موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - ج ١ و ٢

باقر شريف القرشي

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - ج ١ و ٢

المؤلف:

باقر شريف القرشي


المحقق: مهدي باقر القرشي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية
الطبعة: ٢
ISBN: 964-94388-6-3
الصفحات: ٢٣٢

الفضول فاستجاب له عيون القرشيّين ، فخاف الوليد وردّ على الإمام ظلامته (١).

وعلى أي حال فإنّ حلف الفضول من أروع الحركات الإصلاحية التي ساهم الهاشميّون في دعمها وتأسيسها.

٣ ـ إخراج ماء زمزم :

من المآثر الكريمة التي نسبت للهاشميّين ، والتي هي من مواضع الاعتزاز والفخر ، إخراج عين ماء زمزم التي خفيت حقبة من الزمن على القرشيّين ولم يهتدوا لموضعها ، وقد أنفقوا على ذلك جهدا شاقّا وعسيرا فلم يظفروا بها.

وانبرى زعيم الهاشميّين عبد المطّلب للبحث عنها فأصاب موضعها ، وفي أثناء حفره عنها أصاب كنزا فيه غزالان من ذهب وسيوف ودروع ، فرفع صوته بالتكبير ، فأسرع القرشيّون إليه وبهروا بما رأوه من الكنز ، وتنازعوا فيه ، فقال هشام ابن المغيرة : إنّه لقريش لأنّه وجد في البيت الحرام ، وكلّ ما وجد فيه فهو لعامّة قريش ، وأنكر عليه حرب بن اميّة ، فردّ عليه بعنف قائلا : إنّما هو لعبد مناف خاصّة فهم الذين حفروا البئر وظفروا به ، وما ينبغي لقريش أن تشاركهم فيه ، واشتدّ النزاع بين القوم ، وكان عبد المطّلب ساكتا يسمع مقالة قريش ، فانبرى إليه حرب فقال له : ما لك لا تتكلّم وأنت الذي عثرت عليه؟ فقال عبد المطّلب بأناة غير حافل بصيرورة الكنز إليه : « ما ينبغي أن يكون الكنز لأحد منّا حتى نضرب بالقداح فنجعل للكعبة قد حين ولي قد حين ولكم قد حين » ، فاستجابوا له ، فضرب بين قريش والكعبة فخرج للكعبة ثلاثة أقداح ، فصاح بهم عبد المطّلب قائلا : « تفرّقوا يا معشر قريش ، ويا بني عبد مناف ليس لأحد منكم في هذا الكنز نصيب ... أمّا هذا الذهب فسيصاغ

__________________

(١) السيرة النبوية ١ : ١٢٧.

٢١

صفائح ويوضع على باب الكعبة ... ».

وأكبرته قريش على هذا النبل والسموّ ، وبعثوا بالذهب إلى الصاغة فصاغوه صفائح ووضعوه على الكعبة (١). وأكبر الظنّ أنّ أوّل ما كسيت به الكعبة المشرّفة بالذهب على يد عبد المطّلب سيّد قريش.

وعمّت الأفراح والمسرّات جميع أهالي مكّة بماء زمزم الذي أخرجه لهم عبد المطّلب ، فقد وفّر لهم أعظم نعمة وأعزّ ما في الحياة وهو الماء.

٤ ـ سقاية الحاج :

من مكارم الهاشميّين وأريحيّتهم واندفاعهم نحو الخير سقايتهم للحجّاج وبذل الماء لهم بسخاء ، وكان عزيز الوجود ، وأوّل من بادر منهم إلى هذه الفضيلة هاشم فكان ـ فيما يقول الرواة ـ إذا وفد الحجّاج إلى بيت الله الحرام قام خطيبا في قريش رافعا عقيرته قائلا : « يا معشر قريش ، إنّكم جيران الله وأهل بيته ، وإنّكم يأتيكم في هذا الموسم زوّار الله وحجّاج بيته ، وهم ضيف الله وأحقّ بالكرامة ضيفه ، فاجمعوا له ما تصنعون لهم به طعاما أيامهم هذه التي لا بدّ لهم من الإقامة بها ... » (٢).

وهذه الدعوة دعوة نبل وشهامة وشرف ، ويقوم القرشيّون بدورهم بالتبرّع بجمع المال وشراء الماء والطعام.

٥ ـ إطعام الطعام :

وثمّة مكرمة اخرى للهاشميّين وهي إطعامهم الطعام وبذلهم بسخاء للغرباء

__________________

(١) السيرة النبوية ـ ابن هشام ١ : ١٣٦.

