موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

باقر شريف القرشي

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

المؤلف:

باقر شريف القرشي


المحقق: مهدي باقر القرشي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية
الطبعة: ٢
الصفحات: ١٥٢

العامل في الإسلام ).

١٦٧

موبقات ومنجيات

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للإمام عليه‌السلام :

« يا عليّ ، ثلاث موبقات ، وثلاث منجيات :

فأمّا الموبقات : فهوى متّبع ، وشحّ مطاع ، وإعجاب المرء بنفسه.

وأمّا المنجيات : فالعدل في الرّضى والغضب ، والقصد في الغنى والفقر ، وخوف الله في السّرّ والعلانية كأنّك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك » (١).

وهذه الموبقات والمنجيات مشتقّة من صميم الواقع ، فقد عرضها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للإمام عليه‌السلام لتكون منهاجا للأمّة.

١٦٨

خصال مذمومة وخصال كريمة

كان من وصايا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى باب مدينة علمه الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام هذه الوصيّة القيّمة :

« يا عليّ ، أنهاك عن ثلاث خصال عظام : الحسد والحرص والكذب.

يا عليّ ، سيّد الأعمال ثلاث خصال : إنصافك النّاس من نفسك ،

__________________

(١) بحار الأنوار ٧٤ : ٦٣.

١٢١

ومواساتك الأخ في الله عزّ وجلّ ، وذكرك الله تبارك وتعالى على كلّ حال.

يا عليّ ، ثلاث فرحات للمؤمن في الدّنيا : لقى الإخوان ، والإفطار من الصّيام ، والتّهجّد من آخر اللّيل.

يا عليّ ، ثلاث من لم تكن فيه لم يقم له عمل : ورع يحجزه عن معاصي الله عزّ وجلّ ، وخلق يداري به النّاس ، وحلم يردّ به جهل الجاهل.

يا عليّ ، ثلاث من حقائق الإيمان : الإنفاق في الإقتار ، وإنصاف النّاس من نفسك ، وبذل العلم للمتعلّم.

يا عليّ ، ثلاث خصال من مكارم الأخلاق : تعطي من حرمك ، وتصل من قطعك ، وتعفو عمّن ظلمك » (١).

وهذه الوصية من مناجم التربية الاسلامية الهادفة إلى ايجاد مجتمع متكامل في سلوكه وآدابه.

١٦٩

المحاسن والقبائح

قال عليه‌السلام : قال النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« ثلاث يحسن فيهنّ الكذب : المكيدة في الحرب ، وعدتك زوجتك ، والإصلاح بين النّاس.

وقال : ثلاث يقبح فيهنّ الصّدق : النّميمة ، وإخبارك الرّجل عن أهله بما يكرهه ، وتكذيبك الرّجل عن الخبر.

__________________

(١) الخصال ١ : ٦٢.

١٢٢

وقال : ثلاثة مجالستهم تميت القلب : مجالسة الأنذال ، والحديث مع النّساء ، ومجالسة الأغنياء » (١).

وحكى هذا الحديث محاسن الأخلاق ومكارم الآداب ، كما حكى الخصال الذميمة التي يشقى بها الإنسان.

١٧٠

اعطيت ما لم يعط أحد

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« اعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء.

فقلنا : يا رسول الله ، ما هو؟

قال : نصرت بالرّعب ـ أي في نفوس المشركين ـ ، واعطيت مفاتيح الأرض ، وسمّيت أحمد ، وجعل التّراب لي طهورا ، وجعلت أمّتي خير الامم » (٢).

لقد امتاز النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على جميع الأنبياء بمكوّناته النفسية وبما وهبه الله له من الفضائل التي لا تحصى.

١٧١

التقيّة

روى الإمام عليه‌السلام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :

__________________

(١) الخصال ٢ : ٤٣.

(٢) مجمع الزوائد ١ : ٢٦٠ ـ ٢٦١.

١٢٣

« لا دين لمن لا تقيّة له » (١).

وشرّع الإسلام التقيّة حفظا لدماء المسلمين وأرواحهم ، وقد مرّت على شيعة أهل البيت ظروف عصيبة ولو لا التزامهم بالتقية لم تبق لهم باقية.

