تذكرة الفقهاء - ج ٨

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ٨

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: ٥٠٢
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

الفرضين ؛ لما تقدّم في المسألة الاُولىٰ (١) من كلام الصادق عليه‌السلام .

ويجوز أن يُحرم أيّ وقت شاء من أيّام الحجّ بعد فراغ عمرته بعد أن يعلم أنّه يلحق عرفات ، ثم يفعل ما فَعَل عند الإحرام الأوّل من الغسل والتنظيف وأخذ الشارب وتقليم الأظفار وغير ذلك ، ثم يلبس ثوبي إحرامه ويدخل المسجد حافياً ، عليه السكينة والوقار ، ويصلّي ركعتين عند المقام أو في الحجر ، وإن صلّىٰ ست ركعات ، كان أفضل . وإن صلّىٰ فريضة الظهر وأحرم عقيبها ، كان أفضل ، فإذا صلّىٰ ركعتي الإحرام ، أحرم بالحجّ مفرداً ، ويدعو بما دعا به عند الإحرام الأوّل ، غير أنّه يذكر الحجّ مفرداً ؛ لأنّ عمرته قد مضت .

ويلبّي إن كان ماشياً من موضعه الذي صلّىٰ فيه ، وإن كان راكباً ، فإذا نهض به بعيره ، فإذا انتهىٰ إلىٰ الردْم وأشرف علىٰ الأبطح ، رفع صوته بالتلبية ؛ لما تقدّم (٢) .

مسألة ٥١٦ : ولا يسنّ له الطواف بعد إحرامه ، وبه قال ابن عباس وعطاء ومالك وإسحاق وأحمد (٣) . ولو فعل ذلك لغير عذر ، لم يجزئه عن طواف الحجّ وكذا السعي ، أمّا لو حصل عذر ، مثل مرض أو خوف حيض ، فإنّه يجوز الطواف قبل المضيّ إلىٰ عرفات ؛ لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أصحابه أن يهلّوا بالحجّ إذا خرجوا إلىٰ منىٰ (٤) .

__________________

(١) أي : المسألة ٥١٤ .

(٢) تقدّم في المسألة السابقة من كلام الإمام الصادق عليه‌السلام .

(٣) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣١ .

(٤) كما في المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣١ ، وراجع : صحيح مسلم ٢ : ٨٨٩ / ١٢١٨ ، وسنن أبي داود ٢ : ١٨٤ / ١٩٠٥ ، وسنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٤ / ٣٠٧٤ ، وسنن البيهقي ٥ : ١١٢ .

١٦١
 &

وقال الشافعي : يجوز مطلقاً (١) .

مسألة ٥١٧ : قد بيّنّا أنّه يجب أن يحرم بالحجّ ، فإن أحرم بالعمرة سهواً وهو يُريد الحجّ ، أجزأه ؛ لأنّ علي بن جعفر سأل أخاه الكاظم عليه‌السلام ـ في الصحيح ـ عن رجل دخل قبل التروية بيوم فأراد الإحرام بالحجّ فأخطأ ، فقال : العمرة ، قال : « ليس عليه شي‌ء ، فليعد الإحرام بالحجّ » (٢) .

ولو نسي الإحرام يوم التروية بالحجّ حتىٰ حصل بعرفات ، فليحرم من هناك ، فإن لم يذكر حتىٰ يرجع إلىٰ بلده فقد تمّ حجّه ، ولا شي‌ء عليه ، قاله الشيخ (٣) رحمه‌الله ؛ لما رواه علي بن جعفر ـ في الصحيح ـ عن أخيه الكاظم عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل نسي الإحرام بالحجّ فذكره وهو بعرفات ما حاله ؟ قال : « يقول : اللهم علىٰ كتابك وسنّة نبيّك ، فقد تمّ إحرامه ، فإن جهل أن يُحرم يوم التروية بالحجّ حتىٰ رجع إلىٰ بلده إن كان قضىٰ مناسكه كلّها فقد تمّ حجّه » (٤) .

__________________

(١) المجموع ٨ : ٨٤ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣١ .

(٢) التهذيب ٥ : ١٦٩ / ٥٦٢ .

(٣) التهذيب ٥ : ١٧٤ ذيل الحديث ٥٨٥ .

(٤) التهذيب ٥ : ١٧٥ / ٥٨٦ .

١٦٢
 &

الفصل الثاني في الوقوف بعرفات‌

وفيه مباحث :

الأوّل : في الخروج إلىٰ منىٰ .

يستحب لمن أراد الخروج إلىٰ منىٰ أن لا يخرج من مكة حتىٰ يصلّي الظهرين يوم التروية بها ثم يخرج إلىٰ منىٰ إلّا الإمام خاصّة ، فإنّه يستحب له أن يصلّي الظهر والعصر بمنىٰ يوم التروية ، ويُقيم بها إلىٰ طلوع الشمس .

وأطلق العامّة علىٰ استحباب الخروج للإمام وغيره من مكة قبل الظهر وأن يصلّوا بمنىٰ يوم التروية (١) .

لنا : ما رواه العامّة عن ابن الزبير أنّه صلّىٰ بمكة (٢) .

وعن عائشة أنّها تخلّفت ليلة التروية حتىٰ ذهب ثلثا الليل (٣) .

ومن طريق الخاصّة : رواية معاوية بن عمّار ـ الصحيحة ـ عن الصادق عليه‌السلام ، أنّه يصلّي الظهر بمكة (٤) .