(٢) المصدر السابق : ١٤٣.

٢٢

والبؤساء ، وأوّل من عرف بهذه المكرمة منهم زعيم الاسرة الهاشميّة ، وهو هاشم فقد كان يهشم الثريد ويبذله بطيب نفسه لقومه ، ومن أجل ذلك لقّب بهاشم ، وفيه يقول الشاعر :

عمرو العلى هشم الثّريد لقومه

ورجال مكّة مسنتون عجاف

وورث هذه الظاهرة معظم أبنائه وأحفاده ، وكان من أبرزهم ريحانة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الإمام الحسن عليه‌السلام ، فقد كان أجود أهل زمانه ، ومضرب المثل في سخائه حتى لقّب بكريم أهل البيت مع أنّهم معدن الكرم والجود ، وكان يضارعه في كرمه أخوه سيّد شباب أهل الجنّة وأبو الأحرار الإمام الحسين عليه‌السلام ، فقد كان من أروع وأسمى أمثلة السخاء في دنيا الإسلام ، وكان عبد الله بن جعفر من ألمع الأسخياء في العالم العربي ... وهكذا كان الهاشميّون اصولا وفروعا من أندى الناس كفّا ، ومن أكثرهم برّا وسخاء حتى عدّ الكرم من عناصرهم وذاتياتهم.

أعمدة الشرف من الهاشميّين :

وحظيت الاسرة الهاشمية بأفذاذ الرجال وعيونهم كان منهم السادة التالية أسماؤهم :

١ ـ هاشم :

أمّا هاشم فهو أشرف من في مكّة ، وكان مضرب المثل في جوده ، وهو الذي كان يطعم الحجّاج بمكّة ومنى وعرفة (١) ، وهو أوّل من سنّ الرحلتين لقريش الرحلة إلى اليمن والرحلة إلى الشام (٢) ، وفيه يقول الشاعر :

__________________

(١) السيرة النبوية ٣ : ٤٥٨.

(٢) تاريخ الطبري ٢ : ١٨٠.

٢٣

سنّت إليه الرّحلتان كلاهما

سفر الشّتاء ورحلة الأصياف (١)

٢ ـ عبد المطّلب :

من سادات بني هاشم ومن عيونهم ومن مفاخر قريش السيّد الجليل عبد المطّلب ، فقد كان في شبابه من أنبل فتيان قريش ، وفي شيخوخته كان من أوقر وأجلّ شيوخ عصره حتى لقّب بشيبة الحمد ، وذلك لكثرة حمد الناس وثنائهم عليه (٢) ، وقد اسندت إليه رفادة الحجّاج وسقايتهم بعد وفاة عمّه ، وقد لاقى جهدا شاقّا وعسيرا في جمع الماء ، فكان يجمعه من المطر وغيره في أحواض من الأدم ويقدّمه لحجّاج بيت الله الحرام ، وهو الذي أخرج ماء زمزم بعد أن جهل القرشيّون موضعه ، ولمّا توفّي كان له صدى حزن وأسى في جميع أوساط القرشيّين ورثاه مطرود بن كعب الخزاعي بقوله :

يا أيّها الرجل المحوّل رحله

ألاّ نزلت بآل عبد مناف

هبلتك امّك لو نزلت عليهم

ضمنوك من جوع ومن إقراف

هبلتك امّك لو نزلت عليهم

والرّاحلون لرحلة الإيلاف

والمطعمون إذا الرياح تناوحت

ورجال مكّة مسنتون عجاف

والمفصلون إذا المحول ترادفت

والقائلون هلمّ للأضياف

والخالطون غنيّهم بفقيرهم

حتى يكون فقيرهم كالكافي

كانت قريش بيضة فتفلّقت

فالمخّ خالصة لعبد مناف (٣)

__________________

(١) تاريخ الطبري ٢ : ١٨٠.

(٢) قيل : إنّما لقّب بشيبة الحمد لأنّه كان في ذؤابته شعرة بيضاء حين ولد ، جاء ذلك في معرفة الصحابة ١ : ٢٧٦.

(٣) أمالي المرتضى ٢ : ٢٦٨ ، وذكرت هذه الأبيات باختلاف في أمالي القالي ١ : ٢٤١.

٢٤

وحكى هذا الشعر كرم الاسرة الهاشميّة وقريها للضيف وسخاءها اللامحدود ، ومن الجدير بالذكر أنّ النبيّ كان عمره بعد وفاة عبد المطّلب ثمان سنين (١).

