موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - ج ١ و ٢

باقر شريف القرشي

موسوعة الإمام أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - ج ١ و ٢

المؤلف:

باقر شريف القرشي


المحقق: مهدي باقر القرشي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية
الطبعة: ٢
ISBN: 964-94388-6-3
الصفحات: ٢٣٢

اشهد أنّي سألت في مسجد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فما أعطاني أحد شيئا ، وعليّ كان راكعا ، فأومأ إليه بخنصره اليمنى ، وكان فيها خاتم ، فأقبل السائل فأخذ الخاتم بمرأى من النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال :

« اللهمّ إنّ أخي موسى عليه‌السلام سألك فقال : ( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي. وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي. وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي. يَفْقَهُوا قَوْلِي. وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي. هارُونَ أَخِي. اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي. وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) (١) ، فأنزلت قرآنا ناطقا : ( سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً ) (٢) ، اللهمّ وأنا محمّد نبيّك وصفيّك فاشرح لي صدري ، ويسّر لي أمري ، واجعل لي وزيرا من أهلي ، عليّا اشدد به ظهري » ، قال أبو ذرّ : فو الله ما أتمّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذه الكلمة حتى نزل جبرئيل ، فقال : « يا محمّد ، اقرأ : ( إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ ... ) » (٣).

حصرت هذه الآية الولاية العامّة في الله تعالى وفي رسوله العظيم ، وفي الإمام أمير المؤمنين ، وقد عبّرت عنه بصيغة الجمع تعظيما لشأنه ، وتكريما لمقامه ، بالإضافة إلى اسميّة الجملة ، وحصرها بكلمة « إنّما » ، وقد أكّدت له الولاية العامّة ، وقد نظّم حسّان بن ثابت نزول الآية في الإمام بقوله :

من ذا بخاتمه تصدّق راكعا

وأسرّها في نفسه إسرارا (٤)

١١ ـ قال تعالى :

( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ. أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (٥).

__________________

(١) طه : ٢٥ ـ ٣٢.

(٢) القصص : ٣٥.

(٣) تفسير الرازي ١٢ : ٢٦. نور الأبصار : ١٧٠. الطبري في تفسيره ٦ : ١٨٦.

(٤) الدرّ المنثور ٣ : ١٠٦. الكشّاف ١ : ٦٩٢. ذخائر العقبى : ١٠٢. مجمع الزوائد ٧ : ١٧.

كنز العمّال ٧ : ٣٠٥.

(٥) الواقعة : ١٠ و ١١.

١٤١

روى الجمهور عن ابن عباس أنّ سابق هذه الامّة هو عليّ بن أبي طالب (١).

١٢ ـ قال تعالى :

( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ ) (٢).

نزلت الآية الكريمة في مبيت الإمام عليه‌السلام على فراش النبيّ حينما أجمعت قريش على قتله ، فخرج في غلس الليل من مكّة ، وأناب عنه الإمام ، فكان عليه‌السلام الفدائي الأوّل في الإسلام ، ففدى النبيّ بروحه ، فأنزل الله تعالى فيه هذه الآية (٣).

١٣ ـ قال تعالى :

( هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ) (٤).

نزلت الآية الكريمة في الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وأنّه هو المراد بالمؤمنين ، قال السيوطي : أخرج ابن عساكر عن أبي هريرة : مكتوب على العرش لا إله إلاّ أنا وحدي لا شريك لي ، محمّد عبدي ورسولي ، أيّدته بعليّ (٥) ، هذه بعض الآيات النازلة في حقّ الإمام عليه‌السلام خاصّة.

الآيات النازلة في أهل البيت عليهم‌السلام

حفل الكتاب العظيم بآيات في حقّ أهل البيت عليهم‌السلام الشاملة لسيّدهم الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وهذه بعضها :

__________________

(١) دلائل الصدق ٢ : ١٠١.

(٢) البقرة : ٢٠٧.

(٣) مستدرك الحاكم ٣ : ٤.

(٤) الأنفال : ٦٢.

(٥) الدرّ المنثور ٤ : ١٠٠. كنز العمّال ٦ : ١٥٨.

١٤٢

١ ـ قال تعالى :

( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ) (١).

