ديوان الإمام علي

المؤلف:


المحقق: الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي
الموضوع : الشعر والأدب
الناشر: دار ابن زيدون
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٦٠

يدأبُ فيها قائماً وقاعدا

ومن يكرُّ هكذا مُعانِداً

ومن يُرَى عن الغبارِ حائداً

ـ ٩٣ ـ

وقال الإِمام حين قتل عمرو بن ود من بحر الطويل :

وكانوا على الاسلام إلباً (١) ثلاثةً

فقد بزَّ (٢) من تلك الثلاثة واحدُ

وفرَّ أبو عمرو هبيرةُ لم يعُدْ

لنا وأخو الحرب المجرِّبُ عائدُ

نهتهمْ سيوفُ الهند أن يقِفُوا لنا

غداةَ التقينا والرماحُ المصايدُ

ـ ٩٤ ـ

وقال الامام من بحر السريع :

لو كانت الارزاق تجري على

مقدار ما يستأهلُ العبدُ

لكان من يُخدَمُ مستخدماً

وغابَ نحس وبدا سعدُ

واعتدلَ الدهرُ الى أَهلِهِ

واتصلَ السؤددُ والمجدُ

لكنَّها تجري على سمْتِها

كما يريدُ الواحد الفرْدُ

ـ ٩٥ ـ

وقال الإِمام من الطويل :

همومُ رجالٍ في أُمورٍ كثيرةٍ

وهمي من الدنيا صديقٌ مُساعدُ

يكون كرُوحٍ بين جسمين قُسِّمَتْ

فجسمُهما جسمانِ والروحُ واحدُ

__________________

(١) أي مجمعين.

(٢) وفي نسخة خر.

٦١

ـ ٩٦ـ

وينسب إِلى الإِمام من بحر الطويل :

مضى أَمسُك الباقي شهيداً معدلاً

وأَصبحتَ في يومٍ عليكَ شهيدُ

فإن كنتَ في الأمس اقترفتَ إساءةً

فَثَنِّ باحسانٍ وأنتَ حمِيدُ

ولا تُرْجِ فِعْلَ الخيرِ يوماً الى غدٍ

لعلَّ غداً يأتي وأنت فقيدُ

ويومُك إن عاينتَهُ عدا نفعُه

إليك وماضي الأمسِ ليس يعودُ

ـ ٩٧ ـ

وقال الإِمام من بحر الكامل :

ذهبَ الذين عليهمُ وجْدي

وبقيتُ بعدَ فراقِهم وحدي

من كانَ بينكَ في الترابِ وبينَهُ

شِبران فهْوَ بغاية البُعْدِ

لو كُشفتْ للمرءِ أَطباقُ الثرى

لم يُعْرَفِ المولى من العبْدِ

من كان لا يطَأُ الترابَ برجْلِه

يَطَأ الترابَ بناعم الخَدِّ

ـ ٩٨ ـ

وقال الإِمام من مخلع البسيط :

جَنْبِي تجافى عن الوِسادِ

خوفاً من الموتِ والمعَادِ

من خَافَ من سكْرة المنايا

لم يَدْرِ ما لذَّةُ الرُقادِ

قد بلغَ الزرعُ منتهَاهُ

لا بدَّ للزرعِ من حَصَادِ

٦٢

ـ ٩٩ ـ

وقال الإِمام من بحر الطويل :

تمنَّى رجالٌ أنْ أَموتَ وإِن أَمُتْ

فتلكَ سبيلٌ لستُ فيها بأوحَدِ

وليسَ الذي يبغي خلافي يضرُّني

ولا موتُ من قدْ ماتَ قبلي بمُخْلِدي

وانِّي ومنْ قد مات قبلي لكالذي

يزُور خليلاً أو يروحُ ويغتدي

ـ ١٠٠ ـ

وقال الإِمام من بحر البسيط :

ما اكثرَ الناسَ ، لا بل ما أقلَّهُمُ

اللهُ يعلم أنِّي لم اقُل فَندَا (١)

إني لأفتُح عيني حين أفتحُها

على كثير ولكن لا أرى أحداً

ـ ١٠١ ـ

وقال الإمام من بحر البسيط :

الموتُ لا والداً يُبقِي ولا وَلَدا

هذا السبيلُ إلى أن لا ترى أحدَا

كان النبي ولم يَخلُد لأمَّتِهِ

لو خلَّدَ اللهُ خلقاً قبلَهُ خَلُدَا

للموتِ فينا سهامٌ غيرُ خاطئةٍ

من فاتَهُ اليومَ سهمٌ لم يَفُتْهُ غدَا

__________________

(١) الفند بالتحربك : الباطل.