٣ ـ أبو طالب :

أمّا أبو طالب فهو حامي الإسلام ، والرصيد الأعظم للدعوة الإسلامية منذ بزوغ نورها ، فهو القوّة الضاربة التي حمت الإسلام حينما هبّت طغاة قريش وعتاتهم لإطفاء نور الله وإخماد شعلة التوحيد ، ومن المؤكّد أنّه لو لا حماية أبي طالب للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما استطاع أن يبلّغ رسالة ربّه ، ويقف بعزم وشموخ أمام تلك الوحوش الكاسرة مستهينا بها محتقرا لأصنامها ساخرا من تقاليدها وعاداتها ، ونعرض ـ بإيجاز ـ إلى بعض مواقفه البطولية في نصرة الإسلام ، والذبّ عن حمى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التي سجّلت له بمداد من النور والفخر ، وفيما يلي ذلك :

رعايته للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

وعنى أبو طالب عناية بالغة بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقام بجميع خدماته وشئونه ، وتولّى رعايته منذ نعومة أظفاره ، فكان المربّي والحارس له ، فقد علم بما سيكون في مستقبل حياته من السمو والعظمة ، وأنّه سيملأ الدنيا نورا ووعيا ، وأنّه رسول ربّ العالمين ، وخاتم المرسلين ، وسيّد النبيّين ، وقد أحاطه الكهّان علما بذلك ، وحذّروه من فتك اليهود واغتيالهم له ، يقول الرواة : إنّ أبا طالب سافر للتجارة إلى الشام مع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسارع إليه الراهب فقال له : إنّي أنصحك أن ترجع بابن أخيك من مكانك هذا وإن أدّى ذلك إلى ذهاب أموالك وخسارتك في تجارتك ، فإنّي لا آمن

__________________

(١) الامتاع والمؤانسة ٢ : ٨١.

٢٥

عليه من دسائس الشرك ومكائد اليهود ؛ فإنّهم إن عرفوا الذي عرفته فلا يولّوا حتّى يلحقوا به الأذى ، بل يغتالونه بكلّ نشاط وقوّة (١) ، وقفل أبو طالب راجعا إلى مكّة ، ولم يمض في تجارته إلى الشام حفظا لابن أخيه ، وبلغ من رعايته له أنّه كان يصحبه معه في فراشه خوفا عليه (٢) ، كما كان ينقله في غلس الليل من مكان إلى مكان ، ويمضي ليله ساهرا على حراسته لئلا يغتاله أحد.

حمايته للإسلام :

ولمّا أعلن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعوته الخالدة الهادفة لتحرير الإنسان وإنقاذه من ظلمات الجهل وعبادة الأوثان هبّت قريش عن بكرة أبيها فزعة كأشدّ ما يكون الفزع له لإطفاء شعلة التوحيد.

لقد أوجدت الدعوة الإسلامية في المجتمع الجاهلي انقلابا فكريا وتحوّلا اجتماعيا مهيبا ، فقد خافت قريش على مصالحها وتقاليدها ، وخافت على نسائها وأبنائها من الانجراف بالشعارات والمبادئ التي أعلنها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لقد خافوا على آلهتهم وأصنامهم التي سخر منها النبيّ ودعا إلى تحطيمها وتدميرها ، فورمت آنافهم ، وانتفخ سحرهم ، وأجمعوا اكتعين على مناجزته وإطفاء نور رسالته ، إلاّ أنّ أبا طالب ، بطل الإسلام وقف سدّا منيعا لحمايته ، وكان يبعث النشاط والحماس في نفس ابن أخيه لإشاعة مبادئه ، وقد خاطبه بهذه الأبيات :

فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة

وابشر بذاك وقرّ منك عيونا

ودعوتني وعلمت أنّك ناصحي

ولقد صدقت وكنت ثمّ أمينا

ولقد علمت بأنّ دين محمّد

من خير أديان البريّة دينا

__________________

(١) سيرة ابن هشام ١ : ٩٠.

(٢) السيرة الحلبية ١ : ١٤٠.

٢٦

والله لن يصلوا إليك بجمعهم

حتّى أوسّد في التّراب دفينا (١)

وحكت هذه الأبيات إيمانه العميق بالإسلام ووقوفه إلى جانب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحمايته لدعوته ، وأنّ القوى المعادية له مهما بذلت من جهد فإنّها لن تستطيع أن تصدّه عن إشاعة مبادئه وتبليغ رسالة ربّه.

