تذكرة الفقهاء - ج ٣

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]

تذكرة الفقهاء - ج ٣

المؤلف:

الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-36-1
الصفحات: ٣٨٦

مسألة ٢٢٦ : الإعراب شرط في القراءة‌ على أقوى القولين ، فلو لحن عمدا فالأقرب الإعادة سواء كان عالما ، أو جاهلا ، وسواء غيّر المعنى مثل أن يكسر كاف إياك ، أو يضم تاء أنعمت ، أو لا مثل أن نصب الله ، أو رفعه ، وسواء كان خفيا ، أو لا.

وللشافعي فيما إذا لم يتغير المعنى وجهان (١) لقوله تعالى ( بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ ) (٢) ولأنّه عليه‌السلام أعرب وقال : ( صلّوا كما رأيتموني أصلي ) (٣).

مسألة ٢٢٧ : يجب أن يقرأ بالمتواتر من القراءات‌ وهي السبعة ، ولا يجوز أن يقرأ بالشواذ ، ولا بالعشرة ، وجوّز أحمد قراءة العشرة ، وكره قراءة حمزة والكسائي من السبعة ، لما فيها من الكسر والإدغام (٤).

ويجب أن يقرأ بالمتواتر من الآيات وهو ما تضمنه مصحف علي عليه‌السلام ؛ لأن أكثر الصحابة اتفقوا عليه ، وحرق عثمان ما عداه ، فلا يجوز أن يقرأ بمصحف ابن مسعود ، ولا أبيّ ، ولا غيرهما ، وعن أحمد رواية بالجواز إذا اتصلت به الرواية (٥) ، وهو غلط لأن غير المتواتر ليس بقرآن.

والمعوذتان من القرآن يجوز أن يقرأ بهما ، ولا اعتبار بإنكار ابن مسعود (٦) للشبهة الداخلة عليه بأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعوّذ بهما الحسن والحسين عليهما‌السلام (٧) ، إذ لا منافاة بل القرآن صالح للتعوذ به‌

__________________

(١) المجموع ٣ : ٣٩٣.

(٢) الشعراء : ١٩٥.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٦٢ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٦ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٤٦ ـ ١٠.

(٤) المغني ١ : ٥٧٠ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧١.

(٥) المغني ١ : ٥٧١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧١.

(٦) المجموع ٣ : ٣٩٦ ، الدر المنثور ٦ : ٤١٦ ، تفسير الآلوسي ٣٠ : ٢٧٩.

(٧) مسند أحمد ٥ : ١٣٠.

١٤١

لشرفه وبركته ، وقال الصادق عليه‌السلام : « اقرأ المعوذتين في المكتوبة » (١) وصلّى عليه‌السلام المغرب فقرأهما فيها (٢).

مسألة ٢٢٨ : يجب أن يقرأ الفاتحة والسورة على ترتيبهما المخصوص ، فلو قدم آية على المتأخرة أعاد ـ وبه قال الشافعي (٣) ـ وكذا يجب أن يقدم الحمد على السورة فإن خالف أعاد الصلاة إن فعله عمدا ، وإلاّ القراءة ؛ لأن الأمر ورد بالتلاوة على الترتيب فلا يكون المخلّ به آتيا بالمأمور به ، ويجب أن يأتي بالجزء الصوري ؛ لأنّ الإعجاز فيه فلو قرأه مقطعا كأسماء العدد لم يجزئ.

ولو سكت في أثناء القراءة بالخارج عن المعتاد إمّا بأن ارتج عليه فطلب التذكر ، أو قرأ من غيرها سهوا لم تقطع القراءة وقرأ الباقي.

وإن سكت طويلا عمدا لا لغرض حتى خرج عن كونه قارئا استأنف القراءة ، وكذا لو قرأ في أثنائها ما ليس منها ولا تبطل صلاته.

ولو سكت بنية القطع بطلت قراءته ، ولو سكت لا بنية القطع أو نواه ولم يسكت صحت لأن الاعتبار بالفعل لا بالنيّة ، بخلاف ما لو نوى قطع الصلاة فإنها تبطل وإن لم يقطع الأفعال لأن الصلاة تحتاج إلى نيّة فتبطل بتركها بخلاف القراءة.

ولو كرر آية من الفاتحة لم تبطل قراءته سواء أو صلها بما انتهى إليه أو ابتدأ من المنتهى ، خلافا لبعض الشافعية في الأول (٤).

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٩٦ ـ ٣٥٦.

(٢) الكافي ٣ : ٣١٤ ـ ٨ و ٣١٧ ـ ٢٦ ، التهذيب ٢ : ٩٦ ـ ٣٥٧.

(٣) المجموع ٣ : ٣٥٧ ، فتح العزيز ٣ : ٣٢٨ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٦.

(٤) المجموع ٣ : ٣٥٨ ويستفاد منه أنّ خلاف بعض الشافعية في الثاني لا الأول. فلاحظ.

١٤٢

ولو كرر الحمد عمدا ففي إبطال الصلاة به إشكال ينشأ من مخالفة المأمور به ، ومن تسويغ تكرار الآية فكذا السورة.

ولو سأل الرحمة عند آيتها ، أو تعوّذ من النقمة عند آيتها كان مستحبا ولا تبطل بهما الموالاة ؛ لأنّه ندب إليهما ، قال حذيفة : صليت خلف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات ليلة فقرأ سورة البقرة فكان إذا مرّ على آية فيها تسبيح سبح ، وإذا مرّ بسؤال سأل ، وإذا سرّ بتعوذ تعوذ (١). وهو أحد وجهي الشافعي ، وفي الآخر : تبطل ، وكذا لو عطس فحمد الله (٢).

ولو ترك الموالاة سهوا لم تبطل وبنى ، وهو قول أكثر الشافعية (٣) ، وقال إمام الحرمين : تبطل كما لو ترك الترتيب سهوا (٤).