٦٣

ـ ١٠٢ ـ

وقال يرثي اباه أبو طالب من بحر الطويل :

أرقتُ لنوْحٍ (١) آخَر الليلِ غَرَّدا

لشيخي يَنُعْيَ والرئيسَ المسوَّدا

أبَا طالب مأوى الصعاليك (٢) ذا الندى

وذا الحِلّمِ لا خُلفاً ولم يَكُ قُعْدُدا (٣)

أخا الملكِ خَلّى ثُلْمَةً سيسدُّها

بنو هاشمٍ أو يُستباحَ فيهمَدا

فأمستْ قريشٌ يفرَحونَ لفقْدِه

ولستُ أرى حيَاً لشيءٍ مخلَّدا

أرادتْ أُموراً زيَّنتْها حُلُومُهمْ

ستوردهمْ يوماً من الغيِّ مورداً

يُرَجُّونَ تكذيبَ النبي وقَتْلَه

وإِن يفْتَروا بُهتاً عليه ومَجحدَاً

كذبتمْ وبيتِ اللهِ حتَّى نذيقَكُمْ

صدورَ العوالي والصفيحَ المهنَّدَا

ويظهرَ منا منظرٌ ذو كريهةٍ

اذا ما تسَربَلنا الحديدَ المُسرَّدا

فإما تبيدونا وإِما نبيدُكم

وإما تروا سِلْمَ العشيرةِ أرشَدَا

وإلا فانَّ الحيَّ دونَ محمدٍ

بنو هاشم خيرُ البرية محتِدا

وإِنَّ له فيكم من الله ناصراً

وليس نبيٌّ صاحبُ اللهِ أوحدَا

نبيٌّ أَتى من كلِّ وحي بخطبةٍ

فسمَّاه ربي في الكتاب محمدا

أغرُّ كضوء البدرِ صورةُ وجههِ

جلا الغميم عنه ضوؤه فتوقدا

أمينٌ على ما استودعَ اللهُ قلبَهُ

وإن قالَ قولاً كان فيه مُسَدَّداً

ـ ١٠٣ ـ

وقال الإِمام بعد قتل زيد وطلحة يوم أحد من بحر الرجز :

أصولُ بالله العزيزِ الأمجدِ

وفالقِ الإِصباحِ رب المسجدِ

أنا عليُّ وابن عمِّ المهتدي

ـ ١٠٤ ـ

وقال الإِمام بلغه شماتة هند بقتل حمزة يوم أحد من بحر الوافر :

اتاني انَّ هنداً أُختَ صخرٍ

دعَتْ دركاً وبشَّرت الهنودا

فان نفخرْ بحمزةَ حين ولَّى

مع الشهداءِ محتسباً شهيدا

__________________

(١) النوح : جماعة النساء النائحات الباكيات يصوت مسموع.

(٢) جمع صعلوك وهو الفقير.

(٣) أي جبانا.

٦٤

فانا قد قتلنا يومَ بدر

ابا جهل وعُتبةَ والوليدا

وقتَّلْنَا سراةَ (١) الناس طراً

وغُنَّمنَا الولائدَ والعبيدا

وشيبةَ قد قتلنا يوم ذاكُمْ

على أثوابه علقاً جسيدا

فبُوِّءَ من جهنمَ شرَّ دارٍ

عليها لم يجدْ عنها محيدا

وماسِيَّانِ من هوَ في جحيمٍ

يكون شرابه فيها صَديدا

ومن هو في الجنانِ يُدَرُّ فيها

عليه الرزق مغتبِطاً حميدا

ـ ١٠٥ ـ

وقال الإمام من الرمل :

كلُّ ماضٍ فكأنْ لم يكنِ

كلُّ آت فكأنْ قدِ

ـ ١٠٦ـ

وقال الإمام من بحر الكامل :

