رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١٢

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١٢

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-274-1
الصفحات: ٥٣٥

ونحوه الموثق (١) وغيره (٢) ، بزيادة : « فإذا كمل أربعة أشهر بعث الله تعالى ملكين خلاّقين » الخبر ، وفي معناها النبوي (٣).

وقيل في الثلاثة بالرجوع إلى الإمكان عادةً (٤).

ولا ثمرة إلاّ مع ظهور المخالفة ، وهي غير معلومة ، وعلى تقدير تحققها فالأظهر العمل بالمعتبرة.

وكيف كان لو ادّعت الانقضاء كذلك ولا منازع لها ( قبل ) دعواها من دون يمين ، بلا خلاف يظهر فيه ، وفي دعوى الانقضاء بالأشهر ؛ للصحيحين (٥) : « الحيض والعدّة إلى النساء » وزيد في أحدهما : « إذا ادّعت صدّقت ».

وإطلاقهما ككلام أكثر الأصحاب يقتضي عدم الفرق بين دعوى المعتاد وغيره.

خلافاً للّمعة في الثاني ، فلا يقبل إلاّ بشهادة أربع من النساء المطّلعات على أمرها ؛ مسنداً ذلك إلى ظاهر الروايات (٦).

ولم نقف عليها إلاّ على رواية (٧) هي مع قصور سندها غير‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٣ / ٣.

(٢) الكافي ٦ : ١٦ / ٦.

(٣) سنن البيهقي ١٠ : ٢٦٦.

(٤) قاله في المسالك ٢ : ٣١.

(٥) الأول في : التهذيب ١ : ٣٩٨ / ١٢٤٣ ، الإستبصار ١ : ١٤٨ / ٥١٠ ، الوسائل ٢ : ٣٥٨ أبواب الحيض ب ٤٧ ح ٢.

الثاني في : الكافي ٦ : ١٠١ / ١ ، التهذيب ٨ : ١٦٥ / ٥٧٥ ، الإستبصار ٣ : ٣٥٦ / ١٢٧٦ ، الوسائل ٢ : ٣٥٨ أبواب الحيض ب ٤٧ ح ١.

(٦) اللمعة ( الروضة البهية ٦ ) : ٥٦.

(٧) الفقيه ١ : ٥٥ / ٢٠٧ ، التهذيب ١ : ٣٩٨ / ١٢٤٢ ، الإستبصار ١ : ١٤٨ / ٥١١ ، الوسائل ٢ : ٣٥٨ أبواب الحيض ب ٤٧ ح ٣.

٢٨١

صريحة في المدّعى ، ولا ريب أنّ العمل بها أحوط ، سيّما مع التهمة.

وكذا الحكم لو كان لها منازع فيقبل قولها في انقضاء العدة بالحيض والوضع ، لكن مع اليمين ، بلا خلاف.

وأمّا بالأشهر فقد قطع جماعة من الأصحاب منهم الماتن في الشرائع (١) بعدم قبول قولها ، وتقديم قول الزوج المنكر ؛ لرجوع النزاع إلى الاختلاف في وقت الطلاق ، والأصل عدم تقدّمه.

ومنه يظهر الوجه في تقديم قولها مع اليمين هنا ، لو انعكس الفرض فادّعت البقاء لطلب النفقة مثلاً ، ولا ريب فيه ، ويساعده إطلاق النص.

ويشكل في أصل الفرض ؛ لما ذكر من الإطلاق الذي هو بالنظر إلى الأصل المتقدم كالخاص بالإضافة إلى العام ، فالوجه تقديمه عليه ، لا العكس.

مع أنّه لو تعيّن لا نسحب الحكم هنا وهو تقديم قول الزوج في الصورتين الأُوليين ، وهما دعوى الانقضاء بالحيض أو بالوضع أيضاً ، فإنّ الأصل عدم الانقضاء ، والعمل بالإطلاق فيهما وتركه هنا لا أعرف وجهه أصلاً.

وبالجملة فإن عمل بالأصل عمل به في المقامين ، وإن عمل بإطلاق الصحيحين فليكن كذلك ، فالتفكيك لا وجه له في البين.

اللهم إلاّ أن يقال بأنّ النزاع هنا حقيقة ليس في العدّة ليقبل قولها ، وإن توجّه إليها في الظاهر ، بل هو في زمان وقوع الطلاق ، وليس مثله داخلاً في الإطلاق ، فتدبّر.

فظهر أنّ المراد بالأصل هنا ليس أصالة عدم الانقضاء ، بل المراد به أصالة عدم تقدّم الطلاق ، فلا وجه للنقض أصلاً.

__________________

(١) الشرائع ٣ : ٣١ ، المسالك ٢ : ٣١ ، نهاية المرام ٢ : ٧٤.

٢٨٢

( المقصد الرابع )

( في العِدد ) جمع عدّة ، وعرفت بأنّها اسم لمدّة معلومة يتربّص فيه المرأة لمعرفة براءة رحمها ، أو للتعبّد ، أو للتفجّع على الزوج ، وشرّعت صيانةً للأنساب ، وتحصيناً لها عن الاختلاف.

( والنظر ) هنا ( في فصول )

( الأوّل : لا عدّة على من لم يدخل بها ) إجماعاً من العلماء ، كما حكاه أصحابنا (١) ، وهو نص الآية ( ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها ) (٢).

والنصوص به مع ذلك مستفيضة ، منها الصحيح : « إذا طلّق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها فليس عليها عدّة ، تزوّج من ساعتها ، وتبينها تطليقة واحدة » (٣).

( عدا المتوفّى عنها زوجها ) فعليها العدّة مطلقاً ؛ لما يأتي (٤).

( ونعني بالدخول الوطء قُبُلاً أو دُبُراً ) وطءاً موجباً للغسل ، بلا خلافٍ يعرف ، بل ظاهرهم الإجماع عليه ؛ لإطلاق النصوص بإيجاب الدخول المهر والعدّة ، منها الصحيح : « إذا أدخله وجب المهر والغسل والعدّة » (٥).

