ديوان الإمام علي

المؤلف:


المحقق: الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي
الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار ابن زيدون
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٦٠

ـ ١٥٣ ـ

وقال الإِمام من بحر الطويل :

وليس كثيراً الف خل وصاحب

وإنّ عدواً واحداً لكثيرُ

ـ ١٥٤ ـ

وينسب اليه من بحر الوافر :

رأيت الدهر مختلفاً يدورُ

فلا حزنٌ يدوم ولا سرور

وقد بنت الملوك به قصوراً

فلم تبق الملوك ولا القصور

ـ ١٥٥ ـ

وقال الإِمام من بحر الطويل :

أُريدُ بذاكم أَن تهشُّوا لطلقتي

وأَن تكثروا بعدي الدعاء على قبري

وأَن تمنحوني في المجالس ودكم

وإِن كنتُ عنكم غائباً تحسنوا ذكري

ـ ١٥٦ ـ

وينسب اليه أنه قال من بحر الكامل :

أبُنيَّ إِنَّ من الرجال بهيمَة

في صورة الرجل السميع المبصر

فطنٌ بكل رزية في ماله

واذا أُصيب بدينه لم يشعرِ

ـ ١٥٧ ـ

وينسب اليه من بحر الطويل :

اذا اجتمعت علينا معد ومذحج

بمعركة فإني أميرها

مسلمة اكفالَ خيلي في الوغى

ومكلومة لبانها ونحورها

حرام على أرماحنا طعنُ مُدبرِ

وتندق منها في الصدور صدورها

٨١

ـ ١٥٨ ـ

وقال رضي‌الله‌عنه يوم صفين من بحر الرجز :

دُبُّوا دبيب النمل قد آن الظفر

لا تنكروا فاحرب ترمي الشرر

إنا جميعاً أهل صبر لا خور

ـ ١٥٩ ـ

وينسب اليه من الطويل :

عسى منهل يصفو فيروي ظمية

أطال صداها المنهلُ المتكدِّرُ

عسى بالجنوب العارياتُ ستكتسي

وبالمستذَلِّ المستضام سينصَرُ

عسى جابرُ العظم الكسير بالطفه

سيرتاح للعظم الكسير فيجبر

عسى الله لا تيأس من الله إنه

يسير عليه ما يعزُّ ويعسُر

ـ ١٦٠ ـ

وينسب اليه من بحر البسيط :

يا طالب الصفو في الدنيا بلا كدرٍ

طلبت معدومةً فايأس من الظفر

واعلم بأنك ما عمرتَ ممتحنٌ

بالخير والشر والميسور والعسُرِ

أَنَّي تنال بها نفعاً بلا ضررٍ

وإنها خُلقَتْ للنفع والضررِ

في الجُبن عارٌ وفي الاقدام مكرُمةٌ

ومن يفرَّ فلن ينجو من القَدَر

ـ ١٦١ ـ

وقال الإِمام من بحر المتقارب :

يعيبُ رجال زماناً مضى

وما لزمانٍ مضى من غيرَه

أَرى الليل يجرى كعهدي به

وأَنَّ النهار علينا يكرْ

٨٢

ولم تحبِس القطرَ عنا السما

ولم تنكشِفْ شمسُنا والقمرْ

فقل للذي ذم صرفَ الزمانِ

ظلمتَ الزمانَ فذُمَّ البشرْ

ـ ١٦٢ ـ

وينسب إليه من بحر الوافر :

أَيا منْ ليس لي منهُ مجيرُ

بعفوك من عقابكَ أستجيرُ

أنا العبدُ المقرُّ بكلِّ ذنبٍ

وأنتَ السيد الصمَدُ الغفورُ

فإن عذبتَني فالذنبُ مني

وإن تغفرْ فأنتَ به جديرُ

ـ ١٦٣ ـ

وينسب اليه من بحر الطويل :

مساكينُ أَهلُ الفقرِ حتَّى قبورُهمْ

عليها ترابُ الذلِّ بين المقابرِ

ـ ١٦٤ ـ

وينسب اليه من بحر المنسرح :

سبحان رب العباد يا وَبَره

ورازقَ المتقينَ والفَجَرهْ

لو كان رزقُ العباد عن جَلَدٍ

ما نلتَ من رزقِ ربِّنا مدَرَهْ

ـ ١٦٥ ـ

وينسب اليه من بحر الطويل :

