تذكرة الفقهاء - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-36-1
الصفحات: ٣٨٦

بعضهم لا يجوز (١) ، لأن المنقول عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الدعاء بالعربية (٢) ، وقال : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) (٣) وللشافعية كالقولين (٤).

ب ـ الدعاء أفضل من تطويل القراءة. سأل معاوية بن عمار الصادق عليه‌السلام : رجلان افتتحا الصلاة في ساعة واحدة فتلا هذا القرآن وكانت تلاوته أكثر من دعائه ، ودعا هذا وكان دعاؤه أكثر من تلاوته ، أيّهما أفضل؟ قال : « كلّ فيه فضل » قلت : قد علمت أن كلا حسن ، فقال : « الدعاء أفضل ، أما سمعت قول الله عزّ وجلّ ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ ) (٥) هي والله العبادة ، هي والله أفضل » (٦).

ج ـ لا ينبغي للإمام التطويل في الدعاء‌ إرفاقا بمن خلفه ، وللشافعي قولان : أحدهما : يدعو أقل من التشهد والصلاة على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والثاني : بقدرهما (٧). أما المنفرد فيجوز له أن يطوّل ما لم يخرجه ذلك إلى السهو.

د ـ يكره قراءة القرآن في التشهد‌ ؛ لأن كل ركن لا تشرع فيه القراءة كرهت فيه كالركوع والسجود.

هـ ـ الدعاء مستحب في التشهد الأول أيضا‌ كالثاني عند علمائنا ، وبه‌

__________________

(١) منهم سعد بن عبد الله انظر الفقيه ١ : ٢٠٨ ذيل الحديث ٩٣٥ والمعتبر : ١٩٢.

(٢) انظر على سبيل المثال الفقيه ١ : ٣٠٨ ـ ١٤٠٥ وصحيح مسلم ١ : ٤٦٦ ـ ٦٧٥.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٦٢ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٦.

(٤) المجموع ٣ : ٣٠٠ ، فتح العزيز ٣ : ٥١٩ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٧.

(٥) المؤمن : ٦٠.

(٦) التهذيب ٢ : ١٠٤ ـ ٣٩٤.

(٧) الام ١ : ١٢١ ، المجموع ٣ : ٤٦٩ ، فتح العزيز ٣ : ٥١٨ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٦.

٢٤١

قال مالك (١) ، وقال الشافعي : لا يستحب (٢).

و ـ يجوز الدعاء لمن شاء من أهله ، وإخوانه‌ ، وغيرهم من المؤمنين من الرجال ، والنساء ، والصبيان ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ لعموم قوله تعالى ( قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ ) (٤) ( وَلِلّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها ) (٥).

وقال أبو هريرة : إن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا رفع رأسه من الركعة الأخيرة من الفجر قال : ( اللهم انج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة ، والمستضعفين من المؤمنين ، واشدد وطأتك على مضر ، ورعل ، وذكوان ، واجعل عليهم سنين كسني يوسف ) (٦) وقنت علي عليه‌السلام فدعا فيه على قوم بأعيانهم وأسمائهم (٧).

البحث الثامن : التسليم‌

مسألة ٢٩٩ : اختلف علماؤنا في وجوبه‌ ، فقال المرتضى ، وجماعة من علمائنا به (٨) ـ وبه قال الشافعي ، والثوري (٩) ـ لقوله عليه‌السلام : ( مفتاح‌

__________________

(١) المنتقى للباجي ١ : ١٦٨ ، حلية العلماء ٢ : ١٠٦.

(٢) فتح العزيز ٣ : ٥١٧.

(٣) المجموع ٣ : ٤٦٨ ، فتح العزيز ٣ : ٥١٦ ، الوجيز ١ : ٤٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٦ ، المحلى ٤ : ١٥٠.

(٤) الاسراء : ١١٠.

(٥) الأعراف : ١٨٠.

(٦) صحيح مسلم ١ : ٤٦٦ ـ ٦٧٥ ، سنن النسائي ٢ : ٢٠١ ، سنن البيهقي ٢ : ١٩٧ و ٢٤٤.

(٧) سنن البيهقي ٢ : ٢٤٥ ، مصنف عبد الرزاق ٣ : ١١٣ و ١١٤ ـ ٤٩٧٦.

(٨) منهم : أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١١٩ ، وسلاّر في المراسم : ٦٩ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٩٥ ، والمحقق في المعتبر : ١٩٠.

(٩) المجموع ٣ : ٤٧٥ ، ٤٨١ ، الوجيز ١ : ٤٥ ، فتح العزيز ٣ : ٥٢٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٧ ، الميزان ١ : ١٥٤ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٩ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٧

٢٤٢

الصلاة الوضوء ، وتحريمها التكبير ، وتحليلها التسليم ) (١) ولأنه ذكر في أحد طرفي الصلاة فكان واجبا كالتكبير.

وقال الشيخان ، ومن تبعهما : بالاستحباب (٢) ؛ وبه قال أبو حنيفة (٣) ، وهو الأقوى عندي عملا بالأصل ، ولأن الحدث المتخلل بين الصلاة على النبيّ وآله عليهم‌السلام وبينه غير مبطل للصلاة ؛ لقول الباقر عليه‌السلام وقد سئل عن رجل يصلّي ثم يجلس فيحدث قبل أن يسلم ، قال : « تمت صلاته » (٤) ولأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يعلّمه المسي‌ء في صلاته (٥) ، ولأن التسليمة الثانية ليست واجبة فكذا الاولى. ونمنع الحديث والحصر ، ونمنع كونه طرفا بل الصلاة على النبيّ وآله عليهم‌السلام.

إذا ثبت هذا ، فقال أبو حنيفة : الخروج من الصلاة واجب ، وإذا خرج بما ينافي الصلاة من عمل ، أو حدث ، أو غير ذلك كطلوع الشمس ، أو وجدان المتيمم الماء أجزأه (٦).

