الوافية في أصول الفقه

عبد الله بن محمّد البشروي الخراساني

الوافية في أصول الفقه

المؤلف:

عبد الله بن محمّد البشروي الخراساني


المحقق: السيد محمد حسين الرضوي الكشميري
الموضوع : أصول الفقه
الناشر: مجمع الفكر الاسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٤١١

اعلم : أن التعارض الواقع في الادلة الشرعية ، يكون بحسب الاحتمالات العقلية منحصرا في أقسام :

الاول : بين الآيتين من الكتاب.

فإن كان في إحداهما إطلاق أو عموم ، بحيث يمكن تقييدها أو تخصيصها أو نحو ذلك : فالمشهور : لزوم ذلك.

وإلا فالمتأخر ناسخ ، إن علم التأريخ.

وإلا فالتوقف ، أو التخيير إن أمكن.

والاحوط : الرجوع إلى الأخبار الواردة عن الائمة عليهم‌السلام ـ إن وجدت في ذلك ـ وإلا فالتوقف ، أو الاحتياط إن أمكن (١).

الثاني : بين الكتاب والسنة المتواترة. فإن كانت من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فحكمه ما مر ، مع احتمال تقديم السنة.

وكذا إن كانت من الائمة عليهم‌السلام ، مع احتمال تقديم الكتاب

__________________

١ ـ في ط : والاحتياط. وقوله : إن امكن : ساقط من أ وط.

٣٢١

حينئذ ، لحديث عرض حديثهم على كتاب الله ، وطرح ما خالف كتاب الله ، وحمله على التقية.

الثالث : بين الكتاب والظني من أخبار الآحاد.

والمشهور : تقديم الكتاب مع عدم إمكان الجمع بوجه ، بل معه أيضا على قول الشيخ وجماعة ، وحديث العرض مقتض له (١).

والاخبار الواردة في حصر العلم بالقرآن على الائمة عليهم‌السلام ـ وأنه بحسب عقولهم لا بحسب عقول الرعية ـ يقتضي تقديم الخبر ، كما لا يخفى والله أعلم.

الرابع : بين الكتاب والاجماع المقطوع ، أو المظنون.

والظاهر : أن حكمه كالثاني والثالث في الاول ، والثاني من قسميه.

الخامس : بين الكتاب والاستصحاب ، بناء‌ا على حجيته.

ويبعد تقديم الثاني مطلقا.

السادس : بين السنة المتواترة وخبر الواحد.

ولا شك في تقديم الخبر المتواتر ، وكذا المحفوف بما يفيد القطع ، على خبر الواحد ، إذا كان كل منهما عن الائمة عليهم‌السلام ، أو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وكذا إذا كان أحدهما عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فقط على الظاهر ، وهذا مع عدم إمكان الجمع.

السابع : بين السنة المقطوع بها بقسميها (٢) مع مثلها.

__________________

١ ـ روى الكليني في باب الاخذ بالسنة ، في الصحيح : « عن هشام بن الحكم وغيره ، عن أبي عبدالله (ع) قال : خطب النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بمنى ، فقال : أيها الناس ما جاء‌كم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته ، وما جاء‌كم يخالف كتاب الله فلم أقله ». [ و] روى بمضمونه اخبارا كثيرة ( منه رحمه‌الله ). الكافي : ١ / ٦٩ ح ٥.

٢ ـ كذا الظاهر. وفي الاصل : بقسميه. وهي ساقطة من أ و ب وط. وعلى نسخة الاصل يكون

٣٢٢

ويظهر حكمه مما سيجيء إن شاء الله تعالى.

الثامن : بين السنة المقطوع بها والاجماع بقسميه. وحكمه : كالسادس والسابع.

التاسع : بينها وبين الاستصحاب. وحكمه : كالخامس.

العاشر : بين الخبرين من أخبار الآحاد.

وهذا هو الذي ذكره الاكثر في كتبهم ، واقتصروا عليه ، وذكروا فيه أقساما من وجوه الترجيح : بعضها : بحسب السند (١) ، ككثرة رواة أحدهما ، أو ورع راوي أحدهما ، أو أضبطيته ، أو نحو ذلك من الاوصاف ، أو علو الاسناد في أحدهما.

وبعضها : بحسب الرواية ، كترجيح المروي بلفظ المعصوم ، على المروي بالمعنى.

وبعضها : بحسب المتن ، كالفصاحة والافصحية على قول ، أو تأكد الدلالة ، أو كون المدلول في أحدهما حقيقيا دون الآخر ، أو كون دلالة أحدهما غير موقوفة على توسط أمر بخلاف الآخر ، أو العام الذي لم يخصص والمطلق الذي لم يقيد على المخصص والمقيد.

وبعضها : بالامور الخارجية ، كاعتضاد أحدهما بدليل آخر ، أو بعمل السلف ، أو بموافقة الاصل على قول ، أو بمخالفته (٢) على قول آخر ، أو بمخالفته لأهل الخلاف ، بخلاف الآخر.