ذهب جمهور المفسّرين والرواة أنّ المراد بالقربى الذين فرض الله مودّتهم على عباده هم عليّ وفاطمة والحسن والحسين سلام الله عليهم ، والمراد من اقتراف الحسنة ـ في الآية ـ هي مودّتهم وولائهم ، وهذه طائفة اخرى من الأخبار علّلت ذلك :

أ ـ روى ابن عباس قال : لمّا نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول الله ، من قرابتك هؤلاء الذين أوجبت علينا مودّتهم؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « عليّ وفاطمة وابناهما » (٢).

ب ـ روى جابر بن عبد الله قال : جاء اعرابي إلى النبيّ فقال له : اعرض عليّ الإسلام ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « تشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، وأنّ محمّدا عبده ورسوله ».

فانبرى الاعرابي قائلا :

ـ تسألني عليه أجرا؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إلاّ المودّة في القربى ».

وطفق الاعرابي قائلا :

ـ قرباي أم قرباك؟

« بل قرباي ».

وراح الاعرابي يقول :

__________________

(١) الشورى : ٢٣.

(٢) مجمع الزوائد ٧ : ١٠٣. ذخائر العقبى : ٢٥. نور الأبصار : ١٠١. الدرّ المنثور ٧ : ٣٤٨.

١٤٣

ـ هات ابايعك ، فعلى من لا يحبّك ولا يحبّ قرابتك ، لعنة الله ...

وأسرع النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قائلا : « آمين » (١).

ج ـ روى ابن عبّاس قال : لمّا نزلت آية المودّة قال قوم في نفوسهم ـ يعني الحسد لأهل البيت ـ : ما يريد إلاّ أن يحثّنا على قرابته من بعده ، فنزل جبرئيل على النبيّ وأخبره بأنّ القوم اتّهموه ، ومعه هذه الآية : ( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً ) ، وأخبر النبيّ القوم فقالوا له : إنّك صادق ، فنزل قوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ ) (٢).

احتجاج العترة بالآية :

احتجّت العترة الطاهرة بالآية الكريمة على لزوم مودّتهم وولائهم ، وهذا عرض لبعض ما أثر عنهم :

الإمام أمير المؤمنين :

احتجّ الإمام عليه‌السلام بالآية الكريمة على خصومه ، قال عليه‌السلام : « فينا ال حم ، آية لا يحفظ مودّتنا إلاّ كلّ مؤمن » ، ثمّ تلا الآية : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) (٣).

الإمام الحسن عليه‌السلام :

خطب سبط رسول الله وريحانته الإمام الحسن عليه‌السلام خطابا بليغا عرض فيه إلى مكانة أهل البيت ، وسموّ منزلتهم ، ثمّ استشهد بالآية الكريمة ، قال عليه‌السلام :

__________________

(١) حلية الأولياء ٣ : ١٠٢.

(٢) الصواعق المحرقة : ١٠٢. الآيتان ٢٤ و ٢٥ من سورة الشورى.

(٣) كنز العمّال ١ : ٢١٨. الصواعق المحرقة : ١٠١.

١٤٤

« وأنا من أهل البيت الّذين افترض الله مودّتهم على كلّ مسلم ، قال تبارك وتعالى : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) » (١).

الإمام زين العابدين عليه‌السلام :

احتجّ الإمام زين العابدين عليه‌السلام بالآية الكريمة لمّا جيء به أسيرا إلى فاجر بني اميّة يزيد بن معاوية ، واقيم على درج دمشق ومعه حرائر الوحي سبايا ، انبرى إليه رجل من أهل الشام قد ضلّلته الدعاية الاموية بأنّ أهل البيت من الخوارج ، فقال للإمام بعنف :

ـ الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم وقطع قرني الفتنة.

فنظر إليه الإمام فرآه مخدوعا مغفّلا ، فقال له بلطف :

« أقرأت القرآن؟ ».

ـ نعم.

« أقرأت ال حم؟ ».

قرأت القرآن ولم أقرأ ال حم!

« ما قرأت : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى )؟ ».

ـ فذهل الرجل ومشت الرعدة بأوصاله ، وسارع قائلا :

ـ إنّكم لأنتم؟

« نعم » (٢).

__________________

(١) حياة الإمام الحسن عليه‌السلام ١ : ٦٨.

(٢) تفسير الطبري ٢٥ : ١٦.

١٤٥

وودّ الرجل أنّ الأرض قد ساخت به ، ولم يقابل الإمام بتلك الكلمات القاسية ، وتقدّم إلى الإمام طالبا منه العفو ، فمنحه الرضا والعفو.