__________________

المغني ١ : ٦٢٣ ، الشرح الكبير ١ : ٦٢٣ ، نيل الأوطار ٢ : ٣٤٤ ، المحلى ٣ : ٢٧٦.

(١) سنن الدارقطني ١ : ٣٦٠ ـ ٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٠١ ـ ٢٧٥ و ٢٧٦ ، سنن أبي داود ١ : ١٦ ـ ٦١ ، سنن الترمذي ١ : ٩ ـ ٣ ، مسند أحمد ١ : ١٢٣ ، سنن البيهقي ٢ : ١٥ ونحوها في الكافي ٣ : ٦٩ ـ ٢.

(٢) المقنعة : ٢٣ ، النهاية : ٨٩ ، الخلاف ١ : ٣٧٦ مسألة ١٣٤ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٩٨ ـ ٩٩ ، وابن إدريس في السرائر : ٥١.

(٣) عمدة القارئ ٦ : ١٢٤ ، المجموع ٣ : ٤٨١ ، الميزان ١ : ١٥٤ ، المغني ١ : ٦٢٣ ، الشرح الكبير ١ : ٦٢٣ ، بداية المجتهد ١ : ١٣١.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٢٠ ـ ١٣٠٦ ، الاستبصار ١ : ٣٤٥ ـ ١٣٠١.

(٥) صحيح البخاري ١ : ١٩٢ ـ ١٩٣ ، صحيح مسلم ١ : ٢٩٨ ـ ٣٩٧ ، سنن أبي داود ١ : ٢٢٦ ـ ٨٥٦ ، سنن الترمذي ٢ : ١٠٠ ـ ٣٠٢ ، سنن النسائي ٢ : ١٢٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٣٦ ـ ١٠٦٠ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٧١.

(٦) بدائع الصنائع ١ : ١٩٤ ، اللباب ١ : ٨٥ ، المغني ١ : ٦٢٣ ، الشرح الكبير ١ : ٦٢٣ ، المجموع ٣ : ٤٨١ ، فتح العزيز ٣ : ٥٢٠ ، المحلى ٣ : ٢٧٦.

٢٤٣

مسألة ٣٠٠ : وتجزئ التسليمة الواحدة عند علمائنا أجمع‌ ـ وبه قال علي عليه‌السلام ، وعمار ، وابن مسعود ، والشافعي ، وأبو حنيفة ، والثوري ، وإسحاق ، ومالك ، والأوزاعي (١) ـ لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه (٢).

وقال الحسن بن صالح بن حي : تجب التسليمتان. وهو أصح الروايتين عن أحمد (٣) ، لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يسلم عن يمينه وشماله (٤) ، وهو محمول على الاستحباب.

وللشافعي قول في القديم : إنه إن اتسع المسجد ، وكثر الناس واللغط من حول المسجد وجب أن يسلم اثنتين ، وإن قلّوا وسكتوا فواحدة (٥).

إذا عرفت هذا فالمنفرد يسلم تسليمة واحدة إلى القبلة ، ويومئ إلى يمينه بمؤخر عينه ، والإمام يومئ بصفحة وجهه.

والمأموم كالإمام إن لم يكن على يساره أحد ، وإن كان على يساره غيره سلّم تسليمتين بوجهه يمينا وشمالا ، لقول الصادق عليه‌السلام : « إن كنت إماما أجزأك تسليمة واحدة عن يمينك ، وإن كنت مع إمام فتسليمتين ، وإن‌

__________________

(١) الأم ١ : ١٢٢ ، المجموع ٣ : ٤٨٢ ، الميزان ١ : ١٥٥ ، بدائع الصنائع ١ : ١٩٤ ، المدونة الكبرى ١ : ١٤٣ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٧ ، المنتقى للباجي ١ : ١٦٩ ، أقرب المسالك : ١٨ ، القوانين الفقهية : ٦٨ ، المغني ١ : ٦٢٤ ، الشرح الكبير ١ : ٦٢٤ ، المحلى ٣ : ٢٧٦.

(٢) سنن الترمذي ٢ : ٩١ ـ ٢٩٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٩٧ ـ ٩١٨ و ٩١٩ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٥٨ ـ ٧ ، مستدرك الحاكم ١ : ٢٣٠.

(٣) المحرر في الفقه ١ : ٦٦ ، كشاف القناع ١ : ٣٦١ ، المجموع ٣ : ٤٨٢ ، فتح العزيز ٣ : ٥٢٤.

(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٢٩٦ ـ ٩١٤ ـ ٩١٧ ، مسند أحمد ٥ : ٦٠ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٥٧ ـ ٤ و ٦ ، سنن الترمذي ٢ : ٨٩ ـ ٢٩٥ ، سنن الدارمي ١ : ٣١٠.

(٥) المجموع ٣ : ٤٧٧ ، فتح العزيز ٣ : ٥٢١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٧.

٢٤٤

لم يكن على يسارك أحد فسلّم واحدة » (١) وقال عليه‌السلام : « إذا كنت وحدك فسلم تسليمة واحدة عن يمينك » (٢).

مسألة ٣٠١ : وله عبارتان : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أو السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، لقوله عليه‌السلام : ( وتحليلها التسليم ) (٣) وهو يقع على كل واحد منهما ، ولقولهم عليهم‌السلام : « وتقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فإذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة » (٤).

وسئل الصادق عليه‌السلام عن السلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله وبركاته انصراف هو؟ قال : « لا ، ولكن إذا قلت : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو انصراف » (٥) وقال الصادق عليه‌السلام : « فإن قلت : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت » (٦).

وأما العبارة الثانية فعليها علماء الإسلام كافة ، ومنع الجمهور من الخروج بالأولى (٧) ، وهو مدفوع بما تقدم.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٩٢ ـ ٣٤٥ ، الاستبصار ١ : ٣٤٦ ـ ١٣٠٣.

(٢) المعتبر : ١٩١.