وهذه الوجوه مفصلة في كتب الاصول ، وأنا لم أبسط القول فيها ، لان

____________

ـ المراد بالقسمين : الخبر المتواتر ، والخبر المحفوف بما يفيد القطع. أو المنقول عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والمنقول عن الائمة (ع) ، والاول أولى.

١ ـ في ط : الراوي.

٢ ـ كذا في ط ، وفي سائر النسخ : وبمخالفته.

٣٢٣

المدرك في بعضها غير ظاهر.

والاولى : الرجوع في الترجيح إلى ما ورد به ، وهو روايات :

الاولى : ما رواه الشيخ الجليل الطبرسي في كتاب الاحتجاج ، في احتجاج أبي عبدالله الصادق عليه‌السلام : « عن الحارث بن المغيرة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : إذا سمعت من أصحابك الحديث ، وكلهم ثقة ، فموسع عليك حتى ترى القائم عليه‌السلام ، فترد (١) إليه » (٢).

الثانية : ما رواه عن الحسن بن الجهم ، عن الرضا عليه‌السلام ، وفي آخره : « قلت : يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة ، بحديثين مختلفين ، فلا نعلم (٣) أيهما الحق ، قال : إذا لم تعلم ، فموسع عليك بأيهما أخذت » (٤).

الثالثة : ما رواه أيضا ، في جواب مكاتبة محمد بن عبدالله الحميري ، إلى صاحب الزمان عليه‌السلام : « يسألني بعض الفقهاء عن المصلي ، إذا قام من التشهد الاول إلى الركعة الثالثة ، هل يجب عليه أن يكبر؟ فإن بعض أصحابنا قال : لا يجب عليه تكبيرة ، ويجزيه أن يقول : بحول الله وقوته أقوم وأقعد.

في الجواب عن ذلك حديثان ، أما أحدهما : فإنه إذا انتقل من حالة إلى اخرى ، فعليه التكبير ، وأما الحديث الآخر : فإنه روي إذا رفع رأسه من السجدة الثانية وكبر ، ثم جلس ، ثم قام ، فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير ، وكذلك التشهد الاول يجري هذا المجرى. وبأيهما أخذت من باب التسليم كان صوابا » (٥).

____________

١ ـ كذا في النسخ. وفي المصدر : ـ على ما في النسخة المطبوعة منه ـ فترده. ويؤيد المتن نسخة الوسائل : ١٨ / ٨٧ ـ ٨٨.

٢ ـ الاحتجاج : ٣٥٧.

٣ ـ كذا في المصدر ، وفي النسخ : فلم نعلم. وفي نسخة الوسائل : ولا نعلم : الوسائل : ١٨ / ٨٧.

٤ ـ الاحتجاج : ٣٥٧.

٥ ـ الاحتجاج : ٤٨٣. باختلاف يسير.

٣٢٤

الرابعة : ما رواه علي بن مهزيار ، في الصحيح ، قال : قرأت في كتاب لعبد الله بن محمد ، إلى أبي الحسن عليه‌السلام : « اختلف أصحابنا في رواياتهم عن أبي عبدالله عليه‌السلام في ركعتي الفجر في السفر ، فروى بعضهم : أن صلهما في المحمل ، وروى بعضهم : أن لا تصلهما إلا على الارض ، فأعلمني كيف تصنع أنت؟ لاقتدي بل في ذلك.

فوقع عليه‌السلام : موسع عليك بأية عملت » (١).

وفي دلالة هذه الرواية على ما نحن فيه نظر ظاهر.

وروى الكليني في الكافي ، قال : وفي رواية : « بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك » (٢) ، ورواها في خطبة الكافي عن العالم عليه‌السلام (٣).

وهذه الأخبار دالة على أن المكلف مخير في العمل بأي الخبرين شاء ، واختار الكليني في خطبة الكافي ، كما مر نقل عبارته (٤).

الخامسة : ما نقل عن احتجاج الطبرسي أنه روى : « عن سماعة بن مهران ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام ، قلت : يرد علينا حديثان ، واحد يأمرنا بالاخذ به ، والآخر ينهانا عنه؟ قال : لا تعمل بواحد منهما حتى تلقى (٥) صاحبك فتسأله عنه ، قال : قلت : لابد أن نعمل بأحدهما؟ قال : خذ بما فيه خلاف العامة » (٦).

السادسة : ما رواه الشيخ قطب الدين الراوندي ، في رسالة ألفها في بيان أحوال أحاديث أصحابنا (٧) ، بسنده : « عن ابن بابويه ، عن محمد بن الحسن

__________________

١ ـ التهذيب : ٣ / ٢٢٨ ح ٥٨٣.

٢ ـ الكافي : ١ / ٦٦ ـ باب اختلاف الحديث ح ٧.