إنّ الولاء لأهل البيت فريضة دينية يسأل عنها المسلم يوم يلقى الله تعالى.

يقول محمّد بن إدريس الشافعي :

يا أهل بيت رسول الله حبّكم

فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم القدر أنّكم

من لم يصلّ عليكم لا صلاة له (١).

ويقول شاعر الإسلام الأكبر الكميت الأسدي :

وجدنا لكم في آل حاميم آية

تأوّلها منّا تقيّ ومعرب

إنّ في مودّة العترة الطاهرة التي أذهب الله عنها الرجس وطهّرها تطهيرا أداء لأجر الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ما عاناه من جهد وعناء في سبيل إنقاذ البشرية من الشرك والإلحاد ، وتطوير الحياة العامّة من حياة الصحراء الحافلة بالبؤس والشقاء إلى حياة متطوّرة تعمّها الرفاهية والأمن والرخاء ، وقد جعل الله تعالى عوض أتعاب رسوله المودّة والولاء لعترته.

٢ ـ قال تعالى :

( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَن اوَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ ) (٢).

وأجمع المفسّرون ورواة الحديث أنّ الآية الكريمة نزلت في أهل بيت

__________________

(١) نور الأبصار : ١٠٤.

(٢) آل عمران : ٦١.

١٤٦

النبوة عليهم‌السلام ، وقد عبّرت الآية عن الأبناء بالحسن والحسين سبطي الرحمة وإمامي الهدى ، وعبّرت عن النساء بزهراء الرسول سيّدة نساء العالمين ، وعن سيّد العترة الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام بأنفسنا (١).

نزلت الآية الكريمة في حادثة تاريخيّة بالغة الخطورة جرت بين الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وزعماء النصارى الروحيّين ، وموجزها أنّ وفدا من النصارى ضمّ الزعماء الدينيّين منهم قدموا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليناظروه في الإسلام ، وبعد حديث دار بينهما اتّفقوا على الابتهال أمام الله تعالى ليحلّ عذابه ولعنته على الكاذبين ، وعيّنوا وقتا خاصّا للمباهلة ، ولمّا حان الوقت الموعود بينهم اختار النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للمباهلة أفضل الخلق وأكرمهم عند الله تعالى ، وهم :

ـ باب مدينة علمه وأبو سبطيه أمير المؤمنين عليه‌السلام.

ـ بضعته سيّدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها‌السلام.

ـ سبطه الأوّل الزكي الإمام الحسن عليه‌السلام.

ـ سيّد شباب أهل الجنّة ريحانة الرسول الإمام الحسين عليه‌السلام.

وأقبل بهم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى ساحة الابتهال ، وخرج وفد النصارى يتقدّمهم السيّد والعاقب ، ومعهم فرسان بني الحرث على خيولهم على أحسن هيئة واستعداد.

ولمّا رأت النصارى أنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قدّم للمباهلة أهل بيته وهم بهيئة تملأ

__________________

(١) تفسير الرازي ٢ : ٦٩٩. تفسير البيضاوي : ٧٦. تفسير الكشّاف ١ : ٤٩. تفسير روح البيان ١ : ٤٥٧. تفسير الجلالين ١ : ٣٥. صحيح مسلم ٢ : ٤٧. صحيح الترمذي ٢ : ١٦٦.

سنن البيهقي ٧ : ٦٣. مسند أحمد بن حنبل ١ : ١٨٥. مصابيح السنّة ـ البغوي ٢ : ٢٠١. سير أعلام النبلاء ٣ : ١٩٣.

١٤٧

العيون ، وتعنوا لها الجباه ، امتلأت نفوسهم رعبا ، وجثا النبيّ على الأرض مع أهل بيته فتقدّم إليه السيّد والعاقب قائلين :

يا أبا القاسم ، بمن تباهلنا؟

فأجابهم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« اباهلكم بخير أهل الأرض ، وأكرمهم عند الله ـ وأشار إلى أهل بيته ـ ».

وغمرتهما موجة من الفزع والدهشة ، وانبريا يقولان :

ـ لم لا تباهلنا بأهل الكرامة وأهل الشارة والكبر ممّن آمن بك واتّبعك؟

فانطلق الرسول يؤكّد لهم أنّ أهل بيته أفضل الخلق عند الله تعالى قائلا :

« أجل ، اباهلكم بهؤلاء خير أهل الأرض وأفضل الخلق ».