(٣) الكافي ٣ : ٦٩ ـ ٢ ، الفقيه ١ : ٢٣ ـ ٦٨ وسنن ابن ماجة ١ : ١٠١ ـ ٢٧٥ ـ ٢٧٦ ، سنن أبي داود ١ : ١٦ ـ ٦١ ، سنن الترمذي ١ : ٩ ـ ٣ ، مسند أحمد ١ : ١٢٣ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٥٩ ـ ١ و ٣٦٠ ـ ٤ و ٣٦١ ـ ٥.

(٤) التهذيب ٢ : ٩٣ ـ ٣٤٩ ، الاستبصار ١ : ٣٤٧ ـ ١٣٠٧.

(٥) التهذيب ٢ : ٣١٦ ـ ١٢٩٢ ، الفقيه ١ : ٢٢٩ ـ ١٠١٤.

(٦) الكافي ٣ : ٣٣٧ ـ ٦ ، التهذيب ٢ : ٣١٦ ـ ١٢٩٣.

(٧) المجموع ٣ : ٤٧٥ ـ ٤٧٦ ، فتح العزيز ٣ : ٥٢٠ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٧ ، المغني ١ : ٦٢٦ ، الشرح الكبير ١ : ٦٢٦ ، المحرر في الفقه ١ : ٦٦ ، العدة شرح العمدة : ٨٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٣٠ ، بدائع الصنائع ١ : ١٩٥ ، شرح فتح القدير ١ : ٢٧٨ ، اللباب ١ : ٧٤ ، أقرب المسالك : ١٦ ، المدونة الكبرى ١ : ١٤٣ ـ ١٤٤ ، المنتقى للباجي ١ : ١٦٩ ، عمدة القارئ ٦ : ١٢٤.

٢٤٥

إذا عرفت هذا فبأيّهما بدأ كان الثاني مستحبا ، وكذا الأول عندنا ، وأما الموجبون منّا فإنهم أوجبوا الأول ، واستحبوا الثاني.

فروع :

أ ـ على القول بالوجوب لا يخرج بقول : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته عندهم.

ب ـ إذا اقتصر على الاولى وجب أن يأتي بالصورة‌ فلو نكس أو قرأ الترجمة لم يجزئه ، وتبطل صلاته لو فعله عمدا ؛ لأنه كلام في الصلاة غير مشروع.

ج ـ لو اقتصر على الثانية أجزأه السلام عليكم‌ عند ابن بابويه ، وابن أبي عقيل ، وابن الجنيد (١) ـ وبه قال الشافعي (٢) ـ لأن عليا عليه‌السلام كان يسلم عن يمينه وشماله السلام عليكم ، السلام عليكم (٣).

ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه‌السلام : « يقول : السلام عليكم » (٤).

وقال أبو الصلاح : الفرض أن يقول : السلام عليكم ورحمة الله (٥).

د ـ لو نكس فقال : عليكم السلام ، أو ترك حرفا بأن قال : السلام عليك ، أو قال : سلام عليكم بضم الميم من غير تنوين لم يجزئه‌ ـ وبه قال‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢١٠ ، وحكى قول ابن أبي عقيل وابن الجنيد المحقق في المعتبر : ١٩١.

(٢) الام ١ : ١٢٢ ، المجموع ٣ : ٤٧٥ ـ ٤٧٦ ، فتح العزيز ٣ : ٥٢٠ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٩ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٧.

(٣) مصنف عبد الرزاق ٢ : ٢١٩ ـ ٣١٣١ ، كنز العمال ٨ : ١٥٩ ـ ٢٢٣٨٠.

(٤) المعتبر : ١٩١.

(٥) الكافي في الفقه : ١١٩.

٢٤٦

الشافعي ـ إلاّ في النكس فله قول بالجواز (١).

ولو قال : سلام عليكم منونا فالأقرب : الإجزاء ؛ لأنّ عليا عليه‌السلام كان يقول : سلام عليكم عن يمينه وشماله (٢) ، وظاهر مذهب الشافعي : العدم ؛ لأنه نقص الألف واللام (٣). وليس بجيد ، لأنه نوّن وهو يقوم مقامهما.

هـ ـ يستحب أن يضيف ورحمة الله وبركاته.

مسألة ٣٠٢ : قال في المبسوط : من قال : إن التسليم فرض فتسليمة واحدة تخرج من الصلاة‌ ، وينبغي أن ينوي بها ذلك ، والثانية ينوي بها السلام على الملائكة ، أو على من في يساره (٤).

إذا عرفت هذا فهل تجب نية الخروج عن الصلاة بالسلام؟ الأقرب : العدم ؛ لأنه فعل من أفعال الصلاة فصار كسائر الأفعال ، وهو أحد وجهي الشافعية ، والثاني : تجب ؛ لأنه أحد طرفي الصلاة فصار كالتكبير في وجوب مقارنة النية له (٥).

ولا يجب تعيين النية في الخروج ؛ لأن الصلاة تعينت بالشروع فيها فيكون الخروج عما هو متلبس به يخالف حالة الافتتاح.

قال الشافعي : يستحب أن ينوي الإمام بالتسليمة الأولى ثلاثة‌

__________________

(١) المجموع ٣ : ٤٧٦ ، فتح العزيز ٣ : ٥٢٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٧ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٧ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٩.

(٢) سنن البيهقي ٢ : ١٧٨ ، كنز العمال ٨ : ١٥٩ ـ ٢٢٣٨٠.

(٣) المجموع ٣ : ٤٧٦ ، فتح العزيز ٣ : ٥٢٠ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٧ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٩.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١١٦.

(٥) المجموع ٣ : ٤٧٦ ، فتح العزيز ٣ : ٥٢٠ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٧ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٩.

