أصل الشيعة وأصولها

الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء

أصل الشيعة وأصولها

المؤلف:

الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء


المحقق: علاء آل جعفر
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة الإمام علي عليه السلام ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-50-7
الصفحات: ٤٤٢

ت ـ أصل الشِّيعة واُصولها ( وهو الكتاب الماثل بين يدي القارئ الكريم ).

ث ـ الفردوس الأعلى.

ج ـ الآيات البينات.

ح ـ جنَّة الماوى.

خ ـ التوضيح ( جزءان ، وقد تقدَّمت الاشارة اليه ).

د ـ مبادئ الايمان في الدروس الدينية.

ذ ـ نبذة من السِّياسة الحسينية.

ر ـ حاشية على كتاب الأسفار لملا صدر الدين رحمه الله تعالى ( مخطوط ).

ز ـ حاشية على العرشية ورسالة الوجود لملا صدر الدين رحمه الله تعالى أيضاً ( مخطوط ).

ص ـ حاشية على رسالة الوجود لصدر المتالّهين رحمه الله تعالى أيضاً ( مخطوط ).

٢ ـ في السياسة والموعظة :

أ ـ المُثل العليا في الاسلام لا في بحمدون ( اشرنا اليه سابقاً ، فراجع ).

ب ـ المحاورة بين سفيرين.

ت ـ الميثاق العربي الوطني.

ث ـ خطبة الاتحاد والاقتصاد في الكوفة.

ج ـ الخطبة التاريخية في القدس.

ح ـ الخطب الأربع.

١٠١

خ ـ خطبته في باكستان.

٣ ـ في الفقه وأصوله :

أ ـ حاشية على كتاب التبصرة للعلاّمة الحلّي رحمه الله تعالى.

ب ـ المسائل القندهارية ( فارسي تُرجم إلى العربية وأُلحق بكتاب الفردوس الاعلى ).

ت ـ سؤال وجواب.

ث ـ وجيزة الأحكام.

ج ـ زاد المقلِّدين ( فارسي ).

ح ـ الأرض والتربة الحسينية.

خ ـ حاشية على سفينة النجاة لأخيه الشِّيخ الفقيه أحمد كاشف الغطاء رحمه الله تعالى.

د ـ حاشية على كتاب العروة الوثقى للسيِّد محمَّد كاظم اليزدي رحمه اللهّ تعالى.

ذ ـ مناسك الحج ( عربي وفارسي ).

س ـ تحرير المجلة ( خمسة أجزاء ، فقه مقارن ).

ش ـ حاشية على مجمع الرسائل ( فارسي مطبوع مع حواشي السيِّد البروجردي رحمه الله تعالى ).

ر ـ شرح العروة الوثقى ( خمسة مجلدات ، مخطوط ).

ز ـ تنقيح الأصول ( مخطوط ).

س ـ رسالة في الجمع بين الأحكام الظاهرية والواقعية ( مخطوط ).

ش ـ حاشية على مكاسب الشَّيخ مرتضى ـ الأنصاري رحمه الله تعالى ( مخطوط ).

١٠٢

ص ـ حاشية على القوانين ( مخطوط ).

ض ـ مجموعة الفتاوى ( مخطوط ).

ط ـ حاشية على الكفاية للآخوند الخراساني رحمه تعالى ( مخطوط ).

ظ ـ رسالة في الاجتهاد والتقليد ( مخطوط ).

ع ـ حاشية على رسائل الشَّيخ الأنصاري رحمه الله تعالى ( مخطوط ).

٤ ـ في الأدب والتفسير وغيرهما ( وأكثرها لا زال مخطوطاً ) :

أ ـ مغني الغواني عن الأغاني ( مختصر كتاب الأغاني ).

ب ـ نزهة السمر ونهزة السفر ( عن رحلته الأُولى إلى سوريا ومصر ).

ت ـ ديوان شعره الذي أسماه : الشعر الحسن من شعر الحسين.

ث ـ تعليقات على أمالي السيِّد المرتضى رحمه الله تعالى.

ج ـ تعليقات على كتاب أدب الكاتب لابن قتيبة.

ح ـ مجموعتان من المنتخبات الشِّعرية.

خ ـ منتخبات من الشعر القديم.