١٧٢

حلّية المتعة

اجتمع الإمام عليه‌السلام مع عثمان بن عفان بعسفان ، فكان عثمان ينهى عن المتعة أو العمرة ، فقال عليّ :

« ما تريد إلى أمر فعله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، تنهى عنها ».

فقال عثمان : دعنا منك (٢).

وشرّع الإسلام المتعة ، ونطق القرآن بحلّيّتها إلاّ أنّ عمر ومن سار على خطّه حرّمها.

وأمّا أئمّة الهدى فقد أباحوها مستندين إلى كتاب الله تعالى ، وإنّ آية الحلّ غير منسوخة.

وقد تعرّض بصورة موضوعية علماء الإمامية إلى جوازها (٣).

__________________

(١) كنز العمّال ٣ : ٩٦.

(٢) مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٥٦ ، رقم الحديث ٧٥٨.

(٣) يراجع في حلّيتها إلى ما كتبه الحجّة السيّد محمّد تقي الحكيم والعلاّمة توفيق الفكيكي ، وغيرهما.

١٢٤

١٧٣

منى

قال عليه‌السلام :

« إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتى المنحر بمنى فقال : هذا المنحر ، ومنى كلّها منحر » (١).

إنّ منى هي من المواقف التي يجب على الحاجّ أن يقف بها ، وفي اليوم العاشر من ذي الحجّة ـ وهو يوم العيد ـ يجب عليه أن يضحّي ، وفي مكان منى مكان مخصوص للذبح ، وقد توسّع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجعل جميع منى مكانا لذبح الهدي.

١٧٤

الزكاة

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« فيما سقت السّماء ففيه العشر ، وما سقي بالغرب (٢) والدّالية ففيه نصف العشر » (٣).

على ضوء هذا الحديث وغيره ممّا اثر عن أئمّة الهدى عليهم‌السلام أفتى فقهاء الإمامية في مقدار الزكاة ، فإنّ كانت الغلّة تسقى من ماء المطر ففيها العشر ، وإن كانت تسقى بالواسطة ففيها نصف العشر.

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٢٣ ، رقم الحديث ٥٦٣.

(٢) الغرب : الدلو العظيمة التي تتخذ من جلد الثور.

(٣) المنتقى ١٩٩٥. مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢٣٥ ، رقم الحديث ١٢٤٤.

١٢٥

١٧٥

إبل الصدقة

قال عليه‌السلام :

« مرّت إبل الصّدقة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأهوى بيده إلى وبرة من جنب بعير ، فقال : ما أنا أحقّ بهذه الوبرة من رجل من المسلمين » (١).

وهذا غاية العدل الذي لا مثيل له في تاريخ الامم والأديان ، لقد أسّس النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معالم المساواة ، وحطّم الامتيازات ودعا إلى العدل بكلّ افقه ومفاهيمه.

١٧٦

الغنم والحرث

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« عليكم بالغنم والحرث ، فإنّهما يغدوان بخير ، ويروحان بخير » (٢).

وحرّض الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الزراعة وجنيان الأغنام فإنّهما من المصادر الأوّليّة للثراء والنعمة.

١٧٧

الذبيحة لغير الله

قال الإمام عليه‌السلام : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٨٨ ، رقم الحديث ٦٦٧.

(٢) المحاسن : ٥٥٣.

١٢٦

« لعن الله من ذبح لغير الله ، لعن الله من تولّى غير مواليه ، لعن الله من غيّر منار الأرض ، لعن الله من عقّ والديه » (١).

لقد لعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هؤلاء الاصناف لأنهم لا علاقة لهم بالله ، وبعضهم من المفسدين ، وهم من غيّروا منار الأرض ، وذلك بتغييرهم للسنة القائمة والمناهج الكريمة.

١٧٨

حيوانات لا يضحّى بها

قال عليه‌السلام :

« نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يضحّى بالمقابلة ، أو بمدابرة ، أو شرقاء ، أو خرقاء ، أو جدعاء » (٢).

أمّا الحيوانات التي لا يضحّى بها حسب هذا الحديث ، هي :

١ ـ المقابلة : وهي التي يقطع من طرف اذنها شيء ثمّ يترك معلّقا.

٢ ـ المدابرة : وهي التي قطع من مؤخر اذنها ثمّ يترك معلّقا.

٣ ـ الشرقاء : المشقوقة الاذن باثنتين.

