أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ١٠

جواد شبّر

أدب الطّف أو شعراء الحسين عليه السلام - ج ١٠

المؤلف:

جواد شبّر


الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار المرتضى
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٠

ولد المترجم له في اوائل شهر رجب سنة ١٣٠٢ ه‍ وتلقى الكتابة والقراءة عند الكتاتيب ويقفو أثر أبيه في المجالس الحسينية ويستمع اليه بكل لهفة ويكتب القطعة من المراثي ويحفظها ويتلوها على أبيه على الطريقة المألوفة في المآتم الحسينية. درس النحو على السيد محمد ابن السيد محسن العاملي ، والشيخ محمد رضا اسد الله ، كما درس الفقه عليهما وعلى السيد احمد الكيشوان وكتاب تجريد الاعتقاد في علم الكلام على الشيخ مهدي المراياتي وبرع في الخابة حتى عرف ب‍ خطيب الكاظمية ومن أجلى المواقف خطابه في ( حسينية الشيخ بشار ) ببغداد يوم جاء الوفد المصري وعلى رأسه الكاتب الشهير احمد أمين يستمعون الى حديثه وخطابه ففتح باب المناظرة وأخذ يحاسب الدكتور احمد أمين على مفترياته على الشيعة في كتابه ( فجر الاسلام ) وكان الموقف موفقا والمجتمع يصغي اليه بكل شوق وهو مستمر في بيانه واحتجاجه وقوة استدلاله وتفنيده لتلك المفتريات والتهم مما دعى الدكتور أحمد أمين ان يصرح بأنه سيعيد طبع الكتاب خاليا من هذه الاغاليط ، قال المرحوم السيد محسن الامين في ( أعيان الشيعة ) ج ١ ـ ١٣٥ ما نصه : ومن العجيب ان احمد أمين زار العراق بعدما انتشر كتابه ( فجر الاسلام ) في زهاء ثلاثين رجلا من المصريين وحضر في بغداد مجلس وعظ الشيخ كاظم الخطيب الشهير فتعرض لكلام أحمد أمين في كتابه وفنده بأقوى حجة وأوضح برهان ووفى المقام حقه وهم يسمعون فاعجبوا ببيانه واذعنوا لبرهانه.

وفي سنة ١٣٧٦ ه‍ دعي للمشاركة في الاحتفال العالمي في الباكستان بمناسبة مرور أربعة عشر قرنا على ميلاد أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه‌السلام ، وكان وفد العراق يتألف من السادة الاعلام وهم : السيد علي نقي الحيدري ، السيد حسن الحيدري ، الشيخ محمد علي اليعقوبي ، الشيخ كاظم نوح ، الشيخ محمد رضا المظفر ، السيد محمد تقي الحكيم ، السيد عبد الوهاب الصافي ، السيد ابراهيم الطباطبائي. أما آثاره العلمية فمنها ديوانه المطبوع بمطابع بغداد في ثلاثة أجزاء وديوان رابع وهو يختص بأهل البيت عليهم‌السلام وقد طبع بمطابع بغداد أيضا غير شعره الذي لم يطبع والذي يزيد على (١٠٠٠٠) بيتا ومن

١٤١

الجدير بالذكر انه أرخ اكثر من ٥٠٠ حادثة تاريخية اضافة الى أغراض أخر.

٢ ـ محمد والقرآن ذكر شهادات الاجانب في القرآن الكريم والنبي العظيم.

٣ ـ الحضارة والعرب وما ذكره الاجانب في ذلك.

٤ ـ المدنية والاسلام.

٥ ـ ملاحظات على تاريخ الامة العربية لدرويش المقدادي.

٦ ـ الحسم لفصل ابن حزم.

٧ ـ رد الشمس لعلي بن أبي طالب من طرق أهل السنة.

٨ ـ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وفيه أربعة مسائل تتضمن حديث ( الائمة من قريش ... ).