إن الذين بنوا فطال بناؤهم

واستمتعوا بالأهلِ والأولادِ

جرتِ الرياحُ على محلِّ ديارهم

فكأنَّهمْ كانوا على ميعادِ

ـ ١٠٧ ـ

وقال الإمام من بحر البسيط :

ما ودَّني أحدٌ الا بذلتُ له

صفوَ المودَّةِ مني آخرَ الابد

ولا قلاني (٢) وإن كان المسيء بنا

إلاَّ دعوتُ له الرحمنَ بالرشَدِ

ولا ائتُمنْتُ على سرٍ يوماً فبحت به

ولا مددتُ الى غير الجميل يدِي

ولا أقول نعم يوما فاتبعه

بلا ولو ذهبَتْ بالمالِ والولدِ

__________________

(١) سراة الناس : اشرافهم جمع سريّ.

(٢) من القلى وهو الهجر أو البغض.

٦٥

قافية الذال

ـ ١٠٨ ـ

قال الإِمام من بحر الخفيف :

غُضَّ عيناً على القذى

وتصَبَّرْ على الأذى

إنما الدهرُ ساعةً

يقطع الدهرُ كلَّ ذا

٦٦

قافية الراء

ـ ١٠٩ ـ

قال مرحب اليهودي يوم خيبر من الرجز :

قد علمتْ خيبرُ أنِّي مرحبُ

شاكي السلاح بطلٌ مجرَّب

أطعنُ أحياناً وحيناً أضربُ

إذا الليوثُ أقبلت تلتهبُ

فأجابه علي الإمام :

انا الذي سمتني أُمي حيدَرَهْ

ضرغامُ آجام وليثٌ قسْوَره

عبلُ الذراعين شديدُ القَصَره

كليث غاباتٍ كريهِ المنظرَهْ (١)

أكيلُكم بالسيف كيْلَ السندره

أضربكم ضرباً يبين الفقرَهْ (٢)

وأترك القِرْن (٣) بقاعٍ جَزَرَه (٤)

أضربُ بالسيفِ رقاب الكفرَهْ

ضربَ غلامٍ ماجدٍ حَزَوَّرَهْ

من يتركِ الحقَّ يقوَّمْ صَعَرهْ

أقتلُ منهم سبعةً أو عشره

فكلُّهمْ أهلُ فسوقٍ فجَرَهْ

ـ ١١٠ ـ

وينسب الى الإِمام أنه قد عثر على ثوم خرجوا من محبته باستحواذ الشيطان عليهم الى أن كفروا بربهم وجحدوا ما جاء به نبيهم واتخذوه رباً وإلها وقالوا : أنت خالقنا ورازقنا فاستتابهم وتوعدهم ، فأقاموا على قولهم فحفر لهم حفراً دخن عليهم فيها طمعاً في رجوعهم فأبوا ، فحرقهم بالنار وقال من بحر الرجز :

__________________

(١ أي المنظر.

(٢) اي يزيل فقرة الظهر.

(٣) القرْن : النديد.

(٤) الجزر : ما أبيح ذبحه.

٦٧

لما رأيتُ الأمر أمراً منكرا

أَجَّجْتُ ناري ودعوتُ قَنْبراً

ثم احتفرتُ حَفَراً وحَفَرا

وقنبرٌ يحطِمُ حطْماً منكرا

ـ ١١١ ـ

وقال الإمام من بحر الطويل :

إذا شئت أن تستقرضَ المالَ منفقاً

على شهوات النفسِ في زمنِ العُسرِ

فسل نفسك الإِنفاقُ من كنز صبْرها

عليك وَإنظَاراً الى زمن اليُسرِ

قان سمحَتْ كنتَ الغنيَّ وإِن أَبتْ

فكلُّ منوعٍ بعدها واسعُ الحذرِ

ـ ١١٢ ـ

كان الإِمام يخرج كل يوم بصفين حتى يقف بين الصفين ويقول من الرمل :

أيُّ يَوْمَيَّ من الموتِ أفرّ

يومَ لا يُقدرُ أو يومَ قُدِرْ

يومَ ما قدِّر لا أرهبه

وإذا قُدِّرَ لا ينجي العذَرْ

ـ ١١٣ ـ

وقال الإمام من بحر البسيط :