د ـ عقود حياتي ( ترجمة حياة المؤلِّف بقلمه ).

ذ ـ صحائف الأبرار في وظائف الأسحار.

ر ـ جنَّة الماوى.

ز ـ رسالة عن الاجتهاد عند الشِّيعة.

س ـ تعليقات على كتاب الوجيز في تفسير القرآن العزيز.

ش ـ تعليقات على نهج البلاغة ، ونقود على بعض شروحات الشَّيخ محمَّد عبده له.

ص ـ تعليق على كتاب الفتنة الكبرى للدكتور طه حسين.

ض ـ تعريب كتاب فارسي هيئة.

١٠٣

ط ـ تعريب كتاب حجة الشَّهادة.

ظ ـ تعريب وتلخيص رحلة ناصر خسرو المشهورة.

ع ـ كتاب في استشهاد الامام الحسين عليه‌السلام.

غ ـ العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ، في تأريخ عائلة ال كاشف الغطاء ، وعلماء النجف ، وتاريخها الحديث.

هذا عدا ما كان ينشره في الصحف والمجلات من المقالات والمباحث المختلفة التي يصعب حصرها.

١٠٤

وفاته :

اُصيب الشَّيخ كاشف الغطاء رحمه الله تعالى في أواخر سني عمره الشَّريف بمرض عجز انذاك الأطباء عن ايجاد العلاج له ، وخصوصاً في عمره الذي تجاوز السبعين عاماً ، وهو التهاب المجاري البولية ، فانتقل إلى مدينة بغداد للمعالجة في مستشفى الكرخ الذي يشرف فيه على علاجه حذّاق الأطباء ، وكبار المتخصِّصين ، بيد أنَّ ادنى تحسُّن لم يطرأ على حالته الصحية التي بدت وكأنَّها تسوء يوماً بعد يوم.

وبعد اقامة قاربت من الشهر الواحد في تلك المستشفى ، شد الشَّيخ رحاله للاستجمام في قرية كرندا الجبلية الواقعة في الأراضي الايرانية الحدودية ، بين خانقين وكرمانشاه ـ وكان رحمه الله تعالى قد حلَّ فيها مصطافاً في صيف عام (١٣٦٦ هـ ) ـ ولكن المنية عاجلته فيها ، فتوفي بعد صلاة الفجر من يوم الاثنين الثامن عشر من شهر ذي القعدة عام (١٣٧٣ هـ) الموافق لليوم التاسع عشر من شهر تموز عام (١٩٥٤ م ).

وكان يوم وفاته رحمه الله تعالى يوماً مشهوداً ، حيثما ما أنْ اُشيع خبر وفاته ـ الذي تناقلته محطات الاذاعة في معظم انحاء العالم ـ حتى انهالت جموع الناس المفجوعين من انحاء ايران نحو تلك القرية الصغيرة التي غصت بجموع المعزِّين الوافدين اليها على حين غرة.

ولم يلبث الجثمان الطاهر للشَّيخ كاشف الغطاء أنْ حُمل صوب الأراض العراقية عبر حدودها التي تقاطر عليها الكثير من الناس بشتى طبقاتهم ، يتقدمهم العديد من كبار رجال الدولة آنذاك.

فحُمل جثمانه رحمه الله تعالى نحو مدينة بغداد ، ومنها إلى مدينة الكاظمية المقدسة ، فمدينة كربلاء المقدسة ، لينتهى به في مدينة النجف

١٠٥

الأشرف ، وبالتحديد في بقعة وادي السلام ، حيث مقبرته الخاصة التي أعدها بنفسه لأن تكون محطته الأخيرة في هذه الدنيا الفانية ... رحمه الله تعالى برحمته الواسعة ، وأسكنه فسيح جنّاته ، وجزاه عن جميع المسلمين أفضل وأحسن الجزاء ، انَّه نعم المولى ونعم النصير (١).

