أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ١٠

جواد شبّر

أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ١٠

المؤلف:

جواد شبّر


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار المرتضى
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٠

هو ريحانة العلى

فيه من عبقر أثر

ها هنا سيرة الزمان

وعاها الذي ذكر (١)

واقيمت في النجف حفلة تكريمية في نادي الغري لطلاب المدارس في الشام وكان الاستاذ العطار من بين الاساتذة الذين رافقوا الطلاب فالقى هذه الرائعة :

سلام على النجف الاطيب

سلام على ورده الاعذب

على مهده عالم الذكريات

ودنيا توقد كالكوكب

وكوني كآذار جم العبير

انيقا كمنظوره الاهدب

تنشق ففي الترب مسك العبير

تهادي وفي الجو عطر النبي

وطف بالهدى والندى والعلاء

وبالجدث الطاهر الطيب

وقل يا غمام نعشت الغمام

وقل يا ربيع نفحت الربي

وسلم على العبقري الهمام

على نبعة الخير من يعرب

يموج من النور في موكب

ويندى من الطيب في موكب

يطوف على الناس مثل الضباب

اذا افتر عن مبسم أشنب

ويختال في الكون مثل الربيع

يرن بفينانه المعشب

وعرج على موئل النعميات

على الاريحي النجيد الابي

أخي الحزم والعزم والمكرمات

أخي النائل الاطول الارحب

وهم بالبيان السني الشهي

وأعجب بروعته أعجب

ورد موردا حافلا بالخلود

وما شئت من ممتع مطرب

( علي ) ويا سحر هذا النداء

وأعجب بروعته أعجب

تحن اليك القلوب اللهاف

حنين الصغار لجنح الاب

اذا اغطش الليل كنت الشعاع

وكنت رجاء الغد الاصعب

وكنت الحنان ورمز الندى

وكنت المعين على المذهب

ولم لا وانت رفيق النبي

وانت شذى الطهر من يثرب

فيا ساكني النجف المستحب

سلام القريب الى الاقرب

سأذكر ما عشت هذا النضال

وأفنى بملهمه الملهب

وأحيا لهذا الحمى نغمه

وقلبي اما يهم يطرب

فياطير هذا الغناء الرقيق

فان شئت ترتيله فأندب

__________________

١ ـ العراق في الشعر العربي والمهجري للدكتور محسن جمال الدين.

٢٨١

ويا جفن هذا مجال البكاء

فان رمت ترويحه فاسكب

ويا نفس من ورده فانهلي

ويا فكر من مائه فاشرب

بني الجود والخلق المستطاب

من الافرخ الزغب والشيب

فياثورة النجف اليعربي

غضبت وحقك أن تغضبي

يسيل الفرات بها صاخبا

ونهر العلى ان يثر يصخب

ولولاك ما كان فجر الخلاص

ولم يجل عن دارنا الاجنبي

شباب الحياة شباب الجهاد

يشق المصاعب بالمنكب

مضى يستهين بغلب الصعاب

ويدفع بالناب والمخلب

وما الحق الا الطماح الصراح

بغير الرجولة لم يطلب

وله تحت عنوان : حدثيني

انت مثل الشعاع يترك في الكون

ضياء ، وفي النواظر سحرا

راعني منك عبقري جمال

يملأ الارض والسماوات شعرا

وفم صيغ من عقيق ودر

جل من صاغه عقيقا ودرا

حذق السحر في الاحاديث والضحك

وأصبى فم المحب وأغرى

وحديث مثل الربيع شهي

يغمر النفس والجوانح عطرا

ساحر من نشائد الحب أحلى

ناعم من نداوة الفجر أطرى

هو زاد القلوب ريحانة الفكر

ودنيا تموج خمرا وزهرا

نضر العمر في خيالى فود

القلب لو أنه يحدث دهرا

انت زينت لي الحياة ولولا

ك لكانت خلوا من الصفو قفرا

أي سحر هذا الذي فتن الروح

فمر الوجود يطفح بشرا

حدثيني يسعد بنجواك شعري

ويزد رفعة وتيها وقدرا

واغمريني بعطفك الحلو تهتز

لحوني وتسكب الشعر خمرا

حدثيني ففي حديثك دنيا

تنثر المغريات والفن نثرا

ودعيني أذق لذاذة حلم

كل من ذاقه ترنح سكرا

حدثيني فأنت آه المغني

ونشيد يطوف ثغرا فثغرا

وأماني لا تمل التمني

وسراب يلذ كرا وفرا

ولد عام ١٩٠٨ م في دمشق نشأ ابان الحرب العالمية الاولى وشهد حياة دمشق ودرس في مكتب عنبر ابان أزمة الصراع بين الامبراطورية العثمانية والامة العربية ، كان في مطلع حياته ولوعا

٢٨٢

بالرياضيات. عمل معلما ثم مديرا لمدرسة ( قرية منين ). اتصل بكرد علي ومعروف الارناؤوط ومجلة الزهراء ، ورافق علي الطنطاوي في دمشق وفي بغداد أثناء التدريس. احدهما يكتب والثاني ينظم. له من الدواوين ( البواكير ) و ( الاشواق ) و ( منعطف النهر ) و ( الليل المسحور ) و ( وادي الاحلام ) و ( ظلال الايام ) نشر أغلب شعره في مجلة الزهراء والرسالة وله كتاب ( الوصف والتزويق عند البحتري ) و ( اسرة الغزل في العصر الاموي ) الى بعض كتب مدرسية ، وله ايضا دراسة كاملة لنثر احمد شوقي ولكتابه ( اسواق الذهب ) وله درساة شاملة عن ( خير الدين الزكرلي ).