تلكم قريشُ تمنَّاني لتقتُلني

فلا وربك مَا بروا وما ظَفِروا

فان بقيتُ فرهنٌ ذمتي لَكُمُ

بذاتِ وَدْقَيْنَ لا يَعْفَو له أثرُ

وإِن هلكتُ فإنِّي سوف أورثهمْ

ذلَّ الحياةِ فقد خانوا وقد غَدِروُا

إمَّا بقِيتُ فاني لستُ مُتخِذا

أهلاً ولا شيعة في الدين إِذ فَجَروُا

قد بايعُوني ولم يُوفُوا ببيعتهمْ

ومَاكُرونيَ بالاعداءِ إذْ مكَروا

وناصبوني في حربٍ مضرَّسَةٍ

ما لم يلاقِ أبو بكرٍ ولا عُمَرُ

٦٨

ـ ١١٤ ـ

وقال الإمام لما بلغه ما صنع معاوية وعمرو بن العاص قبل حرب صفين من بحر الرجز :

يا عجَباً لقد سمعت مُنْكَرا

كذباً على الله يُشيِّبَ الشَّعْرا

ما كان يرضى أحمد لو خُيِّرا

أن يقرِنُوا وَصِيَّه والأبْتَرَا

يسترقُ السمعَ ويَغشَى البصَرا

شأن الرسولِ واللعينِ الأحرزَا

إني اذا ما الحربُ يوماً حضَرا

شمَّرْتُ ثوبي ودعوتُ قَنْبَرَا

قدِّمْ لوائي لا تُؤَخِّرْ حَذَرَا

لو أن عندي يا ابن حربٍ جعفرا

أو حمزةَ القرْمَ الهمامَ الأزهرا

رأَتْ قريش نجمَ ليلٍ ظَهَرَا

ـ ١١٥ ـ

وقال الإمام من بحر الرجز :

يا ذا الذي يَطلُب مني الوِتْرا

إن كنتَ تبغي أن تزورَ القبرْا

حقاً وتصلي بعد ذا الجَمْرا

أسْعِطكَ اليوم زعافاً مرا

لا تحسبني يا ابن عاصٍ غِرَّا

ـ ١١٦ـ

وقال الإمام وكتب بها الى معاوية وهو بصفين من بحر الرجز أما بعد :

فإنَّ للحرب عُراماً (١) شزْراً (٢)

إنَّ عليها سائقاً عَشَنْزَرا (٣)

__________________

(١) العرام بضم ففتح : الشدة ، وعرام الجيش حَدّهمْ وشدتهمْ وكثرتهُم.

(٢) الشزر : الشدة والصعوبة.

(٣) العشنزر : الشديد.

٦٩

يُنْصِفُ من أَحْجَمَ (١) وتَنَمَّرا (٢)

على نواحيها مَزِجٌ (٣) زَمْجَرا (٤)

اذا وَنينَ ساعةً تَغَشْمَرَا (٥)

ـ ١١٧ ـ

ودخل عليه الأشعث بن قيس بصفين وهو قائم يصلي ، فقال له : يا أمير المؤمنين أدؤوب بالليل ودُؤوب بالنهار فانفتل من صلاته وهو يقول من بحر البسيط :

أصبرُ مِنْ تعبِ الإِدلاج والسَّهَرِ

وبالرواحِ على الحاجاتِ والبُكَرِ (٦)

لا تَضْجَرَنَّ ولا يُجزِكَ مطلبُها

فالنُّجْحُ يتلفُ بين العجزِ الضجرِ

إنِّي وجدت وفي الأيام تجربةٌ

للصبرِ عاقبةً محمودة الأثرِ

وقلَّ مَنْ جَدَّ في أمرٍ يُطالبهُ

واستصحبَ الصبْرَ إلاَّ فازَ بالظفرِ

ـ ١١٨ ـ

وقال الإِمام بعد فراغه من حرب الجمل من الرجز :

إليكَ أشكُو عُجَرِي ويُجَري (٧)

ومعشراً غَشُّوا عليَّ بَصرِي

إِني قتلْت مُضَرِي بمُضَري (٨)

شفيتُ نفسِي وقتلْتُ معشِري

__________________

(١) أحجم : تأخر.

(٢) تنمر : تنكر وتغير وانصافه له معاملته بما يستحق.

(٣) المزج : الطاعن بالمزج وهو حديدة في اسفل الرمح.