٢٤٧

أشياء : الخروج من الصلاة ، والسلام على الحفظة ، وعلى من على يمينه من المأمومين ، وبالثانية شيئين : السلام على الحفظة ، وعلى المأمومين الذين على يساره ، والمأموم إن كان الإمام عن يمينه ينوي أربعة أشياء : الخروج من الصلاة ، والسلام على الحفظة ، والسلام على الإمام ، والسلام على من على يمينه ، وإن سلم عن يساره نوى الحفظة والمأمومين ، وإن كان الإمام عن يساره نوى بالسلام عن يمينه ثلاثة أشياء ، وعن يساره ثلاثة أشياء ، وإن كان تجاهه فإن شاء نواه بالسلام عن يمينه ، وإن شاء بالسلام عن يساره ، والمنفرد ينوي عن يمينه الخروج ، والسلام على الحفظة (١).

إذا عرفت هذا فالتسليمة الأوّلة من الصلاة ـ وبه قال الشافعي (٢) ـ لأنه ذكر مشروع في محل الصلاة يجوز أن يرد عليه ما يفسد الصلاة فكان منها كالتشهد.

وقال أبو حنيفة : ليست من الصلاة (٣) لقوله عليه‌السلام : ( إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شي‌ء من كلام الناس إنّما هي التسبيح ، والتكبير ، وقراءة القرآن ) (٤) ولأن السلام ينافيها فلم يكن منها كالكلام. والخبر محمول على ما لم يشرع لها ، وبهذا فارق الكلام أيضا.

مسألة ٣٠٣ : إذا فرغ من التسليم كبّر الله تعالى ثلاث مرات‌ يرفع بها يديه إلى شحمتي أذنيه ، ثم إن كان له حاجة انصرف في جهتها ، وإن لم تكن له حاجة في جهة أو غرض كان الأولى أن ينصرف في جهة اليمين ـ وبه قال الشافعي (٥) ـ لقول الصادق عليه‌السلام : « إذا انصرفت من الصلاة فانصرف‌

__________________

(١) المجموع ٣ : ٤٧٨ ، فتح العزيز ٣ : ٥٢٢ ـ ٥٢٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٧.

(٢) المجموع ٣ : ٤٨٢ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٧ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٩.

(٣) المجموع ٣ : ٤٨١.

(٤) سنن النسائي ٣ : ١٧ ، مسند أحمد ٥ : ٤٤٧ و ٤٤٨ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٤٩.

(٥) الام ١ : ١٢٨ ، المجموع ٣ : ٤٩٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٨.

٢٤٨

عن يمينك » (١).

وقال أبو حنيفة : ينصرف عن يساره (٢). وليس بجيّد ؛ لأنه ربما كان معه مأموم واحد فإذا دار إلى اليسار ( جعل ) (٣) ظهره إليه بخلاف اليمين.

ويستحب للإمام أن لا ينصرف من مكانه حتى يتم المسبوق صلاته ، ولو لم يكن فيهم مسبوق ذهب حيث شاء ، لقول الصادق عليه‌السلام : « أيّما رجل أمّ قوما فعليه أن يقعد بعد التسليم ، ولا يخرج من ذلك الموضع حتى يتمّ الذين سبقوا صلاتهم ، ذلك على كل إمام واجب إذا علم أن فيهم مسبوقا ، وإن علم أن ليس فيهم مسبوق بالصلاة فليذهب حيث شاء » (٤) ولو كان في الجماعة نساء استحب له اللبث حتى يخرجن لئلاّ يمتزجن بالرجال.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣١٧ ـ ١٢٩٤ ، وفي الفقيه ١ : ٢٤٥ ـ ١٠٩٠ عن الامام الباقر عليه‌السلام.

(٢) المجموع ٣ : ٤٩٠.

(٣) في نسخة ( ش ) : حصل.

(٤) الكافي ٣ : ٣٤١ ـ ٢ ، التهذيب ٢ : ١٠٣ ـ ٣٨٧.

٢٤٩
٢٥٠

الفصل الثاني : في مندوبات الصلاة‌

وقد سلف بعضها ، وبقي أمور :

الأول : وضع اليدين حالة القيام على فخذيه مضمومتي الأصابع محاذيا بهما عيني ركبتيه‌ عند علمائنا ؛ لأنّه أبلغ في الخضوع ، ولقول الباقر عليه‌السلام : « أرسل يديك ، وليكونا على فخذيك قبالة ركبتيك » (١) وقول (٢) الصادق عليه‌السلام : أرسل يديه جميعا على فخذيه قد ضم أصابعه (٣).

ولا يجوز التكفير وهو وضع اليمين على الشمال ، وهو مبطل عندنا على ما يأتي ، وأطبق الجمهور على جواز الإرسال ، واختلفوا في الأفضل ، فقال الشافعي : التكفير سنّة فإن أرسلهما ولم يعبث فلا بأس ـ وبه قال أبو حنيفة ، والثوري ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وداود (٤) ـ لأنّ عليا عليه‌السلام قرأ‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٣٤ ـ ١ ، التهذيب ٢ : ٨٣ ـ ٣٠٨.

(٢) كذا في الأصلين ، والصحيح : ما حكاه حماد في صفة صلاة الصادق عليه‌السلام.

(٣) الكافي ٣ : ٣١١ ـ ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ ـ ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ ـ ٣٠١.

(٤) المجموع ٣ : ٣١٠ و ٣١١ ، فتح العزيز ٣ : ٢٧٣ ـ ٢٧٤ ، مغني المحتاج ١ : ١٨١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٨ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢٣ ـ ٢٤ ، اللباب ١ : ٦٧ ، شرح فتح القدير ١ : ٢٤٩ و ٢٥٠ ، عمدة القارئ ٥ : ٢٧٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٠١ ، المغني ١ : ٥٤٩ ، الشرح الكبير ١ : ٥٤٩ ، المحرر في الفقه ١ : ٥٣ ، الانصاف ٢ : ٤٦.

٢٥١

هذه الآية ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) (١) فوضع يده اليمنى على ساعده اليسرى ثم وضعهما على صدره (٢).