انور العطار كشعراء وطنه محب للطبيعة ، متطلع الى الحياة ، حفظ في مطالع حياته اكثر من عشرة الاف بيت من جياد اشعار العرب فجاء أسلوبه كالماء الصافي ، فيه عذوبة ولين وفيه تدفق ومضاء. أحب الطبيعة وبردى وأحب لبنان وقال فيها فنونا من الشعر ، كما أحب دمشق وبغداد ودجلة والبصرة وغوطة دمشق ونظم فيها شعرا جيدا. أحب في أول عهده الاراجيز ونظم فيها كثيرا من شعره. حالف العطار الحزن والاسى في أغلب شعره وخلد مظاهر الاسى في النفس قال في قصيدة :

قلم صاغ رائعات المعاني

وجلاها مثل الضحى اللماح

يطرف النفس بالجديد ابتداعا

ويحامي عن النهى ويلاحي

هو من نفح خافق عبقري

وهو من فيض خاطر سماح

تتهامى من سنه صيحة

الحق فيزهي بذوده والكفاح

٢٨٣

السيد احمد الهندي

المتوفى ١٣٩٢

تطلب في العلا مجدا أثيلا

فان طلابه أهدى سبيلا

وهم شوقا الى أسل العوالي

ولا تتعشق الخد الاسيلا

ونل علياك في تعب وكد

ولا ترغب عن العليا بديلا

تأس بسبط احمد يوم وافى

يجرر للعلا بردا طويلا

فخط بكربلا رحلا كريما

وياسرعان ما عزم الرحيلا

رأى حرب السهام عليه عارا

فجرد للعدى سيفا صقيلا

وأحيى الله مبدأه بيوم

هوى فيه على البوغا قتيلا

وجرد في سبيل الله سيفا

بحول الله لا يخشى فلولا

ولو لم يضمئوه فيقتلوه

لما أغنى عديدهم فتيلا

ومذ ساموه اما القتل حرا

واما أن يسالمهم ذليلا

تطامن جأشه بسبيل عز

وان أرداه منعفرا جلا

لو أستسقى السما جادته صوبا

ولكن راح يستسقي النصولا

أتمطره السماء دما عبيطا

وهل يشفيه هاطلها غليلا

أقلته الرمول لقى طريحا

بهاجرة فما أسنى الرمولا

أتوحش يثرب منه قطينا

وتحظى كربلاء به نزيلا

فيا حربا جنتها كف حرب

فسر بها وأحزنت الرسولا

وآكلة الكبود تميس بشرا

وكانت فيه فاطمة ثكولا

فتلكم عينها بالبشر قرت

وهذي تسهر الليل الطويلا

أمي لغي دماءكم الزواكي

فلن تتمتعي الا قليلا

السيد احمد ابن السيد رضا الشهير بالهندي في طليعة ادباء النجف ولد عام ١٣٢٠ ه‍ في النجف ونشأ بها وتخرج على مدارسها الدينية

٢٨٤

وأخذ عن أبيه الذي يعد شيخ الادب في العراق بل في العالم العربي ، والمترجم له كان كما يقول عنه الدجيلي في كتابه ( شعراء النجف ) سريع البديهة الى حد لا يوصف فانه أسرع من جري اليراع في القريض ، وقد جربته بمواطن عديدة فحار عقلي وطاش لبي بسرعة خاطره ، وقلا لاحظته لا يجدد النظر في قريضه فقد قال لي يوما : اني اذا اردت ان اصلح قصيدة فهو أصعب علي بكثير من نظمها وقد نشرت صحف العراق له الكثير من روائعه كمجلة الغري والاعتدال والحضارة والمصباح وغيرها. اقول ولا زلت احتفظ بقصيدة عنوانها ( لو أعلم الغيب ) نظمها بمناسبة زفافي سنة ١٣٥٦ ه‍ ولم تزل في محفظتي وهي بخطه.