__________________

(١) منهم صاحب المدارك في نهاية المرام ٢ : ٧٦ ، وصاحب الحدائق ٢٥ : ٣٩١.

(٢) الأحزاب : ٤٩.

(٣) الكافي ٦ : ٨٣ / ٣ ، التهذيب ٨ : ٦٤ / ٢١١ ، الإستبصار ٣ : ٢٩٦ / ١٠٤٧ ، الوسائل ٢٢ : ١٧٦ أبواب العدد ب ١ ح ٤.

(٤) راجع في ص ٣٠٧.

(٥) الكافي ٦ : ١٠٩ / ٦ ، الوسائل ٢١ : ٣١٩ أبواب المهور ب ٥٤ ح ١.

٢٨٣

ولو لا الوفاق لأمكن المناقشة بعدم تبادر مثل الدخول في الدُّبُر من الإطلاق.

ونحوه المناقشة في تعميم الداخل للكبير والصغير الذي لم يبلغ سنّاً يمكن التولّد منه.

لكن المحكي عن جماعة (١) ذلك ، وهو أحوط ، كإلحاق دخول المني المحترم مع ظهور الحمل بالوطء ، فتعتدّ بالوضع ، ولكن لا عدّة قبل الظهور ؛ لعدم الموجب له من دخول أو حبل.

( ولا تجب بالخلوة ) من دون مواقعة ، على الأشهر الأظهر بين الطائفة ؛ للنصوص الماضية ، المعتضدة بالأصل والشهرة.

خلافاً للإسكافي (٢) ، فأوجب ، وله بعض المعتبرة (٣) المحتمل للتقية ، وقد مضى الكلام في باب المهر (٤) مستقصى ، فلا وجه للإعادة.

ولا بوطء الخصيّ على رواية صحيحة : عن خصيٍّ تزوّج امرأة على ألف درهم ، ثم طلّقها بعد ما دخل بها؟ قال : « لها الألف الذي أخذت منه ، ولا عدّة عليها » (٥) لكنّها مع مخالفتها إطلاق النصوص المتقدّمة ، القائلة : إنّ بالدخول يجب المهر والغسل والعدّة مطرحة عند الأصحاب ، معارضة بصحيحة أُخرى أقوى منها بالاحتياط والفتوى : عن خصيّ تزوّج امرأة وهي تعلم أنّه خصيّ؟ فقال : « جائز » فقيل : فإنّه مكث معها ما شاء الله تعالى ، ثم‌

__________________

(١) منهم السيد المرتضى في الانتصار : ١٤٦ ، وابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦١٦ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٣٥.

(٢) على ما نقله عنه في المختلف : ٦١٩.

(٣) الكافي ٦ : ١٠٩ / ٧ ، الوسائل ٢١ : ٣٢١ أبواب المهور ب ٥٥ ح ٢.

(٤) راجع ص ٤٧ ، ٤٨.

(٥) التهذيب ٧ : ٣٧٥ / ١٥١٧ ، الوسائل ٢١ : ٣٠٣ أبواب المهور ب ٤٤ ح ١.

٢٨٤

طلّقها ، هل عليها عدّة؟ قال : « نعم ، أليس قد لذّ بها ولذّت منه » الحديث (١).

والجمع بينهما بحمل هذه على الاستحباب كما فعله شاذّ من متأخري المتأخرين (٢) شاذّ لا يلتفت إليه.

ولا بمباشرة المجبوب ، وهو المقطوع الذكر ، على الأشهر الأظهر ؛ للأصل ، مع عدم اندراجه تحت الإطلاق الذي مرّ.

خلافاً للمبسوط ، فأوجب ؛ لإمكان المساحقة (٣).

وفيه : أنّه غير كافٍ ؛ فإنّ المناط هو الدخول ، لا ما ذكر ؛ لعدم الدليل عليه.

نعم لو ظهر بها حمل لحقه الولد ، واعتدّت منه بوضعه ، كما مرّ.

ونحوه الكلام في الممسوح الذي لم يبق له شي‌ء ، ولا يتصور منه دخول ، إلاّ أنّه يزيد عليه بعدم إلحاق الولد به والعدّة مع ظهور الحبل ، كما عن أكثر الأصحاب (٤).

خلافاً للمحكي عن بعضهم (٥) ، فحكمه حكم المجبوب ، وهو بعيد ، فتأمّل.

( الثاني : في المستقيمة الحيض ) التي يأتيها حيضها في كل شهر مرّة على عادة النساء ، وفي معناها من كانت تعتاد الحيض فيما دون الثلاثة أشهر.

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٥١ / ١ ، الوسائل ٢٢ : ٢٥٥ أبواب العدد ب ٣٩ ح ١.

(٢) المفاتيح ٢ : ٣٤٣.

(٣) المبسوط ٥ : ٢٣٨.

(٤) انظر المسالك ٢ : ٣٥.

(٥) حكاه عنه في المسالك ٢ : ٣٥ ، وهو في المبسوط ٥ : ٢٣٨.

٢٨٥

وقيل : إنّها التي تكون لها فيه عادة مضبوطة وقتاً ، سواء انضبط عدداً أم لا (١).

وردّ بأنّ معتادة الحيض فيما زاد على ثلاثة أشهر لا تعتدّ بالأقراء ، وإن كانت لها عادة وقتاً وعدداً (٢).

( و ) كيف كان ( هي تعتدّ ) من الطلاق ، والفسخ ، ووطء الشبهة ، بل الزناء وفاقاً لجماعة من أصحابنا (٣) ؛ لاشتراك المناط ، وهو خوف اختلاط الأنساب.

وللنصوص ، منها : قلت له : الرجل يفجر بالمرأة ، ثم يبدو في تزويجها ، هل تحلّ له ذلك؟ قال : « نعم ، إذا هو اجتنبها حتى تنقضي عدّتها باستبراء رحمها من ماء الفجور ، فله أن يتزوّجها » الخبر (٤).