٤ ـ الخرقاء : التي في اذنها ثقب مستدير.

٥ ـ الجدعاء : المقطوعة الاذن أو الأنف أو الشفة.

ـ روى الإمام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه نهى أن يضحّى بعضباء القرن والاذن (٣).

__________________

(١) مستدرك الحاكم ٤ : ١٥٣.

(٢) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٤١ ، رقم الحديث ٦٠٩.

(٣) المصدر السابق : ٥٢ ، رقم الحديث ٦٣٣.

١٢٧

المراد من عضباء القرن مكسورة القرن ، وعضباء الاذن مشقوقة الاذن.

١٧٩

رفع القلم عن ثلاثة

قال عليه‌السلام : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

« رفع القلم عن ثلاثة : عن النّائم حتّى يستيقظ ، وعن المعتوه ـ أو قال :

المجنون ـ حتّى يعقل ، وعن الصّغير حتّى يشبّ » (١).

والمرفوع في هذا الحديث الحكم التكليفيّ عن هؤلاء الأشخاص دون الحكم الوضعي كالضمان وغيره.

١٨٠

الأمان من الغرق

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« يا عليّ ، أمان لامّتي من الغرق إذا ركبوا الفلك أن يقولوا : بسم الله الرّحمن ( وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (٢) ، ( بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) (٣) » (٤).

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٩٧ ، رقم الحديث ٩٥٦.

(٢) الزمر : ٦٧.

(٣) هود : ٤١.

(٤) عيون الأخبار ١ : ١٣٧.

١٢٨

إن الأدعية التي أثرت عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعن أهل بيته لها أثرها الحاسم في دفع المكروه والوقاية من الشر ، وقد دلت التجارب على ذلك.

١٨١

رؤية الهلال

من وصايا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للإمام عليه‌السلام :

« يا عليّ ، إذا رأيت الهلال فكبّر ثلاثا وقل : الحمد لله الّذي خلقني وخلقك ، وقدّرك منازل ، وجعلك آية للعالمين » (١).

إنّ الهلال آية من آيات الله تعالى ، فهو يسبّح في الفضاء كما تسبّح بقيّة الكواكب والمجرّات ، ومن نظر إلى الهلال فليذكر الله ويكبّره على ما فيه من العجائب في بداية غزوه وفي تدرجه حتى يستدير ثم يأخذ بالنقصان بالاضافة إلى ما له من الآثار الوضعيّة في جزر البحور ومدها فتبارك الله أحسن الخالقين.

١٨٢

النظر في المرآة

من وصايا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للإمام عليه‌السلام :

« يا عليّ ، إذا نظرت في مرآة فكبّر ثلاثا ، وقل : اللهمّ كما حسّنت خلقي فحسّن خلقي » (٢).

ودعا الإسلام إلى حسن الأخلاق الذي هو من أهم الركائز الاجتماعية في

__________________

(١) تحف العقول : ١٠.

(٢) المصدر السابق : ١١.

١٢٩

الحياة الإسلامية.

١٨٣

النظر إلى المجذومين

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« لا تديموا النّظر إلى المجذّمين ، وإذا كلّمتموهم فليكن بينكم وبينهم قيد رمح » (١).

من تعاليم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الصحية النهي المشدّد عن مجالسة المجذومين والاختلاط بهم ، فإنّ الجرائيم والميكروبات سريعة الانتقال منهم إلى من جالسهم واختلط بهم ، فلذا أمر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالابتعاد عنهم.

١٨٤

حثو التراب على الميّت

قال الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :

« من حثا على ميّت ، وقال : إيمانا بك ، وتصديقا ببعثك ، هذا ما وعد الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله أعطاه الله بكلّ ذرّة حسنة » (٢).

وهذه الكلمات تنمّ عن واقع الإيمان ، والرضا بما كتب الله تعالى. كما أن حثو التراب على الميّت من الآداب الإسلامية التي حثّ عليها الإسلام.

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ٢٨ ، رقم الحديث ٥٨١.

(٢) وسائل الشيعة ٢ : ٨٥٥.

١٣٠

١٨٥

مفارقة الأحباب

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« قال لي جبرئيل : أحبب من شئت فإنّك مفارقه ، واعمل ما شئت فإنّك ملاقيه ، وعش ما شئت فإنّك ميّت » (١).

