رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١٢

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١٢

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-274-1
الصفحات: ٥٣٥

رواياته ، فلا يضرّ ضعف راويه.

( و ) الأول منهما صريح في أنّه ( لو أذنت له في الوطء جاز ) وهو الأشهر.

وربما قيل بالمنع أو استُشكِل فيه ؛ لعدم حلّ الفرج بالإذن ، بل بالعقد ، ولم يثمر الحلّ هنا ؛ لمكان الشرط (١).

وفيه مع أنّه اجتهاد في مقابلة النصّ ـ : أنّ السبب في الحلّ : العقد المتقدّم لا مجرّد الإذن ، غاية الأمر أنّ الشرط مانع من عمل السبب عمله ، وبالإذن يرتفع المانع.

( ومنهم من خصّ الجواز ) في كلّ من العقد والشرط ( بالمتعة ) التفاتاً إلى منافاة الشرط مقتضى العقد ؛ بناءً على أنّ من أهمّ مقتضياته حصول التناسل الموقوف على الوطء ؛ مع منافاته للسنّة ، كما يرشد إليه فحوى الصحيح السابق (٢) ، الدالّ على مخالفة اشتراط جعل أمر الجماع بيد الزوجة لها ، فمخالفة اشتراط عدمه بالمرّة لها بطريق أولى ، ومعها يفسد ، وفساده ملازم لفساد مشروطه بمقتضى القاعدة ، خرج عنها الشرط في المسألة السابقة بالإجماع والنصّ المختصَّين بها ، بقي ما نحن فيه داخلاً فيها ، ولا مخرج له عنها سوى العمومين ، وليس يجريان هنا بعد فساد الشرط كما لا يخفى ؛ لاستلزام العمل بهما الوفاء به ، ولا يجوز ؛ لإطلاق الحسن المتقدّم (٣) بعدمه.

وأمّا الخبران ، فليس فيهما سوى الإطلاق الغير المنصرف إلى المقام ؛

__________________

(١) راجع القواعد ٢ : ٣٨ ، والإيضاح ٣ : ٢٠٨.

(٢) في ص ٥٩.

(٣) في ص ٥٧.

٦١

لعدم تبادره منهما ، وغلبة موردهما في المتعة ، مع ظهور الثاني منهما فيها ، فليس اللازم منهما سوى الجواز فيها ، ونحن نقول به ، فهذا القول أقوى ، وفاقاً لكثير من الأصحاب (١).

وهنا قولان آخران : فساد الشرط وصحّة العقد إمّا مطلقاً في الدائم والمنقطع كما عن الحلّي (٢) وجماعة (٣) أو في الأول خاصّة وصحّتهما في الثاني ، كما عن ابن حمزة (٤).

وربما نُسِب إلى العلاّمة في المختلف القول بفسادهما مطلقاً (٥).

وضعف الجميع يظهر ممّا قدّمناه سيّما الأول والأخير لو كان لاتّفاق النصوص المعتبرة بدفعهما.

( السابع : لو شرط أن لا يخرجها من بلدها ، لزم ) على الأصحّ الأشهر.

لأنّه شرط لا يخالف المشروع ، فإنّ خصوصيّات الوطن أمر مطلوب للعقلاء بواسطة النشوء والأهل والأُنس وغيرها ، فجاز شرطه توصّلاً إلى الغرض المباح.

وللصحيح : في الرجل يتزوّج امرأة ، ويشترط لها أن لا يخرجها من بلدها ، قال : « يفي لهذا بذلك » أو قال : « يلزمه ذلك » (٦).

__________________

(١) كالشيخ في المبسوط ٤ : ٣٠٤ ، والعلاّمة في المختلف : ٥٤٥ ، والفاضل المقداد في التنقيح الرائع ٣ : ٢٤٥. وصاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٤٠٤.

(٢) حكاه عنه في المختلف : ٥٤٥ ، وهو في السرائر ٢ : ٥٨٩.

(٣) منهم القاضي في المهذب ٢ : ٢٠٦ ، والشهيد الثاني في الروضة ٥ : ٣٦٢.

(٤) حكاه عنه في المختلف : ٥٤٥ ، وهو في الوسيلة : ٢٩٧.

(٥) المختلف : ٥٤٥.

(٦) الكافي ٥ : ٤٠٢ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٣٧٢ / ١٥٠٦ ، الوسائل ٢١ : ٢٩٩ أبواب المهور ب ٤٠ ح ١.

٦٢

والصحيح لابن أبي عمير : قال : قلت لجميل بن درّاج : رجل تزوّج امرأة ، وشرط لها المقام بها في أهلها أو بلد معلوم فقال : قد روى أصحابنا عنهم عليهم‌السلام : « أنّ ذلك لها ، وأنّه لا يخرجها إذا شرط ذلك لها » (١).

ولعموم : « المؤمنون عند شروطهم ».

خلافاً للحلّي (٢) وجماعة (٣) ، فأبطلوا الشرط وصحّحوا العقد ؛ لأنّ الاستمتاع بالزوجة في الأزمنة والأمكنة حقّ الزوج بأصل الشرع ، وكذا السلطنة له عليها ، فإذا شرط ما يخالفه كان باطلاً ، وحملوا الرواية على الاستحباب.

