الرسالة الرابعة في الغيبة

محمّد بن محمّد النعمان العكبري [ الشيخ المفيد ]

الرسالة الرابعة في الغيبة

المؤلف:

محمّد بن محمّد النعمان العكبري [ الشيخ المفيد ]


المحقق: علاء آل جعفر
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ١٦

١
٢

" لو اجتمع على الإمام عدة أهل بدر لوجب عليه الخروج "

بسم الله الرحمن الرحيم

لماذا لم يظهر المهدي؟ ومتى سيظهر؟

سؤال كثيرا ما يسمع من المعتقدين بالإمام صاحب الزمان عليه السلام عندما يمتلئون غيظا من الأعداء ، فيحسبون أن الدنيا ملئت ظلما وجورا ، وقد عين ذلك وقتا لظهوره عليه السلام كي يملأها عدلا ورحمة.

ويبدو أن توقيتا آخر كان معروفا في زمان الشيخ المفيد ، حيث قد روي حديث عن الإمام الصادق جعفر بن محمد عليه السلام يقول : إنه لو اجتمع على الإمام عدة أهل بدر ، ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا ، لوجب عليه الخروج بالسيف.

وقد طرح على الشيخ المفيد سؤال عن هذا الحديث ، فأقر الشيخ أنه حديث مروي.

فحاول صاحب السؤال أن يناقش الشيخ حول الغيبة وشؤونها من خلال هذا الحديث ، وقد ضمهما مجلس في بيت السائل الذي عبر عنه ب‍ " رئيس من الرؤساء ".

قال السائل : إنا نعلم ـ يقينا ـ أن الشيعة في هذا الوقت أضعاف عدة أهل

٣

بدر ، فكيف تجور للإمام الغيبة مع تلك الرواية؟

أجاب الشيخ : إن الشيعة وإن كانت كثيرة من حيث العدد والكم ، لكن العدد المذكور في الرواية ليس المراد بهم العدد والكم فقط ، وإنما هم على كيفية خاصة ، وتلك الكيفية لم نعلم حصولها بعد بصفتها وشروطها ، حيث أنه يجب أن يكونوا على حالة مأمونة من الشجاعة ، والصبر على اللقاء ، والاخلاص في الجهاد ، إيثارا للآخرة على الدنيا ، ونقاء السرائر من العيوب ، وصحة الأبدان والعقول ، وأنهم لا يهنون ، ولا يفترون عند اللقاء ، ويكون العلم من الله لعموم المصلحة في ظهورهم بالسيف.

ولم نعلم أن كل الشيعة بهذه الصفات وعلى هذه الشروط.

ولو علم الله أن في جملتهم من هذه صفته على العدد المذكور ، ولم يكن معذورا عن حمل السيف ، لظهر الإمام عليه السلام لا محالة ، ولم يغب بعد اجتماعهم طرفة عين.

لكن من الواضح عدم حصول مثل هذا الاجتماع ، فلذلك استمرت الغيبة.

واعترض السائل : ومن أين عرفت لزوم هذه الصفات والشروط مع خلو النص المذكور عن شئ منها؟

أجاب الشيخ : إن مسلمات الإمامة تفرض علينا إثبات هذه الصفات الأصحاب الإمام عليه السلام ، فحيث ثبت لنا وجوب الإمامة ، وصحت عندنا عصمة الأئمة بحججها القويمة ، فلا بد أن نشرح الحديث المذكور بما يوافق تلك الثوابت ، حتى يصح عندنا معناه.

فتلك الأصول وصحة الخبر المذكور تقتضي أن يكون العدد المذكور موصوفا بتلك الصفات.

٤

وقد مثل الشيخ لما ذكر ، بما ثبت من جهاد النبي صلى الله عليه والله وسلم يوم بدر ب‍ (٣١٣) رجلا من أصحابه ، لكنه يوم الحديبية أعرض عن الحرب ، وقعد ، مع أن أصحابه يومئذ كانوا أضعاف أهل بدر في العدد.

وبما أنا نعلم عصمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وأنه لا يقوم بأمر إلا ما هو الصواب ، علمنا أن أصحابه في الحديبية لم يتصفوا بما اتصف به أصحابه يوم بدر وإلا لما وسعه صلى الله عليه وآله القعود عن جهاد المشركين ، ولوجب عليه كما وجب عليه في بدر ، ولو وجب عليه لما تركه لما نعلم من عصمته وصوابه.