وأمّا الإمام : فإنّه يستحب له الخروج قبل الزوال ليصلّي الظهرين يوم التروية بمنى ؛ لما رواه جميل بن درّاج ـ في الصحيح ـ عن الصادق عليه‌السلام ، قال : « لا ينبغي للإمام أن يصلّي الظهر إلّا بمنىٰ يوم التروية ويبيت بها

__________________

(١) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣١ ـ ٤٣٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٧ ، المجموع ٨ : ٨٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٦ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ : ٥٢ .

(٢ و ٣) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٢ ، المجموع ٨ : ٩٢ .

(٤) الكافي ٤ : ٤٥٤ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٦٧ / ٥٥٧ نقلاً بالمعنىٰ .

١٦٣
 &

ويصبح حتىٰ تطلع الشمس ويخرج » (١) .

مسألة ٥١٨ : يجوز للشيخ الكبير والمريض والمرأة وخائف الزحام المبادرة إلىٰ الخروج قبل الظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة‌ ؛ للضرورة .

ولرواية إسحاق بن عمّار ـ الصحيحة ـ قال : سألت الكاظم عليه‌السلام : عن الرجل يكون شيخاً كبيراً أو مريضاً يخاف ضغاط الناس وزحامهم يُحرم بالحجّ ويخرج إلىٰ منىٰ قبل يوم التروية ؟ قال : « نعم » قلت : فيخرج الرجل الصحيح يلتمس مكاناً أو يتروّح بذلك ؟ قال : « لا » قلت : يتعجّل بيوم ؟ قال : « نعم » قلت : يتعجّل بيومين ؟ قال : « نعم » قلت : ثلاثةً ؟ قال : « نعم » قلت : أكثر من ذلك ، قال : « لا » (٢) .

مسألة ٥١٩ : يستحب له عند التوجّه إلىٰ منىٰ الدعاء بالمنقول ، وإذا نزل منىٰ ، دعا بالمأثور .

قال الصادق عليه‌السلام له (٣) ـ في الصحيح ـ : « إذا انتهيت إلىٰ منىٰ فقُلْ : اللهم هذه منىٰ ، وهي ممّا مننت به علينا من المناسك ، فأسألك أن تمنّ عليَّ بما مننت به علىٰ أنبيائك ، فإنّما أنا عبدك وفي قبضتك ، ثم تصلّي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر والإمام يصلّي بها الظهر لا يسعه إلّا ذلك وموسّع أن تصلّي بغيرها إن لم تقدر ثم تدركهم بعرفات » قال : « وحدّ منىٰ من العقبة إلىٰ وادي محسّر » (٤) .

__________________

(١) الاستبصار ٢ : ٢٥٤ / ٨٩٢ ، التهذيب ٥ : ١٧٧ / ٥٩٢ بتفاوت يسير في اللفظ في الأخير .

(٢) التهذيب ٥ : ١٧٦ / ٥٨٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٥٣ / ٨٨٩ .

(٣) أي : للسائل .

(٤) الكافي ٤ : ٤٦١ ( باب نزول منىٰ وحدودها ) الحديث ١ ، التهذيب ٥ : ١٧٧ ـ ١٧٨ / ٥٩٦ .

١٦٤
 &

ولو صادف يومُ التروية يومَ الجمعة ، فمن أقام بمكة حتىٰ تزول الشمس ممّن تجب عليه الجمعة ، لم يجز له الخروج حتىٰ يصلّي الجمعة ؛ لأنّها فرض ، والخروج في هذا الوقت ندب .

أمّا قبل الزوال فإنّه يجوز له الخروج ـ وهو أحد قولي الشافعي (١) ـ لأنّ الجمعة الآن غير واجبة . والثاني للشافعي : لا يجوز (٢) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ الشيخ ـ رحمه‌الله ـ قال : يستحب للإمام أن يخطب أربعة أيّام من ذي الحجّة : يوم السابع منه ويوم عرفة ويوم النحر بمنىٰ ويوم النفر الأوّل ، يُعلم الناس ما يجب عليهم فعله من مناسكهم (٣) ؛ لما روىٰ جابر أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله صلّىٰ الظهر بمكة يوم السابع وخطب (٤) .

ويأمر الناس في خطبته بالغدوّ إلىٰ منىٰ ويُعلمهم ما بين أيديهم من المناسك ، وبه قال الشافعي (٥) .

وقال أحمد : لا يخطب يوم السابع (٦) .

ولو وافق يومَ الجمعة ، خطب للجمعة وصلّاها ثم خطب هذه الخطبة ثم يخرج بهم يوم الثامن ـ وهو يوم التروية ـ إلىٰ منىٰ .

مسألة ٥٢٠ : يستحب المبيت ليلة عرفة بمنىٰ للاستراحة ، وليس بنسك ، فلا يجب بتركه شي‌ء ، ويبيت إلىٰ طلوع الفجر من يوم عرفة ،

__________________

(١ و ٢) فتح العزيز ٧ : ٣٥٣ ، المجموع ٨ : ٨٤ .

(٣) المبسوط ـ للطوسي ـ ١ : ٣٦٥ .

(٤) الذي عثرنا عليه من رواية ابن عمر في سنن البيهقي ٥ : ١١١ هكذا : قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كان قبل التروية خطب الناس فأخبرهم بمناسكهم . ولم نجده عن جابر .

(٥) فتح العزيز ٧ : ٣٥١ ـ ٣٥٢ ، المجموع ٨ : ٨١ ـ ٨٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٧ .

(٦) فتح العزيز ٧ : ٣٥٢ ، المجموع ٨ : ٨٩ .

١٦٥
 &

ويكره الخروج قبل الفجر إلّا لضرورة ، كالمريض والخائف ؛ لما رواه الشيخ ـ في الصحيح ـ عن معاوية بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام من قوله : « ثم تصلّي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة » (١) .