ويشكل أولاً : بورود مثل ذلك في سائر الشروط السائغة ، التي ليست بمقتضى العقد ، كتأجيل المهر ، فإنّ استحقاقها المطالبة به في كلّ زمان ومكان ثابتٌ بأصل الشرع أيضاً ، فالتزام عدم ذلك في مدّة الأجل يكون مخالفاً. وكذا القول في كلّ تأجيل ونحوه من الشروط السائغة. والحقّ : أنّ مثل ذلك لا يمنع ، خصوصاً مع ورود النصّ الصحيح بجوازه بخصوصه ، مع اعتضاده بما دلّ على الجواز بعمومه.

وثانياً : باستلزام فساد الشرط على تقدير تسليمه فساد المشروط بمقتضى القاعدة ، ولا مخرج عنها هنا كما في نظائرها ، وعموم الأمر بالوفاء بالعقود مضى الجواب عنه ، فمقتضاه فساد العقد أيضاً ، ولو قيس بمحلّ الوفاق كان باطلاً.

__________________

(١) التهذيب ٧ : ٣٧٣ / ١٥٠٩ ، الوسائل ٢١ : ٣٠٠ أبواب المهور ب ٤٠ ح ٣.

(٢) السرائر ٢ : ٥٩٠.

(٣) منهم الشيخ في الخلاف ٤ : ٣٨٨ ، وفخر المحققين في الإيضاح ٣ : ٢٠٩ ، والمحقق الشيخ علي في جامع المقاصد ١٣ : ٣٩٨.

٦٣

وأمّا حمل الأمر المستفاد من الخبر الذي بمعناه على الاستحباب ، فلا ريب أنّه خلاف الحقيقة ، فلا يصار إليه ، مع إمكان الحمل عليها ، وهو ممكن.

فالقول بالجواز أوجه في مسألة النصّ المشهور.

وأمّا المنزل ، فكذلك في أظهر الوجهين ؛ لعموم الأدلّة ، واتّحاد طريق المسألتين ؛ مع التصريح فيه في ثاني الصحيحين المتقدّمين ، الظاهر في اشتهار ذلك ومقبوليّته في زمان الصادقين عليهم‌السلام.

فالقول بالمنع (١) معتذراً بالوقوف فيما خالف الأصل على موضع النصّ ليس في محلّه ؛ لمنع مخالفة الأصل أولاً كما مضى بيانه مفصّلاً ، ثم الجواب بعد تسليمها بوجوده في النصّ أيضاً.

ومتى حكمنا بصحّته صحّ إسقاطه إجماعاً ، حكاه فخر المحقّقين (٢).

وقيل بالمنع ؛ لأنّه حقّ يتجدّد في كلّ آن ، فلا يعقل إسقاطه ما لم يوجد حكمه ، وإن وجد سببه (٣).

وهو مع أنّه استبعاد محض ، ومنقوض بوجود النظير ، كهبة المدّة للمتمتّع بها غير مسموع في مقابلة الإجماع المحكيّ.

( ولو ) تزوّجها بمائة ، ولكن ( شرط لها ) بقاء استحقاقها ال ( مائة ) المزبورة ( إن خرجت معه ) إلى بلاده ( و ) انتقاص ( خمسين ) منها ( إن لم تخرج ) معه إليها ، ( فإن أخرجها إلى ) بلده ، وكان ( بلد الشرك ، فلا شرط له ) عليها ، ولم تجب إطاعته عليها في‌

__________________

(١) جامع المقاصد ١٣ : ٣٩٩.

(٢) إيضاح الفوائد ٣ : ٢٠٩.

(٣) قال به الشهيد الثاني في الروضة ٥ : ٣٦٦.

٦٤

الخروج إليه ؛ حذراً من لزوم الضرر عليها في دينها غالباً ، مع لزوم الهجرة عن بلاد الشرك جزماً.

( ولزمته المائة ) التي عقدها عليها ، ولا ينقص منها شي‌ء لفقد شرطه الذي هو الامتناع المستند إلى شهوة نفسها ؛ فإنّ الامتناع هنا شرعيّ لا استناد له إليها قطعاً ، فيكون الأصل بقاء مهرها المضروب لها.

( وإن أرادها إلى بلاد الإسلام ، فله الشرط ) الذي اشترط ، فإن طاوعته لزمته المائة ، وإلاّ فالخمسون ؛ لوجود سبب النقص ، وهو امتناعها بنفسها.

وهذا الحكم مشهور بين الأصحاب ؛ عملاً بعموم لزوم الوفاء بالشروط من حيث عدم منافاته الشرع كما مرّ.

والتفاتاً إلى خصوص الحسن ، بل الصحيح : عن رجل تزوّج امرأة على مائة دينار على أن تخرج معه إلى بلاده ، فإن لم تخرج معه فمهرها خمسون ديناراً ، أرأيت إن لم تخرج معه إلى بلاده؟ قال : فقال : « إن أراد أن يخرج بها إلى بلاد الشرك فلا شرط له عليها في ذلك ، ولها مائة دينار التي أصدقها إيّاها ، وإن أراد أن يخرج بها إلى بلاد المسلمين ودار الإسلام فله ما اشترط عليها ، والمسلمون عند شروطهم ، وليس له أن يخرج بها إلى بلاده حتى يؤدّي إليها صداقها ، أو ترضى من ذلك بما رضيت ، وهو جائز له » (١).

وليس فيه مخالفة للأُصول ، التي منها : لزوم تعيين المهر ، وقد تضمّن جهالته بالتردّد بين الزائد والناقص.

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٠٤ / ٩ ، التهذيب ٧ : ٣٧٣ / ١٥٠٧ ، قرب الإسناد : ٣٠٣ / ١١٩١ ، الوسائل ٢١ : ٢٩٩ أبواب المهور ب ٤٠ ح ٢ ؛ بتفاوت يسير.