(٤) زمجر : صوَّت وصاح.

(٥) تغشمر : غضب.

(٦) معطوف على الرواح جمع بكرة ، وهو أول النهار أو السيرفيه.

(٧) آلامي وهمومي وأحزاني.

(٨) قتلت منهم مضرا.

٧٠

ـ ١١٩ ـ

وقال الإِمام يذكر مبيته على فراش رسول الله ليلة الهجرة من بحر الطويل :

وقيتُ بنفسِي خيرَ من وطئ الحصَى

ومن طافَ بالبيتِ العتيقِ وبالحجْرِ

محمد لما خاف أن يمكروا به

فوقَّاه ربِّي ذو الجلالِ من المكْرِ

وبت أراعيهمْ متى يَنْشُرونَنِي (١)

وقد وطَّنت نفسي على القتل والأسر

وباتَ رسولُ الله في الغار آمناً

هناكَ وفي حفظ الإِلهِ وفي سِتْرِ

أقامَ ثلاثاً ثم زُمَّتْ قلائصٌ (٢)

قلائص يفرينَ الحصَى أينما يَفْرِي

أردت به نصرَ الإله تبتَّلاً

وأضمرتُه حتى أوسَّدَ في قبْري

ـ ١٢٠ ـ

وقال الامام من المتقارب :

دواؤكَ فيكَ وما تشعرُ

وداؤك منكَ وما تُبصرُ

وتحسب أنك جرْمٌ صغيرٌ

وفيكَ انطوى العالمُ الاكبرُ

ـ ١٢١ ـ

وقال الإِمام من بحر الرجز :

أنا ( علىٌّ ) فاسألوني تُخْبروا

سيفي حسامٌ وسِنانِي (٣) يُزْهِرُ

منَّا النبيُّ الطاهرُ المطهرُ

وحمزةُ الخيرِ وصِنْوِي جعفرُ

__________________

(١) أي يقتلونني بالسيوف كأنما ينشرون خشيا.

(٢) جمع قلوص وهي الناقة القوية الشديدة.

(٣) السنان : الرمح.

٧١

له جناحٌ في الجِنانِ أخضرُ

وفاطمٌ عُرْسي وفيها مفخَرُ

هذا لهذا وابنُ هند مُحْجِرُ

مذبذَبٌ مطَّردٌ مؤخَّرُ

ـ ١٢٢ ـ

وقال الإِمام من بحر الطويل :

لئن ساءني دهرٌ لقد سرَّني دهرُ

وإِن مسَّني عُسْرٌ فقد مسَّني يُسْرُ

لكل من الأيام عندي عادةٌ

فان ساءني صَبْرٌ وإن سَرَّنِي شكْرُ

ـ ١٢٣ ـ

وقال الإِمام من بحر الكامل :

والله لو عاش الفتى من دهرِه

ألفاً من الاعوامِ مالكَ أمْرِهِ

متلذِّذاً فيه بكلِّ هنيَّة

ومبلَّغاً كلَّ المنى من دهْرهِ

لا يعرف الآلامَ فيها مرَّةً

كلا ولا جَرتَ الهموم بفكرِهِ

ما كان ذاكَ يفيدُهُ من عُظمِ ما

يَلقى بأوَّلِ ليلةٍ في قَبْرِهِ

ـ ١٢٤ ـ

وأتى رجل الى الإِمام وقال له : قد عيل صبري فأعطني ، قال : أنشدك شيئاً أم أعطيك ؟ فقال : كلامُك احبُّ الي من عَطائك فقال من المنسرح :

إن عضَّكَ الدهرُ فانتظرْ فرجا

فانه نازلٌ بمنتظرِهْ

أو مسَّكَ الضرُّ او بُليتَ به

فاصبرْ فانَّ الرخاءَ في أَثرِهْ

كم من مُعَانٍ على تهوُّرهِ

ومبتلىً ما ينامُ من حذرِهْ

وآمنٍ في عَشَاءِ ليلتِهِ

دبَّ اليه البلاءُ في سَحَرهْ

من مارس الدهر ذمَّ صحبتَهُ

ونالَ من صفوه ومن كدرهْ

٧٢

ـ ١٢٥ ـ

وقال الإِمام من الكامل :