ونحوه المروي في تحف العقول عن مولانا الجواد عليه‌السلام ، أنّه سئل عن رجل نكح امرأة على زناء ، أيحلّ له أن يتزوّجها؟ فقال : « يدعها حتى يستبرئها من نطفته ونطفة غيره ؛ إذ لا يؤمن منها أن يكون قد أحدثت مع غيره حدثاً كما أحدثت معه ، ثم يتزوّج بها إذا أراد » (٥) فتأمّل.

خلافاً للمحكي عن الأكثر (٦) ، فلا يجب فيه ؛ للأصل ، وعدم حرمة للزناء.

__________________

(١) قاله الشهيد الثاني في الروضة ٦ : ٥٨.

(٢) كما في الكفاية : ٢٠٤.

(٣) منهم المحقق الكاشاني في المفاتيح ٢ : ٣٤٤ ، وصاحب الحدائق ٢٥ : ٣٩٧ ، والعلاّمة في التحرير على ما حكاه عنه في المفاتيح.

(٤) الكافي ٦ : ٣٥٦ / ٤ ، التهذيب ٧ : ٣٢٧ / ١٣٤٦ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦٥ أبواب العدد ب ٤٤ ح ١.

(٥) تحف العقول : ٣٣٨ ، الوسائل ٢٢ : ٢٦٥ أبواب العدد ب ٤٤ ح ٢.

(٦) حكاه عنهم في مفاتيح الشرائع ٢ : ٣٤٤.

٢٨٦

( بثلاثة أطهار على ) الأظهر ( الأشهر ) بل لم نقف فيه على مخالف صريحاً ، بل ظاهر الاستبصار والحلّي والطبرسي وجماعة وصريح الانتصار (١) الإجماع عليه ، وهو الحجة فيه ، كالنصوص المستفيضة التي كادت تكون متواترة ، وأكثرها صحاح ومعتبرة ، ففي الصحيحين : « القرء ما بين الحيضتين » (٢).

وفي الحسن : « الأقراء هي الأطهار » (٣).

وفي عدّة من المعتبرة ، كالصحاح والموثقة : « أنّه أملك برجعتها ما لم تقع في الدم من الحيضة الثالثة » (٤).

وبإزاء هذه الأخبار نصوص كثيرة (٥) ، وحملها الأصحاب على التقية ، والمفيد (٦) على ما إذا طلّقها في آخر طهرها ، وحمل الأوّلة على ما إذا طلّقها في أوّله.

والأوّل أولى ؛ للصحيح : رجل طلّق امرأته على طهر من غير جماع‌

__________________

(١) الاستبصار ٣ : ٣٢٨ ، الحلي في السرائر ٢ : ٦٩١ ، الطبرسي في مجمع البيان ٤ : ٣٦٤ ؛ وانظر المسالك ٢ : ٣٦ ، والكفاية : ٢٠٤ ، والمفاتيح ٢ : ٣٤٤ ، والانتصار : ١٤٩.

(٢) الأول في : الكافي ٦ : ٨٩ / ٢ ، التهذيب ٨ : ١٢٢ / ٤٢٣ ، الإستبصار ٣ : ٣٣٠ / ١١٧٣ ، الوسائل ٢٢ : ٢٠١ أبواب العدد ب ١٤ ح ١.

الثاني في : الكافي ٦ : ٨٩ / ٣ ، التهذيب ٨ : ١٢٣ / ٤٢٤ ، الاستبصار ٣ : ٣٣٠ / ١١٧٤ ، تفسير العياشي ١ : ١١٤ / ٣٥٠ ، الوسائل ٢٢ : ٢٠١ أبواب العدد ب ١٤ ح ٢.

(٣) الكافي ٦ : ٨٩ / ٤ ، تفسير العياشي ١ : ١١٥ / ٥٣٩ ، الوسائل ٢٢ : ٢٠١ أبواب العدد ب ١٤ ح ٣.

(٤) انظر الوسائل ٢٢ : ٢٠٤ أبواب العدد ب ١٥.

(٥) الوسائل ٢٢ : ٢٠٧ أبواب العدد ب ١٥ الأحاديث ١٢ ، ١٣ ، ١٤.

(٦) حكاه عنه في التهذيب ٨ : ١٢٧.

٢٨٧

بشهادة عدلين ، فقال : « إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد انقضت عدّتها ، وحلّت للأزواج » قلت له : أصلحك الله تعالى ، إنّ أهل العراق يروون عن علي عليه‌السلام يقول : هو أملك برجعتها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة ، فقال : « كذبوا » (١).

ثم إنّ اعتداد المطلّقة بالأقراء الثلاثة إنّما هو ( إذا كانت حرّة ) مطلقاً ( وإن كانت تحت عبد ) وأمّا إذا كانت أمة فعدّتها قرءان ، ولو كانت تحت حرّ ، بالنص والإجماع ، كما يأتي (٢).

( وتحتسب بالطهر الذي طلّقها فيه ) قرءاً واحداً ( ولو حاضت بعد الطلاق بلحظة ) لصدق الطهر على تلك اللحظة ، ولا خلاف فيه.

ولو لم تطهر لحظة بعد الطلاق ، بل اتصل خروج الدم بانتهاء الصيغة لم تحسب الطهر الذي طلّقت فيه قرء ؛ لأنّ العبرة به بعد الطلاق لا حينه.

( وتبين برؤية الدم الثالث ) قطعاً في ذات العادة الوقتية ، ومطلقاً ظاهراً بناءً على الأشهر الأظهر من تحيّض النسوة مطلقاً ، ذوات عادات كنّ أو مبتدءات أو مضطربات بمجرّد الرؤية.

خلافاً للماتن في الشرائع (٣) ، فخصّ الحكم بذات العادة المزبورة ، بناءً على أصله.

ويدلّ على أصل الحكم في الجملة مع عدم الخلاف فيه بين الطائفة ـ

__________________

(١) الكافي ٦ : ٨٦ / ١ ، التهذيب ٨ : ١٢٣ / ٤٢٦ ، الإستبصار ٣ : ٣٢٧ / ١١٦٣ ، الوسائل ٢٢ : ٢٠٣ أبواب العدد ب ١٥ ح ١.