وعن مالك روايتان : إحداهما : أن ذلك مستحب ، والثاني : أنه مباح (٣). وروى ابن المنذر عن ابن الزبير أنه كان يرسل يديه ، وهو مروي عن الحسن ، وابن سيرين ، والنخعي (٤). وقال الليث : يرسل يديه إلاّ أن يطيل القيام فيعيى (٥) وقال الأوزاعي : من شاء فعل ، ومن شاء ترك (٦).

مسألة ٣٠٤ : ويستحب وضعهما حالة الركوع على عيني الركبتين مفرجات الأصابع‌ عند علمائنا ـ وبه قال الشافعي (٧) ـ لأن أبا حميد الساعدي وصف صلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عشرة من الصحابة ، أحدهم أبو قتادة ، فوصف ركوعه كما قلناه (٨).

ومن طريق الخاصة وصف حماد صلاة الصادق عليه‌السلام ، قال : ثم ركع وملأ كفيه من ركبتيه مفرجات (٩). وقال الباقر عليه‌السلام : « ومكّن راحتيك من ركبتيك تدع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى وتلقم بأطراف‌

__________________

(١) الكوثر : ٣.

(٢) سنن البيهقي ٢ : ٣٠ ، سنن الدارقطني ١ : ٢٨٥ ـ ٦.

(٣) المنتقى للباجي ١ : ٢٨١ ، الكفاية ١ : ٢٥٠ ، الروضة الندية شرح الدرر البهية ١ : ٩٨ ، القوانين الفقهية : ٥٦.

(٤) المجموع ٣ : ٣١١ ، المغني ١ : ٥٤٩ ، الشرح الكبير ١ : ٥٤٩ ، عمدة القارئ ٥ : ٢٧٩.

(٥) المجموع ٣ : ٣١١ ، عمدة القارئ ٥ : ٢٧٩.

(٦) المجموع ٣ : ٣١٢ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢٣ ، عمدة القارئ ٥ : ٢٧٩.

(٧) المجموع ٣ : ٤٠٩ ، فتح العزيز ٣ : ٣٧٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٢ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٤.

(٨) سنن الترمذي ٢ : ١٠٦ ـ ٣٠٤ ، سنن أبي داود ١ : ١٩٤ ـ ٧٣٠ ، سنن النسائي ٢ : ١٨٧ ، مسند أحمد ٥ : ٤٢٤ ، سنن البيهقي ٢ : ٨٥.

(٩) الكافي ٣ : ٣١١ ـ ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ ـ ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ ـ ٣٠١.

٢٥٢

أصابعك عين الركبة ، وفرج بين أصابعك » (١).

وروي عن عبد الله بن مسعود أنه كان إذا ركع طبق يديه وجعلهما بين ركبتيه ويرويه عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) ، وهو منسوخ (٣). ومنع بعض علمائنا من جواز التطبيق (٤).

مسألة ٣٠٥ : ويستحب وضعهما حالة السجود حيال منكبيه مضمومتي الأصابع مبسوطتين موجهتين إلى القبلة‌ ـ وهو مذهب العلماء ـ لأن وائل بن حجر قال : إن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا سجد ضم أصابعه وجعل يديه حذو منكبيه (٥). وعن البراء أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ( إذا سجدت فضم كفيك وارفع مرفقيك ) (٦).

ومن طريق الخاصة ما رواه زرارة قال : « ولا تلزق كفيك بركبتيك ، ولا تدنهما من وجهك بين ذلك حيال منكبيك ، ولا تفرجن أصابعك (٧) ولكن اضممهنّ جميعا » (٨).

مسألة ٣٠٦ : ويستحب وضعهما حالة الجلوس للتشهد وغيره على فخذيه مبسوطتين مضمومتي الأصابع بحذاء عيني ركبتيه‌ عند علمائنا ، لأن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا قعد يدعو ، يضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ،

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٩ ـ ٣٢٠ ـ ١ ، التهذيب ٢ : ٧٧ ـ ٧٨ ـ ٢٨٩.

(٢) مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢٤٦ ، صحيح مسلم ١ : ٣٧٩ ـ ٥٣٤ ، سنن الترمذي ٢ : ٤٤ ذيل الحديث ٢٥٨.

(٣) صحيح مسلم ١ : ٣٨٠ ـ ٥٣٥ ، سنن الترمذي ٢ : ٤٤ ـ ٢٥٩.

(٤) ابن إدريس في السرائر : ٤٦.

(٥) سنن البيهقي ٢ : ١١٢ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٣٩ ـ ٣.

(٦) صحيح مسلم ١ : ٣٥٦ ـ ٤٩٤ ، سنن البيهقي ٢ : ١١٣.

(٧) في المصدر : ولا تفرجن بين أصابعك.

(٨) الكافي ٣ : ٣٣٤ ـ ١ ، التهذيب ٢ : ٨٣ ـ ٨٤ ـ ٣٠٨.

٢٥٣

ويده اليسرى على فخذه اليسرى ، ويشير بإصبعه (١) ، ونحوه من طريق الخاصة (٢).

ووافقنا الشافعي ، وأحمد في اليسرى (٣) ، وفي اليمنى ثلاثة أقوال للشافعي : أن يقبض أصابعها إلاّ المسبحة ، وهو مروي عن ابن عمر ، وابن الزبير (٤).

وفي وضع الإبهام وجهان : على حرف راحته أسفل من المسبّحة كأنه قابض على ثلاثة وخمسين ، وعلى حرف إصبعه الوسطى.

وأن يقبض الخنصر والبنصر والوسطى ، ويبسّط المسبّحة والإبهام ، وأن يقبض الخنصر والبنصر ويجعل الوسطى مع الإبهام خلفه ، ويشير بالمسبّحة متشهدا (٥).