٦٥

ومنها : عدم استحقاقها الزائد بإخلالها بالشرط الذي هو الخروج معه إلى بلاده وقد تضمّن استحقاقها إيّاه لو أراد إخراجها إلى بلده ، الذي هو بلد الشرك.

بناءً على ما قرّرنا من تعلّق الشرط بخصوص النقص ، ووقوع العقد في الأصل على الزائد ، فلا جهالة فيه من حيث التردّد أصلاً ، وإنّما اللاّزم من الشرط سقوط النصف منه على تقدير الامتناع من الخروج معه إلى بلده.

وكان استحقاقها الزائد حينئذٍ في محلّه في الصورة المفروض فيها ذلك ؛ بناءً على عدم وجود ما يوجب النقص ، وهو الامتناع من الخروج معه وإن حصل ؛ لكونه بموافقته الشرع كعدمه ، فكأنّها لم تمتنع ، فلها المهر المضروب لها.

وأمّا إطلاق الحكم فيه بلزوم تسليم جميع المائة لو أراد خروجها إلى بلده ، فمقيّد بصورة إرادة الخروج بها قبل الدخول مع امتناعها منه قبل التسليم ؛ جمعاً بينه وبين ما دلّ على عدم الوجوب بعده إن امتنعت من التسليم قبل الاستيفاء ، ومطلقاً إن لم تمتنع ، كما يأتي.

فاندفع عنه ما يوجب التردّد في العمل به كما في الشرائع (١) أو ردّه ، كما ارتضاه جماعة (٢).

( الثامن : لو اختلف ) الزوجان ( في أصل المهر ) بأن ادّعته المرأة وأنكره الزوج ، ( فالقول قول الزوج بيمينه ) إن كان الاختلاف قبل‌

__________________

(١) الشرائع ٢ : ٣٢٩.

(٢) منهم الشيخ في النهاية : ٤٧٥ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٢٩٧ ، والشهيد الثاني في الروضة ٥ : ٣٦٣.

٦٦

الدخول ، بلا خلاف ولا إشكال ؛ لأنّه منكر لما تدّعيه ، والعقد بمجرّده لا يقتضي اشتغال ذمّة الزوج بالصداق ؛ لاحتمال تجرّده عن ذكر المهر أو تسميته ما لم يثبت في ذمّة الزوج.

( و ) كذا ( لو كان بعد الدخول ) على الأشهر ، وهو الأظهر قطعاً مع ثبوت انتفاء التفويض باتّفاقهما عليه ، أو البيّنة ، أو ما في معناها ؛ لجواز كون المسمّى ديناً في ذمّة الزوج ، أو عيناً في يدها ، فلا يكون العقد المشتمل على التسمية بمجرّده مقتضياً لاشتغال ذمّة الزوج بشي‌ء من المهر.

وظاهراً مع احتماله (١) أيضاً ؛ لأصالة البراءة المرجّحة على أصالة عدم التسمية ، مع أنّ فرض التساوي لا يوجب الحكم باشتغال الذمّة إلاّ مع رجحان الأصالة الأخيرة ، وليس فليس.

ولو اتّفقا على التفويض ، ترتّب عليه حكمه من ثبوت مهر المثل مع الدخول ، والمتعة مع الطلاق قبله ، من غير إشكال.

ولو ادّعى أحد الزوجين التفويض والآخر التسمية ، فالأظهر أنّ القول قول مدّعي التفويض ؛ لأصالة عدم التسمية. لكن ليس للمرأة المطالبة بزيادةٍ على ما تدّعيه من مهر المثل أو التسمية.

ولو ثبت تسميته قدر معيّن إمّا بإقراره ، أو البيّنة ، أو الشياع ، أو ما في معناه ممّا يفيد العلم ثم ادّعى تسليمه ولا بيّنة ، كان القول قول الزوجة مع يمينها ، على الأشهر الأظهر ؛ لأنّه مدّعي التسليم وهي منكرة ، فيقدّم قولها فيه.

وفي المسألة أقوال منتشرة ، أجودها ما سطرناه تبعاً لبعض الأجلّة (٢).

__________________

(١) اي التفويض.

(٢) نهاية المرام ١ : ٤١٠.

٦٧

ولو اختلفا في المقدار ، فالمشهور بغير خلاف بل في المسالك دعوى الوفاق عليه (١) أنّ القول قول منكر الزيادة مطلقاً ؛ للأصل ، والصحيح : في رجل تزوّج امرأة ، فلم يدخل بها ، فادّعت أنّ صداقها مائة دينار ، وادّعى الزوج أنّ صداقها خمسون ديناراً ، وليس لها بيّنة على ذلك ، قال : « القول قول الزوج مع يمينه » (٢).

خلافاً للقواعد ، فقال : وليس بعيداً من الصواب تقديم من يدّعي مهر المثل ، فإن ادّعى النقصان وادّعت الزيادة ، تحالفا وردّا إليه. ولو ادّعيا الزيادة المختلفة ، احتمل تقديم قوله ؛ لأنّه أكثر من مهر المثل. ولو ادّعيا النقصان ، احتمل تقديم قولها ومهر المثل (٣).

وفيه خروج عن النصّ الصحيح ، المعتضد بالأصل ، والشهرة ، والإجماع المحكيّ.

( وكذا لو خلا ) بها ( فادّعت المواقعة ) وأنكرها الزوج ، كان القول قوله بيمينه ، على الأشهر الأظهر ؛ عملاً بالأصل.