لئن ساءني دهرٌ عزمتُ تصبُّراً

فكلُّ بلاءٍ لا يدومُ يسيرُ

وإِن سرَّني لم أبتهجْ بسرورهِ

فكلُّ سرور لا يدومُ حقيرُ

٨٣

ـ ١٦٦ ـ

وينسب اليه من بحر الطويل :

ولا خير في الشكوي الى غير مشتكي

ولا بدَّ من شكوى إذا لم يكنْ صبرُ

ـ ١٦٧ ـ

وقال الإِمام من بحر الطويل :

ألم تر أَنَّ البحر يَنضب ماؤه

ويأتي على حيتانهِ نِوَبُ الدهرِ

ـ ١٦٨ ـ

وينسب اليه من بحر الكامل :

النار أهون من ركوب العار

والعار يدخلُ أَهلَهُ في النارِ

والعار ، في رجُل يبيتُ وجارُهُ

طاوي الحشي متمزقُ الأطمارِ (١)

والعار في هضم الضعيفِ وظلْمه

وإِقامةِ الأخيارِ بالأشرارِ

ـ ١٦٩ ـ

وينسب اليه من بحر الطويل :

يعزُّونني قومٌ براءٌ من الصبرِ

وفي الصبرِ أَشياءٌ أمرٌّ من الصبرِ

يعزِّي المُعزِّي ثم يمضي لشأنهِ

ويبقى المعزَّى في أَحر من الجمرِ

__________________

(١) جمع طِمْر : وهو الثوب الخلق البالي.

٨٤

ـ ١٧٠ ـ

وينسب إليه من بحر الرجز :

ينصرُني ربي خيرُ ناصرِ

آمنت بالله بقلبٍ شاكرِ

أضربُ بالسيف على المغافر

مع النبيِّ المصطفى المهاجِرِ

ـ ١٧١ ـ

وينسب اليه انه لما بويع بالخلافة قال من بحر الطويل :

وأُغمضُ عيني في أُمورٍ كثيرةٍ

واني على ترْكِ الغموضِ قديرُ

وما من عمى أُغضِي ولكنْ لربما

تعامى وأَغْضَى المرءُ وهو بصيرُ

وأَسكُتُ عن أشياءَ لو شئتُ قلتُها

وليس علينا في المقالِ أميرُ

أُصبِّرُ نفسي باجتهادي وطاقَتي

وإني بأخلاقِ الجميع خبيرُ

قافية الزاي

ـ ١٧٢ ـ

روي أن عمرو بن عبد ود نادى يوم الخندق من يبارز فقام الإمام وقال يا نبي الله ... فقال اجلس إنه عمرو ثم كرر عمرو بن عبد ود النداء وجعل يوبخ المسلمين ويقول : أين جنتكم التي تزعمون من قتل منكم دخلها أفلا يبرز إلي رجل وقال من مجزوء الكامل :

ولقد بُحِحتُ من الندا

ء بِجمعكم هل من مُبارزْ

ووقفتُ إِذ جَبُن الشجا

عُ بموقفِ القِرْنِ المناجزْ

إني كذلك لم أَزَل

متسرعاً نحو الهزاهزْ

إنَّ الشجاعةَ والسما

حةَ في التي خير الغرائزْ

٨٥

فبرز إليه علي وهو يقول من مجزوء الكامل أيضا :

لا تعجلنَّ فقد أتا

كَ مجيبُ صوتكَ غير عاجزْ

ذو نيَّة وبصيرةٍ

والصدقُ مُنْجٍ كلَّ فائزْ

إنِّي لأرجو أن أُقي‍

مَ عليك نائحةَ الجنائزْ

من ضربةٍ نجلاءَ يب‍

قَى صِيتها عند الهزاهزْ

قافية السين

ـ ١٧٣ ـ

وقال رضي‌الله‌عنه حين زار القبور من بحر الطويل :

سلامٌ على أَهلِ القبورِ الدوارسِ

كأنهمُ لم يجلسوا في المجالسِ

ولم يشربوا من بارد الماء شربةً

ولم يأكلوا من خير رطب ويابسِ

ألا خيِّروني أَين قبرُ ذليلكمْ

وقبرُ العزيزِ الباذخِ المتنافسِ

ـ ١٧٤ ـ

وقال رضي‌الله‌عنه من بحر السريع

لا تتهمْ ربك فيما قضى

وهوِّن الأمرَ على النفسِ

لكلِّ همٍ فرجٌ عاجلٌ

يأتي على المصبحِ والممسي

ـ ١٧٥ ـ

وينسب اليه من بحر البسيط :

