تذكرة الفقهاء - ج ٨

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ٨

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: ٥٠٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلّىٰ بذي الحليفة ثم دعا ببدنة فأشعرها من صفحة سنامها الأيمن ، وسلت الدم عنها بيده (١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادق عليه‌السلام : « ويشقّ سنامها الأيمن » (٢) .

ولأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يحبّ التيامن في شأنه كلّه (٣) .

وقال مالك وأبو يوسف : تُشعر في صفحتها اليسرىٰ ـ وهو رواية عن أحمد ـ لأنّ ابن عمر فَعَله (٤) .

وفِعْلُ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أولىٰ .

ولو كانت البُدْنُ كثيرةً ، دخل بينها وشقّ سنام إحداهما من الأيمن والاُخرىٰ الأيسر .

مسألة ٦٣١ : لا ينبغي أن يأخذ من جلود الهدايا شيئاً‌ ، بل يتصدّق بها ، ولا يُعطيها الجزّار ؛ لقول الصادق عليه‌السلام : « ذبح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله عن اُمّهات المؤمنين بقرةً بقرةً ، ونحر هو ستّاً وستّين بدنة ، ونحر علي عليه‌السلام أربعاً وثلاثين بدنة ، ولم يُعط الجزّارين من جلالها ولا قلائدها ولا جلودها ولكن تصدّق به » (٥) .

وفي رواية صحيحة عن الصادق عليه‌السلام ، قال : « نهىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يعطىٰ جلالها وجلودها وقلائدها الجزّارين ، وأمر أن يتصدّق بها » (٦) .

__________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٩١٢ / ١٢٤٣ ، سنن أبي داود ٢ : ١٤٦ / ١٧٥٢ ، سنن الدارمي ٢ : ٦٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٣٢ ، ومسند أحمد ١ : ٢٥٤ و ٢٨٠ و ٣٣٩ و ٣٤٧ بتفاوت يسير .

(٢) الفقيه ٢ : ٢٠٩ / ٩٥٥ بتفاوت يسير .

(٣) صحيح مسلم ١ : ٢٢٦ / ٦٧ وفيه . . . التيمّن . . .

(٤) بداية المجتهد ١ : ٣٧٧ ، الاستذكار ١٢ : ٢٦٩ / ١٧٥٨٢ ، المغني ٣ : ٥٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٨٠ ، فتح العزيز ٨ : ٩٣ ـ ٩٤ ، المجموع ٨ : ٣٦٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٧٣ .

(٥) التهذيب ٥ : ٢٢٧ / ٧٧٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٧٥ ـ ٢٧٦ / ٩٧٩ .

(٦) التهذيب ٥ : ٢٢٨ / ٧٧١ ، الاستبصار ٢ : ٢٧٦ / ٩٨٠ .

٣٠١
 &

مسألة ٦٣٢ : روىٰ جميل بن دراج ـ في الحسن ـ عن الصادق عليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق ، قال : « لا ينبغي إلّا أن يكون ناسياً » ثم قال : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أتاه اُناس يوم النحر ، فقال بعضهم : يا رسول الله حلقت قبل أن أذبح ، وقال بعضهم : حلقت قبل أن أرمي ، فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي أن يؤخّر إلّا قدّموه ، فقال : لا حرج » (١) .

إذا عرفت هذا ، فلا يجوز أن يحلق ولا أن يزور البيت إلّا بعد الذبح أو أن يبلغ الهدي محلّه وهو منىٰ يوم النحر بأن يشتريه ويجعله في رحله بمنىٰ ؛ لأنّ وجوده في رحله في ذلك الموضع بمنزلة الذبح .

وقال الشيخ : مَنْ تمتّع عن اُمّه وأهلّ بحجّة عن أبيه فهو بالخيار في الذبح إن فعل فهو أفضل ، وإن لم يفعل فليس عليه شي‌ء (٢) ؛ لقول الصادق عليه‌السلام في رجل تمتّع عن اُمّه وأهلّ بحجّة عن أبيه ، قال : « إن كان ذبح فهو خير له ، وإن لم يذبح فليس عليه شي‌ء ، لأنّه إنّما تمتّع عن اُمّه وأهلّ بحجّة عن أبيه » (٣) .

مسألة ٦٣٣ : المتمتّع الواجد للهدي إذا مات قبل الفراغ من الحجّ ، لم يسقط عنه الدم‌ ، بل يخرج من تركته ـ وهو أصحّ قولي الشافعي (٤) ـ لأنّه وجب بالإحرام بالحجّ والتمتّع بالعمرة إلىٰ الحجّ ، وأنّه موجود .

والثاني : لا يجب ؛ لأنّ الكفّارة إنّما تجب عند تمام النسكين علىٰ سبيل الرفاهية وربح أحد النفرين ، وإذا مات قبل الفراغ لم يحصل هذا الغرض (٥) .

وأمّا الصوم : فإن مات قبل التمكّن منه ، سقط عنه ، وقد سبق ـ وهو

__________________

(١) الكافي ٤ : ٥٠٤ / ١ ، الفقيه ٢ : ٣٠١ / ١٤٩٦ ، التهذيب ٥ : ٢٣٦ / ٧٩٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٨٥ / ١٠٠٩ .

(٢) التهذيب ٥ : ٢٣٩ ذيل الحديث ٨٠٦ .

(٣) التهذيب ٥ : ٢٣٩ / ٨٠٧ .

(٤ و ٥) الوجيز ١ : ١١٦ ، فتح العزيز ٧ : ١٩٢ ، المجموع ٧ : ١٩١ .

٣٠٢
 &

أصحّ قولي الشافعي (١) ـ لأنّه صوم لم يتمكّن من الإتيان به ، فأشبه رمضان .

والثاني : يهدىٰ عنه ؛ لأنّ الصوم قد وجب بالشروع في الحجّ ، فلا يسقط من غير بدل (٢) .

وأمّا إن تمكّن من الصوم ولم يصم حتىٰ مات ، وجب علىٰ وليّه القضاء ـ وهو القديم للشافعي (٣) ـ لأنّه صوم مفروض فاته بعد القدرة عليه .