٣ ـ الكافي : ١ / ٩.

٤ ـ كذا الظاهر ، وفي النسخ : ونقل عبارته.

٥ ـ كذا في المصدر والوسائل ( ١٨ / ٨٨ ) ، ولكن في النسخ : حتى يأتي.

٦ ـ الاحتجاج : ص ٣٥٧ ـ ٣٥٨.

٧ ـ هذه الرسالة من المفقودات في عصرنا هذا ، وقد نقل هذه الأحاديث الثلاثة ( ٦ ، ٧ ، ٨ )

٣٢٥

الصفار ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن رجل ، عن يونس بن عبد الرحمن ، عن الحسن (١) بن السري ، قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إذا ورد عليكم حديثان مختلفان ، فخذوا بما خالف القوم ».

السابعة : وروى أيضا عن : « ابن بابويه ، عن محمد بن موسى بن المتوكل ، عن علي بن الحسين السعد آبادي ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن ابن فضال ، عن الحسن بن الجهم ، قال : قلت للعبد الصالح عليه‌السلام ، هل يسعنا فيما يرد (٢) علينا منكم إلا التسليم لكم؟ فقال : لا والله ، لا يسعكم إلا التسليم لنا.

قلت : فيروى عن أبي عبدالله عليه‌السلام شيء ، ويروى عنه خلافه ، فبأيهما نأخذ؟ فقال : خذ بما خالف القوم ، وما وافق القوم فاجتنبه ».

الثامنة : [ و] روى بهذا الاسناد : « عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن محمد بن عبدالله (٣) ، قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : كيف نصنع بالخبرين المختلفين؟ فقال : إذا ورد عليكم حديثان مختلفان ، فانظروا ما يخالف منهما العامة فخذوه ، وانظروا ما يوافق أخبارهم فدعوه ».

وروى الشيخ في باب الخلع : « عن الحسن بن سماعة ، عن الحسن بن أيوب ، عن ابن بكير ، عن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : ما سمعت مني يشبه قول الناس ، فيه التقية ، وما سمعت مني لا يشبه قول الناس ، فلا تقية فيه » (٤).

وهذه الأخبار الخمسة ، دالة على أن المتعين عند اختلاف الأخبار ،

__________________

وغيرها عنها أيضا : الحرّ العاملي في الوسائل : ١٨ / ٨٥ ـ كتاب القضاء / باب وجوه الجمع ين الأحاديث المختلفة ح ٣٠ ، ٣١ ، ٣٤ ، والامين الاسترآبادي في الفوائد المدنية : ١٨٧.

١ ـ كذا الظاهر ، وفي النسخ والوسائل والفوائد المدنية : الحسين بن السري. ولكن لم يرد هذا الاسم في كتب الرجال.

٢ ـ في نسخة الوسائل : فيما ورد.

٣ ـ في نسخة الفوائد المدنية : عبيد الله.

٤ ـ التهذيب : ٨ / ٩٨ ح ٣٣٠.

٣٢٦

العرض على مذهب العامة ، والاخذ بالمخالف مطلقا ، وعدم جواز العمل بالتقية عند الاختيار.

التاسعة : ما رواه الكليني ، في باب اختلاف الحديث من الكافي ، في الصحيح عن : « عمر بن حنظلة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن رجلين من أصحابنا ، بينهما منازعة ـ إلى أن قال ـ وكلاهما اختلفا في حديثكم؟ قال : الحكم ما حكم به أعدلهما ، وافقههما ، وأصدقهما في الحديث ، وأورعهما ، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر.

قال : قلت : فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا ، لا يفضل واحد منهما على صاحبه؟ قال : فقال عليه‌السلام : ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا ، في ذلك الذي حكما به ، المجمع عليه من أصحابك ، فيؤخذ به من حكمنا ، ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإن المجمع عليه لا ريب فيه.

وإنما الامور ثلاثة ، أمر بين رشده فيتبع ، وأمر بين غيه فيجتنب ، وأمر مشكل يرد علمه إلى الله وإلى رسوله ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : حلال بين ، وحرام بين ، وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات.

ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات وهلك من حيث لا يعلم.

قلت : فإن كان الخبران عنكم (١) مشهورين ، قد رواهما الثقاة عنكم؟ قال : ينظر ، فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة ، وخالف العامة ، فيؤخذ به ، ويترك ما خالف.

حكمه حكم الكتاب والسنة ، ووافق العامة.

قلت : جعلت فداك ، أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب

__________________

١ ـ في النسخة المطبوعة المحققة من الكافي : عنكما. وفسرها في مرآة العقول بالصادق والباقر (ع) كما في هامش الكافي ، وما اثبتناه مطابق لنسخة الوسائل : ١٨ / ٧٦ ـ كتاب القضاء / باب وجوه الجمع بين الأحاديث المختلفة وكيفية العمل بها ح ١.