العلمُ زين فكن للعلم مكتسباً

وكن له طالباً ما عشتَ مقتبسا

واركنْ إليه وثِقْ بالله واغْنَ به

وكن حليماً رزينَ العقلِ محترسا

٨٦

لا تأثمنَّ فاما كنت منهمكاً

في العلم يوماً وإمَّا كنت منغمسا

وكنْ فتى ماسكاً محض التقى وَرِعاً

للدين مغتنماً للعلم مفترسا

فمن تخلَّقَ بالآدابِ ظلَّ بها

رئيسَ قومٍ إذا ما فارقَ الرؤسا

واعلم هُديتَ بأنَّ العلم خيرُ صفاً

أضحى لطالبهِ من فضلهِ سلساً

ـ ١٧٦ ـ

وينسب اليه من بحر المنسرح :

الحمدُ للهِ لا شريكَ لهُ

دابى في صبحهِ وفي غلسِهْ

لم يبق لي مؤنسٌ فيؤنسني

إلا أنيسٌ أخافُ من أُنُسِهْ

فاعتزلِ الناسَ ما استطعتَ ولا

تركنْ إلى من تخاف من دنَسِهْ

فالعبدُ يرجو ما ليس يدركُهُ

والموتُ أدنى إليه مِنْ نفَسِهْ

ـ ١٧٧ ـ

وينسب اليه من بحر البسيط :

لا تأمن الموتَ في طرْفٍ ولا نَفَس

ولو تمنعتَ بالحجابِ والحرس

واعلم بأن سهامَ الموتِ نافذةٌ

في كلِّ مدَّرِعٍ منا ومُتَّرِسِ (١)

ما بالُ دنياكَ تَرْضَى أن تُدَنِّسه

وثوبُكَ الدهر مغسولٌ من الدنَسِ

ترجو النجاةَ ولم تسلك مسالكَها

إنَّ السفينةَ لا تجري على اليَبسِ

__________________

(١) مدَّرع : لابس الدرع. مترس حامل الترس.

٨٧

وينسب إليه من البحر الطويل :

أَيحسبُ أَولادُ الجهالةِ أَننا

على الخيلِ لسنا مثلَهمْ في الفوارسِ

فَسائلْ بني بدرٍ إذا مَا لقيتَهمْ

بقتلي ذوي الأقران يوم التمارُسِ

وهذا رسولُ الله كالبدرِ بيننا

به كشَفَ الله العِدَى بالتناكسِ

وإِنِّا أُناسٌ لا نرى الحربَ سُبَّةً

ولا ننثني عند الرماح المداعِسِ

فما قيل فينا بعْدهَا من مَقَالةٍ

فما غادرتْ منا جديداً للابسِ

٨٨

قافية الصاد

ـ ١٧٩ ـ

لما بلغ عمرو بن العاص مسير علي عليه‌السلام الى صفين قال من الرجز :

لا تحسبنَّي يا علي غافلاً

لأوردنَّ الكوفةَ القنابلا (١)

بجمعي العامَ وجمعي قابلا

فبلغ ذلك علياً عليه‌السلام فقال من الرجز أيضا :

لأوردنَّ العاصيَ ابنَ العاصي

سبعين ألفاً عاقِدِي النَّواصي

مستحلقينَ حَلَقَ الدِّلاصِ (٢)

قد جنّبوا الخيل مع القِلاصِ (٣)

آسادَ غيلٍ (٤) حين لا مناصِ

ـ ١٨٠ ـ

وقال الإِمام من بحر الوافر :

أتم الناسِ أَعرفُهمْ بنقصه

وأَقمعُهمْ لشهوتِهِ وحرصهْ

فدانِ على السلامة من يُداني

ومن لم ترض صحبته فأقْصهْ

ولا تستغْلِ عافيةً بشيء

ولا تسترخصنَّ أذى لرخْصِهْ

وخلِّ الفحصَ ما استغنيتَ عنهُ

فكم مستجلبٍ عيباً لفحصهْ

__________________

(١) القنابل : جماعات الجيش.

