رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١٢

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي

رياض المسائل في تحقيق الأحكام بالدّلائل - ج ١٢

المؤلف:

السيد علي بن السيد محمد علي الطباطبائي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-274-1
الصفحات: ٥٣٥

وفي حكم فقد الأهل توقّف الإصلاح على الأجنبيّين.

( وبَعثهما تحكيمٌ لا توكيل ) على الأظهر الأشهر ، بل عليه الإجماع عن ظاهر المبسوط وصريح السرائر وفقه القرآن (١) ؛ لظاهر الآية المشتملة على لفظ الحَكَم ونسبة الإصلاح إليهما ، وللنصوص الظاهرة في أنّ لهما الإصلاح بما يريانه من غير استئذان ، وأنّ ليس لهما التفريق إلاّ بالإذن.

ففي الرضوي : « إن اجتمعا إلى إصلاح لم يحتج إلى مراجعة ، وإن اجتمعا على الفرقة فلا بدّ لهما أن يستأمرا الزوج والزوجة » (٢) وقريب منه المعتبرة الأُخر الدالّة على اعتبار استئمارهما في الفراق لا مطلقاً (٣).

خلافاً لمن شذّ ، فتوكيل (٤) ؛ التفاتاً إلى بلوغ الزوجين ورشدهما ، فلا ولاية لغيرهما عليهما ؛ مع عدم اشتراط الفقه فيهما إجماعاً ، فلا حكم لهما ؛ إذ لا حكم لغير الفقيه اتّفاقاً.

وليس في شي‌ء ممّا ذكر حجّة في مقابلة ما مضى من الأدلّة كما ترى ؛ مع أنّ المحكي عن القائل به الرجوع عنه معلّلاً بما ذكرنا (٥) ، فلا خلاف فيما ذكرنا.

( فيصلحان ) أي الحكمان ـ ( إن اتّفقا ) من غير معاودة إلى الباعث مطلقاً (٦) ، ويمضي عليهما ما حكما ، من غير خلاف يظهر حتى من‌

__________________

(١) المبسوط ٤ : ٣٤٠ ، السرائر ٢ : ٧٣٠ ، فقه القرآن ٢ : ١٩٣.

(٢) فقه الرضا عليه‌السلام : ٢٤٥.

(٣) انظر الوسائل ٢١ : أبواب القسم والنشوز والشقاق ب ١١ ، ١٢ ، ١٣.

(٤) قال به ابن البرّاج على ما نقله هو عن كتابه ( الكامل في الفقه ) في المهذب ٢ : ٢٦٦.

(٥) المهذب ٢ : ٢٦٦.

(٦) أي حاكماً كان أو غيرهما. منه رحمه‌الله.

١٠١

القائل بالتوكيل ؛ ولعلّه لرجوعه عنه ، وإلاّ فيأتي عليه لزوم الاستئذان ولو ابتداءً على جهة العموم.

( ولا يفرّقان إلاّ مع إذن الزوج في الطلاق والمرأة في البذل ) في المشهور ، بل قيل : بلا خلاف (١).

للأصل ، مع اختصاص الأدلّة من الكتاب والسنّة بغير الطلاق.

والنبويّ : « الطلاق بيد من أخذ بالساق » (٢).

والمعتبرة المستفيضة ، منها الصحيح : « ليس للحكمين أن يفرّقا حتى يستأمرا » (٣) ونحوه الحسن (٤) ، والرضوي المتقدّم ، وغيره (٥).

( ولو اختلف الحَكَمان ، لم يمض لهما ) عليهما ( حكم ) بلا إشكال ؛ للأصل ، واختصاص الأدلّة باتّفاقهما ، مع استحالة الترجيح من غير مرجّح ، وهو واضح والحمد لله.

__________________

(١) قال به الفاضل الهندي في كشف اللثام ٢ : ١٠١.

(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٦٧٢ / ٢٠٨١ بتفاوت يسير.

(٣) الفقيه ٣ : ٣٣٧ / ١٦٢٦ ، الوسائل ٢١ : ٣٤٨ أبواب القسم والنشوز والشقاق ب ١٠ ح ١.

(٤) الكافي ٦ : ١٤٦ / ٢ ، التهذيب ٨ : ١٠٣ / ٣٥٠ ، الوسائل ٢١ : ٣٤٨ أبواب القسم والنشوز والشقاق ب ١٠ ح ١.

(٥) انظر الوسائل ٢١ : ٣٥٢ أبواب القسم والنشوز والشقاق ب ١٢ ح ١ ، والباب ١٣ ح ٢ ، ٣.

١٠٢

( النظر الرابع )

( في حكم الأولاد )

( ولد الزوجة الدائمة ) التامّ خلقةً ( يُلحَق به ) أي الزوج الذي يمكن التولّد منه عادةً ولو احتمالاً ـ ( مع ) شروط ثلاثة :

أحدها : ( الدخول ) منه بها دخولاً يمكن فيه ذلك ولو احتمالاً بعيداً ، قبلاً كان أم دبراً ، إجماعاً ، وفي غيره إشكال ، وإن حكي الإطلاق عن الأصحاب واحتمل الإجماع (١).

مع أنّ المحكيّ عن السرائر والتحرير عدم العبرة بالوطء دبراً (٢) ، واستوجهه من المتأخّرين جماعة (٣). وهو حسن ، إلاّ مع الإمناء واحتمال السبق وعدم الشعور به ، لا مطلقاً.

( و ) ثانيها : ( مضيّ ستّة أشهر ) هلاليّة أو عدديّة ( من حين الوطء ) فلا عبرة بالأقلّ في الولد الكامل ، إجماعاً من المسلمين كافّة ؛ لنصّ الآية ( وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) (٤) ، مع قوله ( وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ ) (٥) ، وهو أقل مدّة الحمل ؛ للإجماع على عدم كونه أقصاه ؛ وللنصوص الآتية.

__________________

(١) انظر الروضة البهيّة ٥ : ٤٣٢.

(٢) السرائر ٢ : ٦٥٨ ، التحرير ١ : ٤٥.