٣٢٧

والسنة ، ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا لهم ، بأي الخبرين يؤخذ؟ قال : ما خالف العامة ففيه الرشاد.

قلت : جعلت فداك ، فإن وافقهما الخبران جميعا؟ قال : ينظر إلى ما هم إليه أميل حكامهم وقضاتهم ، فيترك ، ويؤخذ بالآخر.

قلت : فإن وافق حكامهم الخبرين جميعا؟ قال : إذا كان كذلك ، فأرجه حتى تلقى إمامك ، فإن الوقوف عند الشبهات ، خير من الاقتحام في الهلكات » (١).

وهذه الرواية تدل على أن الترجيح ب‍ : أعدلية الراوي ، وأفقهيته ، وأورعيته وأصدقيته ، ومع التساوي : بالشهرة ، ومع التساوي فيها أيضا : فبالعرض على الكتاب والسنة ومذهب العامة.

وظاهرها : لزوم العرض على الجميع ، ويحتمل أن تكون ( الواو ) بمعنى ( أو ) فاللازم العرض على أحدها ، ولكن قوله : « أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة » ... إلى آخره ، يؤيد الاول ، إلا أنه عليه‌السلام جوز الترجيح بالعرض على مذهب العامة فقط ، وعلى عمل حكامهم في جوابه لهذا القول ، ومع عدم إمكان هذا النحو من الترجيح ، فمقتضى هذه الرواية لزوم التوقف ، ولم يجوز في هذه الرواية التخيير.

وحمل بعضهم (٢) روايات التخيير على العبادات المحضة ، وروايات الارجاء والتوقف على ما ليس كذلك ، كالدين والميراث ونحوهما ، وهو غير

__________________

١ ـ الكافي ١ / ٦٧ ، ٦٨ ـ كتاب فضل العلم / باب اختلاف الحديث ح ١٠.

٢ ـ وهو الأمين الاسترآبادي : الفوائد المدنية : ١٩٢ / الفائدة الرابعة ، وكذا في ص ٢٧٣. كما ذهب إلى هذا الجمع الحرّ العاملي : الوسائل : ١٨ / ٧٧.

٣٢٨

بعيد ، لان هذه الرواية وردت في المنازعات والمخاصمات ، فتأمل (١).

العاشرة : ما رواه محمد بن إبراهيم ابن أبي جمهور الاحسائي ، في كتاب غوالي اللآلي (٢) : « عن العلامة ، مرفوعا إلى زرارة بن أعين.

قال : سألت الباقر عليه‌السلام ، فقلت : جعلت فداك ، يأتي عنكم الخبران أو الحديثان المتعارضان ، فبأيهما آخذ؟

فقال عليه‌السلام : يا زرارة ، خذ بما اشتهر بين أصحابك ، ودع الشاذ النادر.

فقلت : يا سيدي ، إنهما معا مشهوران مرويان مأثوران عنكم؟

فقال عليه‌السلام : خذ بما يقول أعدلهما عندك ، وأوثقهما في نفسك.

فقلت : إنهما معا عدلان مرضيان موثقان؟

فقال : انظر إلى ما وافق منهما مذهب العامة ، فاتركه ، وخذ بما خالفهم ، فإن الحق فيما خالفهم.

فقلت : ربما كانا معا موافقين لهم أو مخالفين فكيف أصنع؟

فقال : إذن فخذ بما فيه الحائطة لدينك ، واترك ما خالف الاحتياط.

فقلت : إنهما معا موافقين للاحتياط ، أو مخالفين له ، فكيف أصنع؟

فقال عليه‌السلام : إذن ، فتخير أحدهما فتأخذ به ، وتدع الآخر.

وفي رواية : أنه عليه‌السلام قال : إذن ، فأجره حتى تلقى إمامك فتسأله » (٣) انتهى كلامه (٤)

__________________

١ ـ لعل وجه التأمل هو « ان تقييد اطلاق جملة الأخبار الواردة بذلك لا يخلو من اشكال ، فانها ليست نصا في التخصيص ، بل ولا ظاهرة فيه ، حتى يمكن ارتكاب التخصيص بها » :

الحدائق الناظرة ١ / ١٠١ ـ المقدمة السادسة.

٢ ـ في الاصل : اللحساوي في كتاب عوالي ـ بالمهملة ـ.

٣ ـ قوله وفي رواية انه (ع) إلى آخره : ساقط من الاصل ، وقد اثبتناه من سائر النسخ.

٤ ـ غوالي اللآلي : ٤ / ١٣٣ ح ٢٢٩ لكن فيه : بقول : بدل : بما يقول.