حسبي من العيش ما يمضي به الحين

لا تستغل هوى نفسي العناوين

وما بنيت على الآمال شاهقة

حتى تؤيد آمالي البراهين

لو أعلم الغيب لم أحفل بحادثة

ولا عرا أملي في الدهر توهين

ولا نبت بي في تيه مرجمة

من الخيال عليها الوهم مسنون

لا الخل شاك ولا الايام عاتبة

ولا الصروف ولا الدنيا ولا الدين

هذا زمانك لا التبجيل فيه على

قدر ، ولا مدح من يطريه موزون

يعطي جزافا لمن يعطي ، فمغتبط

بغير حق وشاك منه مغبون

كم صاهل خلته مهرا فحين نبت

به السبيل تبنته البراذين

وكم أخ لي يحبوني تحيته

يلين مسا كما لان الثعابين

يقتص مابي من نقص فينشره

أما ضئيل ثنائي فهو مكنون

يهتز للقذع شوقا كالعميد هوى

كأنه بسباب الناس مفتون

سخيمة تعجم البلوى مساوئها

خبرا كما تعجم الخيل الميادين

دع نصحك الدهر لا تحفل بحادثة

ان كنت رب نهى فالدهر مجنون

واقرأ على صفحات الدهر نيته

الكون سفر وأهلوه المضامين

الاعتدال جمال غير مصطنع

والدوح أجمل ما فيه الافانين

والناس تطلب قربانا لخلتها

والصدق أفضل ما تأتي القرابين

ما المرء لولا كمال النفس يرفعه

لولا السنا فهلال الافق عرجون

وما الخمائل في الروض الاريض اذا

كم الهزار ولم تزه الرياحين

وما حياة امرء يعتز في زمن

تصول فيه على الاسد السراحين

لم يبق لي الدهر من حول فأشكوه

والطير أرخم صوتا وهو مسجون

لكن لي بجواد النفس ظاهرة

من المسرة فيها البشر مقرون

شهم لخير الورى أعراقه ضربت

لما نما مجده الغر الميامين

٢٨٥

مهذب النفس قد كانت عناصره

من الكرامة ، لا ماء ولا طين

وليس بدعا اذا حاز الثنا وزكا

من وصفه لبيان الفضل تبيين

* * *

وافاك شعري وما لي فيه من أرب

لكن حقك مفروض ومسنون

طير المسرة يشدو بالهنا فله

في ندوة الانس والافراح تلحين

واعذر فلي في ختام المسك معتذرا

في وصف فضلك اطراء وتدوين

وكنت قد طلبت منه أن ينظم قصيدة في الامام موسى الكاظم على وزن خاص فأجاب متفضلا وأرسل لي منظومته مع رسالة وذلك بتاريخ ١٥ ربيع المولد سنة ١٣٦٦ فسجلتها في الجزء الرابع من ( سوانح الافكار في منتخب الاشعار ) ولم تزل نسختها موجودة عندي بخطه.

كانت وفاته يوم ١٩ محرم الحرام ١٣٩٢ ه‍ الموافق ٥ / ٣ / ١٩٧٢ م ودفن في النجف بمقبرتهم الملاصقة لدارهم في محلة الحويش بجنب والده المغفور له رحمهم الله جميعا برحماته الواسعة.

٢٨٦

عادل الغضبان

المتوفى ١٣٩٢

أقصر فكل ضحية وفداء

فلك يبث سنى أبي الشهداء

فلك جلت شمس الحسين بدوره

والبدر يجلوه ضياء ذكاء

يعتز الاستشهاد أن سماءه

تزري محاسنها بكل سماء

جمعت كرام النيرات فرصعت

بمنوع الانوار والاضواء

اشراق ايمان ونور عقيدة

وشعاع بذل وائتلاق فداء

وسنى نفوس تستميت فدى الهدى

وتذود عنه مصارع الاهواء

شهب من الخلد المنير أشعها

أفق الفدى قدسية اللألاء

وزهت بها ذكرى الحسين وانها

ذكرى ليوم النشر رهن بقاء

ان الخلود لنعمة علوية

يجزى بها الابطال يوم جزاء

يرنو اليها العالمون ودونها

غمرات أهوال وطول عناء

بالعبقرية والجهاد يحوزها

طلابها والصبر في البأساء

حسب الحسين ثمالة من فضله

حتى يخلد في سنى وسناء

لكنه كسب الخلود بنائل

ضخم من الحسنات والبرحاء

بالبر والخلق الكريم وبالتقى

والقتل ثم تمزق الاشلاء

حي الحسين تحي سبط أكارم

اهل الندى والعزة القعساء

رمز النبي الى الفضائل والعلى

لما دعاه بأجمل الاسماء

ورث الشجاعة والنهى عن هاشم

والنبل رقراقا عن الزهراء

وغزا قلوب دعاته وعداته

بفضيلتين مروة ووفاء

فاذا أغار ثناه عن خدع الوغى

شرف الفؤاد وعفة الحوباء

لهفي على هذه المآثر اعملت

فيها سيوف الوقعة النكراء

عجبا تعاديه الصوارم والقنا

وتحله المهجات بالسوداء

٢٨٧

حم القضاء فسار عجلان الخطى

لتغوص فيه سهام كل مرائي

يا ويح زرعة (١) اي يسرى قد من

سمح تحلى باليد البيضاء

يا ويح شمر أي رأس حز من

مستأثر بصدارة الرؤساء

ويح الخيول وطأن جثة فارس

ان يعلهن يجلن في خيلاء

ويح الاكف شققن ستر خبائه

ورجعن في برد وحلي نساء

ويح السياسة والمطامع والقلى

ماذا تورث من أذى وبلاء

تحظى ببغيتها وتخلف بعدها

ما شئت من ثأر ومن شحناء

غرست بأهليها السخائم فارتوت

بدم الحسين مغارس البغضاء

يا كربلاء سقيت أرضك من دم

طهر أحال ثراك كنز ثراء

مهما بلغت من الملاحة فالشجى

يكسو ملامح حسنك الوضاء

ان تنشدي السلوان فالتمسيه في

ذكرى الحسين وآله السمحاء

ولد عادل الغضبان في ١١ / ١١ / ١٩٠٥ م بمدينة مرسين في تركيا من اسرة حلبية الاصل وكان والده ضابطا بالجيش التركي ثم انتقلت اسرته منها وعمره شهران حيث وردوا القاهرة فأقاموا بها وعاش حياته واتصل بدوائرها الأدبية ، له ديوان شعر ضخم سماه ( قيثارة العمر ) فيه شعر عمودي كما ترجم عددا من القصص العالمية : ( دون كيشوت ) ( مملكة البحر ) ( سجين زند ) ( الامير والفقير ) ( الزنبقة السوداء ) وعمل عادل الغضبان بالصحافة الادبية فرأس تحرير مجلة ( الكتاب ) من عام ١٩٤٥ الى عام ١٩٥٣ م وله ملحمة شعرية باسم ( من وحي الاسكندرية ) صدرت عام ١٩٦٤.

يمثل عادل الغضبان امتزاج المدرستين التقليدية والمجددة في صورة دقيقة صادقة ، ويجمع في تكوينه روح حلب وروح مصر ، مدرسة حلب التي جمعت بين الدعوة الى الحرية ونظم الشعر وعرفت بعنايتها بالاسلوب البليغ الناصع وبالشعر الرصين ، وبمدرسة مصر عاش طفلا في القاهرة وارتبطت مطالع حياته بمشاهدها وأدبها وأعلامها قال من قصيدة :

أمنية حقق الرحمن آيتها

يا رب حقق لنا أقصى امانينا

متى نرى الحق خفاق اللواء على

مشارف المجد من عالي روابينا

متى يرى الوطن الغالي محطمة

اغلاله بسلاح من تآخينا

__________________

١ ـ زرعة بن شريك وشمر بن ذي الجوشن من قتلة الحسين « ع ».