(٣) منهم صاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٤٣٢ ، انظر كفاية الأحكام : ١٩٠.

(٤) الأحقاف : ١٥.

(٥) لقمان : ١٤.

١٠٣

وفي غير الكامل ممّا تسقطه المرأة يرجع في إلحاقه بالزوج حيث يحتاج إليه ليجب عليه التكفين ، ومئونة التجهيز ، ونحو ذلك من الأحكام الغير المترتّبة على حياته إلى المعتاد لمثله من الأيّام والأشهر وإن نقصت عن الستّة الأشهر ، فإن أمكن عادة كونه منه لحقه حكمه وإن علم عادةً انتفاؤه عنه لغيبته عنه (١) مدّة تزيد عن تخلّقه عادةً انتفى عنه.

( و ) ثالثها : ( وضعه لمدّة الحمل أو أقلّ ) منها ، إجماعاً من المسلمين كافّة ( وهي تسعة أشهر ) في الأشهر ، كما عن النهاية والمقنعة والإسكافي والديلمي والقاضي والمرتضى في أحد قوليه (٢) وغيرهم (٣) ، بل ظاهر الإسكافي والطوسي في المبسوط والخلاف إجماعنا عليه (٤) ، وهو الأصحّ ؛ للمعتبرة المستفيضة بعد الإجماعات المنقولة المترجّحة على معارضها الآتي ولو صحّ بالكثرة والشهرة :

منها الخبر : عن غاية الحمل بالولد في بطن امّه ، كم هو؟ فإنّ الناس يقولون : ربّما بقي في بطنها سنتين ، فقال : « كذبوا ، أقصى الحمل تسعة أشهر ، لا يزيد لحظة ، ولو زاد ساعة لقتل امّه قبل أن يخرج » (٥).

__________________

(١) كذا ، ولعلّ الأنسب : عنها.

(٢) النهاية : ٥٠٥ ، المقنعة : ٥٣٩ ، وحكاه عن الإسكافي في المختلف : ٥٧٩ ، الديلمي في المراسم : ١٥٥ ، القاضي في المهذّب ٢ : ٣٤١ ، المرتضى في رسالة الموصليات الثانية ( رسائل الشريف المرتضى ١ ) : ١٩٢.

(٣) انظر الشرائع ٢ : ٣٤ ، والمسالك ١ : ٥٧٤ ، وكشف اللثام ١ : ١٠٣.

(٤) حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٥٧٩ ، المبسوط ٥ : ٢٠٤ ، الخلاف ٥ : ٨٨ ، المبسوط ٨ : ٣٠٥.

(٥) الكافي ٦ : ٥٢ / ٣ ، التهذيب ٨ : ١٦٦ / ٥٧٨ ، الوسائل ٢١ ٣٨٠ أبواب أحكام الأولاد ١٧ ح ٣.

١٠٤

وفي آخر : « يعيش الولد لستّة أشهر ، ولسبعة أشهر ، ولتسعة أشهر ، ولا يعيش لثمانية أشهر » (١).

وقصور سندهما كما يأتي منجبر بالشهرة.

والدلالة في الأوّل صريحة ، وفي الثاني ظاهرة من حيث مفهوم العدد ، الذي هو حجّة.

وليس في الأوّل من حيث تضمّنه قتل الولد امّه بزيادة مكثه على التسعة أشهر بساعة ما ينافي حجيّته ، إلاّ دعوى الوجدان بعدم ذلك والبقاء إلى العشر بل وأزيد إلى سنة ، وهي ممنوعة ، فقد يكون وضع الحمل إلى ذينك الأجلين ابتداء الحمل فيه من التسعة ، ويكون حبس الطمث قبله لريبة ، كفساد الطمث ، كما يستفاد من المعتبرة (٢) وصرّح به المفيد في المقنعة (٣) وجماعة (٤). وليس الوضع إلى ذينك الأجلين مع انسداد باب الاحتمال المتقدّم ظاهراً لنا بالوجدان وإنكاره مكابرة بالعيان.

( و ) منه يظهر ضعف ما ( قيل ) من أنّ الأقصى ( عشرة ) كما عن المبسوط (٥) ، واختاره المصنّف أيضاً بقوله : ( وهو حسن ) مع عدم الدليل من الأخبار عليه ، وانتقاض تعليله المتقدّم لو صحّ بوجدان الوضع‌

__________________

(١) الكافي ٦ : ٥٢ / ٢ ، التهذيب ٨ : ١١٥ / ٣٩٨ ، الوسائل ٢١ : ٣٨٠ أبواب أحكام الأولاد ب ١٧ ح ٢.

(٢) الكافي ٦ : ١٠٢ / ٥ ، الوسائل ٢٢ : ٢٢٤ أبواب العدد ب ٢٥ ح ٥.

(٣) المقنعة : ٥٣٩.

(٤) منهم الحلبي في الكافي في الفقه : ٣١٤ ، وابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦١٦ ، والعلاّمة في المختلف : ٥٧٩.

(٥) حكاه عنه الفاضل المقداد في التنقيح ٣ : ٢٦٣ ، وكذا الشهيد الثاني في المسالك ١ : ٥٧٤ ، ولكنه لم نعثر عليه في المبسوط.

١٠٥

إلى السنة كما حكاه في المسالك وسبطه في الشرح (١) ووقع في زماننا أيضاً ، فقصره عليه دونه ليس في محلّه ، ولا وجه لاختياره على الخصوص بالمرّة.

ويدلّ على المختار أيضاً مضافاً إلى ما سيأتي من الأخبار المعتبر المحتمل للصحّة ، المروي في الكافي ، في باب مبدأ النشوء ، وفيه : « وللرحم ثلاثة أقفال : قفل في أعلاها ممّا يلي أعلى الصرة من الجانب الأيمن ، والقفل الآخر وسطها ، والقفل الآخر أسفل من الرحم ، فيوضع بعد تسعة أيّام في القفل الأعلى فيمكث فيه ثلاثة أشهر ، فعند ذلك يصيب المرأة خبث النفس والتهوّع ، ثم ينزل إلى القفل الأوسط فيمكث فيه ثلاثة أشهر » إلى أن قال : « ثم ينزل الى القفل الأسفل فيمكث فيه ثلاثة أشهر ، فذلك تسعة أشهر ، ثم تطلق المرأة » الحديث (٢).