وحاول السائل : أن يفرق بين النبي صلى الله عليه والله ، وبين الإمام عليه السلام ، بأن النبي يوحى إليه ، ويعرف وجه المصلحة في الأمور من خلال الوحي ، ولكن ما طريق الإمام إلى معرفة ذلك؟

أجاب الشيخ : إن الإمام ـ عند الشيعة ـ معهود إليه ، واقف على ما يأتي وما يذكر ، منصوبة له أمارات تدل على العواقب في التدبيرات والمصالح في الأفعال ، بعهد من النبي صلى الله عليه وآله الذي يوحى إليه ويطلع على علم السماء.

ولو كان الإمام عليه السلام كسائر العقلاء معتبرا ذلك بغلبة الظن والحدس ، وما يظهر له من الصلاح لكفى وأغنى ، وقام مقام التحقيق بلا ارتياب ، لا سيما على مذهب المخالفين في جواز الاجتهاد حتى للنبي صلى الله عليه وآله. وإن كنا لا نرى ذلك.

واعترض السائل : لم لم يظهر الإمام عليه السلام وإن كان ظهوره يؤدي إلى قتله ، فيكون البرهان له ، والحجة في إمامته أوضح ، ويزول الشك في وجوده

٥

والارتياب؟

أجاب الشيخ : لم يجب ذلك على الإمام عليه السلام بعد أن كان الناس هم سبب الغيبة والمسؤولين عن عواقبها ، كما أن الله تعالى لا يجب عليه تعجيل النقمة على العصاة والمفسدين ، مع أن في ذلك توضيحا لقدرته ، وتأكيدا في حجته ، وزجرا للناس عن معاصيه.

مع أن العلم بترتب الفساد على ظهوره يمنع من إيجاب ذلك عليه ، وهو الدليل على كون اقتراحه عليه خطأ ، وإنما يكون صوابا إذا ترتب عليه الصلاح والاصلاح ، والإمام عليه السلام لو علم في ظهوره مصلحة لما بقي في الغيبة طرفة عين ، ولا فتر عن المسارعة إلى الظهور.

والدليل على عصمته ، مع عدم ظهوره ، هو الدليل على معرفته لعدم المصلحة في الظهور في هذا الزمان.

والحاصل أن الالتزام بمسلمات الإمامة وأصولها الثابتة ، يؤدي إلى الالتزام بالواقع حقا لا ريب فيه.

ولا بد أن يجعل هذا أساسا لما يدور من بحوث حول الغيبة ، وإلا فالبحث عن الغيبة بدون ذلك لغو غير منتج.

أقول : وقد أتبع هذا النهج من الاستدلال السيد الشريف المرتضى في كتاب (المقنع في الغيبة) تماما.

ثم إن الشيخ المفيد عارض المعتزلة :

حيث أنهم من المتصلبين في التشنيع على الإمامية بالقول في الغيبة ، ومرور الزمان بغير ظهور الإمام؟!

مع أنهم يوافقون على الأصول المسلمة للإمامة : فهم يقولون بوجوب

٦

الإمامة ، ويقولون بالحاجة إلى الإمام في كل زمان ، وهم يقطعون على خطأ من يقول بالاستغناء عن الإمام!

ومع هذا فهم يعترفون بأنهم لم لا إمام لهم بعد أمير المؤمنين علي عليه السلام إلى هذا الزمان! بل ، لا يرجون إقامة إمام لهم في هذا الأوان.

فلو صحت تلك الأصول التي نقول بها نحن وهم ، فنحن أعذر منهم بقولنا بإمامة ولو في الغيبة ـ والقول بوجوده ومعرفتنا له ، وهذا موافق لأصول الإمامة وللخبر المجمع عليه : " من مات ... "

ولكن المعتزلة لا عذر لهم في الإعراض عن أصول الإمامة التي وافقوا عليها وسلموا بها.

ودافع بعض الحاضرين عنهم : بأنهم معذورون من جهة أخرى ، في عدم إقامة الأحكام والحدود ، لكن الشيعة ـ مع ظهور أئمتهم من وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى زمان الغيبة ، فما عذرهم في ترك إقامة الأحكام ، : في تعطيل الحدود؟!

فأجاب الشيخ : إن عدم وجود إمام لهم ، ليس عذرا لهؤلاء في تعطيل الحدود وترك الأحكام ، لأن من مذهبهم أن في كل زمان طائفة من أهل الحل والعقد تكون إقامة الإمام إليهم ، فبإمكانهم ـ في كل وقت ـ نصب الإمام ، ولا يعذرون في كفهم عن نصبه ، وهم موجودون ـ في زمان الشيخ – معروفون ظاهرون ، فإذا تركوا ذلك كانوا عاصين ضالين.