__________________

(١) اعتمدنا في اعداد هذه الترجمة الخاصة بحياة الشِّيخ كاشف الغطاء على جملة من المراجع أهمها : مقدمة جامع ومرتَّب كتاب ( جنّة المأوى ) للشيخ كاشف الغطاء ، وهو السيّد محمّد علي الطباطبائي. مقدمة جامع وناشر كتاب الشِّيخ الموسوم بـ ( في السياسة والحكمة ) وهو ولده عبدالحليم آل كاشف الغطاء. مقدمة الطبعة الثامنة لكتابنا ـ نشر المطبعة الحيدرية في النجف الاشرف ( ١٣٨٩ هـ ـ ١٩٦٩ م ) ـ بقلم كاظم المظفر. كتاب ( محاورة مع السفيرين البريطاني والأمريكي ) نشر المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف (١٣٧٣ هـ ـ ١٩٥٤ م).

١٠٦

عملنا في هذا الكتاب :

لم تكن تجاربي السّابقة في الكتابة والتحقيق ـ رغم بساطتها وقلَّة شأنها ـ لتمنحني ذلك الشعور باللذة والتفاعل والاندفاع والحرص على تقديم الأفضل ـ شغفاً بالكتاب ، واعتزازاً وتقديراً له ولمؤلِّفه ، لا بحثاً عن الاشادة والتقدير ـ قدر ما كان يرافقني ذلك طيلة الأشهر المتواصلة التي امتد على طولها عملي في تحقيق هذا الكتاب.

وحقاً أقول : إنَّ المرء لتنتابه الغبطة العارمة ، والسعادة البالغة وهو يجد عياناً جهوده التي أنفقها في انجاز عمل ما تتجسَّد بشكل واضح على أرض الواقع والحقيقة ، بعد فترة طويلة من الترقُّب والانتظار ، والمتابعة والسعي ، وهو سمة ثابتة يتفق في تحسسها جميع المؤلِّفين والمحققين في كلُّ مكان وزمان ، بيد أنَّ تلك الغبطة والمسرة تكون أشد وأكثر حدة وتصاعداً في الأعمال التي يتفاعل معها المرء تفاعلاً روحياً ، وينشد اليها انشداداً نفسياً ، فتبدو في ناظره أمنية عزيزة ، ورغبة غالية ، وذلك هو عين تعاملي مع هذا السفر الجليل الماثل بين يدي القارئ الكريم.

نعم ، فعندما شرعت بتحقيق هذا الكتاب حاولت قدر الامكان ـ بعد التّوكُّل على الله تعالى والاستعانة به ـ اخراج هذا الكتاب بالحلَّة التي ينبغي أنْ يتشح بها ، والتي ينبغي أنْ تتناسب وأهميته ، وشهرته التي طبق صيتها الآفاق ، لادراكي بأنَّ هذا الكتاب لا يصنَّف قطعاً ضمن المؤلَّفات التي تُقتنى لتزيَّن بها المكتبات من قِبل البعض فحسب ، بل إنَّ له وجوداً يفرض على الجميع مطالعته وقراءته ، من شيعي مستزيد وهبه الله تعالى حرصاً على البحث والمطالعة ، الى آخر لا يدري ما التشيُّع وما الشِّيعة ، وبين الاثنين تندرج جماعات متفاوتة المذاهب والمشارب.

١٠٧

ولا اُخفي على القارئ الكريم بأنَّ النسخ المطبوعة المتداولة لهذا الكتاب ، والتي بلغت طبعاتها العشرات ـ وأخص منها العربية التي أمكنني مطالعتها ، ونتيجة سعي الكثير من دور النشر للحصول على الربح المادي دون الاعتناء بمادة الكتاب ، وذلك أمر شائع ومعروف ـ وجدتها مليئة بالأخطاء والتصحيفات والسقوطات المخلَّة بشكل بيَّن بمادة الكتاب ، وبأهميته ، والتي كان يزيدها سوءاً اعتماد بعض الدور في اعادة طبعها لهذا الكتاب على تلك النسخ المغلوطة ، فتتكرر الأخطاء وتتضاعف ، وتتعاظم الحاجة وتتأكَّد في وجوب تحقيق هذا الكتاب وضبط متنه.