وقيل بالعكس ؛ ترجيحاً لظاهر الحال (٤). وعليه نزّل ظواهر ما مرّ من الأخبار في استقرار المهر بالخلوة (٥) ، وهو كما ترى ، والتحقيق فيه قد مضى.

( التاسع : يضمن الأب مهر ) زوجة ( ولده الصغير ) الذي زوّجها‌

__________________

(١) المسالك ١ : ٥٥٩.

(٢) الكافي ٥ : ٣٨٦ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٣٦٤ / ١٤٧٦ ، الوسائل ٢١ : ٢٧٤ أبواب المهور ب ١٨ ح ١.

(٣) القواعد ٢ : ٤٤.

(٤) قال به الشهيد الثاني في الروضة ٥ : ٣٧٨.

(٥) راجع ص ٤٦.

٦٨

منه ( إن لم يكن له ) أي للولد ( مال وقت العقد ) أو كان ولكن ضمن الأب عنه.

( ولو كان له مال ) ولم يكن ضمن ( كان ) واجباً ( على الولد ) اتّفاقاً منّا ، كما عن الخلاف والمبسوط والسرائر والتذكرة (١) ، والمعتبرة به مستفيضة :

منها الصحيح : عن رجل كان له ولد ، فزوّج منهم اثنين وفرض الصداق ، ثم مات ، من أين يحسب الصداق ، من جملة المال؟ أو من حصّتهما؟ قال : « من المال ، إنّما هو بمنزلة الدين » (٢).

وهو كصحيحين آخرين (٣) وإن شمل بحسب الإطلاق ضمان الأب للمهر في كلّ من صورتي يسار الولد وإعساره ، إلاّ أنّه مقيّد بالثاني ؛ بالإجماع ، والمعتبرة الأُخر :

منها الموثّق : عن الرجل يزوّج ابنه وهو صغير ، قال : « إذا كان لابنه مال فعليه المهر ، وإن لم يكن للابن مال فالأب ضامن للمهر ، ضمن أو لم يضمن » (٤).

والخبر : فيمن زوّج ابنه الصغير ، على من الصداق؟ قال : « على الأب إن كان ضمنه لهم ، فإن لم يكن ضمنه فهو على الغلام ، إلاّ أن لا يكون‌

__________________

(١) الخلاف ٤ : ٣٧٣ ، المبسوط ٤ : ٢٩٢ ، السرائر ٢ : ٥٦٩ ، التذكرة ٢ : ٦٠٨.

(٢) الكافي ٥ : ٤٠٠ / ٣ ، التهذيب ٧ : ٣٨٩ / ١٥٥٧ ، الوسائل ٢١ : ٢٨٨ أبواب المهور ب ٢٨ ح ٣.

(٣) التهذيب ٩ : ١٦٩ / ٦٨٧ ، و ٧ : ٣٦٨ / ١٤٩٣ ، الوسائل ٢١ : ٢٨٨ أبواب المهور ب ٢٨ ذيل ح ٣.

(٤) الكافي ٥ : ٤٠٠ / ٢ ، التهذيب ٧ : ٣٨٩ / ١٥٥٨ ، الوسائل ٢١ : ٢٨٧ أبواب المهور ب ٢٨ ح ١.

٦٩

للغلام مال فهو ضامن له وإن لم يكن ضمن » (١).

ونحوه الصحيحان ، المرويّ أحدهما عن كتاب عليّ بن جعفر (٢) ، والثاني عن كتاب النوادر لأحمد بن محمّد بن عيسى (٣).

ويستفاد منها ما قدّمناه من ضمانه لمهر الولد مع يساره أيضاً إذا ضمنه ، مع أنّي لا أعرف فيه خلافاً هنا.

وإطلاق النصّ والفتوى يشملان ضمان الأب المهر مع إعسار الولد مطلقاً ولو تبرّأ عن ضمانه.

خلافاً للقواعد والتذكرة ، فاستثنى منه صورة التبرّي (٤) ، واختاره بعض المتأخّرين (٥) ؛ تمسّكاً بعموم : « المؤمنون عند شروطهم ». وفيه : أنّ ارتكاب التقييد فيه به ليس بأولى من العكس ؛ لكون التعارض بينهما تعارض العمومين من وجه. بل العكس أولى ؛ لاعتضاد الإطلاق هنا بفتوى الفقهاء ، فيترجّع على العموم المزبور. لكن في شمول مثل هذا الإطلاق لنحو محلّ الفرض إشكال ؛ لعدم التبادر منه ، وانصرافه إلى غيره.

ثم مع ضمانه صريحاً ، لو أدّى فهل يرجع به على الطفل؟ الأصحّ : لا.

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٠٠ / ١ ، التهذيب ٧ : ٣٨٩ / ١٥٥٩ ، الوسائل ٢١ : ٢٨٧ أبواب المهور ب ٢٨ ح ٢.

(٢) مسائل علي بن جعفر : ١٩٧ / ٤١٨ ، الوسائل ٢١ : ٢٨٨ أبواب المهور ب ٢٨ ح ٤.

(٣) نوادر أحمد بن محمد بن عيسى : ١٣٥ / ٣٤٩ ، الوسائل ٢١ : ٢٨٩ أبواب المهور ب ٢٨ ح ٥.

(٤) القواعد ٢ : ٤٣ ، التذكرة ٢ : ٦٠٩.

(٥) هو صاحب المدارك في نهاية المراد ١ : ٤١٢.

٧٠

وكذا لو أدّى تبرّعاً عن الموسر كالأجنبي.