ما هذه الدنيا لطالبها

إلا عناءٌ وهو لا يدري

إن أقبلتْ شغلتْ ديانتَهُ

أو أَدبرتْ شغلتْه بالفقر

ـ ١٢٦ـ

وينسب اليه رضي‌الله‌عنه من بحر البسيط :

الناسُ في زمنِ الاقبال كالشجرة

وحولها الناسُ ما دامتْ بها الثمرهْ

حتى اذا ما عرتْ من حَمْلها انصرفوا

عنها عقوقاً وقد كانوا بها بَرَرَه

وحاولوا قطْعَها من بعد ما شفقُوا

دهراً عليها من الأرياح والغِبَرَهْ

قَلَّتْ مروءاتُ أهلِ الارض كلهم

إلا الاقلَّ فليس العشرُ من عشره

لا تحمدنَّ امرءاً حتى تجَرِّبَهُ

فربما لم يوافقْ خُبْره خَبَره

ـ ١٢٧ ـ

وقال الإِمام من بحر البسيط :

للناسِ حرصٌ على الدنيا بتدبيرِ

وصفُوها لك ممزوجٌ بتكديرِ

كم من مُلح عليها لا تساعدُهُ

وعاجزٍ نالَ دنياهُ بتقصيرِ

لم يُرْزَقُوها بعقلٍ حينما رُزِقوا

لكنَّمَا رُزِقُوها بالمقاديرِ

لو كان عن قوةٍ أو مغالَبَةٍ

طار البزاةُ بأرزاقِ العصافيرِ

ولقمةٌ بجريشِ الملْحِ آكلُها

أحبُّ من لقمة تحشى بزنبورِ

كم لقمة جَلبَت حَتْفاً لصاحبها

كحبةِ الفمح دَقَّتْ عُنْقَ عصفورِ

٧٣

ـ ١٢٨ ـ

وقال الإِمام بصفين بعد قتله احمر من بحر الرمل :

لهف نفسي وقليل ما أُسِرْ

ما أَصاب الناس من خير وشرَ

لو أُرِدْ من الدهرِ يوماً حربَهمْ

وهمُ الساعون في الشرِّ الشمرْ

ـ ١٢٩ ـ

وسئل الإِمام علي بن أبي طالب عن مسألة فدخل مبادراً ثم خرج في رداء وحذاء وهو مبتسم فقيل له يا امير المؤمنين إِنك اذا سئلت عن مسألة تكون فيها كالسكة المحماة ، قال اني كنت حاقناً ولا رأي لحاقن ، ثم قال : من بحر المتقارب :

إذا المشكلات تصديِّن لي

كشفتُ حقائقها بالنظر

وإن برقتْ في مخيل الظنو

ن عمياء لا يجتليها البصره

مقنعةُ بغيوب الأمورِ

وضعتُ عليها صحيح الفكَر

معي أصمع (١) كظبا المرهفا

تِ أفريِ به عن بناتِ السيرْ (٢)

لساناً كشِقشِقة (٣) الأرحَبِيِّ (٤)

أو كالحسام اليماني الذكَرْ

وقلباً اذا استنطقتْهُ الهمومُ

أَربى (٥) عليها بواهِي الذُّرر (٦)

__________________

(١) الأصمع : السيف القاطع شبه به اللسان.

(٢) بنات السير ما تأتي به الأخبار.

(٣) الشقشقة بالكسر شيء كالرثة يخرجه البعير من فيه إذا هاج.

(٤) الأرحبي منسوب الى النجائب الأرحبيات وهي إبل كريمة منسوبة الى أرحب اسم محل أو مكان قبيلة من همدان.

(٥) أربي : علا.

(٦) لعله أراد بواهي الدرر ما وهي سلكها فتناثرت شبه الفاظه بالدرر.