وأيقنوا أنّ الرسول على حقّ ، وفزعوا مسرعين مذهولين إلى الاسقف زعيمهم ، فعرضوا عليه ما رأوه فأجابهم بدهشة قائلا :

ـ أرى وجوها لو سأل الله بها أحد أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله.

وخاف الاسقف على النصارى من الهلاك والدمار إن باهل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وسارع قائلا وهو يرتعد :

ـ أفلا تنظرون محمّدا رافعا يديه ينظر ما تجيئان به ، وحقّ المسيح إن نطق فوه بكلمة لا نرجع إلى أهل ، ولا إلى مال.

وملء قلبه رعبا وخوفا ، وهتف بقومه ثانيا قائلا :

ألا ترون الشمس قد تغيّر لونها ، والافق تنجع فيه السحب الداكنة ، والريح تهب هائجة سوداء حمراء ، وهذه الجبال يتصاعد منها الدخان ، لقد أطلّ علينا العذاب ، انظروا إلى الطير وهي تقيئ حواصلها ، وإلى الشجر كيف تتساقط

١٤٨

أوراقها ، وإلى هذه الأرض كيف ترجف تحت أقدامنا.

لقد أيقن الاسقف بنزول الرزء القاصم ، وهلاك النصارى ، فمنع قومه من المباهلة ، وبادر الوفد نحو الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طالبين منه أن يعفيهم من المباهلة قائلين :

ـ يا أبا القاسم ، أقلنا أقالك الله.

وخضعوا للشروط التي أملاها عليهم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

والتفت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى أصحابه وإلى النصارى قائلا :

« والذي نفسي بيده! أنّ العذاب تدلّى على أهل نجران ، ولو لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ، ولاضطرم عليهم الوادي نارا ، ولاستأصل الله نجران وأهله ، حتى الطير على الشجر ، وما حال الحول على النصارى كلّهم » (١).

وأوضحت هذه الحادثة مدى الأهميّة البالغة لأهل البيت عليهم‌السلام عند الله تعالى ، ومن المؤكّد أنّه لو كان في الاسرة النبوية ، وسائر الصحابة من يضارعهم ويساويهم في الفضل لاختارهم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للمباهلة ، يقول الإمام شرف الدين نضّر الله مثواه :

وأنت تعلم أنّ مباهلته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهم ، والتماسه منهم التأمين على دعائه بمجرّده لفضل عظيم ، وانتخابه إيّاهم لهذه المهمّة العظيمة ، واختصاصهم بهذا الشأن الكبير ، وإيثارهم فيه على من سواهم من أهل السوابق فضل على فضل ، لم يسبقهم إليه سابق ، ولن يلحقهم به لا حق ، ونزول القرآن العزيز آمرا بالمباهلة بهم بالخصوص فضل ثالث يزيد فضل المباهلة ظهورا ، ويضيف إلى شرف اختصاصهم بها شرفا ، وإلى نوره نورا ... » (٢).

__________________

(١) نور الأبصار : ١٠٠.

(٢) الكلمة الغرّاء : ١٨٤.

١٤٩

كما دلّت الآية ـ بوضوح ـ على أنّ الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام هو نفس رسول الله ، وهو ـ من دون شكّ ـ أفضل وأكمل من جميع خلق الله تعالى ، فعليّ كذلك بمقتضى المساواة بينهما (١).

وقد أدلى بهذا الفخر الرازي قال : كان في الريّ رجل يقال له محمود بن الحسن الحمصي ، وكان معلّم الاثني عشرية ـ يعني الإمامية ـ وكان يزعم أنّ عليّا أفضل من جميع الأنبياء سوى محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستدلّ على ذلك بقوله تعالى : ( وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) ؛ إذ ليس المراد بقوله تعالى : ( وَأَنْفُسَنا ) نفس محمّد ؛ لأنّ الإنسان لا يدعو نفسه ، بل المراد غيرها ، وأجمعوا على أنّ ذلك الغير كان عليّ بن أبي طالب ، فدلّت الآية على أنّ نفس عليّ هي نفس محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا يمكن أن يكون المراد أنّ هذه النفس عين تلك ، فالمراد أنّ هذه النفس مثل تلك النفس ، وذلك يقتضي المساواة بينهما في جميع الوجوه تركنا العمل بهذا العموم في حقّ النبوّة ، وفي حقّ الفضل بقيام الدلائل على أنّ محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل من عليّ ، فبقي ما وراء ذلك معمولا به ، ثمّ الإجماع دلّ على أنّ محمّدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان أفضل من سائر الأنبياء فيلزم أن يكون عليّ أفضل من سائر الأنبياء (٢).