٢٨٨

ترجم له الاستاذ عبد الله يوركي حلاق صاحب مجلة ( الضاد ) الحلبية في كتابه ( من اعلام العرب في القومية والادب ) ص ١١٣ ـ ١٢٤ عن كتاب ( تاريخ الشعر العربي الحديث ) تأليف احمد قبش ص ٤٦٦ ( دمشق ١٩٧١ م ).

وانظر ترجمة عادل الغضبان ايضا في ( مصادر الدراسة الادبية ) ج ٣ ق ٢ ص ١٤٩٥.

توفي بتاريخ ١١ / ١٢ / ١٩٧٢.

٢٨٩

الشيخ مهدي مطر

المتوفى ١٣٩٥ ه‍

يا ريشة القلم استفزي واكتبي

هل كان هزك مثل موقف ( زينب )

هل انت شاهدة عشية صرعت

منها الحماة ضحى حماة الموكب

المسرعون اذا الوغى شبت لظى

والمخصبون اذا الثرى لم يعشب

والطالعون بصدر كل كتيبة

شهباء ترفل بالحديد الاشهب

والمانعون اذا استبيحت ذمة

والذائدون اذا الحمى لم يرقب

والصادقون اذا الرماح تشاجرت

فوق الصدور بطعنة لم تكذب

ضربوا عليها منعة من بأسهم

في غير مائسة القنا لم تضرب

وبنوا لها خدرا فماتوا دونه

كالاسد دون عرينها المتأشب

* * *

وقفت عليهم كالاضاحي صرعوا

من كل طلاع الثنية أغلب

هل هزها هذا امقام هالها

كلا فرشد ثابت لم يعزب

ابت النبوة ان ترى ابناءها

مخذولة وكذا ابت بنت النبي

يا بنت مقتحم الحصون وقالع

الباب الحصين بعزمه المتوثب

لك من مقام الفاتحين تمنع

لولاه عرش امية لم يقلب

ليس الانوثة بالتي تعتاق من

عزم اذا قال الاله له اغضب

فاذا تجمهرت النفوس وانصتت

لبلاغة تحكي ( عليا ) فاخطبي

ودعي العيون وان تفجر غيضها

تنهل من شجو المصاب بصيب

ودعى القلوب تثور في بركانها

حنقا على خطأ الزمان المذنب

فببعض يوم وقفة لك هدمت

ما قد بنته امية في احقب

وكأن عاصفة الدمار بملكهم

عصفت باعصار يثور بلولب

عشرون عاما يحكمون فأصبحوا

وكأنهم شادوا السراب بخلب

* * *

ان اوقفوك من الاسار بمجلس

لعب الغرور بوغده المتغلب

فلقد فضحت عقيدة مستورة

فيهم وعمت ريبة المتريب

٢٩٠

من قارص الكلم الممض رميتهم

بامض لسعا من حماة العقرب

فهي النصول يصول فيها مغضب

وهي الشفار لجدع انف المعجب

وأريتمهم نفسا تعاظم قدرها

حتى استهان بحكمهم والمنصب

فتطامنت للارض شوكة طائش

بسط النفوذ بشرقها والمغرب

سل هاشما هل هانت ابنة هاشم

يوما وهل فاءت لقرع مؤنب

ما الطهر تنبحها كلاب امية

كالرجس تنبحها كلاب الحوأب

هذي على صعب المقادة ضالع

سارت وتلك على الفنيق الادبب

جملان هذا يستنير به الهدى

رشدا وذاك من الضلال بغيهب

* * *

واسأل امية حين دكت عرشهم

هل طوحتهم غير وثبة منجب

سقطوا بدهياء اقالت عزهم

لا يبصرون امامها من مهرب

عجي امية ما حييتم حسرة

( كعجيج نسوتكم غداة الارنب )