ولو دفعه عنه ، ثم بلغ الصبي ، فطلّق قبل الدخول ، استعاد الولد النصف دون الوالد ، بلا خلاف كما حكي (١) ؛ وهو الحجّة فيه لو تمّ ، لا ما قيل من أنّ ذلك يجري مجرى الهبة له (٢) ، فإنّه مجرّد دعوى خالية عن الدليل.

وكذا لو أدّى عن الكبير تبرّعاً.

وربما يستدلّ للحكم بإطلاق النصوص الحاكمة بتنصيف المهر بالطلاق وعوده إلى الزوج (٣) ، وفي شموله للمقام نوع كلام.

ودفعه (٤) بالإجماع على شموله له بالنظر إلى التنصيف ، فيشمل العود أيضاً بقرينة السياق بعد تحقّق هذا الإجماع.

مدفوعٌ بتوقّف صحّته على انعقاد الإجماع على الشمول المذكور ، وليس بمعلوم ، فيحتمل انعقاده على أصل التنصيف لا على استفادته من الإطلاق.

وأصالة عدم الانتقال إلى الأب بعد خروج النصف عن ملك الزوجة بالطلاق بالوفاق لو تمسّك بها لا توجب انتقاله إلى الولد إلاّ بعد خلوّها عن المعارض ، وليس ، فإنّها معارضة بمثلها ، وهو أصالة عدم الانتقال إلى الولد ، فترجيح أحدهما لا بدّ له من مرجّح ، وليس ، فللتوقّف فيه وجه ، كما صرّح به في الشرائع (٥) ، وتبعه قوم كما حكي (٦).

__________________

(١) مفاتيح الشرائع ٢ : ٢٨١.

(٢) قاله الشهيد الثاني في الروضة البهية ٥ : ٣٧٤ ، وصاحب المفاتيح ٢ : ٢٨١.

(٣) قال صاحب الحدائق ٢٤ : ٥٧٦.

(٤) أي الكلام.

(٥) الشرائع ٢ : ٣٣٣.

(٦) انظر مفاتيح الشرائع ٢ : ٢٨١.

٧١

ولو لم يكن دفعه قبل الطلاق ، قيل : يبرأ ذمّة الأب عن النصف ، ولزمه النصف للزوجة (١).

وقيل : بل يلزمه الكلّ مع إعسار الزوج ، فيدفع النصف الآخر إليه ؛ لأنّه ليس بهبة حينئذٍ ليحتاج إلى القبض (٢).

( العاشر : للمرأة أن تمنع ) من تسليم نفسها إلى الزوج قبل الدخول بها ( حتى تقبض مهرها ) إن كان حالاّ ، عيناً كان أم منفعة ، متعيّناً كان أم في الذمّة ، موسراً كان الزوج أم معسراً.

إجماعاً فيما عدا الأخير ، حكاه جماعة ، منهم : شيخنا في المسالك والروضة (٣) ؛ وهو الحجّة فيه ، دون مفهوم بعض المعتبرة :

كالموثّق : عن رجل تزوّج جارية أو تمتّع بها ، ثم جعلته في حلّ من صداقها يجوز أن يدخل بها قبل أن يعطيها شيئاً؟ قال : « نعم ، إذا جعلته في حلّ فقد قبضته منه » (٤).

إذ اللازم منه بعد تسليم دلالته عدم جواز الدخول مع عدم إعطاء شي‌ء ، وذلك مع مخالفة عمومه الإجماع غير ملازم لجواز امتناعها من التسليم معه ، فقد لا يجوز لها مع حرمة دخول الزوج بها قبل الإعطاء ، فتأمّل.

وعلى الأشهر في الأخير أيضاً ، بل عن الغنية الإجماع ظاهراً (٥) ؛ بناءً على أنّ النكاح في معنى المعاوضة وإن لم تكن محضة ، ومن حكمها : أنّ‌

__________________

(١) قال به العلاّمة في القواعد ٢ : ٤٤.

(٢) مفاتيح الشرائع ٢ : ٢٨١.

(٣) المسالك ٢ : ٥٤٠ ، الروضة البهية ٥ : ٣٧٢.

(٤) التهذيب ٧ : ٣٧٤ / ١٥١٣ ، الوسائل ٢١ : ٣٠١ أبواب المهور ب ٤١ ح ٢.

(٥) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦١٠.

٧٢

لكلّ من المتعاوضين الامتناع من التسليم إلى أن يسلّم إليه الآخر مطلقاً ، وغاية الإعسار المنع من المطالبة ، وهو لا يقتضي وجوب التسليم إليه قبل قبض العوض ، فالقول بأنّ ليس لها الامتناع حينئذٍ لمنع مطالبته كما عن الحلّي (١) ضعيف ، كذا قالوه.

وهو جيّد إن تمّ ما ادّعوه من الدليل على أنّ لها الامتناع ، وهو كون النكاح في معنى المعاوضة ، لكنّه محلّ تأمّل ، كيف لا؟! ولم يقم عليه بحيث يشمل المقام دليل ، بل على تقديم قيام الدلالة عليه ربما منع ممّا ادّعوه من حكمها.

فإذاً المصير إلى ما قاله الحلّي لا يخلو عن قوّة ، وفاقاً لجماعة (٢) ؛ اقتصاراً فيما خالف الأصل المدلول عليه بالأدلّة القطعيّة الدالّة على وجوب إطاعة الزوج على الزوجة على القدر المتّفق عليه ، وهو ما قدّمناه.