(٢) يأتي في ص ٣١٨.

(٣) الشرائع ٣ : ٣٤.

٢٨٨

ما مضى من المعتبرة من أنّ : « الأقراء هي الأطهار » وبالدخول في الحيضة الثالثة مع تقدّم الطهر الحيضة الأُولى ولو لحظة يتحقق الأطهار الثلاثة.

مضافاً إلى صريح النصوص الأخيرة ، القائلة : « إنّه أملك برجعتها ما لم تقع في الحيضة الثالثة ».

( و ) بما ذكرنا يظهر أنّ ( أقلّ ما تنقضي عدّتها ستّة وعشرون يوماً ولحظتان ) كما قدّمناه (١) ؛ لاحتمال أن تطلّق وقد بقي من الطهر لحظة ، ثم تنقضي أقلّ الحيض ثلاثة ، ثم أقلّ الطهر عشرة ، ثم تحيض وتطهر كذلك ، ثم تطعن في الحيض لحظة ( وليست ) هذه اللحظة ( الأخيرة ) جزءاً ( من العدّة ، بل ) هي ( دالّة ) على ( الخروج ) عنها ؛ لتصريح الآية والمعتبرة بأنّ العدّة هي بالإظهار خاصّة ، من دون ضميمة حيضة ، ولا تنافيهما المعتبرة المشترطة في البينونة الدخول في الحيضة الثالثة ؛ لظهور أنّ الاشتراط من باب المقدّمة ، وهذا هو الأشهر.

خلافاً للشيخ (٢) ، فجعله جزءاً ؛ لأنّ الحكم بانقضاء العدّة إنّما يتحقق برؤية الدم من الحيضة الثالثة.

وهو أعم من المدّعى ، فقد يكون توقف الحكم بالانقضاء على ذلك من باب المقدّمة ، لا أنّه جزء من العدّة.

ويتفرع على القولين عدم جواز الرجعة أو التزويج بالغير في تلك اللحظة على الأوّل ، دون الثاني.

( الثالث : في المسترابة ) بالحمل ( وهي التي لا تحيض وفي سنّها من تحيض ، وعدّتها ) إن كانت حرّة ( ثلاثة أشهر ) هلالية ، إن طلّقت‌

__________________

(١) راجع ص ٢٧٩.

(٢) المبسوط ٥ : ٢٣٦ ، الخلاف ٥ : ٥٦.

٢٨٩

عند الهلال ، وإلاّ أكملت المنكسر خاصّة بثلاثين بعد الهلالين ، على الأشهر الأظهر.

والأصل في المسألة بعد الآية (١) والإجماع المحكي في كلام جماعة (٢) المعتبرة المستفيضة ، منها الصحيح : « لا ينبغي للمطلّقة أن تخرج إلاّ بإذن زوجها ، حتى تنقضي عدتها ثلاثة قروء ، أو ثلاثة أشهر إن لم تحض » (٣) مضافاً إلى النصوص الآتية.

وإطلاقها كالعبارة وصريح جماعة (٤) يقتضي عدم الفرق في عدم الحيض بين أن يكون خلقيّاً ، أو لعارض من حمل أو رضاع أو مرض.

خلافاً للقاضي والمفلح الصيمري (٥) ، فخصّا الحكم بما عدا الأخيرين ، وقالا : إنّ عدّتها فيهما بالأقراء ، ويظهر من الثاني تخصيص محلّ البحث بالأوّل.

وإطلاق النصوص ، كأكثر الفتاوي ، وصريح بعضها حجّة عليه ، ولا حجّة له سوى إطلاق الأدلّة باعتداد المطلّقات بالأقراء ، وهو مع الشك في شموله لمثل ما نحن فيه مقيّد بما هنا من الإطلاقات.

مضافاً إلى صريح الموثق ، بل الصحيح : عن رجل طلّق امرأته بعد ما ولدت ، وطهرت ، وهي امرأة لا ترى دماً ما دامت ترضع ، ما عدّتها؟ قال‌ :

__________________

(١) الطلاق : ٤.

(٢) منهم الشيخ في الخلاف ٥ : ٥٨ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ٣٤٥ ، والفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٣٧.

(٣) الكافي ٦ : ٨٩ / ١ ، التهذيب ٨ : ١١٦ / ٤٠٢ ، الإستبصار ٣ : ٣٣٣ / ١١٨٤ ، الوسائل ٢٢ : ١٩٨ أبواب العدد ب ١٢ ح ١.

(٤) منهم الشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٣٧ ، والسبزواري في الكفاية : ٢٠٤ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ٣٤٥.

(٥) القاضي في المهذب ٢ : ٣٢٠ ، الصيمري في تلخيص الخلاف ٣ : ٩٠.

٢٩٠

« ثلاثة أشهر » (١).

( وهذه تراعي الشهور والحيض ، فتعتدّ بأسبقهما ) إلى الطلاق ، فتعتدّ بالأشهر إن مرّت بها بعد الطلاق بلا فاصلة خالية من الحيض ، كما أنّها تعتدّ بالأقراء إن مرّت بها كذلك ، أمّا لو مرّت بها الأشهر البيض بعد أن رأت الحيض ولو مرّة بعد الطلاق اعتدّت بالأقراء.

والأصل في ذلك بعد الاتفاق المستفاد من كلام جماعة (٢) المعتبرة المستفيضة ، منها الصحيح : « أمران أيّهما سبق بانت به المطلّقة المسترابة تستريب الحيض ، إن مرّت بها ثلاثة أشهر بيض ليس فيها دم بانت منه ، وإن مرّت ثلاث حَيض ليس بين الحيضتين ثلاثة أشهر بانت بالحيض » (٣) ونحوه الموثّق (٤) وغيره (٥).