٣٢٩

الحادية عشرة : ما رواه الشيخ قطب الدين الراوندي بسنده : « عن ابن بابويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أيوب بن نوح ، عن محمد ابن أبي عمير ، عن عبدالرحمن ابن أبي عبدالله ، عن الصادق عليه‌السلام ، قال : « إذا ورد عليكم حديثان مختلفان ، فاعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف الله فذروه ، فإن لم تجدوهما في كتاب الله ، فاعرضوهما على أخبار العامة ، فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه » (١).

الثانية عشرة : ما رواه : « الحسن بن الجهم (٢) ، عن الرضا عليه‌السلام ـ ثم قال ـ قلت للرضا : تجيئني الأحاديث عنكم مختلفة؟ قال : ما جاء‌ك (٣) عنا اعرضه على كتاب الله وأحاديثنا ، فإن كان ذلك يشبههما فهو منا ، وإن لم يكن يشبههما فليس منا ، قلت : يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ، فلا نعلم (٤) أيهما الحق؟ قال : إذا لم تعلم ، فموصع عليك بأيهما أخذت » (٥).

الثالثة عشرة : ما رواه الكليني ، في باب اختلاف الحديث ، في الصحيح عن : « سماعة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه ، أحدهما يأمر بأخذه ، والآخر ينهاه عنه ، كيف يصنع؟ قال : يرجئه حتى يلقى من يخبره ، فهو في سعة حتى يلقاه.

وفي رواية اخرى : بأيهما أخذت من باب التسليم وسعك » (٦).

الرابعة عشرة : ما رواه أيضا ، في الباب المذكور ، بسنده : « عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، قال : أرأيتك لو حدثتك بحديث العام ، ثم جئتني من

__________________

١ ـ تقدم ان هذه الرسالة من المفقودات ، وقد روى هذا الحديث عنها أيضا : المحدّث الاسترآبادي في الفوائد المدنية : ١٨٦ ، والحر العاملي في وسائل الشيعة : ١٨ / ٨٤ ح ٢٩ باختلاف يسير.

٢ ـ كلمة ( الجهم ) : ساقطة من الاصل ، وقد اثبتناها من أ و ب و ط والمصدر.

٣ ـ كذا في أ ، وفي الاصل ب و ط والمصدر : جاء‌كم.

٤ ـ كذا في المصدر. وفي النسخ : فلم نعلم ، وفي نسخة الوسائل : ولا نعلم : الوسائل : ١٨ / ٧٧.

٥ ـ الاحتجاج : ٣٥٧.

٦ ـ الكافي : ١ / ٦٦ ـ كتاب فضل العلم / باب اختلاف الحديث / ح ٧.

٣٣٠

قابل ، فحدثتك بخلافه ، بأيهما كنت تأخذ؟ قال : قلت كنت آخذ بالاخير ، فقال لي : رحمك الله » (١).

الخامسة عشرة : ما رواه بإسناد عن : « المعلى بن خنيس ، قال : قلت لأبي عبدالله عليه‌السلام : إذا جاء حديث عن أولكم ، وحديث عن آخركم ، بأيهما نأخذ؟ فقال : خذوا به حتى يبلغكم عن الحي ، فإن بلغكم عن الحي فخذوا بقوله » الحديث.

وفي حديث آخر : « خذوا بالاحدث » (٢).

وهذه الروايات الثلاثة دالة على أن الواجب الاخذ بالرواية الاخيرة ، ولا أعلم أحدا عمل بها غير ابن بابويه في الفقيه في باب ( الرجل يوصي إلى رجلين ) حيث نقل خبرين مختلفين ، ثم قال : « لو صح الخبران جميعا ، لكان الواجب الاخذ بقول الاخير ، كما أمر به الصادق عليه‌السلام ، وذلك أن الأخبار لها وجوه ومعان ، وكل إمام أعلم بزمانه وأحكامه من غيره من الناس » انتهى (٣).

السادسة عشرة : ما رواه الكليني أيضا ، في باب الاخذ بالسنة وشواهد الكتاب ، في الصحيح أو الموثق ، عن : « عبد الله بن أبي يعفور ، قال : سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن اختلاف الحديث ، يرويه من نثق به ، ومنهم من لا نثق به؟ قال : إذا ورد عليكم : حديث ، فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإلا فالذي جاء‌كم به أولى به » (٤).

السابعة عشرة : قال ابن بابويه في كتاب الاعتقادات : « اعتقادنا في الحديث المفسر أنه يحكم على المجمل ، كما قال الصادق عليه‌السلام » (٥) وراعى

__________________

١ ـ الكافي : ١ / ٦٧ ـ كتاب فضل العلم / باب اختلاف الحديث / ح ٨.

٢ ـ الكافي : ١ / ٦٧ ح ٩ من الباب المذكور.

٣ ـ الفقيه : ٤ / ٢٠٣ هامش الحديث ٥٤٧٢.

٤ ـ الكافي : ١ / ٦٩ ـ كتاب فضل العلم / باب الاخذ بالسنة وشواهد الكتاب / ح ٢.