مسألة ٢٢٩ : قراءة الفاتحة متعينة في الأوليين من كل صلاة ، ولا تجب عينا في ثالثة المغرب ، والأخريين من الرباعيات ، بل يتخير بينها وبين التسبيح عند علمائنا ـ وبه قال أبو حنيفة ، والنخعي ، والثوري ، وأحمد في رواية (٥) ـ لأن عليا عليه‌السلام قال : « اقرأ في الأوليين وسبّح في الأخريين » (٦).

ومن طريق الخاصة قول الباقر عليه‌السلام وقد سأله زرارة ما يجزئ من‌

__________________

(١) صحيح مسلم ١ : ٥٣٦ ـ ٧٧٢ ، سنن النسائي ٣ : ٢٢٥.

(٢) المجموع ٣ : ٣٥٩ ، الوجيز ١ : ٤٢ ـ ٤٣ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٦ ، فتح العزيز ٣ : ٣٢٩ ـ ٣٣٠.

(٣) المجموع ٣ : ٣٥٧ ، فتح العزيز ٣ : ٣٣١.

(٤) المجموع ٣ : ٣٥٨ ، فتح العزيز ٣ : ٣٣١.

(٥) المبسوط للسرخسي ١ : ١٩ ، اللباب ١ : ٧٣ ، المغني ١ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٠ ، المجموع ٣ : ٣٦١.

(٦) مصنّف ابن أبي شيبة ١ : ٣٧٢.

١٤٣

القول في الركعتين الأخيرتين : « أن يقول : سبحان الله ، والحمد لله ولا إله إلاّ الله ، والله أكبر ، ويكبر ويركع » (١) ولأنها لو وجبت في باقي الركعات لسنّ الجهر بها في بعض الصلوات كالأوليين.

وقال الشافعي ، والأوزاعي ، وأحمد في رواية : تجب الفاتحة في كل ركعة من الأوائل والأواخر (٢) ، لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرأ في الأخريين من الظهر بأم الكتاب (٣) ، ونحن نقول بموجبه إذ هو واجب مخيّر.

فروع :

أ ـ تجب الفاتحة في الأوليين خاصة ، وقال الحسن : تجب في ركعة واحدة أيّها شاء (٤) لقوله تعالى ( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ) (٥) وعن مالك أنه يجب أن يقرأ في معظم الصلاة ، ففي الثلاثية يقرأ الفاتحة في ركعتين ، وفي الرباعية تجب في ثلاث إقامة للأكثر مقام الجميع (٦).

ب ـ قال أبو حنيفة : لا يجب التسبيح ولا القراءة في الأخيرتين‌ بل يجزئه السكوت ، ولو لم يقرأ في الأوليين قرأ في الأخيرتين (٧).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٩ ـ ٢ ، التهذيب ٢ : ٩٨ ـ ٣٦٧ ، الإستبصار ١ : ٣٢١ ـ ١١٩٨.

(٢) الام ١ : ١٠٧ ، المجموع ٣ : ٣٦١ ، فتح العزيز ٣ : ٣١٣ ، المغني ١ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٨ ، نيل الأوطار ٢ : ٢٣٢.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٩٧ ، صحيح مسلم ١ : ٣٣٣ ـ ٤٥١ ، سنن أبي داود ١ : ٢١٢ ـ ٧٩٩ ، سنن النسائي ٢ : ١٦٥ ، سنن البيهقي ٢ : ٦٣.

(٤) المجموع ٣ : ٣٦١ ، المغني ١ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٨ ، بداية المجتهد ١ : ١٢٦ ، نيل الأوطار ٢ : ٢٣٣.

(٥) المزمل : ٢٠.

(٦) بلغة السالك ١ : ١١٣ ، الشرح الصغير ١ : ١١٣ ، المجموع ٣ : ٣٦١ ، فتح العزيز ٣ : ٣١٣ ، المغني ١ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٨.

(٧) المبسوط للسرخسي ١ : ١٩ ، عمدة القارئ ٦ : ٨ ، المجموع ٣ : ٣٦١ ، فتح العزيز ٣ : ٣١٣ ، المغني ١ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٠ ، نيل الأوطار ٢ : ٢٣٣.

١٤٤

ج ـ روي أن التسبيح أفضل من القراءة ، وروي العكس ، وروي استحباب القراءة للإمام والتسبيح للمأموم ، وهو حسن ، وروي التساوي ، وقال سفيان : يكره القراءة في الأخيرتين (١).

د ـ لو نسي القراءة في الأوليين قيل : تجب في الأخيرتين‌ لئلاّ تخلو الصلاة من قراءة ، وقيل : لا يسقط التخيير (٢). وهو أقوى.

هـ ـ لا يجب فيه ما يجب في الفاتحة من الإخفات.

مسألة ٢٣٠ : واختلف في كيفية التسبيح‌ فالأقوى الاكتفاء بقوله : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلاّ الله ، والله أكبر مرّة واحدة لحديث الباقر عليه‌السلام (٣).

وللشيخ قولان : أحدهما : أن يكرر ذلك ثلاث مرات عدا التكبير فإنه يقول في آخره فيكون عشر مرات ، وبه قال ابن أبي عقيل ، والمرتضى (٤). وقال حريز بن عبد الله السجستاني : تسع تسبيحات (٥). فأسقط التكبير من الثالث ؛ لقول الباقر عليه‌السلام : « وإن كنت إماما فقل : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلاّ الله ثلاث مرات ثم تكبر وتركع » (٦) وبه قال الصدوق (٧).

__________________

(١) تفسير الرازي ١ : ٢١٦.

(٢) قال به الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٠٦ ، والمحقق في المعتبر : ١٧٢.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٩ ـ ٢ ، التهذيب ٢ : ٩٨ ـ ٣٦٧ ، الاستبصار ١ : ٣٢١ ـ ١١٩٨.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٠٦ ، وحكى المحقق قول ابن أبي عقيل والمرتضى في المعتبر : ١٧٨.

