فمن ذلك نستكشف أن سبب تركهم روايتها ليس ضعف سندها ، بل ما رأوه من ضعف متنها ، وتعارض صيغها ، وورود الإشكالات على كل واحدةٍ منها ! فاضطروا الى عدم الرد على روايات الشيعة ، وما وافقها من روايات السنة !!
أن روايات السنيين في تاريخ نزول الآية قد غطَّت الثلاث وعشرين سنة ، التي هي كل مدة بعثة النبي صلىاللهعليهوآله ما عدا حجة الوداع التي نزلت فيها سورة المائدة !
وهو أمر يوجب الشك في أن الغرض من سعة تلك الروايات واستثنائها تلك الفترة وحدها ، هو التهرب من الفترة التاريخية التي نزلت فيها السورة !
أن سبب نزول الآية في مصادرنا سببٌ واحد ، بتاريخ واحد ، على نحو الجزم واليقين . أما في مصادر إخواننا السنيين فأسبابٌ متعددة ، بتواريخ متناقضة ، وعلماؤهم منها في شكٍّ وحيرة . وفي رواياتهم ما يوافق قول أهل البيت عليهمالسلام وإن لم يقبله خلفاء قريش !
وعندما نواجه من كتاب الله تعالى آيةً يتفق المسلمون على أنها نزلت مرة واحدة في تاريخ واحد ، ونجد أنهم يروون تاريخاً متفقاً عليه ، وفيهم أهل بيت نبيهم صلىاللهعليهوآله ويروي بعضهم أسباباً أخرى متعارضة مختلفاً فيها .. فإن السبب المجمع على روايته يكون أقوى وأحق بالإتباع والفتوى .
تقييم الأقوال المخالفة على ضوء الآية
في الآية خمس مسائل لا بد من تحديدها لمعرفة السبب الصحيح في نزولها :
المسألة الأولى : في المأمور به في الآية :
لا يستقيم معنى الآية الشريفة إلا بحمل ( أُنزِلَ ) فيها على الماضي الحقيقي ، لأنها قالت ( بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ ) ولم تقل : بلغ ما سوف ينزل اليك .. وبيان ذلك :