إذا ثبت هذا ، فالأفضل له أن يصبر حتىٰ تطلع الشمس ، فلو خرج قبل طلوعها بعد طلوع الفجر ، جاز ذلك ، لكن ينبغي له أن لا يجوز وادي محسَّر إلّا بعد طلوع الشمس ، لقول الصادق عليه‌السلام : « لا تجوز وادي محسّر حتىٰ تطلع الشمس » (٢) .

أمّا الإمام فلا يخرج من منىٰ إلّا بعد طلوع الشمس ؛ لقول الصادق عليه‌السلام : « من السنّة أن لا يخرج الإمام من منىٰ إلىٰ عرفة حتىٰ تطلع الشمس » (٣) .

ويجوز للمعذور ـ كالمريض وخائف الزحام والماشي ـ الخروج قبل أن يطلع الفجر ويصلّي الفجر في الطريق للضرورة ، رواه الشيخ عن عبد الحميد الطائي أنّه قال للصادق عليه‌السلام : إنّا مشاة فكيف نصنع ؟ قال : « أمّا أصحاب الرحال فكانوا يصلّون الغداة بمنىٰ ، وأمّا أنتم فامضوا حيث تصلّوا في الطريق » (٤) .

وللشافعي قولان : أحدهما : أنّهم يخرجون إلىٰ عرفات بعد الفجر ، والثاني : بعد الظهر في غير الجمعة .

وأمّا إذا كان يومُ التروية يومَ الجمعة ، فالمستحب عنده الخروج قبل طلوع الفجر ؛ لأنّ الخروج إلىٰ السفر يوم الجمعة إلىٰ حيث لا تُصلّىٰ

__________________

(١) التهذيب ٥ : ١٧٧ ـ ١٧٨ / ٥٩٦ .

(٢) التهذيب ٥ : ١٧٨ / ٥٩٧ .

(٣) الكافي ٤ : ١٦١ ( باب الغدوّ إلىٰ عرفات . . . ) الحديث ١ ، التهذيب ٥ : ١٧٨ / ٥٩٨ .

(٤) التهذيب ٥ : ١٧٩ / ٥٩٩ .

١٦٦
 &

الجمعة حرام أو مكروه ، وهُمْ لا يصلّون الجمعة بمنىٰ ، وكذا لا يصلّونها بعرفة لو كان يومُ عرفة يومَ الجمعة ؛ لأنّ الجمعة إنّما تقام في دار الإقامة (١) .

إذا عرفت هذا ، فيستحب الدعاء عند الخروج إلىٰ عرفة بالمنقول ، ويضرب خباءه بنمرة وهي بطن عُرنة دون الموقف ودون عرفة ؛ لما رواه العامّة أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مكث حتىٰ طلعت الشمس ثم ركب وأمر بقبّة من شعر أن تُضرب له بنمرة فنزل بها (٢) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه معاوية بن عمّار ـ في الصحيح ـ عن الصادق عليه‌السلام ، قال : « إذا غدوت إلىٰ عرفة فقُلْ وأنت متوجّه إليها : اللّهم إليك صمدت وإيّاك اعتمدت ووجهك أردت ، أسألك أن تبارك لي في رحلتي وأن تقضي لي حاجتي وأن تجعلني ممّن تباهي به اليوم مَنْ هو أفضل منّي ، ثم تلبّي وأنت غادٍ إلىٰ عرفات ، فإذا انتهيت إلىٰ عرفات فاضرب خباءك بنمرة وهي بطن عرنة دون الموقف ودون عرفة ، فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل وصلّ الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين وإنّما تعجّل العصر وتجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء فإنّه يوم دعاء ومسألة » قال : « وحدّ عرفة من بطن عُرنة وثويّة ونمرة إلىٰ ذي المجاز ، وخلف الجبل موقف » (٣) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه يستحب أن يجمع الإمام بين الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ، عند علمائنا ؛ لهذه الرواية ، وبه قال الشافعي ؛ لأنّ

__________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٣٥٢ ـ ٣٥٣ .

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٩ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٤ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٥ / ١٩٠٥ .

(٣) التهذيب ٥ : ١٧٩ / ٦٠٠ .

١٦٧
 &

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله هكذا فَعَل في حجّة الوداع (١) (٢) .

وعند أبي حنيفة لا إقامة للعصر (٣) .

مسألة ٥٢١ : إذا زالت الشمس يوم عرفة ، خطب الإمام بالناس‌ ، وبيَّن لهم ما بين أيديهم من المناسك ، ويُحرّضهم علىٰ إكثار الدعاء والتهليل بالموقف ، ثم يصلّي بالناس الظهر بأذان وإقامة ، ثم يقيمون فيصلّي بهم العصر .

وإذا كان الإمام مسافراً ، وجب عليه التقصير .

وقال الشافعي : السنّة له التقصير (٤) .

وأمّا أهل مكة ومَنْ حولها فلا يقصّرون ، وبه قال الشافعي (٥) ، خلافاً لمالك (٦) .

وليقل الإمام إذا سلّم : أتمّوا يا أهل مكة فإنّا قوم سفر ، كما قاله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٧) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ نمرة ليست من عرفة ، بل هي حدّ لها .

__________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٨٩٠ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٥ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٥ / ٣٠٧٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٨ ، سنن البيهقي ٥ : ١١٤ .

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ١٦٩ ، فتح العزيز ٧ : ٣٥٤ ، المجموع ٨ : ٨٧ و ٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٧ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٣ .