(٥) حكاه المحقق في المعتبر : ١٧٨.

(٦) الفقيه ١ : ٢٥٦ ـ ١١٥٨.

(٧) الهداية : ٣١.

١٤٥

والثاني للشيخ : اثنتا عشرة مرة فيضيف الله أكبر في الثلاث (١).

والأصل براءة الذمة من الوجوب ، فتحمل هذه الروايات على الاستحباب جمعا بين الأدلة.

تذنيب : الأقرب وجوب هذا الترتيب عملا بالمنقول‌ ، وقد روي عن الصادق عليه‌السلام : « فقل : الحمد لله ، وسبحان الله ، والله أكبر » (٢) والأولى الأول ؛ لحصول يقين البراءة به.

مسألة ٢٣١ : لا يجوز أن يقرأ في الفرائض شيئا من العزائم الأربع‌ عند علمائنا أجمع ـ خلافا للجمهور كافة ـ لقول الباقر عليه‌السلام أو الصادق عليه‌السلام : « لا يقرأ في المكتوبة بشي‌ء من العزائم ، فإن السجود زيادة في المكتوبة » (٣).

ولأن سجود التلاوة واجب ، وزيادة السجود في الصلاة مبطل. وأطبق الجمهور على جوازه للأصل ، وإنما يكون حجة لو لم يطرأ المعارض.

فروع :

أ ـ لو قرأ عزيمة في فريضة عمدا بطلت صلاته ، ويجي‌ء على قول الشيخ (٤) أنه يسقط آية السجود ويجزئه.

ب ـ يجوز أن يقرأ في النافلة فيسجد واجبا‌ ، وكذا إن استمع ثم يقوم فيتم القراءة ، وإن كانت السجدة آخر السورة استحب له بعد القيام قراءة الحمد ليركع عن قراءة ، ولقول الصادق عليه‌السلام وقد سئل الرجل يقرأ السجدة في‌

__________________

(١) النهاية : ٧٦.

(٢) التهذيب ٢ : ٩٩ ـ ٣٧٢ ، الإستبصار ١ : ٣٢٢ ـ ١٢٠٣.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٨ ـ ٦ ، التهذيب ٢ : ٩٦ ـ ٣٦١.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٠٨.

١٤٦

آخر السورة : « يسجد ثم يقوم ويقرأ فاتحة الكتاب ، ثم يركع ويسجد » (١).

وقال الشيخ : يقرأ الحمد وسورة ، أو آية منها (٢).

ج ـ لو سها في الفريضة فقرأ عزيمة رجع عنها‌ ما لم يتجاوز النصف وجوبا على إشكال ، فإن تجاوزه ففي جواز الرجوع عنها إشكال ، فإن منعناه قرأها كملا ثم أومى أو يقضيها بعد الفراغ بالسجدة ؛ لقول الصادق عليه‌السلام وقد سأله عمار عن الرجل يقرأ في المكتوبة سورة فيها سجدة من العزائم فقال : « إذا بلغ موضع السجدة فلا يقرأها وإن أحب أن يرجع فيقرأ سورة غيرها ويدع التي فيها السجدة رجع الى غيرها » (٣).

د ـ لو سمع في الفريضة‌ فإن أوجبناه بالسماع أو استمع أومأ أو قضى.

هـ ـ لو نسي السجدة حتى ركع سجدها‌ إذا ذكر ؛ لأن محمد بن مسلم سأل أحدهما عليهما‌السلام عن الرجل يقرأ السجدة فينساها حتى يركع ويسجد قال : « يسجد إذا ذكر إذا كانت من العزائم » (٤).

و ـ لو كان مع إمام ولم يسجد الإمام ولم يتمكن من السجود فليوم إيماء‌ لقول الصادق عليه‌السلام : « إن صليت مع قوم فقرأ الإمام اقرأ باسم ربك الذي خلق ، أو شيئا من العزائم ، وفرغ من قراءته ولم يسجد فأوم لها » (٥).

مسألة ٢٣٢ : لا يجوز أن يقرأ ما يفوت الوقت بقراءته‌ لاستلزامه الإخلال بالواجب ، وهل يجوز أن يقرن بين سورتين مع الحمد في ركعة؟ منعه‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٨ ـ ٥ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ ـ ١١٦٧ ، الإستبصار ١ : ٣١٩ ـ ١١٨٩.

(٢) النهاية : ٧٩ ، المبسوط للطوسي ١ : ١٠٨.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٩٣ ـ ١١٧٧.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٩٢ ـ ١١٧٦.

(٥) الكافي ٣ : ٣١٨ ـ ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ ـ ١١٦٨ ، الاستبصار ١ : ٣٢٠ ـ ١١٩٢.

١٤٧

الشيخ (١) لقول أحدهما عليهما‌السلام وقد سأله محمد بن مسلم أيقرأ الرجل السورتين في ركعة قال : « لا لكل سورة ركعة » (٢) ولأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كذا صلّى (٣).

وقال المرتضى رحمهم‌الله: يكره (٤) لقول الباقر عليه‌السلام : « إنما يكره الجمع بين السورتين في الفريضة » (٥) ويحمل على التحريم لوروده فيه ، وجوزه الشافعي (٦) ، لأن ابن عمر فعله (٧). وليس حجة.

فروع :

أ ـ قال في المبسوط : لو قرن ما بين سورتين بعد الحمد لم يحكم بالبطلان (٨).

ب ـ لو قرأ السورة الواحدة مرتين فهو قارن‌ ، وكذا لو كرر الحمد ، ولا يجزئه تكريرها عن السورة الأخرى ؛ لأن الفاتحة في الركعة مضيقة والشي‌ء الواحد لا يؤدى به المضيق والمخير في محل.

ج ـ يجوز أن يكرر السورة الواحدة في الركعتين‌ وأن يقرأ فيهما بسورتين‌

__________________

(١) النهاية : ٧٥ ، الخلاف ١ : ٣٣٦ مسألة ٨٧.