وقد صمّم أبو طالب على حماية النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والذبّ عنه بجميع طاقاته ، وقد خاطب القرشيّين قائلا :

كذبتم وبيت الله نخلي محمّدا

و لمّا نطاعن دونه ونناضل

وننصره حتّى نصرّع حوله

ونذهل عن أبنائنا والحلائل (٢)

ومعنى ذلك أنّه لا يخلي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا يترك قريشا تعتدي عليه ، وسيدافع عنه حتّى يصرع هو وأهل بيته دونه.

لقد هام أبو طالب في ولائه للنبيّ ، وملك عواطفه ومشاعره ، وهو القائل فيه :

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للأرامل

وقد وقع هذا البيت في نفس النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم موقعا عظيما ، ويقول الرواة : إنّ أهل المدينة أصابهم قحط شديد فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فصعد المنبر فاستسقى ، فما لبث أن جاء من المطر ما خشي منه أهل المدينة من الغرق ، فشكوا ذلك إلى

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : « اللهمّ حوالينا ولا علينا » ، فانجاب السحاب عن

__________________

(١) أسنى المطالب في نجاة أبي طالب : ٢٥.

(٢) المغازي ـ الواقدي ١ : ٧٠.

٢٧

المدينة وصار حواليها ، فقال النبيّ : « لو أدرك أبو طالب هذا اليوم لسرّه » ، فالتفت الإمام عليه‌السلام إلى النبيّ فقال له : « كأنّك أردت قوله :

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمة للأرامل » (١)

كما كان لهذا البيت وقع خاصّ عند الاسرة النبوية ، فقد أنشدته سيّدة نساء العالمين عليها‌السلام في الساعات الأخيرة من حياة أبيها فقال لها أبوها بلطف : « هذا قول عمّي أبي طالب » ، وتلا قوله تعالى : ( وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ ... ) الآية (٢).

وعلى أي حال فقد خفّ جماعة من رؤساء قريش إلى أبي طالب وعرضوا عليه أن يسلّم لهم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لتصفيته جسديا ويعطوه عوض ذلك عمارة وهو من أنبل فتيان قريش ، ومن أصبحهم وجها ، فسخر منهم أبو طالب وصاح بهم : « والله ما أنصفتموني أيّها الحمقى ، تبّا لكم وسحقا! أتريدون منّي أن اعطيكم روحي وولدي لتقتلوه ، وتعطوني ابنكم اربّيه لكم! ما لكم كيف تحكمون ، أترجون منّي أن أستبدل محمّدا بعمارة بن الوليد ، فو الذي نفسي بيده لو أعطيتموني العالم كلّه لما استبدلته بظفر من رجل محمّد ، فإليكم عنّي ، لا تكلّموني ، وإلاّ علوت رءوسكم بالسيف ».

وانصرفوا خائبين خاسرين ، قد خيّب آمالهم وسخر منهم أبو طالب ووقف بصلابة لحماية النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. لقد وقف أبو طالب منافحا عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولو لا حمايته له لما أبقى القرشيّون للنبيّ ولا لدعوته أيّ ظلّ.

__________________

(١) خزانة الأدب ٢ : ٦٩.

(٢) آل عمران : ١٤٤.

٢٨

مع النبيّ في الشعب :

وضاق القرشيّون ذرعا من دعوة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واشتدّ فزعهم منها ، وزادهم أسى وحزنا إيمان بعض أبنائهم وغلمانهم ونسائهم وعبيدهم ، وهم يسخرون بآلهتهم ويعيبون عليهم تقاليدهم وعاداتهم ، ويحكمون بنجاستهم فأجمع رأي الطغاة والرؤساء منهم على اعتقال النبيّ ، وسائر بني هاشم وبني المطّلب ، وحبسهم في شعب أبي طالب خارج مكّة ، وكتبوا فيهم صحيفة سجّلوا فيها بنودا قاسية وعلّقوها في جوف الكعبة ، وهذه بعض موادها :

١ ـ حرمانهم من المواد الغذائية.

٢ ـ منع الدخول عليهم.

٣ ـ عدم الزواج منهم.

٤ ـ منع ايصال الماء لهم.

٥ ـ منع ايصال الفراش لهم.

٦ ـ عدم فكّ الحصار عنهم ، إلاّ أن يسلّموا لهم النبيّ.