إلاّ أنّ ظاهره زيادة تسعة أيّام على تسعة أشهر ، لكن يمكن إدراجها في التسعة أشهر بضرب من التأويل ، بحمل قوله في القفل الأوّل : « فيمكث ثلاثة أشهر » على ثلاثة أشهر التي التسعة الأيام منها ؛ والشاهد عليه ذيل الرواية وباقي المعتبرة الماضية والآتية ، مع أنّ إبقاءه على ظاهره مخالف للإجماع بالضرورة ، فهو أقوى شاهد على صحّة الحمل الذي ذكرناه.

ومنه يظهر فساد حمل ما ضاهاه على الغالب ، مع ما في الخبر الأوّل ممّا هو ظاهر في نفيه من أنّ لو زاد ساعة لقتل امّه ، ولا ريب أنّ الغالب ليس منحصراً في التسعة الحقيقيّة التي لا يزاد عليها ولو بساعة.

وبالجملة : أبواب المناقشات في أدلّة المشهور بما ذكرناه مسدودة ،

__________________

(١) المسالك ١ : ٥٧٤ ، وسبطه في نهاية المرام ١ : ٤٣٤.

(٢) الكافي ٦ : ١٥ / ٥.

١٠٦

( و ) الأقوال المقابلة له ضعيفة ، حتى ما ( قيل ) من أن أقصاه ( سنة ) كما عن الانتصار والجامع والمفيد في إعلام (١) الورى (٢) ، واختاره من المتأخرين جماعة (٣) ؛ ولا دليل عليه سوى الإجماع المحكيّ عن الأوّل ، والنصوص المتوهّم منها ذلك :

منها الصحيح : « إذا طلّق الرجل امرأته فادّعت حبلاً ، انتظر تسعة أشهر ، فإن ولدت ، وإلاّ اعتدّت ثلاثة أشهر ، ثم قد بانت منه » (٤).

والخبر : « إنّما الحمل تسعة أشهر » قال : قلت فتتزوّج؟ قال : « تحتاط ثلاثة أشهر » قال : قلت : فإنّها ارتابت بعد ثلاثة أشهر ، قال : « ليس عليها ريبة ، تزوّج » (٥) ونحو غيره (٦).

وفي الجميع نظر ، أمّا الأوّل : فلمعارضته لأكثر منه وأشهر ، مع احتماله الإجماع على النفي عن الأزيد لا أنّه الأقصى ، ردّاً على العامّة القائلين بالزيادة إلى سنتين ، كما أفصح عنه الخبر الذي مرّ (٧) ، وحكايته عنهم بين الأصحاب قد اشتهر.

__________________

(١) كذا في النسخ ، ولعلّ الصحيح : الإعلام ، كما ذكره النجاشي في رجاله : ٤٠٠ ، وصاحب الذريعة ٢ : ٢٣٧.

(٢) الانتصار : ١٥٤ ، الجامع للشرائع : ٤٦١ ، الإعلام ( مصنفات المفيد ٩ ) : ٤١.

(٣) المسالك ١ : ٥٧٤ ، نهاية المرام ١ : ٤٣٣ ، كفاية الأحكام : ١٩١ ، مفاتيح الشرائع ٢ : ٣٥٩.

(٤) الكافي ٦ : ١٠١ / ١ ، الفقيه ٣ : ٣٣٠ / ١٥٩٩ ، التهذيب ٨ : ١٢٩ / ٤٤٤ ، الوسائل ٢٢ : ٢٢٣ أبواب العدد ب ٢٥ ح ١.

(٥) الكافي ٦ : ١٠١ / ٢ ، التهذيب ٨ : ١٢٩ / ٤٤٥ ، الوسائل ٢٢ : ٢٢٤ أبواب العدد ب ٢٥ ح ٤.

(٦) الكافي ٦ : ١٠١ / ٢ ، التهذيب ٨ : ١٢٩ / ٤٤٥ ، الوسائل ٢٢ : ٢٢٣ أبواب العدد ب ٢٥ ح ٢.

(٧) في ص ١٠٤.

١٠٧

وأمّا الثاني : فهو بالدلالة على المختار أوضح وأظهر ، ولا سيّما الخبر الأوّل ؛ لنصّ الجميع على أنّ الثلاثة أشهر للريبة ، وبه صرّح من الأصحاب جماعة ، كالحلبي وابني شهرآشوب وزهرة (١).

نعم ، في المرسل : « أدنى ما تحمل المرأة لستة أشهر ، وأكثر ما تحمل لسنة » (٢).

وقريب منه مرسل آخر : في قول الله عزّ وجلّ ( يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ ) (٣) قال : « الغيض : كلّ حمل دون تسعة أشهر ، وما تزداد : كلّ شي‌ء يزداد على تسعة أشهر ، فكلّما رأت المرأة الدم الخالص في حملها فإنّها تزداد بعدد الأيّام التي رأت في حملها من الدم » (٤).

ونحو الأول في الصراحة في الجملة ، المرفوع المرويّ عن نوادر المعجزات للقطب الراوندي ، عن سيّدة النساء فاطمة الزهراء عليها‌السلام : أنّها ولدت الحسين عليه‌السلام عند تمام سنة من حملها به.

وهذه الروايات مع قصور أسانيدها بالإرسال لا تعارض شيئاً ممّا قدّمناه من الأخبار المعتضدة بالإجماعات المحكيّة والاشتهار العظيم بين الأخيار ؛ مضافاً إلى اختلاف نسخة الرواية الاولى في لفظة « السنة » فيوجد في بعضها : « سنتين » بدلها ، وهو موجب لوهن الاستدلال بها ، واحتمالها به‌

__________________

(١) الحلبي في الكافي : ٣١٤ ، ابن شهرآشوب لم نظفر على كتاب له في الفقه ، ولم نعثر عليه في المناقب ، ابن زهرة في الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦١٦.