٩ ـ المواعظ الدينية الصحية ، نشرته مديرية الصحة العامة بغداد ١٩٣٦ م. توفي رحمه الله فجأة على أثر ضيق في التنفس وذلك في شهر جمادى الآخرة من سنة ١٣٧٩ ه‍ فكان يوما مشهودا في الكاظمية وبغداد واقيمت له الفواتح في أماكن عديدة ، وأقيمت له حفلة تأبينية في الكاظمية بمناسبة الاربعين شارك فيها الدكتور حسين علي محفوظ والسيد محمد علي الحيدري القاضي ، والسيد سعيد العدناني والخطيب جواد شبر ( كاتب هذه الترجمة ) واليكم قطعة من القصيدة أو المقدمة :

حياتك كلها غيث عميم

ولفظك كله در نظيم

ونثرك يملأ الاجواء طيبا

كأن حروفه عطر شميم

مربي الجيل أنت ، وكان حقا

رثاؤك أيها الرجل العظيم

تذيع على الورى ستين عاما

دروسا نهجها جزل قويم

وانك خالد الذكرى ويبقى

حديثك تستطيب به النسيم

* * *

أبا الاعواد والحكم اللواتي

تمثل فيها الادب الصميم

١٤٢

ترف علي روائعها قلوب

لرقتها ، وتنتعش الجسوم

رأيتك تسحر الالباب وعظا

فكانت في يديك كما تروم

وآلاف الانام اليك تصغي

ووجهك لاح مطلعه الوسيم

ودوى صوتك المرهوب فيها

كأنك في اللقا أسد هجوم

وقد ضاق المكان بهم فضلت

على مرآك أرواح تحوم

مواقف لست احصيها بعد

على الدنيا وهل تحصى النجوم

* * *

أبا الاعواد منبرك المرجى

لنفع الناس يعلوه الوجوم

فهل اسندته لفتى أبي

وهل أحد يقوم بما تقوم

فمن لشباب هذا العصر يهدي

اذا عصفت بفكرته السموم

تجاذبه العوامل ليس يدري

علي أي المبادئ يستديم

١٤٣

الشيخ كاظم كاشف الغطاء

المتوفى ١٣٧٩

أيا عترة المختار والسادة الطهر

وآل رسول الله والانجم الزهر

ويا علة التكوين والآية التي

تحير في ادراكها اللب والفكر

بني أحمد انتم معادن حكمة

فعلمكم كنز وجودكم بحر

أدين بحب المصطفى وولائكم

مدى الدهر حتى ينقضي منى العمر

تنوه طه والنبا بمديحكم

وياسين والانفال تشهد والقدر

كذا سورة الاعراف قد شهدت لكم

وفي جل آيات الكتاب لكم ذكر

وكم قد أتت من آية في امية

ليخزى بها حرب ويرمى بها صخر

لقد لعنوا في محكم الذكر لعنة

يدور بها عصر ويفنى بها عصر

وقد قتلوا سبط النبي وسبطه

تطالبه ثأرا بما فعلت بدر

وقد رفعوا رأس الحسين على القنا

تطوف به البلدان عسالة سمر

بنفسي جسوما طاهرات وقد غدت

تداس بجرد الخيل مذ رضض الصدر

الشيخ كاظم ابن الشيخ موسى ابن الشيخ محمد رضا ابن الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء. ولد سنة ١٣٠٤ ومات والده وهو طفل رضيع فكفله عمه الشيخ صاحب الحصون فنشأ نشأة علمية أدبية وحضر على اعلام عصره بحكم

١٤٤

بيئته وأسرته ، أدركت أيامه فكان مثالا لطهارة القلب وحسن الخلق وطيب المعشر وكنت اقرأ على اساريره النور فلا تفارقه الابتسامة واثر السجود بين عينيه كثيرا ما كان يحضر مأتم سيد الشهداء ويشجعني كثيرا على خدمة المنابر ولا زلت احتفظ بأشعاره بخط يده اذ كان يتأثر بمنابري فينظم القطعة الشعرية ويثنى على تلك الروحانية وربما فارق النجف الى البصرة اذ له هناك مزرعة ويروي جملة من الشعر الذي نظمه شعراء عصره بمناسبة قرانه بابنة عمه الشيخ صاحب الحصون سنة ١٣٢٤ ه‍ وأرخ بعضهم قائلا :

قد أصبحت آيات آل جعفر

تتلى بلفظ ناثر وناظم

حتى السماء نظمت نجومها

في مدح تلك السادة الاعاظم

والمجد قد تهللت طلعته

بشرا فأرخه بعرس كاظم

ترجم له الخاقاني في شعراء الغري وذكر قسما من شعره وجانبا من أخلاقه وتواضعه فمن شعره في أهل البيت عليهم‌السلام :