٧ ـ إقامة حرس على باب الشعب لمنع كلّ من يحاول الهرب منهم (١).

ووقّع على الصحيفة أبو سفيان ، وأبو جهل ، والعاص بن وائل ، وأبو البختري ، وأبو لهب ، وعمرو بن العاص وغيرهم من طغاة القرشيّين ، وعلّقوا الصحيفة في جوف الكعبة.

وحاول مردة القرشيّين اغتيال النبيّ في الشعب ، فخاف عليه أبو طالب فكان يقيم ولده الإمام أمير المؤمنين في مكانه ، واستمر الحصار الظالم ثلاث سنين

__________________

(١) السيرة الحلبية ١ : ٣٧٤ ـ ٣٧٥ وغيرها.

٢٩

عجاف ، وكانت السيّدة الزكية أمّ المؤمنين خديجة هي التي تمدّهم بما يحتاجونه من الطعام والشراب وغير ذلك من النفقات حتى أنفقت عليهم جميع ما عندها من الثراء العريض حتى فرّج الله عنهم.

وبعث الله تعالى الأرضة على صحيفتهم فأتت عليها ، ولم تترك منها كلمة سوى لفظ الجلالة ، وأحاط النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمّه أبا طالب علما بذلك فخرج من الشعب إلى الحرم فاجتمع القرشيّون فقال لهم :

إنّ ابن أخي أخبرني أنّ الله أرسل على صحيفتكم الأرضة فأكلت ما فيها من قطيعة رحم وظلم ، وتركت اسم الله تعالى فأحضروها فإن كان صادقا علمتم أنّكم ظالمون لنا قاطعون لأرحامنا ، وإن كان كاذبا علمنا أنّكم على حقّ وإنّا على باطل.

فانبروا مسرعين إلى الصحيفة فوجودها كما أخبر عنها أبو طالب واشتدّت صولته ، وخاطب قريش قائلا :

إنّكم أولى بالظلم والقطيعة ، وقال في ذلك :

وقد كان في أمر الصّحيفة عبرة

متى ما يخبّر غائب القوم يعجب

محا الله ذكراهم وأفنى عقوقهم

وما نقموا من ناطق الحقّ معرب

فأصبح ما قالوا من الأمر باطلا

ومن يختلق ما ليس بالحقّ يكذب (١)

وأفرج الله تعالى عن نبيّه وسائر من كان معه من الهاشميّين ، فقد انبرى ابن اميّة إلى قريش فخطب فيهم خطابا بليغا ، وطلب منهم فكّ الحصار عن الهاشميّين فردّه أبو جهل ردّا عنيفا إلاّ أنّ كوكبة من قريش انضمّوا إلى زهير ودعموا مقالته فاستجابت قريش لهم ورفعوا الحصار عن النبيّ وسائر من معه.

__________________

(١) الكامل في التاريخ ـ ابن الأثير ٢ : ٣٣.

٣٠

تبنّي أبي طالب الدعوة الإسلامية :

وقام أبو طالب بدور إيجابي ومتميّز في الدعوة إلى الإسلام ، وقد دعا ملك الحبشة إلى اعتناق الإسلام ، وكتب له رسالة بذلك ، وختمها بهذه الأبيات :

أتعلم ملك الحبش أنّ محمّدا

نبيّ كموسى والمسيح بن مريم

أتى بالهدى مثل الّذي في هداهما

فكلّ بأمر الله يهدي ويعصم

وأنّكم تتلونه في كتابكم

بصدق حديث لا حديث التّراجم

فلا تجعلوا لله ندّا وأسلموا

فإنّ طريق الحقّ ليس بمظلم (١)

لقد كان أبو طالب داعية الإسلام وحاميه والذابّ عنه ، وكان يذيع فضائل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وينشر مناقبه ومآثره ، وممّا قال فيه :

ظهرت دلائل نوره فتزلزلت

منها البسيطة وازدهت أيّام

وهوت عروش الكفر عند ظهوره

وبسيفه قد شيّد الإسلام

وأتاهم أمر عظيم فادح

وتساقطت من حوله الأصنام

صلّى عليه الله خلاّق الورى

ما أعقب الصّبح المضيء ظلام

وقال أيضا :

ألا يا بني فهر أفيقوا ولا تقم

نوائح قتلاكم لتدعى بالتّندّم

على ما مضى من بغيكم وعقوقكم

وإتيانكم في أمركم كلّ مأثم

وظلم نبيّ جاء يدعو إلى الهدى

وأمر أتى من عند ذي العرش قيّم

فلا تحسبونا مسلميه ومثله

إذا كان في قوم فليس بمسلم

فهذي معاذير وتقدمة لكم

لئلاّ تكون الحرب قبل التّقدّم (٢)

__________________

(١) سيرة ابن هشام ١ : ٣٥٧. شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٣ : ٢٢٤.