ولئن ظفرتم بعض يوم انها

لهزيمة ذهبت بعزك فاذهبي

فقد انزوت عنك الامارة وانطوت

ايامها فارضي بذاك او اغضبي

ورمت بكوكب النحوس كأنها

دخلت بنجمك في شعاع العقرب

* * *

ولقد شجاني منك يا ابنة احمد

يوم متى يخطر لعين تسكب

يوم وقفت من الحسين به على

متجدل دامي الوريد مخضب

لم تشف خسة قاتليه ولؤمهم

بالقتل حتى قيل يا خيل اركبي

* * *

وجمعت شملا من نساء ذعرت

لا يهتدين من الذهول لمهرب

ولكم امضك م نفرار صبية

لولاك داستها السنابك او صبي

يتفنن الاعداء في ارهابها

من ضارب او سالب او ملهب

ومطاردات فت في احشائها

حر الاوام وهجمة من مجلب

كم حلية منها بكف مروع

نهبا وملحفة بكفي مرعب

هيماء ادهشها المصاب فأذهلت

مما بها ان لا تلوب لمشرب

وغدت تجمعها السياط لغاية

فاذا ونت سيقت بذات الاكعب

عات تجشمها الركوب لضلع

فاذا ابت قالت عصاه لها اركبي

فركبن من شمس النياق وهزلها

وهما على الحالين اخشن مركب

ما حرة قد كان يزعج جنبها

لين المهاد وما ركوب المصعب

والعيسى معنفة المسير تضج من

حاد يجشمها السرى ومثوب

حتى اذا وقفوا بها مكتوفة

الايدي متى اعيت لجهد تجذب

٢٩١

وكانها ليست صريخة هاشم

وكانها ليست خلاصة يعرب

والشام ترفل بالحرير وبالحلى

فرحا وتهزج بالنشيد المطرب

وهناك ما يدمي النواظر والحشى

مما تصور خسة المتغلب

الشيخ عبد المهدي مطر ولد سنة ١٣١٨ ه‍ وهو ابن العالم المجاهد الشيخ عبد الحسين مطر ، لا ابالغ اذا قلت ان الشيخ عبد المهدي كان لا يجاريه في الشاعرية احد من اقرانه ومعاصريه فهو شيخ من شيوخ الادب وعالم حاز المرتبة العالية في فقهه ، وكتب في الاصول كتابا اسماه تقريب الوصول ، شارك في الحفلات الادبية فكان المجلي فيها. وكتب نسبه في مؤلفه المطبوع والموسوم ب‍ ( ذكرى علمين من آل مطر ) ترجم فيه لوالده المغفور له ولعمه الشيخ محمد جواد ، وسألته عن آثاره العلمية فقال كتبت دورة كاملة في الاصول وهي تقريرات المرجع الاكبر السيد ابو القاسم الخوئي كما كتبت كتابا في الدراية والكلام وكتبت كتابا في علم النحو بعنوان : دراسات في قواعد اللغة العربية طبع بمطبعة الآداب بالنجف الاشرف عام ١٣٨٥ ه‍ اما ديواني المخطوط والمرتب على حروف الهجاء فقد نشرت الصحف اكثره. اقام برهة من الزمن كاستاذ في كلية الفقه في النجف وهو من خيرة الاساتذة. كانت وفاته سنة ١٩٧٥ م.

من حكمه ونصائحه

سعة الصدر وحسن الخلق

هي في المرء علامات الرقي

فأرح عقلك بالصمت فقد

يكمل العقل بنقص المنطق

* * *

اذا الغضب اضطرمت ناره

فبالصمت أخذ لهيب الضرام

ففي الصمت تدرك ما لا تعيه

اذا انت أضرمتها بالكلام

* * *

ادب الانسان خير

للورى من ذهبه

كم يغطي فيه قبحا

ظاهرا في نسبه

* * *

اذا خاض ناديك في قيلة

فاسلم من أن تقول استمع

فان ضاق يوما عليك الكلام

فباب السكوت اذا متسع

٢٩٢

استقى هذه الحكم من اقوال اهل البيت وحكمهم فقد جاء عن امير المؤمنين علي عليه‌السلام : آلة الرئاسة سعة الصدر. وقالوا : السكوت راحة للعقل. وقالوا : طلب الادب اولى من طلب الذهب. وقالوا : انما جعل للانسان لسان واحد مع عينين واذنين ليسمع ويبصر اكثر مما يتكلم وقد اكثر الادباء من نظم هذا المعنى

( يا ابا الزهراء )

هو يوم بعثك ام سنى يتبلج

ملأ البسيطة نوره المتأجج

أترى الجزيرة أبصرت بك ساعة

هي بعد عقم في المواهب تنتج

ام ان غماء الكروب وقد طغت

فوق النفوس بيوم بعثك تفرج

يا صيحة شأت الاثير فأسرعت

للفتح في طياته تتموج

تلج القلوب المقفلات عن الهدى

دهرا فتلهب وعيهن فتنضج

شقت دياجير العصور فاسفرت

عنها ووجه ( الاحمدية ) أبلج

وتفلقت هام الطغاة بعدلها

حتى استقام على الطريقة اعوج

فالنغمة الفصحى سلاحك ان غدت

رسل السماء بدعوة تتلجلج

والشرعة البيضاء عندك قوة

فيها تقارع من تشاء فتفلج

وفتحت ابواب الهدى فتفتحت

طرق تسد وباب رشد يرتج

أبصرت من صور الجزيرة عالما

يسري بمختبط الضلال وينهج

فضعافها سلع تباع وتشترى

وقويها ملك هناك متوج

شأت الوحوش ضراوة فسلاحها

بدم الوئيدة والوئيد مضرج

وتنافست هي والذئات على دم

تمتصه وعلى اهاب تبعج

وعلى الخدور الآمنات تروعها

وعلى النفوس المطمئنة تزعج

حتى اذا انتفضت عليهم وثبة

من خادر هو من عرين ينفج

ابدى لهم من راحتيه فراحة

توهي الذي نسجوا واخرى تنسج

فالسيف ينطف من دماء رقابهم

والروح يهبط بالسلام ويعرج

يجتاز من عقباتهم أخطارها

وان اختفوا خلف الدباب ودحرجوا

فاذا الجزيرة بعد محل اصبحت

زهراء من نفحاته تتأرج

فغدوا ولا الاحقاد تقدح فيهم

ضرما ولا نيرانها تتأجج

وتطاول الاسلام باسمك عاليا

فسما بمجدك حصنه المتبرج

نهض الطموح به فبانت خيله

للفتح تلجم في المغار وتسرج

ومشى على هام الدهور نظامه

يسري بمظلمة العصور ويدلج

حتى تقاربت الخطى واذا به

كالسهم يدخل في الصميم ويخرج

٢٩٣

يطوي القرون بجدة لم يبلها

قدم ولون في الهداية يبهج

فتطايحت بالوحي من شرفاتهم

قمم ودك لها نظام اهوج

فاذا صدى الاجيال بعد مرورها

مترنم باسم ( الحنيفة ) يهزج

واذا ( ابو الزهراء ) فوق شفاهها

كالذكر تدأب في ثناه وتلهج

واذا الصلاة عليه خير فريضة

فيا لدين تقحم في الصلاة وتمزج

( يوم وفود الغدير )