أرقت وماخوفا من الموت أأرق

ولا طمعا في المال مثلي يأرق

ولست بحب الغانيات موله

ولا للحسان البيض قلبي يعشق

ولست لمخلوق من الناس راجيا

ولا لغني جئته اتملق

ولا كنت في حرب الرياسة راغبا

بأثقالها اشقى وفيها اطوق

ولكنني في عفو ربي ولطفه

واسأل غفران الذنوب وافرق

وفي حب آل الله والعترة التي

بهم سارت الافلاك والشمس تشرق

أموت وأحيا مستهاما بحبهم

وفيهم من النيران انجو واعتق

كانت وفاته رحمه الله في مدينة الحلة وشيع جثمانه الطاهر يوم الثلاثاء ٣ ـ ١١ ـ ١٩٥٩ من مقبرة المحقق الحلي الى النجف الاشرف وكان الناس في باب البلد عند جامع الحيدري يستقبلون الجثمان من مختلف الطبقات حتى دفن في وادي السلام.

١٤٥

الشيخ كاظم السوداني

المتوفى ١٣٧٩

خلت من الدار مغانيها

وأقفرت بعد مبانيها

فهي يباب بعدهم للبلا

ما أحسن الدار بأهليها

سلها عسى تنبيك عن نأيهم

وأين جد السير حاديها

وحيها في صيب كالحيا

تندى له العين أماقيها

لها على العشاق حق البكا

فقف بها يا سعد نبكيها

يا وحشة الدار وقد أقفرت

خالية الا أثافيها

قطينها خف وقد زمزمت

تحدو الى الطف نواجيها

وقوضت لكن على اثرها

قوضت الدنيا بما فيها

حملها المجد فشالت ضحى

تقودها غر مساعيها

شعارها الذكر به قد تلت

ورتلت في الآي تنشيها

يا يومهم وهو العظيم الذي

قد طبق الدنيا نواعيها

قد أعقبوا فيه لهم وقفة

تبقى الى الحشر معاليها

سل كربلا عنهم وسل أرضها

من دك بالكر روابيها

وكيف فاضت وطغت في دم

تجري وحد السيف يجريها

أبادها الموت ولكنما

نشر جميل الذكر يحييها

وثائر شمر عن وثبة

يقصر عنها الليث تشبيها

صادق طعن ليس يخطي الحشا

والطعنة النجلاء يرويها

أرخصها دون الهدى مهجة

ـ يا بأبي والناس ـ أفديها

١٤٦

الشيخ كاظم ابن الشيخ طاهر بن حسن بن بندر ، ولد في النجف سنة ١٣٠٣ ه‍ ونشأ بها وتلمذ على مشايخ الادب وأخذ عنهم أصول العربية وشغف بالادب الجاهلي ويعتد بنفسه كثيرا ، وكثيرا ما كان يقول اذا اسمعته شعرا لشعراء العصر الحاضر يقول وأين هذا من شعر الرضي والمهيار.

له ديوان شعر فيه العشرات من القصائد في أهل البيت عليهم‌السلام والعلماء والاعيان وقد استكتبني مرة في دارنا ـ وأنا صغير السن ـ فأعجبه الخط فأعطاني ديوانه وهو أوراق مبعثرة فكتبته له بأكثر من مائتي صفحة وكان اذا نظم القصيدة في أهل البيت ينشدها بنفسه بطريقته الخاصة في مجلس المرحوم الشيخ هادي كاشف الغطاء الذي كان يعقد كل يوم خميس اسبوعيا. والشيخ كاظم أديب ولغوي ومنبري خدم المنبر الحسيني طيلة عمره وله نوادر أدبية ومساجلات شعرية كثيرة ، ومن قوله :

بادر فطرق العلى من أوضح الطرق

وانفض لها ساعيا في جد مستبق

لا يركب الهول الا قلب وله

قلب جريء على أمن بلا قلق

ولا يلم على مجد سوى رجل

مسهد الجفن مطبوع على الارق

حاذر على المجد واحرص ان تحوط به

كما أحاطت جفون العين بالحدق

لملبس خلق في العز تلبسه

أجل من جدة الديباج والسرق

ومن بثوب جديد كان مفخره

فذاك ابخس ثوب في الدنا خلق

ترجم له الباحث المعاصر الخاقاني وأتحفنا بألوان من شعره لا اتخطر أني كتبته يوم استنسخت له ديوانه ، ومما يخطر ببالي ان المرحوم السيد مير علي ابو طبيخ قدس‌سره حدثني بأن الشيخ كاظم السوداني كان يطالبه بأكلة من الباذنجان المقلي وهو الذي يسمى ب‍ ( المسمى ) وطالت مطالبته فنظم :