وحفلت هذه الكلمات الرائعة بما يلي.

١ ـ إنّ كلّ إنسان لا بدّ أن يفارق سواء أكان أخاه أم صديقه ، وسواء أحب شيئا من متع الدنيا ، فإنّه لا بدّ من مفارقته لها.

٢ ـ إنّ جميع ما يعمله الإنسان من خير أو شر لا بدّ أن يلاقي جزاءه في قبره وحشره قال الله تعالى : ( وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلاَّ ما سَعى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى ) (٢).

٣ ـ ان الإنسان مهما عاش وقطع من السنين لا بدّ أن يفارق الحياة يقول الشاعر :

كل ابن انثى وإن طالت سلامته

يوما على آلة حدباء محمول

١٨٦

التأمّل في المواعظ

روى الإمام عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :

« لقد سبق إلى جنّات عدن أقوام ، ما كانوا أكثر النّاس صلاة ولا صياما

__________________

(١) حلية الأولياء ٣ : ٢٠٢.

(٢) النجم : ٣٩ ـ ٤٠.

١٣١

ولا اعتمارا ـ أي الاتيان بالعمرة ـ ، ولكنّهم عقلوا عن الله مواعظه فوجلت قلوبهم ، واطمأنّت إليه النّفوس ، وخشعت منه الجوارح ، ففاقوا الخليقة بطيب المنزلة ، وبحسن الدّرجة عند النّاس ، وعند الله في الآخرة » (١).

إنّ التأمّل والتدبّر في المواعظ ممّا يوجب صلاح النفس واستقامتها وإقبالها على طاعة الله تعالى ، واجتناب معاصيه ، وقد أعدّ الله المنزلة الكريمة في الفردوس الأعلى للمتّعظين.

١٨٧

أربعة تذهب ضياعا

من وصايا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للامام عليه‌السلام :

« يا عليّ ، أربعة تذهب ضياعا : الأكل على الشّبع ، والسّراج في القمر ، والزّرع في السّبخة ، والصّنيعة عند غير أهلها » (٢).

إنّ صنع هذه الامور تذهب ضياعا ولا أثر لها ، وقد اعطانا الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك منهجا كاملا للحياة ، وصاغ لنا الأساليب التي نعملها وننجح بها.

١٨٨

أنواع الكلام

روى الإمام عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :

__________________

(١) كنز العمّال ٣ : ١٤٩.

(٢) الخصال ١ : ١٢. الوسائل ٦ : ٥٣٣.

١٣٢

« الكلام ثلاثة : فرابح ، وسالم ، وشاحب.

فأمّا الرّابح فالّذي يذكر الله.

وأمّا السّالم فالّذي يقول : ما أحبّ الله.

وأمّا الشّاحب فالّذي يخوض في النّاس » (١).

قسّم الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الكلام إلى ثلاثة أنواع : وذكر خصائصها ، وما يترتب عليها من آثار.

١٨٩

سريرة الإنسان وعلانيته

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« يا عليّ ، ما من عبد إلاّ وله جوّانيّ وبرّانيّ (٢) ، فمن أصلح جوّانيّه أصلح الله برّانيّه ، ومن أفسد جوّانيّه أفسد الله برّانيّه ، وما من أحد إلاّ له صيت في أهل السّماء وضع له ذلك في أهل الأرض ، فإذا ساء صيته في أهل السّماء وضع له ذلك في الأرض » (٣).

إنّ للإنسان صورتين : سريرته ، وما يطويه في أعماق نفسه ودخائل ذاته ، وظاهره ، وهو ما يظهره للناس وإن كان مخالفا لما انطوت عليه سريرته ، فإذا حسنت سريرته أصلح الله شأنه ، ورفع مكانه ، وإذا ساءت سريرته فلا نصيب له عند الله.

__________________

(١) بحار الأنوار ٧١ : ٢٨٩.

(٢) الجواني : السريرة. البراني : العلانية والظاهر.

(٣) أمالي الطوسي ٢ : ٧٣.

١٣٣

١٩٠

الاهتمام بالرزق

روى الإمام عليه‌السلام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :

« يا عليّ ، لا تهتمّ لرزق غد فإنّ كلّ غد يأتي رزقه » (١).

