأبيه ـ وهو مشرك ـ فذكرت ذلك للنّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنزلت : ( ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ ) (٢) » (٣).

__________________

(١) بحار الأنوار ٦٩ : ٤٠٣.

(٢) التوبة : ١١٣.

(٣) سنن النسائي ١ : ٢٨٦. تفسير ابن كثير ٤ : ٢٥٠.

١٠٠