علي القدر يا ابن أبي طبيخ

الى اللقب الذي قد شاع اسما

طبيخك في مسماه والا

فاسمك والطبيخ بلا مسمى

ويحدثنا الخاقاني ان المترجم له كان يثور حينما يسمع بتفضيل

١٤٧

المتنبي على غيره كما انه كان يقول : شعر المتنبي مسروق وحتى هجا المتنبي بقصيدة فنظم الشيخ محمد علي اليعقوبي يخاطب المتنبي :

يا ابن الحسين وقد جريت لغاية

قد أجهدت شعراء كل زمان

لكنما السودان حين هجوتهم

ثارت عليك ضغائن ( السوداني )

وقال أيضا :

يا هاجيا رب القوافي احمدا

بلواذع من نظمه وقوارص

حسبي وحسبك في جوابك قوله

( واذا أتتك مذمتي من ناقص )

وقد سجلت له في مخطوطاتي قصيدة نظمها في زفافي سنة ١٣٥٦ ه‍ :

فضائل فعل المرء تعرف بالاثر

لك الخير فاختر أحسن الحمد والذكر

ولا خير فيمن همه المال والغنى

وكان من العلياء في جانب الفقر

ورب امرء خالي الوطاب من العلى

يزاحم ـ وهو الذيل ـ من حل في الصدر

يدقر معنى نفسه لا بنفسه

كبيت بل معنى أضيف الى الشعر

تقدم فيها خامل الذكر من به

أتى هل أتى الانسان حين من الدهر

لعبد حقيق حرة ذكرياته

هو الحر لا من قد تشبه بالحر

الى م الشقا في ليلة البؤس والعمى

أما قد ترى من بعدها طلعة الفجر

فعقلك مرآة لامرين ناظر

فبالخير تلقى الخير والشر بالشر

وعندك لذات فصاحب أجلها

فان فساد العقل من لذة الخمر

ومهما ارتقى فيك الكمال بأوجه

فانك محتاج الى الرأي والفكر

باخلاقه الانسان لا في بروده

وفي حسنها الحسناء لا في حلى الدر

الا ان حسن السير أطلب نافع

وكم من سفيه يطلب النفع بالضر

اذا غلب الطغيان يوماعلى امرء

تجنى مسيئا وهو يدري ولا يدري

وفي كل نفس للتكبر خلقة

اذا وجدت حظا تخطت الى الكبر

ومن كان ذا عسر فلا يك موجسا

فمن بعد هذا العسر لليسر واليسر

ومن كان ذا صبر على واجب له

فبشره بالحسنى بعاقبة الصبر

ومن كان ذا حرص بعيد عن الندى

تجاوزن عنه السن المدح والشكر

١٤٨

وما كل من قد قال يفعل صادقا

دع الخبر المكذوب فالصدق في الخبر

وما طاب يوما منبت السوء زاكيا

وهل ثمر يحلو من الشجر المر

تحذر من النادي ولاتك مغمزا

فمحشده ضم الذكي مع الغمر

وسر سابقا مثل الجواد الى العلى

غداة شآ فيها الى حلبة الفخر

تجلى وجلى لامعا بين تربه

فبان بحسن السعد كالكوكب الدري

فتى لعلي ينتمي وكفى به

علاء ومجدا طيب الحجر والدر

١٤٩

الشيخ محمد علي الأوردبادي

المتوفى ١٣٨٠

بجنب الغاضرية لي ثواء

والفاي الكتابة والرثاء

تجاوبني بنات الدوح نوحا

وتسعدني الجآذر والظباء

أقول وفي الحشا جذوات وجد

وملء جوانحي داء عياء

أأكناف الطفوف بأي أرض

لفرخ المصطفى منك الثواء

أهل دارت ثراك هلال سعد

بكت اذ غاله الخسف السماء

عشية جاء يحمله ابن طه

وحشو فؤاده ألم وداء

يلوح عليهما ألق وعرف

فريا العود ينشره الضياء

فقل بالغصن يحمل منه نورا

وقل بالنجم تحمله ذكاء

ونادى فيهم والقوم صم

فلا عن غيهم يلوي نداء

ألا من راحم يسقي رضيعا