(٣) فتح العزيز ٧ : ٣٥٤ .

(٤) فتح العزيز ٧ : ٣٥٤ ، المجموع ٨ : ٨٧ .

(٥) فتح العزيز ٧ : ٣٥٤ ـ ٣٥٥ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٩ ، المجموع ٨ : ٩١ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٥ ، بداية المجتهد ١ : ٣٤٨ .

(٦) بداية المجتهد ١ : ٣٤٧ ـ ٣٤٨ ، فتح العزيز ٧ : ٣٥٥ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٥ ، المجموع ٨ : ٩١ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٩ .

(٧) سنن البيهقي ٣ : ١٣٥ ـ ١٣٦ .

١٦٨
 &

وللشافعية قولان : هذا أحدهما ، والثاني : أنّها منها (١) .

البحث الثاني : في الكيفية .

مسألة ٥٢٢ : يستحب الاغتسال للوقوف بعرفة ؛ لأنّها عبادة ، فشُرّع لها الاغتسال ، كالإحرام ـ ورواه العامّة عن علي عليه‌السلام ، وبه قال الشافعي وإسحاق وأبو ثور وأحمد وابن المنذر (٢) ـ لأنّها مجمع الناس ، فاستحبّ الاغتسال لها ، كالجمعة والعيدين .

ومن طريق الحاصّة : ما تقدّم (٣) في حديث معاوية بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام .

ثم يقف مستقبل القبلة ؛ لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقف واستقبل القبلة (٤) .

وهل الوقوف راكباً أفضل أو ماشياً ؟ للشافعي قولان : أحدهما : أنّهما سواء [ قاله ] (٥) في الاُم ، وأظهرهما ـ وبه قال أحمد (٦) ـ أنّ الوقوف راكباً أفضل ؛ اقتداءً برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليكون أقوىٰ علىٰ الدعاء (٧) .

وعندنا أنّ الركوب والقعود مكروهان ، بل يستحب قائماً داعياً

__________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٣٥٥ .

(٢) المغني ٣ : ٤٣٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٣٥ ، فتح العزيز ٧ : ٢٤٣ ، المجموع ٨ : ١١٠ .

(٣) تقدّم في المسألة ٥٢٠ .

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٨٩٠ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٥ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٥ / ١٩٠٥ ، سنن البيهقي ٥ : ١١٤ ـ ١١٥ .

(٥) أضفناها من المصادر .

(٦) المغني ٣ : ٤٣٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٣٦ ـ ٤٣٧ ، فتح العزيز ٧ : ٣٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٩ .

(٧) فتح العزيز ٧ : ٣٥٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٧٣ ، المجموع ٨ : ١١١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٩ .

١٦٩
 &

بالمأثور .

مسألة ٥٢٣ : يجب في الوقوف النيّة ، عند علمائنا ـ خلافاً للعامّة (١) ـ لأنّ الوقوف عبادة ، وكلّ عبادة بنيّة ؛ لقوله تعالىٰ : ( وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٢) .

ولأنّه عمل ، فيفتقر إلىٰ النيّة ، لقوله عليه‌السلام : ( الأعمال بالنيّات وإنّما لكل امرئ ما نوىٰ ) (٣) .

وقال عليه‌السلام : ( لا عمل إلّا بنيّة ) (٤) .

ولأنّ الواجب إيقاعها علىٰ جهة الطاعة ، وهو إنّما يتحقّق بالنيّة .

ويجب في النيّة اشتمالها علىٰ نيّة الوجوب والوقوف لحجّ التمتّع حجّة الإسلام أو غيرها ، والتقرّب إلىٰ الله تعالىٰ .

مسألة ٥٢٤ : يجب الكون بعرفة إلىٰ غروب الشمس من يوم عرفة‌ إجماعاً .

روىٰ العامّة عن جابر أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقف بعرفة حتىٰ غابت الشمس (٥) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادق عليه‌السلام ـ في الصحيح ـ : « إنّ المشركين كانوا يفيضون قبل أن تغيب الشمس ، فخالفهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ،

__________________

(١) المغني ٣ : ٤٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤٢ ، المجموع ٨ : ١٠٣ .

(٢) البيّنة : ٥ .

(٣) صحيح البخاري ١ : ٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٤١٣ / ٤٢٢٧ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ / ٢٢٠١ ، سنن البيهقي ٧ : ٣٤١ ، مسند أحمد ١ : ٢٥ .

(٤) أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٣ ، بصائر الدرجات : ٣١ / ٤ .

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٨٩٠ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٥ ـ ١٠٢٦ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٥ / ١٩٠٥ .

١٧٠
 &

فأفاض بعد غروب الشمس » (١) .

وسأل يونس بن يعقوب ، الصادقَ عليه‌السلام : متىٰ نفيض من عرفات ؟ فقال : « إذا ذهبت الحمرة من هاهنا » وأشار بيده إلىٰ المشرق وإلىٰ مطلع الشمس (٢) .

إذا عرفت هذا ، فكيفما حصل بعرفة أجزأه ، قائماً وجالساً وراكباً ومجتازاً .

وبالجملة لا فرق في الإجزاء بين أن يحضرها ويقف ، وبين أن يمرّ بها ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الحجّ عرفة فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحجّ ) (٣) إلّا أنّ الأفضل القيام ؛ لأنّه أشقّ ، فيكون أفضل ؛ لقوله عليه‌السلام : ( أفضل الأعمال أحمزها ) (٤) .

ولأنّه أخفّ علىٰ الراحلة .