وفي الجديد : يطعم عنه وليّه من تركته لكلّ مسكين مدّ ، فإن تمكّن من جميع العشرة ، فعشرة أمداد ، وإلّا فبالقسط .

وهل يجب صرفه إلىٰ فقراء الحرم أم يجوز صرفه إلىٰ غيرهم ؟ قولان .

وله قول آخر : إنّه يجب في فوات ثلاثة أيّام إلىٰ العشرة شاة ، وفي يوم ثلث شاة ، وفي يومين ثلثا شاة (٤) .

البحث السادس : في الضحايا .

مسألة ٦٣٤ : الضحيّة مستحبّة ، قال الله تعالىٰ : ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) (٥) قيل في التفسير : إنّه الاُضحية بعد صلاة العيد (٦) .

وروىٰ أنس عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه ضحّىٰ بكبشين أقرنين أملحين (٧) .

__________________

(١ و ٢) فتح العزيز ٧ : ١٩٣ ، المجموع ٧ : ١٩١ .

(٣) فتح العزيز ٧ : ١٩٤ ، المجموع ٧ : ١٩٢ .

(٤) فتح العزيز ٧ : ١٩٤ ـ ١٩٥ ، المجموع ٧ : ١٩٢ .

(٥) الكوثر : ٢ و ٣ .

(٦) كما في المغني ١١ : ٩٥ ، وانظر الحاوي الكبير ١٥ : ٧٠ .

(٧) سنن أبي داود ٣ : ٩٥ / ٢٧٩٤ ، وفي صحيح مسلم ٣ : ١٥٥٦ و ١٥٥٧ / ١٧ و ١٨ ، وسنن الترمذي ٤ : ٨٤ / ١٤٩٤ ، وسنن النسائي ٧ : ٢٢٠ ، وسنن الدارمي ٢ : ٧٥ بتقديم وتأخير .

٣٠٣
 &

والأقرن : ما لَه قرنان ، والأملح : ما فيه سواد وبياض والبياض أغلب .

وفي رواية : أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بكبش أقرن يطأ في سواد وينظر في سواد ويبرك في سواد ، فاُتي به فضحّىٰ به ، فأضجعه وذبحه ، وقال : ( بسم الله ، اللّهم اقبل من محمد وآل محمد ومن اُمّة محمد ) (١) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه ابن بابويه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه ضحّىٰ بكبشين ذبح واحداً بيده ، فقال : ( اللّهم هذا عنّي وعن مَنْ لم يضحّ من أهل بيتي ) وذبح الآخر وقال : ( اللّهم هذا عنّي وعن مَنْ لم يضحّ من أُمّتي ) وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام يضحّي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله كلّ سنة بكبش ويذبح كبشاً آخر عن نفسه (٢) .

مسألة ٦٣٥ : الاُضحية مستحبّة وسنّة مؤكّدة ليست واجبةً‌ ـ وبه قال أبو بكر وعمر وابن مسعود البدري وابن عباس وابن عمر وبلال وسويد بن غفلة وسعيد بن جبير (٣) وعطاء وعلقمة والأسود وأحمد وإسحاق وأبو ثور والشافعي والمزني وابن المنذر (٤) ـ لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( كتب عليَّ النحر ولم يكتب عليكم ) (٥) .

__________________

(١) صحيح مسلم ٣ : ١٥٥٧ / ١٩٦٧ ، سنن أبي داود ٣ : ٩٤ / ٢٧٩٢ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٦٧ ، مسند أحمد ٦ : ٧٨ ، شرح معاني الآثار ٤ : ١٧٦ ـ ١٧٧ .

(٢) الفقيه ٢ : ٢٩٣ / ١٤٤٨ .

(٣) في المجموع والمغني والشرح الكبير والاستذكار : « سعيد بن المسيّب » بدل « سعيد بن جبير » . ولم يرد كلٌّ منهما في بقية المصادر في الهامش التالي .

(٤) المغني ١١ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٨٥ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٤٤ ، المجموع ٨ : ٣٨٣ و ٣٨٥ ، بداية المجتهد ١ : ٤٢٩ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٢ : ٨ ، الوجيز ٢ : ٢١١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٦٩ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٧١ ، الاستذكار ١٥ : ١٥٦ ـ ١٥٧ / ٢١٣٧٩ ـ ٢١٣٨١ و ٢١٣٨٣ و ٢١٣٨٤ .

(٥) سنن الدارقطني ٤ : ٢٨٢ / ٤٢ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٦٤ ، مسند أحمد ١ : ٣١٧ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ١١ : ٣٠١ / ١١٨٠٣ .

٣٠٤
 &

وقال ربيعة ومالك والثوري والأوزاعي والليث بن سعد وأصحاب الرأي : إنّها واجبة ؛ لما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : ( علىٰ أهل كلّ بيت في كلّ عام اُضحية وعتيرة ) (١) (٢) .

وقد ضعّفه المحدّثون (٣) ، ويظهر ضعفه بإيجاب العتيرة ، وهي ذبيحة كانت الجاهلية تذبحها في رجب .

والهدي يجزئ عن الاُضحية . والجمع بينهما أفضل ؛ لأنّه دم ذبح للنسك في وقت الاُضحية ، فكان مجزئاً عنها .

ولقول الباقر عليه‌السلام ـ في الصحيح ـ : « يجزئك من الاُضحية هديك » (٤) .

مسألة ٦٣٦ : أيّام الأضاحي بمنىٰ أربعة : يوم النحر وثلاثة أيّام بعده ، وفي غيرها من الأمصار ثلاثة : يوم النحر ويومان بعده ، عند علمائنا أجمع ـ وبه قال سعيد بن جبير (٥) ـ لما رواه العامّة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : ( عرفة كلّها موقف وارتفعوا عن بطن عرنة ، وأيّام منىٰ كلّها منحر ) (٦) .

__________________

(١) سنن أبي داود ٣ : ٩٣ / ٢٧٨٨ ، سنن الترمذي ٤ : ٩٩ / ١٥١٨ .

(٢) المغني ١١ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٨٥ ، بداية المجتهد ١ : ٤٢٩ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٧١ ، المجموع ٨ : ٣٨٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٦٩ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٢ : ٨ ، الاستذكار ١٥ : ١٥٥ ـ ١٥٦ / ٢١٣٧٧ و ٢١٣٧٨ و ٢١٣٨٢ .