وإطلاقها وإن أوهم الاكتفاء بالثّلاثة الأشهر البيض مطلقا ، ولو كانت بعد حيضة أو حيضتين ، إلاّ أنّ ظاهر الأصحاب الاتّفاق إلاّ من شذّ ممّن تأخّر (٦) على التقييد بالأشهر المتّصلة بالطلاق ؛ للنصوص الآتية ، المصرِّحة بأنّها لو رأت في الثلاثة المتّصلة بحين الطلاق تعتدّ بالثلاثة الأشهر بعد الصبر تسعة أشهر ، أو ستّة ، لتعلم أنّها ليست من ذوات الأقراء ، فاكتفاء‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ٩٩ / ٧ ، الوسائل ٢٢ : ١٨٥ أبواب العدد ب ٤ ح ٦.

(٢) منهم صاحب المدارك في نهاية المرام ٢ : ٨٤ ، والسبزواري في الكفاية : ٢٠٤ ، وصاحب الحدائق ٢٥ : ٤٢٢.

(٣) الكافي ٦ : ٩٨ / ١ ، التهذيب ٨ : ١١٨ / ٤٠٩ ، وفيهما : بانت به ، ولعلّه هو الأنسب ، الإستبصار ٣ : ٣٢٤ / ١١٥٤ ، الوسائل ٢٢ : ١٨٥ أبواب العدد ب ٤ ح ٥.

(٤) الكافي ٦ : ١٠٠ / ٩ ، التهذيب ٨ : ١١٨ / ٤٠٨ ، الإستبصار ٣ : ٣٢٤ / ١١٥٣ ، الوسائل ٢٢ : ١٨٤ أبواب العدد ب ٤ ح ٣.

(٥) الخصال : ٤٧ / ٥١ ، الوسائل ٢٢ : ١٨٨ أبواب العدد ب ٤ ح ١٣.

(٦) المسالك ٢ : ٣٨ ، انظر الحدائق ٢٥ : ٤٢٢.

٢٩١

الشاذّ المتقدّم إليه الإشارة بالثلاثة الأشهر البيض المطلقة ، ولو بعد حيضتين أو حيضة ، ضعيف البتّة.

نعم على ما ذكرناه ربما يستشكل الحكم بلزوم اختلاف العدّة باختلاف وقت الطلاق الواقع بمجرّد الاختيار مع كون المرأة من ذوات العادة المستقرّة في الحيض ، فلو كان عادتها أن تحيض في كل أربعة أشهر مثلاً مرّة فإنّه على تقدير طلاقها في أوّل الطهر أو ما قاربه بحيث يبقى له منه ثلاثة أشهر بعد الطلاق تنقضي عدّتها بالأشهر ، كما تقرّر.

لكن لو فرض طلاقها في وقت لا يبقى من الطهر ثلاثة أشهر تامّة كان اللازم من ذلك اعتدادها بالأقراء ، فربما صارت عدّتها سنة وأكثر ، على تقدير وقوع الطلاق في وقت لا يتم بعده ثلاثة أشهر بيضاء ، والاجتزاء بالثلاثة على تقدير سلامتها.

ويمكن الذبّ عنه بأنّ غايته الاختلاف في العدّة على ذلك التقدير ، ولا ضير فيه بعد تحقّق النظير ، ألا ترى إلى المطلّقة في آخر طُهرها بحيث يبقى بعده منه لحظة عدّتها أقلّ من المطلّقة في ابتدائه ، وبالجملة هذا الاستبعاد مع اندفاعه بما مرّ من النظير غير ملتفت إليه بعد قيام الدليل عليه.

وبالجملة : إذا مضت بها بعد الطلاق بلا فاصلة الأشهر الثلاثة خالية عن الحيضة فقد انقضت العدّة.

( أمّا لو رأت في ) الشهر ( الثالث حيضة ) أو حيضتين ( وتأخّر الثانية أو الثالثة ) إلى أن انقضت الأشهر انتظرت تمام الأقراء ؛ لأنّها قد استرابت بالحيض غالباً ، فإن تمّت الأقراء قبل أقصى الحمل انقضت عدّتها ، وإلاّ ( صبرت تسعة أشهر ) على أشهر القولين وأظهرهما ( لاحتمال الحمل ) غالباً ، فإن وضعت ولداً ، أو اجتمعت الأقراء الثلاثة‌

٢٩٢

فذاك هو المطلوب في انقضاء العدّة.

( ثمّ ) إن لم يتفق أحد الأمرين ( اعتدّت ) حينئذٍ ( بالأشهُر ) وليست الأشهر التسعة المتقدّمة من العدّة ، بل إنّما اعتبرت لتعلم أنّها ليست من ذوات الأقراء.

والأصل في المسألة بعد التأيّد بالشهرة العظيمة بعض المعتبرة المنجبرة بها ، وبوجود المجمع على تصحيح رواياته في سندها ، فلا تضرّ جهالة راويها : « إن كانت شابّة مستقيمة الطمث فلم تطمث في ثلاثة أشهر إلاّ حيضة ، ثم ارتفع طمثها ، فلم تدر ما رفعها ، فإنّها تتربّص تسعة أشهر من يوم طلّقها ، ثم تعتدّ بعد ذلك ثلاثة أشهر ، ثم تتزوّج إن شاءت » (١).

( وفي رواية عمّار ) الموثقة (٢) ( تصبر سنة ثم تعتدّ بثلاثة أشهر ) أفتى بها الشيخ في النهاية (٣) ، لكن مقيّداً لها بصورة تأخّر الحيضة الثالثة.

ولا دليل عليه ، مع عدم مقاومة الرواية للرواية المتقدّمة من اعتضادها بالشهرة العظيمة ، وغيرها من المعتبرة المستفيضة ، منها الصحيح : « إذا طلّق الرجل امرأته ، فادّعت حبلاً انتظر تسعة أشهر ، فإن ولدت ، وإلاّ اعتدّت بثلاثة ، ثم قد بانت منه » (٤).