إنّ الله تعالى قد تكفّل أرزاق عباده ، فلا تذهب نفس الإنسان حسرات على رزق مستقبل حياته.

١٩١

رأس العقل خصلة

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« رأس العقل بعد الإيمان بالله عزّ وجلّ التّحبّب إلى النّاس » (٢).

حكى الحديث أهمية المداراة بين الأفراد ، مع تأكيده على ضرورة تكوين العلاقات الاجتماعية الحميمة. ومن الواضح أنّ غياب التحبّب يورث بين الناس الشكّ والارتياب.

١٩٢

الذهب والحرير

قال عليه‌السلام :

« أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذهبا بيمينه وحريرا بشماله ، فقال : هذا حرام

__________________

(١) تحف العقول : ١٤.

(٢) الخصال ١ : ١٥.

١٣٤

على ذكور أمّتي » (١).

وقد أخذ فقهاء الإمامية بهذه الرواية وبأمثالها ممّا روي عن أئمّة الهدى عليهم‌السلام فأفتوا بحرمة لبس الذهب والحرير للرجال دون النساء.

١٩٣

بيع غلامين أخوين

قال عليه‌السلام :

« أمرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن أبيع غلامين أخوين فبعتهما ، ففرّقت بينهما ، فذكرت ذلك للنّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : أدركهما فأرجعهما ، ولا تبعهما إلاّ جميعا » (٢).

وقد أشفق النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الأخوين فكره مفارقتهما لأنّها تؤدي إلى شيوع الحزن في أنفسهما ، وهذه الجنبة الإنسانية هي التي دفعت الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى فسخ البيع.

١٩٤

الورد

قال عليه‌السلام :

« حباني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالورد بكلتا يديه ، فلمّا أدنيته إلى أنفي قال :

__________________

(١) سنن النسائي ٢ : ٢٨٥. سنن ابن ماجة ٢ : ١٩٦.

(٢) مجمع الزوائد ٤ : ١٠٧.

١٣٥

أما إنّه سيّد ريحان الجنّة بعد الآس » (١).

الورد من أجمل النباتات التي خلقها الله ، في روعة منظره ، وجمال صورته ، وبديع رائحته ، كلّ ذلك ممّا يدل على عظمة الخالق العظيم.

١٩٥

الفاكهة الجديدة

قال الإمام عليه‌السلام :

« كان النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا رأى الفاكهة الجديدة قبّلها ووضعها على عينيه وفمه ثمّ قال : اللهمّ كما أريتنا أوّلها في عافية فأرنا آخرها في عافية » (٢).

الفاكهة نعمة من نعم الله تعالى وهبة لعباده ، تستوجب الشكر والثناء على الله.

١٩٦

الأكل على الجنابة

قال عليه‌السلام :

« نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الأكل على الجنابة ، وقال : إنّه يورث الفقر » (٣).

والنهي في الحديث محمول على الكراهة لا على الحرمة ، وقد علّل الأكل على الجنابة أنّه يورث الفقر.

__________________

(١) و (٢) وسائل الشيعة ١ : ٤٦١.

(٣) من لا يحضره الفقيه ١ : ٤٧.

١٣٦

١٩٧

غسل جميع البدن من الجنابة

قال الإمام عليه‌السلام : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

« من ترك موضع شعرة من جسده من جنابة لم يغسله ، فعل به كذا وكذا من النّار ، قال عليّ : فمن ثمّ عاديت شعري » ، وكان يجز شعره (١).

يجب استيعاب غسل جميع البدن في غسل الجنابة ، فمن ترك شعرة من بدنه لم يغسلها فان غسله باطل ، وبهذا أفتى فقهاء الامامية.

١٩٨

البول تحت الشجرة

قال عليه‌السلام :

« نهى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يبول أحد تحت شجرة مثمرة أو على قارعة الطّريق » (٢).

لقد كره النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم البول تحت الشجرة المثمرة لأنّه يؤدي إلى تلوّث الثمرة ، وهذا الحكم من الوصايا الصحّية التي شرّعها الإسلام ، ولو كانت الشجرة في غير فصل ثمرها. فقد ذهب بعض علماء الاصول إلى كراهة التبوّل ؛ لأنّ المشتقّ حقيقة فيمن تلبس بالمبدإ فعلا ومن انقضى عنه المبدأ.