٥ ـ كتاب الاعتقادات للشيخ الصدوق / باب الاعتقاد في الأخبار المفسرة والمجملة. ط حجري

٣٣١

هذه القاعدة في كتاب من لا يحضره الفقيه ، في الجمع بين الاخبار.

والظاهر : أنه اراد بالمفسر : المخصص ، والمقيد ، والمبين ، والمفصل ، ونحوها ، وبالمجمل : خلافها.

وهذه الروايات تدل على أنواع من العمل عند تعارض الأخبار :

الاول : الترجيح باعتبار السند ، فترجح رواية الثقة ، والاوثق ، والافقه ، والاصدق ، والاورع ، على من ليس كذلك. وهذا تدل عليه : الرواية التاسعة ، والعاشرة.

الثاني : الترجيح بشهرة الرواية : ونقل الاكثر إياها ، وندرة الاخرى ، وتدل عليه أيضا : التاسعة ، والعاشرة.

الثالث : العرض على كتاب الله ، والعمل بالموافق ، وطرح المخالف. وهذا تدل عليه : التاسعة ، والحادية عشرة ، والثانية عشرة ، والسادسة عشرة.

الرابع : العرض على سنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله . وتدل عليه : الرواية التاسعة ، والسادسة عشرة.

ولفظة ( أو ) في الاخيرة مؤيدة لكون ( الواو ) في الأولى بمعنى ( أو ).

الخامس : العرض على مذهب العامة ، أو رواياتهم ، أو عمل حكامهم ، والاخذ بالمخالف ، وتدل عليه : الرواية الخامسة ، والسادسة ، والسابعة ، والثامنة ، والتاسعة ، والعاشرة ، والحادية عشرة.

السادس : الاخذ بالاحدث ، وتدل عليه : الرابعة عشرة ، والخامسة عشرة ، مع رواية اخرى مذكورة فيها.

السابع : التخيير في العمل بأيهما شاء المكلف ، وتدل عليه : الاربعة الاول ، والعاشرة ، والثانية عشرة ، والثالثة عشرة.

الثامن : التوقف ، وعدم العمل بشيء منهما. وتدل عليه : الخامسة ،

____________

بلا ترقيم.

٣٣٢

والتاسعة ، والعاشرة ، والثالثة عشرة.

التاسع : العمل بالاحوط منهما. وتدل عليه : الرواية العاشرة.

العاشر : العمل بالحديث المفسر ، وحمل المجمل عليه ، كما تدل عليه الرواية الاخيرة ، ولكن هذا ضرب آخر من العمل ، ليس فيه طرح أحد الخبرين.

واعلم : أن ظاهر الرواية التاسعة أن الترجيح باعتبار السند ، من اوثقية الراوي ونحوها وكثرته ، مقدم على العرض على كتاب الله.

وعلى هذا ، فإذا تعارض حديثان ، ويكون راوي أحدهما أوثق وأفقه وأورع من راوي الآخر (١) ـ يكون العمل بالاول متعينا ، وإن كان مخالفا للقرآن.

و (٢) لكن ظاهر كثير من الروايات : أن العرض على كتاب الله مقدم على جميع أقسام التراجيح ، بل روى الكليني في باب الاخذ بالسنة وشواهد الكتاب (٣) ، أخبار كثيرة دالة على أن الخبر غير الموافق لكتاب الله فهو زخرف ، وغير مقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويلزم طرحه ، وإن لم يكن له معارض أصلا.

وعلى هذا ، فإذا تعارض حديثان :

ينبغي عرضهما على القرآن أو السنة المقطوع بها ، والعمل بالموافق لهما.

وإن لم تعلم الموافقة والمخالفة لهما ، فالترجيح : باعتبار الصفات المذكورة للراوي.

ومع التساوي فيها ، فالترجيح : بكثرة الراوي ، وشهرة الرواية.

ومع التساوي ، ف‍ : بالعرض على روايات العامة ، أو مذاهبهم ، أو

__________________

١ ـ كذا في أ و ب و ط ، وفي الاصل : الاخير.

٢ ـ حرف العطف ساقط من الاصل ، وقد اثبتناه من سائر النسخ.

٣ ـ الكافي ١ / ٦٩.

٣٣٣

عمل حكامهم ، والعمل بالمخالف لها. وتأخر هذا عما قبله مما صرح به في التاسعة والحادية عشرة.

وإن لم تعلم الموافقة أو المخالفة للعامة ، ف‍ : العمل بالاحوط منهما ، للرواية العاشرة ، وللروايات الاخر الدالة على الاحتياط مع عدم العلم ، كصحيحة عبدالرحمن بن الحجاج ، في كفارة الصيد ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، وفي آخرها : « إذا أصبتم مثل هذا فلم تدروا ، فعليكم بالاحتياط » (١) وقوله عليه‌السلام في مكاتبة عبدالله بن وضاح : « أرى لك أن تنتظر حتى تذهب الحمرة ، وتأخذ بالحائطة لدينك » (٢) رواهما الشيخ في التهذيب ، وغير ذلك من الروايات الدالة على الاخذ بالجزم.