يلوح عليه من طه رواء

فلا يجديه عن سغب لبان

ولا يطفي لظى احشاه ماء

وان يذنب أبوه كما زعمتم

فلا ذنب عليه ولا جزاء

فلم يسقوه من ظما ولكن

حدا للبغي حرملة الشقاء

وفوق سهمه شلت يداه

فأذبل من بني مضر بهاء

ووافت أمه تعدو ولكن

لها في نار مهجتها اصطلاء

تقول فتسعر الاشجان فيه

لعبد الله يا نفس الفداء

بني تركتني والهم ثكلى

وما من بعد يومك لي عزاء

سأبكي ثغرك الدري ما ان

بسمت وللسنا فيه ازدهاء

١٥٠

واندب وجهك الذهبي وردا

بماء الحسن كان له ارتواء

أهاصر غصنك الفياح غضا

وشهد لماك عن دائي شفاء

الشيخ محمد علي بن محمد قاسم بن محمد تقي بن محمد قاسم الاوردبادي التبريزي النجفي جاء في الطليعة فاضل اشتمل على فضل جم وغزير علم وشارك في فنون مختلفة واتسم بأحسن صفة الى تقى طارف وتليد وحسب موروث وجديد ، اجتمعت به كثيرا وعاشرته طويلا فرأيت فيه الرجل المتقد الفهم الغزير العلم. مولده بتبريز سنة الف وثلثمائة وعشر وقدم النجف بعد خمس سنوات وتربى على أبيه تربية صالحة ولازم شيخ الشريعة وكان محل وثوق عند المراجع والمجتهدين وقد أجازوه اجازة اجتهاد أمثال الميرزا النائيني والشيخ عبدالكريم الحائري والسيد ميرزا علي الشيرازي والسيد حسن الصدر الكاظمي والسيد عبد الحسين شرف الدين وغيرهم كما أجازه في رواية الحديث أكثر من ستين علما من الاعلام في الرواية ، وأسرة المترجم له كما ذكر عنها الاستاذ عبد الكريم الدجيلي في كتابه ( شعراء النجف ) نجفية الاصل فقد هاجر أحد أسلافه من النجف الى ايران فألقى عصا الترحال في أوردباد ثم وقعت هجرتهم الى تبريز (١) وشخصية الشيخ الاوردبادي من الشيخصيات اللامعة فهو عالم وباحث وأديب ومؤرخ كتب عدة رسائل في بحوث لا يخوضها غيره ولو نشرت لافادت كثيرا.

كتب رسالة في السيد الجليل محمد ابن الامام علي الهادي عليه‌السلام كما كتب رسالة في القاسم ابن الامام موسى الكاظم فأفاد وأجاد. والحق أنه أوقف كل أوقاته على خدمة المبدأ والعقيدة وقصيدته في أبي طالب شيخ البطحاء لا زالت ترددها المحافل. وكتب عنه الباحث المعاصر الشيخ محمد هادي الاميني في ( معجم رجال الفكر والادب في النجف خلال الف عام ) قال : محمد علي بن أبي القاسم ١٣١٢ ـ ١٣٨٠ فقيه مؤرخ فيلسوف

__________________

١ ـ شعراء الغري ج ١٠ ٩٦.

١٥١

شاعر متتبع له ( سبع الدجيل ) ط ( علي وليد الكعبة ) ط ( ابراهيم ابن مالك الاشتر ) ط وذكر له مؤلفا آخر.

وقد عز نعيه على عارفيه لذلك انتفضت الهيئة العلمية لاقامة ذكرى بيوم أربعينه في مسجد الشيخ الانصاري ٨ ربيع الاول ١٣٨٠ ه‍ المصادف ٣١ ـ ٨ ـ ١٩٦٠ وقد اشترك فيه جمع غفير من رجال العلم والأدب. تقول مجلة النجف في الجزء الثالث من السنة الرابعة ما يلي : وكانت كلمة الافتتاح للخطيب السيد جواد شبر ، كلمة آية الله السيد محمد جواد التبريزي ، قصيدة السيد محمد الحيدري ، كلمة الدكتور عبد الرزاق محيي الدين ، كلمة العلامة الشيخ محمد رضا المظفر وغيرهم.