أعلى غديرك هذه اللمعات

ام من عبيرك هذه النفحات

يهتز يومك وهو يوم حافل

بالرائعات تحفها البركات

يوم تتوجك السماء ببيعة

عصماء لم تعبث بها ( الفلتات )

جبريل يحمل سرها ومحمد

كان المبلغ والقلوب وعاة

ربحت بها الدنيا وولى خاسر

منها تؤجج صدره الحسرات

بسمت لها غرر الزمان وحولت

عنها الوجوه الكالحات جفاة

فكان يومك وهو يوم مسرة

غيض تشق به الصدور ترات

ولرب مغبون تكلف بسمة

تطغى عليها احنة وهناة

فدع الصدور يغص في اكظامها

منهم فضاء او تضيق فلاة

فالكون يطربه ولاؤك كلما

غنت بركب الماجدين حداة

ولانت محورها وتلك مواهب

هبطت عليك ، وللسماء هبات

ذات من الطهر انبرت فتقدست

ان لا تماثلها بطهر ذات

كف العناية توجتك بتاجها

رضيت نفوس ام ابت شهوات

من در يومك يحتسي شرع الهدى

رشدا ومن لمعاته يقتات

قرت به عين الزمان وانه

ابدا بعين الناقمين قذاة

لبيك يا بطل المواقف ولتطح

من دون كعبك هذه النكرات

وفداك رواغون لم تفقدهم

الهيجاء ان عاشوا لها أو ماتوا

* * *

فغداة ( عمرو ) حين زمجر في الوغى

كالليث تحجم عن لقاه كماة

وسطى فاما ان تثلم شفرة

للدين دهرا او تقوم قناة

وتلاوذت عنه الكماة ببعضها

شأن القطاة بها تلوذ قطاة

فتنافح العصب الابي وهبهبت

( بفتى نزار ) نخوة وثبات

فانصب منقضا عليه اذا به

صيد قد انقضت عليه بزاة

وادال للاسلام من سطواته

وغدت تدور بأهلها السطوات

٢٩٤

وغداة خيبر والحصون منيعة

والبأس جاث والقروم حماة

والموت في يد مرحب قد سله

عضبا رهيفا لم تخنه شباة

وتحامت الاسد الغضاب فرنده

ان لا تطيح رؤوسها الشفرات

ولراية الاسلام لما أعطيت

لسوى فتاها محنة وشكاة

فهنالك الفشل المريع اصابها

وهناك راحت تسكب العبرات

وتراجعت بالناكلين يذمها

خور وتشكو حربها اللهوات

حتى اذا اهتزت بكف مديرها

رقصت بيمناه لها العذبات

فتنازلا وسط الهياج ولم تكن

مرت هناك عليهما لحظات

واذا بفارس خيبر او داجه

لحسام ( فارس هاشم ) نهلات

* * *

( هذي وفوك ) اقبلت ترتاد من

حوض الولاء قلوبها الشغفات

قم حي وفدك ان دارك كعبة

عظمى وليس لحجها ميقات

من اي ناحية اتاك مؤمل

ملأت حقايب ركبه الحسنات

واديك وهو الطور في ذكواته

تشتاق رمل هضابه عرفات

هذا هو الوادي الذي يلجى له

وتقال من زلاتها العثرات

هذا هو الوادي الذي فيه استوت

في الدارجين رعية ورعاة

ترتاده الاحياء تحكم بيعة

وتلوذ في حفراته الاموات

ويبيت روع اللاجئين اليه في

حصن منيع ما بنته بناة

* * *

والليل يعلم ان حيدر لم ينم

فيه سوى ما تقتضيه سناة

متقوسا لله في محرابه

شبحا تذيب فؤاده الزفرات

قلق الوساد وانه لصحيفة

بيضاء لم تعلق بها شبهات

يحنو على العافي الضعيف فترتعي

فيه الضعاف وتستقيم عفاة

ولهان تقلقه جياع سغب

وتسيل دمعة مقلتيه عراة

يشجيه ان يمسي الضعيف فريسة

وتعود نهب الناعلين حفاة

ويضيق ذرعا ان يذيب شحومهم

بؤس وتمتص الدماء قساة

قلب تفجر لليتامى رحمة

هو للطغاة الغاشمين صفاة

ويد تمد الى الضعاف تغيثهم

هي للقوى حديدة محماة

لو شاهد الوضع المرير تفجرت

منه العيون وفاضت الحسرات

لا السوط مرفوع به عن منكبي

هذا البريء ولا العصى ملقاة

مشت السنين فلم تغير جريه

النيل نيل والفرات فرات

وكأنما هذي العصور تضامنت

ان لا يبارح حكمهن طغاة

٢٩٥

عدوى بها سقت الامارة بعضها

بعضا وضاعت عندها الحرمات

ولعل اول ساحة ممقوتة

غرست عليها هذه الشجرات

غصب الوصاية من علي فهي

للعدوان اصل فارع ونواة

اذ اغفلوا ( يوم الغدير ) وانه

يوم رواة حديثه أثبات

سبعون الفا هل تبقى منهم

يوم السقيفة حاضر او ماتوا

هذي المآسي الداميات وانها

عبر تمر على الورى وعظات

تزوي الفتوة عن رفيع مقامها

وتحل فيه اعظم الهرمات

فانظر بمجدك اي عاتق معتد

تلقى عليه هذه التبعات

أعلى الذين تقدمت أقدامهم

من ليس تنكر سبقه الحملات

ام للذين اكفهم للبيعة