(٢) الدلاص : الدرع السابغة.

(٣) جمع قلوص وهي الناقة القوية.

(٤) الغيل : عرين الأسد.

٨٩

قافية الضاد

ـ ١٨١ ـ

وقال الإِمام من بحر الطويل :

سأمنح مالي كلَّ من جاءَ طالباً

وأجعلُهُ وقْفاً على القَرْضِ والفَرْض

فإِما كريم صنتُ بالمال عرضَهُ

وإما لئيمٌ صُنْتُ من لؤمهِ عِرْضِي

ـ ١٨٢ ـ

وقال الإِمام من بحر المتقارب :

إذا أَذِنَ الله في حاجةٍ

أتاكَ النجاحُ بها يركضُ

وإن أَذِنَ الله في غيرها

أَتى دونَها عارضٌ يعْرِضُ

ـ ١٨٣ ـ

وقال الإِمام من بحر الوافر :

لنا ما تدَّعونَ بغير حق

إذا مِيزَ الصّحاحُ من المراضِ

عرفتمْ حقَّنا فجحدتموه

كما عُرف السوادُ من البياضِ

كتابُ الله شاهدُنا عليكم

وقاضِينا الإلهُ فنعمَ قاضِ

٩٠

ـ ١٨٤ ـ

وينسب الى الإِمام أنه قال في جواب معاوية من الرجز :

إن كنتَ ذا علم بما الله قَضَى

فاثبتْ أُصادقْكَ وسيفي مُنْتَضَى

واللهُ لا يرجعُ شيئاً قد مضَى

واللهُ لا يُبرم شيئاً نَقَضَا

ـ ١٨٥ ـ

وقال الإِمام من بحر الرجز :

لا تفسدنَّ سابق إحسانِ مضى

والله لا يغلَبُ فيما قد مضى

قافية الطاء

ـ ١٨٦ ـ

وقال الإِمام من بحر السريع :

نحن نؤمُّ النمَط الأوسطا

لسنا كمن قصَّر أَو أفرَطا

ـ ١٨٧ ـ

وقال من بحر البسيط :

اصبر على الدهر لا تغضب على أحدٍ

فلا يُرى غيرَ ما في الدهرِ مخطـوطُ

ولا تُقيمنَّ بدار لا انتفاع بها

فالأرض واسعة والرزق مبسوطُ

* * *

٩١

قافية الظاء

ـ ١٨٨ ـ

وقال الإِمام من الرجز :

نوم امرئِ خيرٌ له من يقظهٍ

لم يرض فيها الكاتبينَ الحفظهْ

وفي صروف الدهر للمرءِ عظَهْ

قافية العين

ـ ١٨٩ ـ

وقال الإِمام من الهزج :

رأَيت العقل عقلين

فمطبوعٌ ومسموع

ولا ينفعُ مسموعٌ

إذا لم يَكُ مطبوع

كما لا تنفع الشمسُ

وضوءُ العين ممنوعُ

ـ ١٩٠ ـ

وقال الإِمام من بحر الرجز :

إنَّ اخاك الحقَّ من كان معكْ

ومن يضرُّ نفسهُ لينفعكْ

ومن اذا ريْبُ الزمانِ صَدَعكْ

شتّتَ فيك شمْلَهُ ليجمعَكْ

٩٢

ـ ١٩١ ـ

وقال من بحر الوافر :

افادتني القناعةُ كلَّ عز

وهلْ عزٌّ أعز منَ القناعةْ

فصيِّرها لنفسك رأسَ مالٍ

وصيِّرْ بعدها التقوى بضاعةْ

تحُزْ ربحاً وتُغني عن بخيل

وتنعمَ في الجنان بصبر ساعة

ـ ١٩٢ ـ

وقال كرم الله وجهه وهو بذي تمار متوجها إلى حرب الجمل حين بلغه ما لقيته ربيعة من القتل بمحاربتها لأصحاب أم المؤمنين عائشة وخروج عبد القيس من ربيعة مع حكيم بن جبلة لنصرة عثمان بن حنيف عامله على البصرة : وهي من الرجز :

بالهف نفسي قُتلت ربيعةْ

ربيعةُ السامعةُ المطيعةْ

قد سبقتْ فيهمُ الوقيعةْ

دعا حكيمٌ دعوة سميعةْ

من غير ما بُطْلٍ ولا خديعةْ

حَلُّوا بها المنزلة الرفيعَةْ

ـ ١٩٣ ـ

وقال من بحر الكامل :

