منازل الآخرة والمطالب الفاخرة

الشيخ عباس القمي

منازل الآخرة والمطالب الفاخرة

المؤلف:

الشيخ عباس القمي


المحقق: السيد ياسين الموسوي
الموضوع : الأخلاق
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-470-223-9
الصفحات: ٣٠٨

الرحيم ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم ) (١).

* وأن يصلي في ليلة الثاني والعشرين من رجب ثمانية ركعات يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة وقل يا أيها الكافرون سبعة مرّات وبعد الفراغ يصلي على محمّد وآل محمّد عشرة مرّات ، ويستغفر الله تعالى عشرة مرّات (٢).

* وروى السيّد ابن طاووس عن الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله انّه قال :

« ومَن صلّى في الليلة السادسة من شعبان أربع ركعات يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّةً ، وخمسين مرّة قل هو الله أحد ، قبض الله روحه على السعادة ، ووسع عليه في قبره ويخرج من قبره ووجهه كالقمر وهو يقول : اشهد ان لا إله إلاّ الله وانّ محمّداً عبده ورسوله » (٣).

* يقول المؤلّف : إن هذه الصلاة هي بعينها صلاة أمير المؤمنين عليه‌السلام وانّ لها فضل كثير.

وقد رأيت من المناسب في هذا المقام أن أذكر حكايتين :

الحكاية الاُولى :

حكي ان تلميذاً من تلاميذ الفضيل بن عياض (٤) ـ وهو أحد رجال الطريقة ـ

__________________

(١) روى الشيخ الكليني رحمه‌الله في الكافي الشريف بإسناد معتبر بقوة الصحيح عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال :

« اذا صلّيت المغرب والغداة فقل : بسم الله الرحمن الرحيم لا حول لا قوة إلاّ بالله العلي العظيم سبع مرّات فانّه من قالها لم يصبه جذام ولا برص ولا جنون ولا سبعون نوعاً من أنوع البلاء ». الكافي : ج ٢ ، ص ٥٢٨.

(٢) قال السيّد ابن طاووس في اقبال الأعمال : ص ٦٦٦ ، بعد أن ذكر هذه الصلاة المروية عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : فإذا فعل ذلك لم يخرج من الدنيا حتّى يرى مكانه في الجنّة ويكون موته على الاسلام ويكون له أجر سعبين نبيّاً.

(٣) اقبال الأعمال : ص ٦٩٠ ـ ٦٩١ ، الطبعة الحجرية.

(٤) قال المؤلّف رحمه‌الله في سفينة البحار : ج ٧ ، ص ١٠٣ الطبعة الحديثة :

(الفضيل بن عياض الزاهد بصري أو كوفي عاميّ ثقة روى عن أبي عبدالله عليه السلام ، له نسخة يرويها النجاشي وكان من زهدة عصره ، ذكر الصوفية له كرامات وماقات ويحكى انّه

١٢١

وكان يعدّ من أعلم تلاميذه لمّا حضرته الوفاة دخل عليه الفضيل وجلس عند رأسه وقرأ سورة ياسين.

فقال التلميذ المحتضر : يا استاذ لا تقرا هذه السورة. فسكت الاستاذ ، ثمّ لقنه فقال له : قل لا إله إلاّ الله.

فقال : لا اقولها ، لأني بريء منها.

ثمّ مات على ذلك.

فاضطرب الفضيل من مشاهدة هذه الحالة اضطراباً شديداً. فدخل منزله ولم يخرج منه. ثمّ رآه في ا لنوم وهويسحب به الى جهنّم.

فسأله الفضيل : بأي شيء نزع الله المعرفة منك ، وكنت اعلم تلاميذي.

فقال : بثلاثة أشياء :

أولها : النميمة فانّي قلت لأصحابي بخلاف ما قلت لك.

والثاني : بالحسد ، حسدت أصحابي.

والثالث : كانت بي علة فجئت الى الطبيب فسألته عنها فقال تشرب في كل سنة قدحاً من الخمر ، فانّ لم تفعل بقيت بك العلة.

فكنت اشرب الخمر تبعاً لقول الطبيب.

ولهذه الأشياء الثلاثة التي كانت فيّ ساءت عاقبتي ومت على تلك الحالة (١).

__________________

كان في أوّل أمره يقطع الطريق بين ابيورد وسرخس وعشق جارية فبينما يرتقي الجدران إليها سمع تالياً يتلوا : ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ) سورة الحديد : الآية ١٦. فقال : يارب قد آن ، فرجع وآوى الى خربة فإذا فيها رفقة فقال بعضُهم : نرتحل ، وقال بعضهم : حتّى نُصبح فانّ فضيلاً على الطريق يقطع علينا ، فتاب الفضيل وامنهم ، وحكي انّه جاور الحرم حتّى مات وكانت وفاته يوم عاشوراء سنة (١٨٧). وله كلمات منها : ثلاثةً لاينبغي أن يُلاموا على سوء الخلق والغضب : الصائم والمريض والمسافر ؛ وقال ثلاث خصال يقسين القلب : كثرة الأكل وكثرة النوم وكثرة الكلام ، قيل : كان لفضيل ولد اسمه عليّ وكان أفضل من أبيه في الزهد والعبادة الاّ أنّه لم يتمتع بحياته كثيراً وكان سبب موته انّه كان يوماً في المسجد الحرام واقفاً بقرب ماء زمزم فسمع قارئاً يقرأ ( وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ * سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ النَّارُ ) سورة ابراهيم / الآية ٤٩ ـ ٥٠. فصعق ومات ).

(١) راجعنا في ترجمة القصة ما نقله المؤلّف رحمه‌الله في كتابه سفينة البحار : ج ٢ ، ص ٧٢٧ الطبعة

١٢٢

يقول المؤلّف : رأيت من المناسب أن اذكر في ذيل هذه الحكاية هذا الخبر : روى الشيخ الكليني عن أبي بصير انّه قال :

دخلت ام خالد العبديّة على أبي عبدالله عليه‌السلام وأنا عنده فقالت : جعلت فداك انّه يعتريني قراقر في بطني .. وقد وصف لي أطبّاء العراق النبيذ بالسويق ، وقد وقفت وعرفت كراهتك له ، فاحببتُ أن أسألك عن ذلك؟

فقال لها عليه‌السلام : وما يمنعك عن شربه؟

قالت : قد قلدتك ديني ، فألقى الله عزّوجلّ حين ألقاه فاخبره انّ جعفر بن محمّد عليهما‌السلام أمرني ونهاني.