والاحتياط إنما يتأتى فيما لو (٣) لم يكن أحد احتمالية التحريم. وأما في المردد بين التحريم وحكم آخر فلا احتياط.

فإن لم يتيسر العمل بالاحوط ، ف‍ : التوقف ، وعدم العمل بشيء منهما ، إن أمكن ذلك ، لما في الروايات الدالة على التوقف عند فقد المرجح.

فإن لم يكن بد إلا العمل بواحد منهما ، فالحكم : التخيير ، لانه عليه‌السلام جعل التوقف في الرواية الخامسة مقدما على العرض على مذهب العامة ، وهو مقدم على التخيير على ما في كثير من الروايات ، وفيه نظر.

وتقديم التوقف على التخيير ، وكذا عكسه ، محل تأمل.

وجعل بعضهم (٤) التخيير مخصوصا بالعبادات المحضة ، والتوقف بغيرها

__________________

١ ـ التهذيب : ٥ / ٤٦٦ ح ١٦٣١.

٢ ـ التهذيب : ٢ / ٢٥٩ ح ١٠٣١.

٣ ـ كلمة ( لو ) : زيادة من ط.

٤ ـ هو الأمين الاسترآبادي : الفوائد المدنية : ١٩٢ / الفائدة الرابعة ، وكذا في ص ٢٧٣ ، وذهب إلى هذا الجمع أيضا الحرّ العاملي في الوسائل : ١٨ / ٧٧.

وقد تقدمت الاشارة إلى ذلك.

٣٣٤

ـ فظاهر الروايات يأباه ، سيما الرواية الخامسة ، فإنها ظاهرة في العبادات مع الامر بالتوقف فيها.

والعمل بالروايات الدالة على العمل بالاحدث ـ في الأحاديث النبوية ـ قريب ، لما ورد من أن الأحاديث ينسخ بعضها بعضا (١).

وأما في أخبار الائمة عليهم‌السلام بالنسبة إلى مكلفي هذه الاعصار ـ فمشكل غاية الاشكال.

والحادي عشر من أقسام الادلة : التعارض بين خبر الواحد والاجماع.

فإن كان قطعيا : فتقديمه ظاهر.

وإن كان ظنيا : فيحتمل تقديم الخبر ، لان النسبة إلى المعصوم عليه‌السلام فيه أظهر وأصرح ، ويحتمل تقديم الاجماع ، لبعد التقية فيه ، وكونه بمنزلة رواية كثرت رواتها (٢) ، ويحتمل كونه كتعارض الخبرين الواحدين في الحكم ، وقد مر.

الثاني عشر : بين خبر الواحد والاستصحاب ، فإن كان أصل الاستصحاب ثابتا بخبر الواحد ، فالظاهر : تقديم الخبر ، وإلا فمحل تأمل.

وحكم القياس ـ على تقدير حجيته ـ وكذا المفاهيم ، لا يزيد على حكم الاستصحاب فيما ذكرنا.

الثالث عشر : بين الاجماعين.

والحكم مع الاختلاف في القطعية والظنية : ظاهر ومع التماثل : فحكمه ما مر في تعارض الخبرين من أخبار الآحاد.

وتوهم كثير من الاصوليين ، أنه لا يمكن تعارض اجماعين قطعيين.

وهو باطل ، لان مرادنا بالاجماع ، هو اتفاق جماعة على حكم ، علم من حالهم وعادتهم أنهم لا يتفقون إلا لما بلغهم من إمامهم عليه‌السلام. فإذا حصل

__________________

١ ـ الكافي : ١ / ٦٤ ـ كتاب فضل العلم / باب اختلاف الحديث / ح ١ ، ٢.

٢ ـ في ط : روايتها.

٣٣٥

العلم باتفاق مثل زرارة ، والفضيل بن يسار ، وليث المرادي ، وبريد بن معاوية العجلي ـ فلا شك في حصول العلم القطعي بدخول قول المعصوم ، أو إشارته ، أو تقريره في هذا الاتفاق ، ولما كانت فتاوى الائمة صلوات الله عليهم كثيرا ما تورد على جهة التقية ونحوها ، فلا بعد في اتفاق جماعة كذلك على أمر ، واتفاق جماعة اخرى كذلك على خلافه ، غاية الامر أن يكون مستند أحد الاجماعين واردا على سبيل التقية ، ولما كانت كتب كثير من فضلاء أصحاب الائمة عليهم‌السلام موجودة في زمن المرتضى رحمه‌الله ، والشيخ ، وتلامذتهما ، والمحقق ، والعلامة ، إلى زمان الشهيد (١) ، رحمهم‌الله ـ فيمكن اطلاعهم على الاجماعات المتعارضة ، كالاخبار المتعارضة بتواتر الكتب بعينها ، فلا يجوز نسبه الغلط (٢) إليهم بسبب نقلهم الاجماعات المتخالفة المتناقضة.