ومن البلاء وللبلاء علامةٌ

أن لا يَرى لك عن هواكَ نزوعُ

العبدُ عبدُ النفس في شهواتها

الحُرُّ يشبعُ تارة ويجُوعُ

وكفاكَ من عِبَر الحوادث أنَّهُ

يبْلَى الجديدُ ويُحْصَدُ المزروعُ

٩٣

ـ ١٩٤ ـ

وقال الإِمام من بحر الطويل :

ومن يصحب الدنيا يكن مثل قابض

على الماءِ خانته فروج الأصابعِ

ـ ١٩٥ ـ

وقال الإِمام من بحر الطويل :

وكن معدناً للحلم واصفحْ عن الأذى

فإنكَ لاقٍ ما عملتَ وسامعُ

أحبَّ إذا أحببتَ حُبَّاً مقارباً

فانك لا تَدْرِي متى أنتَ نازعُ

وأبغضْ اذا أبغضتَ بغضاً مقارباً

فإنكَ لا تدري متى أنتَ راجعُ

ـ ١٩٦ ـ

وقال الإِمام من بحر الكامل المجزوء :

الفضل من كرَمِ الطبيعةْ

والمَنُّ مفسدَة الصنيعةُ

والخيرُ أَمنعُ جانباً

ومن قمَّةِ الجبل المنيعة

والشرُّ أسرعُ جَرْيَةً

من جَرْيةِ الماء السريعةْ

تركُ التعاهُدِ (١) للصَّدِيق

يكون داعيةَ القطيةُ

لا تلتطخْ بوقيعة

في الناس تلطخُكَ الوقيعةْ

إنَّ التخلُّقَ (٢) ليس يمك

ث أنْ يؤولَ الى الطبيعةْ

جُبِلَ الأنامُ من العباد

على الشريفةْ والوضيعةْ

__________________

(١) الزيارة والوقوف على حاجاته.

(٢) تكلف أخالق ليست من طبيعة صاحبها.

٩٤

ـ ١٩٧ ـ

وقال من بحر السريع :

لا تضع المعروفَ في ساقطٍ

فذاكَ صنعُ ساقطٍ ضائعِ

وَضعهُ في حرٍّ كريم يكنْ

عَرْفُكَ مسكاً عَرْفُهُ ضائعُ

ـ ١٩٨ ـ

وقال من بحر البسيط :

ماتَ الوفاء فلا رفد ولا طَمَعُ

في الناس لم يبق إلا اليأسُ والجزعُ

فاصبرْ على تقهٍ وارص به

فالله أكرمُ من يُرْجَى وَيُتَّبَعُ

ـ ١٩٩ ـ

وقال من بحر البسيط :

لا تجزَعنَّ اذا نابَتْكَ نائبه

واصبر ففي الصبرِ عند الضيق مُتَّسَعُ

انّ الكريمَ اذا نابتْهُ نائبةٌ

لم يَبْدُ منه على عِلاته (١) الهلعُ

ـ ٢٠٠ ـ

وقال من بحر الهزج :

دَع الحرصَ على الدنيا

وفي العيش فلا تطمعْ

ولا تجمع من المالِ

فلا تدْرِي لمن تجمعْ

ولا تدري أفي أرض‍

ك أم في غيرها تُصْرَعْ

__________________

(١) علاته : أحواله وحاجته.

٩٥

فان الرزق مقسوم

وسوءُ الظنِّ لا ينفعْ

فقير كلُّ من يَطمَعْ

غني كل من يَقنَعْ

ـ ٢٠١ ـ

وقال عليه‌السلام من بحر المتقارب :

لكَ الحمدُ امَّا على نعمةٍ

وإمَّا على نقمة تُدفَعُ

تشاءُ فتفتعلُ ما شئتهُ

وتسمعُ من حيثُ لا يسمَعُ

ـ ٢٠٢ ـ

وكان أبو طالب يقيم النبي صلّى الله عليه وسلّم من فراشه ويضع ابنه علياً مكانه خوفاً على الرسول فقال له علي مرة يا أبتاه إني مقتول فقال أبو طالب من بحر الخفيف :

اصبَرنْ يا بَنيَّ فالصبرُ أحْجَى

كلُّ حَيٍّ مصيرُهُ لشعُوبِ (١)

قد بلوناكَ والبلاءُ شديدُ

لفداء النجيبِ وابن النجيبِ

لفداء الأغرِّ الحسب الثا

قب والباع والفِنَاءِ الرحيب

إن تصبْكَ المنون (٢) فالنَّبْلٌ تُبْرى

فمُصيبٌ منهَا وغيرُ مُصيب

كلُّ حي وإن تَمَلأ عَيشاً

آخذٌ من سهمهَا بنصيبِ

__________________

(١) الشعوب بفتح الشين : الموت.