فقال : يا أبا محمّد ألا تسمع الى هذه المرأة ، وهذه المسائل. لا والله لا آذن لك في قطره منه ، ولا تذوقي منه قطرة ؛ فانّما تندمي اذا بلغت نفسك ها هنا ـ واومأ بيده الى حنجرته ـ يقولها ثلاثاً : أفهمتِ؟

قالت : نعم (١).

الحكاية الاُخرى :

ذكرالشيخ البهائي عطر الله مرقده في الكشكول :

احتضر بعض المترفين وكان كلما قيل له قل : لا إله إلاّ الله ، يقول هذا البيت :

يا رُبَّ قائلةٍ يوماً وقد تَعِبَت

أين الطريق الى حَمّامِ منجابِ

وسبب ذلك أن امرأةً عفيفةً حسناء خرجت الى حمام معروف بحمام بنجاب ، فلم تعرف طريقه وتعبت من المشي ، فرأت رجلاً على باب دار ، فسألته عن الحمام.

فقال : هو هذا ، وأشار الى باب داره.

فلما دخلت ، اغلق الباب عليها ؛ فلما علمت بمكره أظهرت كمال الرغبة والسرور ، وقالت : اشتر لنا شيئاً من الطيب ، وشيئاً من الطعام ، وعجل بالعود إلينا.

فلما خرج واثقاً بها وبرغبتها ، خرجت وتخلصت منه.

__________________

الحديثة ، وقد حاولنا أن نجمع ما في السفينة وما نقله هنا بالفارسية ، وإن شئت فراجع السفينة.

(١) رواه الشيخ الكليني في الكافي الشريف : ج ٦ ص ٤١٣.

١٢٣

فانظر كيف منعته هذه الخطيئة عن الاقرار بالشهادة عند الموت ، مع انّه لم يصدر منه إلاّ ادخال المرأة بيته وعزمه على الزنا فقط من دون وقوعه منه (١).

والحكايات من هذا القبيل كثيرة.

واعلم انّ الشيخ الكليني روى عن الامام الصادق عليه‌السلام انّه قال :

« مَن منع قيراطاً من الزكاة فليمت إن شاء يهودياً أو نصرانياً » (٢).

يقول الفقير : القيراط واحد وعشرون ديناراً.

وورد قريباً من هذا المضمون في حقّ من استطاع أن يحج ولم يحج حتّى مات (٣).

لطيفة :

نقل عن بعض العارفين انّه حضرعند محتضر الحاضرون منه أن يلقّن المحتضر. فلقّنه هذه الرباعية :

كر من گنه جمله جهان گردستم

لطف تو اميد است كه گيرد دستم

گوئي كه به وقت عجز دستت كيرم

عاجزتر از اين مخواه كاكنون هستم

يعني :

إن ارتكبت معاصي الدنيا كلّها

فرجائي أن يأخذ لطفك يدي

فانّك وعدتني باخذ يدي عندما أعجز

لا تشأ أن أعجز أكثر من عجزي الحالي

__________________

(١) الكشكول : ج ١ ، ص ٢٤٨ ـ ٢٤٩.

(٢) الكافي : ج ٣ ، ص ٥٠٧.

(٣) أقول : روى الصدوق في ثواب الأعمال : ص ٢٨١ ـ ٢٨٢ ، بالإسناد عن أبي عبدالله عليه‌السلام :

« من مات ولم يحج حجّة الاسلام ولم تمنعه من ذلك حاجة تجحف به أو مرض لا يطيق الحجّ من أجله أو سلطان يمنعه فليمت إن شاء يهودياً وإن شاء نصراياً ».

١٢٤

أحدُ منازِلُ الآخرة المهولة

القَبر

١٢٥

١٢٦

أحدُ منازِلُ الآخرة المهولة

القَبر

فانّه في كل يوم يقول : أنا بيت الغربة ، أنا بيت الوحشة ، أنا بيت الدود (١).

ولهذا المنزل عقبات صعبة جداً ، ومنازل ضيقة ومهولة ، ونحن نشير هنا

__________________

(١) روى الكليني في الكافي : ج ٣ ، ص ٢٤٢ بالإسناد عن أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام قال : « انّ للقبر كلاماً في كل يوم يقول : أنا بيت الغربة ، أنا بيت الوحشة ، أنا بيت الدود ، أنا القبر ، أنا روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران ».

وروى أيضاً في ج ٣ ، ص ٢٤١ ، بالإسناد عنه عليه السلام قال : « ما من موضع قبر إلاّ وهو ينطق كل يوم ثلاث مرّات : أنا بيت التراب ، أنا بيت البلاء ، أنا بيت الدود.

قال : فاذا دخله عبدٌ مؤمنٌ قال : مرحباً وأهلاً ، أما والله لقد كنت أحبّك وأنت تمشي على ظهري ، فكيف اذا دخلت بطني ، فسترى ذلك.

قال : فيفسح له مدّ البصر ، ويفتح له باب يرى مقعدة من الجنّة.

قال : ويخرج من ذلك رجل لم تر عيناه شيئاً قط أحسن منه فيقول : يا عبدالله ما رأيت شيئاً قط أحسن منك.

فيقول : أنا رأيك الحسن الذي كنت عليه ، وعملك الصالح الذي كنت تعمله.

قال : ثمّ تؤخذ روحه ، فتوضع في الجنّة حيث رأى منزله ، ثمّ يقال له : نَم قرير العين ، فلا يزال نفحة من باب الجنّة تصيب جسده يجد لذتها وطيبها حتّى يبعث.

قال : وإذا دخل الكافر ، قال : لا مرحباً بك ، ولا أهلاً ، اما والله لقد كنت ابغضك وأنت تمشي على ظهري ، فكيف اذا دخلت بطني سترى ذلك.

قال : فتضمَّ عليه ، فتجعله رميماً ، ويعاد كما كان ، ويفتح له باب الى النار فيرى مقعدة من النار ... الحديث ».

١٢٧

الى عدّة عقبات منها :

العَقَبَةُ الأُولى

وحشةُ القبر

* في كتاب ( من لا يحضره الفقيه ) :

( وإذا حمل الميت الى قبره فلا يفاجأ به القبر لأنّ للقبر أهوالاً عظيمة. ويتعوذ حامله الله مِن هول المطلع. ويضعه قرب شفير القبر. ويصبر عليه هنيئة ثمّ يقدّمه قليلاً ويصبر عليه هنيئة ليأخذ اهبته ، ثمّ يقدمه الى شفير القبر ) (١).