وهذا الرأي وثيق للغاية ليس فيه أي غلوّ بعد إقامة الدليل الحاسم عليه.

٣ ـ قال تعالى :

( هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ ... ) السورة.

وذهب جمهور المفسّرين والرواة أنّ هذه السورة نزلت في أهل بيت النبوّة (٣) ،

__________________

(١) حياة الإمام الحسين عليه‌السلام ١ : ٧٤.

(٢) تفسير الرازي ٢ : ٤٨٨.

(٣) تفسير الرازي ١٠ : ٢٤٣. أسباب النزول ـ الواحدي : ١٣٣. روح البيان ٦ : ٥٤٦. ينابيع المودّة ١ : ٩٣. الرياض النضرة ٢ : ٢٢٧. امتاع الاسماع : ٥٠٢.

١٥٠

أمّا السبب في نزولها فهو أنّ السبطين سلام الله عليهما مرضا ، فعادهما جدّهما مع كوكبة من الصحابة ، وطلبوا من الإمام عليه‌السلام أن ينذر لله صوما إن عافا ولديه ، فنذر الإمام صوم ثلاثة أيام ، وتابعته الصدّيقة وجاريتها فضّة في هذا النذر ، ولمّا أبل الحسنان من المرض صاموا جميعا ، ولم يكن عند الإمام عليه‌السلام شيء من الطعام ليجعله إفطارا لهم ، فاستقرض ثلاثة أصواع من الشعير ، وعمدت سيّدة نساء العالمين الصدّيقة سلام الله عليها في اليوم الأوّل إلى صاع فطحنته وخبزته ، فلمّا آن وقت الافطار وإذا بمسكين طرق الباب يستميحهم شيئا من الطعام ، فعمدوا جميعا إلى هبة قوتهم للمسكين ، واستمرّوا على صيامهم لم يتناولوا شيئا سوى ماء القراح ، وفي اليوم الثاني عمدت بضعة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الصاع الثاني فطحنته وخبزته ، فلمّا حان وقت الافطار ، وإذا بيتيم يشكو الجوع فتبرّعوا جميعا بقوتهم ، ولم يتناولوا شيئا سوى الماء ، وفي اليوم الثالث قامت سيّدة النساء فطحنت ما بقي من الشعير وخبزته ، فلمّا حان وقت الغروب ، وإذا بأسير قد طرق الباب قد ألمّ به الجوع فسحبوا أيديهم من الطعام ومنحوه له.

سبحانك اللهمّ أي إيثار أعظم من هذا الايثار؟ إنّه لم يقصد به إلاّ وجه الله تعالى وابتغاء أجره.

ووفد عليهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في اليوم الرابع فرأى أجساما مرتعشة قد ذابت من الجوع ، فتغيّر حاله ، وطفق يقول : « وا غوثاه أهل بيت محمّد يموتون جياعا ».

ولم ينه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلامه حتى هبط عليه أمين الوحي وهو يحمل لهم المكافأة العظمى وهي سورة هل أتى ، إنّها مغفرة ورحمة ورضوان من الله تعالى ، وخلود في الفردوس الأعلى ، ووسام شرف في الدنيا باق حتى يرث الله تعالى الأرض ومن عليها ، إنّه يحمل هذه الآيات العظام.

( وَجَزاهُمْ بِما صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً. مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ لا يَرَوْنَ

١٥١

فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً. وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً. وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا. قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً. وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً ) (١).

إنّه عطاء سمح لا نهاية له من الله تعالى على هذا الايثار الذي تجاوز حدود الزمان والمكان ، ولا يوصف بكيف ولا يقدّر بكم.

٤ ـ قال تعالى :

( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٢).

أجمع المفسّرون والرواة على أنّ الآية المباركة نزلت في الخمسة أصحاب الكساء (٣) ، وهم سيّد الكائنات الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وصنوه الجاري مجرى نفسه الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وبضعته الطاهرة سيّدة نساء العالمين التي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها ، وريحانتاه الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ، ولم يشاركهم أحد من اسرة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا من غيرهم من أعلام الصحابة في هذه الفضيلة ، ويؤيّد ذلك كوكبة من الأخبار الصحاح وهي :

أ ـ إنّ السيّدة الزكية أمّ المؤمنين أمّ سلمة قالت : نزلت هذه الآية في بيتي ، وفيه كانت فاطمة والحسن والحسين وعليّ فجلّلهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكساء كان

__________________

(١) الإنسان : ١٢ ـ ١٧.