(٢) المنون : الموت.

٩٦

فأجابه علي الإِمام من بحر الطويل :

أتأمُرني الصبر في نصر احمدٍ

فوالله ما قلتُ الذي قلتُ جازعا

ولكنني أَجببتُ أَن ترَ نُصرتي

لتعلم أني لم أَزلْ لك طائعا

وسعْيي لوجه الله في نصر أحمد

نبيِّ الهدى المحمود طفلاً ويافعا

ـ ٢٠٣ ـ

وقال من بحر الطويل :

وداوِ عدواً داءُه لا تدارِهِ

فانَّ مداراة العدَى ليس تنفعُ

فانكَ لو داريْتَ عاميْنِ عَقْرَباً

وقد مُكِّنَت يوماً من الدهر تلْسَعُ

ـ ٢٠٤ ـ

وينسب اليه من بحر الطويل :

ذنوبي إنْ فَكَّرتُ فيها كثيرةٌ

ورحمةُ ربي من ذنوبي أَوسعُ

فما طَمعي في صالح قد عملْتهُ

ولكنني في رحمة اللهِ أطمعُ

قال يَكُ غفرانٌ فذاك برحمة

وان لم يكن أُجْزَى بما كنت أَصنع

مليكي ومولائي وربِّي وحافظي

واني لهُ عبدٌ أقرُّ وأخضَعُ

ـ ٢٠٥ ـ

وينسب اليه من مجزوء الكامل :

قَصرُ الجديدِ الى بِلىً

والوصل في الدنيا انقطاعُهْ

أي اجتماع لم يصرْ

لتشتَّتٍ منه اجتماعُهْ

أم أَيُّ شعْبٍ لالتئا

م لم يفرقْهُ انصداعُهْ

٩٧

أم أي مُنتفعٍ بشيء

ثمَّ تمَّ له انتفاعُهْ

يا بؤس للدهر الذي

ما زال مختلفاً طاعُه

قد قيل في أمثالهم

يكفيك من شر سماعُه

ـ ٢٠٦ ـ

وينسب اليه من بحر الطويل :

لك الحمد يا ذا الجود والمجد والعلا

تباركت تُعطي من تشاءُ وتمنعُ

إلهي وخلاَّقِي وحِرْزِي ومَوْئلي

اليك لدى الإِعسار واليسر أفزعُ

إلهي لئن جَلَّتْ وجمَتْ خطيئتِي

فعفوُك عن ذنبي أَجلُّ وأوسعُ

إلهي لئن أعطيتُ نفسي سُؤلها

فها أنا في أرض الندامة أرتَعُ

إلهي ترى حالي وفقري وفاقتي

وأنتَ مناجاتِي الخفيَّةَ تسمعُ

إلهي فلا تقطعْ رجائي ولا تَزغْ

فؤداي فلي في سَيْبِ (١) جودك مطمعُ

إلهي لئن خيَّبتَني او طردتني

فمن ذا الذي أرجو ومن ليَ يشفعُ

إلهي أَجرْني من عذابكَ إنَّني

أسيرُ ذليلٌ خائف ، لك أخضعُ

إلهي فآنسني بتلقينِ حجَّتي

اذا كان لي في القبر مثوَى ومَضْجعُ

إلهي لئن عذَّبتَني ألفَ حجة

فحبلُ رجائي منك لا يتقطَّعُ

إلهي أَذقني طعم عفوكَ يومَ لا

بنونُ ولا مالٌ هناك ينفعُ

إلهي إذا لم ترْعَني كنتُ ضائعاً

وان كنتَ ترعاني فلستُ أُضَيَّعُ

إلهي اذا لم تَعْفُو عن غير محسن

فمن لمسيءٍ بالهوى يتمتَّعُ

إلهي لئن فرَّطتُ في طلب التُّقَي

فها أنا إثرَ العفو أقفو وأتبِعُ

__________________

(١) السيب : العطاء.