ومن هنا فقد كان همي الأوَّل اخراج متن صحيح وسالم لهذا الكتاب ، وأنْ يكون قدر الأمكان قريب من النموذج الأصلي الذي كتبه مؤلِّفه رحمه الله تعالى ، فكان لا بُدَّ لي من الحصول على جملة من النسخ المطبوعة التي تبدو أقرب من غيرها الى ، الصحة ، ولأماكن مختلفة ، فوفَّقني الله تبارك وتعالى في الحصول ثلاثة نسخ مطبوعة في العراق وإيران ولبنان ، ولدور نشر متفرقة ، تبين لي بعد المطالعة والاستقراء أنَّ أصحهنَّ هي نسخة المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف ، والمطبوعة في عام ( ١٣٨٩ هـ ـ ١٩٦٩ م ) فاعتبرتها النسخة الأُم ، رغم عدم خلوها من الأخطاء المطبعية التي لا تخفى المطالع المتفحِّص ، والقارئ المتمرِّس ، وذلك أمر يكاد لا يخلو منه أي كتاب.

ومن هنا فانِّي بعد مقابلتي لتلك النسخة الأُم مع النسختين الأُخريتين اللتين اعتمدتهما كمساعدتين لتلك النسخة ـ والتي طبعت احداهما في ايران ، وهي طبعة دار القرآن الكريم ( الطبعة الثالثة ، عام ١٤١٠ هـ ) والأُخرى في بيروت ، وهي طبعة دار الأعلمي ( الطبعة الرابعة ، عام ١٤٠٢ هـ ) ـ عمدت إلى ضبط النص قدر الامكان ، باعتماد النسخ المذكورة ، أو باجتهاد مني عند قناعتي بعدم صحة ما جاء في تلك النسخ ، مع اشارتي إلى

١٠٨

ذلك في الهامش ، أو وضع ما ارتأيت اضافته في المتن لتصحيح السياق بين معقوفين.

ثم انِّي وبعد انتهائي من تصحيح النص وضبطه شرعت بانجاز الأعمال الأخرى المكمِّلة للتحقيق ، كالتخريج ، والتعليق ، والشرح وغيرها ، وبالقدر الذي مكنني الله تعالى عليه ، ووجدت أنَّه من ضروريات التحقيق.

كما انَي وأثناء عملي في هذا الكتاب وجدت أنَّ الشَّيخ رحمه الله تعالى قد أورد جملة واسعة من الأعلام ، لعلَّ العديد منهم غير معروفين لدى الكثير من القرّاء ، رغم كونهم كانوا يُعدون من فضلاء العلماء ، وفطاحل الشُعراء ، وكبار الأدباء ، وعظماء رجال السياسة والدولة في تلك الأزمنة الغابرة والمطوية ، فابتغيت تقديم خدمة اضافية للقرّاء الكرام من خلال ترجمتي المختصرة المعرِّفة بشكل ما لاولئك الأعلام ، والذين أورد الشيخ اكثرهم على اعتبارهم من رجال الشِّيعة ووجهائهم ، وألحقت ذلك في آخر الكتاب.

ثم لم أجد بُداً من أن أُلحق الكتاب بجملة من الفهارس الفنية التي أصبحت في وقتنا الحاضر من الضروريات التي لا ينبغي ان تخلو منها الكتب المحققة ، وبشتى تصانيفها ، واختلاف أبوابها.

وأخيراً أقول : لقد حرصت في عملي هذا على أنْ اُقدم للمكتبة الاسلامية كتاباً محققاً صحيحاً لأحد أعلام الطائفة الكبار ، وبذلت في سبيل ذلك جهداً كبيراً ، وزمناً طويلاً ـ مبتغياً الأجر من الله تعالى والمثوبة على عمل قصدت فيه خدمة هذا الدين المبارك العظيم الذي جاء به نبينا الكريم ، ورحمة الله تعالى المهداة إلى العالمين ، الرسول المصطفى محمَّد بن عبدالله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ ولكن ذلك لا يحول دون سهو القلم ، وشطحات الأفكار ، ولذا فانِّي أستميح سادتي العلماء ، وأساتذتي الكرام ،

١٠٩

وزملائي المحققين العذر عند الكبوات والعثرات ، والأخطاء والزلات ، عسى البارئ جلَّ اسمه أنْ يوفِّقنا لتقديم ما هوأكمل وأصح ، إنَّه الموفِّق لكلِّ خير.

شكر وتقدير :

لم يسعني وأنا أُقدِّم هذا الكتاب النفيس بين يدي القارئ الكريم إلّا أنْ اُشيد بمن مد لي يد العون وبأي شكل ما في اخراجه بهذه الحلَّة الجديدة القشيبة.