مسألة ٣٠٧ : ويستحب جعلهما حالة القنوت حيال وجهه مبسوطتين‌ لقول الصادق عليه‌السلام : « وترفع يديك في الوتر حيال وجهك ، وإن شئت تحت ثوبك » (٦) وهو يعطي عدم الوجوب.

الثاني : شغل النظر بما يمنعه عن الاشتغال بالصلاة‌ فينظر حالة قيامه إلى موضع سجوده ، وحالة ركوعه إلى بين رجليه ، وفي سجوده إلى طرف أنفه أو يغمضهما ، وفي جلوسه إلى حجره ، وحالة القنوت إلى باطن كفيه ، وبه قال شريك بن عبد الله (٧) لقول علي عليه‌السلام : « لا تتجاوز بطرفك في‌

__________________

(١) سنن البيهقي ٢ : ١٣١ ، سنن أبي داود ١ : ٢٥١ ـ ٩٥٧ و ٢٥٩ ـ ٩٨٧ و ٩٨٨.

(٢) انظر : الكافي ٣ : ٣١٢ ـ ٨ ، التهذيب ٢ : ٨٢ ـ ٣٠١.

(٣) المجموع ٣ : ٤٥٣ ، فتح العزيز ٣ : ٤٩٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٥ ، المغني ١ : ٦٠٧.

(٤) صحيح مسلم ١ : ٤٠٨ ـ ٥٧٩ و ٥٨٠.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ٨٥ ، المجموع ٣ : ٤٥٣ و ٤٥٤ ، فتح العزيز ٣ : ٤٩٧ ـ ٤٩٩.

(٦) الفقيه ١ : ٣١٠ ـ ١٤١٠ ، التهذيب ٢ : ١٣١ ـ ٥٠٤.

(٧) المغني ١ : ٦٩٦.

٢٥٤

الصلاة موضع سجودك » (١) وقول الباقر عليه‌السلام : « وليكن نظرك إلى ما بين قدميك » (٢) يعني حالة الركوع.

وروي جواز التغميض أيضا في رواية حماد عن صفة صلاة الصادق عليه‌السلام : ثم ركع ، وسوى ظهره ، ومد عنقه ، وغمض عينيه (٣). ويكره النظر إلى السماء ؛ لقول الباقر عليه‌السلام : « اجمع بصرك ، ولا ترفعه إلى السماء » (٤).

وقال الشافعي : ينظر المصلي في صلاته إلى موضع سجوده ، وإن رمى بصره أمامه كان حقيقيا. وبه قال أبو حنيفة ، والثوري (٥).

وقال مالك : يكون بصره أمام قبلته (٦).

الثالث : القنوت‌ وهو مستحب في كل صلاة مرة واحدة فرضا كانت أو نفلا ، أداء أو قضاء عند علمائنا أجمع ، وآكده ما يجهر فيه بالقراءة ؛ لقوله تعالى ( وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ ) (٧).

ولما رواه أحمد بن حنبل أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ( الصلاة مثنى مثنى ، وتشهد في كل ركعتين ، وتضرع وتخشع ، ثم تقنع يديك ترفعهما إلى ربّك مستقبلا ببطونهما وجهك ، فتقول : يا رب يا رب ) (٨) وعن البراء بن عازب قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٢٦ ـ ١٣٣٤.

(٢) الكافي ٣ : ٣٣٤ ـ ٣٣٥ ـ ١ ، التهذيب ٢ : ٨٣ ـ ٨٤ ـ ٣٠٨.

(٣) الكافي ٣ : ٣١١ ـ ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ ـ ١٩٧ ـ ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ ـ ٣٠١.

(٤) الكافي ٣ : ٣٠٠ ـ ٦ ، الفقيه ١ : ١٨٠ ـ ٨٥٦ ، التهذيب ٢ : ٢٨٦ ـ ١١٤٦.

(٥) المجموع ٣ : ٣١٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٨ ، مغني المحتاج ١ : ١٨٠ ، السراج الوهاج : ٥١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢٥ ، حلية العلماء ٢ : ٨٢.

(٦) حلية العلماء ٢ : ٨٢.

(٧) البقرة : ٢٣٨.

(٨) مسند أحمد ١ : ٢١١.

٢٥٥

يصلي صلاة مكتوبة إلاّ قنت فيها (١). وروي عن علي عليه‌السلام أنه قنت في صلاة المغرب على أناس وأشياعهم (٢).

ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه‌السلام : « القنوت في كل صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع » (٣) وقوله عليه‌السلام : « القنوت في كل ركعتين في التطوع والفريضة » (٤) وسأل محمد بن مسلم الصادق عليه‌السلام القنوت في كل الصلوات؟ فقال : « أما ما لا يشك فيه فما يجهر فيه بالقراءة » (٥).

ولأنه دعاء فيكون مأمورا به لقوله تعالى ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (٦). ولأن الدعاء أفضل العبادات فلا يكون منافيا للصلاة.

وقال الثوري ، وأبو حنيفة : إنه غير مسنون (٧) ، ورواه الجمهور عن ابن عباس ، وابن عمر ، وابن مسعود ، وأبي الدرداء (٨) ، لأنّ أم سلمة روت أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن القنوت في الفجر (٩) ، وروى ابن مسعود ، وأنس أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قنت شهرا وترك (١٠) ، وضعّفه‌

__________________

(١) سنن البيهقي ٢ : ١٩٨ ، سنن الدارقطني ٢ : ٣٧ ـ ٤.

(٢) سنن البيهقي ٢ : ٢٤٥ ، مصنف عبد الرزاق ٣ : ١١٣ ـ ١١٤ ـ ٤٩٧٦.

(٣) الكافي ٣ : ٣٤٠ ـ ٧ ، التهذيب ٢ : ٨٩ ـ ٣٣٠ ، الاستبصار ١ : ٣٣٨ ـ ١٢٧١.

(٤) الفقيه ١ : ٢٠٧ ـ ٩٣٤ ، التهذيب ٢ : ٩٠ ـ ٣٣٦ ، الاستبصار ١ : ٣٣٩ ـ ١٢٧٧.