الحمقاء قد خفت بها الحركات

ام للاولى وجدوا الطريقة وعرة

فتتابعوا فيها وهم اشتات

يتراكضون على ركوب مهالك

عمياء ما بعبابها منجاة

ووراءهم لحب الطريق تنيره

للسالكين ائمة وهداة

فاترك ملامتها لعمرك انها

قتلى نفوس ما لهن ديات

واعطف على ( الحبل المتين ) فعنده

تلقى الرحال وتنشد الحاجات

وتناخ في عتباته مهزولة

فتعود ملأ اهابها خيرات

* * *

يا سيدي فاقبل مديحي انها

زفت لمجدك هذه الخفرات

وافتك تسحب من حياء ذيلها

لتفوز عندك هذه الخدمات

فادفع لها الثمن الكريم وان تكن

قلت فتلك بضاعة مزجاة

وانا الذي لولاك لم يقدح له

زند ولم تضرم له جذوات

( دمعة على الحسن السبط ) عام ١٣٦٣ ه‍

يا راية الحمد اصدري او ردي

فانت بعد اليوم لن تعقدي

ما انت بعد الحسن المجتبى

خفاقة في راحتي سيد

فخبرينا وحديث العلى

أن ترسليه انت او تسندي

من دك طود الحلم من شامخ

من قال يا نار الرشاد اخمدي

من صاح في الرائد يبغى الندى

قوض على رحلك يا مجتدي

من دق من هاشم عرنينها

من جذ من فهر يد الايد

كيف ارتقى الحتف الى قلعة

من الابا ملساء لم تصعد

وكيف لم تعقره في غابها

زمجرة للاسد الملبد

٢٩٦

يا فرقد الافق ومغنى الدجى

في غيهب الليل عن الفرقد

ما انصفتك الحادثات التي

شذت فكانت منك في مرصد

الم تكن أندى نزار يدا

للرايح الطاوي وللمغتدي

وقبلها كنت امام الهدى

وان تنتحيت عن المقعد

من زحزح الامرة عن خصبها

فيك. لهذا الصحصح الاجرد

وما الذي اعتاضت يد حولت

عنك ولاها. تربت من يد

اما لديها من محك به

تميز الصفر عن العسجد

حادت عن الوبل الى خلب

لاح بذاك البارق المرعد

وانقلبت عن صيب نافع

الى جفاء الحبب المزبد

لاوجه ملساء ما قابلت

قارصة العتب بوجه ندي

تركب متن الحكم عريانة

من كل مجد طارف متلد

ان قام منها للعلى ناهض

قال له لؤم النجار اقعد

يا لك من مبتزة امرة

تزوى عن الاقرب للابعد

فراحت الضلال في غيهب

تسأل هذا الليل عن مرشد

وجمرة الوحي خبت فانبرى

يفحص زند الحق عن موقد

حالت لهيبا كل آماله

يا غلة الصديان لا تبردي

قدنشزت عنك ولود المنى

فانزع يديها منك أو فاشدد

كأن سعد الحظ آلى بأن

لا يصدق الامة في موعد

تسأله ابيض ايامها

فزجها في يومها الاسود

يوم على الامة تاريخه

يسكب دمع الذل لم يجمد

مقروحة الاجفان باتت على

ليلة ذاك العائر الارمد

اذ قبع الحق على رغم ما

اسداه في زاوية المسجد

وامسك الطيش بأنيابه

على زمام الملك والمقود

راح يغذى الملك من حيثما

ينحت جسم العدل في مبرد

فضاعت الاخلاق قدسية

وطوح التنكيل بالسؤدد

وعاد فيء الوحي العوبة

من ملحد يرمى الى ملحد

اهواؤهم قدعبثت بالورى

ما يعبث القدوة بالمقتدي

* * *

لارعت يا ابن الوحي في مثلها

من حادثات الزمن الانكد

ان تسلب البرد الذي لم يكن

غيرك اهلا فيه ان يرتدي

فما سوى الصبر لحكم القضا

لفاقد الناصر والمنجد

هل تملك الاحرار رأيا اذا

مالت رقاب الناس للاعبد

٢٩٧

ان يركبوا الحكم فما ذللوا

منك جماح الشامخ الاصيد

أو يسبقوا الوقت فلم يدركوا

سوطا على مجدك لم يبعد

راموا فلم يسجد لاعتابهم

وجه لغير الله لم يسجد

عضوا على مروته فانثنوا

لم يمضغوا منه سوى الجلمد

غطرفة جائتك من حيدر

وعزة وافتك من احمد

لم يكفهم انك سالمتهم

طوعا ولم تمدد يد المعتدي

واذ رأوا انك في منعة

عنهم بحد العامل الاملد

دسوا اليك الموت في شربة

تنفذ لو صبت على جلمد

فرحت تلقي قطعا من حشا

حرى بجمر السم لم تبرد

وغاضهم دفنك مع احمد

ان يلتقي المجدان في مرقد

فاستهدفوا نعشك واستصرخوا

ببغل ذات الجمل المقعد

والقضب في أيمان عمرو العلى

ان هجهجت بالضيم لم تغمد

وصية منك اهابت بهم

ان لا يقولوا يا سيوف احصدي

* * *

اخرس تأبينك من هيبة

السنة الابكار من خردي

فامسكت فيك يدى لم تخف

من نهشة اليوم ولسب الغد

هذي يدي تحمل درياقها

يا حمة الايام هذي يدي

( يوم الحسين الدامي )