(٣) اُنظر علىٰ سبيل المثال : معالم السنن ـ للخطابي ـ ٤ : ٩٤ ، وكما في المغني ١١ : ٩٥ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٨٥ .

(٤) التهذيب ٥ : ٢٣٨ / ٨٠٣ ، وفيه : « يجزئه . . . هديه » .

(٥) ما نسب إليه في المغني ٣ : ٤٦٤ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٥٦ ، والاستذكار ١٥ : ٢٠١ / ٢١٥٨٠ ، وتفسير القرطبي ١٢ : ٤٣ هو أنّه قال : النحر في الأمصار يوم واحد ، وفي منىٰ ثلاثة أيّام . وما هو موجود في حلية العلماء ٣ : ٣٧٠ أنّه قال : يجوز لأهل الأمصار يوم النحر خاصّة ، ولأهل السواد فيه وفي أيّام التشريق . وكذلك في المجموع ٨ : ٣٩٠ .

(٦) سنن البيهقي ٥ : ١١٥ بتفاوت .

٣٠٥
 &

ومن طريق الخاصّة : قول الصادق عليه‌السلام لمّا سأله عمّار الساباطي عن الأضحىٰ بمنىٰ ، قال : « أربعة أيّام » وعن الأضحىٰ في سائر البلدان ، قال : « ثلاثة أيّام » (١) .

وقال الحسن وعطاء : أنّها أربعة أيّام مطلقاً . وبه قال الشافعي (٢) .

وقال أبو حنيفة ومالك والثوري : ثلاثة أيّام : يوم النحر ويومان بعده مطلقاً (٣) .

وقال محمد بن سيرين : لا تجوز الاُضحية إلّا في يوم الأضحىٰ خاصّة ؛ لأنّ يوم الأضحىٰ اختصّ بتسمية الأضحىٰ دون غيره ، فاختصّ بها (٤) .

والاختصاص بالتسمية لا يوجب ذلك .

ولو فاتت هذه الأيّام ، فإن كانت الاُضحية واجبةً بالنذر وشبهه ، لم تسقط ، ووجب قضاؤها ؛ لأنّ لحمها مستحقّ للمساكين ، فلا يسقط حقّهم بفوات الوقت ، وإن كانت تطوّعاً ، فات ذبحها ، فإن ذبحها ، لم تكن اُضحيةً ، فإن فرّق لحمها علىٰ المساكين ، استحقّ الثواب علىٰ التفرقة دون الذبح .

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٩١ / ١٤٣٩ ، التهذيب ٥ : ٢٠٣ / ٦٧٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٦٤ / ٩٣١ .

(٢) المغني ٣ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٦ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١٢٤ ، المجموع ٨ : ٣٩٠ ، بداية المجتهد ١ : ٤٣٦ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٢ : ٩ ، تفسير القرطبي ١٢ : ٤٣ ، الاستذكار ١٥ : ٢٠٢ / ٢١٥٨٦ و ٢١٥٨٧ .

(٣) المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٢ : ٩ ، المغني ٣ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٠ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١٢٤ ، المجموع ٨ : ٣٩٠ ، بداية المجتهد ١ : ٤٣٦ ، الاستذكار ١٥ : ٢٠١ / ٢١٥٨١ ، تفسير القرطبي ١٢ : ٤٣ .

(٤) المغني ٣ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٠ ، المجموع ٨ : ٣٩٠ ، الاستذكار ١٥ : ٢٠٠ / ٢١٥٧٩ ، تفسير القرطبي ١٢ : ٤٣ .

٣٠٦
 &

مسألة ٦٣٧ : وقت الاُضحية إذا طلعت الشمس ومضىٰ قدر صلاة العيد والخطبتين ، سواء صلّىٰ الإمام أو لم يصلّ .

وقال الشافعي : يعتبر قدر صلاة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان عليه‌السلام يصلّي في الأولىٰ بـ ( ق ) وفي الثانية بـ ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ) (١) .

وقال عطاء : وقتها إذا طلعت الشمس (٢) .

وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد : من شرط الاُضحية أن يصلّي الإمام ويخطب ، إلّا أنّ أبا حنيفة يقول : أهل السواد يجوز لهم الاُضحية إذا طلع الفجر ؛ لأنّ عنده لا عيد لهم (٣) .

مسألة ٦٣٨ : الأيّام المعدودات أيّام التشريق‌ إجماعاً ، والأيّام المعلومات عشرة أيّام من ذي الحجّة آخرها غروب الشمس من يوم النحر ، عند علمائنا ، وبه قال علي عليه‌السلام وابن عباس وابن عمر والشافعي (٤) .

__________________

(١) الحاوي الكبير ١٥ : ٨٥ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٤٤ ، المجموع ٨ : ٣٨٧ و ٣٨٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٠ ، الاستذكار ١٥ : ١٥٤ ـ ١٥٥ ، وانظر : صحيح مسلم ٢ : ٦٠٧ / ٨٩١ ، وسنن الترمذي ٢ : ٤١٤ / ٥٣٣ ، وسنن أبي داود ١ : ٣٠٠ / ١١٥٤ .

(٢) المغني ١١ : ١١٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٥ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٨٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٠ .

(٣) المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٢ : ١٠ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٨٥ ، الاستذكار ١٥ : ١٥٤ ـ ١٥٥ ، المجموع ٨ : ٣٨٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٠ ، المغني ١١ : ١٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٤ ـ ٥٥٥ ، تفسير القرطبي ١٢ : ٤٢ ـ ٤٣ ، بداية المجتهد ١ : ٤٢٥ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٧٦ .

(٤) الحاوي الكبير ٤ : ٣٦٦ ، الاستذكار ١٥ : ١٩٩ / ٢١٥٦٦ ـ ٢١٥٦٩ ، مختصر المزني : ٧٣ ، الوجيز ١ : ١٣٢ ، فتح العزيز ٨ : ٨٩ ، المجموع ٨ : ٣٨١ ، تفسير القرطبي ٣ : ٢ و ٣ ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ٣ : ٢٣٣ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٢٨ ، وحكاه عنهم الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٤٣٥ ـ ٤٣٦ ، المسألة ٣٣٢ .