(٥) التهذيب ٢ : ٩٠ ذيل الحديث ٣٣٦ ، الاستبصار ١ : ٣٣٩ ذيل الحديث ١٢٧٧.

(٦) غافر : ٦٠.

(٧) المبسوط للسرخسي ١ : ١٦٥ ، المنتقى للباجي ١ : ٢٨٢ ، رحمة الأمة ١ : ٥١ ، المغني ١ : ٨٢٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٦٠ ، فتح العزيز ٣ : ٤١٦ ـ ٤١٧.

(٨) المجموع ٤ : ٥٠٤ ، المغني ١ : ٨٢٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٦٠.

(٩) سنن البيهقي ٢ : ٢١٤ ، سنن الدارقطني ٢ : ٣٨ ـ ٥.

(١٠) صحيح مسلم ١ : ٤٦٩ ـ ٣٠٤ ، سنن أبي داود ٢ : ٦٨ ـ ١٤٤٥ ، سنن النسائي ٢ : ٢٠٤ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٠١ ، الاعتبار في الناسخ والمنسوخ : ٩٣ ، وانظر أيضا : الشرح الكبير ١ : ٧٦١ ، والمغني ١ : ٨٢٣ ، ومصنف ابن أبي شيبة ٢ : ٣١٠.

٢٥٦

الشافعي (١) ، ويحمل على أن المراد الدعاء على الكفار ، وكذا حديث أنس.

وقال الشافعي : إنه مستحب في الصبح خاصة دون باقي الصلوات إلاّ أن تنزل نازلة فيقنت في الصلوات كلّها إن شاء الإمام ـ وبه قال مالك ، وابن أبي ليلى ، والحسن بن صالح بن حي ، ورواه الشافعي عن الخلفاء الأربعة ، وأنس ، وهو مذهب الحسن البصري (٢) ـ لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا (٣). ولا يدل على نفي غيره ، ولأنها صلاة فشرع فيها القنوت كالصبح.

وقال أبو يوسف : إذا قنت الإمام فاقنت معه (٤). وقال أحمد : القنوت للأئمة يدعون للجيوش وان ذهب إليه ذاهب فلا بأس (٥). وقال إسحاق : هو سنة عند الحوادث لا تدعه الأئمة (٦). وقال أبو حنيفة : القنوت مكروه إلاّ في الوتر (٧). وقال مالك ، والشافعي : إنما يستحب في الوتر في النصف الأخير من رمضان (٨).

مسألة ٣٠٨ : ومحلّه قبل الركوع في الثانية‌ عند علمائنا أجمع ـ وبه قال‌

__________________

(١) انظر : المجموع ٣ : ٥٠٥.

(٢) المجموع ٣ : ٥٠٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٨ ، السراج الوهاج : ٤٦ ، رحمة الأمة ١ : ٥١ ، المنتقى للباجي ١ : ٢٨٢ ، القوانين الفقهية : ٦٤ ، المغني ١ : ٨٢٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٦٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٦٥ ، حلية العلماء ٢ : ١١١ ، نيل الأوطار ٢ : ٣٩٧.

(٣) سنن البيهقي ٢ : ٢٠١ ، سنن الدارقطني ٢ : ٣٩ ـ ٩ و ١٠.

(٤) بدائع الصنائع ١ : ٢٧٤ ، حلية العلماء ٢ : ١١١.

(٥) المجموع ٣ : ٥٠٤ ، حلية العلماء ٢ : ١١١.

(٦) المجموع ٣ : ٥٠٤ ، حلية العلماء ٢ : ١١١.

(٧) المبسوط للسرخسي ١ : ١٦٥ ، اللباب ١ : ٧٧ ، المغني ١ : ٨٢٣.

(٨) الوجيز ١ : ٥٤ ، السراج الوهاج : ٦٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٠ ، المنتقى للباجي ١ : ٢٨٢ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٦٤.

٢٥٧

مالك ، وأبو حنيفة ، والأوزاعي ، وابن أبي ليلى (١) ـ لأن عمر قال : كان بعض أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقنت قبل الركوع (٢) ، وروى ابن مسعود أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قنت قبل الركوع ، وروي ذلك عن أبيّ ، وابن عباس ، وأنس (٣) ، ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه‌السلام : « القنوت في كل صلاة في الثانية قبل الركوع » (٤).

وقال الشافعي : إنه بعد الركوع (٥) ، لأن العوام بن حمزة قال لأبي عثمان النهدي : القنوت قبل الركوع أو بعده؟ فقال : بعده ، فقلت : عمن أخذت هذا؟ فقال : عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان (٦). وفعل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام أولى ، مع أن عمر قال : إنه قبل الركوع (٧).

مسألة ٣٠٩ : وتقنت في الجمعة مرتين : في الأولى قبل الركوع ، وفي الثانية بعده ، قاله الشيخان (٨) ، وقال المرتضى : اختلفت الرواية فروي أن الإمام يقنت في الأولى قبل الركوع وكذا من خلفه ، ومن صلاها منفردا‌

__________________

(١) المبسوط للسرخسي ١ : ١٦٤ ، اللباب ١ : ٧٦ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٧٣ ، المغني ١ : ٨٢١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٥٦.

(٢) انظر الخلاف ١ : ٣٨٢ مسألة ١٣٨. وفيه عن ابن عمر ، ولم نعثر عليه في حدود المصادر المتوفرة عندنا.

(٣) مصنف ابن أبي شيبة ٢ : ٣٠٢ ، صحيح مسلم ١ : ٤٦٩ ـ ٣٠١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٧٤ ـ ١١٨٢ و ١١٨٣ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٠٧.

(٤) الكافي ٣ : ٣٤٠ ـ ٧ ، التهذيب ٢ : ٨٩ ـ ٣٣٠ ، الاستبصار ١ : ٣٣٨ ـ ١٢٧١.