(٢) الفقيه ٣ : ٣٣٠ / ١٦٠٠ ، الوسائل ٢١ : ٣٨٤ أبواب أحكام الأولاد ب ١٧ ح ١٥.

(٣) الرعد : ٨.

(٤) الكافي ٦ : ١٢ / ٢ ، تفسير العياشي ٢ : ٢٠٤ ، الوسائل ٢١ : ٣٨١ أبواب أحكام الأولاد ب ١٧ ح ٦.

١٠٨

الحمل على التقيّة جدّاً ، فلا دليل يعتدّ به لهذا القول ؛ مع إشعار قول المصنّف : ( وهو متروك ) بانعقاد الإجماع على خلافه.

وكيف كان ( فـ ) يتفرّع على الخلاف في المسألة : ما ( لو اعتزلها ، أو غاب عنها عشرة أشهر ، فولدت بعدها ، لم يلحق به ) على الأظهر ، وكذا على القول بالعشر ، ويلحق به على القول الآخر.

ومظهر ثمرة الخلاف بين القولين الأولين ما لو ولدته لعشر ، فيلحق به على القول به ، ولا على الأظهر.

( ولو أنكر ) الزوج ( الدخول ) بها بعد احتماله ، وادّعته الزوجة ( فالقول قوله مع يمينه ) لإنكاره ، مضافاً إلى الأصل ، فتأمّل.

( ولو اعترف به ) أي الدخول ( ثم أنكر الولد ، لم ينتف عنه إلاّ باللعان ) إجماعاً ؛ للأصل ، وعموم : « الولد للفراش ، وللعاهر الحجر » (١).

( ولو اتّهمها بالفجور ، أو شاهد زناها ، لم يجز له نفيه ) مع احتمال اللحوق به ( ولحق به ) إجماعاً ؛ لما مضى ( ولو نفاه لم ينتف ) عنه ( إلاّ باللعان ) بلا خلاف. ولا فرق في ذلك بين كون الولد يشبه الزاني وعدمه ؛ عملاً بالعموم.

ولو وُطِئَت الزوجة شبهة ، وأمكن تولّد الولد من الزوج وذلك الواطئ ، أُقرع بينهما ؛ لأنّها فراش لهما ، سواء وقع الوطئان في طهر واحد أو في طهرين ولو انتفى عن أحدهما بالآخر من غير قرعة.

( وكذا ) يلحق به الولد ولا ينتفي عنه إلاّ باللعان ( لو اختلفا في مدّة الولادة ) فادّعى ولادته لدون ستّة أشهر ، أو لأزيد من أقصى الحمل ؛ تغليباً‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ١٦٣ / ١ ، التهذيب ٩ : ٣٤٦ / ١٢٤٢ ، الإستبصار ٤ : ١٨٥ / ٦٩٣ ، الوسائل ٢٦ : ٢٧٤ أبواب ميراث ولد الملاعنة ب ٨ ح ١.

١٠٩

للفراش ، والتفاتاً إلى أصالة عدم زيادة المدّة وتأخّر الدخول في الثاني. أمّا الأوّل فالأصل معه ، فيحتمل قبول قوله ، وفاقاً لجماعة (١) ؛ عملاً بالأصل ، والتفاتاً إلى أنّ مآله إلى النزاع في الدخول ، فإنّه إذا قال : لم تنقض ستّة أشهر من حين الوطء ، كان معناه : عدم وطئه لها منذ ستّة أشهر ، ووقوعه فيما دونها.

وربما فسّر بعضهم النزاع في المدّة الذي يترتّب عليه الحكم المزبور في العبارة بالمعنى الثاني خاصّة (٢) ليوافق الأصل ، وليس ببعيد إن تحقّق في ذلك خلاف ، إلاّ أنّ كلام الأصحاب مطلق ، لكن في الاكتفاء بمثله في الخروج عن مقتضى الأصل إشكال ، إلاّ أن يعتضد بعموم : « الولد للفراش » ولا ينتقض بصورة وقوع النزاع في الدخول ؛ لعدم الفراش فيها بدون ثبوته ، بخلاف المقام ؛ لثبوته بثبوته باتّفاقهما عليه.

هذا ، مع إمكان المناقشة في الأصل الذي ادّعي كونه مع الزوج ، كيف لا؟! وهو معارض بأصالة عدم موجب للحمل لها غير دخوله ، وبعد التعارض لا بدّ من المصير إلى الترجيح ، وهو معها ؛ للعموم المتقدّم ، ولا ينقض بالصورة المتقدّم ذكرها ؛ لانتفاء المرجّح المزبور فيها كما مضى ، فهذا أقوى.

وحيث قدّمنا قولها ، فالمتّجه عند جماعة منهم : شيخنا الشهيد في اللمعة (٣) توجّه اليمين عليها ؛ وربما ظهر من كلام بعض الأصحاب كما‌

__________________

(١) منهم الشهيد الثاني في الروضة البهية ٥ : ٤٣٧ ، وصاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٤٣٦ ، وصاحب الحدائق ٢٥ : ١٦.

(٢) حكاه الشهيد الثاني في الروضة البهية ٥ : ٤٣٧.

(٣) اللمعة ( الروضة البهية ٥ ) : ٤٣٦.

١١٠

حكي (١) عدمه ، ولا بأس به ؛ نظراً إلى الأصل وانتفاء المخرج عنه ؛ بناءً على أنّ تقديم قولها ليس لإنكارها حتى يتوجّه اليمين عليها ، بل لتغليب جانب الفراش المستدلّ عليه بالعموم المتقدّم ، وليس فيه اعتبار اليمين ، ولكن الأحوط اعتباره.

( ولو زنى بامرأة ، فأحبلها ، لم يجز إلحاقه ) بنفسه ( وإن تزوّج بها ) بعد ذلك.

( وكذا لو أحبل أمة غيره زناءً ثم ملكها ) أو بعضها ، وألحقنا الولد به مع الشرط أو مطلقاً.