(٢) إيمان أبي طالب : ١٨٩.

٣١

لقد كانت مواقف أبي طالب متميّزة بروح الإيمان ، فقد اعتنق الإسلام وجاهد في سبيله كأعظم ما يكون الجهاد ، ولو لاه لما قام الإسلام على سوقه عبل الذراع شامخ الكيان ، فما أعظم عائدته على الإسلام والمسلمين.

وصيّته الخالدة :

وأوصى أبو طالب عملاق الإسلام أبناءه وسائر أفراد اسرته بهذه الوصية التي حفلت بمكارم الأخلاق ، ومحاسن الآداب ، والولاء العارم لابن أخيه سيّد الكائنات صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهذه بعض بنودها :

« اوصيكم بتعظيم هذه البنية ـ يعني الكعبة المقدّسة ـ فإنّ فيها مرضاة الربّ ، وقواما للمعاش ، وثباتا للوطأة ، صلوا أرحامكم ولا تقطعوها ؛ فإنّ صلة الرحم منسأة للأجل ، وزيادة في العدد واتركوا البغي وأعطوا السائل ، وعليكم بصدق الحديث وأداء الأمانة ، فإنّ فيها محبّة في الخاص ومكرمة في العام ... ».

وحكى هذا المقطع كلّ فضيلة يسمو بها الإنسان ، والتي هي من صميم القيم الكريمة التي أعلنها الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ومن بنود هذه الوصية حثّه للاسرة الهاشميّة وغيرها على الولاء والاخلاص للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومناصرته والذبّ عنه قال : « وإنّي اوصيكم بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّه الأمين في قريش ، والصديق في العرب ، وهو الجامع لكلّ ما أوصيتكم به ، ولقد جاءنا بأمر قبله الجنان ووعاه القلب. وأيم الله كأنّي أنظر إلى صعاليك العرب وأهل الأطراف ، والمستضعفين من الناس ، وقد أجابوا دعوته وصدّقوا كلمته ، وعظّموا أمره ، فخاض بهم غمار الموت ، وصارت رؤساء قريش وصناديدها أذنابا ، ودورها خرابا ، وإذا بأعظمهم عليه أحوجهم إليه ، وأبعدهم عنه أحظاهم عنده ، قد محضته العرب ودادها ، وأعطته قيادتها ، دونكم يا معشر قريش ، دونكم

٣٢

ابن أخيكم كونوا له ولاة ولحزبه حماة ، فو الله! لا يسلك أحد سبيل محمّد إلاّ رشد ، ولا يأخذ به إلاّ سعد ولو كان لنفسي مدّة ، وفي أجلي تأخير لكففت عنه الهزاهز ، ولدفعت عنه الدواهي ، غير أنّي أشهد بشهادته واعظّم مقالته » (١).

حكت هذه الوصية إيمان أبي طالب بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واعتناقه للإسلام وتفانيه في الدفاع عنه.

لقد استشفّ هذا العملاق العظيم المستقبل الزاهر للإسلام ، وأنّه سيؤمن به المستضعفون في الأرض ، وأنّهم سيشكّلون قوّة ضاربة للدفاع عنه ، وستكون صناديد قريش وساداتها أذلاّء صاغرين يستعطفون النبيّ وأصحابه ، ويطلبون ودّهم ، ولم تمض الأيام حتى تحقّق ذلك على مسرح الحياة ، وإذا بجبابرة قريش أذلاّء صاغرون ، ويقول الرواة : إنّ امرأة من المسلمين خطبها معاوية فجاءت إلى النبيّ وطلبت رأيه في ذلك ، فنهاها عن الزواج به وقال لها : « إنّه صعلوك » (٢).

وعلى أي حال فإنّ وصيّة أبي طالب حافلة بالقيم الكريمة والمثل العليا والإيمان العميق بالإسلام.