نظمت في مواكب صفر ١٣٦٦ ه‍

وافتك جندا يستثير ويزعر

فقد المواكب انها لك عسكر

لا تسلمن الى الدنية راحة

ما كان اسلمها لذل حيدر

وابعث حياة الناهضين جديدة

فيها الاباء مؤيد ومظفر

وارسم لسير الفاتحين مناهجا

فيها عروض الطائشين تدمر

ان لم تلبك ساعة محمومة

ذمت فقد لبت ندائك اعصر

قم وانظر البيت الحرام ونظرة

اخرى لقبرك فهو حج اكبر

اصبحت مفخرة الحياة وحق لو

فخرت به فدم الشهادة مفخر

قدست ما أعلى مقامك رفعة

أخفيه خوف الظالمين فيظهر

* * *

شكت الامارة حظها واستوحشت

اعوادها من عابثين تأمروا

وتنكرت للمسلمين خلافة

فيها يصول على الصلاح المنكر

سوداء فاحمة الجبين ترعرعت

فيها القرود ولوثتها الانمر

٢٩٨

سكبت على نغم الاذان كؤوسها

وعلى الصلاة تديرهن وتعصر

تلك المهازل يشتكيها مسجد

ذهبت بروعته ويبكي منبر

فشكت اليك وما اشتكت الا الى

بطل يغار على الصلاح ويثأر

تطوى الفضائل ما عظمن وهذه

أم الفضائل كل عام تنشر

جرداء ذابلة الغصون سقيتها

بدم الوريد فطاب غرس مثمر

وعلى الكريهة تستفزك نخوة

حمراء دامية ويوم احمر

شكت الشريعة من حدود بدلت

فيها واحكام هناك تغير

سلبت محاسنها امية فاغتدت

صورا كما شاء الضلال تصور

عصفت بها الاهواء فهي اسيرة

تشكو وهل غير الحسين محرر

وافى بصبيته الصباح فساقهم

للدين قربان الاله فجزروا

ادى الرسالة ما استطاع وانما

تبليغها بدم يطل ويهدر

فبذمة الاصلاح جبهة ماجد

ترمى ووضاح الجبين يعفر

لبيك منفردا احيط بعالم

تحصى الحصى عددا وما ان يحصروا

لبيك ضام حلؤوه عن الروى

وبراحتيه من المكارم ابحر

* * *

هذي دموع المخلصين فرو من

عبراتها كبدا تكاد تفطر

واعطف على هذى القلوب فانها

ودت لو انك في الاضالع تقبر

يتزاحمون على استلام مشاعر

من دون روعتها الصفا والمشعر

ركبوا لها الاخطار حتى لو غدت

تبري الاكف او الجماجم تنثر

وافوك ( يوم الاربعين ) وليتهم

حضروك يو الطف اذ تستنصر

لدرت امية اذ اتتك بانها

ادنى بان تنتاش منك وأقصر

وجدوا سبيلكم النجاة وانما

نصبوا لهم جسر الولاء ليعبروا

ذخروا ولاك لساعة مرهوبة

اما الحميم بها واما الكوثر

وسيعلم الخصمان ان وافوك من

يرد المعين ومن يذاد فيصدر

( شعلة الحق )

( او ذكرى الامام الصادق ع ) عام ١٣٦٥ ه‍

لمن الشعلة تجتاح الظلاما

قعد الكون لها فخرا وقاما

طلعت من فجرها صادقة

وغدت تلقي على الشمس لثاما

وانارت افقا قد عسعست

ظلمات فيه للجهل ركاما

فترة فيها ازدهى العلم فكم

ايقظت من رقدة الجهل نياما

٢٩٩

وارتوى الظامئ من منهلها

بعدما التاح فلم يبلل اواما

قام فيها منقذ من ( هاشم )

غلب الدهر صراعا وخصاما

واذ الامة ظلت حقبة

ليس تدري اين تقتاد اللجاما

قارعت ايامها فانتخبت

بينها ( جعفر ) للحق اماما

فحمى حوزتها في فكرة

صقلتها نفحة الوحي حساما

وانثنى يدفع من تضليلهم

حججا كانت على الدهر اثاما

مخمدا نارا لهم قد أضرمت

لم تكن بردا ولا كانت سلاما

لا تسل شرع الهدى كيف بنى

صرحه الشامخ او كيف اقاما

سل عروش الجور منهم كيف قد

دكها في معول الحق انهداما

هبهبت في بوقها مدحورة

لهمام لم يعش الا هماما

مزبد اللجة ما خانت به

سورة التيار جريا وانتظاما

نبعة من هاشم شبت على

درة الوحي رضاعا وفطاما

لو رأتها امة العرب بما

قد رآها الله من قدر تسامى

لازدرت في امم الدنيا على

ولطالت هامة النجم مقاما

حكم منه اضاعوها ولو

لم تضع اصبحن للكون نظاما

واستعاضوا دونها زائفة

دسها العابث في الدين سماما

لاعب جاراك هيهات فقد

سهرت عيناك للحق وناما

شدما قدمها مائدة

كان فيها الدس في الدين اداما

* * *

وعصور فحصت عن منقذ

انجبت فيك وقد كانت عقاما

أنت يا مدرسة الكون التي

خرجت للكون ابطالا عظاما

انت احييت رميما للهدى

صيرته لفحة الغي رماما

عرفك الذاكي وكم تنشقه

من انوف ولو ازدادت زكاما

هذه الامة في حيرتها

قد اناطت بك آمالا جساما

اتراها حين لم تأخذ على

حظها منك قد ازدادت سقاما

مشعل الحق الذي ضاء لنا

ميز المبصر ممن قد تعامى

* * *

ولقد غررني في وصفه

انني ملتهب الفكر ضراما

فارس الآداب في حلبتها

جامح الفكرة لا يلوي زماما

فتأهبت وعندى خاطر

أهبة السائح لم يبصر مراما

واذا بي خائض من وصفه

لجة خاض بها الكون فعاما

انا في معناك عقل سادر

اكذا مثلي حيرت الاناما

٣٠٠