إجماعاً في المقامين على الظاهر ، والتفاتاً إلى عدم ثبوت النسب بالزناء ، وعدم اقتضاء الفراش إلحاق ما حكم بانتفائه عنه قطعاً.

وللصحيحين ، في أحدهما : في رجل فجر بامرأة ، ثم تزوّجها بعد الحمل ، فجاءت بولد وهو أشبه خلق الله تعالى به ، فكتب بخطّه وخاتمه : « الولد لغَيّة لا يورث » (٢).

وفي الثاني : « أيّما رجل وقع على وليدة قوم حراماً ثم اشتراها فادّعى ولدها ، فإنّه لا يورث منه شي‌ء (٣) فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : الولد للفراش وللعاهر الحجر » (٤).

__________________

(١) حكاه في نهاية المرام ١ : ٤٣٦.

(٢) الكافي ٧ : ١٦٤ / ٤ ، الفقيه ٤ : ٢٣١ / ٧٣٨ ، التهذيب ٨ : ١٨٢ / ٦٣٧ ، الإستبصار ٤ : ١٨٢ / ٦٨٥ ، الوسائل ٢١ : ٤٩٨ أبواب أحكام الأولاد ب ١٠١ ح ١ ؛ بتفاوت يسير.

(٣) كذا في الأصل والكافي ، وفي غيره من المصادر لا يوجد ، ولعلّ الأنسب : شيئاً.

(٤) الكافي ٧ : ١٦٣ / ١ ، التهذيب ٨ : ٢٠٧ / ٧٣٤ ، الوسائل ٢١ : ١٩٣ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٧٤ ح ١.

١١١

( ولو طلّق زوجته ) المدخول بها ( فاعتدّت وتزوّجت ) أو وُطئت لشبهة ( وأتت بولد ) فإن لم يمكن لحوقه بالثاني ، وأمكن لحوقه بالأوّل ، كما لو ولدته ( لدون ستّة أشهر ) من وطء الثاني ، ولتمامها من غير أن يتجاوز أقصى الحمل من وطء الأوّل ( فهو للأوّل ) وتبيّن بطلان نكاح الثاني ؛ لوقوعه في العدّة ، وحرمت عليه مؤبداً ؛ لوطئه لها فيها.

ولو انعكس الأمر ، بأن ولدته لأزيد من أكثر الحمل من وطء الأوّل ، ولأقل الحمل إلى الأقصى من وطء الثاني ، لحق الثاني.

وإن لم يمكن لحوقه بأحدهما ، بأن ولدته لأزيد من أكثر الحمل من وطء الأوّل ، ولدون ستّة أشهر من وطء الثاني ، انتفى عنهما قطعاً.

( و ) إن أمكن إلحاقه بهما ، كما ( لو كان ) ولادتها ( لستّة ) أشهر من وطء الثاني ، ولسبعة ( فصاعداً ) إلى أقصى الحمل من وطء الأوّل ( فهو للأخير ) وفاقاً للنهاية (١) وجماعة (٢) ؛ لأصالة التأخّر ، والمعتبرة المستفيضة :

منها الصحيح : في المرأة تزوّج في عدّتها ، قال : « يفرّق بينهما ، وتعتدّ عدّة واحدة منهما ، فإن جاءت بولد لستّة أشهر أو أكثر « فهو للأخير ، وإن جاءت بولد في أقلّ من ستة أشهر فهو للأوّل » (٣).

والصحيح : « إذا كان للرجل منكم الجارية يطؤها فيعتقها فاعتدّت ونكحت ، فإن وضعت لخمسة أشهر فإنّه من مولاها الذي أعتقها ، وإن‌

__________________

(١) النهاية : ٥٠٥.

(٢) منهم المحقق في الشرائع ٢ : ٣٤١ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٥٧٥ ، وصاحب المدارك في نهاية المرام ١ : ٤٣٨.

(٣) الفقيه ٣ : ٣٠١ / ١٤٤١ ، التهذيب ٨ : ١٦٨ / ٥٨٤ ، الوسائل ٢١ : ٣٨٣ أبواب أحكام الأولاد ب ١٧ ح ١٣.

١١٢

وضعت بعد ما تزوّجت لستّة أشهر فإنّه لزوجها الأخير » (١) ، وفي معناهما خبران آخران (٢).

خلافاً للمبسوط ، فالقرعة (٣) ، مؤذناً بدعوى الإجماع عليه.

وهو موهون بمصير الأكثر إلى الخلاف كما حكي ؛ ومع ذا فغايته أنّه خبر واحد صحيح ، ولا يعارض المستفيض الذي فيه الصحيحان ؛ ومع ذلك معتضد بالأصل المتقدّم ذكره.

والتعليل بثبوت الفراش لهما حين الوطء وإمكان الكون منهما مع غلبة الولادة للأقصى ، في مقابل النصّ المستفيض المعتضد بالشهرة ، عليل.

( ولو لم تتزوّج ) ولم توطأ لشبهة بعد الطلاق ، ومع ذلك ولدت ( فهو للأوّل ، ما لم يتجاوز أقصى الحمل ) ولم ينقص عن أدناه ، بلا خلاف ؛ لأنّها بعد فراشه ، ولم يلحقها فراش آخر يشاركه.

( وكذا الحكم في الأمة لو باعها ) سيّدها ( بعد الوطء ) في جميع الصور المفروضة. لكن على تقدير ولادتها لدون ستّة أشهر من وطء الثاني والحكم بلحوق الولد للبائع ، يتبيّن فساد البيع ؛ لأنّها أُمّ ولد.

( وولد الموطوءة بالملك يلحق بالمولى ) الواطئ لها إذا أتت به لستّة‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٩١ / ١ ، التهذيب ٨ : ١٦٨ / ٥٨٦ ، الوسائل ٢١ : ٣٨٠ أبواب أحكام الأولاد ب ١٧ ح ١.

(٢) أحدهما في : التهذيب ٨ : ١٦٧ / ٥٨١ ، الوسائل ٢١ : ٣٨٣ أبواب أحكام الأولاد ب ١٧ ح ١١. والآخر في : التهذيب ٨ : ١٦٧ / ٥٨٣ ، الوسائل ٢١ : ٣٨٣ أبواب أحكام الأولاد ب ١٧ ح ١٢.