وقال المجلسي الأول في شرح هذا الحديث :

( ولو انّ الروح قد فارقت البدن ، وانّ الروح الحيوانية قد ماتت ، أما النفس الناطقة فحية. وانّ تعلقها بالبدن يزول على نحو الكلية. وانّ الخوف مِن ضغطة القبر وسؤال منكر ونكير ورومان « فتان القبور » ، والخوف من عذاب البرزخ موجود ليكن عبرة للآخرين ليفكروا انّ ذلك واقع بهم في المستقبل.

وفي حديث حسن (٢) عن يونس قال : حديث سمعته عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام ما ذكرته وأنا في بيت إلاّ ضاق عليّ. يقول : اذا أتيت بالميت الى شفير قبره فامهله ساعة ، فانّه يأخذ أهبته للسؤال (٣).

وروي عن البراء بن عازب ـ أحد الصحابة المعروفين قال :

بينما نحن مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله اذا بَصَرَ بجماعة فقال : علامَ اجتمع عليه هؤلاء؟

__________________

(١) مَن لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق : ج ١ ، ص ١٧٠.

(٢) أي ان سند الحديث حسن.

(٣) لم نجده في الشرح العربي المطبوع باسم ( روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه ) ولعله في الشرح الفارسي فان المجلسي الأول شرحان على الفقيه.

وأما الرواية فموجودة في الشرح العربي ونقلناها منه : روضة المتقين : ج ١ ، ص ٤٥٠.

وقد رواها الكليني في الكافي : ج ٣ ، ص ١٩١ ، كتاب الجنائز ـ باب ( في وضع الجنازة دون القبر ) ـ ح ٢.

١٢٨

قيل : على قبر يحفرونه.

قال : ففزع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فبدر بين يدي أصحابه مسرعاً حتّى انتهى الى القبر فجثا عليه.

قال : فاستقبلته من بين يديه لانظر ما يصنع. فبكى حتّى بلَّ الثَّرى من دموعه ، ثمّ اقبل علينا ، قال : أي اخواني لمثل اليوم اعدوا (١).

__________________

(١) مسند أحمد بن حنبل : ج ٤ ، ص ٢٩٤ وروى الشهيد في : مسكن الفؤاد ، ص ١٠٧ ، الطبعة الحجرية عن البراء بن عازب باختلاف يسير ، ونقله الشيخ النوري في المستدرك : ج ٢ ، ص ٤٦٥ ، باب ٧٤ ، ح ٢٤٧٦ ، الطبعة الحديثة.

ومما يناسب المقام ما رواه أحمد بن حنبل أيضاً عن البراء بن عازب انّه قال :

(خرجنا مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في جنازة رجل من الانصار ، فانتهينا الى القبر ولمّا يلحد ، فجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجلسنا حوله ، وكأنّ على رؤوسنا الطير ، وفي يده عود ينكت في الأرض فرفع رأسه ، فقال :

استعيذوا بالله من عذاب القبر. (مرّتين ، أو ثلاثاً) ثمّ قال :

إنّ العبد المؤمن اذا كان في انقطاع من الدنيا ، واقبال من الآخرة ، نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه ، كأن وجوههم الشمس ، معهم كفن من أكفان الجنّة ، وحنوط من حنوط الجنّة ؛ حتّى يجلسوا منه مدّ البصر ، ثمّ يجيء ملك الموت عليه‌السلام حتّى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الطيبة اخرجي الى مغفرة من الله ، ورضوان.

قال : فتخرج تسيل ، كما تسيل القطرة من في السقاء ، فيأخذها. فإذا أخذها يدعوها في يده طرفة عين حتّى يأخذوها فيجعلونها في ذلك الكفن ، وفي ذلك الحنوط ، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض.

قال : فيصعدون بها ، فلا يمرون ـ يعني بها ـ على ملأ من الملائكة إلاّ قالوا : ما هذا الروح الطيب؟

فيقولون : فلان ، بن فلان ؛ بأحسن اسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا.

حتّى ينتهوا بها الى السماء الدنيا ، فيستفتحون له ؛ فيفتح لهم ، فيشيعه من كل سماء مقربوها الى السماء التي تليها حتّى ينتهى به الى السماء السابعة ، فيقول الله عزّوجلّ اكتبوا كتاب عبدي في عليين ، واعيدوه الى الأرض ، فانّي منها خلقتهم وفيها اعيدهم ومنها اخرجهم تارة اُخرى.

قال : فتعاد روحه في جسده ، فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له : مَن ربك؟ فيقول ربّي الله.

١٢٩

* ونقل الشيخ البهائي عن بعض الحكماء انّه رُئيَ في ساعة موته يتحسر ويتأسف.

فقيل له : ما هذا الذي يرى منك؟

فقال : ما يُظَنُّ بِمَن يسافر سفراً بعيداً بدون زاد ولا مؤونة ، ويسكن في قبر موحش بلا مؤنس ، ويرد على حاكم عادل بدون حجّة؟!

* وروى القطب الراوندي أنّ عيسى نادى امه مريم عليهم‌السلام بعد ما دفنت فقال : يا امّاه هل تريدين أن ترجعي الى الدنيا؟

قالت : نعم لأُصلي لله في ليلة شديدة البرد واصوم يوماً شديد الحر ، يا بني فانّ الطريق مخوف (١).

* وروي : انَّ فاطمة عليها‌السلام لمّا احتضرت أوصت علياً عليه‌السلام فقالت : « اذا أنا مت فتول أنت غسلي وجهزّني ، وصلّ عليَّ وانزلني قبري والحدني ، وسوّ التراب عليّ ، واجلس عند رأسي قبالة وجهي ، فأكثر من تلاوة القرآن والدعاء فانّها ساعة يحتاج الميت فيها الى أُنس الأحياء » (٢).

* وروى السيّد ابن طاووس رحمه‌الله عن الرسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله انّه قال :

__________________

فيقولان له : ما دينك؟ فيقول : ديني الاسلام.

فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟

فيقول : هو رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فيقولان له : وما علمك؟ فيقول : قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت.

فياندي مناد من السماء : إن صدق عبدي فافرشوه من الجنّة والبسوه من الجنّة وافتحوا له باباً الى الجنّة. قال : فيأتيه من روحها وطيبها ، ويفسح له في قبره مدّ بصره ... الحديث) مسند أحمد : ج ٤ ، ص ٢٨٧.