ترجم له السيد الامين في الاعيان وذكر نبذة من أشعاره.

١٥٢

سليمان ظاهر

المتوفى ١٣٨٠

بكيت الحسين ومن كالحسين

أحق بفرط الشجا والبكا

امام لو أن الذي نابه

أصيب به يذبل لاشتكى

كفى شرفا أن شكت رزءه

البرايا، ومن هوله ما شكا

وسيان مؤمنهم باقتسا

م جواه الممض ومن أشركا

وان أطلس الفلك لم ينحرف

وقد ماد حزنا فقد أوشكا

بكاه المصلى وركن الحطيم

وزمزم والحجر والمتكا

وطيبة غصت شجا والغري

كابد قرحا له مانكا

ألا من له حامل من شج

بتذكار محنته مألكا

حوت زفرات لو أن الزمان

وعاها لماد جوى أو بكى

لحزنك فرض على العالمين

أن يجعلوه لهم منسكا

وهل مر في الدهر خطب عظيم

الا وصغره خطبكا

وهل قط راو روى مشبها

له في فظائعه أو حكى

وما عرف الناس في النائبات

صبورا على بكرها مثلكا

وكان خلال شهيد الدهور

لم تك تنسب الا لكا

حللت سويداء كل القلوب

فلم تطو الا على حبكا

وما عرف الله من لم يكن

بحبل ولائك مستمسكا

لقد قصرت شهداء الانام

في نصرة الحق عن شأوكا

١٥٣

ولم يدركوا غاية في الفخار

كنت لها دونهم مدركا

شهادة فخر اله الانام

بها دون كل الورى خصكا

كفاك على ان غدا كعبة

تحج اليه الورى رمسكا

وعز الحياة ومجد الممات

شيء خصصت به وحدكا

عليك من الله أزكى السلام

ما طلعت في سماها ذكا

عن مجلة البيان السنة الثانية عدد ٣٥ ـ ٣٩

الشيخ سليمان ظاهر شيخ الادب ووجه ناصع من وجوه لبنان خدم بقلمه فأفاد وجاهد فابلى في الجهاد عضو المجمع اللغوي بدمشق وهذه مجلة العرفان الصيداوية لو جمع ما فيها من نشرات الشيخ سليمان العلمية والادبية والعقائدية لكانت مجلدات علم وعرفان وموسوعة يعتز بها الزمان ، من مؤلفاته المطبوعة في صيدا سنة ١٣٤٨ كتاب الذخيرة الى المعاد في مدح محمد وآله الامجاد الفصل الاول في اصول الدين : توحيد وعدل ونبوة وامامة ومعاد ثم ترجمة للائمة الاطهار وعدة قصائد رائعة في المعصومين : وله آداب اللغة العربية.

ومن قصائده الشهيرة التي أشار اليها الاب لويس شيخو اليسوعي مدير مجلة الشرق في ( الآداب العربية في القرن التاسع عشر ) قال : سليمان ظاهر تروى له قصائد حسنة كسورية وشكواها ونظرة في النجوم والحرب والسلم ومن آثاره ما رأيت في مجلة الغري قصيدة عنوانها حياة الانسان وهي من مجموعة في كتاب سميت بالشواهد الالوهية لم ينشر منها شيء ولم تطبع على حدة كما اتحفنا بوصفه آثار بابل والايوان ومقام سلمان الفارسي رحمه‌الله ولا يفوتنا أن نذكر ما للفقيد من رنة حزن وأسف لهذا المثال الصالح والشخصية الفذة فقد ابنته جميع الصحف اللبنانية وأكثر الصحف السورية والعراقية وجميع البلاد العربية ووصفته بما يليق به حيث كان جهبذا من جهابذة لبنان وعلما من أعلامه الخالدين ومن اكبر المساهمين في الحركات الوطنية والخدمات الاجتماعية ومقارعة الاستعمار الفرنسي.

١٥٤

السنة العاشرة من مجلة الغري عدد ٧ ، ٨ قصيدة للشيخ سليمان ظاهر العنوان علي ومعاوية في الميزان.