٣٠٧
 &

وقال مالك : ثلاثة أيّام أوّلها يوم النحر (١) . فجعل أوّل أيّام التشريق وثانيها من المعدودات والمعلومات .

وقال أبو حنيفة : ثلاثة أيّام أوّلها يوم عرفة وآخرها أوّل أيّام التشريق (٢) . فجَعَل أوّل التشريق من المعدودات والمعلومات .

وقال سعيد بن جبير : المعدودات : هي المعلومات (٣) .

والحقّ المغايرة ؛ لدلالة اختلاف الاسمين علىٰ تغاير معنييهما ، إلّا أنّ الترادف علىٰ خلاف الأصل .

إذا عرفت هذا ، فإنّه يجوز الذبح عندنا في اليوم الثالث من أيّام التشريق ، وبه قال الشافعي (٤) .

وقال أبو حنيفة ومالك : لا يجوز ؛ لأنّه ليس من المعلومات (٥) .

وليس بمعتمد ؛ لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نهىٰ عن صيام أيّام التشريق ، وقال :

__________________

(١) بداية المجتهد ١ : ٤٣٦ ، الاستذكار ١٥ : ٢٠٠ / ٢١٥٧٣ و ٢١٥٧٥ و ٢١٥٧٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٦٦ ، فتح العزيز ٨ : ٨٩ ، المجموع ٨ : ٣٨١ وعنه في الخلاف ٢ : ٤٣٦ ، المسألة ٣٣٢ .

(٢) فتح العزيز ٨ : ٨٩ ، الحاوي الكبير ٤ : ٣٦٦ ، المجموع ٨ : ٣٨١ ، وعنه في الخلاف ٢ : ٤٣٦ ، المسألة ٣٣٢ .

(٣) اُنظر : الاستذكار ١٥ : ١٩٨ / ٢١٥٦٣ ، وعنه في الخلاف ٢ : ٤٣٦ ، المسألة ٣٣٢ .

(٤) المجموع ٨ : ٣٨١ و ٣٨٧ ـ ٣٨٨ و ٣٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٠ ، المغني ٣ : ٤٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٦ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٢ : ٩ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٨٣ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ١ : ٧٣ ، تفسير القرطبي ١٢ : ٤٣ ، وعنه في الخلاف ٢ : ٤٣٧ ، المسألة ٣٣٣ .

(٥) المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٢ : ٩ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٨٣ ـ ٨٤ ، المجموع ٨ : ٣٨١ و ٣٩٠ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٧٦ ، وعنهما في الخلاف ٢ : ٤٣٧ ، المسألة ٣٣٣ .

٣٠٨
 &

( إنّها أيّام أكل وشرب وبعال ) (١) .

وفي رواية : ( إنّها أيّام أكل وشرب ) (٢) .

وفي اُخرىٰ : ( إنّها أيّام أكل وشرب [ وذكر ] (٣) وذبح ) (٤) .

فثبت بذلك أنّ الثالث من أيّام الذكر والذبح معاً .

وعند أبي حنيفة : أنّه ليس من أيّام الذكر ولا الذبح (٥) .

مسألة ٦٣٩ : يجوز لمن دخل عليه عشر ذي الحجّة وأراد أن يضحّي أن يحلق رأسه أو يقلّم أظفاره‌ من غير كراهة ولا تحريم ؛ لأنّه لا يحرم عليه الوطء ولا الطيب ولا اللباس فكذا حلق الشعر وقلم الأظفار ، وبه قال أبو حنيفة (٦) .

وقال الشافعي : يكره (٧) .

وقال أحمد وإسحاق : يحرم عليه ؛ لما روته اُمّ سلمة أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( إذا دخل العشر وأراد أحدكم أن يضحّي فلا يمسّ من شعره ولا من بشره شيئاً ) (٨) والنهي يقتضي التحريم (٩) .

وهو ممنوع ومعارض بقول عائشة : كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم يقلّدها هو بيده ثم يبعث بها مع أبي بكر ، فلا يحرم

__________________

(١) شرح معاني الآثار ٢ : ٢٤٤ و ٢٤٦ .

(٢) سنن الدارقطني ٢ : ٢١٢ / ٣٣ ، شرح معاني الآثار ٢ : ٢٤٤ ـ ٢٤٦ .

(٣) أضفناها لأجل السياق من كتاب الخلاف للشيخ الطوسي رحمه‌الله .

(٤) أوردها الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٤٣٧ ذيل المسألة ٣٣٣ .

(٥) كما في كتاب الخلاف ـ للشيخ الطوسي ـ ٢ : ٤٣٧ ، المسألة ٣٣٣ .

(٦) المغني ١١ : ٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٩١ ، المجموع ٨ : ٣٩٢ .

(٧) المجموع ٨ : ٣٩٢ ، المغني ١١ : ٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٩١ .

(٨) صحيح مسلم ٣ : ١٥٦٥ / ١٩٧٧ ، سنن النسائي ٧ : ٢١٢ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٦٦ .

(٩) المغني ١١ : ٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٢ ، المجموع ٨ : ٣٩٢ .

٣٠٩
 &

عليه شي‌ء أحلّه الله له حتىٰ ينحر الهدي (١) .

وقد روىٰ علماؤنا أنّ مَنْ أنفذ هدياً من أفق من الآفاق يواعد أصحابه يوماً يقلّدونه فيه أو يشعرونه ويجتنب هو ما يجتنبه المُحْرم ، فإذا كان يوم الميعاد ، حلّ ما يحرم منه (٢) . وهو مروي عن ابن عباس (٣) . وخالفت العامّة ذلك (٤) .

وقد رواه ابن بابويه ـ في الصحيح ـ عن معاوية بن عمّار ، قال : سألت الصادقَ عليه‌السلام : عن الرجل يبعث بالهدي تطوّعاً وليس بواجب ، فقال : « يواعد أصحابه يوماً يقلّدونه ، فإذا كان تلك الساعة اجتنب ما يجتنبه المُحْرم إلىٰ يوم النحر ، فإذا كان يوم النحر أجزأ عنه ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حين صدّه المشركون يوم الحديبية نحر وأحلّ ورجع إلىٰ المدينة » (٥) .