(١) رواها النوري في مستدرك الوسائل : ج ١ ، ص ٥٩١ ، الطبعة الحجرية ، كتاب الصيام ، أبواب الصوم المندوب ، باب ٢ ، ح ٦ ، عن لب اللباب للراوندي.

(٢) راجع البحار : ج ٨٢ ، ص ٢٧ ، ح ١٣ ، عن مصباح الأنوار ، ونقله عنه الشيخ النوري رحمه‌الله في المستدرك : ج ٢ ، ص ٣٣٩ ، باب ٣٢ ، ح ٢١٣٣. ونقله أيضاً في المستدرك : ج ٢ ، ح ٤٧٧ ، باب ٧٩ ، ح ٢٥٠٩. وتجده في مصباح الأنوار : ص ٢٥٧.

١٣٠

« لا يأتي على الميت ساعة أشدّ من أول ليلة فارحموا موتاكم بالصدقة ، فان لم تجدوا فليصل أحدكم ركعتين يقرا فيهما فاتحة الكتاب مرّة وآية الكرسي مرّة ، وقل هو الله احد مرّتين ، وفي الثانية فاتحة الكتاب مرّة والهاكم التكاثر عشر مرّات وسلم ويقول :

اللّهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد وابعث ثوابها الى قبر ذلك الميت فلان بن فلان ، فيبعث الله مِن ساعته الف ملك الى قبره مع كل ملك ثوب وحلة ويوسع في قبره من الضيق الى يوم ينفخ في الصور ويعطى المصلي بعدد ما طلعت عليه الشمس حسنات ويرفع له أربعون درجة » (١).

صلاة اُخرى :

يصلى لرفع وحشة الليلة الاُولى في القبر ركعتين ، يقرا في الركعة الاولى الحمد وآية الكرسي ، ويقرا في الركعة الثانية الحمد وانّا انزلناه عشر مرّات ، فإذا سلم يقول :

« اللّهم صلّ على محمّد وآل محمّد وابعث ثوابها الى قبر فلان » (٢).

ويذكر اسم الميت عوضاً عن « فلان ».

حكاية :

نقل شيخنا ثقة الاسلام النوري ( نوّرالله مرقده ) في ( دار السلام ) عن شيخه معدن الفضائل والمعالي مولانا الحاجّ ملا فتح علي السلطان آبادي

__________________

(١) فلاح السائل للسيّد ابن طاووس : ص ٨٦ ـ ٨٧.

(٢) في المصباح للشيخ الكفعمي : ص ٤١١ الطبعة الحجرية. قال : « وصلاة هدية الميت ليلة الدفن ركعتان ، في الاُولى الحمد ، وآية الكرسي ، وفي الثانية الحمد والقدر عشراً ، فإذا سلّم قال : اللّهمّ صلي على محمّد وآل محمّد ، وابعث ثوابها الى فلان ».

وذكرها الشيخ الكفعمي في : البلد الأمين : ص ١٦٤ ، ونقلها عنه الحر العاملي في الوسائل : ج ٥ ، ص ٢٨٥ ، كتاب الصلاة : أبواب بقية الصلوات المندوبة باب ٤٤ ، ح ٢.

ونقلها المجلسي في البحار : ج ٩١ ، ص ٢١٩ ، ح ٥.

١٣١

( عطر الله مضجعه ) قال :

كان من عادتي وطريقتي أن اصلي ركعتين لكل مَن سمعته مات في ولاء أهل البيت عليهم‌السلام في ليلة دفنه سواءاً عرفته أو جهلته. ولم يكن أحداً مطلعاً على ذلك ، الى أن لقاني يوماً في الطريق بعض الأصدقاء فقال :

انّي رأيت البارحة فلاناً في المنام ـ وقد توفي في هذه الايّام ـ فسألتُه عن حاله ، وما جرى عليه بعد الموت.

فقال : كُنتُ في شدة وبلاء وآل أمري الى العقاب عند الجزاء إلاّ أن الركعتين اللتين صلاهما فلان ـ وسمّاك ـ انقذتني من العذاب ، ودفعت عني مضاضة العقاب ، فرحم الله أباه (١) لهذا الاحسان الذي وصل منه اليَّ (٢).

ثمّ سألني عن تلك الصلاة فاخبرته بطريقتي المستمرّة ، وعادتي الجارية (٣).

* ومنَ الأشياء النافعة أيضاً لوحشة القبر اتمام الركوع كما روي عن الامام محمّد الباقر عليه‌السلام انّه قال :

« مَن أتَمَّ ركوعه لم تدخله وحشة القبر » (٤).

* وورد في الخبر أيضاً :

« مَن قال مائة مرّة ( لا إله إلاّ الله الملك الحقّ المبين ) اعاذه الله العزيز الجبار مِنَ الفقر وأنسَ وحشة قبره واستجلب الغنى واستقرع باب الجنّة » (٥).

__________________

(١) في المصدر المطبوع : اياه.

(٢) هكذا في المصدر بدل (وصلني منه) كما هو الصحيح.

(٣) دار السلام : ج ٢ ، ص ٣١٥.

(٤) الدعوات للقطب الراوندي : ص ٢٧٦ الطبعة الحديثة ، قال : « وعن سعيد بن جناح قال :

كنت عند أبي جعفر عليه السلام فقال مبتدءاً ... الخبر) ونقله عنه المجلسي رحمه الله في البحار : ج ٦ ، ص ٢٤٤ ، ٧١ ، وفي ج ٨٢ ، ص ٦٤ ، ح ٨ ، ورواه الصدوق في ثواب الأعمال : ص ٥٥ (باب من أتم ركوعه) ، ح ١. ونقله عن البحار : ج ٨٥ ، ص ١٠٧ ، ح ١٥.

(٥) ثواب الأعمال : الشيخ الصدوق : ص ٢٢ ( ثواب من قال لا إله إلاّ الله الملك الحقّ المبين مائة مرّة ) ح ١.

١٣٢

* وكذلك قراءة سورة يس قبل النوم (١).

وكذلك صلاة ليلة الرغائب ، وقد ذكرت هذه الصلاة مع بعض فضائلها في مفاتيح الجنان في أعمال شهر رجب (٢).

__________________

وذكره القطب الراوندي في الدعوات : ص ٢١٧.