دع ابن هند يلاقي ما جنت يده

وما سيجزيه عن اوزاره غده

١٥٥

الشيخ محمد حسين المظفر

المتوفى ١٣٨١

في مولد الامام الحسين (ع) :

شهر شعبان قد تجسمت نورا

فاسم وافخر فقد سموت الشهورا

لك بشرى بما حويت من الفخر

فكم جئت بالسرور بشيرا

أي شهر جاراك في حلبة السعد

فوافى ويتبع النور نورا

أشرقت فيك للسعود شموس

وباشراقها الوجود أنيرا

كل شهر للشمس برج وفيه

تقطع الشمس في السماء المسيرا

وثلاث من الشموس بشعبا

ن تجلت من البروج ظهورا

في ثلاث منه ، وفي الخمس ، والنصف

غدا الافق باسما مستنيرا

فاطم أولدت بهن حسينا

وابنه والمؤيد المنصورا

أنفس صاغها المهيمن نورا

قدر الله صنعها تقديرا

وأفاض السنا على الخلق حتى اشتق

منه شمسا وبدرا منيرا

هو لولا ذاك السنا ما برى خلقا

كريما ولا جنانا وحورا

أهل بيت قد أذهب الله عنهم

الرجس اعتصاما وطهروا التطهيرا

الشيخ محمد حسين المظفر ابن الشيخ محمد بن عبد الله ابن محمد بن أحمد بن مظفر النجفي أحد الاعلام المرموقين بالعلم والادب. ولد سنة ١٣١٢ ه‍ بالنجف الاشرف وتوفي والده في

١٥٦

الخامس من شوال ١٣٢٢ فكفله أخوه الاكبر الشيخ عبد النبي وقام بتربيته أحسن قيام ، قرأ المقدمات ودرس السطوح على اخيه الاكبر الشيخ محمد حسن ثم حضر درس الميرزا حسين النائيني والشيخ ضياء العراقي والسيد ابو الحسن الاصفهاني وبلغ درجة عالية في الفقه والاصول والتاريخ والادب ، وولع بالتأليف والتحقيق فطرق الابواب الصعبة وأنتج آثارا جليلة ، ومن محاسنه وأسلوبه في طرق التربية أن قام بتربية ثلة من الشباب النابهين فقبل رئاسة المجمع العلمي لمنتدى النشر وكان لنشاطه أكبر الاثر في نفوس الاعضاء ، واذكر ـ وانا مقرر المجمع العلمي ـ والمعني بأموره وأرى الواجب أن أكون المسؤول الاول ولكن الشيخ ، أبو أمين ـ كان له السبق والنشاط مما يجعلني استصغر نفسي. وكان قد هيأ نفسه لقبول اي طلب يكون في سبيل نصرة المبدا والعقيدة.

آثاره :

١ ـ الامام الصادق عليه‌السلام في جزئين وقد طبع في النجف.

٢ ـ ميثم التمار طبع في النجف.

٣ ـ الكتاب والعترة.

٤ ـ الشيعة والامامة.

٥ ـ تأريخ الشيعة.

٦ ـ الشيعة وسلسلة عصورها.

٧ ـ دعاء الامام الصادق.

٨ ـ علم الامام.

٩ ـ هشام بن الحكم.

١٠ ـ مؤمن الطاق.

١١ ـ الاوصياء.

١٢ ـ القرآن تعليمه وارشاده.

١٥٧

١٣ ـ الاسلام نشوؤة وارتقاؤه.

١٤ ـ الآيات الثلاث.

١٥ ـ ديوان شعره وأكثره في أهل البيت.

له اجازة الرواية كتبيا عن الحجة السيد عبد الحسين شرف الدين. ترجم له الشيخ محمد حرز الدين في ( معارف الرجال ) ضمن ترجمة اخيه الاكبر العلامة الشيخ محمد حسن فقال : كان كاملا ينظم الشعر ونظم ارجوزة في بعض ابواب الفقه.

كانت وفاته سنة ١٣٨١ ه‍ بالنجف الاشرف رحمه الله رحمة واسعة ودفن بمقبرتهم الخاصة بالاسرة الى جنب اخيه الاكبر الشيخ محمد حسن.