أفهل يعترفون بالعصيان والضلال؟ كلا طبعا.

فإن كانوا معذورين في إقامة الأحكام وتنفيذ الحدود ، مع إمكانهم نصب الإمام القائم بذلك ، فكذلك أئمة الشيعة معذورون من إقامتها وتنفيذها مع

٧

الظهور.

على أن لأئمتنا عليهم السلام عذر أو صح في ترك إقامة الحدود والأحكام وأظهر ، وهو ما لا يعذر المعتزلة به في ترك نصبهم الإمام عليه السلام ، وهو : أن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام كانوا دائما مطاردين من قبل السلطان يعيشون الخوف والفزع لاحتمال الظالمين أنهم يرون الخروج بالسيف ، وأنهم ممن يعتقد جماعة فيهم الإمامة ، وأنهم مراجع لإقامة الأحكام وتنفيذ الحدود.

وهذا أمر واضح لا يشك فيه أحد.

لكن المعتزلة وغيرهم من المعتزلة لم يتعرض واحد منهم لسفك دمه ولا للتشريد والتعذيب والمطاردة ، ولا خيف ولم يؤخذ على التهمة ، ولا على التحقق ، مع أن المعتزلة يصارحون بآرائهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووجوبهما ، ويتظاهرون بأنهم أصحاب الحق في الولاية والحكم والاختيار ، وأن منهم أهل الحل والعقد ، وينكرون طاعة الخلفاء ، وهم مع ذلك آمنون من السلطان غير خائفين من سطوته.

فلا عذر لهم في ترك ما يجب عليهم من نصب الإمام لإقامة الأحكام وتنفيذ الحدود.

وأما أئمتنا فهم في تلك الأحوال معذورون بلا ريب.

والله الموفق للصواب.

وكتب

السيد محمد رضا الحسيني

الجلالي

٨

٩

١٠

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وصلاته على سيدنا محمد وآله الطاهرين.

وبعد:

سأل بعض المخالفين فقال ما السبب الموجب لاستتار إمام الزمان ع وغيبته التي قد طالت مدتها وامتدت بها الأيام ثم قال فإن قلتم إن سبب ذلك صعوبة الزمان عليه بكثرة أعدائه وخوفه منهم على نفسه قيل لكم فقد كان الزمان الأول على آبائه ع أصعب وأعداؤهم فيما مضى أكثر وخوفهم على نفسهم أشد وأكثر ولم يستتروا مع ذلك ولا غابوا عن أشياعهم بل كانوا ظاهرين حتى أتاهم اليقين وهذا يبطل اعتلالكم في غيبة صاحب الزمان عنكم واستتاره فيما ذكرتموه وسألتك أدام الله عزك.

الجواب عن ذلك :

الجواب وبالله التوفيق إن اختلاف حالتي صاحب الزمان وآبائه عفيما يقتضيه استتاره اليوم وظهوره إذ ذاك يقضي بطلان ما

١١

توهمه الخصم وادعاه من سهولة هذا الزمان على صاحب الأمر ع وصعوبته على آبائه ع فيما سلف وقلة خوفه اليوم وكثرة خوف آبائه فيما سلف وذلك أنه لم يكن أحد من آبائه ع كلف القيام بالسيف مع ظهوره ولا ألزم بترك التقية ولا ألزم الدعاء إلى نفسه حسبما كلفه إمام زماننا هذا بشرط ظهوره ع وكان من مضى من آبائه ص قد أبيحوا التقية من أعدائهم والمخالطة لهم والحضور في مجالسهم وأذاعوا تحريم إشهار السيوف على أنفسهم وخطر الدعوة إليها وأشاروا إلى منتظر يكون في آخر الزمان منهم يكشف الله به الغمة ويحيي ويهدي به الأمة لا تسعه التقية عند ظهوره ينادي باسمه في السماء الملائكة الكرام ويدعوا إلى بيعته جبرئيل وميكائيل في الأنام وتظهر قبله أمارات القيامة في الأرض والسماء يحيا عند ظهوره أموات وتروع آيات قيامه ونهوضه بالأمر الأبصار.

فلما ظهر ذلك عن السلف الصالح من آبائه ع وتحقق ذلك عند سلطان كل زمان وملك كل أوان وعلموا أنهم لا يتدينون بالقيام بالسيف ولا يرون الدعاء إلى مثله على أحد من أهل الخلاف وأن دينهم الذي يتقربون به إلى الله عز وجل التقية وكف اليد وحفظ اللسان والتوفر على العبادات والانقطاع إلى الله عز وجل بالأعمال الصالحات آمنوهم على أنفسهم مطمئنين بذلك إلى ما يدبرونه من شأنهم ويحققونه من دياناتهم وكفوا بذلك عن الظهور والانتشار واستغنوا به عن التغيب والاستتار.