ونقله في البحار : ج ٨٦ ، ص ١٦١ ح ٤٠ ، عن (البلد الأمين) وفي ج ٨٧ ـ ص ٨ ، ح ١٣ ، وفي ج ٩٣ ، ص ٢٠٧ ، ح ٧.

كما رواه الشيخ الطوسي في الأمالي : ص ٢٨٥.

(١) روى الصدوق رحمه‌الله في ثواب الأعمال : ص ١٣٨ عن الامام الصادق عليه‌السلام انّه قال :

« انَّ لكل شيء قلباً وانّ قلب القرآن يس ، مَن قرأها قبل أن ينام أو في نهاره قبل أن يمسي كان في نهاره من المحفوظين والمرزوقين حتّى يمسي. ومَن قرأها في ليلة قبل أن ينام وكّل الله به ألف ملك يحفظونه من شر كل شيطان رجيم ، ومن كل آفة. وإن مات في يومه ادخله الله به الجنّة ، وحضر غسله ثلاثون ألف ملك كلهم يستغفرون له ، ويشيعونه الى قبره بالاستغفار له. فاذا دخل في لحده كانوا في جوف قبره يعبدون الله ، وثواب عبادتهم له ، وفسح له في قبره مدّ بصره ، وأُومن من ضغطة القبر ، ولم يزل له في قبره نورٌ ساطع الى عنان السماء الى أن يخرجه الله من قبره ... الحديث ».

وفي البحار : ج ٧٦ ، ص ٢٠٠ ، عن الامام الصادق عليه السلام انه قال : « من قرأ يس ، في ليلته قبل أن ينام وكّل الله به ألف ملك يحفظونه من كل شيطان رجيم ومن كل آفة ».

لا يخفى أن هذه الرواية هي قطعة من الرواية المتقدمة.

(٢) قال المؤلّف في كتابه مفاتيح الجنان المعرب : ص ١٣٩ :

(واعلم انّ أوّل ليلة من ليالي الجمعة من رجب تسمّى ليلة الرغائب ، فيها عمل مأثور عن النبي صلى الله عليه وآله ذو فضل كثير. ورواه السيّد في الاقبال والعلامة المجلسي رحمه الله في اجازة بني زهرة.

ومن فضله : أن يغفر لمن صلاّها ذنوب كثيرة ، وانّه اذا كان أول ليلة نزوله الى قبره بعث الله إليه ثواب هذه الصلاة في أحسن صورة ، بوجه طلق ، ولسان ذلق ، فيقول : يا حبيبي ابشر فقد نجوت من كل شدة.

فيقول : من أنت ، فما رأيت أحسن وجهاً منك ، ولا سمعت كلاماً أحلى من كلامك ، ولا شممت رائحة اطيب من رائحتك؟

فيقول : يا حبيبي انا ثواب تلك الصلاة التي صليتها ليلة كذا ، في بلدة كذا ، في شهر كذا ، في سنة كذا ، جئت الليلة لاقضي حقك وآنس وحدتك ، وأرفع عنك وحشتك ؛ فإذا نفخ في الصور ظلت في عرصة القيامة على رأسك ، فافرح فانّك لم تعدم الخير أبداً.

١٣٣

__________________

وصفة هذه الصلاة :

أن يصوم أول خميس من رجب ثمّ يصلي بين صلاتي المغرب والعشاء اثنتي عشرة ركعة يفصل بين كل ركعتين بتسليمة يقرأ في كل ركعة فاحتة الكتاب مرّة ، وانّا انزلناه ثلاث مرّات ، وقل هو الله أحد اثني عشرة مرّة.

فإذا فرغ من صلاته قال سبعين مرّة : اللّهمّ صلّ على محمّد النبي الاُمّي وعلى آله [وفي نسخة بدل اللّهمّ صل على محمّد وآل محمّد] ثمّ يسجد ويقول سبعين مرّة : ربّ اغفر وارحم وتجاوز عمّا تعلم انّك أنت العليُّ الأعظم. ثمّ يسجد سجدة اُخرى فيقول فيها سبعين مرّة : سبوح قدوس ربّ الملائكة والروح.

ثمّ يسأل حاجته ، فانّها تقضى إن شاء الله) انتهى كلامه رفع مقامه.

وقد نقل العلاّمة المجلسي رحمه‌الله في بحاره : ج ٩٨ ، ص ٣٩٥ باب (عمل خصوص ليلة الرغائب) : عن العلاّمة في اجازته الكبيرة عن الحسن بن الدّربي ، عن الحاج صالح مسعود بن محمّد وأبي الفضل الرازي المجاور بمشهد مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام قرأها عليه في محرَّم سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة عن الشيخ عليِّ بن عبد الجليل الرّازي عن شرف الدين الحسن بن علي ، عن سديد الدّين عليّ بن الحسن عن عبد الرحمن بن أحمد النيسابوري ، عن الحسن بن علي ، عن الحاج مسموسم عن أبي الفتح نورخان عبد الواحد الاصفهاني ، عن عبد الواحد بن راشد الشيرازي ، عن أبي الحسن الهمداني عن عليّ بن محمّد بن سعيد البصري ، عن أبيه ، عن خلف بن عبدالله الصنّعاني ، عن حميد الطوسي ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما معنى قولك : رجب شهر الله؟ قال : لأنه مخصوص بالمغفرة ، فيه تحقن الدماء ، وفيه تاب الله على أوليائه وفيه انقذهم من نزاعه ثمَّ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : من صامه كلّه استوجب على الله ثلاثة أشياء :

مغفرة لجميع ما سلف من ذنوبه ، وعصمة فيما يبقى من عمره ، وأماناً من العطش يوم الفرغ الأكبر.

فقام شيخ ضعيف فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وآله إنّي عاجز عن صيامه كلّه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : صم أوَّل يوم منه ، فانَّ الحسنة بعشر أمثالها وأوسط يوم منه وآخر يوم منه ، فانّك تعطى ثواب صيامه كلّه. ولكن لا تغفلوا عن ليلة أوَّل خميس منه ، فانّها ليلة تسمّيها الملائكة ليلة الرغائب ، وذلك أنّه إذا مضى ثلث اللّيل لم يبق ملك في السّموات والأرض إلاّ ويجتمعون في الكعبة وحواليها ويطّلع الله عليهم اطّلاعة فيقول لهم :

يا ملائكتي اسألوني ما شئتم فيقولون : حاجاتنا إليك أن تغفر لصوّام رجب ، فيقول

١٣٤

__________________

الله عزَّوجلَّ قد فعلت ذلك.