(٢) التهذيب ٢ : ٧٠ ـ ٢٥٤ ، الاستبصار ١ : ٣١٤ ـ ١١٦٨.

(٣) انظر على سبيل المثال الكافي ٣ : ٤٨٢ ـ ١ وصحيح البخاري ١ : ١٩٣.

(٤) صريح السيد المرتضى رحمه‌الله في الانتصار : ٤٤ وجوابات المسائل الموصليات الثالثة « ضمن رسائل الشريف المرتضى » ١ : ٢٢٠ هو عدم الجواز لا القول بالكراهة ليحمل على التحريم ، ولعل العلاّمة نقله عن مصدر آخر لم نعثر عليه.

(٥) الكافي ٣ : ٣١٤ ـ ١٠ ، التهذيب ٢ : ٧٠ ـ ٢٥٨ و ٧٢ ـ ٢٦٧ ، الاستبصار ١ : ٣١٧ ـ ١١٨٠.

(٦) المجموع ٣ : ٣٨٥ ، فتح الباري ٢ : ٢٠٢.

(٧) سنن البيهقي ٢ : ٦٤ ، الموطأ برواية الشيباني : ٦٤ ـ ١٣٣ ، وانظر المغني ١ : ٥٧٢.

(٨) المبسوط للطوسي ١ : ١٠٧.

١٤٨

متساويتين أو متفاوتتين ـ وبه قال الشافعي (١) ـ لأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سوّى بينهما (٢).

وقال أبو حنيفة : يستحب في الفجر قراءة أطول السورتين في الاولى وأقصرهما في الثانية ـ وبه قال الثوري (٣) ـ وهو مذهبنا على ما يأتي لفائدة تلاحق الناس.

د ـ يجوز أن يقرأ في الثانية السورة التالية‌ لما قرأه في الاولى من غير استحباب ـ خلافا للشافعي (٤) ـ للأصل ، ولو قرأ « الناس » في الأولى قال : يقرأ في الثانية من البقرة (٥).

مسألة ٢٣٣ : الضحى وألم نشرح سورة واحدة‌ لا تفرد إحداهما عن الأخرى في الركعة الواحدة ، وكذا الفيل ولإيلاف عند علمائنا ؛ لقول زيد الشحام في الصحيح : صلّى بنا الصادق عليه‌السلام الفجر فقرأ الضحى وألم نشرح في ركعة واحدة (٦) ، وقد بينا التحريم أو الكراهة فلا يقع من الإمام عليه‌السلام إلاّ وهو واجب.

وسمع المفضل الصادق عليه‌السلام يقول : « لا يجمع بين سورتين في ركعة واحدة إلاّ الضحى وألم نشرح ، وسورة الفيل ولإيلاف » (٧).

__________________

(١) فتح العزيز ٣ : ٣٥٧ ، المجموع ٣ : ٣٨٧ ، حلية العلماء ٢ : ٩٤.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٣٣٤ ـ ٤٥٢ ، سنن أبي داود ١ : ٢١٣ ـ ٨٠٤ ، سنن النسائي ١ : ٢٣٧ ، مسند أحمد ٣ : ٢ ، سنن البيهقي ٢ : ٦٦.

(٣) عمدة القارئ ٦ : ٩ ، الجامع الصغير للشيباني : ٩٦ ، المجموع ٣ : ٣٨٧ ، فتح العزيز ٣ : ٣٥٧.

(٤) المجموع ٣ : ٣٨٥.

(٥) المجموع ٣ : ٣٨٥.

(٦) التهذيب ٢ : ٧٢ ـ ٢٦٦ ، الاستبصار ١ : ٣١٧ ـ ١١٨٢.

(٧) المعتبر : ١٧٨ ، مجمع البيان ٥ : ٥٤٤.

١٤٩

وهل تعاد البسملة بينهما؟ الأقرب ذلك ؛ لأنّها ثابتة في المصحف ، وللإجماع على أنها آية من كل سورة ، والاستثناء في رواية المفضل يدل على الاثنينية.

وقال الشيخ في التبيان : لا تعاد ؛ لأنهما سورة واحدة (١). والإجماع على أنها ليست آيتين من سورة واحدة. والأولى ممنوعة وإن وجبت قراءتهما.

مسألة ٢٣٤ : يجوز العدول من سورة إلى أخرى‌ ما لم يتجاوز نصفها إلاّ في سورة الجحد والإخلاص فإنه لا ينتقل عنهما إلاّ الى سورة الجمعة والمنافقين في الجمعة وظهريها ؛ لقول الصادق عليه‌السلام : « يرجع من كل سورة إلاّ قل هو الله أحد ، وقل يا أيها الكافرون » (٢).

فروع :

أ ـ قال المرتضى : يحرم الرجوع عن سورة التوحيد والجحد (٣). ويحتمل الكراهة.

ب ـ لو وقفت عليه آية من السورة وجب العدول عنها إلى سورة أخرى‌ وإن تجاوز النصف ، تحصيلا لسورة كاملة.

ج ـ إذا رجع عن السورة إلى أخرى وجب أن يعيد البسملة ؛ لأنها آية من كل سورة ، فالمتلوة آية من المرجوع عنها فلو لم يأت بها ثانيا لم تكمل السورة ، وكذا من سمى بعد الحمد من غير قصد سورة معيّنة يعيدها مع القصد ، ولو نسي آية ثم ذكرها بعد الانتقال إلى أخرى قرأها وأعاد ما بعدها‌

__________________

(١) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ١٧٨ وانظر أيضا تفسير التبيان ١٠ : ٣٧١.

(٢) الكافي ٣ : ٣١٧ ـ ٢٥ ، التهذيب ٢ : ١٩٠ ـ ٧٥٢ و ٢٩٠ ـ ١١٦٦.

(٣) الانتصار : ٤٤.

١٥٠

وإن قرأ إلى آخر السورة.