وقال الصادق عليه‌السلام : « ما يمنع أحدكم من أن يحجّ كلّ سنة » فقيل : لا يبلغ ذلك أموالنا ، فقال : « أما يقدر أحدكم إذا خرج أخوه أن يبعث معه بثمن اُضحية ويأمره أن يطوف عنه اُسبوعاً بالبيت ويذبح عنه ، فإذا كان يوم عرفة لبس ثيابه وأتىٰ المسجد فلا يزال في الدعاء حتىٰ تغرب الشمس » (٦) .

مسألة ٦٤٠ : لا تختصّ الاُضحية بمكان ، بل يجوز أن يضحّي حيث

__________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٢٠٧ ـ ٢٠٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٥٩ / ٣٦٩ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٣٤ و ٩ : ٢٦٧ ، شرح معاني الآثار ٢ : ٢٦٤ ـ ٢٦٥ بتفاوت .

(٢) النهاية ـ للطوسي ـ : ٢٨٣ ، الخلاف ٢ : ٤٤١ ، المسألة ٣٤٠ .

(٣) صحيح البخاري ٢ : ٢٠٧ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٥٩ / ٣٦٩ ، شرح معاني الآثار ٢ : ٢٦٤ ، المجموع ٨ : ٣٦٠ ، وكما في الخلاف ٢ : ٤٤١ ، المسألة ٣٤٠ .

(٤) كما في الخلاف ٢ : ٤٤١ ، المسألة ٣٤٠ ، وانظر : المجموع ٨ : ٣٦٠ .

(٥) الفقيه ٢ : ٣٠٦ / ١٥١٧ .

(٦) الفقيه ٢ : ٣٠٦ / ١٥١٨ .

٣١٠
 &

شاء من الأمصار ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ضحّىٰ بالمدينة بكبشين أملحين (١) .

والفرق بينه وبين الهدي : أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بعث بُدْنه إلىٰ الحرم وضحّىٰ بالمدينة (٢) ، ولأنّ الهدي له تعلّق بالإحرام ، بخلاف الاُضحية .

مسألة ٦٤١ : وتختصّ الاُضحية بالنَّعَم : الإبل والبقر والغنم ، بإجماع علماء الإسلام .

قال الله تعالىٰ : ( لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ) (٣) قال المفسّرون : هي الإبل والبقر والغنم (٤) .

ولا يجزئ إلّا الثنيّ من الإبل والبقر والمعز ، ويجزئ من الضأن الجذع ، وهو قول أكثر العلماء (٥) .

وقال الزهري : لا يجزئ الجذع من الضأن أيضاً (٦) .

ويبطل بما رواه العامّة عن عقبة بن عامر أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قسّم ضحايا بين أصحابنا ، فأعطاني جذعاً فرجعت إليه ، فقلت : يا رسول الله إنّه جذع ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ضحّ به ) (٧) .

__________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٢١٠ .

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٩٥٧ / ١٣٢١ ، سنن أبي داود ٢ : ١٤٧ / ١٧٥٧ .

(٣) الحج : ٣٤ .

(٤) اُنظر تفسير القرطبي ١٢ : ٤٤ ، والتبيان ٧ : ٣١٤ ، ومجَمْع البيان ٤ : ٨١ .

(٥) المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٢ : ٩ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٤٥ ، المجموع ٨ : ٣٩٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٢ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٧٦ ، المغني ١١ : ١٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٢ .

(٦) الحاوي الكبير ٥ : ٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٢ ، المجموع ٨ : ٣٩٤ ، المغني ١١ : ١٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٢ .

(٧) صحيح مسلم ٣ : ١٥٥٦ / ١٦ ، سنن الترمذي ٤ : ٨٨ / ١٥٠٠ ، سنن النسائي ٧ : ٢١٨ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٦٩ بتفاوت يسير .

٣١١
 &

وقال الأوزاعي : يجزئ الجذع من جميع الأجناس (١) .

ويبطل بما رواه العامّة عن البراء بن عازب أنّ رجلاً يقال له : أبو بردة ابن نيار ، ذبح قبل الصلاة ، فقال له النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( شاتك شاة لحم ) فقال : يا رسول الله عندي جذعة من المعز ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ضحّ بها ولا تصلح لغيرك ) (٢) .

وفي رواية : ( تجزئك ولا تجزئ أحداً بعدك ) (٣) .

وهو نصٌّ في عدم إجزاء المعز لغير أبي بردة ، فلا يجزئ من غير المعز ؛ لعدم القائل بالفرق .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادق عليه‌السلام ـ في الصحيح ـ عن علي عليه‌السلام ، أنّه كان يقول : « الثنيّة من الإبل والثنيّة من البقر ومن المعز ، والجذعة من الضأن » (٤) .

إذا عرفت هذا ، فالثنيّ من البقر والمعز ما لَه سنة ، ودَخَل في الثانية ، ومن الإبل ما لَه خمس سنين ، ودَخَل في السادسة ، وجذع الضأن هو الذي له ستّة أشهر .

مسألة ٦٤٢ : الأفضل الثنيّ من الإبل ثم الثنيّ من البقر ثم الجذع من الضأن‌ ـ وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد (٥) ـ لما رواه العامّة عن

__________________

(١) الحاوي الكبير ١٥ : ٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٢ ـ ٥٤٣ .

(٢) صحيح البخاري ٧ : ١٣١ ، سنن أبي داود ٣ : ٩٦ ـ ٩٧ / ٢٨٠١ بتفاوت يسير .

(٣) صحيح البخاري ٢ : ٢١ ـ ٢٢ ، سنن البيهقي ٣ : ٢٨٣ ـ ٢٨٤ بتفاوت يسير .

(٤) التهذيب ٥ : ٢٠٦ / ٦٨٨ .

(٥) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٤٥ ، المجموع ٨ : ٣٩٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٢ ، المغني ١١ : ٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٠ .

٣١٢
 &

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال في الجمعة : ( مَنْ راح في الساعة الاُولىٰ فكأنّما قرَّب بدنة ، ومَنْ راح في الساعة الثانية فكأنّما قرَّب بقرة ، ومَنْ راح في الساعة الثالثة فكأنّما قرَّب كبشاً » (١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الباقر عليه‌السلام في الهدي : « أفضله بدنة ، وأوسطه بقرة ، وأخسّه شاة » (٢) .