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من أحد يصوم الخميس أوَّل خميس من رجب ثمَّ يصلي ما بين العشاءين العتمة اثني عشرة ركعة يفصل بين كلّ ركعتين بتسليم يقرأ في كلِّ ركعة فاتحة الكتاب مرَّة واحدة وإنّا أنزلناه في ليلة القدر ثلاث مرّات وقل هو الله أحد اثني عشرة مرَّة ، فإذا فرغ من صلاته صلّى عليَّ سبعين مرَّة ، ويقول « اللّهمّ صلّ على محمّد وعلى آله ، ثمّ يسجد ويقول في سجوده سبعين مرّة : رب اغفر وارحم وتجاوز عمّا تعلم إنّك أنت العلي الأعظم ، ثمَّ يسجد سجدة أُخرى فيها ما قال في الأولى ثمَّ يسأل الله حاجته في سجوده ، فانّها تقضى.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : والّذي نفسي بيده لا يصلّي عبد أو أمة هذه الصّلاة إلاّ غفر الله جميع ذنوبه ، ولو كان ذنوبه مثل زبد البحر وعدد الرّمل ووزان الجبال وعدد ورق الأشجار ويشفع يوم القيامة في سبعمائة من أهل بيته ممّن قد استوجب النار ، فاذا كان أوَّل ليلة في قبره بعث الله إليه ثواب هذه الصلاة في أحسن صورة فيجيئه بوجه طلق ولسان ذلق فيقول : يا حبيبي أبشر فقد نجوت من كلِّ سوء فيقول : من أنت فوالله ما رأيت وجهاً أحسن من وجهك ، ولا سمعت كلاماً أحسن من كلامك ، ولا شممت رائحة أطيب من رائحتك ، فيقول : يا حبيبي أنا ثواب تلك الصلاة الّتي صلّيتها في ليلة كذا من شهر كذا ، جئتك هذه الليلة لاقضي حقك واُونس وحدتك ، وأرفع وحشتك ، فإذا نفخ في الصّور ظلت في عرصة القيامة على رأسك فابشر فلن تعدم الخير أبداً).

وقال السيّد ابن طاووس في اقبال الاعمال : ص ٦٣٢ ، الطبعة الحجرية : (لا تغفلوا عن أوّل ليلة جمعة فيه فانّها ليلة تسميها الملائكة ليلة الرغائب وذلك انّه اذا مضى ثلث الليل لم يبق ملك في السماوات والأرض إلاّ يجتمعون في الكعبة وحواليها ويَطلّع الله عليهم إطلاعة فيقول لهم يا ملائكتي سلوني ما شِئتم فيقولون ربّنا حاجتنا اليك أن تغفر لصّوام رجب فيقول الله تبارك وتعالى قد فعلت ذلك ثمّ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ما من أحد صام يوم الخميس أوّل خميس من رجب ثمّ يصلي بين العشاء والعتمة اثنتي عشرة ركعة يفصل بين كل ركعيتن بتسليمة يقرأ في كلّ ركعة فاتحة الكتاب مرّة وانّا انزلناه في ليلة القدر ثلاث مرّات وقل هو الله أحد اثنتي عشرة مرّة فاذا فرغ من صلاته صلى عليّ سبعين مرّة يقول اللّهم صلّ على محمّد النبي الاُمّي الهاشمي وعلى آله ثمّ يسجد ويقول في سجوده سبعين مرّة سُبُوح قُدُّوسٌ رَبُ الملائكة والرّوحِ ثمّ يرفع رأسه ويقول رَبِّ اغفر وارحم وتجاوز عمّا تعلم إنّك أنت العلي الأعظم ثمَّ يسجدُ سجدة اُخرى فيقول فيها ما قال في السجدة الاُولى ثمَ يسأل الله حاجته

١٣٥

* وروي :

« ومَن صام اثني عشر يوماً من شعبان زاره في قبره كلّ يوم سبعون ألف ملك الى النفخ في الصور » (١).

* ومَن عاد مريضاً أوكل الله تعالى به ملكاً يعوده في قبره الى محشره (٢).

__________________

في سجوده فانّه تقضى إن شاءَ الله تعالى ثمّ قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله والذي نفسي بيده لا يصلي عبد أو امة هذه الصلاة إلاّ غفر الله له جميع ذنوبه ولو كانت ذنوبه مثل زبد البحر وعدد الرّمل ووزن الجبال وعدد أوراق الأشجار ويشفع يوم القيامة في سبع مائة من أهل بيته ممّن قد استوجب النار فإذا كان اوّل ليلة نزوله الى قبره بعث الله إليه ثواب هذه الصلاة في أحسن صورة بوجه طلق ولسان ذلق فيقول يا حبيبي ابشر فقد نجوت من كل شدّة فيقول من أنت فما رأيت أحسن وجها مِنك ولا شممت رائحة اطيب من رائحتك فيقول يا حبيبي أن ثواب تلك الصلاة التي صلّيتها ليلة كذا في بلدة كذا في شهر كذا في سنة كذا جئت الليلة لا قضي حقك وانس وحدتك وارفع عنك وحشتك فإذا نفخ في الصُّور ظللت في عرصة القيامة على رأسك وانّك لن تعدم الخير من مولاك أبداً).

(١) روى ذلك الشيخ الصدوق في ثواب الأعمال : ص ٨٧ ، ورواه في فضائل الأشهر الثلاثة ص ٤٧ ، ح ٢٤.

ورواه في الأمالي : ص ٢٩ ، المجلس ٧ ، ح ١ ونقله المجلسي في البحار : ج ٩٧ ، ص ٦٩ ، ح ٧.

(٢) أقول : روى الصدوق في ثواب الأعمال : ص ٢٣١ ، بإسناد صحيح عن أبي جعفر عليه‌السلام قال :

« كان فيما ناجى الله به موسى عليه‌السلام ربّه إن قال : يا ربّ اعلمني ما بلغ من عيادة المريض من الأجر؟

قال عزّوجلّ : أوكل به ملكاً يعوده في قبره الى محشره ».

وفي : قصص الانبياء / القطب الراوندي : ص ١٦٣ ، ح ١٨٥ (قال موسى عليه السلام : يارب ما لمن عاد مريضاً؟ قال : أوكل به ملكاً يعوده في قبره الى محشره .. ). ونقله عنه المجلسي في البحار : ج ١٣ ، ص ٣٥٤ ، ح ٥٢. وروى الكليني في الكافي : ج ٣ ، ص ١٢٠ ، كتاب الجنائز باب (ثواب عيادة المريض) ، ح ٤ ، عن الامام الصادق عليه السلام انّه قال : « ايّما مؤمن عاد مؤمناً في الله عزّوجلّ في مرضه وكّل الله به ملكاً من العواد يعوده في قبره الى يوم القيامة ».