وذهب جماعة آخرون إلى عدم الكراهة ؛ لأنّ المشتقّ حقيقة فيمن تلبّس بالمبدإ فعلا دون غيره.

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٦٣ ، رقم الحديث ٧٩٢.

(٢) من لا يحضره الفقيه ٢ : ١٩٤. وسائل الشيعة ١ : ٢٣٠.

١٣٧

١٩٩

البول في النهر الجاري

جاء في وصيّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام :

« وكره البول على شفا نهر جار » (١).

وهذا الحكم من الاحكام الصحّية التي شرعها الإسلام ، فإنّ البول في النهر الجاري ممّا يوجب تلوّث الماء ، وهو ممّا يؤدّي إلى انتشار الأمراض كالبلهارزيا ، وأمثالها.

٢٠٠

البول قائما

روى الإمام عليه‌السلام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« البول قائما من غير علّة من الجفاء » (٢).

أنّ بول الإنسان وهو قائم ممّا يوجب أن يمسّ جسده وثيابه ثرثار البول. الأمر الذي يوجب نجاسة بدنه وثيابه ، وهو ممّا يتنافى مع ما يريده الإسلام من إشاعة النظافة التي هي من الإيمان ـ كما في الحديث.

٢٠١

تارك الوضوء

روى الإمام عليه‌السلام عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٣٣٥.

(٢) المصدر السابق ١ : ١٠.

١٣٨

« أنّ ثمانية لا تقبل صلاتهم ، وعدّ منهم تارك الوضوء » (١).

إنّ الوضوء من الشروط الواقعية لا العلمية في صحّة الصلاة ، ففي الحديث « لا صلاة إلاّ بوضوء » ، والنفي في الحديث للماهية.

٢٠٢

دخول الحمام بمئزر

جاء في وصيّة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الإمام عليّ عليه‌السلام :

« إنّ الله كره لامّتي ـ وعدّ خصالا ، منها : ـ دخول الحمّام إلاّ بمئزر » (٢).

من الآداب التي شرّعها الإسلام عدم دخول الحمّام إلاّ بمئزر ؛ لأنّه لو دخل بلا مئزر لكان بادي العورة ، فإن رآه أحد فهو محرّم عليه ، بالإضافة إلى منافاته للآداب العامّة التي يحرص الإسلام على إشاعتها بين الناس.

٢٠٣

الخضاب

جاء في وصيّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام :

« يا عليّ ، درهم في الخضاب أفضل من ألف درهم ينفق في سبيل الله ، وفيه أربع عشرة خصلة ، والّتي منها : جلاء البصر ، وذهاب الغشيان » (٣).

أمّا الخضاب فهو زينة الرجل ، وبه تظهر الفتوّة ، وتذهب غائلة الشيخوخة.

__________________

(١) وسائل الشيعة ١ : ٢٥٩.

(٢) المصدر السابق : ٣٦٩.

(٣) ارشاد المفيد : ٢٦٩.

١٣٩

٢٠٤

السواك

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« إنّ أفواهكم طرق القرآن فطهّروها بالسّواك » (١).

السواك مطهّر للفم ومعقّم له ، وهو من المناهج الصحّيّة التي تبنّاها الإسلام ،

وفي الحديث : « لو لا أن أشقّ على أمّتي لأمرتهم بالسّواك » ، والأمر ـ في الحديث ـ هو الحكم الإلزامي.

٢٠٥

الطهور مفتاح الصلاة

قال عليه‌السلام : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« مفتاح الصّلاة الطّهور ، وتحريمها التّكبير ، وتحليلها التّسليم » (٢).

أمّا الطهور فهو مفتاح الصلاة ومن مقدّماتها الواقعية ، فلا تصحّ إلاّ به. وفي الحديث : « لا صلاة إلاّ بطهور » ، والنفي للماهية.

وأمّا بداية الصلاة ففي تكبيرة الإحرام ، فبها يحرم الكلام وغيره من منافيات الصلاة ، وبالتسليم الأخير يحلّ للمصلّي ما حرّم عليه بتكبيرة الإحرام.

__________________

(١) حلية الأولياء ٤ : ٢٩٦.

(٢) المصدر السابق ٧ : ١٢٤.

١٤٠