(٢) الأحزاب : ٣٣.

(٣) تفسير الرازي ٦ : ٧٨٣. صحيح مسلم ٢ : ٣٣١. الخصائص الكبرى ٢ : ٢٦٤. الرياض النضرة ٢ : ١٨٨. تفسير ابن جرير ٢٢ : ٥. مسند أحمد بن حنبل ٤ : ١٠٧. سنن البيهقي ٢ : ١٥٠. مشكل الآثار ١ : ٣٣٤.

ومن الجدير بالذكر أنّ ابن جرير أورد في تفسيره خمس عشرة رواية بأسانيد مختلفة باختصاص الآية في أهل البيت عليهم‌السلام.

١٥٢

عليه ، ثمّ قال : « اللهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا » ، يكرّر ذلك ، وأمّ سلمة تسمع وترى ، فقالت : وأنا معكم يا رسول الله؟ ورفعت الكساء لتدخل فجذبه منها ، وقال : « إنّك على خير » (١).

ب ـ روى ابن عبّاس قال : شهدت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبعة أشهر يأتي كلّ يوم باب عليّ بن أبي طالب عند وقت كلّ صلاة فيقول : « السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت : ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) ، الصّلاة يرحمكم الله » كلّ يوم خمس مرّات (٢).

ج ـ روى أبو برزة قال : صلّيت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سبعة أشهر ، فإذا خرج من بيته أتى باب فاطمة عليها‌السلام ، فقال : « السّلام عليكم ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) » (٣).

إنّ قيام الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذلك إرشاد للامّة وإلزام لها باتّباع أهل بيته الذين هم الأدلاّء على كلّ ما ينفع الامّة في مسيرتها نحو التقدّم والتطوّر في حياتهم الدنيوية والاخروية.

د ـ احتجّ الإمام الحسن عليه‌السلام بالآية الكريمة على اختصاصها بهم ، فقد قال في بعض خطبه : « وأنا من أهل البيت الّذي كان جبرئيل ينزل إلينا ويصعد من عندنا ، وأنا من أهل البيت الّذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا » (٤).

لقد تظافرت الأخبار من طرق العترة الطاهرة وغيرها على اختصاص الآية

__________________

(١) مستدرك الحاكم ٢ : ٤١٦. اسد الغابة ٥ : ٥٢١.

(٢) الدرّ المنثور ٥ : ١٩٩.

(٣) ذخائر العقبى : ٢٤.

(٤) مستدرك الحاكم ٣ : ١٧٢.

١٥٣

بأهل البيت ، وشاع ذلك في الأوساط الإسلامية ، يقول السيّد الحميري :

إنّ يوم التّطهير يوم عظيم

خصّ بالفضل فيه أهل الكساء (١)

وقد حقّقنا بصورة موضوعيّة ودقيقة خروج نساء النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الآية في كتابنا « حياة الإمام الحسين عليه‌السلام ».

هذه بعض الآيات النازلة في أهل بيت النبوّة سلام الله عليهم ، وفي طليعتهم سيّد العترة وإمام المتّقين الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام.

الآيات النازلة في الإمام وخيار الصحابة

نزلت طائفة من آيات الذكر الحكيم في حقّ الإمام عليه‌السلام ، ومعه كوكبة من أعلام الإسلام وخيار الصحابة ، وهذه بعضها :

١ ـ قال تعالى :

( وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ ) (٢).

روى ابن عباس قال : الأعراف موضع عال من الصراط عليه العباس وحمزة وعليّ بن أبي طالب عليه‌السلام وجعفر ذو الجناحين يعرفون محبّيهم ببياض وجوههم ، ومبغضيهم بسواد الوجوه (٣).

٢ ـ قال تعالى :

( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ

__________________

(١) الأغاني ٧ : ٢٣٩.

(٢) الأعراف : ٤٦.

(٣) الصواعق المحرقة : ١٠١.

١٥٤

يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ) (١).