ولما كان إمام هذا الزمان ع هو المشار إليه بسل السيف من أول الدهر في تقادم الأيام المذكورة والجهاد لأعداء الله عند ظهوره ورفع التقية عن

١٢

أوليائه وإلزامه لهم بالجهاد وأنه المهدي الذي يظهر الله به الحق ويبيد بسيفه الضلال وكان المعلوم أنه لا يقوم بالسيف إلا مع وجود الأنصار واجتماع الحفدة والأعوان ولم يكن أنصاره ع عند وجوده متهيئين إلى هذا الوقت موجودين ولا على نصرته مجمعين ولا كان في الأرض من شيعته طرا من يصلح للجهاد وإن كانوا يصلحون لنقل الآثار وحفظ الأحكام والدعاء له بحصول التمكن من ذلك إلى الله عز وجل لزمته التقية ووجب فرضها عليه كما فرضت على آبائه ع لأنه لو ظهر بغير أعوان لألقى بيده إلى التهلكة ولو أبدى شخصه للأعداء لم يألوا جهدا في إيقاع الضرر به واستئصال شيعته وإراقة دمائهم على الاستحلال فيكون في ذلك أعظم الفساد في الدين والدنيا ويخرج به ع عن أحكام الدين وتدبير الحكماء.

ولما ثبت عصمته وجب استتاره حتى يعلم يقينا لا شك فيه حضور الأعوان له واجتماع الأنصار وتكون المصلحة العامة في ظهوره بالسيف ويعلم تمكنه من إقامة الحدود وتنفيذ الأحكام وإذا كان الأمر على ما بيناه سقط ما ظنه المخالف من مناقضة أصحابنا الإمامية فيما يعتقدونه من علة ظهور السلف من أئمة الهدى ع وغيبة صاحب زماننا هذا عليه التحية والرضوان وأفضل الرحمة والسلام والصلاة.

وبان مما ذكرناه فرق ما بين حاله وأحوالهم فيما جوز لهم الظهور وأوجب عليه الاستتار.

(فصل)

ثم يقال لهذا الخصم أليس النبي ص قد أقام بمكة ثلاث عشرة سنة يدعو الناس إلى الله تعالى ولا يرى سل السيف ولا الجهاد ويصبر

١٣

على التكذيب له والشتم والضرب وصنوف الأذى حتى انتهى أمره إلى أن ألقوا على ظهره ص وهو راكع السلى (١) وكانوا يرضخون قدميه بالأحجار ويلقاه السفيه من أهل مكة فيشتمه في وجهه ويحثو فيه التراب ويضيق عليه أحيانا ويبلغ أعداؤه في الأذى بضروب النكال وعذبوا أصحابه أنواع العذاب وفتنوا (٢) كثيرا منهم حتى رجعوا عن الإسلام وكان المسلمون يسألونه الإذن لهم في سل السيف ومباينة الأعداء فيمنعهم عن ذلك ويكفهم ويأمرهم بالصبر على الأذى.

وروي أن عمر بن الخطاب لما أظهر الإسلام سل سيفه بمكة وقال لا يعبد الله سرا فزجره رسول الله ص عن ذلك وقال له عبد الرحمن بن عوف الزهري لو تركنا رسول الله ص لأخذ كل رجل بيده رجلين إلى جنب رجل منهم فقتله فنهاه النبي ص عماقال (٣).

__________________

١ ـ السلى : الجلد الرقيق الذي يخرج فيه الولد من بطن امه ملفوفاً فيه، وقيل : هو في الماشية السلى، وفي الناس المشيمة.

لسان العرب ٣٩٦:١٤.

٢ ـ في نسخة " ق " : ونفوا.