مسألة ٥٢٥ : لا بدّ من قصد الوقوف بعرفة ، وهو يستلزم معرفة أنّها عرفة ، فلو مرّ بها مجتازاً وهو لا يعلم أنّها عرفة ، لم يجزئه ـ وبه قال أبو ثور (٥) ـ لأنّ الوقوف إنّما يتحقّق استناده إليه بالقصد والإرادة ، وهي غير متحقّقة هنا . ولأنّا شرطنا النيّة ، وهي متوقّفة علىٰ الشعور .

وقال الفقهاء الأربعة بالإجزاء (٦) ؛ لقوله عليه‌السلام : ( مَنْ أدرك صلاتنا هذه

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٦٧ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١٨٦ / ٦١٩ .

(٢) التهذيب ٥ : ١٨٦ / ٦١٨ .

(٣) أورده الرافعي في فتح العزيز ٧ : ٣٦١ ، وبتفاوت في سنن الدارقطني ٢ : ٢٤٠ ـ ٢٤١ / ١٩ ، وسنن النسائي ٥ : ٢٥٦ .

(٤) النهاية ـ لابن الأثير ـ ١ : ٤٤٠ .

(٥) المغني ٣ : ٤٤٣ ـ ٤٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤١ .

(٦) فتح العزيز ٧ : ٣٦١ ، المجموع ٨ : ١٠٣ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ : ٥٥ ، المغني ٣ : ٤٤٣ ـ ٤٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤١ .

١٧١
 &

ـ يعني صلاة الصبح يوم النحر ـ وأتىٰ عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تمّ حجّه وقضىٰ تفثه ) (١) ولم يفصّل بين الشاعر وغيره .

ولا حجّة فيه ؛ لأنّ قوله عليه‌السلام : ( وأتىٰ عرفات ) إنّما يتحقّق مع القصد .

مسألة ٥٢٦ : النائم يصحّ وقوفه ـ إذا سبقت منه النيّة للوقوف ـ بعد الزوال‌ وإن استمرّ نومه إلىٰ الليل ، أمّا لو لم تسبق منه النيّة واتّفق نومه قبل الدخول إلىٰ عرفة واستمرّ إلىٰ خروجه منها ، فإنّه لا يجزئه ، خلافاً للعامّة ؛ فإنّهم قالوا بإجزائه (٢) . إلّا عند بعض الشافعية (٣) .

والأصل في الخلاف بينهم البناء علىٰ أنّ كلّ ركن من أركان الحجّ هل يجب إفراده بنيّة ؛ لانفصال بعضها عن بعض ، أو تكفيها النيّة السابقة (٤) ؟

والصحيح ما قلناه من أنّ النيّة معتبرة ولا تصحّ من النائم .

واحتجّوا بالقياس علىٰ النائم طول النهار ؛ فإنّه يجزئه الصوم (٥) .

وهو ممنوع إن لم تسبق منه النيّة في ابتدائه .

ولو حصل بعرفات وهو مغمىٰ عليه ولم تسبق منه النيّة في وقتها وخرج بعد الغروب وهو مغمىٰ عليه ، لم يصح وقوفه ؛ لفوات أهليّته للعبادة ، ولهذا لا يجزئه الصوم لو كان مغمىٰ عليه طول نهاره ، وهو قول

__________________

(١) سنن أبي داود ٢ : ١٩٦ ـ ١٩٧ / ١٩٥٠ ، سنن الدارقطني ٢ : ٢٣٩ ـ ٢٤٠ / ١٧ ، سنن البيهقي ٥ : ١١٦ بتفاوت يسير .

(٢) المغني ٣ : ٤٤٣ ـ ٤٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٨ ، فتح العزيز ٧ : ٣٦١ ، المجموع ٨ : ١٠٣ .

(٣) فتح العزيز ٧ : ٣٦١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٩ ، المجموع ٨ : ١٠٣ .

(٤) فتح العزيز ٧ : ٣٦١ ، المجموع ٨ : ١٠٣ ـ ١٠٤ .

(٥) فتح العزيز ٧ : ٣٦١ .

١٧٢
 &

الشافعي (١) .

ولأصحابه وجه : أنّه يجزئه اكتفاءً منه بالحضور (٢) .

والسكران الذي لا يحصّل شيئاً كالمغمىٰ عليه .

ولو حضر وهو مجنون قبل النيّة واستوعب الوقت ، لم يجزئه .

قال بعض الشافعية : إنّه يقع نفلاً كحجّ الصبي غير المميّز (٣) .

ولهم وجه بالإجزاء ، كما في المغمىٰ عليه (٤) ، وقد سبق .

وبما اخترناه في المغمىٰ عليه والمجنون قال الحسن البصري والشافعي وأبو ثور وإسحاق وابن المنذر (٥) .

وقال عطاء : المغمىٰ عليه يجزئه ـ وبه قال مالك وأصحاب الرأي (٦) ، وتوقّف أحمد (٧) ـ لأنّه لا يشترط فيه الطهارة ، فلا يشترط فيه النيّة ، فصحّ من المغمىٰ عليه كالمبيت بمزدلفة (٨) .

ونمنع حكم الأصل .

وحكم من غلب علىٰ عقله بمرض أو غيره حكم المغمىٰ عليه .

ولو كان السكران يُحصّل ما يقع منه ، صحّ طوافه .

__________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٣٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٨ ، المجموع ٨ : ١٠٤ ، المغني ٣ : ٤٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤٢ ، الاستذكار ١٣ : ٣٩ ـ ٤٠ .

(٢) فتح العزيز ٧ : ٣٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٩ ، المجموع ٨ : ١٠٤ .

(٣) فتح العزيز ٧ : ٣٦٢ .