١٥٨

الشيخ باقر الخفاجي

المتوفى ١٣٨١

خليلي عوجا بي على طف نينوى

ولا تذكرا لي عهد حزوى وذي طوى

قفا بي على وادي الطفوف سويعة

لعلي أناجيه أيدري لمن حوى

حوى بطلا هز الزمان بموقف

غداة على متن الجواد قد استوى

أبي أبى الا الرقي الى العلى

وما صده من ضل عنها ومن غوى

يجول بهم جول الرحى مفردا وهم

ثلاثون الفا واللوى يتبع اللوى

الى أن هوى للارض روحي له الفدا

خميص الحشا صادي الفؤاد من الطوى

( أيقتل عطشانا حسين بكربلا )

ولم يسق لكن النجيع له روى

ألم يك سبطا للنبي محمد

فلهفي له في تربة الطف قد ثوى

ألا ان يوم الطف أضرم مهجتي

ولم أدر قبل الطف ما الحزن والجوى

وزينب تدعو والشجى ملء صوتها

أخي يا اخي أين استقر بك النوى

الشيخ باقر الشيخ حبيب ابن الشيخ صالح الطهمازي الخفاجي وخفاجة من أشهر الاسر العربية ، عريقة في المجد والكرم والاباء والشمم تقطن أرض بابل ونواحيها. ولد الشاعر في الحلة الفيحاء سنة ١٣١٢ ه‍ ونشأ بها وتغذى بأدبها الجم وعلى تربتها الخصبة بالعلم والعلماء والشعراء والفطاحل من فحول الشعر

١٥٩

والادب ، ثم انتقل به أبوه الى ناحية الشنافية قمة الفرات الاوسط وغيل الاسود وصعدة الشجاعة والبسالة وهناك نمت مداركه وزاول الخطابة وخدمة المنبر الحسيني وتولع بقرض الشعر باللغتين الفصحى والدارجة ، وأنصع صفحة من حياة المترجم له والتي أكسبته الشهرة الواسعة في بلاد العرب عامة والعراق خاصة مواقفه المشرفة في الثورة العراقية فقد واكب الثورة واستنهض القبائل بقصائده الحماسية وأهازيجه الشعبية التي عرفت عنه وما زالت حديث الاندية العربية هناك اذ كان يلهب النفوس حماسة اذا وقف يرتجل الشعر ويرفقه ب‍ ( الهوسة ) بباعث من عقيدته الدينية ونخوته العربية اذ كان يوالي الضربات على المستعمرين والكافرين حتى ليدفع بهم وهو أمامهم الى قذائف النيران وازيز البنادق وأصوات القنابل والمدافع انه لازم خط النار ستة أشهر وبعدها طاردته انكلترا مدة للتشفي به وهو مصر على المحاربة والمخاصمة وحتى اضطرت الانكليز الى اعطاء العراق استقلاله وشروطه التي دام مصرا على تحقيقها وحسبك ان تقرأ الكتب التي ألفت في هذه الثورة ودور شاعرنا فيها هو الدور المجلي ، لقد زاملته وجالسته كثيرا فكان موضع ثقة الجميع يتحلى بأخلاق اسلامية وسجايا عربية لا يكاد يمل من عمل الخير ولا يسأم من خدمة المجتمع ويلوح ذلك في مضامين اشعاره حسبك أن تقرأ ديوانه المطبوع بمطبعة دار النشر والتأليف بالنجف والمسمى ب‍ خير الزاد ليوم المعاد والعقود الدرية في مراثي العترة النبوية باللغة الدارجة وقد طبع بمطبعة الغري الحديثة بالنجف الاشرف وقد قدمت له مقدمة وقرظته بأبيات نشرت في أول الكتاب كما نشر له في حياته ( الحسام المعدود لحرب اليهود ) يستنهض الامة العربية لانقاذ فلسطين ويستثير همم العراقيين ومن قصائده الاستنهاضية قوله في المطلع :

هذى الرميثة سلها عن معالينا

تنبيك عما فعلنا في أعادينا

و ( العارضيات ) يوم و ( السماوة ) و

( السوير ) آخرها نلنا أمانينا

وطبعت له في حياته كراسة بعنوان ( ذكرى الجمهورية العراقية في عامها الاول ) ونشرت له عدة دواوين باللغتين : الفصحى والدارجة منها :

١٦٠