لكن الظاهر انعقاد الإجماع هنا حتى من الحلّي ؛ لاعتذاره في المخالفة بما ينبئ عن الموافقة لهم في الأصل المتقدّم من أنّها معاوضة يترتّب عليها الحكم السالف ، وأنّ الداعي له عليها هو ما ذكره من الدلالة المردودة بما ذكره الجماعة ، فالمصير إلى ما ذكروه أقوى.

واحترزنا بالحالّ عمّا لو كان مؤجّلاً ، فإنّ تمكينها لا يتوقّف على قبضه إجماعاً كما حكاه جماعة (٣) إذ لا يجب لها حينئذٍ شي‌ء ، فيبقى وجوب حقّه عليها بغير معارض.

ولو أقدمت على فعل المحرّم وامتنعت به أو بعذر شرعي كالمرض‌

__________________

(١) السرائر ٢ : ٥٩١.

(٢) منهم صاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٤١٤ ، وصاحب الكفاية : ١٨٠.

(٣) المهذب البارع ٣ : ٤١٦ ، انظر الكفاية : ١٨٠.

٧٣

ونحوه عن التسليم إلى أن حلّ الأجل ، ففي جواز امتناعها إلى أن تقبضه تنزيلاً له منزلة الحالّ ابتداءً وعدمه بناءً على وجوب تمكينها قبل الحلول فيستصحب ؛ ولأنّها لمّا رضيت بالتأجيل بنت أمرها على أن لا حقّ لها في الامتناع ، فلا يثبت بعد ذلك لانتفاء المقتضي وجهان ، أجودهما : الثاني ، سيّما على المختار من لزوم الاقتصار فيما خالف الأصل المتقدّم على ما انعقد عليه الإجماع ، وليس المقام منه ؛ لتحقّق الخلاف.

ولو كان بعضه حالاّ وبعضها مؤجّلاً ، كان لكلّ واحد منهما حكم مماثله.

ثم على المشهور ، إنّما يجب على الزوج تسليم المهر إذا كانت مهيّاة للاستمتاع ، فلو كانت ممنوعة بعذر وإن كان شرعيّاً كالإحرام لم يلزم ؛ لأنّ الواجب التسليم من الجانبين ، فإذا تعذّر من أحدهما لم يجب من الآخر.

نعم ، لو كانت صغيرة يحرم وطؤها ، فالأقوى تبعاً لجماعة من أصحابنا (١) ، سيّما على ما اخترنا وجوب دفع مهرها إذا طلبه الوليّ ؛ لأنّه حقّ ثابت حالّ ، طلبه من له حقّ الطلب ، فيجب دفعه كغيره من الحقوق.

وعدم قبض العوض الآخر غير مانع ؛ أمّا على المختار فواضح ؛ وأمّا على غيره فلمجيئه من قبل الزوج حيث عقد عليها كذلك موجباً على نفسه عوضاً حالاً ، ورضي بتأخير قبض العوض إلى محلّه ، وهذا بخلاف النفقة ؛ لأنّ سبب وجوبها التمكين التامّ دون العقد. ووجه عدم الوجوب قد علم ممّا سلف مع جوابه.

__________________

(١) منهم الشهيد الثاني في الروضة ٥ : ٣٧١ ، وصاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٤١٤ ، والسبزواري في كفاية الأحكام : ١٨٠.

٧٤

( وهل لها ذلك ) أي الامتناع ـ ( بعد الدخول ) بها؟

( قولان ، أشبههما ) وأشهرهما بل عن السرائر والغنية الإجماع عليه (١) ـ : ( أنّه ليس لها ذلك ).

لاستقرار المهر بالوطء ، وقد حصل تسليمها نفسها برضاها ، فانحصر حقّها في المطالبة دون الامتناع.

ولأنّ النكاح معاوضة ، ومتى سلّم أحد المتعاوضين العوض الذي من قبله باختياره لم يكن له بعد ذلك حبسه ليتسلّم العوض الآخر.

ولأنّ منعها قبل الدخول ثابت بالإجماع ، ولا دليل عليه بعده ، فينتفي بالأصل السالف ، فإنّ التسليم حقّ عليها ، والمهر حقّ عليه ، والأصل عدم تعلّق أحدهما بالآخر ، فيتمسّك به إلى أن يثبت الناقل.

خلافاً للمفيد والمبسوط ، فلها الامتناع (٢) ؛ لأنّ المقصود بعقد النكاح منافع البضع ، فيكون المهر في مقابلها ، ويكون تعلّق الوطء الأوّل به كتعلّق غيره.

وهو قويّ ؛ للاستصحاب الذي لا يعارضه شي‌ء ممّا ذكره الأصحاب. إلاّ أنّ الشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً ربما أشكلت المصير إليه ، سيّما مع دعوى الحلّي والعلوي على خلافه الإجماع كما حكي ؛ فهو الحجّة فيه ، مع الشهرة العظيمة الدافعة للقول المزبور ، وللقول بتخصيص عدم جواز الامتناع بما إذا سلّمت نفسها اختياراً ، وأمّا لو دخل بها مكرهاً فحقّ الامتناع بحاله ؛ لأنّه قبض فاسد ، فلا يترتّب عليه أثر الصحيح ، كما عن ابن حمزة (٣).

__________________

(١) السرائر ٢ : ٥٩١ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦١٠.

(٢) المفيد في المقنعة : ٥١٠ ، المبسوط ٤ : ٣١٣.

(٣) الوسيلة : ٢٩٩.

٧٥

( النظر الثالث )

( في القَسم والنشوز والشقاق )

( أمّا القَسم ) وهو بفتح القاف ، مصدر : قسمت الشي‌ء ، والمراد به : قسمة الليالي بين الأزواج. أمّا بالكسر فهو : الحظّ والنصيب.