(٤) فتح العزيز ٧ : ٣٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٩ ، المجموع ٨ : ١٠٤ .

(٥) المغني ٣ : ٤٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤٢ ، فتح العزيز ٧ : ٣٦٢ ، المجموع ٨ : ١١٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٨ .

(٦) المدوّنة الكبرىٰ ١ : ٤١٣ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ : ٥٦ ، المجموع ٨ : ١١٨ ، المغني ٣ : ٤٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤٢ .

(٧ و ٨) المغني ٣ : ٤٤٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٤٢ .

١٧٣
 &

ولا يشترط الطهارة ولا الستر ولا الاستقبال إجماعاً ؛ لقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لعائشة : ( إفعلي ما يفعل الحاج غير الطواف بالبيت ) (١) وكانت حائضاً .

نعم تستحب الطهارة إجماعاً .

ولو حضر بعرفة في طلب غريم له أو دابّة ، فإن نوىٰ النسك في الأثناء ، صحّ وقوفه ، وإلّا فلا ، وللشافعيّة مع عدم النيّة وجهان (٢) ، بخلاف ما لو صرف الطواف إلىٰ غير النسك ، فإنّه لا يجزئه إجماعاً . والفرق عندهم أنّ الطواف قربة برأسها ، بخلاف الوقوف ، علىٰ أنّ بعضهم طرّد الخلاف هنا (٣) .

مسألة ٥٢٧ : عرفة كلّها موقف‌ في أيّ موضع منها وقف أجزأه ، وهو قول علماء الإسلام .

روىٰ العامّة عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقف بعرفة وقد أردف اُسامة بن زيد ، فقال : ( هذا الموقف ، وكلّ عرفة موقف ) (٤) .

وقال عليه‌السلام : ( عرفة كلّها موقف ، وارتفعوا عن وادي عُرنة ، والمزدلفة كلّها موقف ، وارتفعوا عن بطن محسّر ) (٥) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادق عليه‌السلام : « إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وقف بعرفات ، فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته يقفون إلىٰ جانبها ، فنحّاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ففعلوا مثل ذلك فقال : أيّها الناس إنّه ليس موضع أخفاف

__________________

(١) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٤٤٥ ، والشرح الكبير ٣ : ٤٤٢ ، وبتفاوت يسير في صحيح مسلم ٢ : ٨٧٤ / ١٢٠ وصحيح البخاري ١ : ٨٤ و ٢ : ١٩٥ ، وسنن البيهقي ٥ : ٣ ، وسنن الدارمي ٢ : ٤٤ ، ومشكل الآثار ٣ : ١٥٧ .

(٢ و ٣) فتح العزيز ٧ : ٣٦٢ .

(٤) سنن الترمذي ٣ : ٢٣٢ / ٨٨٥ .

(٥) الموطّأ ١ : ٣٨٨ / ١٦٦ ، سنن البيهقي ٥ : ١١٥ .

١٧٤
 &

ناقتي بالموقف ، ولكن هذا كلّه موقف ، وأشار بيده إلىٰ الموقف ، فتفرّق الناس ، وفَعَل ذلك بالمزدلفة » (١) .

وقال عليه‌السلام : ( عرفة كلّها موقف ، ولو لم يكن إلّا ما تحت خفّ ناقتي لم يسع الناس ذلك ) (٢) .

مسألة ٥٢٨ : وحدّ عرفة من بطن عُرنة وثويّة ونمرة إلىٰ ذي المجاز ، فلا يجوز الوقوف في هذه الحدود ولا تحت الأراك ، فإنّ هذه المواضع ليست من عرفات ، فلو وقف بها ، بطل حجّه ، وبه قال الجمهور كافّة (٣) ، إلّا ما حُكي عن مالك أنّه لو وقف ببطن عُرنة أجزأه ، ولزمه الدم (٤) .

وقال ابن عبد البر : أجَمْع الفقهاء علىٰ أنّه لو وقف ببطن عُرنة ، لم يجزئه (٥) .

وحَدَّ الشافعي عرفة ، فقال : هي ما جاوز وادي عُرنة إلىٰ الجبال المقابلة ممّا يلي بساتين بني عامر ، وليس وادي عُرنة من عرفة ، وهو علىٰ منقطع عرفة ممّا يلي منىٰ وصوب مكة (٦) .

وقول مالك باطل ؛ لما رواه العامّة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( عرفة كلّها

__________________

(١) التهذيب ٥ : ١٨٠ / ٦٠٤ .

(٢) الفقيه ٢ : ٢٨١ / ١٣٧٧ .

(٣) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٦ ، المجموع ٨ : ١٠٩ و ١٢٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٧٢ .

(٤) الاستذكار ١٣ : ١٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٧٢ ، المجموع ٨ : ١٠٩ و ١٢٠ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٧ ، شرح السنّة ـ للبغوي ـ ٤ : ٣٢١ .

(٥) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٦ .

(٦) فتح العزيز ٧ : ٣٦٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٧١ ، المجموع ٨ : ١٠٥ ـ ١٠٦ ، الاستذكار ١٣ : ١١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٧ .

١٧٥
 &

موقف ، وارتفعوا عن بطن عُرنة ) (١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادق عليه‌السلام ـ في الصحيح ـ : « وحدّ عرفة من بطن عُرنة وثويّة ونمرة إلىٰ ذي المجاز ، وخلف الجبل موقف » (٢) .

وعن الصادق عليه‌السلام قال : « واتّق الأراك ونمرة ، وهي بطن عُرنة ، وثويّة وذا المجاز ، فإنّه ليس من عرفة فلا تقف فيه » (٣) .