٣ ـ تروي كتب التأريخ ان عمر بن الخطاب عندما اعلن عن اسلامه شهر سيفه وقاتل قريشاً رغم تأكيد النبي فيى الله عليه وآله به ولاصحابه بضرورة التكتم في اسلامهم وعدم الاصطدام مع قريش، والغريب في الامر ان عمر اعرض عن ذلك الامر صفحا وكانه يريد ان يظهر للناس وللمسلمين بانه اجرأ المسلمين، واعزهم شأنأ، والاغرب من ذلك انه امتنع عن مراجعة قريش بعد ذلك عند توجه رسول الله صلى الله عليه وآله نحو مكة عام الحديبة زائرا لايريد

١٤

ولم يزل ذلك حاله إلى أن طلب من النجاشي وهو ملك الحبشة أن يخفر أصحابه من قريش ثم أخرجهم إليه واستتر عليه وآله السلام خائفا على دمه في الشعب ثلاث سنين ثم هرب من مكة بعد موت عمه أبي طالب مستخفيا بهربه وأقام في الغار ثلاثة أيام ثم هاجر عليه وآله السلام إلى المدينة ورأى النهي منه للقيام واستنفر أصحابه وهم يومئذ ثلاثمائة وبضعة عشر ولقي بهم ألف رجل من أهل بدر ورفع التقية عن نفسه إذ ذاك.

ثم حضر المدينة متوجها إلى العمرة فبايع تحت الشجرة بيعة الرضوان على الموت ثم بدا له ع فصالح قريشا ورجع عن العمرة ونحر هديه في مكانه وبدا له من القتال وكتب بينه وبين قريش كتابا سألوه فيه محو (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فأجابهم إلى ذلك ودعوا إلى محو اسمه من النبوة في الكتاب لاطلاعهم إلى ذلك فاقترحوا عليه أن يرد رجلا مسلما إليهم حتى يرجع إلى الكفر أو يتركوه فأجابهم إلى ذلك هذا وقد ظهر عليهم في الحرب (٤)

__________________

قتالاً واراد يبعث من يبلّغ اشراف قريش ذلك، حيث قال (وكما ذكرته المصادر المتعددة): يا رسول الله اني اخاف قريشاً على نفسي ...

انظر : السيرة النبوية (لابن كثير) ٣٢:٢ و ٣١٨:٣ ، السيرة النبوية (لابن هشام) ٣٧٤:١، الكامل في التأريخ (لابن الاثير) ٨٦:٢، تفسير القرآن العظيم (لابن كثير) ٢٠٠:٤، التفسير الكبير (للرازي) ٥٤:٢٦

٤ ـ خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فيذي القعدة من عام ست هجرية معتمراً لايريد حرباً، وقد استنفر العرب ومن حوله من اهل البوادي من الاعراب ليخرجوا معه وساق معه الهدي واحرم بالعمرة ليعلم الجميع انه انما خرج زائراً لهذا البيت.

وعندما بلغ عسفان لقيه بسر (او بشر) بن سفيان الكعبي واخبره بخروج فريش

١٥

فإذا قال الخصم بلى : ولا بد من ذلك إن كان من أهل العلم والمعرفة بالأخبار.

قيل له : فلم لم يقاتل بمكة وما باله صبر على الأذى ولم منع أصحابه عن الجهاد وقد بذلوا أنفسهم في نصرة الإسلام وما الذي اضطره إلى الاستجارة بالنجاشي وإخراج أصحابه من مكة إلى بلاد الحبشة خوفا على دمائهم من الأعداء وما الذي دعاه إلى القتال حين خذله أصحابه وتثاقلوا عليه فقاتل بهم مع قلة عددهم وكيف لم يقاتل بالحديبية مع كثرة أنصاره وبيعتهم له على الموت وما وجه اختلاف أفعاله في هذه الأحوال فما كان في ذلك جوابكم فهو جوابنا في ظهور السلف من آباء صاحب الزمان واستتاره وغيبته فلا تجدون من ذلك مهربا.

والحمد لله المستعان وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيرا.

__________________

واستعدادهم لمنازلة المسلمين ومنعهم من دخول مكة، فاظطر رسول الله صلى الله عليه وآله الى تغيير مسيره نحو الحديبية، فيما رأت قريش تحول مسير المسلمين ركضوا راجعين نحو مكة.

وبعد ذلك ارسلوا الى رسول الله صلى الله عليه وآله رسلهم لترى لاي تمر قدم وماهي بغيته، واراد صلى الله عليه وآله ان يوضح الامر لسادات قريش، فأرسل بدله عثمان بن الي عفان الى الي سفيان، فاحتبسته قريش عن العودة، وشاع ان قريش قتله عندها دعا رسول الله صلى الله عليه وآاله الى قتال القوم، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة، فأنزل الله فيها قرآناً.

الا ان قريش بعثت سهيل بن عمرو الى رسول الله صلى الله عليه وآله في طلب الصلح فصالحم.

انظر : تأريخ الطبري ٦٢٠:٢، السيرة النبوية (لابن كثير) ٣١٢:٣، السيرة النبوية (لابن هشام) ٣٢١:٣، التفسير العظيم (لابن كثير) ٢٠٠:٤

١٦