في ذمّة الخلود :

ولاقى أبو طالب جهدا شاقّا وعسيرا في حمايته للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونصرته للإسلام ، وكفاحه للقوى المعادية لابن أخيه ، وقد تعرّض لأقسى ألوان المحن والخطوب من طغاة القرشيّين وعتاتهم ، وقد ألمّت به العلل والأمراض ودنا منه الموت ، وكان أهمّ ما يعانيه مصير الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بعده ، وما ذا سيلاقيه من ذئاب قومه الذين تنكّروا لجميع القيم والأعراف ، فأخذ وهو على حافة الموت يوصي أبناءه وأفراد اسرته

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ٢ : ٢١٣. الدرجات الرفيعة : ٦١. أسنى المطالب : ٢٠. ثمرات الأوراق : ٢٩٤ ، وغيرها.

(٢) حياة الإمام الحسن عليه‌السلام ٢ : ١٥٠.

٣٣

بنصرة الرسول والوقوف إلى جانبه ، وحمايته من كيد القرشيّين وبطشهم وأخذ المرض يزداد فيه حتى وافته المنيّة في شهر شوّال أو في ذي القعدة ، وذلك بعد خروج النبيّ من الشعب (١).

لقد انتقل هذا العملاق إلى حضيرة القدس بعد ما أدّى ما عليه من جهد في نصرة الإسلام والذبّ عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولمّا اذيع نبأ وفاته اهتزّت مكّة من هول الفاجعة ، فتصدّعت القلوب ، وغامت العيون كما فرح الطغاة والجبابرة بموته.

وسارع الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام فغسّل جسد أبيه الطاهر وأدرجه في أكفانه ، وقد ذابت نفسه عليه حزنا وأسى ، وهرعت الجماهير إلى دار أبي طالب فحملوا الجثمان المقدّس بمزيد من الحفاوة والتكريم ، وواروه في مقرّه الأخير ، وقد واروا معه الشرف والإيمان.

لقد انطوت حياة هذا المجاهد العظيم الذي وهب حياته لله تعالى ، فنصر الإسلام ، وقاوم الشرك ، وقارع الباطل ، فسلام الله عليه ، فما أعظم عائدته على الإسلام والمسلمين!

تأبين النبيّ له :

ووقف النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حافّة قبر عمّه ، وهو واجم حزين ، قد روى ثرى قبره بدموعه ، وأخذ يصوغ من حزنه كلمات في تأبينه قائلا :

« وصلتك رحم يا عمّ ، جزيت خيرا ، فلقد ربّيت وكفلت صغيرا ، وآزرت ونصرت كبيرا ، أما والله يا عمّ لأستغفرنّ لك ، وأشفعنّ فيك شفاعة يعجب منها الثّقلان ... » (٢).

__________________

(١) الكامل في التاريخ ـ ابن الأثير ٢ : ٣٤.

(٢) أبو طالب وبنوه : ١٠٣.

٣٤

وبلغ من تأثّر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشدّة حزنه على عمّه أنّه سمّى العام الذي توفّي فيه « عام الحزن ».

وقد فقد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المحامي والناصر ، والركن الشديد الذي كان يأوي إليه ، فقد استوحدته قريش وأجمعت على التنكيل به وقال : « ما نالت قريش شيئا أكرهه حتّى مات أبو طالب » (١). وقد بالغت قريش في إيذائه ، فجعلوا ينثرون التراب على رأسه ، وطرح بعضهم عليه رحم الشاة وهو يصلّي ... إلى غير ذلك من صنوف الاعتداء عليه (٢) ، وقد أجمعوا على قتله ، فخرج في غليس الليل البهيم بعد ما أحاطوا بداره ميمّما وجهه تجاه يثرب ، وترك أخاه ووصيّه الإمام في فراشه كما سنعرض لذلك في البحوث الآتية.

وعلى أي حال فأبو طالب حامي الإسلام وناصره ، والمساهم الأوّل في إقامة دعائمه ، فله اليد البيضاء على كلّ مسلم ومسلمة ، فما أعظم عائدته على الإسلام! ومن سخف القول إنّ هذا المجاهد العظيم مات كافرا ولم يكن يدين بدين الإسلام ، فإنّ هذا البهتان من صنع الأمويّين والعبّاسيّين الحاقدين على الاسرة النبوية ، وممّا يدعم زيف ذلك شدّة حزن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليه بعد وفاته وتسميته لعام موته بعام الحزن ، فإنّه إذا كان كافرا كيف يحزن عليه؟ وكيف يترحّم عليه ويذكره بمزيد من التكريم والتعظيم؟ وكيف يأكل ويشرب في داره؟ وحكم الإسلام صريح واضح في نجاسة الكافر؟ وكيف يكون هذا المؤمن المجاهد في النار وابنه الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام قسيم الجنّة والنار؟

إنّ من المآثر والفضائل والأوسمة الشريفة التي يتحلّى بها الإمام عليه‌السلام أنّه نجل هذا المجاهد العظيم الذي حمى الإسلام في أيام محنته وغربته فجزاه الله عن

__________________

(١) و (٢) الكامل ٢ : ٣٤.