والموثق : المرأة الشابّة تحيض مثلها يطلّقها زوجها ، ويرتفع حيضها ، كم عدّتها؟ قال : « ثلاثة أشهر » قلت : فإنّها ادّعت الحَبل بعد التسعة أشهر ،

__________________

(١) التهذيب ٨ : ١١٩ / ٤١١ ، الإستبصار ٣ : ٣٢٣ / ١١٤٩ ، الوسائل ٢٢ : ١٩٩ أبواب العدد ب ١٣ ح ٢.

(٢) التهذيب ٨ : ١١٩ / ٤١٠ ، الإستبصار ٣ : ٣٢٢ / ١١٤٨ ، الوسائل ٢٢ : ١٩٩ أبواب العدد ب ١٣ ح ١.

(٣) النهاية : ٥٣٣.

(٤) الكافي ٦ : ١٠١ / ١ ، الفقيه ٣ : ٣٣٠ / ١٥٩٩ ، التهذيب ٨ : ١٢٩ / ٤٤٤ ، الوسائل ٢٢ : ٢٢٣ أبواب العدد ب ٢٥ ح ١.

٢٩٣

قال : « إنّما الحَبل تسعة أشهر » قلت : تتزوّج؟ قال : « تحتاط بثلاثة أشهر » قلت : فإنّها ادّعت بعد ثلاثة أشهر ، قال : « لا ريبة عليها ، تزوّجت إن شاءت » (١) ونحوهما غيرهما (٢).

وإطلاق النص والفتوى يقتضي عدم الفرق بين استرابتها بالحبل وعدمه في وجوب التربّص تسعة أو سنة ، ثم الاعتداد بعدها ، حتى لو كان زوجها غائباً عنها ، أو حاضراً ولم يقر بها مدّة مديدة فحكمها كذلك ، وإن كان ظاهر الحكمة يقتضي اختصاصه بالمسترابة ، كما تعرب عنها المعتبرة الأخيرة ، لكن ليس فيها كالتعليل في العبارة ما يوجب تقييد الحكم بالمسترابة ، كما توهّمه بعض من عاصرناه في هذه الأزمنة (٣).

نعم عن الشهيد في بعض تحقيقاته الاكتفاء بالتسعة لزوجة الغائب ؛ محتجّاً بحصول مسمّى العدّة ، وهو الأشهر البيض الثلاثة المندرجة في الأشهر التسعة (٤).

وهو مصادرة غير مسموعة ، سيّما في مقابلة إطلاق الفتاوي والرواية.

وهذه العدّة أطول عدّة تفرض ، والضابط : أنّ المعتدّة المذكورة إن مضى بها ثلاثة أقراء قبل ثلاثة أشهر انقضت عدّتها بها ، وإن مضى عليها ثلاثة أشهر لم تر فيها دم حيضٍ أصلاً انقضت عدّتها بها وإن كان لها عادة مستقيمة فيما زاد عليها ، بأن كانت ترى الدم في كل أربعة أشهر مرّة ، أو‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٠١ / ٢ ، التهذيب ٨ : ١٢٩ / ٤٤٥ ، الوسائل ٢٢ : ٢٢٣ أبواب العدد ب ٢٥ ح ٢.

(٢) الكافي ٦ : ١٠٢ / ٤ ، التهذيب ٨ : ١٢٩ / ٤٤٧ ، الوسائل ٢٢ : ٢٢٤ أبواب العدد ب ٢٥ ح ٤.

(٣) هو صاحب الحدائق ٢٥ : ٤٢٤.

(٤) حكاه عنه الشهيد الثاني في الروضة ٦ : ٦١.

٢٩٤

ما زاد عليها وما نقص ، بحيث يزيد عن ثلاثة ولو بلحظة.

ومتى رأت في الثلاثة دماً ولو قبل انقضائها بلحظة فحكمها ما فصّل سابقاً من انتظار أقرب الأمرين من تمام الأقراء ووضع الولد ، فإن انتفيا اعتدّت بعد تسعة أشهر بثلاثة أشهر ، إلاّ أن يتمّ لها ثلاثة أقراء قبلها ، ولو مبنيّة على ما سَبَق.

ولا فرق في ظاهر إطلاق النص والفتوى بين أن يتجدّد لها دم آخر في الثلاثة أو قبلها ، وعدمه.

خلافاً للمفلح الصيمري في الأوّل ، فأبطل العدّة بها ، وعيّن اعتدادها بالأقراء ، قال : لأنّا بيّنّا أنّها من ذوات الأقراء ، فيلزمها الاعتداد بها (١).

وعليه فهل يجب عليها ثلاثة أقراء غير الأقراء المتخلّلة بين الطلاق وغاية التربّص؟ وجهان :

فعن المبسوط (٢) : الأوّل ؛ مُعلّلاً بأنّ مدّة التربّص ليست من العدّة ، فلا عبرة بها.

وعن الشهيد (٣) : الثاني ، وقوّاه المفلح الصيمري ، قال : لأنّها لمّا رأت الدم بعد انقطاعه ثبت أنّها من ذوات الأقراء ، وعدّتهنّ ثلاثة أقراء من حين الطلاق ، لا أزيد من ذلك (٤). وهو حَسَن.

ثم قال : أمّا لو رأت دم الثالث قبل مضيّ مدّة التربّص ولو بيوم انقضت عدّتها ، إجماعاً.

__________________

(١) انظر تلخيص الخلاف ٣ : ٩٠ ، ٩١.

(٢) المبسوط ٥ : ٢٣٧.

(٣) حكاه عنه في تلخيص الخلاف ٣ : ٩١.

(٤) تلخيص الخلاف ٣ : ٩١.

٢٩٥

أقول : ويدلُّ عليه الصحيح المفسِّر للأخذ بأسبق الأمرين : « ثم إنّه إن مرّت بها ثلاثة أشهر إلاّ يوماً فحاضت ، ثم مرّت بها ثلاثة أشهر إلاّ يوماً فحاضت ، فهذه تعتدّ بالحيض على هذا الوجه ، ولا تعتدّ بالشهور ، فإن مرّت بها ثلاثة أشهر بيض لم تحض فيها بانت » (١) ونحوه غيره (٢).