مسألة ٢٣٥ : قد بيّنا جواز القراءة من المصحف ـ وبه قال الشافعي ، ومالك ، وأبو يوسف ، ومحمد (١) ـ لأن من جاز له القراءة ظاهرا جاز باطنا (٢) كالآية القصيرة من المصحف.

وقال أبو حنيفة : تبطل صلاته إلاّ أن يقرأ آية قصيرة ؛ لأنه عمل طويل (٣).

وهو ضعيف ، لأن الفكر والنظر لا يبطل الصلاة كما لو أفكر في إشغاله ، ونظر الى المارة ، ولا فرق بين الحافظ وغيره.

مسألة ٢٣٦ : يجب الجهر بالقراءة خاصة‌ دون غيرها من الأذكار في صلاة الصبح وأولتي المغرب ، وأولتي العشاء ، والإخفات في الظهرين ، وثالثة المغرب ، وآخرتي العشاء عند أكثر علمائنا (٤) ـ وبه قال ابن أبي ليلى (٥) ـ لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يفعل ذلك وقال : ( صلّوا كما رأيتموني أصلّي ) (٦).

ولقول الباقر عليه‌السلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الجهر فيه أو‌

__________________

(١) حلية العلماء ٢ : ٨٩ ، مغني المحتاج ١ : ١٥٦ ، الميزان ١ : ١٤٣ ، الجامع الصغير للشيباني : ٩٧ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢٠١.

(٢) في « م » ناظرا. بدل باطنا.

(٣) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٠١ ، الجامع الصغير للشيباني : ٩٧ ، المغني ١ : ٦٤٩ ، الشرح الكبير ١ : ٦٧٥ ، الميزان ١ : ١٤٣ ، حلية العلماء ٢ : ٨٩.

(٤) منهم : الشيخ المفيد في المقنعة : ٣٣ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٠٨ ، والمحقق في المعتبر : ١٧٥.

(٥) حكاه المحقق في المعتبر : ١٧٥.

(٦) صحيح البخاري ١ : ١٦٢ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٦ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٤٦ ـ ١٠ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٤٥ ، ترتيب مسند الشافعي ١ : ١٠٨ ـ ٣١٩ ، مسند أحمد ٥ : ٥٣.

١٥١

أخفى فيما لا ينبغي الإخفات فيه فقال : « إن فعل ذلك متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة ، وإن فعل ذلك ناسيا ، أو ساهيا ولا يدري فلا شي‌ء عليه وقد تمت صلاته » (١).

وقال المرتضى (٢) ، وباقي الجمهور كافة : بالاستحباب عملا بالأصل (٣). وهو غلط للإجماع على مداومة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وجميع الصحابة ، والأئمة عليهم‌السلام فلو كان مسنونا لأخلّوا به في بعض الأحيان.

مسألة ٢٣٧ : يجب الجهر بالبسملة في مواضع الجهر‌ ، ويستحب في مواضع الإخفات في أول الحمد وأول السورة عند علمائنا ، لأنّها آية من السورة تتبعها في وجوب الجهر ، وأما استحبابه مع الإخفات فلأن أم سلمة قالت : إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم (٤) ، وهو إخبار عن السماع ولا نعني بالجهر إلاّ سماع الغير.

ومن طريق الخاصة قول صفوان : صلّيت خلف الصادق عليه‌السلام أيّاما وكان يقرأ في فاتحة الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم ، فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وأخفى ما سوى ذلك (٥).

وقال الشافعي : يستحب الجهر بها قبل الحمد ، والسورة في‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٢٧ ـ ١٠٠٣ ، التهذيب ٢ : ١٤٧ ـ ٥٧٧ ، الاستبصار ١ : ٣١٣ ـ ١١٦٣.

(٢) حكاه المحقق في المعتبر : ١٧٥.

(٣) المجموع ٣ : ٣٨٩ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٢ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨١ ، الميزان ١ : ١٤٦ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٧ ، العدة شرح العمدة : ٧٥.

(٤) سنن البيهقي ٢ : ٤٤ ، مستدرك الحاكم ١ : ٢٣٢.

(٥) الكافي ٣ : ٣١٥ ـ ٢٠ ، التهذيب ٢ : ٦٨ ـ ٢٤٦ ، الإستبصار ١ : ٣١١ ـ ١١٥٤.

١٥٢

الجهرية ، والإخفاتية ـ وبه قال عمر ، وابن الزبير ، وابن عباس ، وابن عمر ، وأبو هريرة ، وهو مذهب عطاء ، وطاوس ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد (١) ـ وهو موافق لقولنا في الإخفاتية ، وقد بيّنا وجوب الجهر في الجهرية.

وقال الثوري ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة ، وأحمد ، وأبو عبيد : لا يجهر بها بحال. ونقله الجمهور عن علي عليه‌السلام ، وابن مسعود ، وعمار (٢) لأنّ أنسا قال : صليت خلف النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم أسمعه يجهر بها (٣). ولا حجة فيه لصغره أو بعده. وقال النخعي : جهر الإمام بها بدعة (٤). وقال مالك : المستحب أن لا يقرأها (٥). وقال ابن أبي ليلى ، والحكم ، وإسحاق : إن جهرت فحسن وإن أخفيت فحسن (٦).

فروع :

أ ـ أقلّ الجهر أن يسمع غيره القريب تحقيقا ، أو تقديرا ، وحدّ‌

__________________

(١) الميزان للشعراني ١ : ١٤١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٥٣ ، حلية العلماء ٢ : ٨٦.

(٢) المبسوط للسرخسي ١ : ١٥ ، شرح فتح القدير ١ : ٢٥٤ ، اللباب ١ : ٦٨ ، المغني ١ : ٥٥٧ ، العدة شرح العمدة : ٧٤ ، المجموع ٣ : ٣٤٢ ، الميزان ١ : ١٤١ ، المنتقى للباجي ١ : ١٥٠ ، القوانين الفقهية : ٦٣ ، بداية المجتهد ١ : ١٢٤ ، الحجة على أهل المدينة ١ : ٩٦ ، نيل الأوطار ٢ : ٢١٦ ، الشرح الكبير ١ : ٥٥٣.