نعم ، فإذا كان الفضل أوَّلاً وآخراً لله تبارك وتعالى ، فإنَّه جلَّ اسمه يوفِّق البعض من عباده إلى مد يد العون والمساعدة للآخرين ، فتطوَّق أفضالهم تلك الأعناق بالجميل والمنة التي لا يسع أحد إلّا الاشادة بها وشكرها ، ولعلَّ لمؤسسة آل البيت عليهم‌السلام لاحياء التراث اليد الطولى ، والفضل الأكبر في انجازي لهذا العمل ، وأخص بالذات عميدها سماحة السيِّد جواد الشهرستاني حفظه اللهّ تعالى ، الذي أتاح لي بكرمه المعهود الاستفادة من الخدمات المتيسرة في مؤسسته العامرة التي أتشرَّف بالانتساب اليها.

كما واخص بجزيل الشكر والامتنان مؤسسة الامام علي عليه‌السلام لتفضلها بنشر هذا الكتاب الذي جعلته باكورة أعمالها المباركة في هذا المضمار المقدس.

ثم لا يسعني أخيراً تجاوز الاشارة إلى مدى الفضل الكبير والمتواصل لزوجتي الطيبة الوفية التي كانت نعم العون لي في انجاز جميع أعمالي ، ومنها هذا العمل.

١١٠

وفَّقنا الله تعالى وإياهم لما فيه رضاه ، انه نعم المولى ونعم النصير ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين ، وصلّى الله على محمَّد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين.

علاء آل جعفر

ربيع الأوّل ١٤١٥ هـ

١١١
١١٢

١١٣
١١٤

« مقدمة الطبعة الثانية »

بقلم المؤلِّف

كيف يتحد المسلمون؟

أو كلمة في الاصلاح لا بد منها

بسم الله الرحمن الرّحيم

( وَاعْتَصمُوا بِحَبْلِ الله جَميعاً وَلا تَفَرَقُوا ) (١)

لم يبق ذو حس وشعور في شرق الارض وغربها ، إلّا وقد احسَّ وشعر بضرورة الاتحاد والاتفاق ، ومضرَّة الفرقة والاختلاف ، حتى أصبح هذا الحس والشعور أمراً وجدانياً محسوساً يحسُّ به كلُّ فرد من المسلمين ، كما يحسُّ بعوارضه الشخصية مِنْ صحته وسقمه ، وجوعه وعطشه ، وذلك بفضل الجهود التي قام بها جملة من أفذاذ الرجال المصلحين في هذه العصور الأَخيرة ، الذين أهابوا بالمجتمع الاسلامي ، وصرخوا فيه صرخة المعلِّم الماهر ، وتمثَّلوا للمسلمين بمثال الطبيب النطاسي (٢) الذي شخص الداء وحصر الدواء ، واصاب الهدف بما عيَّن ووصف ، وبعث النفوس بعثاً

__________________

(١) آل عمران ٣ : ١٠٣.

(٢) النطاس : للعالم الحاذق بالطب والخبير به.

اُنظر : القامرس المحيط ٢ : ٢٥٤.

١١٥

حثيثاً ، وشوَّقها إلى استعمال الدواء لقطع مادة ذلك الداء الخبيث ، والعلل والأَمراض المهلكة ، قبل أنْ تقضي على هذا الجسد الحي ، فيدخل في خبر كان ، ويعود كأمس الدابر.

صرخ المصلحون فسمع المسلمون كلّهم عظيم صرخاتهم بأنَّ داء المسلمين تفرُّقهم وتضارب بعضهم ببعض ، ودواؤهم ـ الذي لا يصلح آخرهم إلا به كما لا يصلح إلا عليه أولهم ـ ألا وهو الاتفاق والوحدة ، ومؤازرة بعضهم لبعض ، ونبذ التشاحن ، وطرح بواعث البغضاء والأَحن والاحقاد تحت اقدامهم ، ولم يزل السعي لهذا المقصد السامي ، والغرض الشريف إلى اليوم دأب رجالات أنار الله بصائرهم ، وشحذ عزائمهم ، وأشعل جذوة الاخلاص لصالح هذه الاُمَّة من وراء شغاف افئدتهم ، فما انفكُّوا يدعون إلى تلك الوحدة المقدسة « وحدة أبناء التوحيد » وانضمام جميع المسلمين تحت راية « لا إله إلا الله محمَّد رسول الله » من غير فرق بين عناصرهم ، ولا بين مذاهبهم.