( ولا عدّة على الصغيرة ) وهي التي لم تبلغ التسع سنين عند الجماعة ، وقد مضى إليه الإشارة (٣).

( ولا اليائسة ) التي لم تحض ومثلها لا تحيض ، مع عدم الدخول ، إجماعاً ، وكذا معه أيضاً ( على ) الأظهر ( الأشهر ) بين الطائفة ، بل ربما كان مجمعاً عليه بين متأخّريهم ، كما تنادي به عبارة التهذيبين (٤) ؛ للأصل ، والمعتبرة المستفيضة التي كادت تكون متواترة ، منها الصحيح : عن التي قد يئست من المحيض والتي لا تحيض مثلها ، قال : « ليس عليها عدّة » (٥).

وهي مع استفاضتها ، واعتبار سند أكثرها ، وانجبار باقيها بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعاً ، بل إجماع في الحقيقة معتضدة بأصالة البراءة ، والمخالفة للتقية ، وفقد الحكمة الموجبة للعدّة.

خلافاً للسيدين (٦) ؛ لظاهر الآية (٧).

__________________

(١) الكافي ٦ : ٩٨ / ١ ، الفقيه ٣ : ٣٣٢ / ١٦٠٩ ، التهذيب ٨ : ١١٨ / ٤٠٩ ، الإستبصار ٣ : ٣٢٤ / ١١٥٤ ، الوسائل ٢٢ : ١٨٥ أبواب العدد ب ٤ ح ٥.

(٢) التهذيب ٨ : ٦٨ / ٢٢٦ ، الخصال : ٤٧ / ٥١ ، الوسائل ٢٢ : ١٨٨ أبواب العدد ب ٤ ح ١٢ ، ١٣.

(٣) راجع ص ٢١٣.

(٤) الاستبصار ٣ : ٣٣٨ ، التهذيب ٨ : ١٣٨.

(٥) التهذيب ٨ : ٦٦ / ٢١٨ ، الوسائل ٢٢ : ١٧٧ أبواب العدد ب ٢ ح ١.

(٦) المرتضى في الانتصار : ١٤٦ ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦١٦.

(٧) الطلاق : ٤.

٢٩٦

وهي غير واضحة الدلالة ، بل ربما كانت بالخلاف واضحة المقالة ، سيّما بملاحظة بعض المعتبرة (١) ، وعبارة الكافي والطوسي (٢) المصرِّحة برجوع الريبة إلى حال النسوة ، أمّا بالنظر إلى الحيض وعدمه ، كما يستفاد من [ الثاني (٣) ] أو اليأس وعدمه ، كما يستفاد من [ الأول (٤) ] فانهدم مبنى الاستدلال بها من رجوع الريبة إلى حكم عدّة اليائسة ، مع ما فيه من مناقشة أُخرى واضحة.

وأضعف منه الاستدلال بالرواية : « عدّة التي لم تبلغ الحيض ثلاثة أشهر ، والتي قد قعدت من الحيض ثلاثة » (٥) إذ مع ضعفها ، وقطعها غير صريحة الدلالة ، فتحتمل كبعض المعتبرة الآخر الحمل على المسترابة ، ومع ذلك فهي موافقة لما عليه العامة العمياء ، كما حكاه جماعة (٦) ، فلا اعتداد بمثلها ولو صريحة.

( وفي حدّ اليأس ) عن المحيض ( روايتان ) بل روايات ، باختلافها اختلف الأصحاب ، إلاّ أنّ ( أشهرهما ) أنّه ( خمسون سنة ).

ففي الصحيح أو ما يقرب منه : « حدّ التي قد يئست من المحيض‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ١٠٠ / ٨ ، التهذيب ٨ : ١١٨ / ٤٠٧ ، الإستبصار ٣ : ٣٣٢ / ١١٨٣ ، الوسائل ٢٢ : ١٨٦ أبواب العدد ب ٤ ح ٧.

(٢) الكافي ٦ : ٨٦ ، الطوسي في التهذيب ٨ : ٦٨.

(٣) بدل ما بين المعقوفين في الأصل : الأوّل ، والظاهر ما أثبتناه.

(٤) في الأصل : الثاني ، والظاهر ما أثبتناه.

(٥) الكافي ٦ : ٨٥ / ذيل الحديث ٥ ، التهذيب ٨ : ٦٧ / ٢٢٣ ، الإستبصار ٣ : ٣٣٨ / ١٢٠٥ ، الوسائل ٢٢ : ١٧٩ أبواب العدد ب ٢ ح ٦.

(٦) منهم الشيخ في الخلاف ٥ : ٥٣ ، وصاحب الوسائل ٢٢ : ١٨٠ ، وصاحب الحدائق ٢٥ : ٤٣٨.

٢٩٧

خمسون سنة » (١).

ونحوه خبران (٢) ، في سندهما سهل ، مع ما في الثاني منهما من الإرسال ، إلاّ أنّ الأوّل سهل ، أو ثقة ، كما عليه من المحققين جماعة (٣) ، والثاني غير قادح بعد كون الراوي ممّن أجمعت على تصحيح رواياته العصابة ، مع انجبار الجميع ، أو اعتضاده بالشهرة المحكية في العبارة وكلام جماعة (٤).

خلافاً لأحد قولي الماتن في الشرائع (٥) ، فستّون ؛ للموثق (٦).

وفيه قصور عن المقاومة لما مرّ ، سيّما مع ندرة القول به على إطلاقه.

ولآخرين (٧) ، بل ادّعى عليه الشهرة المتأخّرة جماعة (٨) ، فالتفصيل‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٠٧ / ٤ ، التهذيب ١ : ٣٩٧ / ١٢٣٧ ، الوسائل ٢ : ٣٣٥ أبواب الحيض ب ٣١ ح ١.

(٢) أحدهما في : الكافي ٣ : ١٠٧ / ٢ ، التهذيب ١ : ٣٩٧ / ١٢٣٥ ، الوسائل ٢ : ٣٣٥ أبواب الحيض ب ٣١ ح ٣.