مسألة ٥٢٩ : يستحب أن يضرب خباءه بنمرة‌ ـ وهي بطن عُرنة ـ اقتداءً برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

وقال الصادق عليه‌السلام ـ في الصحيح ـ : « فاضرب خباءك بنمرة ، وهي بطن عُرنة دون الموقف ودون عرفة » (٥) .

ويجوز النزول تحت الأراك إلىٰ أن تزول الشمس ثم يمضي إلىٰ الموقف فيقف فيه ؛ لقول الصادق عليه‌السلام : « لا ينبغي الوقوف تحت الأراك ، فأمّا النزول تحته حتىٰ تزول الشمس وتنهض إلىٰ الموقف فلا بأس » (٦) .

وينبغي أن يقف علىٰ السهل .

ويستحب أن يقف علىٰ ميسرة الجبل ولا يرتفع إلىٰ الجبل ، إلّا عند الضرورة إلىٰ ذلك ؛ لأنّ إسحاق بن عمّار سأل الكاظمَ عليه‌السلام : عن الوقوف بعرفات فوق الجبل أحبّ إليك أم علىٰ الأرض ؟ فقال : « علىٰ الأرض » (٧) .

__________________

(١) الموطّأ ١ : ٣٨٨ / ١٦٦ ، سنن البيهقي ٥ : ١١٥ .

(٢) الكافي ٤ : ٤٦١ ـ ٤٦٢ / ٣ ، التهذيب ٥ : ١٧٩ / ٦٠٠ .

(٣) التهذيب ٥ : ١٨٠ ـ ١٨١ / ٦٠٤ .

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٩ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٥ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٤ / ٣٠٧٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٧ .

(٥) الكافي ٤ : ٤٦١ ـ ٤٦٢ / ٣ ، التهذيب ٥ : ١٧٩ / ٦٠٠ .

(٦) التهذيب ٥ : ١٨١ / ٦٠٥ .

(٧) التهذيب ٥ : ١٨٠ / ٦٠٣ .

١٧٦
 &

ولأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقف بعرفة في ميسرة الجبل (١) .

وروىٰ سماعة بن مهران ، قال : سألت الصادقَ عليه‌السلام : إذا كثر الناس بمنىٰ وضاقت عليهم كيف يصنعون ؟ قال : « يرتفعون إلىٰ وادي محسّر » قلت : فإذا كثروا بجَمْع وضاقت عليهم كيف يصنعون ؟ قال : « يرتفعون إلىٰ المأزمين » قلت : فإذا كانوا بالموقف وكثروا كيف يصنعون ؟ فقال : « يرتفعون إلىٰ الجبل » (٢) .

ويستحب له إن وجد خللاً أن يسدّه بنفسه ورحله .

قال الله تعالىٰ : ( كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ ) (٣) فوصفهم بالاجتماع .

وقال الصادق عليه‌السلام : « وإذا رأيت خللاً فتقدّم فسدّه بنفسك وراحلتك ، فإنّ الله يحبّ أن تُسدَّ تلك الخلال » (٤) .

ويستحب أن يقرب إلىٰ الجبل ؛ لقول الصادق عليه‌السلام : « وما قرب من الجبل فهو أفضل » (٥) .

مسألة ٥٣٠ : يستحب للإمام أن يخطب بعرفة قبل الأذان‌ علىٰ ما تقدّم (٦) ، فإذا أذّن المؤذّن وأقام ، صلّىٰ بالناس الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين يجمع بينهما علىٰ هذه الصفة .

وباستحباب الأذان في الاُولىٰ قال الشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي ومالك وأحمد في إحدىٰ الروايتين (٧) ؛ لأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خطب إلىٰ أن

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٢٨١ / ١٣٧٧ .

(٢) التهذيب ٥ : ١٨٠ / ٦٠٤ .

(٣) الصف : ٤ .

(٤) التهذيب ٥ : ١٨٠ ـ ١٨١ / ٦٠٤ .

(٥) التهذيب ٥ : ١٨٤ / ٦١٣ .

(٦) تقدّم في المسألة ٥٢١ .

(٧) الحاوي الكبير ٤ : ١٦٩ ، فتح العزيز ٧ : ٣٥٤ ، المجموع ٨ : ٨٧ و ٩٢ ، حلية

=

١٧٧
 &

أذّن المؤذّن ، فنزل وصلّىٰ بالناس (١) .

وفي الرواية الثانية لأحمد : يتخيّر بين الأذان لها وعدمه (٢) .

وقال مالك : أذان العصر مستحب كغيرها من الصلوات (٣) .

ويبطل بما رواه العامّة في حديث جابر : ثم أذّن بلال ثم أقام فصلّىٰ الظهر ثم أقام فصلّىٰ العصر (٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادق عليه‌السلام ـ في الصحيح ـ : « فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل وصلّ الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين » (٥) .

والفرق : أنّ التعجيل هنا لأجل الدعاء .

مسألة ٥٣١ : إذا صلّىٰ مع الإمام ، جمع معه كما يجمع الإمام‌ إجماعاً .

ولو كان منفرداً ، جمع أيضاً بأذان واحد وإقامتين ، عند علمائنا ـ وبه قال الشافعي وعطاء ومالك وأحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو يوسف ومحمّد (٦) ـ لما رواه العامّة عن ابن عمر أنّه كان إذا فاته الجمْع بين الظهر والعصر مع الإمام بعرفة جَمْع بينهما منفرداً (٧) .

__________________

= العلماء ٣ : ٣٣٧ ، الاستذكار ١٣ : ١٣٨ ، بداية المجتهد ١ : ٣٤٧ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٣ .