وفي ج ٣ ، ص ١٢٠ ح ٥ : بسند صحيح عن الامام الصادق عليه السلام قال : « من عاد مريضاً من المسلمين وكّل الله به أبداً سبعين ألفاً من الملائكة يغشون رحله ويسبحون فيه ، ويقدسون ، ويهللون ، ويكبرون الى يوم القيامة نصف صلاتهم لعائد المريض ».

وروى أيضاً في ج ٣ ، ص ١٢١ ، ح ٧ بإسناده عن الامام الصادق عليه السلام انّه قال : « من

١٣٦

* وروي عن أبي سعيد الخدري انه قال :

سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : يا علي! بشر وبشر فليس على شيعتك (١) حسرة (٢) عند الموت ، ولا وحشة في القبور ، ولا حزن يوم النشور (٣).

العقبة الثانية

ضَغطَةُ القَبرِ

وهذه العقبة صعبة جداً وبتصورها تضيق على الانسان الدينا.

* قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « يا عِباد الله ما بَعدَ المَوتِ لمَن لا يُغفَر له أشدُّ مِنَ المَوتِ القبر فاحذروا ضيقَةُ وضَنكَهُ وظُلمَتَهُ وَغُربتَهُ ، إنَّ القَبرَ يقولُ كُلَّ يَومٍ أنا بَيتُ الغربة انا بيتُ الوَحشَةِ أنا بَيتُ الدّودِ ، وَالقَبرُ روضَةٌ من رياض الجنّة أو حُفرهٌ من حُفرِ النّار الى أن قالَ : وَإنَّ مَعيشَةَ الضَّنكِ الَّتي حَذَّرَ اللهُ مِنها عَدُوَّهُ عذابُ القبر ، إنَّه يُسلّطُ على الكافرِ في قَبِره تِسعةً وتسعين تنيناً فَينهشنَ لحَمهُ ويَكسِرنَ عظمهُ يَتردَّدنَ عليه كذلك الى يوم يبعث ؛ لَو انَّ تنيناً مِنها نَفَخَ في الأرض لَم تُنبِت زَرعاً.

__________________

عاد مريضاً وكّل الله عزّوجلّ به ملكاً يعوده في قبره ».

(١) في نسخة من المصدر (لشيعتك) بدل (على شيعتك).

(٢) في نسخة من المصدر (كرب) بدل (حسرة).

(٣) تفسير فرات : ص ٣٤٨ ، ح ٣٧٥. وفي البحار : ج ٧ ، ص ١٩٨ ، ح ٧٣ ، وتكملة الحديث (ولكأنّي بهم يخرجون من جدث القبور ينفضون التراب عن رؤوسهم ولحاهم ، يقولون : الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن انّ ربّنا لغفور شكور الذي احلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب).

وفي البحار أيضاً : ج ٣٩ ، ص ٢٢٨ ، عن عائشة ، قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام : « حسبك ما لمحبّك حسرة عند موته ، ولا وحشة في قبره ، ولا فزع يوم القيامة ».

وفي البحار : ج ٦ ، ص ٢٠٠ :

عن ام سلمة (رضي الله عنها) قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام :

« يا علي انَّ محبيك يفرحون في ثلاثة مواطن : عند خروج انفسهم وأنت هناك تشهدهم ، وعند المساءلة في القبور وأنت هناك تلقنهم ، وعند العرض على الله وأنت هناك تعرفهم ».

١٣٧

* يا عباد الله إنَّ انفسَكُمُ الضَّعيفة وأجسادكُمُ الناعمة الرّقيقة التي يكفيها اليسيرُ تَضعُفُ عن هذا » (١).

* وروي بأنه كان أبو عبد الله عليه‌السلام اذا قام الليل يرفع صوته حتّى يسمع أهل الدار ويقول :

« اللّهمَّ أَعِنِّي على هَولِ المُطَّلَع وَوَسِع عَلَيَّ ضيق المضجَعِ وارزُقني خَيرَ ما قَبلَ الموتِ وارزُقني خَيرَ ما بَعدَ المَوتِ » (٢).

* ومن أدعيته عليه‌السلام :

« اللّهمّ بارِك لِي في الموتِ ، اللّهُمّ أعِنِّي على سَكراتِ المَوتِ اللّهُمَّ أَعني على غمِّ القَبرِ ، اللّهُمَّ أَعِنِّي على ضيقِ القَبرِ اللَّهُمَّ أعِنِّي على وَحشَةِ القَبرِ القَبرِ اللّهُمَّ زَوِّجني مِن الحور العينِ » (٣).

* واعلم أن العمدة في عذاب القبر تأتي من عدم الاحتراز من البول ، والاستخفاف به ، يعني استسهاله ، ومن النميمة ونقل الأقوال والأخبار والاستغابة وابتعاد الرجل عن أهله (٤).

* ويستفاد من رواية سعد بن معاذ انّ من أسباب ضغطه القبر سوء خلق

__________________

(١) الأمالي ، الطوسي : ص ٢٧ ، ح ٣١ ، ونقله عنه المجلسي في البحار : ج ٦ ، ٢١٨ ، ح ١٣.

(٢) اصول الكافي : ج ٢ ، ص ٥٣٩ ، بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن الامام الصادق عليه‌السلام. وفي ( من لا يحضره الفقيه ) ج ١ ، ص ٤٨٠ ، ح ١٣٨٩.

(٣) أقول روى هذا الدعاء السيّد ابن طاووس في اقبال الأعمال : ص ١٧٨ ، الطبعة الحجرية ، في ضمن أعمال الليلة التاسعة عشرة من شهر رمضان المبارك ، وقد رواه عن الامام الصادق عليه‌السلام ، وفيه : « اللّهمّ أعني على الموت ، اللّهمّ أعني على سكرات الموت ... اللّهمّ أعني على وحشة القبر ، اللّهمّ أعني على ظلمة القبر اللّهمّ أعني على أهوال يوم القيامة ، اللّهمّ بارك لي في طول يوم القيامة ، اللّهمّ زوجني من الحور العين ». ونقله في البحار : ج ٩٨ ، ص ١٣٥.