ولا ريب ولا خلاف في وجوبه في الجملة ؛ لما فيه من العدل بينهنّ ، وتحصينهنّ ، والمعاشرة بالمعروف المأمور بها في الآية (١).

قيل : وللتأسّي (٢). وفيه نظر ؛ لمنع وجوبه أوّلاً ، ثم على تقدير تسليمه منعه هنا ؛ لعدم وجوبه عليه في المشهور بين الخاصّة والعامّة ، ولا يجب التأسّي إلاّ فيما يفعله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجوباً ، أو ما لم يعلم عدم وجوبه.

وفيما مرّ كفاية لإثبات الوجوب ؛ مضافاً إلى النصوص المستفيضة :

منها : « من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقّه (٣) مائل ، أو ساقط » (٤).

وهل يجب بنفس العقد والتمكين ، ( فـ ) يجب ( للزوجة الواحدة ليلة ) من أربع ( وللاثنتين ليلتان ، وللثلاث ثلاث ، والفاضل من ) تمام‌

__________________

(١) النساء : ١٩.

(٢) انظر الروضة البهية ٥ : ٤١١ ، والحدائق ٢٤ : ٥٨٨.

(٣) الشقّ : من كلّ شي‌ء نصفه القاموس المحيط ٣ : ٢٥٨.

(٤) عقاب الأعمال : ٣٣١ ، الوسائل ٢١ : ٣٤١ أبواب القسم والنشوز والشقاق ب ٣ ح ١ ؛ وانظر عوالي اللئلئ ١ : ٢٧٢ / ٩٠ ، المستدرك ١٥ : ١٠٩ أبواب القسم والنشوز والشقاق ب ١٢ ح ١ ؛ بتفاوت ، ورواه البيهقي في سننه ٧ : ٢٩٧ بتفاوت.

٧٦

( الأربع ) ليالي ( يضعه حيث يشاء ) في الزوجات كما في المعتبرة (١) ، وعليه الإجماع عن الخلاف والغنية (٢) أو غيرهنّ ، ( ولو كُنّ أربعاً فلكلّ واحدة ليلة )؟

أم يتوقّف على الشروع في القسمة ، فلا تجب إلاّ للمتعدّدة خاصّة إلى أن ينقضي الدور فحلّ تركه؟ قولان.

قيل : يبنيان على أنّ القسمة هل هي حقّ لهما ابتداءً؟ أو للزوج خاصّة؟ والمشهور : الأول ؛ لاشتراك ثمرته وهي الاستئناس ، وللصحيح (٣) وغيره (٤) : في الرجل يكون عنده امرأتان إحداهما أحبّ إليه من الأُخرى ، قال : « له أن يأتيها ثلاث ليال وللأُخرى ليلة ، فإن شاء أن يتزوّج أربع نسوة كان لكلّ امرأة ليلة ، فلذلك كان له أن يفضّل بعضهنّ على بعض ما لم يكنّ أربعاً ».

والمحقّق والشهيد الثاني (٥) على الثاني ؛ لأنّه المتيقّن ، والأصل براءة الذمّة ؛ ولأنّ حقّ الاستمتاع ليس للزوجات ، ومن ثمّة لم يجب على الزوج بذله إذا طلبته ، والجماع لا يجب إلاّ في كلّ أربعة أشهر ، وإنّما وجبت القسمة للمتعدّدة مع الشروع مراعاةً للعدل ، ولظاهر ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) (٦) ؛ دلّت على أنّ الواحدة كالأمة ـ

__________________

(١) الوسائل ٢١ : ٣٣٧ أبواب القسم والنشوز والشقاق ب ١.

(٢) الخلاف ٤ : ٤١٣ ، الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦١٠.

(٣) الفقيه ٣ : ٢٧٠ / ١٢٨٣ ، الوسائل ٢١ : ٣٣٨ أبواب القسم والنشوز والشقاق ب ١ ح ٣.

(٤) التهذيب ٧ : ٤١٩ / ١٦٧٩ ، الاستبصار ٣ : ٢٤٢ / ٨٦٦ ، علل الشرائع : ٥٠٣ / ١ ، الوسائل ٢١ : ٣٣٧ أبواب القسم والنشوز والشقاق ب ١ ح ٢.

(٥) المحقق في الشرائع ٢ : ٣٣٥ ، الشهيد الثاني في الروضة ٥ : ٤١١.

(٦) النساء : ٣.

٧٧

لا حقّ لها في القسمة المعتبر فيها العدل ، فلو وجبت لها ليلة من الأربع لساوت غيرها ، وكلّ من قال بعدم الوجوب للواحدة قال بعدمه للأزيد أيضاً ، إلاّ مع الابتداء بواحدة فيجب التسوية (١). انتهى.

وفي كلّ من البناء ودعوى تلازم القول بنفي الوجوب للواحدة ونفيه للأزيد نظر :

أمّا الأول : فلتصريح العلاّمة في التحرير باشتراك الحقّ بينهما مع اختياره القول الثاني (٢) ، ونحوه الماتن في الشرائع والشهيد الثاني في الروضة (٣) ، وليس في مختارَيهم مناقضة ، فقد يكون مرادهم من شركة الزوجة في القسمة استحقاقها لها بعد الشروع فيها لا مطلقاً.

وأمّا الثاني : فلتصريح ابن حمزة باشتراط وجوب القسمة بزيادة الزوجة على واحدة (٤) ، الظاهر في وجوبها للمتعدّدة دون الواحدة ، وحكي أيضاً عن ظاهر جماعة ، كالمقنعة والنهاية والمهذّب والجامع (٥).