وقال مالك : الأفضل الجذع من الضأن ثم الثنيّ من البقر ثم الثنيّ من الإبل (٣) ، لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أفضل الذبح الجذع من الضأن ، ولو علم الله خيراً منه لفدىٰ به إسحاق عليه‌السلام ) (٤) .

وهو محمول علىٰ أنّه أفضل من باقي أسنان الغنم .

والجذعة من الغنم أفضل من إخراج سُبْع بدنة ؛ لأنّ إراقة الدم مقصودة في الاُضحية ، وإذا ضحّىٰ بالشاة ، حصلت إراقة الدم جميعه .

مسألة ٦٤٣ : يستحب أن يكون أملح سميناً .

قال ابن عباس في قوله تعالىٰ : ( وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ ) (٥) قال : تعظيمها استسمان الهدي واستحسانه (٦) .

وينبغي أن يكون تامّاً ، فلا تجزئ في الضحايا العوراء البيّن عورها ،

__________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٥٨٢ / ٨٥٠ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٧٢ / ٤٩٩ ، سنن النسائي ٣ : ٩٩ ، سنن البيهقي ٣ : ٢٢٦ .

(٢) التهذيب ٥ : ٣٦ / ١٠٧ وفيه : « . . . وأخفضه شاة » .

(٣) التفريع ١ : ٣٩٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٣ ، المغني ١١ : ٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٠ .

(٤) لم نجده في المصادر الحديثية ، وانظر : المغني ١١ : ٩٩ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٤٠ .

(٥) الحج : ٣٢ .

(٦) تفسير الطبري ١٧ : ١١٣ ، المغني ١١ : ٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٤٢ .

٣١٣
 &

ولا العرجاء البيّن عرجها ، ولا المريضة البيّن مرضها ، ولا العجفاء التي لا تنقىٰ .

ونهىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يضحّىٰ بالمصفرة والبخقاء والمستأصلة والمشيّعة والكسراء (١) .

فالمصفرة : مقطوعة الاُذنين من أصلهما حتىٰ بدا صماخهما ، والأذن عضو مستطاب ، والبخقاء : العمياء ، والمستأصلة : التي استؤصل قرناها ، والمشيّعة : التي تتأخّر عن الغنم لهزالها ، والكسراء كالعرجاء .

وتكره الجلحاء ، وهي المخلوقة بغير قرن ، وهي الجمّاء ، والعضباء لا تجزئ .

وقال علي عليه‌السلام : « أمرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله باستشراف العين والاُذن ، ولا نضحّي بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة ولا خرقاء ولا شرقاء » (٢) .

فالمقابلة : أن تُقطع من مقدّم الاُذن أو يبقىٰ معلّقاً فيها ، كالزنمة ، والمدابرة : أن تُقطع من مؤخّر الاُذن ، والخرقاء : أن تكون مثقوبةً من السمة ، فإنّ الغنم توسم في آذانها ، فتنثقب بذلك ، والشرقاء : أن تشقّ اُذنها ، فتصير كالشاختين (٣) .

__________________

(١) سنن أبي داود ٣ : ٩٧ / ٢٨٠٣ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٧٥ ، مسند أحمد ٤ : ١٨٥ ، المستدرك ـ للحاكم ـ ١ : ٤٦٩ .

(٢) سنن أبي داود ٣ : ٩٧ ـ ٩٨ / ٢٨٠٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٧٧ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٧٥ .

(٣) كذا في الطبعة الحجرية ، وفي « ق ، ك » بالسين المهملة ، وليس لكلا اللفظين أصل لغوي ، والصواب بالسين والدال ، أو الشين والدال بلا فرق ، من سدخ الغرّة أو شدخها ، كما في لسان العرب ٣ : ٢٨ . والمراد : تدلّي الاُذن عند شدخها علىٰ الوجه .

٣١٤
 &

مسألة ٦٤٤ : يستحب التضحية بذوات الأرحام من الإبل والبقر والفحولة من الغنم‌ ؛ لقول الصادق عليه‌السلام : « أفضل البُدْن ذوات الأرحام من الإبل والبقر ، وقد يجزئ الذكورة من البُدْن والضحايا من الغنم الفحولة » (١) .

ولا يجوز التضحية بالثور ولا بالجمل بمنىٰ ، ويجوز ذلك في الأمصار .

قال الصادق عليه‌السلام ـ في الصحيح ـ : « يجوز ذكورة الإبل والبقر في البلدان إذا لم يجد (٢) الإناث ، والإناث أفضل » (٣) .

ولا يجوز التضحية بالخصي ؛ لنقصانه ؛ لرواية محمد بن مسلم ـ في الصحيح ـ عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : سألته أيضحّىٰ بالخصي ؟ قال : « لا » (٤) .

مسألة ٦٤٥ : يجب ذبح البقر والغنم ، فلا يجوز نحرهما‌ ، ويجب نحر الإبل ، فلا يجوز ذبحها ، فإن خالف ، حرم الحيوان ، عند علمائنا ، وبه قال مالك (٥) .

وجوّز الشافعي الذبحَ والنحرَ في جميع الحيوان (٦) .

وتجب التذكية بإزهاق الروح ، وإنّما يكون بقطع الأعضاء الأربعة : الحلقوم ـ وهو مجرىٰ النفس ـ والمري ـ وهو مجرىٰ الطعام والشراب ـ والودجان ـ وهُما عِرْقان يحيطان بالحلقوم ـ عند علمائنا أجمع ، وبه قال

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٠٤ / ٦٨٠ .

(٢) في المصدر : « لم يجدوا » .

(٣) التهذيب ٥ : ٢٠٥ / ٦٨٣ .

(٤) التهذيب ٥ : ٢٠٥ / ٦٨٦ .

(٥) بداية المجتهد ١ : ٤٤٤ ، حلية العلماء ٣ : ٤٢٤ .

(٦) روضة الطالبين ٢ : ٤٧٥ ، حلية العلماء ٣ : ٤٢٤ ، بداية المجتهد ١ : ٤٤٤ ، المغني ١١ : ٤٨ ، الشرح الكبير ١١ : ٥٤ .