يدعون إلى هذه الجامعة السامية ، والعروة الوثقى ، والسبب المتين الذي أمر الله تعالى بالاعتصام به ، والحبل القوي الذي امر الله عزَّ وجلَّ به أنْ يُوصل ، يدعون اليها لأنَّها هي الحياة ، وبها النجاة للامَّة الاسلامية ، وإلا فالهلاك المؤبَّد ، والموت المخلَّد.

اُولئك دعاة الوحدة ، وحملة مشعل التوحيد ، اُولئك دعاة الحقِّ ، وأنبياء الحقيقة ، ورسل الله إلى عباده في هذا العصر ، يجدِّدون من معالم الاسلام ما درس ، ويرفعون من منار المحمَّدية ما طمس ، وكان بفضل تلك المساعي الدائبة ، والجهود المستمرة من اُولئك الرجال ( وقليلٌ ما هم ) قد بدت بشائر الخير ، وظهرت طلائع النجاح ، ودبَّت وتسرَّبت في نفوس المسلمين تلك الروح الطاهرة ، وصار يتقارب بعضهم من بعض ، ويتعرَّض

١١٦

فريق لفريق ، وكان أوَّل بزوغ تلك الحقيقة ، ونمو لبذر تلك الفكرة ، ما حدث بين المسلمين قبل بضعة أعوام في المؤتمر الاسلامي العام في القدس الشريف (١) ، من اجتماع ثلَّة من كبار المسلمين ، وتداولهم في الشؤون الاسلامية ، وتبادل الثقة والاخاء فيما بينهم ، على اختلافهم في المذاهب والقومية ، وتباعد اقطارهم وديارهم ، ذلك الاجتماع الذي هو الأوَّل من نوعه والوحيد في بابه ، الذي علَّق عليه سائر المسلمين الأمال الجسام ، فكان قرَّة عين المسلمين ، كما كان قذى عيون المستعمرين ، والذي حسبوا له الف حساب ، واوصدوا دونه ـ حسب امكانهم ـ كلُّ باب ....

ولكن على رغم كلُّ ما اقام به اُولئك الاعلام من التمهيدات لتلك الغاية ، وما بذلوه من التضحيات والمفادات في غرس تلك البذرة ، وتعاهدها بالعناية والرعاية ، حتى تثمر الثمر الجني ، وتأخذ حظَّها من الرسوخ والقوة ،

__________________

(١) كان ذلك في عام ١٣٥٠ هـ ، وللقارئ الكريم أنْ يرى الحالة التي آلت اليها أوضاع المسلمين في أيامنا هذه ، وكيف أمسى ما كان يخجل البعض أو يخشى حتى من مجرد الهمس به في أضيق الحدود قضية تتناقلها العديد من وسائل الاعلام الاسلامية ، وتطبِّل لها دون أي خجل أوحياء ، بل وتجدها عبارات فضفاضة تتردد على شفاه العديد من الرموز التي طالما تبجّحت بصلف ، وادعت زوراً بأنّها أولى من غيرها في التصدي لرفع راية الجهاد والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المظلوم ، وأن هذا الحق المنصوب لا بد وأنْ يُستعاد يوماً وبايديهم وبنادقهم ، هم لا أحد سواهم ، وأنَّ القدس لا بد وأنْ تعود للمسلمين كما كانت ، طاهرة مطهرة ، لا وصاية لليهود عليها ، ولا تدوس أرضها الطيبة أقدامهم القذرة النجسة ... فاين هذه العبارات القاطعة والحدية ممّا نراه ونسمعه هذه الأيام من مظاهر الذلة والاستكانة والخضوع ، والتسابق المحموم في مد جسور العلاقة مع الصهاينة المغتصبين الذين لم تجف أيديهم بعد من دماء المسلمين ، ولم ولن تنتهي أحلامهم المريضة ببناء دولتهم المزعومة من النيل الى الفرات ...!! فلا يعدو هذا الجريان نحو السَّلام الموعود قبال الأرض إلّا وهم محض ، واسترخاء كاذب ، واستسلام عجيب أمام استشراء داء السرطان الخبيث في جسد هذه الاُمَّة المبتلاة بالعديد من الرموز الخائنة ، ورحم الله تعالى شيخنا كاشف الغطاء ، فما تراه قائلاً لو سمع ما نسمع ، ورأى ما نرى؟