والقول بأن أصحاب الائمة عليهم‌السلام لم يكن لهم الفتاوى ، بل كتبهم منحصرة في الروايات ـ قول تخميني ، فإن في كتب الروايات كثيرا ما تذكر الفتاوى عن زرارة ، وابن أبي عمير ، ويونس بن عبدالرحمن ، وغيرهم ، وفي كتاب الفرائض ، من كتاب من لا يحضره الفقيه ، أورد كثيرا من فتاوى يونس والفضل بن شاذن (٣) ، وكيف لنا بمجرد هذا (٤) التخمين ، نسبة الغلط إلى كثير من فحول العلماء؟! كالسيد ، والشيخ ، والمحقق ، والعلامة ، وغيرهم ، مع قطعنا بأن الكتب التي كانت عندهم ليست موجودة في هذا الزمان ، بل هذا من بعض الظن!

الرابع عشر : بين الاجماع والاستصحاب.

وحكمه : يعلم مما سبق بأدنى تأمل.

__________________

١ ـ في ط : زمن الشهيدين.

٢ ـ كلمة ( الغلط ) : ساقطة من الاصل ، وقد اثبتناها من سائر النسخ.

٣ ـ الفقيه : ٤ / ٢٦٧ ، ٢٧٠ ، ٢٧٦ ، ٢٨٦ ، ٢٩٥ ، ٣٢٠.

٤ ـ كلمة ( هذا ) : ساقطة من الاصل ، وقد اثبتناها من سائر النسخ.

٣٣٦

الخامس عشر : بين الاستصحابين.

والحكم : التوقف ، وعدم العمل بشيء منهما ، إن أمكن ، وإلا فيعمل بما وافق الاصل ، لعدم العلم بالناقل عنه.

ولا يبعد ترجيح ما أصله راجح ، بإحدى المرجحات المذكورة.

وعليك بإمعان النظر في المرجحات المذكورة في كتب الاصول ، فما رجع إلى أحد من المرجحات المنصوصة ، أو قام عليه دليل قطعي ، فهو مقبول ، وإلا فعدم الالتفات إليه أحوط وأولى.

والعلم عند الله ، والتكلان في المهمات على الله ، وهو حسبي ونعم الوكيل ، وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين.

هذا آخر ما اختصرناه (١) من المطالب الاصولية ، المبرهنة بالنصوص والادلة القطعية (٢).

وأنا العبد المذنب الراجي : عبدالله بن حاجي محمد البشروي الخراساني.

وقد وقع الفراغ منه يوم الاثنين ، ثاني عشر أول الربيعين في تاريخ سنة (١٠٥٩).

* * *

__________________

١ ـ في ط : اقتصرنا.

٢ ـ في ب : العقلية.

٣٣٧
٣٣٨

[ نهايات النسخ ]

جاء في نهاية نسخة الاصل ما يلي :

وقع الفراغ من كتابة هذه الرسالة الشريفة على يد العبد المفتقر إلى الله الغني ، بهاء الدين محمد بن ميرك موسى الحسيني التوني ، في سابع وعشرين شهر ذي القعدة الحرام ، المنخرط في شهور إحدى وعشرين وماء‌ة بعد الالف من الهجرة النبوية. على هاجرها ألف سلام وتحية.

رب وفقني للعمل في يومي لغدي قبل أن يخرج الامر من يدي آمين.

وجاء في نهاية نسخة أما يلي.

هذا آخر كلام المصنف رحمه‌الله. تمت الرسالة الموسومة بالوافية في علم الاصول التي هي من تصانيف العلامة المحقق والحبر المدقق خلاصة العلماء المتأخرين ومحيي آثار الائمة المعصومين مولانا عبدالله الشهير بالتوني حشره الله مع أوليائه وأدخله في قرب احبائه محمد وآله الطاهرين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. في ظهيرة يوم السبت من العشر الثاني من الشهر الثامن من السنة الرابعة من الماء‌ة الثانية من الالف الثاني على يد احوج المربوبين إلى الله الغني المغني ابن محمد صادق محمد باقر الحسيني

٣٣٩

والحمد لله اولا وآخرا وظاهرا وباطنا سنة ١١٣٤. [ كذا جاء فيها. فلاحظ هذا الاختلاف ].

وجاء في نهاية نسخة ب ما يلي :

قد فرغت من تسويد هذه النسخة الشريفة في يوم الخامس من شهر شوال المكرم في سنة ١٢٥٦. وأنا العبد الاقل المحتاج إلى رحمة الله الغني محمد علي بن زين العابدين الطباطبائي الخراساني.

* * *

٣٤٠