(١) سنن أبي داود ٢ : ١٨٥ / ١٩٠٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٥ / ٣٠٧٤ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٨ ، سنن البيهقي ٥ : ١١٤ .

(٢) المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٣ .

(٣) المدوّنة الكبرىٰ ١ : ٤١٢ ، الاستذكار ١٣ : ١٣٨ ، بداية المجتهد ١ : ٣٤٧ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٣ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٩ ، المجموع ٨ : ٩٢ .

(٤) المصادر في الهامش (١) .

(٥) الكافي ٤ : ٤٦١ ـ ٤٦٢ / ٣ ، التهذيب ٥ : ١٧٩ / ٦٠٠ .

(٦) الحاوي الكبير ٤ : ١٧٠ ، المجموع ٨ : ٨٨ و ٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٧ ، المغني ٣ : ٤٣٣ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ : ١٥ ، الاستذكار ١٣ : ١٣٧ و ١٣٨ .

(٧) سنن البيهقي ٥ : ١١٤ ، المغني ٣ : ٤٣٣ .

١٧٨
 &

ومن طريق الخاصّة : قول الصادق عليه‌السلام : « وصلّ الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين » (١) .

ولأنّ الغرض التفرّغ للدعاء ، وهو مشترك بين المنفرد وغيره .

وقال النخعي والثوري وأبو حنيفة : لا يجوز له أن يجمع إلّا مع الإمام ؛ لأنّ لكلّ صلاة وقتاً محدوداً ، وإنّما ترك في الجمع مع الإمام ، فإذا لم يكن إمام ، رجعنا إلىٰ الأصل (٢) .

وقد بيّنّا أنّ الوقت مشترك ، والعلّة مع الإمام موجودة مع المنفرد .

ويجوز الجمع لكلّ مَنْ بعرفة من مكّيّ وغيره ، وقد أجمع علماء الإسلام علىٰ أنّ الإمام يجمع بين الظهر والعصر بعرفة ، وكذا من صلّىٰ معه .

وقال أحمد : لا يجوز الجمع إلّا لمن بينه وبين وطنه ستّة عشر فرسخاً إلحاقاً له بالقصر (٣) .

ويبطل بأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله جمع فجمع معه مَنْ حضر من أهل مكة وغيرها ، ولم يأمرهم بترك الجمع كما أمرهم بترك القصر حين قال : ( أتمّوا فإنّا سفر ) (٤) ولو كان حراماً لبيّنه .

ولو كان الإمام مقيماً ، أتمّ وقصّر مَنْ خلفه من المسافرين وأتمّ المقيمون ، عند علمائنا أجمع .

وقال الشافعي : يتمّ المسافرون (٥) .

__________________

(١) الكافي ٤ : ٤٦١ ـ ٤٦٢ / ٣ ، التهذيب ٥ : ١٧٩ / ٦٠٠ .

(٢) المغني ٣ : ٤٣٣ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٧٠ ، المجموع ٨ : ٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٧ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ : ١٥ ، الاستذكار ١٣ : ١٣٧ ـ ١٣٨ .

(٣) المغني ٣ : ٤٣٤ ـ ٤٣٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٣٤ .

(٤) سنن البيهقي ٥ : ١٣٥ ـ ١٣٦ .

(٥) الحاوي الكبير ٤ : ١٦٩ .

١٧٩
 &

وهو غلط ؛ لأنّ القصر عزيمة ، فلا يجوز خلافه .

ولقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ( يا أهل مكّة لا تقصروا في أقلّ من أربعة برد ) (١) .

ولو كان الإمام مسافراً قصّر وقصّر مَنْ خلفه من المسافرين وأتمّ المقيمون خلفه ، عند علمائنا ، وكذا أهل مكة يتمّون ؛ لنقص المسافة عن مسافة القصر ـ وبه قال عطاء ومجاهد والزهري والثوري والشافعي وأحمد وأصحاب الرأي وابن المنذر (٢) ـ لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله نهىٰ أهل مكة عن القصر (٣) .

وقال مالك والأوزاعي : لهم القصر ؛ لأنّ لهم الجمع ، فكان لهم القصر كغيرهم (٤) .

والفرق : السفر .

ويستحب تعجيل الصلاة حين تزول الشمس ، وأن يقصّر الخطبة ثم يتروّح إلىٰ الموقف ؛ لأنّ التطويل يمنع من التعجيل إلىٰ الموقف .

ولأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله غدا من منىٰ حين صلّىٰ الصبح صبيحة يوم عرفة حتىٰ أتىٰ عرفة فنزل بنمرة حتىٰ إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مهجراً ، فجمع بين الظهر والعصر ، ثم خطب الناس ، ثم راح فوقف علىٰ الموقف من عرفة (٥) .

__________________

(١) سنن الدارقطني ١ : ٣٨٧ / ١ ، سنن البيهقي ٣ : ١٣٧ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ١١ : ٩٦ ـ ٩٧ / ١١٦٢ .

(٢) الحاوي الكبير ٤ : ١٦٩ ، فتح العزيز ٧ : ٣٥٤ ـ ٣٥٥ ، المجموع ٨ : ٩١ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٥ ، بداية المجتهد ١ : ٣٤٨ .

(٣) المصادر في الهامش (١) .

(٤) بداية المجتهد ١ : ٣٤٧ ـ ٣٤٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٩ ، فتح العزيز ٧ : ٣٥٥ ، المجموع ٨ : ٩١ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ٤٣٥ .

(٥) سنن أبي داود ٢ : ١٨٨ / ١٩١٣ .

١٨٠