(٢) الحجة : السنة.

٩٨

إلهي لئن أخطأتُ جهلاً فطالما

رجوتُكَ حتى قيلَ ها هوَ يجزعُ

إلهي ذنوبي جازت الطَّود واعتلَتْ

وصفحُك عن ذنبي أجل وأرفعُ

إلهي ينجي ذكرُ طولِكَ (١) لوْعَتي

وذكرُ الخطايا العينُ مني تَدْمَعُ

إلهي أنلْني منك روحاً ورحمةً

فلست سوى ابواب فضلك أقرعُ

إلهي لئن أقضيتنِي أو طردتَني

فما حيلتي يا ربِّ ام كيفَ أصنعُ

إلهي حليف الحبَّ بالليل ساهرٌ

يُنادي ويدعو والمغفّلُ يَهْجَعُ

وكلُّهمُ يرجو نوالَكَ راجياً

لرحمتكَ العظمى وفي الخلْد يطمَعُ

إلهي يمُنِّيني رجائي سلامةً

وقُبحُ خطيئاتي (٢) عليَّ يُشَيِّعُ

إلهي فإن تفعو فعفوك منْقِذي

وإلا فبالذنب المدمِّرِ أُصرَعُ

إلهي بحقِّ الهاشميِّ وآلِه

وحرمة ابراهيم خلِّكَ أضْرَعُ

الهي فانشُرْني على دين احمد

تقياً نقياً قانتاً لك أخشعُ

ولا تحرمني يا الهي وسيِّدي

شفاعتُه الكبرى فذاكَ المُشفَّعُ

وصلِّ عليه مادعاكَ موحد

وناجاكَ اخيارٌ ببابِكَ رُكَّعُ

ـ ٢٠٧ ـ

وينسب اليه كرم الله وجهه من بحر الكامل :

قَدمْ لنفسك في الحياة تزوداً

فلقدْ تُفَارِقُها وأنتَ مودَّعُ

واهتمَّ للسفر القريب فإنَّهُ

انْاي من السفر البعيدِ وأشْسَعُ

واجعلْ تزودكَ المخافةَ والتَّقَى

وكأنَّ حتفكَ من مسائِكَ أسرعُ

واقْنع بقُوتك فالقناعُ (٣) هو الغني

والفقرُ مقرونٌ بم لا يَقْنعُ

__________________

(١) فضلك واحسانك.

(٢) خطئتي.

(٣) أي القناعة.

٩٩

واحذر مصاحبة اللئام فانهم

منعوكَ صفوَ ودداهم وتصنّعوا

أهل التصنع ما أنَلْتَهُمُ الرضى

واذا منعتَ فسُمُّهُم لك مُنْقَعُ

لا تفش سرا ما استطعتَ الى امرئ

يُفْشِي اليك سرائراً يُسْتودَعُ

فكما تراه بسر غيرك صانعاً

فكذا بسرِّكَ لا محالةَ يَصْنَعُ

لا تبد أنَّ بمنطق في مجلس

قبل السؤال فانَّ ذلك يَشْنُعُ

فالصمتُ يُحسنُ كل ظن بالفتى

ولعلَّه خَرِق سفيهُ أرْقَع

ودعِ المزاحَ فربَّ لفظة مازح

جَلَبتْ اليك مساوئاً لا تُدفَع

وحفاظ جارك لا تُضعه فانه

لا يبلغ الشرف الجسيم مُضيع

واذا استقالك ذو الإساءة عثرةً

فأَقِلْهُ انّ ثواب ذلك أوسع

واذا ائتمنت على السرائر فاخفها

واستر عيوب أخيك حين تطلعُ

لا تجزعنَّ من الحوادث إنّما

خرْقُ الرجالِ على الحوادث يجزعُ

وأطعْ أباك بكلِّ ما أوصى بهِ

انَّ المطيعَ أباه لا يتَضَعْضَعُ

ـ ٢٠٨ ـ

وينسب اليه من برح الطويل :

تُجوّع فان الجوع من عمل التقى

وانَّ طويلَ الجوع يوماً سيشبَع

جانبْ صغارَ الذنبِ لا تركبنَّها

فانَّ صغارَ الذنب يوماً ستُجمَع

١٠٠