٣١٥
 &

مالك وأبو يوسف (١) ؛ لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ما أنهر الدم وفرىٰ الأوداج فكُلْ ) (٢) .

وقال أبو حنيفة : يجب قطع ثلاثة من الأربع أيّها قطع (٣) .

وقال محمد بن الحسن : يجب قطع أكثر كلّ واحد من الأربعة (٤) .

وقال الشافعي : الواجب قطع الحلقوم والمري ، واستحبّ قطع الودجين (٥) .

مسألة ٦٤٦ : يستحب أن يتولّىٰ ذبح اُضحيته بنفسه ؛ اقتداءً بالنبي (٦) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإن لم يُحسن الذباحة ، جعل يده مع يد الذابح .

ويجوز استنابة المسلم ، ولو استناب كافراً ، لم يجزئ ، عند علمائنا ، وبه قال الشافعي إلّا أن يكون ذمّيّاً عنده (٧) .

ومالك وإن جوّزه إلّا أنّه قال : يكون لحم شاة لا اُضحية (٨) .

__________________

(١) بداية المجتهد ١ : ٤٤٥ ، حلية العلماء ٣ : ٤٢٣ ، المغني ١١ : ٤٦ ، الشرح الكبير ١١ : ٥٣ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٨٨ .

(٢) أورده السرخسي في المبسوط ١٢ : ٢ ، والكاساني في بدائع الصنائع ٥ : ٤١ .

(٣) المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٢ : ٢ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٦٨ ، بدائع الصنائع ٥ : ٤١ ، النتف ١ : ٢٢٦ ـ ٢٢٧ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٨٨ .

(٤) الاختيار لتعليل المختار ٥ : ١٥ ، بدائع الصنائع ٥ : ٤١ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٢ : ٢ ـ ٣ .

(٥) الاُم ٢ : ٢٣٦ ـ ٢٣٧ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٧٠ و ٤٧١ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٨٧ ـ ٨٨ ، الوجيز ٢ : ٢١٢ ، المغني ١١ : ٤٦ ، الشرح الكبير ١١ : ٥٣ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٢ : ٣ ، تحفة الفقهاء ٣ : ٦٩ .

(٦) اُنظر : صحيح مسلم ٣ : ١٥٥٦ / ١٩٦٦ ، وسنن البيهقي ٩ : ٢٥٩ و ٢٨٥ ، وسنن الدارمي ٢ : ٧٥ .

(٧) الحاوي الكبير ١٥ : ٩١ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٦٨ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٤٦ ، المغني ١١ : ١١٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٣ .

(٨) المنتقىٰ ـ للباجي ـ ٣ : ٨٩ ، المجموع ٨ : ٤٠٤ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٩١ .

٣١٦
 &

والحقّ ما قلناه ؛ لقوله عليه‌السلام : ( لا يذبح ضحاياكم إلّا طاهر ) (١) .

ولأنّ عليّاً عليه‌السلام وعمر منعا من أكل ذبائح نصارىٰ العرب (٢) .

ويجوز ذبيحة الصبيان مع معرفتهم بشرائط الذبح ، ويجوز ذباحة الأخرس وإن لم ينطق ، نعم يجب تحريك لسانه بالتسمية .

ويجوز ذباحة النساء إجماعاً ؛ لما رواه ابن عمر أنّ جاريةً لآل كعب كانت ترعىٰ غنماً فرأت بشاة منها رَبْواً (٣) ، فأخذت حجراً فكسرته وذبحتها به ، فذكر ذلك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : ( تؤكل ) (٤) .

وهو يدلّ علىٰ جواز ذبح المرأة وإن كانت حائضاً ؛ لأنّ ترك الاستفصال يُشعر به ، وصحّة (٥) ذكاة شاة الغير بغير إذنه ، وجواز الذبح بالحجر ، وذبح الحيوان إذا خيف موته .

ويجوز ذبح السكران والمجنون ؛ للحكم بإسلامهما ، لكن يكره ؛ لعدم معرفتهما بمحلّ الذكاة ، فربما قطعا غير المشترط .

ويستحب أن يتولّىٰ الذبيحةَ المسلمُ البالغ العاقل الفقيه ؛ لأنّه أعرف بشرائط الذبح ووقته ، فإن فُقد الرجل ، فالمرأة ، فإن فُقدت ، فالصبي ، فإن فُقد ، فالسكران والمجنون .

مسألة ٦٤٧ : يجب استقبال القبلة عند الذبح وتوجيه الذبيحة إليها ؛

__________________

(١) أورده الماوردي في الحاوي الكبير ١٥ : ٩١ ، وابن قدامة في المغني ١١ : ١١٧ ، وفي الفردوس ٥ : ١٤٨ / ٧٧٧٩ بتفاوت يسير .

(٢) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٥٨ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٨٤ .

(٣) الرَّبْوُ : النَّفَس العالي . لسان العرب ١٤ : ٣٠٥ « ربا » والمراد : ما أشفىٰ علىٰ الموت .

(٤) صحيح البخاري ٧ : ١١٩ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٨١ نحوه .

(٥) « وصحّة » عطف علىٰ مدخول حرف الجرّ . وكذا ما بعدها .

٣١٧
 &

لأنّه عليه‌السلام ضحّىٰ بكبشين ، فلمّا وجّههما قرأ ( وَجَّهْتُ وَجْهِيَ ) (١) (٢) .

وتجب فيها التسمية ؛ لقوله تعالىٰ : ( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ) (٣) .

ولا تكره الصلاة علىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عند الذبيحة مع التسمية ، بل هي مستحبّة ـ وبه قال الشافعي (٤) ـ لأنّه شُرّع فيه ذكر الله تعالىٰ فشُرّع فيه ذكر رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، كالأذان .

وقال أحمد : ليس بمشروع (٥) .

وقال أبو حنيفة ومالك : إنّه مكروه (٦) ؛ لما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال : ( موطنان لا اُذكر فيهما : عند الذبيحة وعند العطاس ) (٧) .