(٣) صحيح مسلم ١ : ٢٩٩ ـ ٣٩٩ ، سنن النسائي ٢ : ١٣٥ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٣ ، سنن الدارقطني ١ : ٣١٤ ـ ١ ، سنن البيهقي ٢ : ٥٠ و ٥١.

(٤) الميزان ١ : ١٤١ ، نيل الأوطار ٢ : ٢١٧ ، حلية العلماء ٢ : ٨٧.

(٥) المدونة الكبرى ١ : ٦٤ ، المنتقى للباجي ١ : ١٥٠ ، بداية المجتهد ١ : ١٢٤ ، الميزان ١ : ١٤١ ، المغني ١ : ٥٥٦ ، الشرح الكبير ١ : ٥٥٢ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٥ ، شرح فتح القدير ١ : ٢٥٣ ، نيل الأوطار ٢ : ٢١٨.

(٦) المجموع ٣ : ٣٤٢ ، الميزان ١ : ١٤١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٧ ، نيل الأوطار ٢ : ٢١٨.

١٥٣

الإخفات أن يسمع نفسه أو بحيث يسمع لو كان سميعا بإجماع العلماء ، ولأنّ ما لا يسمع لا يعد كلاما ولا قراءة ؛ لقول الباقر عليه‌السلام : « لا يكتب من القراءة والدعاء إلا ما أسمع نفسه » (١).

ب ـ لا جهر على المرأة بإجماع العلماء ، ولأن صوتها عورة ، ولا تخافت دون إسماع نفسها.

ج ـ قال ابن إدريس : ما لا يتعين فيه بالقراءة لا يجهر فيه بالبسملة‌ لو قرأ (٢). وهو تخصيص لعموم الروايات ، وتنصيص علمائنا.

د ـ كل صلاة تختص بالنهار ولا نظير لها ليلا فالسنّة فيها الجهر‌ كالصبح ، وكل صلاة تختص بالليل ولا نظير لها نهارا فالسنة فيها الجهر كالمغرب ، وكل صلاة تفعل نهارا ولها نظير بالليل فما تفعل نهارا فالسنّة فيه الإخفات كالظهرين ، وما تفعل ليلا فالسنّة الجهر كالعشاء ، فصلاة الجمعة ، والعيد سنتهما الجهر ؛ لأنهما يفعلان نهارا ولا نظير لهما ليلا ، وأصله قوله عليه‌السلام : ( صلاة النهار عجماء ) (٣).

وكسوف الشمس يستحب فيها الإسرار ؛ لأنها تفعل نهارا ، ولها نظير بالليل وهي صلاة خسوف القمر ، ويجهر في الخسوف.

أما صلاة الاستسقاء فعندنا كصلاة العيد ، وقال الشافعي : إن فعلت نهارا أسرّ بها ، وإن فعلت ليلا جهر ، ونوافل النهار يسرّ فيها ، ونوافل الليل‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٣ ـ ٦ ، التهذيب ٢ : ٩٧ ـ ٣٦٣ ، الإستبصار ١ : ٣٢٠ ـ ١١٩٤.

(٢) السرائر : ٤٥.

(٣) عوالي اللئالي ١ : ٤٢١ ـ ٩٨ ونسبه الى الحسن البصري كل من الزمخشري في الفائق ٢ : ٣٩٥ ، والهروي في غريب الحديث ١ : ٢٨٢ ، وابن الأثير في النهاية ٣ : ١٨٧ « عجم ». وانظر كشف الخفاء ٢ : ٣٦ ـ ١٦٠٩ والتذكرة في الأحاديث المشتهرة : ٦٦ والمجموع ٣ : ٤٦.

١٥٤

تجهر (١).

ولا قراءة في صلاة الجنائز عندنا ، أما الشافعي فاستحب الجهر ليلا لا نهارا (٢).

هـ ـ القضاء كالفوائت‌ فإن كان الفائت صلاة جهر جهر في قضائها وجوبا وإن فعلت نهارا ، وإن كانت صلاة إخفات أسرّ فيها وإن فعلت ليلا ، وبه قال بعض الشافعية (٣) ، وقال الباقون : الاعتبار بوقت القضاء (٤). وليس بجيد لقوله عليه‌السلام : ( فليقضها كما فاتته ) (٥).

و ـ لا فرق بين الإمام والمنفرد عندنا‌ ـ وبه قال الشافعي (٦) ـ لأن المنفرد ليس تابعا لغيره فهو كالإمام ، وقال أبو حنيفة : لا يسن الجهر للمنفرد (٧).

ز ـ ليس للمأموم الجهر وإن سوّغنا له القراءة‌ ؛ لأنّ صحابيا جهر خلف النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلمّا فرغ من الصلاة قال : ( ما لي أنازع القرآن؟ ) (٨) ولما فيه من تشويش الإمام.

__________________

(١) المجموع ٣ : ٣٩١ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٢.

(٢) انظر : المجموع ٥ : ٢٣٤ ، وحلية العلماء ٢ : ٢٩٥.

(٣) المجموع ٣ : ٣٩٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨١.

(٤) المجموع ٣ : ٣٩٠ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٠.

(٥) عوالي اللئالي ٣ : ١٠٧ ـ ١٥٠ و ٢ : ٥٤ ـ ١٤٣ والمهذب البارع ١ : ٤٦٠.

(٦) المجموع ٣ : ٣٨٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٠.

(٧) المجموع ٣ : ٣٨٩ ، شرح العناية ١ : ٢٨٣.

(٨) سنن أبي داود ١ : ٢١٨ ـ ٨٢٦ ، سنن النسائي ٢ : ١٤١ ، سنن الترمذي ٢ : ١١٨ ـ ٣١٢ ، الموطأ ١ : ٨٦ ـ ٤٤ ، موارد الظمآن : ١٢٦ ـ ٤٥٤.