١١٧

لا نزال نحن ـ معاشر المسلمين ـ بالنظر العام نتعلَّق بحبال الامال ، ونكتفي بالأقوال عن الاعمال ، وندور على دوائر الظواهر والمظاهر ، دون الحقائق والجواهر ، ندور على القشور ولا نعرف كيف نصل إلى اللب ، على العكس مما كان عليه أسلافنا ، أهل الجدِّ والنشاط ، أهل الصدق في العمل قبل القول ، وفي العزائم قبل الحديث ، تلك السجايا الجبارةِ التي اخذها عنهم الاغيار فسبقونا ، وكان السبق لنا ، وكانت لنا الدائرة عليهم فأصبحت علينا تلك ( سُنَّةَ الله في الَّذينَ خَلَوا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً ) (١).

نحن نحسب أنَّنا إذا قلنا : قد اتحدنا وَاتفقنا ، وملأَنا بتلك الكلمات لهواتنا وأشداقنا ، وشحنا بها صحفنا وأوراقنا ، نحسب بهذا ومثله يحصل الغرض المهم من الاتحاد ، ونكون كاُمة من الأُمم الحيَّة التي نالت بوحدتها عزَّها وشرفها ، وأخذت المستوى الذي يحقُّ لها. ولذلك تجدنا لا نزداد إلّا هبوطاً ، ولا تنال مساعينا إلّا إخفاقأً وحبوطاً ، لا تجد لأَقوالنا واعمالنا اثراً ، إلّا اننا نأنس بها ساعة سماعنا لها وما هي بعد ذلك إلا ( كَسَراب بَقيعَةٍ يَحْسَبهُ الظَمآنُ ماءً حتى إذا جَاءَ ه لَمْ يَجدْه شَيْئاً ) (٢).

ويستحيل لو بقي المسلمَون على هذا الحال أنْ تقوم لهم قائمة ، أو تجتمع لهم كلمة ، أو تثبت لهم في المجتمع البشري دعامة ، ولو ملئوا الصحف والطوامير ، وشحنوا أرجاء الارض وآفاق السماء بألفاظ الاتحاد والوحدة ، وكلّ ما يُشتق منها ويرادفها ، بل ولو صاغوا سبائك الخطب منها باساليب البلاغة ، ونظموا فيها عقود جواهر الابداع والبراعة ، كلُّ ذلك لا يجدي إذا لم يندفعوا إلى العمل الجدي ، والحركة الجوهرية ، ويحرِّروا

__________________

(١) الاحزاب ٣٣ : ٦٢.

(٢) النور ٢٤ : ٣٩.

١١٨

أخلاقهم وملكاتهم ، ويكبحوا جماح أهوائهم ونفوسهم ، بارسان (١) العقل والروية ، والحنكة والحكمة ، فيجد كلُّ مسلم أنَّ مصلحة أخيه المسلم هي مصلحة نفسه ، فيسعى لها كما يسعى لمصالح ذاته ، ذلك حيث ينزع الغلَّ من صدره ، والحقد من قلبه ، وينظر كلُّ من المسلمين الى الآخر ـ مهما كان ـ نظر الاخاء لا نظر العداء ، وبعين الرضا لا بعين السخط ، وبلحاظ الرحمة لا الغضب والنقمة.