ومراده لا اُذكر فيهما مع الله تعالىٰ علىٰ الوجه الذي يذكر معه في غيرهما ، فإنّ في الأذان يشهد لله بالتوحيد ، ويشهد للنبي بالرسالة ، وكذا في شهادة الإسلام والصلاة ، وهنا يسمّي الله تعالىٰ ، ويصلّي علىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والصلاة ليست من جنس التسمية وكذا العطاس ؛ فإنّ المروي فيه أنّه يسمّي

__________________

(١) الأنعام : ٧٩ .

(٢) سنن أبي داود ٣ : ٩٥ / ٢٧٩٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٤٣ / ٣١٢١ ، سنن البيهقي ٩ : ٢٨٥ .

(٣) الأنعام : ١٢١ .

(٤) الاُم ٢ : ٢٣٩ ، الحاوي الكبير ١٥ : ٩٥ ـ ٩٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٥ ، المجموع ٨ : ٤١٠ ، المغني ١١ : ٦ .

(٥) المغني ١١ : ٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٥ .

(٦) الحاوي الكبير ١٥ : ٩٦ ، المجموع ٨ : ٤١٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٥ ، المدوّنة الكبرىٰ ٢ : ٦٦ .

(٧) أورده ابن قدامة في المغني ١١ : ٦ ، والماوردي في الحاوي الكبير ١٥ : ٩٦ .

٣١٨
 &

الله تعالىٰ ويصلّي علىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

ويستحب الدعاء بالمنقول .

ولو نسي التسمية ، لم تحرم ، ويستحب أن يسمّي عند أكله .

قال ابن سنان ـ في الصحيح ـ : سمعت الصادق عليه‌السلام يقول : « إذا ذبح المسلم ولم يسمّ ونسي فكُلْ من ذبيحته ، وسمِّ الله علىٰ ما تأكل » (٢) .

مسألة ٦٤٨ : إذا ذبحها ، قطع الأعضاء الأربعة السابقة ، ولا يقطع رأسها‌ إلىٰ أن تموت ، فإن قطعه ، فقولان :

أحدهما : التحريم ـ وبه قال سعيد بن المسيّب (٣) ـ لأنّها ماتت من جرحين : أحدهما مبيح ، والآخر مُحرِّم ، فلا تحلّ .

ولقول الصادق عليه‌السلام : « ولا تنخعها حتىٰ تموت » (٤) .

والآخر : الحِلّ ، لأنّها بقطع الأعضاء الأربعة تكون مذكّاةً ، فلا أثر للزائدة ؛ لحصوله والحياة غير مستقرّة .

ولو ذبحها من قفاها ، سُمّيت القفية ، فإن بقيت حياتها مستقرّةً بعد قطع قفاها ثم قُطعت الأعضاء ، حلّت ، وإلّا فلا ، وبه قال الشافعي (٥) .

وقال مالك وأحمد : لا تحلّ (٦) .

__________________

(١) الكافي ٢ : ٤٧٩ / ٩ ، و ٤٨٠ / ١٧ و ٢٢ .

(٢) التهذيب ٥ : ٢٢٢ / ٧٤٧ .

(٣) الحاوي الكبير ١٥ : ٩٨ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٦ : ٥٣ ، المسألة ١٣ .

(٤) الكافي ٤ : ٤٩٨ / ٦ ، الفقيه ٢ : ٢٩٩ ـ ٣٠٠ / ١٤٨٩ ، التهذيب ٥ : ٢٢١ / ٧٤٦ .

(٥) الحاوي الكبير ١٥ : ٩٩ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٧١ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٥٩ ، المجموع ٩ : ٨٧ و ٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٤٢٤ ، المغني ١١ : ٥١ ، الشرح الكبير ١١ : ٥٦ .

(٦) الحاوي الكبير ١٥ : ٩٩ ، حلية العلماء ٣ : ٤٢٤ ، المغني ١١ : ٥١ ، الشرح الكبير ١١ : ٥٦ .

٣١٩
 &

وروىٰ العامّة عن علي عليه‌السلام أنّه إن كان سهواً حلّت ، وإلّا فلا (١) .

ويعرف استقرار الحياة بوجود الحركة القويّة بعد قطع العنق قبل قطع المري والودجين والحلقوم ، ولو كانت ضعيفةً أو لم تتحرّك ، لم تحلّ ؛ لاجتماع فعل يدلّ علىٰ الإباحة وآخر يدلّ علىٰ التحريم ، ولأنّ الظاهر من حال الحيوان إذا قُطع رأسه من قفاه لا تبقىٰ فيه حياة مستقرّة قبل قطع الأعضاء الأربعة .

وتكره الذباحة ليلاً في الاُضحية وغيرها ؛ لنهيه عليه‌السلام عنها (٢) ، ولا نعلم فيه خلافاً ، فلو ذبحها ليلاً ، أجزأه ؛ لأنّ الليل محلّ الرمي ، فكان محلّ الذبح ، كالنهار .

وقال مالك : لا تجزئه ويكون لحم شاة (٣) ؛ لقوله تعالىٰ : ( وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ) (٤) والأيّام تُطلق علىٰ بياض النهار دون الليل .

وهو ممنوع ؛ فإنّ الأيّام إذا اجتمعت ، دخلت الليالي فيها ، ولهذا تدخل في الاعتكاف لو نذر ثلاثة أيّام .

مسألة ٦٤٩ : يستحب الأكل من الاُضحية‌ إجماعاً .

وقال بعضهم بوجوبه (٥) ؛ للآية (٦) ، فإنّه قرن الأكل بالإطعام .

__________________

(١) الحاوي الكبير ١٥ : ٩٩ .

(٢) كما في المغني ١١ : ١١٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٥٥٧ .

(٣) المدوّنة الكبرىٰ ٢ : ٧٣ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١١٤ ، المجموع ٨ : ٣٩١ ، المغني ١١ : ١١٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٥٥٧ .

(٤) وردت في نسختي « ق ، ك » والطبعة الحجرية الآية ٣٤ من سورة الحج ، وهي ( لِّيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ) وأثبتنا في المتن الآية ٢٨ من نفس السورة ؛ لأجل السياق .

(٥) المغني ١١ : ١١٠ ، الحاوي الكبير ١٥ : ١١٧ ، روضة الطالبين ٢ : ٤٩٢ ، المجموع ٨ : ٤١٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٧٥ .

(٦) الحج : ٢٨ .

٣٢٠