١٥٥

ح ـ يستحب الجهر في صلاة الجمعة وظهرها‌ ـ خلافا لابن إدريس (١) ـ وفي صلاة الليل.

مسألة ٢٣٨ : القراءة ليست ركنا عند أكثر علمائنا (٢) ‌فلو أخلّ بها سهوا لم تبطل صلاته ـ وبه قال الشافعي في القديم (٣) ـ لأنّ عمر صلّى المغرب فلم يقرأ فيها فقيل له في ذلك ، فقال : كيف كان الركوع والسجود؟ قالوا : كان حسنا. قال : فلا بأس (٤).

ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه‌السلام وقد سأله منصور بن حازم إنّي صلّيت المكتوبة فنسيت أن أقرأ في صلاتي كلّها ، فقال : « أليس قد أتممت الركوع والسجود؟ » قلت : بلى ، فقال : « قد تمت صلاتك » (٥).

وعند بعض علمائنا أنها ركن لو أخل بها سهوا بطلت صلاته (٦) ، وهو قول الشافعي في الجديد (٧) ، لقوله عليه‌السلام : ( لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ) (٨) ولا حجة فيه لافتقاره إلى إضمار.

__________________

(١) السرائر : ٦٥.

(٢) منهم الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٠٥ ، وابن إدريس في السرائر : ٥٠ ، والمحقق في المعتبر : ١٧٢.

(٣) المجموع ٣ : ٣٣٢ ، عمدة القارئ ٦ : ٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٩.

(٤) مصنّف ابن أبي شيبة ١ : ٣٩٦.

(٥) الكافي ٣ : ٣٤٨ ـ ٣ ، التهذيب ٢ : ١٤٦ ـ ٥٧٠ ، الاستبصار ١ : ٣٥٣ ـ ١٣٣٦.

(٦) حكى ذلك الشيخ في المبسوط ١ : ١٠٥.

(٧) الام ١ : ١٠٧ ، المجموع ٣ : ٣٣٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٥ ، المغني ١ : ٥٥٥ ، الشرح الكبير ١ : ٥٥٦.

(٨) صحيح البخاري ١ : ١٩٢ ، صحيح مسلم ١ : ٢٩٥ ـ ٣٩٤ ، سنن الترمذي ٢ : ٢٥ ـ ٢٤٧ ، سنن البيهقي ٢ : ٥٩ ، مستدرك الحاكم ١ : ٢٣٩.

١٥٦

مسألة ٢٣٩ : يستحب له ترتيل القراءة ، والتسبيح ، والتشهد‌ ليلحقه من خلفه ممّن يثقل لسانه. قال الله تعالى ( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ) (١) وقال الصادق عليه‌السلام : « ينبغي للعبد إذا صلّى أن يرتل قراءته ، وإذا مرّ بآية فيها ذكر الجنّة أو النار سأل الله الجنّة وتعوّذ بالله من النار ، وإذا مرّ بيا أيّها الناس ويا أيها الذين آمنوا قال : لبيك ربّنا » (٢).

ولو أطال الدعاء في خلال القراءة كره ، وربما أبطل إن خرج عن نظم القراءة المعتاد فيبين الحروف ولا يمده مدة يشبه الغناء ، ولو أدرج ولم يرتل وأتى بالحروف بكمالها صحت صلاته ، ويستحب تعمد الإعراب والوقوف في مواضعه ، ولا يستحب له التطويل كثيرا فيشق على من خلفه ؛ لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( من أمّ الناس فليخفف ) (٣) وللمنفرد الإطالة.

ولو عرض عارض لبعض المأمومين يقتضي خروجه استحب للإمام التخفيف ، قال عليه‌السلام : ( إنّي لأقوم في الصلاة وأنا أريد أن أطوّل فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوّز فيها كراهية أن يشق على أبيه ) (٤).

مسألة ٢٤٠ : يستحب له أن يسكت قليلا بعد الحمد وبعد السورة‌ ـ وبه قال عروة بن الزبير (٥) ـ لقول الباقر عليه‌السلام : « إن رجلين اختلفا في صلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كم كان له من سكتة فكتبا الى أبيّ بن كعب فقال : كان له سكتتان : إذا فرغ من أم القرآن ، وإذا فرغ من‌

__________________

(١) المزمل : ٤.

(٢) التهذيب ٢ : ١٢٤ ـ ٤٧١.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٨٠ ، صحيح مسلم ١ : ٣٤١ ـ ٤٦٧ ، سنن الترمذي ١ : ٤٦١ ـ ٢٣٦ ، سنن النسائي ٢ : ٩٤ ، الموطأ ١ : ١٣٤ ـ ١٣ ، مسند أحمد ٢ : ٢٧١.

(٤) صحيح البخاري ١ : ١٨١ ، سنن أبي داود ١ : ٢٠٩ ـ ٧٨٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣١٧ ـ ٩٩١ ، سنن النسائي ٢ : ٩٥ ، سنن البيهقي ٣ : ١١٨ ، وفيها ( .. كراهية أن يشق على أمّه ).

(٥) المغني ١ : ٥٦٧.

١٥٧

السورة » (١) ولأن المقتضي للسكوت عقيب الحمد مقتض له عقيب السورة.

وقال الشافعي ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق : يسكت بعد تكبيرة الافتتاح وبعد الفاتحة (٢) ، لأنّ سمرة بن جندب حدّث أنه حفظ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سكتتين : سكتة إذا كبّر ، وسكتة إذا فرغ من قراءة الفاتحة فأنكر عليه عمر (٣) فكتبا في ذلك الى أبيّ بن كعب فكان في كتابه إليهما أن سمرة قد حفظ (٤).

وحديثنا أولى ، لأنّ أهل البيت عليهم‌السلام أعرف ، وكره ذلك كله مالك ، وأصحاب الرأي (٥).