(٥) المجموع ٣ : ٥٠٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٠ ، المغني ١ : ٨٢١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٥٦ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٦٥.

(٦) مصنف ابن أبي شيبة ٢ : ٣١٢ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٠٢.

(٧) مصنف ابن أبي شيبة ٢ : ٣١٣ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٠٨ ـ ٢٠٩.

(٨) الاشراف : ٧ ، النهاية : ١٠٦ ، المبسوط للطوسي ١ : ١٥١ ، الخلاف ١ : ٣٧٩ مسألة ١٣٧.

٢٥٨

[ أو ] (١) في جماعة ظهرا قنت في الثانية قبل الركوع ، وروي أنه إذا صلاها جمعة مقصورة قنت قنوتين في الأولى قبل الركوع ، وفي الثانية بعده (٢).

وأنكر ابن بابويه القنوتين واقتصر على الواحد في الصلوات كلّها (٣) ، وذكر أن زرارة تفرد به (٤) ، وأطبق الجمهور على خلاف ذلك.

والأقرب : أن الإمام إن صلاها جمعة قنت قنوتين ، وغيره يقنت مرة وإن كان في جماعة لقول الصادق عليه‌السلام : « كل القنوت قبل الركوع إلاّ الجمعة فإن القنوت في الأولى قبل الركوع وفي الأخيرة بعد الركوع » (٥).

تذنيب : ويستحب في المفردة من الوتر القنوت‌ قبل الركوع وبعده لأن الكاظم عليه‌السلام كان إذا رفع رأسه من آخر ركعة الوتر قال : « هذا مقام من حسناته نعمة منك » إلى آخر الدعاء (٦).

مسألة ٣١٠ : ويستحب الدعاء فيه بالمأثور‌ مثل كلمات الفرج ، وأدناه : « رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأكرم » أو يسبح ثلاث تسبيحات.

وليس فيه شي‌ء معلوم لا يجوز التجاوز عنه إجماعا ، لأن إسماعيل بن الفضل سأل الصادق عليه‌السلام عن القنوت ، وما يقال فيه؟ فقال عليه‌السلام : « ما قضى الله على لسانك ، ولا أعلم فيه شيئا موقتا » (٧) وسئل عليه‌السلام عن أدنى القنوت ، فقال : « خمس تسبيحات » (٨).

__________________

(١) ورد في المخطوطتين ( و) وما أثبتناه هو الصحيح.

(٢) حكاه المحقق في المعتبر : ١٩٣ وانظر كذلك رسائل الشريف المرتضى ٣ : ٤٢.

(٣) الفقيه ١ : ٢٦٧ ذيل الحديث ١٢١٧.

(٤) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ١٩٣.

(٥) التهذيب ٣ : ١٧ ـ ٦٢ ، الإستبصار ١ : ٤١٨ ـ ١٦٠٦.

(٦) الكافي ٣ : ٣٢٥ ـ ١٦ ، التهذيب ٢ : ١٣٢ ـ ٥٠٨.

(٧) الكافي ٣ : ٣٤٠ ـ ٨ ، التهذيب ٢ : ٣١٤ ـ ١٢٨١.

(٨) الكافي ٣ : ٣٤٠ ـ ١١ ، التهذيب ٢ : ٣١٥ ـ ١٢٨٢.

٢٥٩

ويجوز الدعاء بالعربية وغيرها ـ وبه قال الصدوق (١) ـ لقول أبي جعفر الثاني عليه‌السلام : « لا بأس أن يتكلم الرجل في صلاة الفريضة بكل شي‌ء يناجي به ربه عزّ وجلّ » (٢) ولقول الصادق عليه‌السلام : « كل شي‌ء مطلق حتى يرد فيه نهي » (٣).

قال محمد بن الحسن بن الوليد : كان سعد بن عبد الله لا يجيز الدعاء في القنوت بالفارسية (٤).

واستحب الشافعي الكلمات الثماني التي رواها عن الحسن بن علي عليهما‌السلام ، قال : « علمني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كلمات في القنوت أقولهن : اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، إنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت تباركت ربّنا وتعاليت » (٥).

مسألة ٣١١ : القنوت سنّة ، ليس بفرض عند علمائنا ، وقد يجري في بعض عبارات علمائنا : الوجوب (٦) والقصد : شدة الاستحباب عملا بالأصل ، ولأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقنت تارة ، ويترك اخرى (٧).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٠٨ ذيل الحديث ٩٣٥.

(٢) الفقيه ١ : ٢٠٨ ـ ٩٣٦.

(٣) الفقيه ١ : ٢٠٨ ـ ٩٣٧.

(٤) الفقيه ١ : ٢٠٨ ذيل الحديث ٩٣٥.

(٥) مصنف ابن أبي شيبة ٢ : ٣٠٠ ، سنن أبي داود ٢ : ٦٣ ـ ١٤٢٥ ، سنن الترمذي ٢ : ٣٢٨ ـ ٤٦٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٧٢ ـ ١١٧٨ ، سنن الدارمي ١ : ٣٧٣ ـ ٣٧٤ ، سنن النسائي ٣ : ٢٤٨ ، مسند أحمد ١ : ١٩٩ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٠٩ ، وانظر أيضا المجموع ٣ : ٤٩٥ ، والمهذب للشيرازي ١ : ٨٨ ، وفتح العزيز ٣ : ٤٢١ ـ ٤٣٠.

(٦) هو الصدوق في الفقيه ١ : ٢٠٧.

(٧) انظر : سنن أبي داود ١ : ٦٧ ـ ١٤٤٠ ومصنف ابن أبي شيبة ٢ : ٣١١ ، وصحيح مسلم ١ : ٤٦٨ ـ ٦٧٦ و ٤٧٠ ـ ٦٧٨ ، وسنن النسائي ٢ : ٢٠٢.

٢٦٠