٣٥

الإسلام وأجزل له الأجر ، وحشره مع النبيّين والصدّيقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا.

وبهذا العرض الموجز عن جهاد أبي طالب في نصرة الإسلام وحمايته للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نطوي الحديث عنه ، لنلتقي بالسيّدة الزكية فاطمة بنت أسد أمّ الإمام عليه‌السلام.

٤ ـ فاطمة بنت أسد أمّ الإمام عليه‌السلام :

أمّا أمّ الإمام عليه‌السلام فهي السيّدة الزكية فاطمة بنت أسد ، وهي من سيّدات عصرها في عفّتها وطهارتها وسموّ ذاتها ، وهذا عرض لبعض شئونها :

سبقها إلى الإسلام :

كانت هذه السيّدة المعظّمة من السابقات لاعتناق الإسلام وبذلك فقد نالت الشرف العظيم ، فقد أسلمت بعد عشرة أشخاص (١).

مبايعتها للنبيّ :

وهذه السيّدة الزكية أوّل امرأة بايعت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) حينما أخذ العهد على السيّدات بالعفّة والطهارة واجتناب المنكر.

رعايتها للنبيّ :

وقامت هذه السيّدة الطاهرة بدور مهمّ في خدمة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكانت تفضّله في الرعاية والحنان على أولادها ، وكان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يكرمها ويعظّمها ويدعوها امّه (٣).

روايتها للحديث :

وعدّها علماء الحديث من رواة الحديث عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد رووا عنها

__________________

(١) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١ : ١٤.

(٢) و (٣) المصدر السابق.

٣٦

(٤٦) حديثا ، وقد أخرج لها في الصحيحين حديث واحد متّفق عليه (١).

إقامتها في بيت الإمام :

ولازمت هذه السيّدة الطاهرة ولدها الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ولم تقم مع بقيّة أبنائها ، ولمّا تزوّج الإمام عليه‌السلام بسيّدة نساء العالمين زهراء الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال الإمام لامّه :

« اكفي فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سقاية الماء والذّهاب في الحاجة ، وتكفيك في داخل البيت الطّحن والعجين ».

وفاتها :

ألمّت الأمراض بهذه السيّدة المعظّمة فكانت زهراء الرسول تقوم برعايتها وشئونها حتى انتقلت إلى حضيرة القدس ، فقام ولدها الإمام عليه‌السلام بتجهيزها ، وأخبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بوفاتها فحزن عليها حزنا عميقا ، وأمر عليّا بتكفينها في قميصه ، ولمّا انتهى تجهيزها شيّعها النبيّ وحفروا لها قبرا فاضطجع فيه ، وجزّاها الخير ودعا لها بالرحمة والرضوان ، وذلك لما أسدت عليه من البرّ والإحسان ، وقيل للنبيّ : ما رأيناك صنعت بأحد كما صنعت بهذه؟ فقال :

« لم يكن بعد أبي طالب أبرّ بي منها ، إنّما ألبستها قميصي لتكسى من حلل الجنّة ، واضطجعت في قبرها ليهوّن عليها » (٢).

__________________

(١) أعلام النساء ٣ : ١١٣.

(٢) اسد الغابة ٥ : ٥١٠. الاستيعاب ( المطبوع على هامش الإصابة ) ٤ : ٢٦٩. شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١ : ١٤. معرفة الصحابة ١ : ٢٧٩.

٣٧

أرأيتم كيف قابل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه السيّدة المعظّمة بمزيد من التكريم والتعظيم!

لقد آمنت هذه الفاضلة بالله ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وبذلت قصارى جهودها في خدمته ، وحسبها فخرا وشرفا وسموّا أنّها أمّ الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وممّا لا ريب في أنّ الإمام ورث فضائلها وسجاياها ، كما ورث فضائل آبائه الذين سادوا العرب بمكارمهم ومآثرهم ، وبهذا نطوي الحديث عن نسبه الوضّاح.

٣٨

وليد الكعبة

٣٩
٤٠