(٣) المبسوط ٥ : ٢٠٥.

١١٣

أشهر فصاعداً إلى الأقصى ، اتّفاقاً فتوًى ونصّاً.

ففي الصحيح : الجارية تكون للرجل يُطيف بها (١) ، وهي تخرج في حوائجه فتعلق ، قال : « يتّهمها الرجل أو يتّهمها أهله؟ » قلت : أمّا ظاهرة فلا ، قال : « إذن لزمه الولد » (٢).

وفيه : كتبت إليه في هذا العصر : رجل وقع على جارية ثم شكّ في ولده ، فكتب : « إن كان فيه مشابهة منه فهو ولده » (٣) ونحوهما غيرهما (٤).

( و ) حينئذٍ ( يلزمه الإقرار به ) إذا لم يُعلم انتفاؤه عنه ، ولم يكن هناك أمارة يغلب معها الظنّ بخلافه عند المصنّف وغيره كما يأتي.

( لكن لو نفاه انتفى ظاهراً ) إجماعاً ، كما في الإيضاح والروضة والمسالك (٥) وغيره (٦) ؛ وهو الحجّة فيه ، لا الأصل كما قيل (٧) ؛ لاقتضاء الفراش الثابت هنا بالنصّ خلافه.

وربما عُلّل بأنّ ذلك لا يعرف إلاّ من قبله ، فلو لم ينتف بنفيه ـ ( و ) الحال أنّه ( لا يثبت بينهما لعان ) كما يأتي في بحثه فينتفي به لزم كون ولد الأمة أقوى من ولد الحرّة ؛ لانتفائه باللعان دونه (٨).

__________________

(١) أطاف به : ألَمَّ به وقارَبَه القاموس المحيط ٣ : ١٧٥.

(٢) الكافي ٥ : ٤٨٩ / ١ ، التهذيب ٨ : ١٨١ / ٦٣٣ ، الإستبصار ٣ : ٣٦٦ / ١٣١١ ، الوسائل ٢١ : ١٦٩ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٦ ح ٢ ؛ بتفاوت يسير.

(٣) التهذيب ٨ : ١٨١ / ٦٣٢ ، الإستبصار ٣ : ٣٦٧ / ١٣١٤ ، الوسائل ٢١ : ١٦٨ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٥ ح ٥.

(٤) التهذيب ٨ : ١٨٠ / ٦٣١ ، الإستبصار ٣ : ٣٦٧ / ١٣١٣ ، الوسائل ٢١ : ١٦٨ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٥ ح ٤.

(٥) إيضاح الفوائد ٣ : ٢٦١ ، إلاّ أنّه لم نعثر على إجماع فيه ، الروضة ٥ : ٤٣٨ ، المسالك ١ : ٥٧٧.

(٦ و ٧) انظر كشف اللثام ٢ : ١٠٤.

(٨) نهاية المرام ١ : ٤٣٩ ، الحدائق ٢٥ : ٢٠.

١١٤

( ولو اعترف به بعد النفي الحقَ به ) لعموم : « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز » (١) وفحوى ما دلّ على ثبوت الحكم في ولد الملاعنة (٢).

ومقتضى الأمرين أنّه يترتّب عليه من أحكام النسب ما عليه ، دون ما له. فإن أُريد بإطلاق العبارة ذا ، وإلاّ فلا يصلحان لإثبات ما يستفاد من إطلاقها من تمام المدّعى ، فإن كان إجماع ، وإلاّ فهو محلّ إشكال جدّاً.

( وفي حكمه ) أي ولد الأمة ـ ( ولد المتعة ) في الأحكام المذكورة من اللحوق به ولزوم الاعتراف به مع عدم العلم بانتفائه عنه ، وانتفائه ظاهراً إذا نفاه من غير لعان ، واللحوق به بالاعتراف به بعد الإنكار.

ولا إشكال فيما عدا الثاني ولا خلاف ؛ لعموم : « الولد للفراش » مضافاً إلى الإجماع وخصوص المعتبرة في الأوّل ، وما قدّمناه من عموم : « إقرار العقلاء على أنفسهم جائز » والفحوى المتقدّمة في الثالث.

وأمّا الثاني : فعليه الإجماع في المسالك وموضع من الروضة (٣) ؛ وهو الحجّة فيه. ولا ينافيه دعوى الشهرة مع ذكر خلاف المرتضى في موضع آخر منها (٤) ؛ لإمكان أن يراد من الشهرة المعنى الأعم الشامل للمجمع عليه بالمعنى المصطلح ، وذكر الخلاف لا ينافيه ؛ لمعلوميّة نسب المخالف.

نعم ، ربما نافاه دعوى الوفاق في ولد الأمة قبله (٥).

__________________

(١) عوالي اللئلئ ١ : ٢٢٣ / ١٠٤ ، الوسائل ٢٣ : ١٨٤ أبواب كتاب الإقرار ب ٣ ح ٢.

(٢) الكافي ٧ : ١٦٠ / ٣ ، التهذيب ٩ : ٣٣٩ / ١٢١٩ ، الوسائل ٢٦ : ٢٦٢ أبواب ميراث الملاعنة ب ٢ ح ١.

(٣) المسالك ١ : ٥٠٥ ، الروضة ٥ : ٢٩٦.

(٤) الروضة ٥ : ٤٣٨ ، ٤٣٩.

(٥) الروضة ٥ : ٤٣٨.

١١٥

ويمكن دفعه بإرادته من الوفاق : اتفاق الكلّ الذي لم يقع فيه خلاف من أحد ، وذلك لا ينافي أن يراد من الشهرة : الإجماع بالمعنى المصطلح.

وبالجملة : فالأصل في حكاية الإجماع : الحجّية ، إلى ظهور ما ينافيها ، وليس ، فهي الحجّة ، مضافاً إلى الإجماعات المحكيّة في ولد الأمة (١) ، النافعة في المسألة ، بعد ملاحظة عموم المعتبرة الدالّة على انّ المتعة بمنزلة الأمة (٢).