(٤) روى الشيخ الصدوق في علل الشرائع : ص ٣٠٩ ، باب ٢٦٢ ، بالإسناد عن علي عليه‌السلام قال :

« عذاب القبر يكون من النميمة ، والبول ، وعزب الرجل عن أهله » ، ونقله عنه المجلسي في البحار : ج ٦ ، ص ٢٢٢ ، ح ٢١ ، وفي ج ٧٥ ، ص ٢٦٥ ، ح ٢١٠ ، وفي ج ١٠٣ ، ص ٢٨٦ ، ح ١٦.

١٣٨

الرجل مع أهله ، وغلظته مع عياله أيضاً (١).

* وورد في رواية عن الامام الصادق عليه‌السلام :

« ليس مِن مؤمن إلاّ وله ضَمَّةٌ » (٢).

__________________

(١) وروى الصدوق رحمه‌الله في علل الشرائع : ص ٣١٠ ، باب ٢٦٢ ، ح ٤ ، وفي الأمالي : ص ٣١٤ ، المجلس ٦١ ، ح ٢ ، وروى الشيخ الطوسي في الأمالي : ص ٤٣٩ ، ح ١٢ ونقله في البحار : ج ٦ ، ٢٢٠ ، ح ١٤ ، وفي ج ٢٢ ، ص ١٠٧ ، ح ٦٧ ، وفي ج ٧٣ ، ص ٢٩٨ ، ح ١١ ، وفي ج ٨٢ ، ص ٤٩ ، ح ٣٩.

« أًتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فقيل له : انّ سعد بن معاذ قد مات.

فقام رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقام أصحابه معه. فأمر بغسل سعد ، وهو قائم على عضادة الباب. فلمّا إن حنّط وكفّن ، وحمل على سريره ، تبعه رسول الله صلى الله عليه وآله بلا حذاء ولا رداء. ثمّ كان يأخذ يمنة السرير ، ويسرة السرير مرّة حتّى انتهى به الى القبر.

فنزل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله حتّى لحدّه ، وسوّى اللبن عليه. وجعل يقول : ناولوني حجراً ، ناولوني تراباً رطباً ، يسدّ به ما بين اللبن.

فلمّا إن فرغ ، وحثا التراب عليه ، وسوّى قبره ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : انّي لأعلم انّه سيبلى ويصل البلى إليه ، ولكنّ الله يحب عبداً اذا عمل عملاً أحكمه ، فلمّا إن سوّى التربة عليه قالت ام سعد : يا سعد! هنيئاً لك الجنّة.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يا امّ سعد! مه ، لا تجزمي على ربّك ، فانّ سعداً قد اصابته ضمة ، قال : فرجع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورجع الناس فقالوا له : يارسول الله لقد رأيناك تصنعه على سعد ما لم تصنعه على أحد ، انّك تبعت جنازته بلا رداء ، ولا حذاء.

فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : ان الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء فتأسيت بها.

قالوا : وكنت تأخذ يمنة السرير مرّة ، ويسرة السرير مرّة.

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله : كانت يدي في جبرئيل آخذ حيث يأخذ.

قالوا : أمرت بغسله وصليت على جنازته ولحدته في قبره ، ثمّ قلت : انّ سعداً قد أصابته ضمة.

قال : فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : نعم انّه كان في خلقه مع أهله سوء ».

(٢) كتاب الزهد للحسين بن سعيد الاهوازي : ص ٨٨ ، ح ٢٣٥ ، ونقله عنه المجلسي في البحار : ج ٦ ، ص ٢٢١.

وروى الحسين بن سعيد الاهوازي في كتابه الزهد : ص ٨٧ ـ ٨٨ ، ح ٢٣٤ ، وقال

١٣٩

* وفي رواية اُخرى :

« ضغطة القبر للمؤمن من كفّارة لما كان منه مِن تضييع النِعَم » (١).

* وروى الشيخ الصدوق رحمه‌الله عن الامام الصادق عليه‌السلام قال :

« اقعد رجل من الأخيار (٢) في قبره ، قيل له : إنّا جالدوك مائة جلدة من عذاب الله ».

فقال : لا اطيقها.

فلم يزالوا به حتّى انتهوا الى جلدة واحدة.

فقالوا : ليس منها بد.

قال : فبما تجلدونيها؟

قالوا : نجلدك لأنّك صليت يوماً بغير وضوء ، ومررت على ضعيف فلم تنصره.

قال : فجلدوه جلدةً من عذاب الله عزوجلّ فامتلأ قبره ناراً » (٣).

* وروي عنه عليه‌السلام :

« ايّما مؤمن سأله أخوه المؤمن حاجةً وهو يقدر على قضائها ولم يقضها له

__________________

أبو بصير : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : « ان رقية بنت رسول الله عليه‌السلام لما ماتت قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على قبرها ، فرفع يده تلقاء السماء ودمعت عيناه. فقالوا : يا رسول الله انا قد رأيناك رفعت رأسك الى السماء ، ودمعت عيناك؟ فقال : اني سألت ربي ان يهب لي رقية من ضمة القبر ». ونقله المجلسي في البحار : ج ٦ ، ص ٢١٧.

(١) رواه الصدوق في الأمالي : المجلس ٨٠ ، ح ٢ ، ص ٤٣٤ ، وفي علل الشرائع : ص ٣٠٩ ، الباب ٢٦٢ ، ح ٣ ، وفي ثواب الأعمال : ص ٢٣٤ (ثواب ضغطة القبر) ، ح ١ ، ونقله في البحار : ج ٦ ، ص ٢٢١ ، وفي : ج ٧١ ، ص ٥٠ ، ح ٦٨.

(٢) قد أثبت المؤلّف رحمه‌الله (احبار) ثمّ قال في الهامش : (احبار جمع حبر يعني عالم اليهود. ومن المحتمل أن يكون اخيار بالخاء المعجمة والياء المثناة بنقطتين). وقد اثبتنا ما في المصدر.

(٣) ثواب الأعمال للشيخ الصدوق : ص ٢٦٧ ، علل الشرائع : ص ٣٠٩ ، ح ١ ، وفيه (اقعد رجلاً من الاحبار) ، ونقله في البحار : ج ٦ ، ص ٢٢١ ، ح ١٨ ، وفي ج ٧٥ ، ص ١٧ ، ح ٤ ، وفي ج ٨ ، ص ٢٣٣ ، ح ٦ ، وفيها جميعاً (الاخيار) بالمعجمة.

١٤٠