مسألة ٢٤١ : يستحب أن يقرأ في الظهرين ، والمغرب بقصار المفصل‌ كالقدر والنصر ، وفي العشاء بمتوسطاته كالطارق والأعلى ، وفي الصبح بمطولاته كالمدثر والمزمل ، قاله الشيخ في المبسوط (٦).

وروى محمد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام قلت : القراءة في الصلاة فيها شي‌ء موقت؟ قال : « لا ، إلاّ الجمعة تقرأ بالجمعة والمنافقين » قلت له : فأيّ السور أقرأ في الصلوات؟ قال : « أما الظهر والعشاء فتقرأ فيهما سواء ، والعصر والمغرب سواء ، وأما الغداة فأطول ، ففي الظهر‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٩٧ ـ ١١٩٦.

(٢) المجموع ٣ : ٣٩٥ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٣ ، المغني ١ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٨ ، العدة شرح العمدة : ٧٥ ، نيل الأوطار ٢ : ٢٦٥.

(٣) الصحيح عمران بن الحصين كما في المصادر التالية.

(٤) سنن الترمذي ٢ : ٣١ ـ ٢٥١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٧٥ ـ ٨٤٤ ، سنن أبي داود ١ : ٢٠٧ ـ ٧٧٩ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٠٩ ـ ٢٨.

(٥) المغني ١ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٨ ، نيل الأوطار ٢ : ٢٦٥.

(٦) المبسوط للطوسي ١ : ١٠٨.

١٥٨

والعشاء بسبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها ونحوها ، والعصر والمغرب إذا جاء نصر الله وألهاكم التكاثر ، ونحوها ، والغداة بعم يتساءلون ، وهل أتاك ، ولا أقسم بيوم القيامة ، وهل أتى » (١) وقال الشافعي : يقرأ في الصبح كما قلناه (٢) لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرأ « ق » في الصبح (٣).

ويقرأ في الظهر نصف ما يقرأ في الصبح ، ويقرأ في العصر بنحو ما يقرأ في العشاء سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون ، ويقرأ في المغرب بالعاديات وشبهها ، لأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقرأ في المغرب بقصار المفصّل (٤).

وقال أبو حنيفة : يقرأ في الاولى من الصبح من ثلاثين آية إلى ستين آية ، وفي الثانية من عشرين الى ثلاثين ، وفي الظهر نصف ما قرأ في الصبح ، وفي العصر والعشاء عشرين آية في كل ركعة غير الفاتحة في الأوليين (٥). وقال أحمد : يقرأ في العشاء خمس عشرة آية (٦).

ولو خالف ذلك كلّه جاز بإجماع العلماء فإن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرأ في المغرب بالأعراف ، وتارة بالمرسلات ، وتارة بالطور (٧).

مسألة ٢٤٢ : يستحب أن يقرأ في ظهري يوم الجمعة الجمعة والمنافقين ،

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٩٥ ـ ٣٥٤.

(٢) المجموع ٣ : ٣٨٥ ، مختصر المزني : ١٨ ، السراج الوهاج : ٤٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٠ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٣.

(٣) صحيح مسلم ١ : ٣٣٧ ـ ٤٥٨.

(٤) سنن البيهقي ٢ : ٣٩١.

(٥) بدائع الصنائع ١ : ٢٠٦.

(٦) المغني ١ : ٦٤٣ ، حلية العلماء ٢ : ٩٥.

(٧) سنن الترمذي ٢ : ١١٢ ـ ١١٣ ـ ٣٠٨ ، سنن أبي داود ١ : ٢١٤ ـ ٨١٠ و ٨١١ و ٢١٥ ـ ٨١٢ ، سنن الدارمي ١ : ٢٩٦ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٩٢.

١٥٩

وكذا في الجمعة سواء الجامع والمنفرد ، والمسافر والحاضر ؛ لأن الباقر عليه‌السلام قال : « إن الله أكرم بالجمعة المؤمنين فسنّها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشارة لهم ، والمنافقين توبيخا للمنافقين فلا ينبغي تركهما ، ومن تركهما متعمدا فلا صلاة له » (١).

وليستا واجبتين في الجمعة أيضا ، خلافا لبعض علمائنا (٢) ، والمراد نفي الكمال ؛ لقول الكاظم عليه‌السلام في الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمدا ، فقال : « لا بأس » (٣).

ويستحب أن يقرأ في غداة يوم الجمعة ، الجمعة والتوحيد ، وروي المنافقين (٤) ، وفي مغرب ليلة الجمعة وعشائها بالجمعة والأعلى ، وفي رواية عن الصادق عليه‌السلام قراءة الجمعة ، والتوحيد في المغرب ، وفي العشاء بالجمعة وسبح اسم (٥).

ويستحب لمن قرأ غير الجمعة والمنافقين في الجمعة ، والظهرين الرجوع إليهما إن كان ناسيا ولم يتجاوز النصف ، فإن تجاوز فليتمها ركعتين نافلة ، ويصلّي الفريضة بهما.

وقال المرتضى : إذا دخل الإمام في صلاة الجمعة وجب أن يقرأ في الأولى بالجمعة ، وفي الثانية بالمنافقين يجهر بهما لا يجزئه غيرهما (٦) ، لقول الصادق عليه‌السلام : « من صلّى الجمعة بغير الجمعة والمنافقين أعاد‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٢٥ ـ ٤ ، التهذيب ٣ : ٦ ـ ١٦ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ ـ ١٥٨٣.

(٢) هو أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٥٢ ـ ١٥٣.

(٣) التهذيب ٣ : ٧ ـ ١٩ و ٢٠ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ ـ ١٥٨٦.

(٤) التهذيب ٣ : ٧ ـ ١٨ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ ـ ١٥٨٥.

(٥) التهذيب ٣ : ٥ ـ ١٣.

(٦) جمل العلم والعمل « ضمن رسائل الشريف المرتضى » ٣ : ٤٢.

١٦٠