٧٤

ولست بأمعّةٍ (١) في الرجالِ

أسائل هذا وذا ما الخبر

ولكنني مِذربُ (٢) الاصغري‍

‍ن (٣) أبَيِّن مع ما مضى ما غبرْ

ـ ١٣٠ ـ

وقال الإِمام من بحر البسيط :

تفنى اللذاذةَ ممن نال صفْوتَها

من الحرام ويبقَى الاثمُ والعارُ

تبقى عواقبُ سوء في مغبَّتِها

لا خيرَ في لذةٍ من بعدها النارُ

ـ ١٣١ ـ

وقال الإِمام من بحر الطويل :

وفي الجهل قبل الموت موت لأَهله

وأجسادهم قبل القبور قبور

وإن امرءاً لم يحي بالعلم ميت

وليسن له حتى النشور نشور

ـ ١٣٢ ـ

وقال الإِمام من بحر البسيط :

حرِّضْ بنيك على الآداب في الصِّغرِ

كيما تقرَّ بهم عيناكَ من الكبرِ

وانما مَثَلُ الآداب تجمعُها

في عنفوانِ الصبا كالنقش في الحجرِ

هي الكنوزُ التي تنمو ذخائرها

ولا يُخافُ عليها حادثُ الغيرِ

إنَّ الأديبَ اذ زلَّتْ به قَدَمٌ

يهوي الى فُرُشِ الديباجِ والسُّرُرِ

الناس اثنانِ ذو علمٍ ومستمعٍ

واعٍ وسائرهُم كاللغو والعكرِ

__________________

(١) الأمعة بكسر الهمزة وتفتح وتشديد الميم المفتوحة الذي لا رأي له فهو يتابع كل شخص على رأيه وكأنه مشتق من مع لأنه دائما يكون مع غيره ولا يستقل برأي.

(٢) المذرب : الحاد.

(٣) الأصغران : القلب واللسان.

٧٥

ـ ١٣٣ ـ

وقال الإِمام من بحر البسيط :

خاطرْ بنفسكَ لا تقعُدْ بمَعجزَةٍ

فليس حرٌّ على عَجْزٍ بمغدور

إن لمْ تنل في مقامٍ ما تحاولُهُ

فَلْتَبْلُ عذراً بإدلاجٍ وتهجير

ـ ١٣٤ ـ

وقال رضي‌الله‌عنه من بحر البسيط :

اصبرْ قليلاً فبعد العسر تيسيرُ

وكل أمر له وقتٌ وتدبير

وللمهيمنِ في حالاتنا نظرٌ

وفوق تقديرِنا لله تقديرُ

ـ ١٣٥ ـ

وقال رضي‌الله‌عنه من بحر الطويل :

غَنى النفسِ يكفي النفس حتى يكفَّها

وإن أَعسرتْ حتى يضرَّ بها الفقرُ

فما عُسرة فاصبرْ لها إن لقيتَها

بدائمةٍ حتى يكون لها يُسْرُ

ـ ١٣٦ ـ

وقال رضي‌الله‌عنه من بحر المتقارب :

وهوِّن عليك فإنَّ الامور

بكفِّ الإِله مقاديرها

فليس بآتيك منهيُّها

ولا قاصرٍ عنك مأمورُها

٧٦

ـ ١٣٧ ـ

وقال رضي‌الله‌عنه من بحر الوافر :

جميعُ فوائد الدنيا غرور

ولا يبقى لمسرورٍ سرورُ

فقل للشامتين بنا أفيقوا

فانَّ نوائبَ الدنيا تدور

ـ ١٣٨ ـ

وقال رضي‌الله‌عنه من بحر البسيط :

أحسَنْتَ ظنك بالأيام إذ حسُنَتْ

ولم تخف سوءَ ما يأتي به القَدَرُ

وسالمتكَ الليالي فاغتررتَ بها

وعند صفو الليالي يحدث الكدر

ـ ١٣٩ ـ

وقال رضي‌الله‌عنه من بحر الطويل :

بلوتُ صروف الدهر ستينَ حجة

وجرَّبتُ حاليْهِ من العسر واليُسرِ

فلم أَرَ بعدَ الدِّين خيراً من الغِنى

ولم أَر بعد الكفر شراً من الفقر

ـ ١٤٠ ـ

وقال رضي‌الله‌عنه من بحر الطويل :

دليلك أَن الفقر خير من الغنى

وأن القليل المال خيرٌ من المثري

لقاؤك مخلوقاً عصَى الله للغني

ولم تَرَ مخلوقاً عصَى الله للفقرِ

ـ ١٤١ ـ

وقال رضي‌الله‌عنه من بحر الطويل :

ألم تر أَن يُرجى له الغني

وأَن الغني يُخشى عليه من الفقر

٧٧

ـ ١٤٢ ـ

وقال رضي‌الله‌عنه من بحر الطويل :