هذا ، مضافاً إلى الإجماع القطعيّ بعد ثبوت انتفاء اللعان في المتعة ، كما يستفاد من المعتبرة ، منها الصحيح : « لا يلاعن الرجل المرأة التي يتمتّع بها » (٣) ونحوه الآخر (٤) بزيادة : « الأمة والذمّية » الشاهدة على اتّحاد المتعة معهما من حيث السياق بأقوى شهادة.

ولا يعارضها من الأدلّة سوى إطلاق الآية (٥) وغيرها بجريان اللعان في الزوجة ، وليست شاملة للمتعة ؛ لمجازيّتها بالإضافة إلى إطلاق الزوجة أو لكونها من الأفراد الغير المتبادرة ، بل النادرة ، الغير المنصرف إليها إطلاقها بالضرورة.

ولعلّ النكتة في الإجماع على انتفاء الولد فيها بعد ثبوت انتفاء اللعان‌

__________________

(١) المتقدّمة في ص ١١٤.

(٢) انظر الوسائل ٢١ : ٧٩ أبواب المتعة ب ٤٦ ح ١.

(٣) الكافي ٦ : ١٦٦ / ١٧ ، التهذيب ٨ : ١٨٩ / ٦٥٩ ، الوسائل ٢٢ : ٤٣٠ أبواب اللعان ب ١٠ ح ١.

(٤) الفقيه ٣ : ٣٤٧ / ١٦٦٧ ، التهذيب ٨ : ١٨٨ / ٦٥٣ ، الإستبصار ٣ : ٣٧٣ / ١٣٣٢ ، الوسائل ٢٢ : ٤٣٠ أبواب اللعان ب ١٠ ح ٢.

(٥) النور : ٦.

١١٦

عنها : ما تقدّم (١) في التعليل عليه في ولد الأمة من استلزام عدم الانتفاء كونه أقوى من ولد [ الحرّة (٢) ] وذلك فاسد البتّة.

( وكلّ من أقرّ بولد ثم نفاه لم يُقبل نفيه ) إجماعاً ؛ للأصل والمعتبرة المستفيضة ، منها الصحاح ، في أحدها : « إذا أقرّ الرجل بولد ثم نفاه لزمه » (٣) ونحوه الآخران (٤) ، وروايات أُخر (٥).

( ولو وطئها المولى ) وطئاً يمكن لحوق الولد به ( وأجنبيّ ) آخر معه فجوراً لا شبهةً يمكن اللحوق في حقّه أيضاً ( حكم به للمولى ) مع عدم الأمارة التي يغلب معها الظنّ بالعدم إجماعاً حكاه جماعة (٦) لعموم حكم الفراش المستفيض في المعتبرة (٧) ، وخصوص معتبرة أُخر :

كالصحيح : عن رجلين وقعا على جارية في طهر واحد ، لمن يكون الولد؟ قال : « للذي يكون عنده ؛ لقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الولد للفراش وللعاهر الحجر » (٨).

__________________

(١) راجع ص ١١٤.

(٢) بدل ما بين المعقوفين في النسخ : الأمة ، إلاّ أنه قد أُشير في هامش الأصل إلى نسخة بدل : الحرّة ، وعلى كل ما أثبتناه هو الأنسب.

(٣) التهذيب ٩ : ٣٤٦ / ١٢٤٤ ، الوسائل ٢٦ : ٢٧١ أبواب ميراث ولد الملاعنة ب ٦ ح ٢.

(٤) أحدهما في : الكافي ٧ : ١٦٣ / ١ ، الفقيه ٤ : ٢٣١ / ٧٣٧ ، التهذيب ٩ : ٣٤٦ / ١٢٤٢ ، الوسائل ٢٦ : ٢٧٠ أبواب ميراث ولد الملاعنة ب ٦ ح ١.

والآخر في : التهذيب ٩ : ٣٤٦ / ١٢٤٣ ، الوسائل ٢٦ : ٢٧١ أبواب ميراث ولد الملاعنة ب ٦ ذيل الحديث ١.

(٥) انظر الوسائل ٢٦ : ٢٧١ أبواب ميراث ولد الملاعنة ب ٦ ح ٣ ، ٤.

(٦) المسالك ١ : ٥٧٧ ، نهاية المرام ١ : ٤٤٢ ، انظر الحدائق ٢٥ : ٣٠.

(٧) الوسائل ٢١ : ١٧٣ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٨.

(٨) الكافي ٥ : ٤٩١ / ٣ ، التهذيب ٨ : ١٦٩ / ٥٨٩ ، الإستبصار ٣ : ٣٦٨ / ١٣١٧ ، الوسائل ٢١ : ١٧٤ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٨ ح ٤.

١١٧

والموثّق : عن رجل له جارية ، فوثب عليها ابن له ففجر بها ، قال : قد كان رجل عنده جارية وله زوجة ، فأمرت ولدها أن يثب على جارية أبيه ، ففجر بها ، فسُئل أبو عبد الله عليه‌السلام عن ذلك ، فقال : « لا يحرّم ذلك على أبيه ، إلاّ أنّه لا ينبغي له أن يأتيها حتى يستبرئها للولد ، فإن وقع بينهما ولد فالولد للأب إذا كانا جامعاها في يوم واحد وشهر واحد » (١).

( فإن حصل فيه أمارة يغلب معها الظنّ أنّه ليس منه ، لم يجز له إلحاقه به ولا نفيه ) عنه ، ( بل يستحبّ له أن يوصي له بشي‌ء ولا يورثه ميراث الأولاد ) وفاقاً للنهاية وابن البرّاج وابن حمزة (٢) وجماعة (٣) ، بل ربّما ادّعى عليه الأكثريّة جماعة (٤).