سئل ـ أي الإمام أمير المؤمنين ـ عن هذه الآية ، وهو على المنبر فقال :

« اللهمّ غفرا نزلت فيّ وفي عمّي حمزة ، وفي ابن عمّي عبيدة بن الحارث ، فأمّا عبيدة فقضى نحبه شهيدا يوم بدر ، وحمزة قضى شهيدا يوم أحد ، وأمّا أنا فانتظر أشقاها يخضّب هذه من هذا » ، وأشار بيده إلى لحيته ورأسه (٢).

الآيات النازلة في حقّه وذمّ مخالفيه

هذه كوكبة من آيات الذكر الحكيم نزلت في حقّه وذمّ مخالفيه ، الذين جاهدوا على الغضّ من مآثره وفضائله :

١ ـ قال تعالى :

( أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) (٣).

نزلت هذه الآية في الإمام أمير المؤمنين والعباس وطلحة بن شيبة لمّا افتخروا فقال طلحة : أنا صاحب البيت بيدي مفتاحه وإليّ ثياب بيته ، وقال العباس : أنا صاحب السقاية والقائم عليها ، وقال الإمام :

« ما أدري ما تقولون؟ لقد صلّيت إلى القبلة ستّة أشهر قبل النّاس ، وأنا صاحب الجهاد » ، فنزلت الآية (٤).

__________________

(١) الأحزاب : ٢٣.

(٢) الصواعق المحرقة : ٨٠. نور الأبصار : ٨٠.

(٣) براءة : ١٩.

(٤) تفسير الطبري ١٠ : ٦٨. تفسير الرازي ١٦ : ١١. الدرّ المنثور ٤ : ١٤٦. أسباب النزول : ١٨٢.

١٥٥

٢ ـ قال تعالى :

( أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ ) (١).

نزلت الآية في الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام وفي الوليد بن عقبة بن أبي معيط ، فقد افتخر على الإمام قائلا له : أنا أبسط منك لسانا ، وأحدّ منك سنانا ، وأردّ منك للكتيبة ، فقال له الإمام : « اسكت ، فإنّك فاسق » ، فأنزل الله فيهما الآية (٢).

٣ ـ قال تعالى :

( أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) (٣).

نزلت الآية في الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام وحمزة وأبي لهب وأولاده ، فالإمام وحمزة شرح الله صدريهما بالإيمان والتقوى ، وأبو لهب وأولاده قست قلوبهم وفي ضلال مبين (٤).

٤ ـ قال تعالى :

( أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ ) (٥).

نزلت الآية الكريمة في الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وفي عمّه الشهيد حمزة ،

__________________

(١) السجدة : ١٨.

(٢) تفسير الطبري ٢١ : ٦٨. أسباب النزول ـ الواحدي : ٢٦٣. تاريخ بغداد ١٣ : ٣٢١.

الرياض النضرة ٢ : ٢٠٦.

(٣) الزمر : ٢٢.

(٤) الرياض النضرة ٢ : ٣٠٧.

(٥) الجاثية : ٢١.

١٥٦

وعبيدة ، وفي ثلاثة من المشركين ، وهم : عتبة وشيبة والوليد بن عتبة ، قالوا للمؤمنين : والله! ما أنتم على شيء ، ولو كان ما تقولون حقّا لكان حالنا أفضل من حالكم في الآخرة ، كما أنّا أفضل حالا منكم في الدنيا ، فأنكر الله تعالى هذا الكلام وبيّن في كتابه أنّه لا يمكن بأي حال أن يكون المؤمن المطيع لله ولرسوله كالكافر العاصي في درجات الثواب ، ومنازل المتّقين (١).

٥ ـ قال تعالى :

( إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ ) (٢).

مرّ الإمام أمير المؤمنين عليه‌السلام ومعه جماعة من المسلمين فسخر منهم المنافقون ، وضحكوا وتغامزوا استهزاء وسخرية بهم ، ثمّ رجعوا إلى أصحابهم ، وقالوا لهم : رأينا اليوم الأصلع فضحكنا منه ، فنزلت الآية على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل أن يصل إليه الإمام وأخبره بذلك (٣).

وبهذا نطوي الحديث عن بعض آيات الذكر الحكيم التي أشادت بفضل إمام المتّقين وسيّد الموحّدين ، وأعلنت سموّ مكانته وعظيم شأنه عند الله تعالى.

__________________

(١) تفسير الرازي ٩ : ٦٧٦.

(٢) المطفّفين : ٢٩.

(٣) الكشّاف ٤ : ٧٢٤.

١٥٧
١٥٨

الإمام عليه‌السلام

في ظلال السّنّة

١٥٩
١٦٠