والآخر في : الكافي ٦ : ٨٥ / ٤ ، التهذيب ٨ : ١٣٧ / ٤٧٨ ، الإستبصار ٣ : ٣٣٧ / ١٢٠٢ ، الوسائل ٢ : ٣٣٦ أبواب الحيض ب ٣١ ح ٦.

(٣) منهم الشيخ في الرجال في أصحاب الهادي عليه‌السلام : ٤١٦ ، وصاحب الوسائل ٣٠ : ٣٨٩ ، وحكاه أيضاً عن بعض مشايخه المعاصرين ، انظر الوجيزة : ٢٢٤.

(٤) منهم المحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ٢٨٦ ، والشهيد في المسالك ١ : ٩ ، والمجلسي في مرآة العقول ٢١ : ١٤٥.

(٥) الشرائع ١ : ٢٩.

(٦) التهذيب ٧ : ٤٦٩ / ١٨٨١ ، الوسائل ٢٢ : ١٨٣ أبواب العدد ب ٣ ح ٥.

(٧) منهم الصدوق في الفقيه ١ : ٥١ ، والشيخ في المبسوط ١ : ٤٢ ، وصاحب الوسائل ٢٢ : ١٨١ ، وصاحب الحدائق ٣ : ١٧٢.

(٨) منهم السبزواري في الذخيرة : ٦٢ ، الحواشي على شرح اللمعة : ٥٢ ، وصاحب الحدائق ٣ : ١٧١.

٢٩٨

بين القرشية فالثاني وألحق بها النبطية جماعة (١) ؛ للرواية (٢) وهي مرسلة وغيرها ، أو غيرهما فالأوّل ؛ جمعاً ، وللمرسل كالصحيح : « إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة ، إلاّ أن تكون امرأة من قريش » (٣) (٤).

وردّ بقصور السند أوّلاً. وليس كذلك.

وعدم الصراحة ثانياً. وفيه منع لو أُريد من حيث عدم التصريح بالستّين ؛ لعدم القائل بالفرق. وتسليم إن أُريد من حيث عدم الحكم صريحاً بالحيضة ، إلاّ أنّ الظهور قائم ، وهو كافٍ ، فالقول به لا يخلو من قوّة.

مع اعتضاده بالعمومات الدالّة على تحيّض المرأة بمجرّد رؤية الدم ، خرج منها ما زاد عن الخمسين فيما عدا القرشية أو النبطية أيضاً ، وبالمعتبرة المتقدّمة ، وبقيت هي أو هما في العمومات مندرجة.

ولا يردّ ذلك بعموم المعتبرة المتقدّمة بالخمسين الشاملة للقرشية أيضاً ، فإن خصّصت العمومات بها فيمن عداها خصّصت بها فيها أيضاً.

لمنع العموم ، وإنّما غايته الإطلاق المنصرف إلى الأفراد المتكثّرة الشائعة ، دون النادرة ، ولا ريب أنّ القرشيّة من الثانية ، سيّما في أزمنة صدور المعتبرة.

وبالجملة : هذا القول قويّ غاية القوّة.

وغير بعيدٍ إلحاق النبطية ؛ لعين ما عرفت في القرشية من العمومات ،

__________________

(١) منهم العلاّمة في المختلف : ٦١٠ ، والشهيد في الدروس ١ : ٩٧.

(٢) المقنعة : ٥٣٢ ، الوسائل ٢ : ٣٣٧ أبواب الحيض ب ٣١ ح ٩.

(٣) الكافي ٣ : ١٠٧ / ٣ ، التهذيب ١ : ٣٩٧ / ١٢٣٦ ، الوسائل ٢ : ٣٣٥ أبواب الحيض ب ٣١ ح ٢.

(٤) نهاية المرام ٢ : ٩٣.

٢٩٩

مع عدم انصراف إطلاقات المعتبرة إلى مثلها ؛ لكونها من الأفراد النادرة.

نعم ربما ينافيه الحصر في الرواية الأخيرة. ويمكن الذبّ عنه بالورود مورد الغلبة.

( ولو رأت المطلّقة الحيض مرّة ثم بلغت ) سنّ ( اليأس أكملت العدّة بشهرين ) بلا خلاف أجده ، بل حكي صريحاً (١) ؛ لصريح الخبر : في امرأة طلّقت وقد بلغت في السنّ ، فحاضت حيضة واحدة ، ثم ارتفع حيضها ، قال : « تعتدّ بالحيضة وشهرين مستقبلين ، فإنّها قد يئست من الحيض » (٢).

ولا يضرّ قصور السند ؛ للانجبار بالفتوى ، مع تصريح جماعة بحسنه (٣) ، بل وصحّته (٤).

ولو رأت حيضتين ثم بلغت اليأس ففي وجوب اعتدادها بشهر ، أم لا ، وجهان ، أحوطهما : الأوّل ، وأقواهما الثاني ؛ للأصل ، وعموم ما دلّ على نفي العدّة عن اليائسة ، خرج عنه مورد الرواية المنجبرة بالشهرة ، ويبقى المفروضة فيه مندرجة.

( ولو كانت ) المطلّقة ذات عادة مستقيمة إلاّ أنّها ( لا تحيض إلاّ في خمسة أشهر أو في ستّة اعتدّت بالأشهر ) للصحيح : في التي تحيض في كل ثلاثة أشهر مرّة ، أو في ستّة أشهر ، أو في سبعة أشهر .. « أن عدّتها‌

__________________

(١) المفاتيح ٢ : ٣٤٧.

(٢) الكافي ٦ : ١٠٠ / ١١ ، التهذيب ٨ : ١٢١ / ٤١٦ ، الإستبصار ٣ : ٣٢٥ / ١١٥٦ ، الوسائل ٢٢ : ١٩١ أبواب العدد ب ٦ ح ١ ، وفي الجميع : طعنت ، بدل : بلغت.

(٣) منهم المجلسي في ملاذ الأخيار ١٣ : ٢٤١.

(٤) روضة المتقين ٩ : ١٠٩.

٣٠٠