ذاك حيث يحس بوجدانه ، ويجد بضرورة حسه ، أنَّ عزَّه بعزِّ اخوانه ، وقوَّته بقوَّة أعوانه ، وأنَّ كلُّ واحد منهم عون للآخر .. فهل يتقاعس عن تقوية عونه ، وتعزيز عزِّه وصونه ..؟

كلا ، ثم إذا كان التخلُّق بهذا الخلق الشريف عسيراً لا يُنال ، وشأواً متعالياً لا يُدرك ، ولا يستطيع المسلم أنْ يُواسي أخاه ألمسلم ، وأنْ يُحب لأَخيه المسلم ما يُحب لنفسه ، وأنْ يجد أنَّ صلاحه بصلاح اُمَّته ، وعزَّه بعزَّة قومه ، فلا أقل من التناصف والتعادل ، والمشاطرة والتوازن ، فلا يجحد المسلم لأخيه حقَّاً ، ولا يبخسه كيلاً ، ولا يطفِّف له وزناً ... والاصل والملاك في كلُّ ذلك : اقتلاع رذيلة الحرص ، والجشع ، والغلبة ، والاستئثار ، والحسد ، والتنافس. فإنَّ هذه الرذائل سلسلة شقاء ، وحلقات بلاء ، يتصل بعضها ببعض ، ويجر بعضها إلى بعض ، حتى تنتهي إلى هلاك الاُمَّة التي تتغلغل فيها ، ثم تهوي بها إلى أحط مهاوي الشقاء والتعاسة.

والبذرة الأُولى لكلٍ من تلك الثمار الموبوءة هو : حب الاثرة. وقد قيل : الاستئثار يُوجب الحسد ، والحسد يُوجب البغضاء ، والبغضاء تُوجب

__________________

(١) مفردها الرسن ، وهو الحبل.

أنظر : الصحاح ـ رسن ـ ٥ : ٢١٢٣.

١١٩

الاختلاف ، والاختلاف يُوجب الفرقة ، والفرقة تُوجب الضعف ، والضعف يُوجب الذل ، والذلُّ يوجب زوال الدولة ، وزاول النعمة ، وهلاك الاُمَّة ... والتأريخ يحدِّثنا ، والعيان والوجدان يشهدان لنا شهادة حقٍ : أنَّه حيث تكون تلك السخائم والمآثم ، فهناك : فناء الأُمم ، وموت الهمم ، وفشل العزائم ، وتلاشي العناصر. هناك : الاستعباد والاستعمار ، والهلكة والبوار ، وتغلُّب الاجانب ، وسيطرة العدو ...

أمّا حيث تكون الآراء مجتمعة ، والاهواء مؤتلفة ، والقلوب متآلفة ، والايدي مترادفة ، والبصائر متناصرة ، والعزائم متوازرة ، فلا القلوب متضاغنة ، ولا الصدور متشاحنة ، ولا النفوس متدابرة ، ولا الأَيدي متخاذلة ، فهناك : العزُّ والبقاء ، والعافية والنعماء ، والقهر والقوة ، والملك والثروة ، والكرامة والسطوة ، هناك يجعل الله لهم من مضائق البلاء فرجاً ، ومن حلقات السوء مخرجاً ، ويبدلهم العزَّ مكان الذلِّ ، والأمن مكان الخوف. فيصبحوا ملوكاً حكّاماً ، وأئمة أعلاماً.

وليعتبر المسلمون اليوم بحال آبائهم بالامس ، كيف كانوا قبل الاسلام إخوان وبر ودبر ، وأبناء حل وترحال ، أذل الأُمم داراً ، واشقاهم قراراً ، لا جناح دعوة يأوون إلى كنفها ، ولا ظل وحدة يستظلّون بفيئها ، في أطواق بلاء ، وإطباق جهل ، من نيران حرب مشبوبة ، وغارات مشنونة ، إلى بنات موؤدة ، وأصنام معبودة ، وأرحام مقطوعة ، ودماء مهدورة (١).

__________________

(١) لعلَّ أبلغ الوصف وأروعه في رسم الصورة الحياتية التي كان عليها العرب قبل مبعث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ما نُقل عن سيِّد البلغاء والمتكَلّمين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، حيث قال : إنَّ الله تعالى بعثَ محمَّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله نذيراً َللعالمين ، وأميناً على التنزيل ، وأنتم معشرَ العرب على شرِّ دين ، وفي شرِّ دارٍ ، مُنيخونَ بين حجارةً خُشنِ ، وحياتٍ صُمٍّ ، تشربونَ الكَدِرَ ، وتأكلونَ الجشبَ ، وتسفكونَ دماءكم ، وتقطعون أرحامَكم. الاصنامُ فيكم منصوبة ، والأثام بكم معصوبة ... الخ ( الخطبة ٢٦ ).

١٢٠