فليس في الآية دلالة على نفي الوجوب للمتعدّدة.

وأصالة البراءة وغيرها ممّا ذكر لنفيه فيها أيضاً مدفوعة بإطلاق الصحيح وغيره بأنّ « لكلّ امرأة ليلة » الشامل لصورتي الشروع في القسمة وعدمه. والتقييد بالأُولى يحتاج إلى دليل ، وليس.

فالقول بوجوب القسمة للمتعدّدة غير بعيد.

__________________

(١) قال به الفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ٢٩١.

(٢) التحرير ٢ : ٤٠.

(٣) الشرائع ٢ : ٣٣٥ ، الروضة ٥ : ٤٠٤ ، ٤١١.

(٤) الوسيلة : ٣١٢.

(٥) المقنعة : ٥١٧ ، النهاية : ٤٨٣ ، المهذب ٢ : ٢٢٥ ، الجامع للشرائع : ٤٥٦ ، حكاه عنهم في كشف اللثام ٢ : ٩٤.

٧٨

لكن يمكن المناقشة في الإطلاق باختصاصه بحكم التبادر والسياق ، بل والغلبة بما قُيِّد به من الصورة الأُولى دون الثانية ، فلا يخصَّص بمثله أصالة البراءة.

وأمّا إطلاق الأمر بالقسمة في بعض المعتبرة (١) ، فمع ما فيه من المناقشة المزبورة ، قرائن الاستحباب فيه موجودة.

فالقول بمقالة الجماعة المتأخّرة في غاية القوّة.

كلّ ذا في المتعدّدة.

وأمّا الزوجة الواحدة ، فينبغي القطع بعدم استحقاقها القسمة بالمرّة ؛ لأصالة البراءة السالمة عن المعارض ولو نحو الإطلاقات السابقة ، ودعوى.

الإجماع المركّب قد عرفت أنّها ممنوعة ، مضافاً إلى ظاهر الآية السابقة.

وممّا ذكرنا ظهر أنّ الأقوال في المسألة ثلاثة : وجوب القسمة للواحدة والمتعدّدة مطلقاً شرع فيها أم لا ، واختصاصه بالمتعدّدة مطلقاً ، وعدمه إلاّ مع الشروع فيها.

ثم إن تعدّدن ، ابتدأ بالقرعة ، فإن كانتا اثنتين ، وإلاّ افتقر إلى قرعة أُخرى للثانية ، وهكذا ؛ لئلاّ يرجّح بغير مرجّح.

وقيل : يتخيّر (٢). قيل : وعلى قول الشيخ يتخيّر من غير قرعة (٣).

ولعلّه لأنّه حقّه ، فله التخيير في وضعه في أيّهنّ شاء. ولكنّه في المبسوط صرّح بلزوم القرعة (٤).

ولا تجوز الزيادة في القسمة على ليلة بدون رضاهن ، وهو أحد‌

__________________

(١) انظر الوسائل ٢١ : ٣٣٩ أبواب القسم والنشوز والشقاق ب ٢ ح ٤.

(٢) المسالك ١ : ٥٦٣ ، كفاية الأحكام : ١٨٦.

(٣) انظر الروضة البهية ٥ : ٤١١.

(٤) المبسوط ٤ : ٣٢٦.

٧٩

القولين وأشهرهما في المسألة ؛ لأنّه الأصل المحقّق المعلوم من النصوص (١) ولئلاّ يلحق بعضهنّ ضرر بذلك ، فقد يعرض ما يقطعه عن القسم للمتأخّرة.

والآخر : جوازها مطلقاً (٢) ؛ للأصل. ويدفع بما مرّ.

وربما قيل به مقيّداً بالضرر ، كما لو كنّ في أماكن متباعدة يشقّ عليه الكون كلّ ليلة مع واحدة ، وحينئذٍ يتقيّد بما يندفع به الضرر ، ويتوقّف ما زاد على رضاهن (٣).

وهو حسن إن لم يمكن دفع الضرر بنحو آخر ، كرفع التباعد ، وتقريب أماكنهن ؛ ويشكل مع الإمكان.

( ولا يجوز الإخلال ) بالمبيت الواجب ( إلاّ مع العذر ) كنشوزها إلى أن ترجع إلى الطاعة ، والسفر مطلقاً ( أو الإذن ) منهنّ أو من بعضهنّ فيما يختصّ الإذن به.

( والواجب ) في البيتوتة هو ( المضاجعة ) خاصّة ، وهي : أن ينام معها قريباً منها عادةً ، معطياً لها وجهه دائماً أو أكثريّاً ، بحيث لا يعدّ هاجراً ، وإن لم يتلاصق الجسمان.

ولا يعتبر فيها حصولها في جميع الليل ، بل يكفي فيه ما يتحقّق معه المعاشرة بالمعروف.

و ( لا ) يجب فيها ( المواقعة ) لأنّها لا تجب إلاّ في كلّ أربعة أشهر ، كما مضى إليه الإشارة (٤) ؛ وبعدم وجوبها فيها صرّحت معتبرة إبراهيم الكرخي الآتية.

__________________

(١) انظر الوسائل ٢١ : ٣٤٣ أبواب القسم والنشوز والشقاق ب ٥ ح ٢ و ٣.

(٢) مع رضاهنّ أم لا. منه رحمه‌الله.

(٣) قاله الشهيد الثاني في الروضة ٥ : ٤١١.

(٤) في ص ٧٧.

٨٠