قالوا : للمستفيضة :

منها الصحيح : « إنّ رجلاً من الأنصار أتى أبي فقال : إنّي ابتليت بأمر عظيم ، إنّ لي جارية كنت أطؤها ، فوطئتها يوماً فخرجت في حاجة لي بعد ما اغتسلت منها ، ونسيت نفقة لي فرجعت إلى المنزل لآخذها فوجدت غلامي على بطنها ، فعددت لها من يومي ذلك تسعة أشهر فولدت جارية ، قال : فقال له أبي عليه‌السلام : لا ينبغي لك أن تقربها ولا تبيعها ، ولكن أنفق عليها من مالك ما دمت حيّاً ، ثم أوص عند موتك أن ينفق عليها من مالك حتى‌

__________________

(١) التهذيب ٨ : ١٧٩ / ٦٢٧ ، الإستبصار ٣ : ٣٦٤ / ١٣٠٦ ، الوسائل ٢١ : ١٦٧ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٥ ح ٣.

(٢) النهاية : ٥٠٦ ، ابن البراج في المهذّب ٢ : ٣٤٠ ، ابن حمزة في الوسيلة : ٣١٧.

(٣) منهم ابن سعيد في الجامع للشرائع : ٤٦١ ، والمحدث المجلسي في ملاذ الأخبار ١٣ : ٣٥٠.

(٤) منهم الشهيد في المسالك ١ : ٥٧٧ ، والفيض الكاشاني في المفاتيح ٢ : ٣٦٤.

١١٨

يجعل الله تعالى لها مخرجاً » (١) ، ونحوه بعينه الخبر (٢).

وفي آخر : في رجل كان يطأ جارية له ، وأنّه كان يبعثها في حوائجه ، وأنّها حبلت ، وأنّه بلغه عنها فساد ، فقال أبو عبد الله عليه‌السلام « أذن أمسك الولد ولا يبيعه ولا (٣) يجعل له نصيباً في داره قال : فقيل له الرجل يطأ جارية له وأنّه لم يكن يبعثها في حوائجه ، وأنّه اتّهمها وحبلت ، فقال : « إذا هي ولدت أمسك الولد ولا يبيعه ويجعل له نصيباً في داره وماله ، وليس هذه مثل تلك » (٤).

وفي آخر عن رجل كانت له جارية يطؤها وهي تخرج ، فحبلت ، فخشي أن لا يكون منه ، كيف يصنع؟ أيبيع الجارية والولد؟ قال : « يبيع الجارية ولا يبيع الولد ولا يورثه من ميراثه شيئاً » (٥).

وفي الجميع نظر ، أمّا إجمالاً : فلقصورها مع قصور سند أكثرها عن إفادة المدّعى ، وهو ترتّب الحكم المذكور في العبارة على مظنّة انتفائه عنه ؛ لظهورها في الترتّب على مجرّد التهمة بالزناء أو خشية انتفاء الولد عنه وإن لم تبلغ المظنّة ، بل كانت في أدنى درجة الوهم ، ولم يقولوا بذلك ، فما‌

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٨٨ / ١ ، الفقيه ٤ : ٢٣٠ / ٧٣٤ ، التهذيب ٨ : ١٧٩ / ٦٢٨ ، الإستبصار ٣ : ٣٦٤ / ١٣٠٧ ، الوسائل ٢١ : ١٦٦ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٥ ح ١.

(٢) الكافي ٥ : ٤٨٨ / ٢ ، التهذيب ٨ : ١٨٠ / ٦٢٩ ، الإستبصار ٣ : ٣٦٥ / ١٣٠٨ ، الوسائل ٢١ : ١٦٧ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٥ ح ٢.

(٣) في جميع المصادر لا توجد : لا.

(٤) الكافي ٥ : ٤٨٩ / ٢ ، الفقيه ٤ : ٢٣١ / ٧٣٦ ، التهذيب ٨ : ١٨٢ / ٦٣٥ ، الإستبصار ٣ : ٣٦٥ / ١٣١٠ ، الوسائل ٢١ : ١٦٩ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٦ ح ٣ ؛ بتفاوت يسير.

(٥) الكافي ٥ : ٤٨٩ / ٣ ، التهذيب ٨ : ١٨٠ / ٦٣٠ ، الإستبصار ٣ : ٣٦٥ / ١٣٠٩ ، الوسائل ٢١ : ١٧٠ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٦ ح ٤.

١١٩

دلّت عليه لم يقولوا به ، وما قالوا به لم تدلّ عليه.

وبمثله يجاب عمّا تقدّم من مفهوم الصحيحين (١) النافي للّحوق بالتهمة.

فتكون حينئذٍ مخالفة للإجماع والمعتبرة المستفيضة العامّة والخاصّة ، المصرّحة باللحوق ولو مع تحقق الزناء مشاهدة (٢).

وأمّا مفصّلاً : فلإجمال الروايتين الأوّلتين ؛ بناءً على إجمال مرجع الضمير فيهما ، واحتماله الجارية المولودة وأُمّها ، ولا يتمّ الاستدلال بهما إلاّ بتقدير تعيين المرجع في الأُولى دون الثانية ، ولا معيِّن صريحاً ، فيحتمل الثانية ، ومعه فينعكس الدلالة ، وقد صرّح بهما (٣) في الاستبصار شيخ الطائفة (٤).

وأمّا الروايتان الأخيرتان فلمنعهما عن أن يجعل له نصيباً في الدار كما في الأُولى ، وعن إيراثه من الميراث شيئاً الشامل للقليل والكثير ، بوصيّة أو غيرها كما في الثانية ، وهو ضدّ ما حكموا به من استحباب الإيصاء له بشي‌ء.

نعم ، الاولى تضمّنت ذلك في صورة خاصّة لم يخصّوه بها ، بل عمّموه لها ولما نفته الرواية عنه من الصورة الأُخرى التي تضمّنتها صدرها.

وبالجملة : الاستدلال بأمثال هذه الروايات ليس في محلّه كما لا يخفى.

__________________

(١) راجع ص ١١٤.

(٢) انظر الوسائل ٢١ : ١٧٣ أبواب نكاح العبيد والإماء ب ٥٨.

(٣) أي بالاحتمال والدلالة. منه رحمه‌الله.

(٤) الاستبصار ٣ : ٣٦٥.

١٢٠