ذهب الرجالُ المقتدَى بفعالهم

والمنكِرون لكل أمرٍ منكر

وبقيتُ في خلفِ يزينُ بعضهم

بعضاً ليدفع مُعْوراً عن معورِ

سلكوا بنيَّاتِ الطريقِ فأصبحوا

متنكبين عن الطريقِ الاكبرِ

ـ ١٤٣ ـ

وقال رضي‌الله‌عنه من بحر الزمل المجزوء :

كُدَّ (١) كدَّ العبد إن

أَحببت أن تصبح حراً

واقطع الآمال من

مال بني آدم طراً

لا تقل ذا مكسبٍ

يزري فقصد الناس أَزري

أَنت ما استغنيتَ عن

غيركَ أعلَى الناسِ قدرا

ـ ١٤٤ ـ

وقال رضي‌الله‌عنه من بحر الطويل :

تؤمِّل في الدنيا طويلاً ولا تدري

إذا جنَّ ليل هل تعيش الى الفجر

فكم من صحيح مات من غير علة

وكم من عليل عاش دهراً الى دهر

وكم من فتى يُمسي وصبح آمناً

وقد نُسجَت أكفانه وهو لا يدري

__________________

(١) الكد : الاجتهاد.

٧٨

ـ ١٤٥ ـ

وقال رضي‌الله‌عنه في اليتيم من بحر البسيط :

ما إن تأوَّهت في شيء رزنت له

كما تأوَّهتُ للأطفال في الصغر

قد مات والدهم من كان يكفلهم

في النائبات وفي الأَسفارِ والحضرِ

ـ ١٤٦ ـ

وقال رضي‌الله‌عنه في الشيب من مجزوء الكامل :

الشيب عنوان المني‍

‍ة وهو تاريخ الكبرْ

وبياض شعرك موتُ شع‍

رِك ثم أَنتَ على الأَثرْ

فاذا رأَيت الشيبَ عمَّ

الرأسَ فالحذَرَ الحذرْ

ـ ١٤٧ ـ

وقال رضي‌الله‌عنه في رثاء الرسول من بحر الكامل المجزوء :

كنتَ السواد لناظري (١)

فبكى عليكَ الناظرُ

من شاء بعدك فليمُتْ

فعليكَ كنت أُحاذرُ

ـ ١٤٧ ـ

وقال رضي‌الله‌عنه من بحر البسيط :

قد يعلم الناسُ أنَّا خيرهُم نسبَا

ونحن أفخرهُم بيتاً اذا فخروا

رهطُ النبيِّ وهم مأوى كرامتهِ

وناصرو الدين والمنصور من نصروا

__________________

(١) الناظر : العين.

٧٩

والارض تعلم أَنا خيرُ ساكنِها

كما به تشهد البطحاءُ والمذرُ

والبيت ذو الستر لو شاءوا تحدثُهم

نادى بذلك ركنُ البيت والحجر

ـ ١٤٩ ـ

وينسب اليه أنه لما قتل عمار بن ياسر يوم صفين احتمله امير المؤمنين علي رضي‌الله‌عنه الى خيمته وجعل يمسح الدم عن وججه وهو يقول من بحرالطويل :

وما ظبية تسبي القلوبَ بطرْفِها

اذا التفتت خِلنا بأجفانها سِحرا

بأحسن منه كلل السيفُ وجهَهُ

دماً في سبيل الله حتى قضَى صَبْرا

ـ ١٥٠ ـ

وقال رضي‌الله‌عنه حين تمنيه قوت الفقراء من بحر الرجز :

إني عجزت عجزةً لا أعتذرْ

سوف أكيس بعدها وأستمرْ

أرفعُ من ذيلي ما كنت أَجُر

وأَجمع الأمر الشتيتَ المنتشِرْ

إن لم يباغتْني العجولُ المنتصرْ

أَو تتركوني والسلاحُ يبتدِرْ

ـ ١٥١ ـ

وقال الإِمام من بحر الطويل :

صبرت على مر الامور كراهةً

فهان علينا كلُّ صعب من الامر

ـ ١٥٢ ـ

وقال الإِمام من بحر الطويل :

اذا كنت لا تدري ولم تكُ سائلاً

عن العلم من يدري جهلت ولم تدر

٨٠